عندما يرحل المعنى / إلى ربيع الإنسان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبدالمنعم حسن محمود
    أديب وكاتب
    • 30-06-2010
    • 299

    عندما يرحل المعنى / إلى ربيع الإنسان

    إعلاءً لقيمة الصداقة
    إلى كل الأصدقاء والزملاء في ملتقى القصة
    .................................................



    عندما يرحل المعنى
    ... لا ترهق نفسك
    أستاذي ربيع عقب الباب
    فلن تجد في قاع اللغة كلمات تستطيع أن تصفعني بها في خدي الأيسر..
    فأنا بأيّ حال من الأحوال لست أحقر من سواي..!
    لم يرق لأمي مساء الأمس، فقد كان ذابلاً. تركته خلفها، وقفزت فوق سور العمر كفتاة تفتح صدرها المكتنز لأول مرة في وجه الربيع، استقرت في الطابق التسعين من عمرها، وظلت إلى الآن تلملم في حروف الغياب حرفاً حرف..
    وكخفاش أعمى في وضح النهار راقبتها..
    جمعت ببطء أناملها اليابسة، وزجتها بعنف حميم في نسيج اللغة، بعثرت حروف الكون كيفما اتفق، اصطادت أكثر الحروف بريقاً، أمسكت بحافته واعتدلت في جلستها، صنعت منه بمهارة يحسدها عليها كل من يراقبها ثقباً جديداً في سقف ذاكرتها دون أن ينتابها أدنى شعور بالذنب، لتسقط حروف الأسماء بلا رحمة من مجمل إيقاع نسيجها الداخلي، حتى اسم أبي لم ينج من هذا النسيان المقصود.
    كان اسم أبي من أوائل الأسماء التي صنعت منها أمي ثقوباً في ذاكرتها..
    تذكرتُ أن أبي علمني كيف أهب للظلام، وبريق النقود إقامتين ساريتي المفعول في داخلي، فالنقود كما قال لي قبل رحيله بيوم واحد، لا تتراكم إلا في جيوب الذين يفكرون في الظلام..
    تأكدتُ بأني سأطبق وصاياها القيمة بحذافيرها، ولأني ابن أبي، أقتربتُ من أمي بعقلية استثمارية لا تحترم إلا من له رنين يشبه أنين الدراهم..
    رفعتُ رأسها قليلاً عن الوسادة التي كانت تتكئ عليها، أفرغتُ قليلاً من الدواء السائل في بطن ملعقة، وقربته من فمها. امتصت من يدي جرعة الدواء بهدوء لم أعهده فيها. ساعدتها على التمدد على الفراش على الجانب الذي يريحها، ويريحني في ذات الوقت، رميتُ على جسدها الهزيل غطاء ناعم الملمس، نهضتُ جهة مفتاح المروحة الملتصق بالحائط، اخترتُ من الأرقام المنحوتة في قلب المفتاح أعلى الأرقام سرعة، وتركتُ لأجنحة المروحة مهمة توزيع الهواء المنعش في أنحاء الغرفة، وعدتُ وجلستُ بجوارها، بحلقتُ فيها وهي مغمضة العينين. أطرافها ساكنة، لا حركة تنم على إنها على قيد الحياة، سوى ذلك التنفس غير المنتظم. تأملتُ تجاويف رأسها وكأنني أراقب جثة هامدة موضوعة على طاولة قذرة يعبث بها طلاب السنة النهائية في كلية الطب..
    الثقوب تتناسل وتتكاثر في سقف ذاكرتها، لم يعد هناك فسحة لثقب آخر. تململت قليلاً وكأنها شعرت بفضولي، أيقظت بإشارة منها حاسة الحذر، سورت ثقوبها وغلفتها بشريط من الحرير، ورسمت في ملامحها معالم ضحكة ساخرة..
    تركتها وانزويت في الجانب الآخر من المنزل، راجعت في ذهني كل وصايا أبي. دبَّ الحماس في شياطيني. أشعلتُ بعود ثقاب مبتل بماء رغباتي لفافة تبغ محشوة بحبيبات من الخبث داكنة الخضرة، حاولت أن أغضُّ الطرف عن شهاداتي المعلقة على الحائط، وهي تخرج لسانها ساخرة مني في كل مرة أنظر إليها. تذكرتُ تفاصيل تخصصي العلمي النادر في لغة الملامح. لم يكن أبي مسطحاً حتى يجعلنى أدرس على حسابه علماً غير نافع. إنه يدرك أهمية هذا العلم. يريدني إذن أن أقرأ ما يدور في ملامح أمي..
    لا بأس سأفعل ذلك...
    تأملت ملامحها، وقرأتُ بسهولة ما تختزنه من كلام..
    " كل الأسماء تستحق وبجدارة أن يتسلل وباء النسيان في مفاصلها، إلا اسم واحد. اسم ينام فوق نسيج الدم، ويملأ كل فراغ من فراغات الذاكرة، عدا ذلك فلتنم باق الأسماء كحجارة في بطن البحر "..
    فكرتُ قبل أن أعرف من هو صاحب الاسم الذي قاوم كل تلك الثقوب، وكتبته أمي على الشريط الحريري الذي سورت به ثقوبها، فكرتُ وفق ما تمليه عليه عقليتي الاستثمارية، أن أسرق منها هذه الثقوب خلسة، بعدما فشلتُ في إقناعها بأني أنا ابنها الخامس وفق الترتيب التصاعدي، وعليه يجب أن أرث هذه الثقوب كي أصنع منها مجموعة غرابيل بائسة، أبيعها لمنظمة تدعي إنها تنتمي لحقوق الإنسان لتوزعها في أطراف إفريقيا أو عمقها..لا فرق، علها تساعد أحد المتضررين من الحروب، أو لا تساعده في التقاط حبات من الذرة أو السمسم المدسوسة في بطن التراب..
