حكاية من عالمهم ..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • راحيل الأيسر
    أديبة ومترجمة
    • 05-10-2010
    • 414

    حكاية من عالمهم ..





    ( نزعات البشر جنونية ، وبعض هلوساتنا من صميم تناقضاتنا )

    ..حكاية من عالمهم ..

    النزيل رقم 36 صامت ذو نظرة شاردة ، يمشي ناكس الرأس بين أروقة المصح ، وفي عنبره يتخذ ركنا ً قصيا ً؛ حيث ريشه ، وأدوات رسمه .. فنان يجيد رسم امرأة وحيدة ..
    بينما كان يضع آخر الرتوش على لوحته ، امتدت إليه يد الماضي ، فرمته في لجة رعناء ماانفكت تلاطم عقله ..
    وبين أحداث مختلطة تمور في رأسه ، يتذكر صورتها والدماء تنبجس من منابت شعرها بفعل الرصاصة ..
    كان يردد والظنون تمزقه ، وآلة قتل الشك تضطرب في يده (( كيف أحبتني ، وأنا مشوه ؟؟!!))
    يتحرر من يد الماضي ، تقذفه اللجة إلى حاضره ؛ فينهمك في رسم لوحة جديدة ..

    :

    :

    :

    :
    :
    :

    ...........وقع خطوات نزيل جديد يدك برزخ الصمت في الأروقة ............

    لم يبق معي من فضيلة العلم .. سوى العلم بأني لست أعلم
  • إيمان الدرع
    نائب ملتقى القصة
    • 09-02-2010
    • 3576

    #2
    الأستاذة راحيل ...
    نصّ بعمق الصّمت والنّزف ...
    مكثّف ، قويٌ التركيز ..
    هل لتناقض الحبّ هذا الثّمن الباهظ ...؟؟؟!!!!
    وهل من الحبّ ما قتل ...؟؟؟!!!!
    ومع أعذب أمنياتي ....تحيّاتي...غاليتي

    تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

    تعليق

    • عائده محمد نادر
      عضو الملتقى
      • 18-10-2008
      • 12843

      #3
      الزميلة القديرة
      راحيل الأيسر
      نص مكثف جدا عن رحلة موجعة كانت تستحق بعض السرد منك
      ليتك تركت العنان قليلا لقلمك كي يتوغل أكثر عن تلك الرحلة
      عن ملامح تلك المرأة
      ربما عن حزنها الدفين الذي غزا ملامحها الرقيقة
      ومعذرة لأني أحببت أن تعطينا مساحة أكبر
      هلا وغلا بك بيننا
      أسعدني التعرف بك من خلال نصك الموجع هذا
      ودي الأكيد لك
      الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

      تعليق

      • راحيل الأيسر
        أديبة ومترجمة
        • 05-10-2010
        • 414

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة
        الأستاذة راحيل ...
        نصّ بعمق الصّمت والنّزف ...
        مكثّف ، قويٌ التركيز ..
        هل لتناقض الحبّ هذا الثّمن الباهظ ...؟؟؟!!!!
        وهل من الحبّ ما قتل ...؟؟؟!!!!
        ومع أعذب أمنياتي ....تحيّاتي...غاليتي

        أستاذتي الفاضلة / إيمان الدرع ..

        نعم هو كذلك كما قرأت ، لك الشكر على هذا الوقوف أمام حرفي وتأمل بعض ملامحه ..

        كل الود والتقدير ..

        لم يبق معي من فضيلة العلم .. سوى العلم بأني لست أعلم

        تعليق

        • عبدالمنعم حسن محمود
          أديب وكاتب
          • 30-06-2010
          • 299

          #5
          أبصم بالعشرة لكل كلمة قالتها الأستاذة / إيمان الدرع حول نصك أيتها العبقرية
          وبذات العشرة لكل كلمة قالتها الأستاذة / عائدة م نادر حول هذا النص المميز
          فقط أيتها المبدعة قللت من بريق النص بهذا النص الموازي الذي كتبتيه كمدخل
          " نزعات البشر...حكاية من عالمهم الذي جاء كعنوان غير موفق"
          فهو فعل خصم وليس إضافة..
          ننتظر مزيد من مثل هذه النصوص
          مع أجمل تحية
          التواصل الإنساني
          جسرٌ من فراغ .. إذا غادره الصدق


