واحترقت الأحلام

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • رشا السيد احمد
    فنانة تشكيلية
    مشرف
    • 28-09-2010
    • 3917

    واحترقت الأحلام

    أحلام

    اتجه نحو حقله في طرف البلدة الجنوبي,و الأمل يحدوه
    وأخيراً وصل الحقل ونزل عن ظهر حماره الأسود المتعب.....
    وربطه إلى صخرة على حد الحقل.ثم اعتلى كومة تراب على طرفه الشرقي ,وتوجه ببصره غرباً ,نحو أرضه الممتلئة بعيدان الحمص ,الخضراء الطرية.
    و ارتسمت على وجهه علامات الرضا الشديد,والارتياح,وابتسم ابتسامةً عريضة زينت وجهه الأسمر المعجون بلون الأرض معشوقته الأولى
    وقال لنفسه: محصول الحمص هذه السنة سوف يكون رائعاً فأسعار الحمص يا أبا محمود مرتفعة هذه السنة ولم يبلغه من قبل الحمد لله سوف تقبر الفقر.
    ثم هبط للحقل , وأخذ بعضاً من حزم الحمص, وعاد إلى أعلى كومة التراب , وجمع بعض الأعشاب الجافة وأشعلها و وضع الحزم القليلة التي أحضرها و شواها على النار.
    و أحرق معها هموم العام كله خاصةً ، فقره و عوزه وهو يقول لنفسه (انبسط يا أبا محمود ) فالمحصول هذا العام وفير جداً
    سيكفي علاج للصغيرة و دراسة للأولاد و مأكل و ملبس ، و سيطير قلب أم محمود فرحاً عندما تأتي معي لرؤية الحقل
    لن أتركك يوماً ... سأكون عندك كل يوم
    و بينما أحلامه كانت تحمله من أمل ندي لآخر ، هبط إلى حقله يتفقده من جميع الجوانب ،
    و قال لنفسه : إن رؤية المحصول قد أعادت إلى قلبي شباباً حالماً بكل الآتي ، فمنظر الحقل يرد الروح ، و تابع سيره غرباً على الطرف الشمالي
    فكل شيء موّات اليوم ، ليجعل مزاجه في أروق حال فالنسائم عليلة ، فرؤية فروع الحمص ، تموج كموج البحر غرباً و شرقاً ، تجعله يتموج بمخيلته على مدار العام القادم .... و عاد يحدث نفسه ، اقترب و تلمس الأعواد بيدين خشنتين أرهقتهما متاعب السنين المتلاحقة
    قال : أنظر إن العيدان هنا كثيفة كجزّة صوف، وعيدانه طويلة .... تابع سيره ....
    تابع حديثه لنفسه : إنشاء الله جزء من سعر المحصول لدراسة محمود ، و الجزء الأهم لعملية زينة ، فرجلها المكسورة من قبل قد جبرت على عطل مثل هذه الأيام ، و يجب إجراء عملية لها ، فعمليتها تأكل و تشرب معي
    الأولاد بحاجة لملابس جديدة ، حتى أنه مرّ عيد الأضحى هذا العام ، و لم أشتر لواحد من السبعة و لو قميصاً ....
    ما زال يسير الهوينى غرباً يتأمل حقله .
    يقول : الحمد لله على هذا الغلال .... و هناك أمر آخر كدت أنساه (حفنة ) الديون المتراكمة على ظهري ، فهي ترزح فوقه ثقيلةً أثقل من جبل الشيخ و ما تبقى سيغطي مصاريف العام المحسوب لها و غير المحسوب لها من حقل القمح ، و لو أن حقل القمح ليس كبيرا
    التفت جنوباً مستنشقاً الهواء المعطر بتراب الأرض ممازجاً رائحة الحمص العبقة .
    حتى التفّ حول الحقل و شعر أنه التف حول العالم شاعراً أنه أضحى ملك يديه و عاد و جلس فوق كومة التراب
    و راح يومياً يطل بقامته المتوسطة ، على حقله يتفقده
    محدثاً نفسه عليك أن تأتى كل يوم يا أبا محمود ، و أن تكون يقظاً فأولاد الحرام كثر
    مرت الأيام سريعة
    فخرج أبو محمود مع أسرته للحصاد ، و سُرّت زوجته لرؤية أكوام القش الكبيرة خلفهم في الحقل و قلبها يخبرها بأنها سنة خير
    في اليوم الثالث أثناء عودتهم إلى المنزل ، تألمت زينة من رجلها ، فربما زاد الألم الخفيف مع درجة الحرارة و مع التعب فقال لها أبوها : لا عليك يا ابنتي ، بعد يومين أو ثلاثة أيام على الأكثر ، سآخذك إلى المدينة المجاورة لأخصائي عظام بارع . و تمتم قائلاً : لن أدع المرض يأكل عظام ابنتي ، فاليوم مساءً سأستدين من أبي صالح ألفاً و خمسمائة ليرة ، من أجل معاينة الطبيب
    سكت على مضض بعد أن وضع يده في جيبه ، أملاً لو أنها استنبت بعض النقود ، فوجدها خاوية كباقي جيوبه ...
    بعد أربعة أيام أنهى أبو محمود و أسرته الحصاد ، فجمعوه في منتصف الحقل ، بانتظار الدراس ، لكن الفتاة الصغيرة زينة بوجهها الملائكي على ما يبدو لم تعد أعوامها الإثنا عشر تستطيع مقاومة الألم أكثر ، فأخبرت والدتها بألمها المتزايد
    فزع والديها عليها
    فقرر أبو محمود أخذها في الصباح الباكر إلى المدينة ، و سيعود محمود و أحمد مساءً إلى الحقل ...
    لجلب الدرّاسة عند الصباح ، سار كلّ شيء كما خطط له بعد معاينة الطبيب
    فقال : لماذا كل هذا الانتظار على رجلها ، ألا يأتي إنساننا العربي إلى الطبيب ، حتى يرى الموت بعينه ، إنها بحاجة ماسة لعمل جراحي ، يجب أن تدخل المشفى من فورها .
    وافق الوالدان ، فأدخلت إلى مشفى خاص حرصاً على سلامتها
    و قال لأم محمود : سوف أعود اليوم للمباشرة على عملية الدّراس و أخذ الحبوب إلى التاجر مباشرةً ، و سآتي غداًَ بالنقود .
    تفاءلت أم محمود خيراً و ودعها .. قبّل ابنته ، و توجه إلى البلدة . عندما وصل إلى طرفها الجنوبي نزل من سيارة الأجرة .