    تفاصيل دراسة الجدوى لهذا المشروع الخطير، جمعت لها كل المعلومات الممكنة، وكتبتها بلغة رفيعة، وجعلتُ أرقامها تدور في فلك الدولار، وطبعتها في ورق مصقول على ماكينة ليزر ملونة..
    تفاصيل الدراسة في منتهى الدقة ومحكمة وجديرة بالنجاح، وعلى جميع منظمات حقوق الانسان أن تدرك ذلك، وحالما أتمكن من هذه الثقوب، وتستقر في جيبي، سأسجلها باسمي في سجلات المصنفات العلمية، وحقوق الملكية الفكرية، وكل الحقوق المجاورة، لا سيما إنني سأفتح مصنعاً يعتبر الوحيد من نوعه في المنطقة يهتم بمثل هذا النشاط. فبدلاً من لفافات الطعام الجاهزة والمعلبة، التي ترميها طائرات مشبوهة فوق رؤوس الجوعى، لم لا نجعل من فقراء إفريقيا أناس منتجين، فكل بطن خاوية، أو عين زائغة عليها أن تمتلك غربالها الخاص، تحفر الأرض بأظافرها الهشة، وتغربل ذرات التراب ذرة ذرة، وتجمع الذرة حبة حبة، وبحسابات دقيقة تستطيع أن توفر المنظمة التي سأتعاقد معها أكثر من سبعين في المئة من المنصرف الذي كان يجب أن يصرف عند سقوط أكياس الطعام جيدة الصنع من الفضاء.
    مدير المنظمة شاب طموح ومتطلع ومغامر، لا يرضى أبداً بالكرسي الذي يجلس فيه، ودائماً ما ينظر للكرسي الأعلى منه درجة. نحيف أزرق العينين، ويقاربني في العمر، وفي الأفكار المغايرة أيضاً..
    قبل أن يصبح مديراً كان إنساناً جميلاً، وذكياً، ونشطاً، ولسان حال زملائه في وجه المظالم، وينصرهم ظالمين أو مظلومين. اصطاده المدير السابق ذات مساء ماطر وانزوى به في ركن قصي، قدم له وعوداً براقة مقابل أن يشيد في الحال قفصاً ذهبي اللون لحفيدته. لم يأخذ التفكير منه وقتاً طويلاً، استحى أن يوافق في الحال، وخاف أن تحلق الفرصة بعيداً عنه. أخذ بيد حفيدة المدير، وخرج بها من القفص ودخل بها إلى المطبخ، أشعلا غاز البيوتان وطبخا ثمار الحب على موقد الليلة الأولى، تناولا قليلاً منها ثم احتفظا بالباقي لليلة الغد، وفي صباح اليوم التالي قبض المدير السابق كافة مستحقاته مقابل الخمسين عاماً التي قضاها مديراً للمنظمة، وأفسح الطريق الآن لزوج حفيدته الوحيدة ليقضي بدوره خمسين عاماً أخرى.
    حينما حدثتُ المدير الجديد عن الثقوب التي تصنعها أمي في سقف ذاكرتها، وتسقط عبرها الأسماء التي مرت في حياتها بسرعة وبمهارة تثيران الإعجاب، راق له الأمر. قادني إلى منزله وعرفني بزوجته التي فتحت لنا قارورة نبيذ عمرها مائة عام. كانت ترتدي ثوب حريري شفاف، شعرها مسدل وهائج ويكاد أن يفر من بين ثقوب المنديل الذي يلتف حول رأسها. تأملت بشرتي السمراء وهي تصبُّ قطرات من النبيذ فوق كرات من الثلج، وقبل أن تبتل عروقي اشترطت عليّ أن أجلب لزوجها المدير عينات من تلك الثقوب، قبل أن نبرم العقد المعد سلفاً بيننا. مست بساقها فخذي وكأن الأمر صدفة. ابتسمتْ وأكدت بصوت مثير أن الابن الخامس في الأُسر العريقة دائماً هو الأحق من غيره في استثمار مواهب أمه، إن كان لديها موهبة. والآن وبما إنني ابنها الخامس والأحق من سواي وفق ما قالته زوجة مدير المنظمة، عليّ أن أمتلك تلك الثقوب برضاها، أو من غير رضاها، ولكن عليّ أولاً أن أعرف لماذا لم تسقط أمي حروف ذلك الاسم من ذاكرتها عبر هذه الثقوب التي تصنعها يومياً؟، فهي التي أسقطت أسماء أبنائها العشرة اسماً اسماً، فلم يهزمها هذا الاسم الذي يتشكل فوق ملامحها؟..
    نعم..
    يسميني البعض عالماً في لغة الملامح، ولكن جانباً من هذه الملامح التي تحتفظ بها أمي لم يصادفني في دراساتي التي جعلتني أستحق هذه الصفة. لا سبيل إذن سوى الرجوع للدراسة مجدداً، ومطالعة كل المراجع، والمصادر.
