رجل النيزك:
في السينما الامريكية الكثير الكثير من الأفلام..
القليل منها يستوقفني ..مثل فيلم (رجل النيزك)..
الذي انطلق من فكرة امتلاك الإنسان الطيّب لقوى
خارقة يحارب بها الجريمة والشرّ ..إنّه حلم إنساني
يزداد إلحاحاً عندما تستفحل الشرور ويسود الفساد ..
وقد ازدحم الفيلم بالأفكار الجميلة..ومن تلك الأفكار ..
1-وجود بطلين استمدا القوة من مصدر خارجي واحد..
أحدهما يقف في الظلّ وهو أقل قوّة ولاتتجاوز
قوّته القدرة على تحريك الأشياء عن بعد ..
أمّا البطل الآخرفاكتسب طاقة
كبيرة تتمثّل في مقاومة جسمه للرصاص وفي القدرة
على الطيران وفي امتلاك قوّة هائلة تسببت بزلزال
عندما سقط البطل من ارتفاع أمتار وبها يستطيع إطلاق شعاعين
من الليزر من عينيه ونفخ عاصفة من فمه وما إلى ذلك
من قوى ..وهذه الثنائية في امتلاك القوّة تشبه الثنائيات
الموجودة في العالم الواقعي المتمثّلة في وجود وجهين أحياناً
للقوّة وجه ظاهر كاسح ووجه خفي خافت ..
وهذان الوجهان متكاملان وقد يحتاج الأقوى
للأضعف في موقف من المواقف رغم قوّته ..
2-البطل الخارق كان في معظم مراحل الفيلم بالغ التواضع
مسالماً إلى حدّ بعيد وبقي يشكّ بقدراته ولم يستخدمها إلا في
تدمير معدّات لصنع المخدرات وفي إتلاف كميّات كبيرة منها ..
ولم نجده يقتل الآخرين بالعشرات وبدم بارد كما يحدث في أكثر
الأفلام بذريعة أنّهم أشرار أو قتلوا في لحظات اضطرار ..
وفي ذلك رسالة تقول: يجب احترام الحياة البشرية ..
وحافظ الفيلم على هذه الروح طوال الوقت ..
3-جعل الفيلم المعركة الحاسمة تدور في لحظة فقد فيها البطل قواه
واحتاج إلى مساعدة المجتمع المؤلف من أفراد خائفين مستسلمين
لضعفهم هاربين من مسؤولياتهم في مواجهة الشرّ ينتظرون من البطل
أن يأتي لينقذهم وأن يسهر ليحرسهم ولكلّ منهم همّه الخاص ..
وعند اشتعال المعركة بدأ الوعي يتسرّب إلى نفوسهم وألهبت شجاعة
البطل الأعزل من قواه حماسهم الواحد تلو الآخر وراحوا يشاركون
في المواجهة ويتخلّون عن نقائصهم ..وامتد الأثر الإيجابي لشجاعة
البطل إلى الأطفال الذين كانوا أفراداً في العصابة فانضموا إلى قوى الخير
وهذه لفته ذكيّة تقول:إن الأطفال أيّاً كان موقعهم هم ضحيّة وهم
سيميلون إلى الخير في امتحان الولاء وسيسارعون إلى البراءة من الشر
عندما يكون لديهم الخيار ..وهكذا اختفت تماماً من الفيلم الصورة
النمطية في الفيلم الأمريكي التي تمجّد البطولة الفرديّة وحلّت محلّها
صورة بطولة الجماعة المعتمدة على التعاون والتضامن والمشاركة
الجماعية في مواجهة تحالف قوى الشر ..وكأنّ الفيلم يريد
القول :إنّ العصابات هي جماعة مؤلفة من أفراد يتعاونون وينتصرون
لأنّهم يركّزون هجومهم على فرد ..فإذا وقفت جماعة من الناس
في وجه العصابات فستنقلب الموازين وسترجح كفّة الخير ..
4-في الفيلم فكاهة وسخرية من كثير من النقائص والمعايب
البشرية على مستوى الفرد والجماعة ..
و فيه الكثير ممّا يستحقّ التأمّل فيه
والوقوف عنده و أهميّة كلّ ذلك تزداد
لكون الفيلم يأتي من مكان لم نعتد منه إلا
الأفلام الفارغة الضحلة ..

----------------