أبوة و أبوة - أقصوصة - نزار ب. الزين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نزار ب. الزين
    أديب وكاتب
    • 14-10-2007
    • 641

    أبوة و أبوة - أقصوصة - نزار ب. الزين

    أبوة و أبوة

    قصة قصيرة

    نزار ب. الزين*

    *****
    " والديَّ العزيزين ، لديَّ خبر يهمكما ، لقد تعرفت على فتاة رائعة ، هي زميلتي في الجامعة ، و هي تبادلني عواطفي ......."
    يحملق والده في وجهه فاغراً فاه ...
    تنظر إليه والدته مشدوهة بدورها ، و قد رسمت على شفتيها إبتسامة شاحبة ...
    ثم تلاحقه والدته بأسئلتها : " أ جميلة هي ؟ طويلة ؟ قصيرة ؟ بيضاء ؟ سمراء ؟ ماذا عن عائلتها ؟ , و عن مستواها الإجتماعي و الإقتصادي ؟ و هل لدى أهلها عِلم بسلوك ابنتهم و استهتارها ؟ و هل .... و هل ؟.........."
    يرتبك طارق...يفاجئه موقف أمه ، يهم بالإجابة ، يقاطعه والده : " هل التحقت بالجامعة – يا ولد – كي تحب و تعشق ؟ ألم تتخلص بعد من تصرفاتك الصبيانية ؟! " يزداد طارق ارتباكا ، ثم يلملم شتات نفسه بصعوبة ثم ينطق مدافعا : " هذه ليست صبْينة يا أبي ، هذا أمر جاد و مصيريّ يا والدي ! " ثم يلتفت إلى والدته قائلا بثقة و تصميم : " بصرف النظر عن شكلها الخارجي – يا أمي - و عن مستوى عائلتها الإجتماعي و الإقتصادي ، فأنا أحبها و سأرتبط بها حالما أنهي دراستي الجامعية ، أما عن أخلاقها فهي أشرف من الشرف .. "
    ينتفض الوالد غضبا و هو يرد على جرأة إبنه : " هذه قحة – يا ولد – لا أقبلها منك ، نحن نتكبد مصاريفك الباهظة ، لتتعلم و ليس لتضيع وقتك بمثل هذا الكلام الفارغ ...! " ثم يضيف حاسما الموقف : " لا لزواج الحب .. لا للزواج بعيدا عن الأصول و الأعراف ، لا للزواج قبل التخرج و العمل و الإعتماد على الذات .. لا حق لك بالإختيار على هواك.... هيا إلى كتبك في الحال – يا ولد (!) - و كف عن هذا التهريج السخيف ! "
    *****
    " أنا لم أمت بعد ؛ أنا والد كوثر و أنا وليّ أمرها و المسؤول عنها ، و كلمتي هي العليا في هذا البيت ؛ و أنا أمنعكما من إيذائها منعا باتّا و قاطعاً ، فقط إتركا المسألة لي ، هذا أمر و ليس رجاء .. مفهوم ؟! "
    تعود كوثر من الجامعة ، تدخل غرفة الجلوس ، تلاحظ تجهم الوجوه ، تنتبه إلى دموع والدتها ، تهم بتقبيل يد والدها كما جرت عادتها ، و لكنه يمنعها بغلظة ..
    " ما الأمر؟ " تساءلت ؛
    يحاول شقيقها الطبيب أن يجيبها ، فيأمره الوالد بالصمت .
    " ما الأمر ؟ " تساءلت ثانية و بإلحاح ، فيجيبها الوالد باقتضاب : " ثمت سيدة إتصلت بشقيقَيْك و أبلغتهما أنك متعلقة بزميل لك في الجامعة اسمه طارق ، هل هذا صحيح ؟ " ، تجيبه بكل براءة : " نعم صحيح !"
    ثم ...
    يضيف بنبرة أقوى و وجه أشعله الغضب : " و تقول السيدة أيضاً أن لديه شقة مستأجرة و أنكما تلتقيان فيها ؛ هل هذا صحيح ؟ "
    تصفع كوثر خديها بيديها الإثنتين ، ثم تتوجه مندفعة إلى المصحف الشريف المعلق في صدر الغرفة ، تحمله و تقسم به أن ذلك غير صحيح و أنها لا يمكن أن ترتكب مثل هذه المعصية ...
    " و لكن من هذه المفترية ؟ "
    تتساءل كوثر منفعلة ، فيجيبها شقيقها الطبيب ساخراً : " إنها أمه يا ست كوثر .. إنها أمه ! "

