[align=right]
في كلِّ اتجاه
شعر : د. جمال مرسي
مِن أَينَ أَبتَدِئُ القَصِيدَةَ
و اليَرَاعُ يَقُضُّ نَومَ الصَّفحَةِ البَيضَاءِ
يُفضِي لِلسُّطُورِ
فَلا يَنِزُّ سِوَى حُرُوفٍ مِن أَنِينْ .
مِن أَينَ أَبتَدِئُ القَصِيدَةَ
و الجِرَاحُ تُخَضِّبُ الأَورَاقَ ،
يَندَاحُ الأَسَى عِندَ الصَّبَاحِ
و حِينَ يَفتَرِشُ المَسَاءُ قَصِيدَةً مَنفِيَّةً
يُغتَالُ حُلمٌ بَعدَ حُلمٍ
فِي سَرِيرِ مُعَذَّبٍ بِاليَاسَمِينْ .
يا شِعرُ قَد أَشقَيتَنِي
و ظَمِئتُ ـ يَا مَا قَد ظَمِئتُ ـ فَلَم تَمُدَّ يَداً
بِكَأسٍ مِن حَلِيبِ الشَّمسِ ،
لَم تَمدُدْ يَداً
بِرَغِيفِ خُبزٍ غَيرِ مَا عَجَنَتْهُ أَدمُعُ شَاعِرٍ
غَالَت أَمَانِيَهُ العِذَابَ يَدُ السِّنِينْ .
و زَرَعتُ ( يَا مَا قَد زَرَعتُ )
فَمَا جَنَيتُ سِوَى القَتَادِ ،
سِوَى الرَّمَادِ
سِوَى سَكَاكِينِ الجُحُودِ تُمَزِّقُ القَلبَ الحَزِينْ .
أَوَّاهُ يَا عَينَ القَصِيدَة ِ
مَن سَيَمسَحُ دَمعَكِ المَسكُوبَ مِنِّي
مَن سَيَرسُمُ فِيكِ عُصفُوراً يُغَنِّي
مَن سَيَزرَعُ فِيكِ زَرقَاءَ اليَمَامَةِ
كَي يَعُودَ لَكِ البَرِيقُ
و يَستَنِيرَ بِكِ الطَّرِيقُ
فَأَنزِعَ النَّظَّارَةَ السَّودَاءِ عَنِّي .
مَا بَينَ خَمرَيْنِ ...
( الهَوَى و الشِّعرِ )
كُنتَ أَيَا رَهِينَ المُسْكِرَيْنِ تُنَادِمُ النَّجمَاتِ
تَشرَبُ نَخبَ مَا أَبقَتهُ أَيَّامُ اْغتِرَابِكَ
عَن بِلادٍ لَم يَعُد فِيهَا لِقَلبِكَ
غَيرُ بَيتِ الشِّعرِ مَبنِيّاً عَلَى أَطرَافِهَا
قُل لِي بِرَبِّكَ :
هَل سَتَسكُنُهُ ؟ و قَد نَسَجَت وَشَائِجَهَا العَنَاكِبُ ،
و المَدَى سَمُّ الخِيَاطِ بِنَاظِرَيكَ
و أَنتَ مِن هَمٍّ إِلَى وَهمٍ تَسِيرُ إلَى يَقِينْ .
دَينٌ ثَقِيلٌ فَوقَ كَاهِلِكَ الضَّعِيفِ
فَمَن سَيَحمِلُهُ ،
إِذَا اْنتَهَت الخُطَى بِكَ صَوبَ قَبرٍ
فِي ضُلُوعِكَ
مَن سَيَرتِقُ ثَوبَ قِصَّتِكَ الَّذِي قَدَّتهُ مِن دُبُرٍ
يَدُ اْمرَأَةِ العَزِيزِ
و لَفَّقَت تُهَمَ التَّحَرُّشِ كَي يُزَجَّ بِجِسمِكَ الوَاهِي
إِلى سِجنٍ جَدِيدٍ ،
صَاحِبَاكَ بِهِ خَيَالُكَ و الجُنُونْ .
مَن ذَا يُفَسِّرُ حُلمَكَ الأَزَلِيَّ
و الصِّدِّيقُ قَد أَلقَاهُ أِخوَتُهُ بِجُبٍّ
ثُمَّ جَاءُوا بِالقَمِيصِ
عَلَيهِ مِن دَمِ كِذْبِهِم مَا يَفتَرُونْ .