    و توجه بأحلامه مقرونة بالغلال
    في الطريق شعر بسعادةٍ تغمره ، لأنه اليوم سينهي الدّراس فقد أتى موعد استلام الغلّة على الأكثر نهاية هذا اليوم .
    و بينما هو متوجه إلى الحقل ، شعر بقلق يأتي من أعماقه المجهولة ، ليطفو على السطح .
    قال لنفسه : إنها وسوسة الشيطان ، لا تكترث يا رجل الحمد لله ، أنهينا الحصاد على خير و ما عليك غداً ، إلا أن تأخذ النقود ، و تذهب إلى المشفى ، لمحاسبته و الاطمئنان على الصغيرة
    هذه هي الدنيا تقبل عليك أخيراً فطب نفساً ، كل المشاكل المادية ستحل على خير و لن تأكل همّ المصاريف الكبيرة و الصغيرة .
    لقد بنينا أحلاماً كثيرة أنا و أم محمود ، على هذا المحصول .
    ما زال يسير على الطريق المؤدية إلى حقله ، فرأى دخاناً يتصاعد في السماء ، أخذ يساوره قلق أكبر
    و كلما اقترب ازداد عمود الدخان طولاً ، فجأةً أخذت الأفكار تأخذه شرقاً و غرباً ، ماذا حصل و يعود و يقول لا شيء يا رَجل ربما يحرقون بقايا مزروعات البساتين حولنا .
    اقترب أكثر .
    أصبحت ألسنة اللهب المتطايرة في السماء تبدو واضحةً ، فأخذ يسرع الخطى دون أن يدري .
    و عندما أصبح على مشارف الحقل ، رأى نيراناً مندلعة حتى عنان السماء ، فقال : اللهم اجعله خيراً ، و اقترب أكثر ، و سمع أصوات جيرانه في الحقل ، يا جماعة ارموا تراب أكثر ، و آخر يقول سأسرع إلى القرية لآتي بصهريج ماء ، علنا نلحق من المحصول شيئاً ...
    أطفئوا بالشواعيب ...
    أحمد المسكين الذي أفاق من غفوته القصيرة ، في عريشته على أصوات الجيران ، خرج يركض ، ذهاباً و إياباً لا يعرف ! ماذا يفعل ؟ كمجنون يركض فوق النار و يصرخ لقد ضاع المحصول لقد احترق محصولنا .
    عندما وصل أبو محمود للحقل ، تسمرت عيناه على محصوله ، تجمد الدم في عروقه ، و تكسر ت الأحلام الكبيرة أمام عينيه فأسرع فجأةً بلا وعي باتجاه المحصول ، و أخذ ينثر التراب فوق النار الملتهبة ...
    لكن محال فقد التهمت النيران كلّ شيء .
    جثا أبو محمود على ركبتيه ( بمزيج من مشاعر الرعب ، الحزن ، البؤس ، و الإحباط لفته كلها معاً) أمام محصوله المحترق وهو يقول هل ولدت أنا والفقر توأمين أم أن الحظ لا يطرق أبواب الفقراء .


    ( تم تكثيف النص للعيون الثاقبة الشكر)
    التعديل الأخير تم بواسطة رشا السيد احمد; الساعة 29-11-2011, 20:00.
    https://www.facebook.com/mjed.alhadad

    للوطن
    لقنديل الروح ...
    ستظلُ صوفية فرشاتي
    ترسمُ أسرارَ وجهِكَ بألوانِ الأرجوان
    بلمساتِ الشَّفقِ المسافرِ في أديم السَّماء .

  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    الزميلة القديرة
    رشا السيد أحمد
    أرجوك زميلتي لا تنزعجي من ملاحظتي
    أستحلفك الله أن لاتفعلي
    نصك فيه روح الوجع الذي يعتمل قلوب الكثيرين أحسست به كثيرا ولكن
    أكثرت من ال ( و)
    عودي للنص وانزعي منه الواوات الفائضة واتركيه يتحرر منها فقد أتعبته كثيرا
    ومضة النهاية طالت منك كثيرا فليتك جعلتها حين رأى الدخان فأحس بالمصيبة ومن مصدر الدخان عرف أنه حصاده الذي يحترق
    فمامن مزارع لايعرف أين اتجاه مزرعته مطلقا خاصة أن المزارع مساحات مكشوفة ولهذا يعرف كل مزارع حدود أرضه ولو من بعيد
    أشكرك لو تقبلت نصيحتي
    وأشكرك أيضا لو لم تتقبلينها فهو رأي يقبل الخطأ قبل الصواب
    ودي الأكيد لك
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • رشا السيد احمد
      فنانة تشكيلية
      مشرف
      • 28-09-2010
      • 3917

