سكوت...إنّي أحترق .(اهداء خاص) آسيا رحاحليه

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • آسيا رحاحليه
    أديب وكاتب
    • 08-09-2009
    • 7182

    سكوت...إنّي أحترق .(اهداء خاص) آسيا رحاحليه

    إلى الأخوات و الإخوة المبدعين في ملتقى القصة ..كلٌ باسمه ..و على رأسهم المبدع القدير الأستاذ ربيع عقب الباب .
    مع تمنياتي بسنة هجرية و ميلادية ملؤها الخير و الصحة و السعادة و الإبداع الجميل .

    إني أحبّكم..في الله.

    ثم ..في الحرف .


    سكوتْ..إنّي أحترقْ....


    " الكتابة فعل احتراق " سمر يزبك

    - لماذا تكتب ؟

    فاجأني سؤاله و كنت ساهما , شارد الذهن , أتابع بعين قلقة رواد المقهى الداخل منهم و الجالس , بين أناملي سيجارة شارفت على الموت و روايتي الجديدة تقضّ تفكيري , سطورها تسبح بضبابية في أفق خيالي .
    أسحقُ بقايا السيجارة في المنفضة , أقول باقتضاب :
    - لا أدري . لمَ تسأل الآن ؟

    - لأن كل أفعالنا و تصرّفاتنا لها أسبابٌ و دوافع . و بصراحة كلما رأيتك مهووسا بالكتابة تحيّرتُ في دوافعك .

    قال ذلك و أصابعه تعبث في دفتر صغير أمامي على الطاولة , أحمله معي في كل مكان كأنّه وثيقة هويّة , أدوّن فيه فكرة تهدّد بالهروب أو عبارة تتمنّع عن حضن الذاكرة .
    هكذا شأنه معي دائما . تعوّدتُ مشاغبته و أسئلته كلما التقينا لبعض الوقت هنا في مقهى الحي لشرب الشاي . لم يمض وقت طويل منذ انتقل بعائلته للسّكن بالجوار , و أصبحنا أصدقاء , في زمن قياسي . أحببتُ الرجلَ فعلا . مدرّس رياضيات في العقد الثالث من العمر . لا يعنيه الأدب و لا يفهم في الإبداع و لكنه طيبٌ و ظريف , دائم المرح و ذكيّ جدا .أجد في صحبته راحةً و متعة وكثيرا ما ينقذني بحديثه و نكاته من كآبة الحاضر . و الأجمل أنه يتحمّل تقلّب مزاجي و يغفر لي شرودي و صمتي .

    قال و قد يئس من الحصول على إجابة :

    - انظر .أترى ذلك الرجل هناك ؟ نعم .. صاحب ربطة العنق المخطّطة . انظر إلى ملامحه العابسة و كرشه الكبيرة ..أكاد أجزم أنه إداريّ متورط في قضيّة رشوة..و زوجته اكتشفت أنه يخونها مع السكرتيرة . ما رأيك في أن تكتب قصته ؟
    واصل و هو يتمطّى في كرسيه بثقة كأنّه أسدى لي خدمة لا تُقدّر بثمن :
    - ها أنا أعطيتك الفكرة و يمكنك أن تتخيّل البقيّة .

    يا للسذاجة ‼ كأنّما الأفكار هي الإشكالية ..كل هؤلاء قصص ..السّمين و النادل و صاحب المقهى و أنت و هذا الكرسي ّ و تلك المتسوّلة الجالسة على الرصيف المقابل طيلة فصول السنة تستجدي الحياة من المارة ..كلهم قصص ..كلهم....

    - شكرا لك يا صديقي ...سأفكّر في ذلك .