          تعليق

          • راحيل الأيسر
            أديبة ومترجمة
            • 05-10-2010
            • 414

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
            الزميلة القديرة
            راحيل الأيسر
            نص مكثف جدا عن رحلة موجعة كانت تستحق بعض السرد منك
            ليتك تركت العنان قليلا لقلمك كي يتوغل أكثر عن تلك الرحلة
            عن ملامح تلك المرأة
            ربما عن حزنها الدفين الذي غزا ملامحها الرقيقة
            ومعذرة لأني أحببت أن تعطينا مساحة أكبر
            هلا وغلا بك بيننا
            أسعدني التعرف بك من خلال نصك الموجع هذا
            ودي الأكيد لك

            الفاضلة القديرة / عائدة محمد نادر ..

            حلول أترقبه من قامة أدبية سامقة كــ (أنت ) ورأي أعتزبه ..
            أما عن السرد فأعترف أني أختزل نصوصي كثيرا وأميل للإيجاز نثرا وقصة ، سأضع نصيحتك نصب العين في القادم من كتاباتي ..

            كل الشكر لهذا المرور العبق ..

            مودتي وحبي ..

            لم يبق معي من فضيلة العلم .. سوى العلم بأني لست أعلم

            تعليق

            • وفاء الدوسري
              عضو الملتقى
              • 04-09-2008
              • 6136

              #7
              القلم راحيل
              لن أزيد على ملاحظة القديرة عائده
              ليتك تركت العنان قليلا لقلمك كي يتوغل أكثر عن تلك الرحلة
              عن ملامح تلك المرأة

              ربما عن حزنها الدفين الذي غزا ملامحها الرقيقة
              ومعذرة لأني أحببت أن تعطينا مساحة أكبر

              والقدير عبد المنعم
              قللت من بريق النص بهذا النص الموازي الذي كتبتيه كمدخل
              " نزعات البشر...حكاية من عالمهم الذي جاء كعنوان غير موفق"
              فهو فعل خصم وليس إضافة..
              ننتظر مزيد من مثل هذه النصوص
              مع أجمل تحية

              تعليق

              • حكيم عباس
                أديب وكاتب
                • 23-07-2009
                • 1040

                #8
                تحية طيبة للجميع

                شكرا جزيلا على إعادة هذا النّص إلى مكانه الطبيعي (على ما أظن ) ، متمنيا أن نتمكن من مناقشته مع الأساتذة الأفاضل من زاوية قيمته القصصية .
                تحية عطرة للكاتبة و للجميع هنا.

                حكيم

                تعليق

                • ربيع عقب الباب
                  مستشار أدبي
                  طائر النورس
                  • 29-07-2008
                  • 25792

                  #9
                  لا أدري ما دار هنا
                  و لكنى رأيت مداخلات محذوفة
                  هل للاستاذة راحيل اعتراض على مداخلات الزملاء و الزميلات هنا ؟
                  و كلها وجهات نظر ، و انطباعات فى تقبل العمل ، و مهما جنحت فهى انطباعات لا أكثر
                  و لا نطلق عليها نقدا أو انتقادا للعمل
                  لم نقرأ عملا على مدى اتساع رقعة الإبداع فى العالم إلا و كان له و عليه
                  و كلنا نسعى إلى الكمال ، و لكن هيهات ، لكن حسبنا أننا نحاول . ربما .. نحقق آمال ناظم حكمت يوما

                  العمل جميل ، قال كثيرا من حديث ، و ذكرنى بلقطة كلاسيكية للفنان يوسف وهبي فى أحد أفلامه
                  القديمة ، يحتضن كمنجته ، بشعر رأس مشوش ، و قد حجظت عيناه بشكل دل أنه فى مشفى الأمراض العقلية !