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
      الزميلة القديرة
      رشا السيد أحمد
      أرجوك زميلتي لا تنزعجي من ملاحظتي
      أستحلفك الله أن لاتفعلي
      نصك فيه روح الوجع الذي يعتمل قلوب الكثيرين أحسست به كثيرا ولكن
      أكثرت من ال ( و)
      عودي للنص وانزعي منه الواوات الفائضة واتركيه يتحرر منها فقد أتعبته كثيرا
      ومضة النهاية طالت منك كثيرا فليتك جعلتها حين رأى الدخان فأحس بالمصيبة ومن مصدر الدخان عرف أنه حصاده الذي يحترق
      فمامن مزارع لايعرف أين اتجاه مخزرعته مطلقا خاصة أن المزارع مساحات مكشوفة ولهذا يعرف كل مزارع حدود أرضه ولو من بعيد
      أشكرك لو تقبلت نصيحتي
      وأشكرك أيضا لو لم تتقبلينهافهو رأي يقبل الخطأ قبل الصواب
      ودي الأكيد لك


      الغالية والمبدعة عائدة
      لا أنزعج أبدا من ملاحظتك وربما رأيت شيئا ً في القصة لم أره وأحترم كل الأراء ( وحياتك )
      بالنسبة للنهاية لا أعتقد أنني أطلت هل تعرفين لماذا لأننا أحيانا تقع لنا أبشع الكوارثر ونراها ونظن أنها لم تقع لنا لأننا ما زلنا نأمل بأن المكرروه وقع لغيرنا وليس لنا
      يا عزيزتي أخي شاب توفي وحينما ذهبت لأودعه قلت لهم إنه نائم ليس إلا ..... لم يقع له مكروه وهو يرقد بنوم ملائكي أمام عيني
      لأنه آخر شي كنت أتوقع أن أراه فجأة أمامي بهذا الشكل ..... ورغم ذلك كنت أمل ان يصحو بأبتسامته المعهودة (رحمه الله ) فالأنسان يأمل حتى وهو في أحلك الظروف والصدمات ويكذب حتى رؤيا العين
      أشكرك عزيزتي على مرورك العطر.
      التعديل الأخير تم بواسطة رشا السيد احمد; الساعة 06-12-2010, 21:01.
      https://www.facebook.com/mjed.alhadad

      للوطن
      لقنديل الروح ...
      ستظلُ صوفية فرشاتي
      ترسمُ أسرارَ وجهِكَ بألوانِ الأرجوان
      بلمساتِ الشَّفقِ المسافرِ في أديم السَّماء .

      تعليق

      • عائده محمد نادر
        عضو الملتقى
        • 18-10-2008
        • 12843

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة رشا السيد احمد مشاهدة المشاركة
        و احترقت الأحلام

