حديثٌ في الهجرة
يطول الحديث في مثل هذه المناسبة ويطول , وبحاجة كبيرة ليس لكلمات وأسطر فقط ,بل المجلدات و الموسوعات الكثيرة التي ممكن أوتوّفي هذا الحدث حقه أو شيئاً منه.
فالهجرة لم تكن إلاّ بإذن من الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم ولم تكن من رسول الله صلى الله عليه فراراً بنفسه من شدة الضغوطات التي اشتدت وطأتها عليه في مكة وفي تلك المرحلة كانت مرحلة التكوين والتأسيس لنواة الدولة الإسلامية القادمة ,لكنّ الرسول صلى الله عليه وسلم , دعا ربه كثيراً بأن يفرج الكربة عنه وعن أصحابه ,و عمق التربية والتكوين للأفراد الذين أسلموا, وثباتهم المنقطع النظير, والذي أصبح مثالاً يحتذى في الصبر والمثابرة والثبات على المبدأ , ويمرّ بآل ياسر , يشد من أزرهم (اصبروا آل ياسر فإن موعدكم الجنة ) وهي المطلب والمآل لمن ابتغى وتلمس سبيلها في حياته , ولم يكن أعظم من النفس لدى هؤلاء الذين أسلموا أنفس وأغلى من نفوسهم وأرواحم لبذلها في سبيل الله , نصرة للدين .
تعتبر الهجرة من أهم وأجلّ أحداث الإسلام الكبرى , وجاءت بعد أن أذن الرسول لأصحابه بالهجرة فرادى كلٌّ على مقدرته , وعلى مدار فترة من الزمن انتقل الكثير من الصحابة هم وأموالهم وعيالهم إلى دار الهجرة, حتى اطمأن الرسول صلى الله عليه وسلم , إلى الكثرة من الصحابة قد أصبحوا في دار آمنة, ولم يبق في مكة إلاّ من عجز من كل الأوجه وبقي على دينه سراً , بعد ذلك أخذ التدابير بالتنسيق مع صاحبه وخليله أبي بكر ( الثاني اثنين), بعد أبقى علي بن أبي طالب في فراشه, وسلمه أموال اهل مكة التي كانوا قد إئتمنوه عليها, فالأمانة خلق إنساني كريم , يجب أن تؤدى لأصحابها وإن كانوا غير مؤمنين وعلى دين يختلف عن دينك ومعتقدك.
وجاءت الهجرة , بعد أن استعصت النفوس القرشية وأهل مكة على نفحات الإيمان الربانية, وتمترسوا وراء عنجهيّتم التي كانت سداً منيعاً في مقاومة الدعوة, وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يبذل كل جهده في تبليغ الدعوة, وقد انتهز كل مناسبة وكل حين ,وكان يتمنى إسلام قومه , لينقذهم من متاهات الكفر الوبيلة التي أركسوا فيها , وصدّوا عن الحق وسبله , مما ازداد يقين الرسول صلى الله عليه وسلم من بطلب الإذن من ربه , ليفتح سبيلاً جديداً لانطلاق دعوة الإسلام إلى العالمية , من خلال المدينة المنورة, التي أصبحت قاعدة الإسلام ومنها انطلق في كل اتجاهات الكون .
ولما خرج رسول الله صلى الله عليه , ازداد طلب قريش عليه , وجعلوا الجائزة المجزية لمن أتى به حيّاً أو ميتاً, ليكون سراقة بن مالك الذي أدرك الرسول وصاحبه, وخاطبه عن قرب بعد أن غاصت أرجل فرسه في الرمال , ويرجع ولكن بريق الجائزة يخامر نفسه ويعود الكرّة تلو الكرّة, حتى رجع ولم يعد وذلك بعد وعد النبي صلى الله عليه وسلم ( بتاج كسرى وسواريه) وأيقن من صدق الرسول بالبر بوعده, ولما كان فتح المدائن , ودخول الإسلام لديار فارس في عهد عمر بن الخطاب,الذي قال: ( والله إن قوماً أدّوا مثل هذا لأمناء) , وجاءت الأموال إلى المدينة ومن ضمنها تاج كسرى وسواريه ,فنادى على سراقة بن مالك , وسلمه ما كان وعده به رسول الله صلى الله عليه.
ولم يكن حدث الهجرة في نفوسنا , مجرد مناسبة سنوية عابرة, أومناسبة رسمية تعطل فيها دوائر الحكومات, أو إقامة الإحتفالات, بل يتعدى الحديث إلى رؤية آثار الهجرة في حياتنا اليومية,التي تعمقت فيها محبة الرسول صلى الله عليه وسلم, وهجرته التي كانت سبباً في نشر النور والسلام والعدل والمساواة و الإخاء الإنساني بين بني البشر,والتي سبقت مبادئ ولسون , ومبادئ الثورة الفرنسية, بقرون طويلة, ويقف التاريخ مبهوراً أمام حدث الهجرة , وأمام عظمة من هاجر في سبيل نصرة دينه .
هذه عجالة جاءت كإضاءة على جانب في فلسفة الهجرة أرجو أن تكون قد أوصلت الفكرة .
