اللقاء المر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مجيد حسيسي
    شاعر الأرض والحبّ والجمال
    • 25-01-2008
    • 356

    اللقاء المر

    [align=center]مجيد حسيسي
    اللقاء المرّ

    جلس إلى الطاولة القريبة من النافذة المطلـّـة على الحديقة بورودها الحمراء ، بعشبها الأخضر ، بأشجارها الباسقة اليانعه ، بأضواء القناديل الصفراء المنعكسة على سطح بركة الماء القريبة من المطعم ، وإلى جواره أخذت مكانها زوجته التي ألحـّـت عليه أن يصحبها إلى عشاء فاخر في المدينه..
    جاء النادل وسألهما عمـّـا يريدان من أصناف الطعام ، للوجبة الأولى ، للوجبة الرئيسة وللأخيره..فطلب صحنين من الحمـّـص مع مقبـّـلات أخرى إلى جانب السـّـلطه ، كوجبة أولى، وسمك مقلي للوجبة الرئيسيه.
    في الزاوية التي تقابلهما ، جلس رجل في الخمسين من عمره ، وإلى جواره جلست امرأة في الثلاثين ، يتناولان طعامهما، ويشربان نبيذا أحمر ، لحظات..ويترك الرجل الكهل طعامه ، ويفغر فاه ..ويفتح عينيه محدقا به ، لا ينظر إلاّ إليه ، فظنّ أن الأمور قد اختلطت على الكهل ، أو أنّ الخمرة قد لعبت دورها معه ، فينظر بدوره إلى الناحية الأخرى ، يعود بعد لحظات وينظر إليه فيلقاه على نفس الصوره ، يحمرّ وجه الكهل ، يقف من توّه ويتوجـّـه نحوه ، فيقف الشاب ، ويمدّ الكهل يده للسلام ، فيقابله بالمثل ، ينظر في عينيه ، يبتسم ويقول : " ولدي..إبني..حبيبي .."
    يفاجأ الشاب لسماع هذه الكلمات التي طالما تمنـّـى أن يسمعها ، سيـّـما وأنه فقد والده منذ أكثر من عشرين سنة ً ، حين كان في العاشرة من عمره ، فيعتقد أنّ مسـّـا من الجنون قد أصاب الكهل ، لكنه ، يفضل أن يجاريه ، حفاظا على شعوره..فيقول : " أهلا ً .."
    في تلك الأثناء ، يضع النادل أنواع الطعام على الطاوله أمام الشاب وزوجته ، بينما يظلّ الكهل قابضا على يد الشاب بيمناه ، وفي يسراه يربت على كتفه..
    _ فوله مقسومه شطرين..ما أروع أن يلتقي الوالد بابنه بعد سنوات من الفراق، قالوا : مات ابنك.. لم أصدّقهم ، أنا أعرف تماما أنـّـك ما زلت تعيش ، ولدي..أهلا بك..في محفظتي صورتك..( يـُـخرج من المحفظة صورة لا تشبه الشاب بالمرّه )..إنـه أنت..أنظر..نفس العيون..نفس العنق..لم أصدقهم ، عرفت أنـّـك حيّ ترزق..، الحمدلله ، أشكرك يا ربي ..
    ( في تلك الأثناء ، عانق الكهل إبنه ، والناس من حوله ينظرون..منفعلين..)
    _ عفوا..سأتركك مع زوجتك الآن لتأكلا ، فأنا لا أريد أن أضايقكما..صحتين..!!
    ويعود إلى مكانه ، إلى جوار المرأة ، بوجه باسم ، والفرحة تملأ عينيه وقلبه..
    " الصورة لا تشبهني ، مسكين هذا الرجل ، يعتقد أنـّـي ابنه الذي مات منذ زمن ، لا أريد أن أجرح شعوره ، جاريته كيلا أسيء إليه ولشعوره..كان الله في عونه..."
    أخذت الزوجة تحدّث زوجها ، وتحاول أن تنسيه ما حدث ، وبدأ يتناول الطعام بشهيـّـة ، لأنّ كلام الرجل الكهل أثـّـر فيه..