    يرتشف شايه الساخن محدثا صوتا :

    -أحيانا أتحيّر في أمرك وأود لو أسألك كيف استطعت كتابة كل أعمالك .. لا تقل لي أنك أفقتَ يوما من النوم فوجدت نفسك كاتبا ..؟
    أرمق الرجل السّمين . ألتقط له صورة أدسّها بين صفحات الذاكرة . قد أجعله يوما يتحرّك على رقعة حكاية وهمية .
    _ الأمر معقّدٌ قليلا , كيف يمكنني أن أشرحه لك ؟

    ترى , أيّ مفردات سأنتقي لأحدثه عن الموهبة و الهاجس الإبداعي و حمّى الكلمة و الممارسة اللّغويّة اللذيذة ..عن فوضى المكان و الزمان , عن متعة التشرّد في أزقّة اللّغة , عن الغربة وسط الناس و الأنس بالأبجدية ؟ .

    هل أقول له أني أكتب فرارا من غطرسة الواقع و بلادة الزمن ؟ أأحدثه عن حالة البؤس التي تعتريني حين يعاندني القلم أم عن الفرحة التي تكاد تفجّر القلب بولادة النصوص ؟ كيف أصف له بهجة روحي بأول نص نُشر لي في الصحف , غبطتي بالمعجبين , حبّي لأبطالي الوهميين الذين أستطيع بجرّة قلم أن أبعث فيهم الحياة أو أسلمهم للموت ؟ .. حروبي على الورق ضد الظلم و البشاعة و الكراهية , وقوفي الأول أمام الجمهور و أنا أبتسم في خجل مفتعل , كأني آخر الفرسان الفاتحين يقف بباب مدينة أسطورية استعصت على غيره ..

    كيف أشرح له كل هذا ؟

    قلت له و أنا أشعل سيجارة دون أن أحوّل نظري عن الرجل السمين و قد بدأ يثير اهتمامي فعلا:

    - تستطيع أن تعتبره نوعا من المرض .. لا يصيب سوى أناس معيّنين , شريطة أن يكون لديهم استعداد فطري لاحتضان الفيروس ..و لكنه لسوء الحظ , حظُ أمثالي أقصد , هو غير مزمن .

    قهقه ضاحكا :
    - شخصيا ..ما يهمّني هو أن يكون غير مُعْدٍ ..
    و أضاف :

    - إن كان الأمر هواية يمكنك التغيير يا أخي . خذ لك هوايات أخرى و ارتح . ما رأيك في الرهان الرياضي مثلا أو ..أو...كرة القدم ؟

    قلت مبتسما و أنا أراقب خيوط دخان اللفافة تصعد كثيفة ثم تتحوّل إلى لا شيء :

    - كلها ألعاب .. هم يلعبون بالكرة و نحن الكتّاب نلعب باللغة .

    هزّ رأسه و قلّب شفتيه :

    - هذا مثير للاهتمام . لكني واثق يا صديقي بأنك لو لعبت باللغة من الآن إلى يوم يبعثون فلن تحصل على ربع ما يكسبه لاعب كرة محترف في مقابلة واحدة

    ثم استطرد و هو يعاود العبث بدفتري :

    - على فكرة ..كم كسبت من روايتك الأخيرة ؟

    آه ..يا أنت ..إنها أكثر من رواية ..إنها احتراقي , إنها رماد عمري منثورا على الأوراق ‼

    نظري لا ينزل عن الرجل السمين . يحدّث رفيقه بانفعال شديد , يلوّح بقبضة يده ثم يضرب بها الطاولة ضربات خفيفة متتالية .
    - لا شيء . طبعتها على حسابي الخاص بعد عناء كبير .
    أطلقَ ضحكة عالية و قال بسخرية :
    - أرأيت ؟ لذلك أشفق عليك من العناء . لم يبقَ سوى أن تدفعَ للناس كي يقرأوها .
    أتفرّس في وجهه البشوش كوجه طفل كبر قبل الأوان..أشاركه الضحك , ربما لأشيح بتفكيري عن الفاجعة في معنى كلامه .