    مدير منظمة حقوق الإنسان القمحي اللون تعاطف معي بإيحاء من زوجته الذكية، وأهداني جهازاً إلكترونياً محمولاً في حقيبة جلدية أنيقة ليساعدني في عملية البحث. شركات الاتصال بكل مسمياتها في العالمين الأول والثالث، وهي تعلن عن تضامنها مع فقراء إفريقيا تبرعت لفخامتي بعام كامل من الاشتراك المجاني في الشبكة العنكبوتية. العالم الثاني أرسل خطاب اعتذار رقيق في معانيه، وأنه لا إمكانيات له في الوقت الراهن لدعمي، وأكد بأنه يقف من خلفي معنوياً، ولن يتخلى عني أدبياً قط. وزارة الثقافة التي تم فصلها مؤخراً عن وزارة الإعلام، والتي بدورها فصلت عن وزارة الشباب، التي تم فصلها لاحقاً عن وزارة الرياضة، أعلنت في بيان رسمي..
    " أن ثقوب أمي تعتبر من أجود ثقوب الذاكرة المتوفرة الآن في العالم الأول، ثقوب لا تجامل أحداً، ترمي المخلفات والأشياء التي ليست لها قيمة تذكر عبر بوابتها، وبذات الطريقة الأسماء، مهما كان نوع وموقع الاسم مادام قررت أن تسقطه وإلى الأبد. لذا وزارة الثقافة تدعم دعماً واضحاً الفكرة التي تسعى لتصنيع غرابيل ستكون حتماً مصدراً مهماً من مصادرنا المالية، فلنشكر الله الذي جعل من بيننا امرأة لديها كل هذه المهارة في صناعة الثقوب، ونحمده مثنى وثلاث ورباع لأنه جعل من بيننا ابناً باراً بأمه كل هذا البر "..
    باعتباري الوحيد في أسرتنا المكونة من عشرة أفراد الحائز على شهادات عليا من أشهر جامعات أوربا، يحق لي أن أسرق هذه الثقوب من سقف ذاكرة أمي بطريقة علمية لا تسبب لها أذى، أو أيّ نوع من أنواع الألم، وقبل القيام بعملية السرقة التي نؤكد على أهميتها جميعاً شعباً وحكومة، أريد أن أطمئن كافة الجماعات الدينية، المحلية منها والعالمية، بأنني استلمت ولله الحمد فتوى من كبار علمائنا بشرعيتها، ولكنها تشترط عليّ أولاً أن أخرج من ذاكرتها، وبرفق شديد الاسم الوحيد الذي ظل عالقاً في سقفها مهما كلف الأمر.
    لا وقت لديّ لأضيعه، ومستقبل قارة إفريقيا يعتمد على ذاكرة أمي المتمددة فوق الفراش بعد أن تجاوز بها العمر التسعين سنة، ويمكن في أيّ لحظة أن تفارق الحياة، فحتماً ستحمل ثقوبها معها لتستقر في باطن الأرض..
    الصقتُ رأسي برأسها، وقبلته ووضعته برفق على الوسادة. بحلقتُ في عينيها، تمعنتُ في الخطوط المرسومة في خدها الأيمن، تذكرت في لحظة هاربة كل أبجديات لغة الملامح..
    لم تصدق عيناي ما تراه..
    هاهو الألف الممدود يشغل مساحت خدها الأسمر..
    قفزتُ من الفرح أكثر من مرة، ركضتُ صوب الغرفة المجاورة، تأبطتُ جهازي المحمول، تذكرتُ مدير المنظمة، اشتعل حماسي وتفتق ذهني، أخرجتُ من جيبي الأمامي عدسة محدبة صنعتها إحدى الشركات خصيصاً لهذه المهمة، الصقتها في جبهتها. الجرعة الزائدة التي أفرغتها في شريانها سراً أدت مفعولها وجعلتها في ثبات عميق. استبدلتُ عدساتي الطبية بأخرى أكثر تقعراً..
    وفجأة حرف السين يعلن عن حضوره، وبسرعة أدرجته جوار الألف الممدود الذي اكتشفته مؤخراً على خدها الأيسر...
    مثقلاً بالحزن كان الحرف قبل الأخير..
    فالياء وهي تسبق الألف المستلقي أسفل شفتيها هي التي قادتني إلى تأجيل فكرتي الاستثمارية التي راقت للحكومة ومنظمات حقوق الأنسان وكل الوزارات المتداخلة في اختصاصاتها..
    جمعتُ الحروف الأربعة التي تكون الاسم الذي تحتفظ به في ذاكرتها، وتصنمتُ أمام شاشتي البلورية، اكتمل الاسم، تاكدتُ بأن كل حرف في مكانه الصحيح، رفعتُ رأسي ببطء وعدتُ لأتأمل ملامحها من جديد..
    لا أدري كيف حدث لي ما حدث، وجدتُ نفسي طريح الفراش، مشلول اليدين، خفيف كحبة قمح في مهب الريح.
    أمي لم تعد أمي، الجسد نفسه، البشرة مازالت تحتفظ بلونها الباهت، الشرايين بارزة كخيوط تشيع الشمس إلى مثواها الأخير. الوجه تبدل وحل مكانه وجه جارتها الحاجة (آسيا) التي ماتت في الصيف الماضي..
    شعرتُ بوخزة إبرة تدشن أول ثقوبي في سقف الذاكرة..
    لا أعرف تاريخاً دقيقاً لهذه العلاقة التي جمعت بين أمي الحاجة (زينب) وصديقتها وجارتها الحاجة (آسيا)..
    آخر أخوتي وفق الترتيب التنازلي والمهموم بالقضايا العربية، والفلسطينية بشكل خاص، استبدل مصطلح الجدار العازل بالجدار الواصل فيما يخص الجدار الذي يفصل بيت أمي عن بيت جارتها (آسيا)..
    ما يفصلنا مجرد حائط مشترك من الطوب الأحمر..
    من شيده أولاً..؟
    نحن أم هم..؟
    لا أحد يدري..، حتى أبي بعقليته الاستثمارية الفذة نسى لمن تؤول ملكية الحائط..
    لم تخطر مثل هذه الأسئلة في ذهن واحد منا..