        اتجه نحو حقله في طرف البلدة الجنوبي, وكله أمل أن يكون الموسم جيداً هذا العام.
        وصل الحقل, ونزل عن ظهر حماره الأسود المتعب.
        ربطه إلى صخرة . ثم اعتلى كومة تراب على طرفه الشرقي , وتوجه ببصره غرباً , نحو أرضه الممتلئة بعيدان الحمص ,الخضراء الطرية.
        ارتسمت على وجهه علامات الرضا الشديد, والإرتياح, وابتسم ابتسامةً عريضة زينت وجهه الأسمر المعجون بلون الأرض, معشوقته الأولى.
        وقال لنفسه:
        - انظر ما أجمل فروعه المتشابكة في ود وحنان(الحمد لله)؟!
        محصول الحمص هذه السنة سوف يكون رائعاً, فسعر الحمص يا أبا محمود مرتفع هذه السنة ولم يبلغه من قبل الحمد لله, سوف تقبر الفقر.
        ثم هبط للحقل , وأخذ بعضاً من حزم الحمص, وعاد إلى أعلى كومة التراب , جمع بعض الأعشاب الجافة وأشعلها و وضع الحزم القليلة التي أحضرها و شواها على النار.
        وأحرق معها هموم الحياة ، و هموم العام كله خاصةً .
        فقره
        عوزه
        ويقول لنفسه (انبسط يا أبا محمود ) فالمحصول هذا العام وفير جداً, وكأنه فائر في الأرض. سيسدد كل حوائج الأسرة.
        من علاج للصغيرة و دراسة للأولاد و مأكل و ملبس. و سيطير قلب أم محمود فرحاً عندما تأتي معي لرؤية الحقل .
        لن أتركك يوماً ... حتى يوم الحصاد . سأكون عندك كل يوم إنك أجمل ما رأيت
        و بينما أحلامه تحمله من أمل ندي لآخر ، هبط إلى حقله يتفقده من جميع الجوانب ، قال لنفسه : إن رؤية المحصول قد أعادت إلى قلبي شباباً حالماً بكل الآتي . فمنظر الحقل يرد الروح ، و تابع سيره غرباً على الطرف الشمالي .
        فكل شيء موّات اليوم ، ليجعل مزاجه في أروق حال فالنسائم عليلة ، و كلها صحة و عافية و رؤية فروع الحمص ، تموج كموج البحر غرباً و شرقاً ، تجعله يتموج بمخيلته على مدار العام القادم .... و عاد يحدث نفسه ، و اقترب و تلمس الأعواد بيدين خشنتين أرهقتهما متاعب السنين المحملة بهموم الحياة المتلاحقة .
        و قال : أنظر إن العيدان هنا كثيفة كجزّة صوف، وعيدانه طويلة و حباته تسر الناظر .... و تابع سيره ....
        تابع حديثه لنفسه : إنشاء الله جزء من سعر المحصول لدراسة محمود ، و الجزء الأهم لعملية زينة ، فرجلها المكسورة من قبل قد جبرت على عطل مثل هذه الأيام ، و يجب إجراء عملية لها ، فعمليتها تأكل و تشرب معي .
        و الأولاد ، بحاجة لملابس جديدة ، حتى أنه مرّ عيد الأضحى هذا العام ، و لم أشتر ِ لواحد من السبعة و لو قميصاً ....
        و ما زال يسير الهوينى غرباً و يتأمل حقله . و يقول : الحمد لله على هذا الغلال .. هناك أمر آخر كدت أنساه (حفنة ) الديون المتراكمة على ظهري ، فهي ترزح فوقه ثقيلةً أثقل من جبل الشيخ و ما تبقى سيغطي مصاريف العام المحسوب لها و غير المحسوب من حقل القمح ، و لو أن حقل القمح ليس كبيرا.ً
        التفت جنوباً مستنشقاً الهواء المعطر بتراب الأرض و رائحة الحمص العبقة .
        حتى التفّ حول الحقل و شعر أنه التف حول العالم . شاعراً أنه أضحى ملك يديه و عاد و جلس فوق كومة التراب . و بقي كل يوم يطل بقامته المتوسطة ، على حقله كي لا يعبث به أحد من إنسان أو حيوان .
        ويوم يقول لنفسه : عليك أن تأتى كل يوم يا أبا محمود ، و أن تكون يقظاً فأولاد الحرام كثر .
        مرت الأيام سريعة .
        و خرج أبو محمود مع أسرته للحصاد ، و سُرّت زوجته لرؤية أكوام القش الكبيرة خلفهم في الحقل و قلبها يخبرها بأنها سنة خير .
        و في اليوم الثالث و هم عائدون إلى المنزل ، تألمت زينة من رجلها ، فربما زاد الألم الخفيف مع درجة الحرارة و مع التعب ، فقال لها أبوها : لا عليك يا ابنتي ، بعد يومين أو ثلاثة أيام على الأكثر ، سآخذك إلى المدينة المجاورة لأخصائي عظام بارع, لن أدع المرض يأكل عظام ابنتي ، فاليوم مساءً سأستدين من أبي صالح ألفاً و خمسمائة ليرة ، من أجل معاينة الطبيب .
        سكت على مضض بعد أن وضع يده في جيبه ، و أمل لو أنها استنبت بعض النقود ، فوجدها خاوية كباقي جيوبه .
        أربعة أيام . أنهى أبو محمود و أسرته الحصاد ، و جمعوه في منتصف الحقل ، بانتظار الدراس . و لكن الفتاة الصغيرة زينة بوجهها الملائكي على ما يبدو لم تعد أعوامها الإثنا عشر تستطيع مقاومة الألم أكثر ،أخبرت والدتها بألمها المتزايد ، و لم تستطيع الوقوف على رجلها .
        فزعت عليها والدتها، فقرر أبو محمود أخذها في الصباح الباكر إلى المدينة ، و سيعود محمود و أحمد مساءً إلى الحقل
        لجلب الدرّاسة عند الصباح ، و سار كلّ شيء ٍ كما خطط له . و عندما وصلوا إلى عيادة الطبيب عاينها ، فقال : لماذا كل هذا الانتظار على رجلها ، ألا يأتي إنساننا العربي إلى الطبيب ، حتى يرى الموت بعينه ، إنها بحاجة ماسة و سريعة لعملية جراحية ، يجب أن تدخل المشفى من فورها .
        وافق الوالدان ، و أدخلها والدها إلى المشفى الخاص حرصاً على سلامة صغيرته .
        و قال لأم محمود : سوف أعود اليوم للمباشرة على عملية الدّراس و أخذ الحبوب إلى التاجر مباشرةً ، و سآتي غداًَ بالنقود .
        تفاءلت أم محمود خيراً و ودعها ، قبّل ابنته ، و توجه إلى البلدة . عندما وصل إلى طرفها الجنوبي نزل من سيارة الأجرة .
        قال لنفسه : لقد أصبحت على مقربة من الحقل . سأتوجه إليه مباشرةً .
        توجه و الأمل يحدوه بخصوص الغلال ، و بخصوص نجاح عملية ابنته زينة ، على يد هذا الطبيب .
        و في الطريق شعر بسعادةٍ تغمره ، لأنه اليوم سينهي الدّراس . فقد أتى موعد استلام الغلّة على الأكثر نهاية هذا اليوم .
        و بينما هو متوجه إلى الحقل ، فجأةً شعر بقلق يأتي من أعماقه المجهولة ، ليطفو على السطح .
        قال لنفسه : إنها وسوسة الشيطان ، لا تكترث يا رجل الحمد لله ، أنهينا الحصاد على خير ، و ما عليك غداً ، إلا أن تأخذ النقود ، و تذهب إلى المشفى ، لمحاسبته و الاطمئنان على الصغيرة زينة.
        هي الدنيا تقبل عليك أخيراً فطب نفساً ، كل المشاكل المادية ستحل على خير و الأسرة ستكون سعيدة بجميع أفرادها ، و لن تأكل همّ المصاريف الكبيرة و الصغيرة .
        لقد بنينا أحلاماً كثيرة أنا و أم محمود ، على هذا المحصول .
        و ما زال يسير على الطريق المؤدية إلى حقله, رأى دخاناً يتصاعد في السماء ، و أخذ القلق يدخل إلى نفسه من بين أحلامـه الكبيرة .
        و كلما اقترب ازداد عمود الدخان طولاً ، فجأةً أخذت الأفكار تأخذه شرقاً و غرباً ، ماذا حصل و يعود و يقول لا شيء يا رَجل ربما يحرقون بقايا مزروعات البساتين حولنا .
        اقترب أكثر .
        أصبحت ألسنة اللهب المتطايرة في السماء تبدو واضحةً ، و ازداد قلقه أكثر و أخذ يسرع الخطى دون أن يدري .
        و عندما أصبح على مشارف الحقل ، رأى نيراناً مندلعة حتى عنان السماء ، فقال : اللهم اجعله خيراً ، و اقترب، سمع أصوات جيرانه في الحقل1
        - يا جماعة ارموا تراب أكثر ، و آخر يقول سأسرع إلى القرية لآتي بصهريج ماء ، علنا نلحق من المحصول شيئاً ...
        أطفئوا بالشواعيب ...
        و أحمد المسكين الذي أفاق من غفوته القصيرة ، في عريشته على أصوات الجيران ، خرج يركض ، يركض ذهاباً و إياباً لا يعرف ! ماذا يفعل ؟ كمجنون يركض فوق النار, يصرخ:
        - لقد ضاع المحصول, لقد احترق محصولنا .
        وصل أبو محمود للحقل ، تسمرت عيناه على محصوله ، و تجمد الدم في عروقه ، و تكسر ت الأحلام الكبيرة أمام عينيه, أسرع فجأةً بلا وعي باتجاه المحصول ، و أخذ ينثر التراب فوق النار الملتهبة .
        و ل يساً ممن حوله ، لكن محال فقد التهمت النيران كلّ شيء .
        جثا أبو محمود على ركبتيه (و مزيج من مشاعر الرعب ، و الحزن ، والبؤس ، و الإحباط لفته كلها معاً) أمام محصوله المحترق وهو يقول:
        - هل ولدت أنا والفقر توأمين, أم أن الحظ لا يطرق, أبواب الفقراء!؟