    كيف أفهمه أن هذا العناء هو حياتي و وجودي .. أنّه تورّط , تفتّت , تعنّت , احتراقٌ مستمر , مكابدة لذيذة رائعة .. أنّه شذوذ عن المنطق و المألوف و رحلة بحث عن انتماء ما في عالم لا يمكنني الانتماء إليه .. بأية لغة أشرح له أن الكتابة وحدها توقظ في داخلي مواتَ الأمل , تصالحني مع الماضي و مع الآتي ...وحدها تبقيني على قيد الحزن و.... الحب . ثم هل سيفهم لو أخبره أنه يدينُ لي بالكثير , لأني أحلم نيابةً عنه و عن ذلك السمين و عن العالم , و أتألم نيابةً عنه و عن العالم و أتنازل , حين أكتب , عن أحقّيتي في حب نفسي فقط , و كره العالم ؟
    هل سيفهم ؟
    - حسنا يا صديقي...ليس لأني أضيق بصحبتك و لكن يجب أن أذهب لقضاء بعض الأمور . أراك قريبا .

    قال ذلك و وقف مودّعا . هل قرأ في عينيّ أمنيةَ أن يكفّ عن الثرثرة و يدعني و شأني ؟
    أحسست براحة و أنا أجلس إلى الطاولة لوحدي أقلّب نظري في الوجوه ..قبل أن أحمل شتاتي و أعود إلى البيت .

    غرفتي غارقة في الفوضى . على المكتب كتبٌ و دفاتر و بضع أوراق مبعثرة تنتظر هطول الحبر , أقلامٌ ممدّدة في سكون كأنما ترتاح من حصار أناملي , فنجانُ قهوة باردة راكدة غلّفها الغبار نسيتُ أن أشربها في غمرة قلقي و انفعالي ..كل شيء في مكانه . كل من في البيت حفظوا الدرس ..حذّرتهم من لمس أي شيء في صومعتي و لو حتى ورقة مهملة ملقاة على البلاط .

    أغيّر ثيابي . أتخلّص من ربطة العنق الخانقة , أرمي بالجاكتة على كرسيّ عتيق يقبع بجانب السرير ..تزعجني أصوات عالم غريب يتحرّك خارجا فأغلق النافذة و أرخي الستائر ..أبحث عن السّكون ففي رأسي غليان رهيب . أقلّب أوراق روايتي الجديدة لأبدأ حيث توقّفت أو ربما أضع النهاية قبل أوانها أو أغيّر البداية تماما ..

    لا أدري ..كله وقفٌ على حالة احتراق تتلبّسني .
    التعديل الأخير تم بواسطة آسيا رحاحليه; الساعة 09-01-2011, 14:28.
    يظن الناس بي خيرا و إنّي
    لشرّ الناس إن لم تعف عنّي
  • إيمان الدرع
    نائب ملتقى القصة
    • 09-02-2010
    • 3576

    #2
    لله درّك أختي الحبيبة آسية ...
    لقد كتبتِ بأقلامنا جميعاً ...
    كتبتِ ببراعةٍ... أوجاع سطورنا ...
    كشفتِ هويّتنا ...ودفاتر احتراقنا ..
    لوحة متكاملة ..لجزئيّات كالفسيفساء متراصّة في عالم نعيشه ..
    صعبٌ أن يلامسه غيرنا ...مهما كانت شدّة اقترابه ...
    بورك قلمك ...وفكرك الوقّاد ....الأستاذة الرّائعة آسية...
    مع أطيب أمنياتي ...تحيّاتي ...
    وكلّ عامٍ وأنتم جميعاً بخيرٍ

    تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

    تعليق

    • ربيع عقب الباب
      مستشار أدبي
      طائر النورس
      • 29-07-2008
      • 25792

      #3
      الكتابة هى الفعل الوحيد الذى تعلمت إجادته
      أنا لا أكتب لك
      و لا يهمنى رأيك فى شىء
      أنا أكتب لحبيبة سوف تفهمنى
      و ضمير سيشعر بي و يقتنيني
      و قلب ظامئ للحياة مثلي

      يموت لاعب الكرة بلا قيمة كشىء نتن حتى لو عاش أسطورة
      أما الأديب فلا يهم أحدا
      لكنه بعد مئات من السنين قد يهم مولودا ما !!