                  و بالطبع خلف اللقطة قصة .. و كان الحكي أو السرد لما وراءه ، و كان قاتلا مثل بطلنا
                  التساؤل الذى أطلقه البطل هو ما أحدث البلبلة أو لنقل بقعة الضوء لسياق الفهم ، وفك ارتباطاته ، وأعطى ملامح بريئة لتلك المرأة
                  و صورة واضحة عن مرضه ووساوسه التى أودت بالمرأة الوحيدة التى دائما ما يرسمها !!

                  مساحة البياض أعطت الكثير و أضافت أيضا دلالة على مرور الوقت ، و استمراره ، فى رسم و تلوين اللوحة ، و الانتقال إلى أخرى ، و كنت أود أو أرى أن تعيد الأستاذة نفس المشهدية بنفس الالفاظ لتعطى دلالة أقوى على عادية يومه بل أيامه إن صح التعبير داخل هذه المصحة ، و أن سميترية ما تتحكم فى تلك الحياة للنزيل رقم ( .... ) !!

                  ما حاجتنا لمساحة أكبر ؟
                  و قد قالت القصة كل شىء
                  إلا أن حبا نما لحروف الكاتبة و قصها فى أفئدة من مروا بعملها !!

                  تحيتي و تقديري
                  sigpic

                  تعليق

                  • mmogy
                    كاتب
                    • 16-05-2007
                    • 11282

                    #10
                    الأستاذة راحيل الأيسر
                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                    نعتذر لك عما حدث ، وأدعو الأستاذة وفاء بعدم التدخل في النص لأن مثل هذا الأسلوب يسىء للملتقى ويشوه وجهه ، ويخلق جوا طاردا للأدباء والمبدعين .
                    تحياتي للجميع
                    إنْ أبْطـَأتْ غـَارَةُ الأرْحَامِ وابْـتـَعـَدَتْ، فـَأقـْرَبُ الشيءِ مِنـَّا غـَارَةُ اللهِ
                    يا غـَارَةَ اللهِ جـِدّي السـَّيـْرَ مُسْرِعَة في حَلِّ عُـقـْدَتـِنـَا يَا غـَارَةَ اللهِ
                    عَدَتِ العَادونَ وَجَارُوا، وَرَجَوْنـَا اللهَ مُجـيراً
                    وَكـَفـَى باللهِ وَلـِيـَّا، وَكـَفـَى باللهِ نـَصِيراً.
                    وَحَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوكيلُ, وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ.

                    تعليق

                    • وفاء الدوسري
                      عضو الملتقى
                      • 04-09-2008
                      • 6136

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة محمد شعبان الموجي مشاهدة المشاركة
                      الأستاذة راحيل الأيسر
                      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                      نعتذر لك عما حدث ، وأدعو الأستاذة وفاء بعدم التدخل في النص لأن مثل هذا الأسلوب يسىء للملتقى ويشوه وجهه ، ويخلق جوا طاردا للأدباء والمبدعين .
                      تحياتي للجميع
                      نعم الأستاذ/محمد
                      معك كل الحق والحق معك..
                      لن اتدخل بعد اليوم إن شاء الله لا في هذا النص ولا في أي نص
                      وأعتذر لكل من تشوهت صفحته بدخولي أعتذر كثيراً
                      حفظك الله ورعاك
                      احترامي وتقديري

                      تعليق

                      • شـــام الكردي
                        كاتبة وأديبة
                        • 24-10-2010
                        • 544

                        #12
                        الصديقة الكريمة الراقية " من جمعت سؤؤد الفرس ودين العرب "
                        سلامٌ الله على قلبك وروحك
                        لاتحزني فحرفك الشامخ السامق وبيانه .. لسان يروم عنك ويثبت حقك
                        فـ أهلا بكِ بيننا ومرحبا ملء السماء غيم وضوء .. بقلمك " العلم " وقامتك
                        أفردي مساحات عشبك بيننا .. وتبرعمي زهرا وريحانا

                        راحيلي ،
                        نصك قوي الحبك متماسك التفاصيل
                        ذو حدث رئيسي متفرع اللقطات والمشاهد
                        غير مترهل ولا مفكك... لا يتشتت ولا يملل القارئ