    يتوسط الحائط باب متوسط الطول والعرض مصنوع من الخارصين الليبي. باب بلا قفل، يترنح في كل الأوقات وفق اتجاه الريح..
    عدد أفراد أسرة (آسيا) يساوي عدد أفراد أسرتنا، ولكن ما يدور بين (آسيا) وأمي، كان خاصاً جداً، كأنهن يسبحن في فضاء إنساني لا نهائي. اتفقن اتفاقاً غير معلن وبدون كلمات، بدون أوراق، أو أختام، بأن يستبعدن عن هذا الفضاء كل ثغرة قد تلوثه، فلا تعامل مادي بين الطرفين، ولا تزاوج بين الأسرتين. خلافات الأبناء لا دخل لهن بها، فلكل جيل الحق في أن يعيش مرحلته كاملة بعيداً عما يربط بينهما..
    عبر الصورة الممتلئة للحاجة (آسيا) التي غزت ذهني الآن، أدركتُ لماذا عادت أمي عندما افتقدتها في ظهر ذلك اليوم إلى فطرتها، واختارت عزلتها وعاشت مع أحلامها..
    يدا (آسيا) تشكلان صورة لشخصية مستقلة باستطالة منمقة في الأصابع. العيون لديها ما يكفيها من اتساع، وهي الأشد حفاظاً على الأسرار بينها وبين أمي. لديها رهافة شعورية تسربت إلى وجدان أمي وأصابتها بالعدوى..
    عبر ذات الاتفاق السابق اتفقن على أن لا ينتمين لفصيلة الجارات المتلصصات. ليس هناك وقت محدد للزيارة، فعندما تدخل علينا الحاجة (آسيا) فجأة وأمي منكفئة تعد الطعام، وسط نحيب الجوع الصادر من صغارها، وحالما تراها مقبلة نحوها، تنفرج أساريرها، ويجفف الصغار دموعهم، ترتج الأشياء وتتطاير فرحاً، وبعضها يتناثر ويتلاشى، تعتدل الأواني في جلستها، تغسل أطرافها، وتكشف عن أسنانها، تتسع الأسِرّة وتغطي هياكلها بأجمل الألوان. تجلس (آسيا) معنا أقل من خمس دقائق وتذهب. تمارس أمي معها طقوس الوداع كاملة، تتمشى معها إلى الباب القابع (كنفاج) في الجدار الواصل بيننا، يقفن، تنقضي أكثر من ساعة وأمي لا تعود، يطلين الجدار بحديث هامس ودود حتى أصبح الجدار كقشرة بطاطا مقلية. لا أدري هل يتطرقن للثقب الذي يهدد طبقة الأوزون بكل هذا الانتباه لبعضهما البعض، أم يخططن للهروب من وراء زوجيهما إلى القدس ليؤدين صلاة الفجر في المسجد الأقصى..
    الجيران يتشابهون في مدينتنا، ولكن هذا الثنائي متشابه أكثر من غيره. لا تخطيط مسبق في جدولهما اليومي، لا يتركن خيطاً واحداً من خيوط الحضور الاجتماعي منفلتاً. فحينما تقرر أمي فجأة زيارة أسرةٍ ما في المدينة كي تتفقد أحوالها، أو بمناسبة ختان، أو زواج، أو عزاء في فقيد لهم، لا تعرض الأمر على جارتها (آسيا)، وإنما تدخل عليها بلا استئذان. تقف أمامها واضعة أصابعها العشرة في صدرها. ترسل لها (آسيا) واحدة من ابتساماتها الخاصة بها، فتضحك أمي بعمق للدرجة التي تجعلها تجلس في أول كرسي يقابلها، وبدون أن تسألها إلى أين أنت ذاهبة؟، تترك (آسيا) ما كانت منشغلة به. ترتدي ثوباً زاهياً بعد ما تؤكد لها أمي بأنه يصلح لهذا المشوار، ويخرجن كأنهن في مهمة عاجلة، إن لم يقمن بها في الحال سينفجر العالم تحت أقدام البشرية، ويتبعثر كأشلاء لا يمكن جمعها فيما بعد..
    هذا التناغم وذاك التهامس كثيراً ما يثيران فيّ الفضول لمعرفة ما يدور بينهما. تسللت يوماً على أمشاطي، واختبأتُ خلف الحائط الذي يستندن عليه، وأرخيت ذيل السمع. لم أسمع شيئاً سوى موسيقى حالمة لا أرى مصدراً لها. يمتطين قطار الطفولة لينزلن منه في محطة الطفولة. عبثاً أبحث عن مقعد خال في هذا القطار، أتركهن، وأنا أضرب كفاً بكف..
    ممدداً أنا الآن في فراشها، والإبر تثقب سقف ذاكرتي بلا رحمة. بينما تصبُّ أمي التي يحتل وجه (آسيا) مكان وجهها الشاي في كوبين من الزجاج. تتمكن (آسيا) التي يحتل جسد أمي مكان جسدها من استدارة تفاحة التقطتها من بطن صحن قابع بجوارها، تقشرها بزنابقها العشرة وتقسمها إلى قسمين، تعطي أمي النصف الأول وتحتفظ هي بالثاني..
    تركتهن يتبادلن أكواب الشاي وشرائح التفاح، ودخلت في غيبوبة أنستني مؤقتاً دراسة الجدوى وأهمية صناعة الغرابيل، وبيعها لمنظمات حقوق الإنسان، ولكن إذا رحل المعنى بالنسبة لأمي برحيل صديقتها (آسيا)، فهذا ليس بشأني، وعليها أن تحتمل وحدها عبء الوفاء..
    فأنا أعرف بأني حقير، ولكن حتماً لست أحقر من سواي.
    التواصل الإنساني
    جسرٌ من فراغ .. إذا غادره الصدق