      كل سنة و أنت بخير و سعادة
      سئمت الكتابة و الأسئلة و الناس
      و المتحذلقين
      و التفهاء من أنصاف الموهوبين .. سئمت أن أكون إنسانا بينما البهائم و الطيور الضالة تجد ما لا أجد !!
      sigpic

      تعليق

      • آسيا رحاحليه
        أديب وكاتب
        • 08-09-2009
        • 7182

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة
        لله درّك أختي الحبيبة آسية ...
        لقد كتبتِ بأقلامنا جميعاً ...
        كتبتِ ببراعةٍ... أوجاع سطورنا ...
        كشفتِ هويّتنا ...ودفاتر احتراقنا ..
        لوحة متكاملة ..لجزئيّات كالفسيفساء متراصّة في عالم نعيشه ..
        صعبٌ أن يلامسه غيرنا ...مهما كانت شدّة اقترابه ...
        بورك قلمك ...وفكرك الوقّاد ....الأستاذة الرّائعة آسية...
        مع أطيب أمنياتي ...تحيّاتي ...
        وكلّ عامٍ وأنتم جميعاً بخيرٍ
        أختي الغالية إيمان..
        هذا النص أوحى لي به نص للكاتب باسكال عساف في ملتقى أصوات الشمال..حين كتب عن " ماذا يعني أن تكون كاتبا؟ "
        شكرا على مرورك الجميل و كلماتك الصادقة.
        كل عام أنت بخير و سعادة . .
        يظن الناس بي خيرا و إنّي
        لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

        تعليق

        • آسيا رحاحليه
          أديب وكاتب
          • 08-09-2009
          • 7182

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
          الكتابة هى الفعل الوحيد الذى تعلمت إجادته
          أنا لا أكتب لك
          و لا يهمنى رأيك فى شىء
          أنا أكتب لحبيبة سوف تفهمنى
          و ضمير سيشعر بي و يقتنيني
          و قلب ظامئ للحياة مثلي

          يموت لاعب الكرة بلا قيمة كشىء نتن حتى لو عاش أسطورة
          أما الأديب فلا يهم أحدا
          لكنه بعد مئات من السنين قد يهم مولودا ما !!

          كل سنة و أنت بخير و سعادة
          سئمت الكتابة و الأسئلة و الناس
          و المتحذلقين
          و التفهاء من أنصاف الموهوبين .. سئمت أن أكون إنسانا بينما البهائم و الطيور الضالة تجد ما لا أجد !!
          الكتابة هي الفعل الوحيد الذي أعشق القيام به بغض النظر عن إجادته ..
          و أنا أكتب لأني بكل بساطة لا أقدر أن لا أكتب ..
          فعلٌ أجد فيه كل المتعة و السعادة ..رغم القلق و الإنفعال و التذبذب .
          لا أصدّق أنك سئمت الكتابة أستاذ ربيع..
          التفت للإبداع و دعك من كل أولائك..
          يموت لاعب الكرة بلا قيمة كشىء نتن حتى لو عاش أسطورة
          أما الأديب فلا يهم أحدا
          لكنه بعد مئات من السنين قد يهم مولودا ما !!
          ما أروع ما قلته هنا ..
          كن بخير أستاذ .
          تحيّتي.
          التعديل الأخير تم بواسطة آسيا رحاحليه; الساعة 25-12-2010, 18:22.
          يظن الناس بي خيرا و إنّي
          لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

          تعليق

          • عائده محمد نادر
            عضو الملتقى
            • 18-10-2008
            • 12843

