الغريب والقط الأسود : " الملك لله "

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • إبراهيم كامل أحمد
    عضو أساسي
    • 23-10-2009
    • 1109

    الغريب والقط الأسود : " الملك لله "



    استقبال السلطان الغوري للسفراء في دمشق 1511



    باب زويلة
    [align=justify]
    باب زويلة.. الباب الذي يتوسط السور الجنوبي للقاهرة ببرجيه المتوجين بمئذنتي مسجد المؤيد كعملاقين لا يأبهان بالأيام و لا يكترثان بالناس و الأحداث.. شهد هذا الباب العتيق الكثير من أحداث الأيام, و الأحداث التي تتصل بالباب العتيق ليست سارة.. فهي ترتبط بالدماء و إزهاق الأرواح.. فكم من رأس قطعت و علقت عليه و هي تقطر دماً ساخناً لزجاً سرعان ما يتجلط علي حجارة الباب فيصبغها باللون الأحمر, و كم من روح أخرجت غصباً من الجسد الذي تسكنه بعد أن جزت رأس صاحبها و تدلي جسده أمام فتحة الباب تكاد أقدامه تمس رؤوس السائرين.
    علي جانب الطريق الصاعد إلي القلعة و المواجه للباب جلس عدد من البائعين و البائعات و ظهورهم لمسجد الصالح طلائع, وكانت نداءاتهم علي ما يبيعون تختلط مع وقع أقدام السائرين و سنابك الخيل و حوافر الحمير و البغال و ضحكات و كلام السائرين الساعين إلي قضاء حوائجهم و المتسكعين الذين لا هم لهم إلا الفرجة علي كل شيئ و خاصة النساء.
    - ترمس الإنبابي لأحبابي.. نادت عجوزهي تجسيد حي لما تفعله الأيام بالناس, بيدها مذبة من الخوص تدفع بها جيوش الذباب عن بضاعتها من الترمس و الحلبة المنبتة و حمص الشام و فصوص الليمون.
    - بوزة عمكم إدريس يا خلفة النسانيس.. كان ينادي عجوز نوبي بلكنة منغمة و أمامه إبريقان فخاريان في واحد منهما بوزة مرة و في الثاني المسكرة و أكواز نحاسية و " قرعات " و أعواد فجل و جرجير وقطع من الكبد النيئ متبلة بالشطة.. اقترب شاب عايق من مجلس إدريس و حياه بابتسامة ودودة تنبئ عن معرفة وطيدة.. دفع بضع فلوس في يده و قال و الكلام يختلط بضحكاته :
    - اعطني قرعة من الحلوة يا شيخ القرود.. خذ من المرة يا خلفة النسانيس قالها إدريس دون عداء.. رد الشاب بقهر بين يكفي ما في حياتنا من المرارة يا عم إدريس.. استوصي بي و زدني من قطع الكبدة و أعواد الجرجير.. تناول القرعة و أخذ يرشف منها بلذة من يرشف رضاب المحبوب.. مسح فمه بظهر يده ثم وجه الكلام إلي إدريس و كأنه فيلسوف الغبراء :
    - تذكر يا عم إدريس من كم يوم لا أدري فقد توقفت عن عد الأيام و تسميتها حين دار المنادي و قارع الطبل و المشاعلية و كان يكرر بوقع منذر " و كذلك يشنق من يبيع البوزة و الحشيش " تدخل محمد كرداسة الحشيشي ( بائع الحشيش و الأفيون ) في الحديث دون دعوة وهو يعدل أوراق الحشيش البستاني الخضراء التي أمامه : اليوم يشنق السلطان طومان باي الذي أمر بشنق من يبيع البوزة و الحشيش.. سبحان الله له في خلقه شؤون.