        الزميلة القديرة
        رشا السيد أحمد
        عدت لنصك مجبرة لأني رأيته يستحق
        أمضيت وقتا طويلا هنا, لأني متيقنة, أنه نص فيه رؤية

        تقبلي مني أرجوك رشا لأني لا أتكلم إلا للصالح العام للنص, ثقي بي سيدتي
        حذفت الكثير من الواوات وبعض المفردات
        لكنه مازال يحتاج لأكثر, فبعض الكلمات تحتاج لمرادفات لها
        لا تزعجنك رؤيتي رشا بالله عليك
        محبتي وودي أقدمها قبل رؤيتي غاليتي
        ولك أن ترميها وراء ظهرك, وتنسينها أصلا

        اليوم السابع


        http://www.almolltaqa.com/vb/showthr...
        الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

        تعليق

        • ربيع عقب الباب
          مستشار أدبي
          طائر النورس
          • 29-07-2008
          • 25792

          #5
          العمل جميل رشا
          فيه الكثير من مواطن الجمال
          ربما فيه بعض اسهاب
          وز من الممكن اجراء عملية تكثيف له ؛ ليبدو أروع و أروع ... ممكن
          العملية ليست مكلفة أبدا
          كمان فيه ربما خطأ ( لم يستطيع .. لم يستطع )
          لي عودة رشا الرقيقة
          لأنهل من تلك فأنا فلاح و هم فلاحون مثلي !

          تقديري و احترامي
          sigpic

          تعليق

          • ريما ريماوي
            عضو الملتقى
            • 07-05-2011
            • 8501

            #6
            مسكين انقهرت عليه
            يبدو لي حقا ما قد قلت
            لا يحق للففقراء أن يحلموا,
            كنت أتوقع هذا الحريق من اول ما
            أشعل النار في قبضة الحمّص التي كانت
            بين يديه, وأنا أيضا مع التكثيف عزيزتي.
            دمت بخير وصحة وعافية,

            محبتي وتقديري.

            تحيااتي.


            أنين ناي
            يبث الحنين لأصله
            غصن مورّق صغير.

            تعليق

            • مالكة حبرشيد
              رئيس ملتقى فرعي
              • 28-03-2011
              • 4544

              #7
              صباح الخير رشا
              عيدك مبارك سعيد
              اوجعتني كثيرا ...كنت التهم الحروف وانا متاكدة مذ قرات العنوان
              ان المحصول سيضيع ...لكني كنت امل ان يخيب ظني وحدسي
              انا مع الاستاذة عائدة فيما يخص حرف العطف =و=
              فهو يفقد النص جماله حتى في القصيدة
              غير ذلك اعجبني النص كثيرا
              كان مشوقا جدا
              اعرف اني لست مخولة للتقييم ...
              هو فقط احساسي بحرف الواو
              لا احبه خصوصا بالقصيدة

              مودتي وكل التقدير

              تعليق

              • رشا السيد احمد
                فنانة تشكيلية
                مشرف
                • 28-09-2010
                • 3917

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
                العمل جميل رشا
                فيه الكثير من مواطن الجمال
                ربما فيه بعض اسهاب
                وز من الممكن اجراء عملية تكثيف له ؛ ليبدو أروع و أروع ... ممكن
                العملية ليست مكلفة أبدا
                كمان فيه ربما خطأ ( لم يستطيع .. لم يستطع )
                لي عودة رشا الرقيقة
                لأنهل من تلك فأنا فلاح و هم فلاحون مثلي !

                تقديري و احترامي

                يسعد مساؤك أستاذ ربيع الرائع
                وسلامة قلبك من كل شر
                الآن حتى رأيت ردك فآسفة للتأخير بالرد

                ممكن تكثيف للنص إذا عدت مرة أخرى
                وإنشاء الله أعود له
                أشكر متابعتك الجادة دائما ً
                ولا يطيب النص إلا بمرورك
                كلنا قد تفاجأونا الحياة كما فاجئت هذا المسكين
                لذا أسأل الله السلامة للجميع من كل أذى
                وأشكر مرورك العطر دائما ً
                لروحك شتائل النرجس
                https://www.facebook.com/mjed.alhadad

                للوطن
                لقنديل الروح ...
                ستظلُ صوفية فرشاتي
                ترسمُ أسرارَ وجهِكَ بألوانِ الأرجوان
                بلمساتِ الشَّفقِ المسافرِ في أديم السَّماء .

