صفقت باب منزلي بوجه خطوات مهزومة خلفي، مسرعة نحو غرفتي بجنون زوبعة وغيوم رأسي لم تعد تلتقط الدمع من الأمطار، ما أن دخلت حتى وقفت بملابسي تحت (دش) ساخن ولا أعرف بعدها تفاصيل ما حدث إلا أنني تناولت شيئاً من مهدئ واستسلمت لوسادتي أنشد عميق السبات.. حتى بدأت أستعيد يقظة مثقلة بهذيان متقطع الأنفاس
ذقنه، كفه، آه.. تعتريني آهات هستيرية..
أتحسس رقبتي، أ.. تذكرت.. عقد اللؤلؤ!.. أين.. ربما انفرط هناك
بجانب.. رأسي.. أحضن عروق ذاكرتي بقلق واضطراب
لم تعد تحتمل هذا الذي يسير ويشعل كل شيء.. لا يترك غير أعقاب ثقاب..
هل كان حلماً، وهماً، خيالا!..
أم أنه بداية سيل منقوع بأرق قادم..
يا للفضيحة من أين آتي بالأوراق لسترها.. من أين آتي بضمير غليظ النبض، بفراء ثعلب!..
كأنني الخريف.. لا شيء أو كل شيء تبخر تسرب من بين أقدامي.. هل يصدق!.. أكاد أفقد صوابي..
غادرت منزل جارتي.. كنت أعتقد أن هذا العالم يبات في حضن حالم..
لقد كنت غافية.. حين غدوت وعلى بضع خطوات من بيتها على ساحل موحش..
كان الغروب.. لا أحد من الناس يصافح الطريق غير بساطتي، تلك التي تسير في الطرقات الغير مستهلكة.. لم أنتبه كيف نزل من سيارته، هل كنت سارحة فكر غافٍ في أمان قابض على يقظة الحواس عندما أمسكني وسحبني مسافة لا تبعد كثيراً عن الطريق؟.. اجتاحني خوف شديد معه فقدت المقاومة ولا أعلم هل كان ضعف الأنثى هو الآخر متآمر معه، حين أطبق على صراخ غاب في استسلام حتى بعد أن اختفى خلف أفق الطريق!..
استرجعت شيئاُ من قواي ونهضت ونفضت التراب عني بغير وعي، لم يكن في رأسي غير أبنائي وزوجي الذي سوف يأتي بعد قليل كما هي العادة.. ولكن هذا المساء يختلف؛ فطعمه يشبه الخيانة.. شيء من غبار يتنفس الرصيف ما زال عالقا .. عن ماذا أخبر! يا الله.. كأن ذهني يدور في فلك ما يردد!.. من.. من يمكن أن ينقذني مما علق بي.. أرعبني رنين الهاتف، انتشلني من غرقي بعواصف لا تهدأ، تبعثرني بين فكر هناك.. وهنا ذهبت مسرعة، إنه صوت أخيه: احضري حالاً.. التقطت اسم المشفى وسقطت السماعة من يدي.. وهرولت لأرتدي ملابسي للخروج.
زوجي مصاب بنوبة قلبية!.. ماذا حدث!.. كل هذا يحدث لي في يوم واحد!.. هل أخبره أحد!.. من هو الذي يمكن..
أن يكون شاهدا على ما وقع؟
ما أن وصلت حتى أسرعت لقسم العناية، والدموع تسبقني، من خلف الضباب..
أشاهد حشداً كبيراً وبعض رجال الأمن هنا..
أتلفت أين هو؟.. لمحني أخوه وأشار لي وأخذني ، أرجو الهدوء إنه بين الحياة وا!.. صرخت من الذي أخبره وكيف!.. لكنه لم يصغِ ورد: لندعو له!.. أصابني ارتباك شديد.. اعتراني قلق..كيف!.. من أخبره.. ليست بعيدة المأساة، بادرت بسرد ما حدث.. نهرني بقوله: كفي عن الهذيان، توقفي.. نعم كان معها بلقاء حميم ولكن.. هي التي طلبت له الإسعاف!.. وقفت.. ودخلت في ذهول آخر.. صحت به.. فتاة!..
بدأ يشرح لي ولم أسمع..
فكري يمطر فراغ الأجوبة...
تركته... لحق ينادي.. لا ألتفت.. فقد الكلام شيئاً سقط وانكسر..
أريد الاطمئنان عليه بنظرة.. سرت أقصد رؤيته، أسرعت وخلفي نداء .. كانت الجدران تتحرك بوجع تقرب وتبتعد.. والممر يمتص دماء ما من عروق صمت اقصر من خطوات ألمي..
وصلت لذات المكان ووجدته خالياً إلا من امرأة تئن
لها ذات ملامح ذلك الشاب!.. تركتها على سريره..
وصراخ البكاء كان كثيفاً.. ولا يسمعني
مضيت مع أول خيوط الظلام..
ولكن.. لم أعد أعرف إلى أين..
تعليق