------------------------------------------------- انتهى
بصرى الشام 6-12-2010 م
إضاءة( بقلم – محمد فتحي المقداد)*
يطول الحديث في مثل هذه المناسبة ويطول , وبحاجة كبيرة ليس لكلمات وأسطر فقط ,بل المجلدات و الموسوعات الكثيرة التي ممكن أوتوّفي هذا الحدث حقه أو شيئاً منه.
فالهجرة لم تكن إلاّ بإذن من الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم ولم تكن من رسول الله صلى الله عليه فراراً بنفسه من شدة الضغوطات التي اشتدت وطأتها عليه في مكة وفي تلك المرحلة كانت مرحلة التكوين والتأسيس لنواة الدولة الإسلامية القادمة ,لكنّ الرسول صلى الله عليه وسلم , دعا ربه كثيراً بأن يفرج الكربة عنه وعن أصحابه ,و عمق التربية والتكوين للأفراد الذين أسلموا, وثباتهم المنقطع النظير, والذي أصبح مثالاً يحتذى في الصبر والمثابرة والثبات على المبدأ , ويمرّ بآل ياسر , يشد من أزرهم (اصبروا آل ياسر فإن موعدكم الجنة ) وهي المطلب والمآل لمن ابتغى وتلمس سبيلها في حياته , ولم يكن أعظم من النفس لدى هؤلاء الذين أسلموا أنفس وأغلى من نفوسهم وأرواحم لبذلها في سبيل الله , نصرة للدين .
تعتبر الهجرة من أهم وأجلّ أحداث الإسلام الكبرى , وجاءت بعد أن أذن الرسول لأصحابه بالهجرة فرادى كلٌّ على مقدرته , وعلى مدار فترة من الزمن انتقل الكثير من الصحابة هم وأموالهم وعيالهم إلى دار الهجرة, حتى اطمأن الرسول صلى الله عليه وسلم , إلى الكثرة من الصحابة قد أصبحوا في دار آمنة, ولم يبق في مكة إلاّ من عجز من كل الأوجه وبقي على دينه سراً , بعد ذلك أخذ التدابير بالتنسيق مع صاحبه وخليله أبي بكر ( الثاني اثنين), بعد أبقى علي بن أبي طالب في فراشه, وسلمه أموال اهل مكة التي كانوا قد إئتمنوه عليها, فالأمانة خلق إنساني كريم , يجب أن تؤدى لأصحابها وإن كانوا غير مؤمنين وعلى دين يختلف عن دينك ومعتقدك.
وجاءت الهجرة , بعد أن استعصت النفوس القرشية وأهل مكة على نفحات الإيمان الربانية, وتمترسوا وراء عنجهيّتم التي كانت سداً منيعاً في مقاومة الدعوة, وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يبذل كل جهده في تبليغ الدعوة, وقد انتهز كل مناسبة وكل حين ,وكان يتمنى إسلام قومه , لينقذهم من متاهات الكفر الوبيلة التي أركسوا فيها , وصدّوا عن الحق وسبله , مما ازداد يقين الرسول صلى الله عليه وسلم من بطلب الإذن من ربه , ليفتح سبيلاً جديداً لانطلاق دعوة الإسلام إلى العالمية , من خلال المدينة المنورة, التي أصبحت قاعدة الإسلام ومنها انطلق في كل اتجاهات الكون .
ولما خرج رسول الله صلى الله عليه , ازداد طلب قريش عليه , وجعلوا الجائزة المجزية لمن أتى به حيّاً أو ميتاً, ليكون سراقة بن مالك الذي أدرك الرسول وصاحبه, وخاطبه عن قرب بعد أن غاصت أرجل فرسه في الرمال , ويرجع ولكن بريق الجائزة يخامر نفسه ويعود الكرّة تلو الكرّة, حتى رجع ولم يعد وذلك بعد وعد النبي صلى الله عليه وسلم ( بتاج كسرى وسواريه) وأيقن من صدق الرسول بالبر بوعده, ولما كان فتح المدائن , ودخول الإسلام لديار فارس في عهد عمر بن الخطاب,الذي قال: ( والله إن قوماً أدّوا مثل هذا لأمناء) , وجاءت الأموال إلى المدينة ومن ضمنها تاج كسرى وسواريه ,فنادى على سراقة بن مالك , وسلمه ما كان وعده به رسول الله صلى الله عليه.
ولم يكن حدث الهجرة في نفوسنا , مجرد مناسبة سنوية عابرة, أومناسبة رسمية تعطل فيها دوائر الحكومات, أو إقامة الإحتفالات, بل يتعدى الحديث إلى رؤية آثار الهجرة في حياتنا اليومية,التي تعمقت فيها محبة الرسول صلى الله عليه وسلم, وهجرته التي كانت سبباً في نشر النور والسلام والعدل والمساواة و الإخاء الإنساني بين بني البشر,والتي سبقت مبادئ ولسون , ومبادئ الثورة الفرنسية, بقرون طويلة, ويقف التاريخ مبهوراً أمام حدث الهجرة , وأمام عظمة من هاجر في سبيل نصرة دينه .
هذه عجالة جاءت كإضاءة على جانب في فلسفة الهجرة أرجو أن تكون قد أوصلت الفكرة .
------------------------------------------------- انتهى
بصرى الشام 6-12-2010 م
تعليق