    السلطان سليم الأول
    اندفعت زنوبة بائعة الترمس بتهورغير محسوب : لهفي علي سلطان مصر طومان باي.. مظلوم و رأس الحسين.. ربنا يخون من خانه.. زفرت بحرقة مكلومة ومن الصديق علي الصديق يخاف.أشار إدريس بيده محذراً و خاطبها بصوت تعمد ألا يخرج عن دائرتهم الصغيرة : كفي.. كفي أيتها العجوز الحمقاء أم تريدين أن يخترق بندق الرصاص رأسك الفارغ و رؤوسنا معك.. العثمانية حولنا في كل مكان و كثير منهم يتكلمون العربية يا عجوز النحس.
    مرت امرأة جسيمة لحيمة ذات عجيزة رجراجة – و للمصريات في مشيهن صنعة – جحظت عينا الشاب الذي يشرب البوزة و خرجت الكلمات من فمه منغومة ممطوطة بفعل الشبق و انتشاء السكر : يا جمل.. يا جميل.. يا ارض احفظي ما عليك.. يا محمل.. أموت أنا..
    فجأة صرخت المرأة المعجزة و هي تقفز في الهواء عاوية كأنها وطئت جمراً ثم انكفئت علي وجهها محدثة دبة عالية جفل منها قط كان ينبش في كومة من القمامة.. ذعر الجميع وتعالت صرخات الألم من المرأة فجاوبتها ضحكات رقيعة من نفر من عسكر العثمانية كانوا يقفون عند البرج الأيمن للباب بعد أن نجح واحد منهم في التصويب علي ردفي المرأة.. قامت زنوبة تساعد المرأة المصابة وسقاها إدريس كوزاً من البوزة الحلوة وبمعاونة الر جال و معهم ذلك الذي كان يتغزل فيها منذ لحظات حملوها علي حمار مكاري.. زام الحمار من ثقل الحمل بينما لم يجرؤ واحد من البشر أن يفتح فاه.. و ذهبت زنوبة معها إلي دكان الحاج حسين الجرايحي في زقاق المسك ليضمد جراحها.. أحكم صمت العاجز قبضته علي الألسنة.. فحين يستبيح الغزاة مدينة يتعلم أهلها فضيلة الصمت و أن تكون عيونهم من زجاج و آذانهم من حجر وألسنتهم من فخار.
    اقترب العسكري العثماني الذي صوب بندقيته علي ردفي المرأة فأصابهما.. كان يهز البندقية بزهو و خيلاء كأنه يحمل عصا سحرية وبطرفها أشار ناحية إبريق البوزة.. أسرع إدريس بصب قرعة ملأها حتي الحافة, و ملأ قرعة أخري فأتخمها بالترمس والحمص و الحلبة و الجرجير و الكبدة.. رطن العسكري بكلمات نغمتها تشي بأنها سباب و هو ينظر ناحية محمد كرداسة الذي سارع بحمل حزمتين من الحشيش الأخضر انتقاهما بعناية و مضي منكسراً خلف العسكري يحمل له قرعة المزة حتي وصل عند رفاقه.
    حين عاد محمد كرداسة إلي مجلسه وجد علي مراد يجلس إلي جانب إدريس و بيده قرعة من البوظة و أمامه قرعة من المزة, حياه كرداسة و ناوله زبدية صغيرة بها أوراق الحشيش الخضراء.. أخذ علي مراد في احتساء البوزة علي مهل و مع كل رشفة يمد يده إلي عود من أعواد الجرجير أو أعواد الحشيش الأخضر.
    علي مراد جاوز الأربعين بقليل.. نظيف الثياب.. شكله ينبئ بأنه من المياسير.. مرح و ابن حظ.. كريم يدفع بسخاء.. تربطه بإدريس و كرداسة و زنوبة صداقة الزبون السخي.. عادت زنوبة إلي مجلسها, والكلام يخرج من عينيها سيال من القهر, سلمت علي " علي مراد " بمودة بينة.. سألها إدريس عما فعلت مع المرأة بينما كرداسة يسأل بعينيه.. قالت برضا : دواها الحاج حسين الجرايحي و أخرج الرصاص من ردفيها و رفض أن يأخذ أجراً و كنا أرسلنا لأهلها فجاءوا و أخذوها إلي بيتها في حارة حلب.. الله يبارك لك يا حاج حسين و منهم لله.. اشترك علي مراد في الحديث و هو يمضغ أوراق الحشيش المحمصة : جزاك الله خيراً لقد رأيت ما حدث.. زيديني من الترمس والحمص و الحلبة و الليمون يا خالة و هذا حقك و بسرعة و خفة دس ديناراً ذهبياً لامعاً بين حبات الترمس حتي لا يراه العثمانية فعيونهم النهمة مفتوحة كعيني حدأة جائعة و بنفس الخفة و السرعة دس ديناراً ذهبياً لإدريس و آخراً لكرداسة.