                        الصور واللغة القوية الصاخبة المتماهية مع حدث القصة
                        ونفسية البطل وصراعه
                        جاءت كلها كـ أدوات جذب استخدمتها الكاتبة بـإتقان وبراعة
                        تشي بقدرة وابداع

                        وأراني أختلف مع رؤية بعض الأخوة هنا حول مطلع القصة من حيث
                        انه أفضى للمغزى مباشرة ودل عليه

                        فـ أقول / للكاتب الحق في استخدام وسائل جذب تشد انتباه القارئ
                        وهذا ماحصل مع المطلع الذي حمل بعدا فلسفيا جميلا
                        شد ياقة فضولي لمتابعة القراءة والغور في جنبات النص

                        اما عن السطر الأخير .. لا أعرف كيف أصفه ياراحيلي ..
                        هو دهشة معلقة بسقف الأبجدية
                        هو قفلة محكمة .. ومتقنة ، وتفتح الباب لخيال القارئ لتصور
                        ماقد يكون من شأن وتاريخ النزيل الجديد وحكايته ولعل القارئ يسقط بعض خيالاته وتجاربه
                        عليه .. فيتحقق بذلك التفاعل مع النص بشكل ايجابي كما يطمح كل كاتب

                        وفي هذا السطر بالذات خطر على قلبي
                        مشهد تقليب ورقة التقويم .. تلك الصامتة البلهاء
                        تحمل مابين .. طياتها الكثير من أعمارنا وتجاربنا الخاصة وأحزاننا الجميلة !
                        وصدقا لا أجد تفسيرا لهذا التقارب الذي حصل بذهني
                        بين النزيل الجديد .. وماتخفي عيناه من جريمة تتسلق لواعج هلوساته
                        وبين ورقة التقويم الحبلى بـ أقدار تتربص بنا ، وتعكس الكثير من تناقضات حياتنا

                        راحيل الأيسر
                        على قلبك وروحك الخضراء السلام والرحمة

                        تعليق

                        • سلام الكردي
                          رئيس ملتقى نادي الأصالة
                          • 30-09-2010
                          • 1471

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة راحيل الأيسر مشاهدة المشاركة



                          ( نزعات البشر جنونية ، وبعض هلوساتنا من صميم تناقضاتنا )

                          ..حكاية من عالمهم ..

                          النزيل رقم 36 صامت ذو نظرة شاردة ، يمشي ناكس الرأس بين أروقة المصح ، وفي عنبره يتخذ ركنا ً قصيا ً؛ حيث ريشه ، وأدوات رسمه .. فنان يجيد رسم امرأة وحيدة ..
                          بينما كان يضع آخر الرتوش على لوحته ، امتدت إليه يد الماضي ، فرمته في لجة رعناء ماانفكت تلاطم عقله ..
                          وبين أحداث مختلطة تمور في رأسه ، يتذكر صورتها والدماء تنبجس من منابت شعرها بفعل الرصاصة ..
                          كان يردد والظنون تمزقه ، وآلة قتل الشك تضطرب في يده (( كيف أحبتني ، وأنا مشوه ؟؟!!))
                          يتحرر من يد الماضي ، تقذفه اللجة إلى حاضره ؛ فينهمك في رسم لوحة جديدة ..

                          :

                          :

                          :

                          :
                          :
                          :