                تعليق

                • عبير هلال
                  أميرة الرومانسية
                  • 23-06-2007
                  • 6758

                  #9
                  قصة رائعة يا رشا

                  احزنتني نهايتها والتي توقعتها

                  فقط ملاحظة بسيطة : إن شاء الله تكتب هكذا

                  رحم الله شقيقك كم تألمت لهذا الخبر

                  الصعب عليك

                  كنت هنا لأسجل إعجابي

                  محبتي لك وورودي
                  sigpic

                  تعليق

                  • وسام دبليز
                    همس الياسمين
                    • 03-07-2010
                    • 687

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة رشا السيد احمد مشاهدة المشاركة
                    و احترقت الأحلام


                    اتجه نحو حقله في طرف البلدة الجنوبي,وكله أمل أن يكون الموسم جيداً هذا العام.
                    وأخيراً وصل الحقل ونزل عن ظهر حماره الأسود المتعب.....
                    وربطه إلى صخرة على حد الحقل.ثم اعتلى كومة تراب على طرفه الشرقي ,وتوجه ببصره غرباً ,نحو أرضه الممتلئة بعيدان الحمص ,الخضراء الطرية.
                    و ارتسمت على وجهه علامات الرضا الشديد,والارتياح,وابتسم ابتسامةً عريضة زينت وجهه الأسمر المعجون بلون الأرض معشوقته الأولى.
                    وقال لنفسه:انظر ما أجمل فروعه المتشابكة في ود وحنان(الحمد لله)؟!
                    محصول الحمص هذه السنة سوف يكون رائعاً,فسعر الحمص يا أبا محمود مرتفع هذه السنة ولم يبلغه من قبل الحمد لله سوف تقبر الفقر.
                    ثم هبط للحقل , وأخذ بعضاً من حزم الحمص, وعاد إلى أعلى كومة التراب , وجمع بعض الأعشاب الجافة وأشعلها و وضع الحزم القليلة التي أحضرها و شواها على النار.
                    و أحرق معها هموم الحياة ، و هموم العام كله خاصةً . فقره و عوزه وهو يقول لنفسه (انبسط يا أبا محمود ) فالمحصول هذا العام وفير جداً وكأنه فائر في الأرض. سيسدد كل حوائج الأسرة.
                    من علاج للصغيرة و دراسة للأولاد و مأكل و ملبس. و سيطير قلب أم محمود فرحاً عندما تأتي معي لرؤية الحقل .
                    لن أتركك يوماً ... حتى يوم الحصاد . سأكون عندك كل يوم إنك أجمل ما رأيت من الحقول ...
                    و بينما أحلامه تحمله من أمل ندي لآخر ، هبط إلى حقله يتفقده من جميع الجوانب ، و قال لنفسه : إن رؤية المحصول قد أعادت إلى قلبي شباباً حالماً بكل الآتي . فمنظر الحقل يرد الروح ، و تابع سيره غرباً على الطرف الشمالي .
                    فكل شيء موّات اليوم ،ليجعل مزاجه في أروق حال فالنسائم عليلة ، و كلها صحة و عافية و رؤية فروع الحمص ، تموج كموج البحر غرباً و شرقاً ، تجعله يتموج بمخيلته على مدار العام القادم .... و عاد يحدث نفسه ، و اقترب و تلمس الأعواد بيدين خشنتين أرهقتهما متاعب السنين المحملة بهموم الحياة المتلاحقة .
                    و قال : أنظر إن العيدان هنا كثيفة كجزّة صوف، وعيدانه طويلة و حباته تسر الناظر .... و تابع سيره ....
                    و تابع حديثه لنفسه : إنشاء الله جزء من سعر المحصول لدراسة محمود ، و الجزء الأهم لعملية زينة ، فرجلها المكسورة من قبل قد جبرت على عطل مثل هذه الأيام ، و يجب إجراء عملية لها ، فعمليتها تأكل و تشرب معي .
                    و الأولاد ، بحاجة لملابس جديدة ، حتى أنه مرّ عيد الأضحى هذا العام ، و لم أشتر ِ لواحد من السبعة و لو قميصاً ....
                    و ما زال يسير الهوينى غرباً و يتأمل حقله . و يقول : الحمد لله على هذا الغلال .... و هناك أمر آخر كدت أنساه (حفنة ) الديون المتراكمة على ظهري ، فهي ترزح فوقه ثقيلةً أثقل من جبل الشيخ و ما تبقى سيغطي مصاريف العام المحسوب لها و غير المحسوب لها من حقل القمح ، و لو أن حقل القمح ليس كبيرا.ً و التفت جنوباً مستنشقاً الهواء المعطر بتراب الأرض و رائحة الحمص العبقة .
                    حتى التفّ حول الحقل و شعر أنه التف حول العالم . شاعراً أنه أضحى ملك يديه و عاد و جلس فوق كومة التراب . و بقي كل يوم يطل بقامته المتوسطة ، على حقله كي لا يعبث به أحد من إنسان أو حيوان .
                    و كل يوم يقول لنفسه : عليك أن تأتى كل يوم يا أبا محمود ، و أن تكون يقظاً فأولاد الحرام كثر .
                    و مرت الأيام سريعة .
                    و خرج أبو محمود مع أسرته للحصاد ، و سُرّت زوجته لرؤية أكوام القش الكبيرة خلفهم في الحقل و قلبها يخبرها بأنها سنة خير .
