نص : أنا والسهر وردي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • الدكتور نجم السراجي
    عضو الملتقى
    • 30-01-2010
    • 158

    نص : أنا والسهر وردي

    [frame="13 85"]


    نص : أنا والسهر وردي



    الجزء الاول



    الفكرُ شجرةُ ملعونةُ وحلم منزوع ،


    اقترابكَ منها خطيئة تقطعُ الدروبَ عن التوبةِ !


    عبثا ...


    تقف عندَ مذبح فكركَ كراقدِ ليلٍ تحصي خطاياكوتدمن الذنوب وآثام الرغباتِ!،


    تلمح الأفقَ المرَّصَعَ بضوءِ القمر ،


    تنظر بعيداً ، ترسم في أكثر منْ موضعٍ ،


    تتزلف علَّكَ تجد منْ يُنّقي بياضَ ثوبِكَ منَ الدنس ،


    قالوا :


    منْ يغسل خطاياه بميلادٍ آخر لابُّدَ أنْ يستل سيفاً يُقَطّعُ به أوصالَ الخطيئةِ،


    ولأنكَ تكره سلَّ السيوف قمْتَ واغتسلْتَ بملْحِ البراري...!


    هي وثبةٌ / انطلاقةٌ / يمرِرُها " المُريدُ " لا يمكن الامتناع عنها أو بطاقةٌ إيمائيةٌ تسايرُ روحَكَلتهيم في برزخِ الألمِ والفناءِ فلا يوقظها ضجيجُ المضاجعِ،


    قد تكشف لكَ تلك الصباحات ورقة ً في هذا العالمِ الغريبِ تفتتت فيها عبثيةُ الأقدارِ !


    قالتْ التي آوَتْكَ :


    الفناءُ تحررٌ إلى المطلقِ يخرجُ مِنْ رَحِمِ الحقيقةِ ، يختلطُ فيه المُدْرَكُ بالمحسوسِ ،


    أولهُ إقامَة البدَنِ في خدمةِ المعشوقِ ، يتبعها خفةُ روحٍ تواقةٍ إلى المَلَكوْتِ ...


    سَأَلتَهَا ... قالَتْ :


    الواهِم ُ منْ حرَّرَ روحَهُ دُونَ الجَسَدِ،


    الخاسرُ مَنْ لَوَّثَ أنهارَ العُيونِ وترَكَ خُبزَ المُتَعَففين،


    والخائِب ُمنْ قَطَعَ شجرةَ الألمِ فَجَفتِ الأغصانُ في يديه !


    أنتَ بحاجةٍ إلى نومٍ عميقٍ يُدْخِلكَ في دوّامةِ النسيانِ،


    رُبَما أنتَ بحاجةٍ إلى فِكْرةٍ مجرّدةٍ تسدّ عليّكَ منافذَ الأفكارِ وطُقُوسَ النَدَمِ...


    ***


    همسٌ يدفعُ أنَاكَ للبكاءِ


    فيجعل بينَكَ وبينَهُ لقاء !


    لكن ...


    أيبكي مَثَلُكَ ؟


    وأي الدروبِ سيسلك دمعكَ العصيِّ وأنتَ حصانٌ بريٌ كُلَّما رَوَضَّكَ الألمُ تَزداد عَنْدا ؟


    ذاكَ أنتَ ، تعشقُ الفكرَ حدَّ الانجرافِ فتؤمن به / تكبر به / كطفلةٍ تلبس ثوبَ أُختها لتكبر !


    تنطلق...


    لا يمسِككَ غير ريح فكر يسلب لبكَ للحظةٍ فتنيخ له وِطْراً وتنتفض بعدها تبحث عنْ فكرٍ آخر يمرق بين أصابعكَ لتنيخ له وتدور!


    الاتجاهاتُ لعبتُكَ تُحْكِم فيها السيطرةَ على المسافاتِ وتمسكَ بطينِ الشواطئِ فلا يفلِتُ منْ كَفِكَ المَدارُ !


    هكذا خُيِّلَ إليكَ ، حتى وجَدْتَكَ مُنكَسِراً على بابِها تفتقد الدفءَ وقهوةَ الصباحِ ،


    في لحظةِ رحيلكَ انتَظَرَتْ " همْسَة ً " في أذنِها / زوادة عاشقٍ / في طريقٍ موحشٍ لا يسلكهُ غير الدراويشٍ ،


    هذا أنت، وها هي الريحُ التي جرفتكَ حيث ضياء المدنِ الكبيرةِ وسحرِها لتهوى كنجمٍ فقدَ بريقَهُ !