                          ...........وقع خطوات نزيل جديد يدك برزخ الصمت في الأروقة ............
                          كأنها قصيرة جداً,أحتاج للمزيد من الكلمات يا أستاذة راحيل,اعترتني بعض الدهشة ,إثر قراءة هذا التكثيف النادر حقاً,ببلاغة التعبير وحسن انتقاء المفردة وتنسيق الجميلة ,الصورة..كانت غاية في العمق والابتكار المدهش الجميل,أما عن تصوراتي حول المضمون,لهذا حديث اّخر,وعودة قريبة إن شاء الله,شكراً لكل هذا الجمال اختي الكريمة راحيل الأيسر.
                          [COLOR=#0000ff][SIZE=6][FONT=Andalus][COLOR=black]انا الدمشقي .. لو شرحتم جسدي... لسال منه ,عناقيد وتفاح[/COLOR]
                          [COLOR=darkorange]ولو فتحتم شراييني بمديتكم...سمعتم في دمي اصوات من راحوا[/COLOR][/FONT][/SIZE][/COLOR]
                          [FONT=Andalus][SIZE=6][COLOR=#0000ff][/COLOR][/SIZE][/FONT]
                          [FONT=Andalus][SIZE=6][COLOR=#0000ff][/COLOR][/SIZE][/FONT]
                          [FONT=Andalus][SIZE=6][COLOR=seagreen]مآذن الشام تبكي اذ تعانقني...[/COLOR][/SIZE][/FONT][FONT=Andalus][SIZE=6][COLOR=#0000ff][COLOR=seagreen]وللمآذن, كالاشجارارواح[/COLOR]
                          [COLOR=purple]للياسمين, حقوق في منازلنا...وقطة البيت تغفو .. حيث ترتاح[/COLOR][/COLOR][/SIZE][/FONT]
                          [COLOR=#0000ff][/COLOR]

                          تعليق

                          • حكيم عباس
                            أديب وكاتب
                            • 23-07-2009
                            • 1040

                            #14
                            الأستاذة الأديبة راحيل الأيسر
                            تحية عطرة ، لحضرتك و لجميع الأخوات و الأخوة المتواجدين على هذا المتصفّح.

                            أودّ في البداية توضيح بعض المصطلحات العلمية المتعلّقة ببعض الأمراض النفسية ، التي من المفترض أن تكون ضمن واجبات القارئ و ليس الكاتب ، أي أن القارئ الذي يريد معالجة هذا النّص ، عليه أولا التّأكد من فهمه التّام ،و لا أعتقد أنّ هذا ممكنا دون معرفة مسبقة لبعض القضايا العلمية التي نُسج حولها النّص.

                            "البارانويا" ، مرض نفسي يعرفه الجميع ، واحدة من أهم مميّزاته ، يعتقد المصاب بأن العالم (أو الآخر) هو سبب مصائبه = طبعا أنا لا أحاول شرحا وافيا للبرانويا و لا لما سيليه ، بل أحاول إظهار بعض المعلومات التي قد تُفيدنا في فهم النّص ، غير ذلك ، فالبارانويا مرض واسع يمكن الكلام فيه مطوّلا .

                            مقابل "البارانويا" هناك "الميلانكولي" ، هذا المرض يضم باقة واسعة من الاضطرابات النفسية ، واحدة من مميّزات هذه الاضطرابات ، المصاب يعتقد بأنّه هو سبب المشكلة ، هو المُخطئ المسبّب لما يحلّ بالآخر ، ليس بالضرورة أن يدرك المصاب طبيعة ذنبه المزعوم ، و في ماذا أخطأ بالضبط ، لكنه يعيش جو الخطيئة الكبرى ، شعور الخطيئة ، أو مخالفة الصحيح و الصواب ، أو خروجه على القواعد السليمة.

                            الوسواس القهري : تراود المصاب فكرة أو أفكار ، تتسلّط عليه لا تبارحه ، تجبره على سلوك معيّن ، هذا الإضطراب ربما يصبح عند البعض عدواني ، كمن يتهيأ له أن زوجته تخونه مثلا ، فيقضي الليل و النهار يراقبها و يتتبعها ، أخيرا يتأكّد فيقتلها ، و ربما يقتل أولاده معها أيضا ، على اعتبار أنهم ليسوا أولاده ، هذا نسميه أحيانا بالإرتياب المرضي.