                    و في اليوم الثالث و هم عائدون إلى المنزل ، تألمت زينة من رجلها ، فربما زاد الألم الخفيف مع درجة الحرارة و مع التعب ، فقال لها أبوها : لا عليك يا ابنتي ، بعد يومين أو ثلاثة أيام على الأكثر ، سآخذك إلى المدينة المجاورة لأخصائي عظام بارع . و تمتم قائلاً : لن أدع المرض يأكل عظام ابنتي ، فاليوم مساءً سأستدين من أبي صالح ألفاً و خمسمائة ليرة ، من أجل معاينة الطبيب .
                    سكت على مضض بعد أن وضع يده في جيبه ، و أمل لو أنها استنبت بعض النقود ، فوجدها خاوية كباقي جيوبه ...
                    بعد أربعة أيام . أنهى أبو محمود و أسرته الحصاد ، و جمعوه في منتصف الحقل ، بانتظار الدراس . و لكن الفتاة الصغيرة زينة بوجهها الملائكي على ما يبدو لم تعد أعوامها الإثنا عشر تستطيع مقاومة الألم أكثر ، و أخبرت والدتها بألمها المتزايد ، و لم تستطيع الوقوف على رجلها .
                    فزعت عليها والدتها و والدها ، فقرر أبو محمود أخذها في الصباح الباكر إلى المدينة ، و سيعود محمود و أحمد مساءً إلى الحقل ...
                    لجلب الدرّاسة عند الصباح ، و سار كلّ شيء ٍ كما خطط له . و عندما وصلوا إلى عيادة الطبيب عاينها ، فقال : لماذا كل هذا الانتظار على رجلها ، ألا يأتي إنساننا العربي إلى الطبيب ، حتى يرى الموت بعينه ، إنها بحاجة ماسة و سريعة لعملية جراحية ، يجب أن تدخل المشفى من فورها .
                    وافق الوالدان ، و أدخلها والدها إلى المشفى الخاص حرصاً على سلامة صغيرته .
                    و قال لأم محمود : سوف أعود اليوم للمباشرة على عملية الدّراس و أخذ الحبوب إلى التاجر مباشرةً ، و سآتي غداًَ بالنقود .
                    تفاءلت أم محمود خيراً و ودعها ، قبّل ابنته ، و توجه إلى البلدة . عندما وصل إلى طرفها الجنوبي نزل من سيارة الأجرة .
                    و قال لنفسه : لقد أصبحت على مقربة من الحقل . سأتوجه إليه مباشرةً .
                    و توجه و الأمل يحدوه بخصوص الغلال ، و بخصوص نجاح عملية ابنته زينة ، على يد هذا الطبيب .
                    و في الطريق شعر بسعادةٍ تغمره ، لأنه اليوم سينهي الدّراس . فقد أتى موعد استلام الغلّة على الأكثر نهاية هذا اليوم .
                    و بينما هو متوجه إلى الحقل ، فجأةً شعر بقلق يأتي من أعماقه المجهولة ، ليطفو على السطح .
                    قال لنفسه : إنها وسوسة الشيطان ، لا تكترث يا رجل الحمد لله ، أنهينا الحصاد على خير ، و ما عليك غداً ، إلا أن تأخذ النقود ، و تذهب إلى المشفى ، لمحاسبته و الاطمئنان على الصغيرة زينة و والدتها .
                    هذه هي الدنيا تقبل عليك أخيراً فطب نفساً ، كل المشاكل المادية ستحل على خير و الأسرة ستكون سعيدة بجميع أفرادها ، و لن تأكل همّ المصاريف الكبيرة و الصغيرة .
                    لقد بنينا أحلاماً كثيرة أنا و أم محمود ، على هذا المحصول .
                    و ما زال يسير على الطريق المؤدية إلى حقله ، و رأى دخاناً يتصاعد في السماء ، و أخذ القلق يدخل إلى نفسه من بين أحلامـه الكبيرة .
                    و كلما اقترب ازداد عمود الدخان طولاً ، و فجأةً أخذت الأفكار تأخذه شرقاً و غرباً ، ماذا حصل و يعود و يقول لا شيء يا رَجل ربما يحرقون بقايا مزروعات البساتين حولنا .
                    و اقترب أكثر .
                    و أصبحت ألسنة اللهب المتطايرة في السماء تبدو واضحةً ، و ازداد قلقه أكثر و أخذ يسرع الخطى دون أن يدري .
                    و عندما أصبح على مشارف الحقل ، رأى نيراناً مندلعة حتى عنان السماء ، فقال : اللهم اجعله خيراً ، و اقترب أكثر ، و سمع أصوات جيرانه في الحقل ، يا جماعة ارموا تراب أكثر ، و آخر يقول سأسرع إلى القرية لآتي بصهريج ماء ، علنا نلحق من المحصول شيئاً ...
                    أطفئوا بالشواعيب ...
                    و أحمد المسكين الذي أفاق من غفوته القصيرة ، في عريشته على أصوات الجيران ، خرج يركض ، و أخذ يركض ذهاباً و إياباً لا يعرف ! ماذا يفعل ؟ كمجنون يركض فوق النار و يصرخ لقد ضاع المحصول لقد احترق محصولنا .
                    و عندما وصل أبو محمود للحقل ، تسمرت عيناه على محصوله ، و تجمد الدم في عروقه ، و تكسر ت الأحلام الكبيرة أمام عينيه و أسرع فجأةً بلا وعي باتجاه المحصول ، و أخذ ينثر التراب فوق النار الملتهبة ...
                    و ل يساً ممن حوله ، لكن محال فقد التهمت النيران كلّ شيء .
                    و جثا أبو محمود على ركبتيه (و مزيج من مشاعر الرعب ، و الحزن ، والبؤس ، و الإحباط لفته كلها معاً) أمام محصوله المحترق وهو يقول هل ولدت أنا والفقر توأمين أم أن الحظ لا يطرق أبواب الفقراء .