    ويمرّ وقت قصير ويقترب النادل من طاولة الرجل الكهل ، حيث يطلب إليه أن يقدّم زجاجة نبيذ لولده ، لحظات ويحضرها النادل ، يقدّمها للشاب وزوجته : " هذه من والدك..تفضل .."
    يستغرب الشاب هذا التصرّف ، لكنه ، حرصا على شعوره ، لم ينبس ببنت شفه..وتمرّ لحظات ..يقترب خلالها الكهل من الشاب ، ويعتذر إليه عن مضايقته ، ويرجوه أن يزوره في أقرب فرصه ، للإحتفال بهذه المناسبة السعيده ، فيأخذ قصاصة ورق صغيره يسجل فيها رقم تلفونه ، ويسأله أن يكلمه ولو مرّة في الأسبوع ، ثمّ يقول : " هلاّ ناديتني ..والدي أمام الناس ، أحبّ أن أسمعها منك..وأن يسمعها الناس من حولي..أنت موجود..."فيضطر الشاب أن يستمر في اللعبة ، فيهزّ رأسه دلالة الموافقه، فيرفع الأب كأسه ويصيح: " في صحـّـة ابني.."
    _ " في صحـّـة والدي"...يجيبه الشاب مبتسما..ثمّ يتركه الرجل الكهل ، ويعود إلى المرأة . ليغادرا المكان..
    ويبقى الشاب مع زوجته ومع مأساة هذا الرجل المسكين ، الذي يحاول أن ينسى مأساته بوفاة ابنه الشاب ، فيمسك عن الطعام بعد أن فقد شهيته ، ويبقى صامتا يحاول جاهدا أن يبعد شبح هذا الرجل عن مخيـّـلته..
    عندما انتهت زوجته من تناول الطعام ، اقترب النادل منهما ، وسألهما حاجتهما في الشراب ، فاعتذرا وطلبا إحضار فاتورة الحساب..
    لحظات..ويعود النادل ، وقد سجـّـل في الفاتوره الرّقم ألفيـــن !!
    تفاجأ الرجل وقال باسما : " هل كان عشاؤنا وليمة فرح..أم تراك تمازحني ؟..أنا لا أحبّ أحدا يمازحني..
    غضب النادل من إجابته ، وتركه..
    نظر في وجه زوجته التي أدهشتها قيمة العشاء التي كانت هي نفسها السبب فيه ، وانتظرا..دقيقة..أو اثنتين..تقدم عندها منهما صاحب المطعم محاولا إرضاءهما:
    " ما القضيـّـة يا سيدي ؟ لماذا ترفض دفع المبلغ المطلوب منك ؟؟"
    _ هذا الحساب..لا يعجبني..لا أطيق أحدا يمازحني..
    _ عن أيّ مزاح تتحدث ؟! إنـه حساب صحيح ، وإن أردت ..ذكرنا لك فيه كل الأصناف التي تناولتها والأصناف التي تناولها والدك وتلك التي أخذها معه ..
    وهنا..وقعت الصاعقه على الشاب ، ففغر فاه مستغربا ، لكنه سرعان ما أدرك أنه وقع فريسة لاحتيال رجل كهل مجرّب ، جعله يناديه والده ، ليسجل عليه عشاءه ، وثمن زجاجات الخمرة التي أخذها وصديقته من المطعم...!!!
    [/align]
  • سوسن عبدالملك
    عضو الملتقى
    • 17-05-2007
    • 60

    #2
    [align=center]القاص المبدع.....مجيد حسيسي

    انه حقا لقاء مر ومرير أيضا

    لقد استدرجتني لاخر القصة بمهارة وأنا احاول الاكتشاف

    وكانت المفاجأة التي هى بيت القصيد

    وعنصر المفاجأة الذي تعتمد علية القصة لقدأضحكتني كثيرا

    ....هناك مثل يقول بأن القانون لايحمي المغفلين

    أشكرك كثيرا

    لك تحياتي.... سوسن عبدالملك[/align]

    تعليق

    يعمل...
    X