    حين انتهت زنوبة من الهمهمة بالدعاء مدت عينيها ناحية القرعة التي في يد علي مراد فناولها لها فشربت ما تبقي فيها.. ظللت الأربعة علي و زنوبة و إدريس و كرداسة سحابة من الأخوة الإنسانية رغم اختلاف الأعمار و الألوان و المظهر جعلتهم يتشاركون في مجلس كيف محاولين نسيان الهم به.. ملأ إدريس أربع قرعات وزعها عليهم وقرعتين من المزة أعطي واحدة لزنوبة و علي و احتفظ بالأخري بينه و بين كرداسة.. ناولت زنوبة زبدية مترعة بالترمس و الحمص و الحلبة و الليمون لإدريس و احتفظت بأخري بينها و بين علي, و بدوره أعد كرداسة أربع زبديات من الحشيش المحمص و الأخضر.. انطلق الحرافيش الأربعة علي درب السكر و الصطل معاً و لكن كل واحد منهم سلك درباً فرعياً اختلي فيه بنفسه و أفكاره بينما جلبة الطريق تتلاشي.
    دخلت زنوبة درباً فرعياً موحشاً كان يعينها علي المضي فيه الحشيش و البوزة فإذا هي عروس في الهودج علي ظهر جمل نشوان بصوت المزامير و الدفوف التي ترقص القلوب الحزينة و فجأة انقطعت الأصوات و امتدت إليها أيادي المماليك يسفكون دم عذريتها علي مرأي من الكل منهم من سمرته المفاجأة و منهم من جري من الرعب و كل مملوك يفجر بمن تطوله يداه شابة.. عجوز.. فتاة.. غلام.. نهضت زنوبة و واصلت السير علي نفس الدرب الزلق رغم جراح جسدها و نزيف روحها.. من يومين و هي عائدة إلي بيتها مع ابنتها سكر التف حولهما العثمانية خمسة من الفجرة سفكوا دم عذرية سكر و لاطوا بزنوبة.. ترآي لها من خلال غبشة القهر العثماني الذي فسق بغلام علي سلم مسجد المؤيد في وضح النهار.. بصقت بصقة أودعتها كل القهر الذي يعربد في قلبها... قال إدريس بلهجته النوبية : السماء تمطر بصاقاً أم عدت إلي عادتك القبيحة يا عجوز النحس كلما لعب الحشيش بعقلك و عبثت البوزة بنفسك..
    عاد العسكري العثماني مرة أخري و نظر بعينين محمرتين إلي إدريس و فرد راحة يده.. صب إدريس خمسة أكواز و ملأ قرعة بالمزة و ملأ كرداسة زبديتين من الحشيش الأخضر و المحمص و رافقا العسكري العثماني حتي البرج الأيمن حيث جلس أربعة من رفاقه مسندين بنادقهم المخيفة إلي أحجار البرج.
    عاد إدريس و كرداسة إلي مجلسهما, و كان علي مراد علي دربه لم يتوقف حين جاء العسكري.. كان قد حلق عالياً و صعد إلي الهلال الذي يتوج قمة مئذنة البرج الأيمن و جلس في وسطه ممسكاً بطرفيه و أخذ يجول ببصره في حواري و دروب و أزقة القاهرة باحثاً عن " الأمير قاسم " و أخذ السؤال يطن في رأسه كنحلة دؤوبة تري أين الأمير قاسم بك بن أحمد بك بن أبي يزيد بن عثمان ملك الروم ؟ لقد أقدم السلطان سليم علي فتح مصر بسبب لجوء الأمير قاسم إليها.. أين هو ؟ و كيف أعجز أنا علي مراد العجمي المشعوذ السيميائي الساحر الذي يفعل الأعاجيب عن العثور عليه.. لقد أوفدني الشاه اسماعيل الصفوي شاه العجم والعدو اللدود لسليم الرومي كي أبحث عنه و أضع يدي عليه قبل أن يصل إليه السلطان سليم.. قفز إلي هلال مئذنة البرج الأيسر و هو يسأل بإلحاح أين أنت ؟ أين أنت يا قاسم بك ؟
    لم يكن درب محمد كرداسة صعباً فقد عاد إليه رغم مقاطعة العسكري العثماني.. رأي نفسه في كرداسة مسقط رأسه حيث تهيمن الخضرة و قد امتلك أرضاً يزرعها حشيشاً بعد أن يدفع الضمان أو المعلوم لأولي الأمر في القرية و لديه بيت كبير يسع زوجته و عياله و أمه و إخوته و مطعم و محششة و هو يقدم خدماته للكشاف و رجال الدولة حين ينزلون بالقرية فيتقرب من الحكام فربما يصبح ضامن الحشيش في مصر كلها يهيمن علي زراعته في أرض المحروسة في باب اللوق و أرض الطبالة و حول بركة الرطلي.. أما درب إدريس فكان سهلاً ميسرأ – لم يجد كذلك صعوبة في العودة إليه – حلم العودة إلي النوبة أرض الذهب ليري الأحفاد و الأبناء و من بقي من أعمام و أخوال وجدود فأهل النوبة يعمرون و أن يكون قد جمع ثروة تمكنه من شراء أرض و نخل و عمل تجارة بين القاهرة و النوبة فتأتي المراكب من القاهرة محملة بخيرات الدنيا و ترجع بخيرات النوبة و ما ورائها من بلاد السودان..
    عاد الحرافيش الأربعة من دنيا الأحلام علي صوت جلبة و ضجة ليروا أربعمائة عثماني و رماة بالنفط و خلفهم السلطان طومان باي راكب علي فرس و هو مكبل بالحديد يسلم علي الناس بطول الطريق فلما وصل إلي باب زويلة أنزلوه من علي الفرس بغلظة و وقف العسكر حوله مشهرين سيوفهم.