    تحطكَ الآن على بابِها !


    تترك في حضنِها ما تبعثرَ منْ أوراقِكَ ومنْ جسدٍ أثقلتهُ جراحُ الهزائم فتخلد إلى النومِ كأي طفلٍ فقد الأمانَ،


    لكنكَ بكيتَ !


    نعمْ بكيتُ أنا... مَنْ مِنا ليسَ بحاجةٍ إلى بكاءِ ؟


    ***


    كما الناي يغترب!


    تغترب أنتَ ... تعلِن انتماءَكَ إلى الألمِ


    تعزف ، تئن ، تشجو ...


    ويحمل الريح أنينكما وتنمو روحُكَ على


    رغوةِ الانتماءِ و تعتصم بالعشقِ ...


    قال السهروردي:


    ( حينَ يعلن ذاكَ الراعي اغترابَهُ ويكف عنْ عزف الناي ستأكل الصحراءُ حتى أشواكَها.)


    السهروردي ،


    عاشقٌ شفافٌ يرنو إلى الجمالِ ،


    في هَدْأةٍ مِنْ ليلٍ ،


    نَظَرْتَ إلى هَدْئِه وذاكَ الوقارِ ،


    سَمِعْتَهُ يَشجو :


    أنا العاشقُ للجمالِ


    وجمالُ وجهكَ مَولاي هوَ أصلُ الجمالِ


    أتيتُكَ ...


    أخوض بسفر روحي إليك


    وأشكو الظمأ !


    أي ظمأ هذا الذي لا يرتوي إلا بالتوحد والفناء ؟


    يغْتَرِب " المريدُ " فيه طوعاً ، يخرجُ مِنْ أناه ، يَنزعُ ما يلصقهُ بهذه الأرضِ ويمسك بخيوطِ الوجدانِ وفيض فكرٍ مسكونٍ بمزيةِ الدرويش ،


    أومأ برأسهِ يرددُ:


    بَخ ٍ بَخ ٍ ناسكٌ انفصَلَ عن لهوِ حياةٍ هوَ فيها عابرُ سبيلِ،


    قال اتبعني،


    أغْلِقْ منافذَ الشيطانِ واسْلكِ الدربَ كأي غريبٍ / مريدِ / يَرمي الفرارَ مِن سوى الله !


    تباطَأتْ خُطواتُكَ ،


    قالَ اتبعني،


    تَعثرَ صوتُكَ وتصالَبَتْ قدماك ووجَدْتَكَ في عزِ الظنونِ مُلتصقاً بأرضٍ تَلحَس ملْحَها بلسانِ مشطور ...


    وعَلا هوَ يرْمِي التَوَحدَ والفناءَ في المَعشوقِ


    انتهت


    عيد الاضحى 2010


    [/frame]
    الدكتور نجم السراجي
    مدير مجلة ضفاف الدجلتين
    [URL="http://www.magazine10.net"]www.magazine10.net[/URL]

    [BIMG]http://i54.tinypic.com/b5m7vr.jpg[/BIMG]
  • ميساء عباس
    رئيس ملتقى القصة
    • 21-09-2009
    • 4186

    #2
    عبثا ...



    تقف عندَ مذبح فكركَ كراقدِ ليلٍ تحصي خطاياكوتدمن الذنوب وآثام الرغباتِ!،



    تلمح الأفقَ المرَّصَعَ بضوءِ القمر ،



    تنظر بعيداً ، ترسم في أكثر منْ موضعٍ ،



    تتزلف علَّكَ تجد منْ يُنّقي بياضَ ثوبِكَ منَ الدنس ،



    قالوا :