    *****
    بعد عام واحد

    - صباح الخير يا أبي و كل عام و أنت بخير..
    = من طارق ؟ ما ذكّرك بنا بعد كل هذه الأيام ؟
    - أنت و والدتي دوما على البال يا أبي ، و في العيد تصفو القلوب و تتراحم ، أليس كذلك يا أبي ؟
    = بهذه البساطة ؟ و بعد أن غدرت بنا ؟
    - الغدر كلمة كبيرة يا أبي ، و لكن دعنا من ذكر الماضي ، و افسح للصلح مجالا يا أبي ..
    = علمنا أنك أصبحت أباً !...
    - أجل ، وعمر إبني ثلاثة أشهر الآن ، ألست متشوقاً لرؤية حفيدك الذي يحمل إسمك يا أبي ؟
    = و علمنا أنك تعيش في بيت يملكه حموك ؟!
    - هذا صحيح و هو ينفق علينا من جيبه بما ذلك تكاليف الجامعة ، إنه رجل طيب و عطوف يا أبي .
    = و قبلتَ ، أن يشتريك ؟!
    - لم يشترِني أحد يا أبي ، و سوف أسدده – كما اتفقت معه - كل قرش حالما أتخرج و أعمل .
    ثم ....
    أضاف معاتبا :
    - ألن تكف عن لومي يا ابي ؟
    = لقد تجاوزتنا يا طارق ... و آلمتنا ..
    - و ماذا عن الألم الذي سببته والدتي لزوجتي و لي ؟
    و لكن دعنا من هذا كله ‘ و لنتسامح يا أبي .
    ثم ...
    أضاف بلهجة حانية راجية :
    - ترى هل سترحبان بنا إذا زرناكما و قدمنا لكما تهانينا بعيد الفطر السعيد ، يا أبي ؟
    ثم .....
    تنتزع أمه مسرة الهاتف من أبيه ، لتجيب ولدها بحزم :
    = إسمع يا طارق ، نحن لا نحقد عليك شخصيا فأنت وحيدنا و فلذة كبدنا ، أنت و إبنك مرحب بكما في بيتنا في كل حين ، و أما زوجتك التي سرقتك منا ، فلا !.
    ---------------
    *نزار بهاء الدين الزين
    سوري مغترب
    عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
    الموقع : www.FreeArabi.com
  • إيمان الدرع
    نائب ملتقى القصة
    • 09-02-2010
    • 3576

    #2
    من الطّبيعي ...أن تتوّج قصّة الحبّ التي نبتتْ تحت ظلّ الشّمس بزواجٍ شرعيّ ...
    والتّجاوز الذي تمّ ، كان بسبب تعنّت الأبوين..
    كم هو الفرق واضح ...في ردّة فعل الآباء ..؟؟؟!!!!
    وكم من أبناءٍ ...ضاعوا وحدهم ، وتخبّطوا ، وسط أمواج العمر ..؟؟؟؟!!!
    استيعاب الموقف، يحتاج إلى عقلٍ وفكرٍ راجحٍ لاحتواء الموضوع...
    موضوع هام ، استنبطته من عمق الحياة ...بأسلوبٍ سلسٍ وجميلٍ ..
    ومع أطيب أمنياتي ...تحيّاتي ..أستاذ نزار

    تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

    تعليق

    • نزار ب. الزين
      أديب وكاتب
      • 14-10-2007
      • 641

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة
      من الطّبيعي ...أن تتوّج قصّة الحبّ التي نبتتْ تحت ظلّ الشّمس بزواجٍ شرعيّ ...
      والتّجاوز الذي تمّ ، كان بسبب تعنّت الأبوين..
      كم هو الفرق واضح ...في ردّة فعل الآباء ..؟؟؟!!!!
      وكم من أبناءٍ ...ضاعوا وحدهم ، وتخبّطوا ، وسط أمواج العمر ..؟؟؟؟!!!
      استيعاب الموقف، يحتاج إلى عقلٍ وفكرٍ راجحٍ لاحتواء الموضوع...
      موضوع هام ، استنبطته من عمق الحياة ...بأسلوبٍ سلسٍ وجميلٍ ..
      ومع أطيب أمنياتي ...تحيّاتي ..أستاذ نزار
      [align=center][table1="width:95%;background-image:url('http://www.almolltaqa.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/112.gif');"][cell="filter:;"][align=center]
      *************


      أختي الفاضلة إيمان


      صدقت و الله ، فشتان ما بين الأبوين


      الأول تعامل مع الموقف بمنتهى التعنت و العجرفة


      و الآخر احتواه بعقلانية مقرونة بالحب الوالدي الحقيقي


      ***


      شكرا لمشاركتك القيِّمة أختي الكريمة


      و لثنائك الدافئ


      مع خالص المودة و التقدير


      نزار

      [/align][/cell][/table1][/align]

      تعليق

      يعمل...
      X