    جرت زنوبة تاركة الترمس و اقتربت من مكان السلطان الأسير متحملة دفع العثمانيين غلاظ القلوب لها و كانت الدموع تجري علي خديها فتحرقهما و قد فقدت القدرة علي النطق التقت عيناها بعيني طومان باي المليحتين.. ابتسم لها ابتسامة ابن عاد بعد غياب و قال لها بحنو و وقار سلطان حتي و هو تحت المشنقة : اقرئي لي الفاتحة يا خالة.. آن للغريب أن يري حماه.
    كانت الحبال تتدلي من أعلي الباب تحركها هبات رياح الخماسين الساخنة فبدت كثعابين تتلوي.. بدأ النحيب يعلو و كانت رياح الخماسين تقذف وجوه البشر بالتراب و كأنها تعاقبهم علي قسوة قلوبهم.. أول سلطان لمصر يشنق علي باب زويلة قال رجل اراد أن يتباهي بمعرفته.. سبقه شاه سوار كان ملكاً و لكن ليس من مصر جاوبه صوت رجل آخر أراد أن يظهر له أن هناك من يتابعون حوادث الأيام.. بدا طومان باي هادئاً مستسلماً لحكم القدر و لم يفارقه شموخه و لو للحظة : آن لي أن أستريح.. رحلة طويلة شاقة من الشمال إلي الجنوب.. من ذل الرق إلي عز السلطنة.. من اللعب وضحكاته إلي الحرب و صرخاته.. نظر طومان باي إلي وجوه المصريين الذين تجمعوا ليشهدوا اللحظات الأخيرة في حياته.. رأي الدموع ممزوجة بالحب.. بالقهر.. بالعجز.. قال لهم مشجعاً : اقرؤا لي الفاتحة ثلاث مرات.
    بسط يده و قرأ سورة الفاتحة ثلاث مرات و الناس تقرأ معه.. و كأنه يصدر أمراً إلي أحد مماليكه قال للمشاعلي الشناق : اعمل شغلك.. و ضعوا الخية في رقبته و رفعوا الحبل فانقطع فسقط علي عتبة باب زويلة.. حاولوا ثانية فسقط و لم يمت.. و في المرة الثالثة سمعت طرقعة عظام الرقبة في السكون المهيب الذي خيم علي المكان.. صرخت زنوبة بلوعة و حرقة : ولدي.. كبدي.. كانت تبكي ولداً تمنت أن ترزقه.. فرت دمعتان من عيني المشاعلي اللتين شهدتا الكثير من الأرواح تزهق و كان يجاهد ليسيطر علي نفسه و يمنعها من النحيب.. لم ترهب الأسلحة النارية و السيوف البكاء الذي تفجر من حنايا قلوب العوام و الحرافيش.. تحسس علي مراد رقبته و هو جالس في مكانه و قد سمرته فيه رهبة الموت و أحس بالدمع الساخن يبلل خديه.. إدريس يبكي و هو يرطن بالنوبية لم يكن كرداسة يفهم ما يقول لكن ما تحمله الكلمات من أسي كان يطلق الدموع من عينيه فتتساقط مبللة أوراق الحشيش الأخضر.. زعق مجذوب عريان : الملك لله فمن شاء من عباده للملك ولاه.
    مازال الجسد يتأرجح في فتحة الباب النهم المولع بالجثث.. سقط الخف الجوخ الأزرق الذي كان في رجل طومان باي علي رأس مقدم العثمانية الذي قام علي تنفيذ الشنق.. تدفق السباب من فمه بالتركية و العربية. و بالقرب من الباب وتحت الجسد المعلق وقفت امرأة من نساء التراكمة تضحك و تبكي في نفس الوقت.. لم يلحظها أحد سوي علي العجمي فالكل كان غريقاً في بحر الحدث.. قام علي العجمي واقترب منها.. كانت تحادث نفسها وامرأة أخري لا وجود لها و جسد السلطان المعلق : كما تدين تدان و بنفس الكيل الذي تكيل به يكال لك.. علقتها علي باب النصر فعلقوك علي باب زويلة.. ها ها.. ولكن يا مسكينة قطعوك بالسيوف و سحبوك من الريدانية حتي باب النصر و حصي الطريق ينتهك جسدك.. اختلط النحيب بكلماتها : ثم علقوك عريانة مكشوفة العورة يومين مستباحة لمضاجعي الجيف بعيونهم.. نظرت للجسد المعلق و الشماتة تفوح من عينيها.. ستظل معلقاً يومين أو ثلاثة حتي تجيف رائحتك.. يكفي أنك تعذبت ثلاث مرات حتي كسرت عظام رقبتك.. صرخت المرأة صرخة مروعة.. وخزها عثماني بدبوسه فولت تجاه الدرب الأحمر الصاعد إلي القلعة.. ابتعد علي العجمي وقد عاودته ذكري المرأة من التراكمة التي حاولت اغتيال السلطان طومان باي في الريدانية و كانت ملثمة فزادته الذكري هماً علي هم.
    [/align]
    [CENTER][IMG]http://www.almolltaqa.com/vb/picture.php?albumid=136&pictureid=807[/IMG][/CENTER]
  • دكتور مشاوير
    Prince of love and suffering
    • 22-02-2008
    • 5323