            #6
            آسيا رحاحليه غاليتي
            فعلا كتبت عن معاناة كبيرة لنا
            لكن
            قد يكسب لاعب كرة القدم كثيرا
            والمطرب أيضا
            وربما الممثل
            لكنهم لن يستطيعوا أن ينهضوا بالفكر مثلما يفعل الأديب مئات السنين وربما إلوفا أيضا
            لن يستطيعوا أن يبقوا متوالدين كما نفعل خاصة لو كان لنا بصمة ورؤيا وفكر واضح ورسالة
            نص جميل وخاص جدا
            ليت العنوان كان خاصا أيضا له
            وبدون سكوت لأني أحترق
            ليكن خاص جدا أو غيره
            ودي ومحبتي لك غاليتي


            أكره ربيع

            http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=67177
            الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

            تعليق

            • آسيا رحاحليه
              أديب وكاتب
              • 08-09-2009
              • 7182

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
              آسيا رحاحليه غاليتي
              فعلا كتبت عن معاناة كبيرة لنا
              لكن
              قد يكسب لاعب كرة القدم كثيرا
              والمطرب أيضا
              وربما الممثل
              لكنهم لن يستطيعوا أن ينهضوا بالفكر مثلما يفعل الأديب مئات السنين وربما إلوفا أيضا
              لن يستطيعوا أن يبقوا متوالدين كما نفعل خاصة لو كان لنا بصمة ورؤيا وفكر واضح ورسالة
              نص جميل وخاص جدا
              ليت العنوان كان خاصا أيضا له
              وبدون سكوت لأني أحترق
              ليكن خاص جدا أو غيره
              ودي ومحبتي لك غاليتي


              أكره ربيع

              http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=67177
              أكيد عزيزتي عائدة..
              شتان ..لا يستويان..الكاتب الأديب , صاحب الفكر و الرسالة , و غيره من المتطفّلين على دنيا الإبداع..
              دائما عندما أسمع أحد لاعبي كرة القدم يلقّب بالأسطورة أستغرب و أتساءل ماذا قدّم للناس و للبشرية و أي رسالة حملها ليكون أسطورة لا تموت بتعاقب الأجيال ..؟
              أعجبني جدا قول الأستاذ ربيع أن الأديب لا يهم أحدا و لكنه بعد مئات السنين قد يهم مولودا ما ..
              نعم ..أثر الأديب باق لأنه يعطي من روحه و دمه و انسانيته ..
              شكرا عائدة من كل قلبي.
              يظن الناس بي خيرا و إنّي
              لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

              تعليق

              • فايزشناني
                عضو الملتقى
                • 29-09-2010
                • 4795

                #8
                كيف أفهمه أن هذا العناء هو حياتي و وجودي .. أنّه تورّط , تفتّت , تعنّت , احتراقٌ مستمر , مكابدة لذيذة رائعة .. أنّه شذوذ عن المنطق و المألوف و رحلة بحث عن انتماء ما في عالم لا يمكنني الانتماء إليه .. بأية لغة أشرح له أن الكتابة وحدها توقظ في داخلي مواتَ الأمل , تصالحني مع الماضي و مع الآتي ...وحدها تبقيني على قيد الحزن و.... الحب . ثم هل سيفهم لو أخبره أنه يدينُ لي بالكثير , لأني أحلم نيابةً عنه و عن ذلك السمين و عن العالم , و أتألم نيابةً عنه و عن العالم و أتنازل , حين أكتب , عن أحقّيتي في حب نفسي فقط , و كره العالم ؟