مَن ذَا يُفَسِّرُ حُلمَكَ الأَزَليَّ فِي سَبعٍ عِجَافٍ
قَد أَكَلنَ فَمَا شَبِعنَ
و قَد شَرِبنَ فَمَا اْرتَوَينَ
و قَد جَلَسنَ فَمَا بَرَحنَ مَكَانَهُنَّ
و قَد ... و قَد ...
حَتَّى تَبَدَّدَتِ السَّنَابلُ
جَفَّ نَهرٌ تلوَ نَهرٍ كََانَ يَروِي الظَّامِئِينْ .
يَا شَهرَ زَادَ قَصَائِدِي :
كُونِي جُوَارِيَ حِينَ أَفتَتِحُ القَصِيدَةَ
عَلَّنِي مِن نُورِ وَجهِكِ أَستَمِدَّ وَضَاءَة المَعنَى
فَأُبِدِلَ نَبرَةَ الحُزنِ التي سَكَنَت طُيُورَ قَصِيَدِتِي
لَحناً شَجِيّاً فِي فَضَاءِ العَاشِقِينْ .
لا تُحدِثِي الضَّوضَاءَ حَولَ شَوَارِدِي
لا تَفتَحِي التِّلفَازَ
لا تُصغِي لأَخبَارِ الكَوَارِثِ
و الحُرُوبِ ،
فَقَد مَلَلتُ الحُزنَ فِي صَوتِ المُذِيعِ
نَسِيتُ أَنَّ اليَومَ مِيلادُ الرَّبِيعِ
فَلَم أُقَدِّمْ وَردَةً لأَمِيرَتِي
لَم أَحتَفِلْ مَعَهَا بِعِيدِ اليَاسَمِينْ .
يا شَهرَ زَادَ قَصَائِدِي :
لا تَبعِدِي
فَمَخَالِبُ اللَّيلِ الطَّوِيلَةُ سَوفَ تَنهَشُنِي
إِذَا مَا غِبتِ عَنِّي
سَوفَ يَغرِسُ حُزنِيَ النِّيلِيُّ نَاباً
فِي أَدِيمِ قَصِيدَتِي
و لَسَوفَ تَذرُونِي الرِّيَاحُ الهُوجُ
فِي كُلِّ اْتِّجَاهْ .
[/align]
في كلِّ اتجاه
شعر : د. جمال مرسي
مِن أَينَ أَبتَدِئُ القَصِيدَةَ
و اليَرَاعُ يَقُضُّ نَومَ الصَّفحَةِ البَيضَاءِ
يُفضِي لِلسُّطُورِ
فَلا يَنِزُّ سِوَى حُرُوفٍ مِن أَنِينْ .
مِن أَينَ أَبتَدِئُ القَصِيدَةَ
و الجِرَاحُ تُخَضِّبُ الأَورَاقَ ،
يَندَاحُ الأَسَى عِندَ الصَّبَاحِ
و حِينَ يَفتَرِشُ المَسَاءُ قَصِيدَةً مَنفِيَّةً
يُغتَالُ حُلمٌ بَعدَ حُلمٍ
فِي سَرِيرِ مُعَذَّبٍ بِاليَاسَمِينْ .
يا شِعرُ قَد أَشقَيتَنِي
و ظَمِئتُ ـ يَا مَا قَد ظَمِئتُ ـ فَلَم تَمُدَّ يَداً
بِكَأسٍ مِن حَلِيبِ الشَّمسِ ،
لَم تَمدُدْ يَداً
بِرَغِيفِ خُبزٍ غَيرِ مَا عَجَنَتْهُ أَدمُعُ شَاعِرٍ
غَالَت أَمَانِيَهُ العِذَابَ يَدُ السِّنِينْ .
و زَرَعتُ ( يَا مَا قَد زَرَعتُ )
فَمَا جَنَيتُ سِوَى القَتَادِ ،
سِوَى الرَّمَادِ
سِوَى سَكَاكِينِ الجُحُودِ تُمَزِّقُ القَلبَ الحَزِينْ .
أَوَّاهُ يَا عَينَ القَصِيدَة ِ
مَن سَيَمسَحُ دَمعَكِ المَسكُوبَ مِنِّي
مَن سَيَرسُمُ فِيكِ عُصفُوراً يُغَنِّي
مَن سَيَزرَعُ فِيكِ زَرقَاءَ اليَمَامَةِ
كَي يَعُودَ لَكِ البَرِيقُ
و يَستَنِيرَ بِكِ الطَّرِيقُ
فَأَنزِعَ النَّظَّارَةَ السَّودَاءِ عَنِّي .