    #2
    [align=center]
    موسوعة استاذنا ربنا يباركلك ..
    وكل عام وانت بألف خير ..
    [/align]

    تعليق

    • ميساء عباس
      رئيس ملتقى القصة
      • 21-09-2009
      • 4186

      #3
      فحين يستبيح الغزاة مدينة يتعلم أهلها فضيلة الصمت و أن تكون عيونهم من زجاج و آذانهم من حجر وألسنتهم من فخار

      هذا التاريخ مازال يصرخ
      مازال يفيض
      كم أحزنتني تلك الكلمات التي دونتها
      عندما يستبيح الغزاة مدينة ..يتعلم أهلها فضيلة الصمت
      نحن القابعون في جرار التاريخ
      لدينا مالدينا ليبني الأهرامات من جديد
      وفضيلتنا ..الصمت ؟!
      دخلتُ القصة من بوابتها المتجلطة بدماء الأبرياء والعذارى
      وعشت دهاليزها مشنقة مشنقة
      مع أن رائحة البارود كانت تستفز دمي وعروبتي المنتهكة
      إلا إنني شعرت بتسلل فرح داخلي
      حين تخيلت الأديب الراقي جدا ابراهيم
      كيف يسلسل الأحداث ويجرنا بكل عناصر التشويق والتحفيز
      وبكل حروفه المتمكنة
      وكأنني كنت أشاهد مسلسلا رمضانيا رائعا
      يعيد الروحانيات والتجليات إليك
      وترى
      هل التاريخ يعيد نفسه
      أم يهرول ..بأشكال مختلفة
      الأديب الفذ ابراهيم
      حفظك الله
      وحفظ لك تلك الذاكرة الموقوته التي فجرتها هنا
      حين..باب زويلة
      فرأينا هذا الكم الهائل من الأحداث الناضجة بلغة سردية جميلة وعفوية ممتعة خاصة لهجة هؤلاء البسطاء
      بوركت أيها الإنسان الرافع للراية الحمراء
      ويسعد أقاتك يالعزيز
      ميساء
      مخالب النور .. بصوتي .. محبتي
      https://www.youtube.com/watch?v=5AbW...ature=youtu.be

      تعليق

      • محمد الصاوى السيد حسين
        أديب وكاتب
        • 25-09-2008
        • 2803

        #4
        تحياتى البيضاء

        كمتلق أجد أن النص يميل إلى أن يكون نواة لرواية تاريخية جميلة ثرية بالتفاصل الموحية والتى تثير لدى المتلقى خبرات مختلفة متنوعة ،أجد أن النص يحتفى بالإنسان العادى وسيرته ومن خلالها يقدم بذكاء اللمحة التاريخية

        تعليق

        • عائده محمد نادر
          عضو الملتقى
          • 18-10-2008
          • 12843

          #5
          الزميل القدير
          إبراهيم كامل أحمد
          معذرة منك
          أشعر بتوعك بسيط فلم أستطع تكملة قراءة النص لأني شعرت بدوار
          سأعود غدا له
          لكني أحببت زنوبة
          ودي ومحبتي لك
          الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

          تعليق

          • محمد فطومي
            رئيس ملتقى فرعي
            • 05-06-2010
            • 2433