                    نعم بعضهم يولدون توأم مع الفقر وبعضهم يمر الفقر من أمام أبوابهم دون أن يلامسها حتى تماما كالصحة والغنى و...
                    فالله حكمة في ذلك
                    ونبقى أمام استحالت الجواب لماذا ؟
                    كانت أحلام بريئة أحرقها العنوان الذي أشار إلى حريق ما أو كارثة ما ستتغلغل إلى ذلك الحقل المعجون بالتعب
                    قصة جميلة تشكرين عليها
                    باقة من ياسمين تصافح ألق حروفك

                    تعليق

                    • رشا السيد احمد
                      فنانة تشكيلية
                      مشرف
                      • 28-09-2010
                      • 3917

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة أميرة عبد الله مشاهدة المشاركة
                      قصة رائعة يا رشا

                      احزنتني نهايتها والتي توقعتها

                      فقط ملاحظة بسيطة : إن شاء الله تكتب هكذا

                      رحم الله شقيقك كم تألمت لهذا الخبر

                      الصعب عليك

                      كنت هنا لأسجل إعجابي

                      محبتي لك وورودي

                      أهلا أيتها الرائعة أميرة

                      لهذا المرور الرائع
                      وأشكرك من قلبي
                      الحياة تباغتنا دائما بما هو غير متوقع
                      فالله مولى الجميع
                      وأهلا بحرف يقطر شهدا ً
                      وإن شاء الله سوف أعود لإصلحها
                      لروحك زنابق الصباح دائما ً
                      وملأ الفضاء شكرا لرقيك .
                      https://www.facebook.com/mjed.alhadad

                      للوطن
                      لقنديل الروح ...
                      ستظلُ صوفية فرشاتي
                      ترسمُ أسرارَ وجهِكَ بألوانِ الأرجوان
                      بلمساتِ الشَّفقِ المسافرِ في أديم السَّماء .

                      تعليق

                      • سمية البوغافرية
                        أديب وكاتب
                        • 26-12-2007
                        • 652

                        #12
                        قصة جاءت مؤثرة وسلسة ومشوقة أيضا
                        وببعض التكثيف ستكون أجمل
                        والعنوان أيضا رغم جماله إلا أنه يكشف عن مآل أحلام البطل.. سيتوقعها من السطور الأولى
                        تمنيت عليك لو حذفت من العنوان "واحترقت" وتتركين أحلام أحمد أوشيء من هذا القبيل
                        أظنك توافقينني على أن حلاوة المفاجأة في استدراج القارئ إليها
                        حتى يكون وجها لوجه معها في النهاية
                        سعدت بالمرور بنصك أستاذة رشا
                        وبالمزيد من الإبداع الجميل أدعو لك
                        تحياتي الصادقة

                        تعليق

                        • رشا السيد احمد
                          فنانة تشكيلية
                          مشرف
                          • 28-09-2010
                          • 3917

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة سمية البوغافرية مشاهدة المشاركة
                          قصة جاءت مؤثرة وسلسة ومشوقة أيضا


                          وببعض التكثيف ستكون أجمل
                          والعنوان أيضا رغم جماله إلا أنه يكشف عن مآل أحلام البطل.. سيتوقعها من السطور الأولى
                          تمنيت عليك لو حذفت من العنوان "واحترقت" وتتركين أحلام أحمد أوشيء من هذا القبيل
                          أظنك توافقينني على أن حلاوة المفاجأة في استدراج القارئ إليها
                          حتى يكون وجها لوجه معها في النهاية
                          سعدت بالمرور بنصك أستاذة رشا
                          وبالمزيد من الإبداع الجميل أدعو لك

                          تحياتي الصادقة

                          أهلا بالراقية سمية
                          أشكر هذه المرور البناء والذي يرى بعين ثاقبة النص من جميع زواياه
                          وأقتراحك معقول جدا أحلام
                          على ما يبدو أحلام بعض الفقراءلاترتقي أكثر من حيز الحلم

                          كلي شكر لمرورمميز ولروحك الغالية غناء النرجس .
                          التعديل الأخير تم بواسطة رشا السيد احمد; الساعة 29-11-2011, 19:25.
                          https://www.facebook.com/mjed.alhadad

                          للوطن
                          لقنديل الروح ...
                          ستظلُ صوفية فرشاتي
                          ترسمُ أسرارَ وجهِكَ بألوانِ الأرجوان
                          بلمساتِ الشَّفقِ المسافرِ في أديم السَّماء .

                          تعليق

                          • د. محمد أحمد الأسطل
                            عضو الملتقى
                            • 20-09-2010
                            • 3741

                            #14
                            الأديبة رشا السيد
                            حناء تزهر في مساءك
                            جميل ما قرأت هنا
                            شدتني القصة بجمال فكرتها
                            نعم سيدتي
                            الفقراء على ما يبدو " معترين " أكثر مما يظن البعض
                            تعاطفت جدا مع هذا القصص الذي ينبش ملف العدالة الاجتماعية في مجتمعاتنا
                            تقديري وأكثر
                            قد أكونُ احتمالاتٍ رطبة
                            موقعي على الفيس بوك https://www.facebook.com/doctorastal
                            موقع قصيدة النثر العربية https://www.facebook.com/groups/doctorastal/
                            Green Moon-مجلة فنون https://www.facebook.com/green.moon.artline

                            تعليق

                            • فايزشناني
                              عضو الملتقى
                              • 29-09-2010
                              • 4795

                              #15

                              أختي رشا
                              حتى أحلام الفقراء ممنوعة
                              ما حواه النص من صور حزينة ومؤلمة أغناه كثيراً
                              فطريقتك جميلة في توصيف أحلام أبو محمود وعائلته
                              واهتمامه بحقله وتفانيه في خدمة أرضه وزرعه
                              حتى كان وقع الخاتمة قوياً بعد تدفق أحلامهم وإظهار كدهم وتعبهم
                              لا شك يا صديقتي أن القصص تحتاج إلى من يتقن قصها وتصويرها
                              وأنت أجدت ذلك بمهارة أحييك عليها
                              مع فائق تقديري
                              هيهات منا الهزيمة
                              قررنا ألا نخاف
                              تعيش وتسلم يا وطني​

                              تعليق

                              يعمل...
                              X