                أختي آسيا

                هذه مشاعر الكاتب أو الأديب الحقيقي التي تتغلغل في حناياه وتؤطر حياته وأحلامه
                هو احتراق لأنه يبدع ويشتعل في أكثر من موقف أو سطر أو جملة فينثر على الورق رماده
                وفي لحظات كثيرة يشعر أنه قبض على وجع هنا أو حلم هناك ويسلط الضوء على فكرة أو
                حالة انسانية غارقة في الظلام أو ضحكة هاربة أو حكاية تكاد أن تموت
                الكاتب يستشعر الخطر ويطلق بعض الإشارات والإيماءات لها رائحة البارود أو نكهة البرتقال والزيتون
                يتشظى وتبعثره أفكاره ... يحاول الطيران ... يعشق التقشف والحرمان ...... يبحث ويظل يبحث عن الإنسان
                تحية لك أختي آسيا
                أنا ساكت وأتابع الاحتراق
                مع كل الود والتقدير
                هيهات منا الهزيمة
                قررنا ألا نخاف
                تعيش وتسلم يا وطني​

                تعليق

                • عبدالمنعم حسن محمود
                  أديب وكاتب
                  • 30-06-2010
                  • 299

                  #9
                  لو الأماني في قبضتي لأستبدلت مهاراتي في الكتابة بمهارات في كرة القدم
                  إن شاء الله لموسم واحد..
                  وبعدها سأدفع الفتات لكاتب موهوب مغمور
                  أو حتى مشهور ليلصق ماركتي فوق كراتين انتاجه
                  (مزحة هي / أم لحظة انهزام كاسحة؟)..لا أدري!
                  ........
                  المبدعة / آسيا نور
                  بحق
                  يكفيني تماما بأن الكتابة هي التي عرفتني بكم
                  هذا الرصيد لا تحويه خزائن ريال مدريد
                  ولا مجال له ليستفيد من خدماتي
                  شكرا لك
                  لأنك عبرت أفضل ما يكون التعبير عما يجول في العمق
                  وشكرا لهذا الفضاء.
                  التواصل الإنساني
                  جسرٌ من فراغ .. إذا غادره الصدق


                  تعليق

                  • آسيا رحاحليه
                    أديب وكاتب
                    • 08-09-2009
                    • 7182

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة فايزشناني مشاهدة المشاركة

                    أختي آسيا

                    هذه مشاعر الكاتب أو الأديب الحقيقي التي تتغلغل في حناياه وتؤطر حياته وأحلامه
                    هو احتراق لأنه يبدع ويشتعل في أكثر من موقف أو سطر أو جملة فينثر على الورق رماده
                    وفي لحظات كثيرة يشعر أنه قبض على وجع هنا أو حلم هناك ويسلط الضوء على فكرة أو
                    حالة انسانية غارقة في الظلام أو ضحكة هاربة أو حكاية تكاد أن تموت
                    الكاتب يستشعر الخطر ويطلق بعض الإشارات والإيماءات لها رائحة البارود أو نكهة البرتقال والزيتون
                    يتشظى وتبعثره أفكاره ... يحاول الطيران ... يعشق التقشف والحرمان ...... يبحث ويظل يبحث عن الإنسان
                    تحية لك أختي آسيا
                    أنا ساكت وأتابع الاحتراق
                    مع كل الود والتقدير
                    أخي فايز..
                    ما أجمل مداخلتك هذه..
                    شكرا لك من القلب..
                    تحيّتي و ودي أيضا .
                    يظن الناس بي خيرا و إنّي
                    لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

                    تعليق

                    • آسيا رحاحليه
                      أديب وكاتب
                      • 08-09-2009
                      • 7182