  • وفاء الدوسري
    عضو الملتقى
    • 04-09-2008
    • 6136

    #2
    الأستاذ/عبد المنعم
    هذا السرد الرائع وهذه الحبكة الأكثر من مذهلة
    كأنك كنت تصرخ في وجه عالمك
    باب بلا قفل، يترنح
    في كل الأوقات وفق اتجاه الريح..
    فلكل جيل الحق في أن يعيش مرحلته كاملة
    بعيداً عما يربط بينهما..
    واختارت عزلتها وعاشت مع أحلامها..
    وعليها أن تحتمل وحدها عبء الوفاء..
    فأنا أعرف بأني حقير، ولكن حتماً لست أحقر من سواي.
    شكراً لك للربيع للقلم الذي اكتمل معه المعنى
    تثبت مع التحية
    التعديل الأخير تم بواسطة وفاء الدوسري; الساعة 06-12-2010, 08:44.

    تعليق

    • آسيا رحاحليه
      أديب وكاتب
      • 08-09-2009
      • 7182

      #3
      يا الهي ..و ماذا يبقى حين يرحل المعنى ؟
      ما قيمة كل شيء و أي شيء يفقد معناه ؟
      قصة رائعة ..
      صديقة الأم تمثّل المعنى الحقيقي للحب و الصداقة و الوفاء و العلاقة الإنسانية الخالية من النفاق .
      و تلك الذاكرة التي أسقطت من على سطحها كل الأسماء و الوجوه إلا وجها واحدا و اسما واحدا
      هي أكبر دليل على خلود الصداقة و انتصارها على الأيام و النسيان ..

      ثم حقارة الإبن ليست أكثر بشاعة من حقارة عالم يريد شراء كل شيء ..
      حتى لو كانت غرابيلَ تصنعها أمّ بكامل إرادتها لتسقط منها كل عمرها إلا صديقة لها .
      شكرا لك .
      احيّيك على هذا النص.
      يظن الناس بي خيرا و إنّي
      لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

      تعليق

      • ربيع عقب الباب
        مستشار أدبي
        طائر النورس
        • 29-07-2008
        • 25792

        #4
        و لست بأحقر من سواى !!
        أسأل هل المعنى يستجلب أو يستبدل
        أو هو كالطفل يكبر معنا
        و يشيخ و يهرم
        و عندما ينتهى نفتقده ، و نضل بسبب هذا الفقد
        نضل حد الهاوية أو حد الانغماس فى البحث عن بديل الذى لن يكون فالمعنى لا يتجزأ أو يموت ؟!

        صدقني كنت قررت الرحيل ، و ما أكثر ما أقرر ، و لكن هذه المرة كنت على عزم
        فإذا بنظرة تلصص على الموقع أرى معانيك
        أراك تحمل شعلة
        تنتقل من رأس إلى أخرى ، إلى أن تصبح فى قبضة الأم صاحبة الثقوب التى منها تستمد يقينك فى ممارسة الجانب الآخر من التوازن للمعني إن صح لي هذا القول .
        كنت بارعا سيدي فى قياس درجات الحنين و الوجع
        و فى تفصيل الجلبابين
        للأب و الأم
        أحسنت القول و فصلت تفصيلا مبهرا
        رغم أن هذا الأمر استدعى منى القفز على عنق فرويد ، و مشاكسته
        بل رغما نعته بإحدي الصفات التى أكرهها ، و أكره أن أصمه بها ، رغم الاختلاف
        كنت تنتقل بين ضيعات المعنى
        المدير و حفيدته و الشاب الذى سلبوه المعنى
        ثم بعد ذلك كان معك و هذا الفتي
        رغم أنك كنت تجدل من المعنى الكلى ما تملك الأم و الذى بنيت عليه هرمك المقلوب !!


        سوف يطول الحديث هنا حول هذا العمل الذى جاء متقنا بشكل استدعى منى أن أردد
        إن عملية البناء و اللغة خاضعة لعملية من تلك التى ادخرتها فى صنع الغرابيل
        فجاءت مختلفة ، تحتكم إلى صيغ بنائية متوازنة ما بين الوجدان و العقل ، و التركيبة البحثية !!

        لكني لن أشبع تجاوبك مع حديثي ليظل حديثك هو الأرقي و الأروع و الأدهش ، و هو فى حقيقة الأمر
        عجز ، و خوف من التخريف فى التعليق على عمل لا يحتمل مثل هذه التخاريف !!