مَا بَينَ خَمرَيْنِ ...
( الهَوَى و الشِّعرِ )
كُنتَ أَيَا رَهِينَ المُسْكِرَيْنِ تُنَادِمُ النَّجمَاتِ
تَشرَبُ نَخبَ مَا أَبقَتهُ أَيَّامُ اْغتِرَابِكَ
عَن بِلادٍ لَم يَعُد فِيهَا لِقَلبِكَ
غَيرُ بَيتِ الشِّعرِ مَبنِيّاً عَلَى أَطرَافِهَا
قُل لِي بِرَبِّكَ :
هَل سَتَسكُنُهُ ؟ و قَد نَسَجَت وَشَائِجَهَا العَنَاكِبُ ،
و المَدَى سَمُّ الخِيَاطِ بِنَاظِرَيكَ
و أَنتَ مِن هَمٍّ إِلَى وَهمٍ تَسِيرُ إلَى يَقِينْ .
دَينٌ ثَقِيلٌ فَوقَ كَاهِلِكَ الضَّعِيفِ
فَمَن سَيَحمِلُهُ ،
إِذَا اْنتَهَت الخُطَى بِكَ صَوبَ قَبرٍ
فِي ضُلُوعِكَ
مَن سَيَرتِقُ ثَوبَ قِصَّتِكَ الَّذِي قَدَّتهُ مِن دُبُرٍ
يَدُ اْمرَأَةِ العَزِيزِ
و لَفَّقَت تُهَمَ التَّحَرُّشِ كَي يُزَجَّ بِجِسمِكَ الوَاهِي
إِلى سِجنٍ جَدِيدٍ ،
صَاحِبَاكَ بِهِ خَيَالُكَ و الجُنُونْ .
مَن ذَا يُفَسِّرُ حُلمَكَ الأَزَلِيَّ
و الصِّدِّيقُ قَد أَلقَاهُ أِخوَتُهُ بِجُبٍّ
ثُمَّ جَاءُوا بِالقَمِيصِ
عَلَيهِ مِن دَمِ كِذْبِهِم مَا يَفتَرُونْ .
مَن ذَا يُفَسِّرُ حُلمَكَ الأَزَليَّ فِي سَبعٍ عِجَافٍ
قَد أَكَلنَ فَمَا شَبِعنَ
و قَد شَرِبنَ فَمَا اْرتَوَينَ
و قَد جَلَسنَ فَمَا بَرَحنَ مَكَانَهُنَّ
و قَد ... و قَد ...
حَتَّى تَبَدَّدَتِ السَّنَابلُ
جَفَّ نَهرٌ تلوَ نَهرٍ كََانَ يَروِي الظَّامِئِينْ .
يَا شَهرَ زَادَ قَصَائِدِي :
كُونِي جُوَارِيَ حِينَ أَفتَتِحُ القَصِيدَةَ
عَلَّنِي مِن نُورِ وَجهِكِ أَستَمِدَّ وَضَاءَة المَعنَى
فَأُبِدِلَ نَبرَةَ الحُزنِ التي سَكَنَت طُيُورَ قَصِيَدِتِي
لَحناً شَجِيّاً فِي فَضَاءِ العَاشِقِينْ .
لا تُحدِثِي الضَّوضَاءَ حَولَ شَوَارِدِي
لا تَفتَحِي التِّلفَازَ
لا تُصغِي لأَخبَارِ الكَوَارِثِ
و الحُرُوبِ ،
فَقَد مَلَلتُ الحُزنَ فِي صَوتِ المُذِيعِ
نَسِيتُ أَنَّ اليَومَ مِيلادُ الرَّبِيعِ
فَلَم أُقَدِّمْ وَردَةً لأَمِيرَتِي
لَم أَحتَفِلْ مَعَهَا بِعِيدِ اليَاسَمِينْ .
يا شَهرَ زَادَ قَصَائِدِي :
لا تَبعِدِي
فَمَخَالِبُ اللَّيلِ الطَّوِيلَةُ سَوفَ تَنهَشُنِي
إِذَا مَا غِبتِ عَنِّي
سَوفَ يَغرِسُ حُزنِيَ النِّيلِيُّ نَاباً
فِي أَدِيمِ قَصِيدَتِي
و لَسَوفَ تَذرُونِي الرِّيَاحُ الهُوجُ
فِي كُلِّ اْتِّجَاهْ .
[/align]
تعليق