علا صراخهُ..وهو ينظر نحوي بعينين دامعتين.. ثمَّ ابتعد عني إلى ركنِ الغرفةِ ..
لم تمضِ إلا دقائق قليلة.. حتى عاد إلى نشاطه وراح يلهو بمرحٍ ..
كنت أراقبه بصمت ودون أن ينتبه إلى نظراتي ..
ثم اقتربت منه وقد تقوس جسدي حوله ... وهو لا يزال يقلب اللعبة بين يديه الصغيرتين ..
وسألتــهُ:
أتعلم لما ضربتك..؟؟
لم يجبني .. فتابعت كلامي محاولاً ربط... العقوبة التي نالها..بالسببِ ..
لأنك كسرت الكأس وكدت تجرح يديك ..
فقالَ لي ..و أنامله الرقيقة تدير بسعادة ..إطار السيارة الصغيرة :
ولكنك ضربتني ..!!
نعم ..لقد ضربتك لأنك كنت ستؤذي نفسك..!!
لقد ضربتني ...
كيف لي أن اجعله يفهم العلاقة بين السبب والنتيجة وهو لا يزال يكرر بهدوء يفطر القلب ( أنت ضربتني) ..؟؟ تساءلت وأنا أراقب براءته المرهقة ..
ثم أمسكت به ودرت بجسده الرقيق حتى تقابل وجهانا ..وسألته:
لماذا ضربتك ..؟؟
فقال لي.. والحزن يغمر وجهه..وكفه الصغيرة ممددة على خده ..
أنت ضربتني..
في الحقيقة بدأ الغضب يجتاحني وأنا أرى أن الصفعة التي نالها ستذهب سدى ..دون أن يعلم السبب وتكون له منها عبرة ..
فقلت له:
لقد كسرت الكأس وكنت ستجرح يديك ..ستتألم ..هل تفهم ما أقول..!!؟؟ سألتــه:
رفع رأسه نحوي وبصوت رقيق أجابني:
لكــن خدي يؤلمني ..!!
كان جوابا مرهقاً ..لذلك ضممته إلى صدري وأنا أقول له:
آسف لأني ضربتك..!!
كنت استعيد كلماته ..وأنا ممدد على سريري ..
كيف استطاع بمنطق بريء ..أن يحشرني في الزاوية..
لم ينطق إلا خمس كلمات فقط ..وجدت نفسي مكبلاً أمامه ..
أردته ألا يجرح نفسه ..فيتألم ..لكن صفعتي آلمته أيضا .. فالنتيجة لديه واحدة..
صباحا وجدته يقف أمامي وبابتسامة رائعة يقول لي:
أبي ..لقد ضربتني لأني كسرت الكأس وكدت اجرح يدي..