        أشكرك أخي و صديقي على أن كانت هذه هى هديتي منك ، فمرحبا بعيد ما أحببته عمري ، و كرهت أن يذكرنى به أحد ، و هو هذا اليوم المشئوم ، هذا الشقي الذى يأتي كل عام و لا يورثني إلا الخديعة و حساب السنين !!

        قبلاتي لعينيك و لو كانت القبلة فى العين تفرق !!


        عد إلى نصك المدهش لبعض الوقت فمباحث اللغة تحوم حول الكبار !!
        sigpic

        تعليق

        • عبدالمنعم حسن محمود
          أديب وكاتب
          • 30-06-2010
          • 299

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة وفاء عرب مشاهدة المشاركة
          الأستاذ/عبد المنعم
          هذا السرد الرائع وهذه الحبكة الأكثر من مذهلة
          كأنك كنت تصرخ في وجه عالمك
          باب بلا قفل، يترنح
          في كل الأوقات وفق اتجاه الريح..
          فلكل جيل الحق في أن يعيش مرحلته كاملة
          بعيداً عما يربط بينهما..
          واختارت عزلتها وعاشت مع أحلامها..
          وعليها أن تحتمل وحدها عبء الوفاء..
          فأنا أعرف بأني حقير، ولكن حتماً لست أحقر من سواي.
          شكراً لك للربيع للقلم الذي اكتمل معه المعنى
          تثبت مع التحية
          .....................
          الأستاذة القديرة / وفاء عرب
          تحية طيبة واحترام وتقدير
          وشكر نبيل أيضا
          كون النص نال رضاك يعني لي الكثير
          وقطعا سيدفعني لمزيد من الإبداع
          أتابع كتاباتك باهتمام بالغ
          فتقبلي إعجابي
          وأسعد الله أيامك
          التواصل الإنساني
          جسرٌ من فراغ .. إذا غادره الصدق


          تعليق

          • عبدالمنعم حسن محمود
            أديب وكاتب
            • 30-06-2010
            • 299

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة آسيا رحاحليه مشاهدة المشاركة
            يا الهي ..و ماذا يبقى حين يرحل المعنى ؟
            ما قيمة كل شيء و أي شيء يفقد معناه ؟
            قصة رائعة ..
            صديقة الأم تمثّل المعنى الحقيقي للحب و الصداقة و الوفاء و العلاقة الإنسانية الخالية من النفاق .
            و تلك الذاكرة التي أسقطت من على سطحها كل الأسماء و الوجوه إلا وجها واحدا و اسما واحدا
            هي أكبر دليل على خلود الصداقة و انتصارها على الأيام و النسيان ..

            ثم حقارة الإبن ليست أكثر بشاعة من حقارة عالم يريد شراء كل شيء ..
            حتى لو كانت غرابيلَ تصنعها أمّ بكامل إرادتها لتسقط منها كل عمرها إلا صديقة لها .
            شكرا لك .
            احيّيك على هذا النص.
            ....................
            المبدعة والأستاذة الكريمة / آسيا نور
            كان لآسيا صديقة أمي نبلا شبيها تماما بنبلك
            بذات الكرم والصدق والتقييم المبدع لتفاصيل الأشياء
            وحالما رأيت رضاك عن النص
            شعرت وكأني خارج للتو من مجلس كامل للمصنفات الأدبية
            بعدما أجاز النص وختم في ذيله بكلمة "مجاز"
            أو يصدق للقراءة والنشر والطباعة أيضا
            فشكرا لتوقيعك الجميل
            التواصل الإنساني
            جسرٌ من فراغ .. إذا غادره الصدق


            تعليق

            • عبدالمنعم حسن محمود
              أديب وكاتب
              • 30-06-2010
              • 299

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
              و لست بأحقر من سواى !!
              أسأل هل المعنى يستجلب أو يستبدل
              أو هو كالطفل يكبر معنا
              و يشيخ و يهرم
              و عندما ينتهى نفتقده ، و نضل بسبب هذا الفقد
              نضل حد الهاوية أو حد الانغماس فى البحث عن بديل الذى لن يكون فالمعنى لا يتجزأ أو يموت ؟!

              صدقني كنت قررت الرحيل ، و ما أكثر ما أقرر ، و لكن هذه المرة كنت على عزم
              فإذا بنظرة تلصص على الموقع أرى معانيك
              أراك تحمل شعلة
              تنتقل من رأس إلى أخرى ، إلى أن تصبح فى قبضة الأم صاحبة الثقوب التى منها تستمد يقينك فى ممارسة الجانب الآخر من التوازن للمعني إن صح لي هذا القول .
              كنت بارعا سيدي فى قياس درجات الحنين و الوجع
              و فى تفصيل الجلبابين
              للأب و الأم
              أحسنت القول و فصلت تفصيلا مبهرا
              رغم أن هذا الأمر استدعى منى القفز على عنق فرويد ، و مشاكسته
              بل رغما نعته بإحدي الصفات التى أكرهها ، و أكره أن أصمه بها ، رغم الاختلاف
              كنت تنتقل بين ضيعات المعنى
              المدير و حفيدته و الشاب الذى سلبوه المعنى
              ثم بعد ذلك كان معك و هذا الفتي
              رغم أنك كنت تجدل من المعنى الكلى ما تملك الأم و الذى بنيت عليه هرمك المقلوب !!