            #6
            قصّة بلا مجاملة من أروع و أجود ما قرأت و أمتعها بنية و مضمونا.
            صديقي العزيز ابراهيم كامل أهنّئك على سعة علمك و اطّلاعك و حسن ترويضك للجانب التّاريخي في خدمة البعد الإنساني المستمر.
            شدّني نقل الوقائع و تسخير الفنّيّات الأدبيّة العالية من أجل إعادة تركيب الحقبة التّاريخيّة و معاناتها.و أعترف أن لو درست التّاريخ بهذا الشّكل لعشقته.
            إنّي أعدّ نصّك هذا مرجعا في أسلوب القصّ الجاد المقنع و السّرد الاجتماعي أوّلا ،و في منهجيّة تقريب الأثر التّاريخيّ للمتلقّي ثانيا.
            أ.ابراهيم سعدت بالقراءة لك و أتمنّى أن تمتعنا من حين إلى آخر بعمل مماثل.
            محبّتي لك أيّها المبدع.
            مدوّنة

            فلكُ القصّة القصيرة

            تعليق

            • ميساء عباس
              رئيس ملتقى القصة
              • 21-09-2009
              • 4186

              #7
              صرخت المرأة صرخة مروعة.. وخزها عثماني بدبوسه فولت تجاه الدرب الأحمر الصاعد إلي القلعة.. ابتعد علي العجمي وقد عاودته ذكري المرأة من التراكمة التي حاولت اغتيال السلطان طومان باي في الريدانية و كانت ملثمة فزادته الذكري هماً علي هم.

              ابراهيم الأديب المبدع
              مازلنا في سراديب التاريخ
              الماضي الحاضر
              الذي أقمنا به حتى آخر البوابة الحمراء
              مخالب النور .. بصوتي .. محبتي
              https://www.youtube.com/watch?v=5AbW...ature=youtu.be

              تعليق

              • صادق حمزة منذر
                الأخطل الأخير
                مدير لجنة التنظيم والإدارة
                • 12-11-2009
                • 2944

                #8
                الفانتازيا التاريخية عمل مهم في كثير من الجوانب لما يمكن أن يحمله من إسقاطات
                على الواقع المعاصر ولذلك في جميع أعمال الفانتازيا كانت رؤيا الكاتب العقائدية أوالسياسية تأخذ مداها على حساب المادة التاريخية و ( التأريخ ) فكاتب الفانتازيا ليس باحثا تاريخيا ومحققا أبدا ..


                ولهذا لا بد أن نفهم أن هذا الكاتب يبحث في الأحداث التاريخية ليجد حدثا مناسبا لموقف ورؤيا شخصية لديه قد تكون سياسية أو اجتماعية ويتخذ من هذا الحدث حاملا واقعيا يبني عليه ما تخيله ليقدم للقارئ رؤيته الخاصة ..

                وهنا في هذه القصة كان المكان هو هذا الموقع العام الذي يحمل أهمية قصوى
                اختارته سلطة الحاكمين لإظهار سطوتها وإعلان جبروتها ..
                فالأمر ليس مجرد إعدام ..
                إنه إعدام علني سياسي .. ويقام لا ليظهر المحكوم وإذلاله بقدر ما يقام ليظهر سطوة وبطش الحاكم وزرع الرهبة في قلوب الشعب ..

                لقد كان طومان باي غريب ( مملوك ) حكم مصر و تسلط على المصريين ..
                ولكن العثمانيين المحتلين عزلوه وقتلوه وبقي الشعب محتلا ومحكوما من الأغراب
                القساة الباطشين والمنتهكين لسيادة وحرية الوطن وسيادة وحرية أبنائه
                لقد كان الاستعمار العثماني البغيض من أقذر وأسوأ أشكال الاستعمار التي عرفها تاريخ الأرض فقد فرض على الشعوب التي استعمرها جهله وانكشاريته وفساده
                وقد أخضع الوطن العربي لأربعة قرون من الظلمة تفشى فيها ثالوث التخلف السرطاني الذي فرضه العثمانيون الإنكشاريون علينا ( الفقر والجهل والمرض )

                ويقول المؤرخ البديري الحلاق الدمشقي أن يوم دخول المحتلين العثمانيين إلى دمشق بطلت 50 مهنة فيها لأن الشرذمة المتغول القذر سليم الأول قائد جيوش الإحتلال الانكشاري أعتقل كل هؤلاء الصناع المهرة ( ومن بينعم الوراقين والأطباء والمعلمين والفقهاء ) وصادر أدواتهم وآلاتهم وأخذهم معه إلى عاصمته الأستانة ليبنوا فيها الحضارة وينيروا حياتها المظلمة والشديدة التخلف .. مما فرض على دمشق التخلف والظلام الدامس .. وهذا ما فعله في جميع مدننا العربية التي استعمرها هذا المتوحش الغاصب .. كما صادر جميع الملكيات الزراعية ووزعها على
                ضباطه ( القابيقول ) وبدأ عساكره الانكشارية الفاسدة يظلمون الناس
                ويعتدون عليهم وويفرضون عليهم الأتاوات والرشى وينشرون فسادهم وسفالتهم وتخلفهم واستباحوا الحرمات ولم يتورعوا عن انتهاك واغتصاب كل ما وصلت إليه أيديهم القذرة ..