                            السلوك القهري ، أو الفعل القهري ، فيه يُجْبَر المصاب من قِبَلِ ذاته على ممارسة أفعال مبالغ فيها إذا ما قيست بالعادي عند الآخرين ، و لا يستطيع التوقف عنها ، كمثل الذي يغسل يديه ، و بعد أن ينتهي ، يعود و يشك بأنها ليست نظيفة ، فيعود و يغسلها مرّة أخرى و أخرى ، أو الذي لا يستطيع استقبال أحد في منزله لخوفه من الغريب ، أو لخوفه من المرض و العدوى .... الخ و يدّعي أنه ليس في المنزل مثلا ، أو التخفي عند تناول الطعام ....الخ
                            يظن هؤلاء ، بعملهم هذا يكفّرون عن خطيئة ارتكبوها من شأنها أن تسبب الكوارث للآخرين و لهم ، في معظم الأحيان ، لا يعرفون بالضبط ما الخطيئة التي ارتكبوها ، يبقى عالقا بسلوكهم الحاجة الملحة للتوبة و التكفير عن شي يلحّ عليهم ، يرون أنهم بهذا السلوك يكفّرون عن خطيئتهم ، في الحقيقة هم يخفّفون بذلك عن أنفسهم أعباءها ، لذلك إن حاولنا منعهم ، تتدهو أحوالهم و تتعقّد .

                            بعد معرفتنا لما تقدّم ، ثمّ قراءتنا للنّص ، يتضح لنا بشكل جلي أن النّزيل رقم 36 ، يرسم إمرأة ، ثم يعاود رسم ذات المرأة ، مرّة تلو المرة ، هذا إذن سلوك قهري ، وسواسي ، يقوم به رغما عنه ، معتقدا أنه بذلك يُكفّر عن خطيئة ارتكبها ، يخفّف عن نفسه أعباءها.
                            من النّص يظهر واضحا أنه أقدم على قتل إمرأة بالرّصاص ، هنا اتضح الأمر أمامنا ، إذن الرجل مصاب بالوسواس القهري ، أو الشك الارتياب الذي أدى به لقتل هذه المرأة ، فعلى الأرجح هذه المرأة هي ذاتها التي يقوم برسمها مرّة تلو المرّة عله يكفّر عن ما قام به (أنبه طبعا دون وعي لذلك منه) و كأنه يريد أن يثبت حبّه أو تقديره لها.
                            إذن هي في الغالب زوجة أو حبيبة .

                            بذلك نستطيع تصنيف النّزيل رقم 36 ، بأنه من فئة المصابين بالاضطرابات التي تتبع الميلانكولي ، بمعناها الواسع ، أي أؤلئك الذي يحملون هَمّ الآخر ، هِمّ العالم ، يظنّون أن ما يلحق بالعالم و بالآخرين من سلبيات و كوارث ربما يكونون هُمْ أسبابها.
                            أكثر ما في هذا النّص من روعة ، ربط الفن (النّزيل رقم 36 فنّان ، يرسم لوحات تشكيلية) بهذا السلوك القهري ، من ثمّ ربطه بهذه "الميلانكولي" . بعد أن عرفنا ما معنى هذا ، ندرك أنهما أمران أساسيان طُرحا و ما زالا يُطرحان على صعيد فلسفة الفن ، بل على صعيد فلسفة العملية الإبداعية برمّتها ، أدبا و فنّا ، إذ أن المبدع في هذه المجالات يحيّرنا أمام هذا السؤال ، لماذا لا يكفّ عن الكتابة أو الرسم ؟ لماذا لا يستكفي بنص أو بعشرة نصوص أو بمائة أو بألفٍ رائعة جميلة إبداعية ، حتى لو كانت نصوصا أو أعمالا فنيّة عبقرية ، يظلّ يشعر بأنه بحاجة لأن يقول .. و يقول المزيد.. و يرسم و يرسم و يرسم المزيد ...الخ ، أهو سلوك قهري؟ هل المبدع يحمل على كاهله بشكل أو بآخر هموم العالم ؟ هموم الإنسان؟ هموم الكون؟ هل هو ملهم بهذا من قبل الله ليؤدي دورا ؟
                            هل يمكن للفنّان أو المبدع أن يكون قاتلا؟ قذرا ؟ مضطربا ؟ خطرا ؟