              سوف يطول الحديث هنا حول هذا العمل الذى جاء متقنا بشكل استدعى منى أن أردد
              إن عملية البناء و اللغة خاضعة لعملية من تلك التى ادخرتها فى صنع الغرابيل
              فجاءت مختلفة ، تحتكم إلى صيغ بنائية متوازنة ما بين الوجدان و العقل ، و التركيبة البحثية !!

              لكني لن أشبع تجاوبك مع حديثي ليظل حديثك هو الأرقي و الأروع و الأدهش ، و هو فى حقيقة الأمر
              عجز ، و خوف من التخريف فى التعليق على عمل لا يحتمل مثل هذه التخاريف !!

              أشكرك أخي و صديقي على أن كانت هذه هى هديتي منك ، فمرحبا بعيد ما أحببته عمري ، و كرهت أن يذكرنى به أحد ، و هو هذا اليوم المشئوم ، هذا الشقي الذى يأتي كل عام و لا يورثني إلا الخديعة و حساب السنين !!

              قبلاتي لعينيك و لو كانت القبلة فى العين تفرق !!


              عد إلى نصك المدهش لبعض الوقت فمباحث اللغة تحوم حول الكبار !!
              ....................
              في حضرة مقامك يطيب الجلوس
              مهذب أمامك يكون الكلام
              ......
              خفت بالفعل أستاذي ربيع أن تمد أناملك المصقولة ببهاء الحرف
              وتمس قاع اللغة وتختار منها كلمات وفق طريقتك المميزة
              وترمي بها وجهي
              بعد الاعتراف الخطير الذي كان
              ولكن
              كنت متسع الرؤية ..ترى في النص ما لا أراه
              فيكتسي بكلماتك ثوبا أخر
              أكثر اشراقا..
              أكثر عمقا
              فلا ترحل إذن
              فأينما ترحل نرحل
              ولن نترك المعنى يذهب بعيدا
              فوجودك هو تجسيد للعلاقات المعاني


              ولو لا الحياء لطلبت منك المزيد من ...........
              سلام صديقي
              وفي أمان الله
              التواصل الإنساني
              جسرٌ من فراغ .. إذا غادره الصدق


              تعليق

              • إيمان عامر
                أديب وكاتب
                • 03-05-2008
                • 1087

                #8
                تحياتي بعطرالزهور

                ماهذا الإبداع والسرد الرائع
                جذبتنا حلوة اللغة والثقوب التي تتراكم داخل الذاكرة
                إبداع بلا حدود وإحكام مطلق
                جعلتنا ننظر إلي وقعنا الحزين وحال أفريقيا البائس

                الأستاذ القدير عبدالمنعم حسن
                أبدعت وأكثر
                دمت بخير سيدي الفاضل ننتظر حروفك

                لك أرق تحياتي

                "من السهل أن تعرف كيف تتحرر و لكن من الصعب أن تكون حراً"

                تعليق

                • إيمان الدرع
                  نائب ملتقى القصة
                  • 09-02-2010
                  • 3576

                  #9
                  الأستاذ والزّميل عبد المنعم حسن محمود :
                  كلّ يومٍ يمرّ ...
                  كلّ نصّ إثر نصّ.... من نتاجك...
                  تثير دهشتنا ...بسردٍ رائع ...لا ينفلت من قبضة قلمك طيلة الكتابة ..
                  ومضمونٍ بعيدٍ ...يحمل أفكاراً غير مستهلكة ...تلبس ثوباً تفصّله بمقاسٍ مدروسٍ...
                  الصّداقة ...بمفهومهاالشّامل العميق ...تنزرع في الذّاكرة كالوشم الذي لايزول ..
                  لك أطيب الأمنيات ...وألف تحيّةٍ لك ، ولربيع الملتقى ...متمنيّة له طول العمر
                  بمناسبة ذكرى يوم مولده ...وعقبال المائة...

                  تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                  تعليق

                  • عائده محمد نادر
                    عضو الملتقى
                    • 18-10-2008
                    • 12843

                    #10
                    الزميل القدير
                    عبد المنعم حسن محمود
                    منذ أول نص قرأته لك عرفت أني أمام أديب وقاص من الدرجة الأولى
                    لك بصمة مؤثرة وتمتلك كل أدوات الأديب الذي يشار له بالبنان
                    إسلوبك في السرد يأخذ القاريء إلى عالم يدخله متشوقا ويخرج منه متلهفا للمزيد
                    بودي أن أقول لك زميلي لو أنك تقرأ بعض نصوص الزميلات والزملاء وتبدي رأيك حولها ورؤيتك التي ستفتح أفقا جديدا أمام أي كاتب يريد أن يسمع المشورة خاصة وأنت كاتب لك نظرة عميقة وذائقة أدبية مميزة
                    أسعدني التعرف بك حقيقة
                    ودي الأكيد\ لك
                    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                    تعليق

                    • ربيع عقب الباب
                      مستشار أدبي
                      طائر النورس
                      • 29-07-2008
                      • 25792

                      #11
                      النص كبير منعم أخي ، و قد بذل فيه مجهود كبير ليكون على هذا القدر من الدهشة
                      و اللى ما يشوف من الغربال يبقي أعمي !!
                      قصدت المثل لقربه من غرابيل سوف تصدرها المنظمة التى ينتمي إليها بطلنا بكل تجلياته
                      إن حجم الثقوب التى تمتد على رقعة غربال كفيلة بكشف كل عورات العالم البائس
                      و الثقوب التى تحملها الأم هى هذه الشفافية التى ترى بمجرد الرائحة و الاقتراب و لو قليلا
                      هل نحن فى حاجة لرتق تلك الثقوب التى هى بعض ملامح النيل
                      و طهارة مجراه مهما رأى و كابد ؟!
                      بالطبع أنا معك و عندى الكثير فالجدل الذى أقمته لم ينفض
                      لأنه عميق عمق ما تعلمنا على مدار الوقت !!