    منْ يغسل خطاياه بميلادٍ آخر لابُّدَ أنْ يستل سيفاً يُقَطّعُ به أوصالَ الخطيئةِ،



    ولأنكَ تكره سلَّ السيوف قمْتَ واغتسلْتَ بملْحِ البراري...!
    نجم
    يانجم الغالي
    أسعد الله كل أوقاتك
    ومرحبا بك وبحروفك الرائعة جدا
    هكذا تنشر ؟ّ
    كم وددت أن ألتقط أنفاسي
    وأقول في نهاية كل مقطع كفى الآن
    لكني لم أستطع التوقف
    كان اللحن يناديني كي أتمم الأغنية معك
    هذه عشر قصائد
    أغلقتني أقفلتني بجمالها بخيالها
    كان الحوار ماأجمله
    هذا التناقض العجيب الذي يسكن صليب أرواحنا
    كم كنت مخضرما بالألم والفلسفة
    وكم كنت حكيما في هذه الحياة
    صورك قابضة محلقة بجنون
    هناك فلسفة متوازنة جدا طرحتها بشاعريتك الرائعة
    وكنت سأقول الكثير
    لكن سكنتني كل التناقضات التي أخفيها
    كم وددت لو نشرتها على جرعات
    لأجلنا ولأجل تلك الرائعة المكتنزة الأفكار والروائح
    كل الود والتقدير
    وشقائق الروح غردت بك وبحروفك
    التعديل الأخير تم بواسطة ميساء عباس; الساعة 08-12-2010, 01:33.
    مخالب النور .. بصوتي .. محبتي
    https://www.youtube.com/watch?v=5AbW...ature=youtu.be

    تعليق

    • محمد الصاوى السيد حسين
      أديب وكاتب
      • 25-09-2008
      • 2803

      #3
      تحياتى البيضاء

      يعرف هذا النص كيف ينهل من أدبيات التصوف من لغاته ومجازه وتخييله ، هذا نقطة جلية فى رأيى تبدو لمن يطالع هذا النص الثرى ، ربما تكون المشكلة أن هذا النهل من معين التصوف يظل محتاجا لذائقة خاصة أى أننا لسنا أمام نص للمتلقى العام ولكن أمام نص لمتلقى خاص يكون لديه الأدوات والثقافة التى تمكنه من التعامل خاصة مع بنية التخييل التى قام عليها النص ، كذلك لديه قدرة على تنشيط خبرات سابقة عن الشخصية الرمزية التى استدعاها النص شخصية السهروردى وجذورها الدلالية بما يجعله واعيا لدلالة وخصوصية هذا الاستدعاء وما يرمز إليه

      - ربما كانت بنية السطر الشعرى الذى قام عليه النص بحاجة إلى نظرة أخرى بما يجعل تدفقها الدلالى أكثر يسرا على المتلقى وأكثر قدرة على ان يترك له براحا للقراءة والتأمل فمثلا هذا المقطع كما ورد بالنص


      تقف عندَ مذبح فكركَ كراقدِ ليلٍ تحصي خطاياك وتدمن الذنوب وآثام الرغباتِ!،



      أجده سيكون أجمل لو كان هكذا

      تقف
      عندَ مذبح فكركَ
      كراقدِ ليلٍ
      تحصي خطاياك وتدمن
      الذنوب وآثام
      الرغباتِ
      التعديل الأخير تم بواسطة محمد الصاوى السيد حسين; الساعة 08-12-2010, 12:03.

      تعليق

      • هيثم الريماوي
        مشرف ملتقى النقد الأدبي
        • 17-09-2010
        • 809

        #4
        نص عميق....بناء درامي متصاعد ومتماسك ...كان السهروردي حاضراً كثيرا


        تقديري للجمال
        هيثم الريماوي

        ((احذر من العلم الزائف ، فهو أخطر من الجهل. )) جورج برنارد شو

        بين النظم وأن يكون نثراً شعرة الإيقاع التي لم يلتفت إليها العروض
        بين النثر وان يكون نظماً قصة العلوم طويلة الأمد.

        تعليق

        • محمد مثقال الخضور
          مشرف
          مستشار قصيدة النثر
          • 24-08-2010
          • 5517

          #5
          أستاذي الدكتور نجم السراجي

          كم أحب أن أقرأك !
          كم أتعام منك أيها العمق الضارب في الأرض كجذور النخل !

          أشكرك يا سيدي على وضع جمال كهذا بين أيدينا

          مودتي واحترامي
          أستاذي الفاضل

          تعليق

          • محمد بوحوش
            كبار الأدباء والمفكرين
            • 22-06-2008
            • 378

            #6
            نصّ فائق الجمال بتداعياته وانثيالاته الشعريّة والسّرديّة
            وتعالقه النصّي مع السّهروردي..ممتع ما قرأت كلّ الودّ والتّقدير.

            تعليق

            • قاسم بركات
              أديب وكاتب
              • 31-08-2009
              • 707

              #7
              كلمات تنبض في قلب قارئها وتسكن وجدانه ..كل التحية د. نجم السراجي لنثر هذا الجمال
              مودتي وتقديري
              قاسم بركات

              تعليق

              يعمل...
              X