                            هذه قضايا كبيرة في فلسفة الإبداع نوقشت و ما زالت تُناقش .
                            بجميع المقاييس ، استطاعت الكاتبة التعبير عن كلّ هذا الكم من التساؤلات و الألغاز بواقعية متناهية (القصة تحدث كثيرا و أمام أعيننا دوما) ، و بتكثيف بليغ ، بل ببضع كلمات طرحت راحيل الأيسر مسألة إنسانية ، فلسفية ، نفسية ، إبداعية على مائدة البحث...
                            لا أرى النّص بحاجة للتمدّد أكثر ، و لا أرى به أي فراغ ، الفراغات التي يتهيأ لنا بوجودها ، و النواقص التي نعتقد بأن النّص عليه أن يملأها ، هي في الحقيقة نواقص معرفية ، ثقافية عندنا نحن القرّاء ، و ليست نواقص في النّص الذي أمامنا ، أي شرح إضافي من قبل الكاتبة سيجعل النّص يميل إلى النّصوص العلمية ، إلى التّقارير عن حالة المرضى .. هنا نجحت راحيل الأيسر بأن تسير على شفرة فاصلة بين نصّ أدبي و آخر علمي ، بين نص إبداعي و بين تقرير عن حالة النّزيل رقم 36.

                            كنت أتمنى أن يكون العنوان ، بدلا من "حكاية من عالمهم" يوحي لـ "هم" و كأننا نحن معافون ، أن يكون "حكاية من عالمنا" أو ما يشبه ذلك ، حيث يتمّ التأكيد على أننا جميعا مرشحون لهذه الاضطرابات . استخدام الـ "هم" و كأن النّص يريد التنصّل من شيء معيب يحدث في عالم آخر غير عالمنا ، و الحقيقة غير ذلك .
                            كما كنت أتمنى أن تكون الجملة التي سبقت النّص بين مزدوجين بالّلون الأخضر ، أن تكون ذات صياغة مختلفة ، فبدلا من ما جاءت عليه هكذا ( نزعات البشر جنونية ، وبعض هلوساتنا من صميمتناقضاتنا )
                            أن تتنازل الكاتبة عن الجزء الأول ( نزعات البشر جنونية ) حيث جاء هذا الجزء سطحي ، إذ لا يأخذ بعين الاعتبار أن الجنون ليس نزعات بل هو أمراض و اضطرابات أحيانا كثيرة تسببها تناقضات و صراعات فكرية ، الغريب أن الكاتبة أكدت على ذلك في النصف الثاني من الجملة ، و عليه تصبح الجمله هكذا ( بعض هلوساتنا من صميمتناقضاتنا)
                            لا أشترك بالرأي مع القائلين بأن الجملة كانت نصّا موازيا قلّل من قيمة النّص الأساسي ، إذ بإزاحة نصفها الأول ، أراها تزيد من مهمّة النّص الفلسفية ، فهذا النّص ذات مهمّة فلسفية ، يزداد بروزها و تحديها لنا ، بعد إزاحة نصف الجملة الأول كما بيّنت.
                            أكتفي بهذا القدر ، متمنّيا للأستاذة الأديبة راحيل الأيسر إقامة ممتعة بيننا هنا في "ملتقى الأدباء و المبدعين العرب" أهلا بك و على الرحب و السعة.

                            حكيم

                            تعليق

                            • ربيع عقب الباب
                              مستشار أدبي
                              طائر النورس
                              • 29-07-2008
                              • 25792

                              #15
                              من المستغرب أن عملا وجدناه على شاشات السينما و التليفزيون لما يقرب من قرن
                              مازال يستهوينا ، و يجذبنا ، رغم أنه عولج لكثير من مرات نستطيع حصرها
                              و كان أقواها الفيلم ( غرام و انتقام )
                              ملحن أو عازف و لحن واحد يهذي به
                              و يضربه كل يوم ( سهير ) على ما أذكر
                              و أيضا تلك الدخلة لقادم جديد .. أيضا أتى بها الفيلم العربي البليد


                              و بقى كلمة .. أترى صديقي حكيم أن الفنانين و الكتاب ملائكة
                              أو معصومون من خطأ الغيرة أو الوسواس إن كانت المرأة هى الشاغل ؟
                              أليسوا بشرا خطائين ، يشربون و يأكلون و يسجنون و يهملون
                              و تدمرهم السلطات أو المجتمعات البذئية
                              فلم فى هذه كانوا لا يفعلون ؟!!!

                              محبتي لكم
                              و كل عام و أنتم بخير
                              sigpic

                              تعليق

                              يعمل...
                              X