                      ليلتك سعيدة
                      sigpic

                      تعليق

                      • عبدالمنعم حسن محمود
                        أديب وكاتب
                        • 30-06-2010
                        • 299

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة إيمان عامر مشاهدة المشاركة
                        ماهذا الإبداع والسرد الرائع
                        جذبتنا حلوة اللغة والثقوب التي تتراكم داخل الذاكرة
                        إبداع بلا حدود وإحكام مطلق
                        جعلتنا ننظر إلي وقعنا الحزين وحال أفريقيا البائس

                        الأستاذ القدير عبدالمنعم حسن
                        أبدعت وأكثر
                        دمت بخير سيدي الفاضل ننتظر حروفك

                        لك أرق تحياتي

                        ..................
                        المبدعة الأستاذة / إيمان عامر
                        سعيد تماما بكل حرف أنيق خطه يراعك
                        في حق النص وفي حقي
                        الشئ الذي يجعلني حريصا في المرة القادمة
                        على أن أكتب ما يستحق القراءة
                        وجدير بالاشادة التي كتبتيها
                        شكر بلا حدود لشخصك الكريم
                        التواصل الإنساني
                        جسرٌ من فراغ .. إذا غادره الصدق


                        تعليق

                        • عبدالمنعم حسن محمود
                          أديب وكاتب
                          • 30-06-2010
                          • 299

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة
                          الأستاذ والزّميل عبد المنعم حسن محمود :
                          كلّ يومٍ يمرّ ...
                          كلّ نصّ إثر نصّ.... من نتاجك...
                          تثير دهشتنا ...بسردٍ رائع ...لا ينفلت من قبضة قلمك طيلة الكتابة ..
                          ومضمونٍ بعيدٍ ...يحمل أفكاراً غير مستهلكة ...تلبس ثوباً تفصّله بمقاسٍ مدروسٍ...
                          الصّداقة ...بمفهومهاالشّامل العميق ...تنزرع في الذّاكرة كالوشم الذي لايزول ..
                          لك أطيب الأمنيات ...وألف تحيّةٍ لك ، ولربيع الملتقى ...متمنيّة له طول العمر
                          بمناسبة ذكرى يوم مولده ...وعقبال المائة...
                          .................
                          كان النص ينتطر
                          أوراق تباع الشمس
                          التي تمتلكينها حتى يتبع الشمس
                          يعرض مفاتنه عليها
                          لتتبدل ألوانه وتصبح أكثر بريقا ولمعانا
                          جميل ورائع أستاذتي الفاضلة
                          أن يصبح للنص قدرة على التميؤ
                          بفضل هذا المحلول الكتروليتي الذي تصنعينه بكلماتك
                          لتكتمل مهام التوصيل الجيد لدلالاته
                          شكرا لك أيتها المبدعة الفاضلة
                          وأنت تفردين في كل مرة
                          مساحات للحلم ليكون بحجم الممكن
                          التواصل الإنساني
                          جسرٌ من فراغ .. إذا غادره الصدق


                          تعليق

                          • عبدالمنعم حسن محمود
                            أديب وكاتب
                            • 30-06-2010
                            • 299

                            #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
                            الزميل القدير
                            عبد المنعم حسن محمود
                            منذ أول نص قرأته لك عرفت أني أمام أديب وقاص من الدرجة الأولى
                            لك بصمة مؤثرة وتمتلك كل أدوات الأديب الذي يشار له بالبنان
                            إسلوبك في السرد يأخذ القاريء إلى عالم يدخله متشوقا ويخرج منه متلهفا للمزيد
                            بودي أن أقول لك زميلي لو أنك تقرأ بعض نصوص الزميلات والزملاء وتبدي رأيك حولها ورؤيتك التي ستفتح أفقا جديدا أمام أي كاتب يريد أن يسمع المشورة خاصة وأنت كاتب لك نظرة عميقة وذائقة أدبية مميزة
                            أسعدني التعرف بك حقيقة
                            ودي الأكيد\ لك
                            ...............
                            الأستاذة القديرة / عائدة م نادر
                            تحية طيبة..طيبة روحك
                            بالتأكيد ما قلتيه وسام رفيع المستوى
                            سيرافق نصوصي أينما حلت.
                            من ناحية أخرى..
                            طلباتك بالنسبة لي أوامر
                            كما أنه..
                            نادرا ما يفوتني نص قصصي لا أطلع عليه في هذه الملتقى المتمدن
                            القراءة هم يومي
                            وهاجس حقيقي إن لم أفعله أحس بأن هناك شئ ما مفقود..
                            واتفق معك وأشكرك على وضوحك
                            أن تفاعلي مع هذه النصوص كتابة وتعليقا نادرة
                            وقليلة بعض الشئ
                            وهذا تقصير مني
                            أعترف به
                            والاعتراف وحده لا يفي مالم يجاوره الفعل
                            وسأفعل يا أجمل قاصة في الدنيا.
                            التواصل الإنساني
                            جسرٌ من فراغ .. إذا غادره الصدق


                            تعليق

                            يعمل...
                            X