                كان لا بد من أن أقدم هذا العرض البسيط للواقع الذي تتحدث عنه القصة ..
                وهنا لا بد من أن أشير أن الإسقاط الوحيد الذي استوقفني والممكن في واقعنا المعاصر هو مشهد إعدام الرئيس العراقي صدام حسين من قبل المحتلين السفلة الأمريكان بغض النظر عن ما اقترفه هذا الرئيس من أخطاء في فترة حكمه فلا يحق لمحتل غاصب غريب - أراد أن يخيف العرب و زعمائهم - أن يعزل ويحاكم رئيس دولة
                ينتمي إلى شعبها ويحمل إرثها الوطني ..

                القصة تثير الكثير من الشجون ولذلك يجب أن تبقى هكذا مفتوحة على التأويلات
                وعلى الرؤى دون تقييدها بحذافير الحدث التاريخي وهذا ما يزيد في جمالها ورونقها ..

                ومما يحسب للقصة أنها كانت ثورية جدا حيث منح الكاتب بطولة حقيقية لأنثى في عصر الحرملك العثماني المتخلف ,في إصرار رائع منه على رفض هذا الواقع المتخلف المرير الذي فرضه هذا المغتصب الإنكشاري الوحشي والبغيض ..

                أ. ابراهيم كامل أحمد
                أمتعتنا أيها الكاتب الفذ


                تحيتي وتقديري لك





                تعليق

                • عائده محمد نادر
                  عضو الملتقى
                  • 18-10-2008
                  • 12843

                  #9
                  الزميل القدير
                  إبراهيم كامل أحمد
                  الحقيقة نص نقل لنا صورة روحية لتلك الحقبة الزمنية وأحداثها
                  وهل يعيد التاريخ نفسه أحيانا
                  لم يصدمني أن الغزاة يغتصبون فهم فعلا يفعلون لكني صدمت بهذا التشابه الكبير
                  وكم أحببت لحظة التكاثف حين تنقل المرأة المصابة وتداوى دون أن يأخذ المداوي فلسا
                  نص جميل إبراهيم لكن ربما أرى أن تقلل من مشاهد الكوز والترمس التي ربما تكررت عدة مرات
                  هو رأي يقبل الخطأ قبل الصواب
                  النص بكل هذه الرمزية رائع زميل إبراهيم ومهم أيضا
                  ودي ومحبتي لك
                  الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                  تعليق

                  • إبراهيم كامل أحمد
                    عضو أساسي
                    • 23-10-2009
                    • 1109

                    #10
                    [align=justify]
                    مرحباً بالطبيب الحبيب و " الجرايحي " المهيب الدكتور مشاوير وأشكر لك كلماتك الطيبة وأشكر الغريب والقط الأسود فقد استجلبا هذه الكلمات وكنت في شوق إليك وأفتقد كلماتك العذاب.. دمت في خير وهناء.
                    [/align]
                    [CENTER][IMG]http://www.almolltaqa.com/vb/picture.php?albumid=136&pictureid=807[/IMG][/CENTER]

                    تعليق

                    • إبراهيم كامل أحمد
                      عضو أساسي
                      • 23-10-2009
                      • 1109

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة ميساء عباس مشاهدة المشاركة
                      صرخت المرأة صرخة مروعة.. وخزها عثماني بدبوسه فولت تجاه الدرب الأحمر الصاعد إلي القلعة.. ابتعد علي العجمي وقد عاودته ذكري المرأة من التراكمة التي حاولت اغتيال السلطان طومان باي في الريدانية و كانت ملثمة فزادته الذكري هماً علي هم.

                      ابراهيم الأديب المبدع
                      مازلنا في سراديب التاريخ
                      الماضي الحاضر
                      الذي أقمنا به حتى آخر البوابة الحمراء
                      [align=justify]
                      الأخت الغالية الأديبة المبدعة ميساء عباس

                      أسعدتني كلماتك الصادرة عن مبدعة وراعية للإبداع بحنو ورقي.. لك الشكر من أعماق القلب وموعدنا في الحلقة التالية من " الغريب والقط الأسود " وهي بعنوان " القط الأسود " دمت في خير وهناء.
                      [/align]
                      [CENTER][IMG]http://www.almolltaqa.com/vb/picture.php?albumid=136&pictureid=807[/IMG][/CENTER]

                      تعليق

                      • إبراهيم كامل أحمد
                        عضو أساسي
                        • 23-10-2009
                        • 1109

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة محمد الصاوى السيد حسين مشاهدة المشاركة
                        تحياتى البيضاء

                        كمتلق أجد أن النص يميل إلى أن يكون نواة لرواية تاريخية جميلة ثرية بالتفاصل الموحية والتى تثير لدى المتلقى خبرات مختلفة متنوعة ،أجد أن النص يحتفى بالإنسان العادى وسيرته ومن خلالها يقدم بذكاء اللمحة التاريخية
                        [align=justify]
                        الأخ الكريم الأديب محمد الصاوي السيد حسين

                        أشكر لك رؤيتك الواعية للنص والتي تعكس فهم أديب ذواقة.. صدق حدسك.. انتظر الحلقة التالية من الغريب والقط الأسود وهي بعنوان " القط الأسود ".. دمت في خير وسلام.
                        [/align]
                        [CENTER][IMG]http://www.almolltaqa.com/vb/picture.php?albumid=136&pictureid=807[/IMG][/CENTER]

                        تعليق

                        • إيمان عامر
                          أديب وكاتب
                          • 03-05-2008
                          • 1087

                          #13
                          تحياتي بعطرالزهور

                          المؤرخ القدير والمبدع المتألق

                          إبراهيم أحمد كامل

                          نري دائما التاريخ وأيام مصر الحبيبة بعيونك التي دائما ترصد لنا أحلي وأمتع اللقطات إنها موسوعة وحلقات رائعة

                          الحروف تهرب ويجف الحبر أمام روعة هذا السرد الإبحار بين هذا الإبداع الرائع

                          دمت بخير أستاذي الكريم ودام قلمك يقطر فرحا
                          لك ارق تحياتي
                          صباحك سعيد
                          "من السهل أن تعرف كيف تتحرر و لكن من الصعب أن تكون حراً"

                          تعليق

                          • إبراهيم كامل أحمد
                            عضو أساسي
                            • 23-10-2009
                            • 1109

                            #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة محمد فطومي مشاهدة المشاركة
                            قصّة بلا مجاملة من أروع و أجود ما قرأت و أمتعها بنية و مضمونا.
                            صديقي العزيز ابراهيم كامل أهنّئك على سعة علمك و اطّلاعك و حسن ترويضك للجانب التّاريخي في خدمة البعد الإنساني المستمر.
                            شدّني نقل الوقائع و تسخير الفنّيّات الأدبيّة العالية من أجل إعادة تركيب الحقبة التّاريخيّة و معاناتها.و أعترف أن لو درست التّاريخ بهذا الشّكل لعشقته.
                            إنّي أعدّ نصّك هذا مرجعا في أسلوب القصّ الجاد المقنع و السّرد الاجتماعي أوّلا ،و في منهجيّة تقريب الأثر التّاريخيّ للمتلقّي ثانيا.
                            أ.ابراهيم سعدت بالقراءة لك و أتمنّى أن تمتعنا من حين إلى آخر بعمل مماثل.
                            محبّتي لك أيّها المبدع.
                            [align=justify]
                            الأستاذ الأديب المبدع محمد فطومي

                            تحية حب وإعزاز

                            تعجز كلماتي عن التعبير عن شكري لتعليقك الذي استهدي بأنواره علي درب الإبداع ويسلط الضوء علي آفاق رحبة من المعرفة.. دمت أستاذي الكريم تحدونا علي درب الإبداع.
                            [/align]
                            [CENTER][IMG]http://www.almolltaqa.com/vb/picture.php?albumid=136&pictureid=807[/IMG][/CENTER]

                            تعليق

                            • إبراهيم كامل أحمد
                              عضو أساسي
                              • 23-10-2009
                              • 1109

                              #15
                              [align=justify]
                              الأخ الكريم الأديب الناقد صادق حمزة منذر

                              تحية ود خالص

                              كل الشكر لأستاذنا الأخطل الأخير الذي قدم لنا دراسة نقدية قيمة وثرية تفيدنا وتعلمنا وأرشدنا إلي كتاب تاريخي قيم للمؤرخ البديري.. وأتمني علي الأستاذ الكبير ألا يحرمنا من تواصل عطاءه النقدي فهو يضيف إلي علمنا الكثير.. دمت بكل خير.
                              [/align]
                              [CENTER][IMG]http://www.almolltaqa.com/vb/picture.php?albumid=136&pictureid=807[/IMG][/CENTER]

                              تعليق

                              يعمل...
                              X