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة عبدالمنعم حسن محمود مشاهدة المشاركة
                      لو الأماني في قبضتي لأستبدلت مهاراتي في الكتابة بمهارات في كرة القدم
                      إن شاء الله لموسم واحد..
                      وبعدها سأدفع الفتات لكاتب موهوب مغمور
                      أو حتى مشهور ليلصق ماركتي فوق كراتين انتاجه
                      (مزحة هي / أم لحظة انهزام كاسحة؟)..لا أدري!
                      ........
                      المبدعة / آسيا نور
                      بحق
                      يكفيني تماما بأن الكتابة هي التي عرفتني بكم
                      هذا الرصيد لا تحويه خزائن ريال مدريد
                      ولا مجال له ليستفيد من خدماتي
                      شكرا لك
                      لأنك عبرت أفضل ما يكون التعبير عما يجول في العمق
                      وشكرا لهذا الفضاء.
                      أما أنا فأعتقد أنني أدري..
                      هي بالفعل لحظة انهزام كاسحة ...في ثوب مزحة..
                      و لكن مرحى لانهزاماتنا إذا كانت تفجّر فينا ينبوع الكتابة ..
                      كل الشكر لك و سعيدة بالتعرّف على كاتب في قامتك.
                      مودّتي.
                      التعديل الأخير تم بواسطة آسيا رحاحليه; الساعة 27-12-2010, 11:30.
                      يظن الناس بي خيرا و إنّي
                      لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

                      تعليق

                      • مختار عوض
                        شاعر وقاص
                        • 12-05-2010
                        • 2175

                        #12
                        " أغيّر ثيابي . أتخلّص من ربطة العنق الخانقة , أرمي بالجاكتة على كرسيّ عتيق يقبع بجانب السرير ..تزعجني أصوات عالم غريب يتحرّك خارجا فأغلق النافذة و أرخي الستائر ..أبحث عن السّكون ففي رأسي غليان رهيب . أقلّب أوراق روايتي الجديدة لأبدأ حيث توقّفت أو ربما أضع النهاية قبل أوانها أو أغيّر البداية تماما ..

                        لا أدري ..كله وَقْفٌ على حالة احتراق تتلبّسني."

                        أديبتنا الراقية الأستاذة
                        آسيا رحاحلية
                        نصٌ غير مألوف، وجماله غير مألوف.. إنه أشبه بيومية في أجندة إنسان يبحث عن شيء لا يعرفه أو لا يذكره.. هو تعبير عن حالة من حالات البحث عن المجهول.. عن الرضا.. عن الراحة.. عن الوصول؛ ولكن هيهات ثم هيهات..
                        لقد قُدِّر له أن يقضي ما بقي من عمره يبحث عن اللاشيء..
                        إنه الإنسان في أجمل تجلياته.. إنه الفنان..
                        ودي وتقديري، وتهنئة بالعام الجديد.

                        تعليق

                        • آسيا رحاحليه
                          أديب وكاتب
                          • 08-09-2009
                          • 7182

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة مختار عوض مشاهدة المشاركة
                          " أغيّر ثيابي . أتخلّص من ربطة العنق الخانقة , أرمي بالجاكتة على كرسيّ عتيق يقبع بجانب السرير ..تزعجني أصوات عالم غريب يتحرّك خارجا فأغلق النافذة و أرخي الستائر ..أبحث عن السّكون ففي رأسي غليان رهيب . أقلّب أوراق روايتي الجديدة لأبدأ حيث توقّفت أو ربما أضع النهاية قبل أوانها أو أغيّر البداية تماما ..


                          لا أدري ..كله وَقْفٌ على حالة احتراق تتلبّسني."

                          أديبتنا الراقية الأستاذة
                          آسيا رحاحلية
                          نصٌ غير مألوف، وجماله غير مألوف.. إنه أشبه بيومية في أجندة إنسان يبحث عن شيء لا يعرفه أو لا يذكره.. هو تعبير عن حالة من حالات البحث عن المجهول.. عن الرضا.. عن الراحة.. عن الوصول؛ ولكن هيهات ثم هيهات..
                          لقد قُدِّر له أن يقضي ما بقي من عمره يبحث عن اللاشيء..
                          إنه الإنسان في أجمل تجلياته.. إنه الفنان..
                          ودي وتقديري، وتهنئة بالعام الجديد.
                          نعم أخي الكريم و كما قال كارلوس ليسكانو " الكتابة هي البحث عمّا لا يمكن إيجاده "..
                          شكرا لك.
                          وكل عام أنت بخير وصحة و سلامة.
                          يظن الناس بي خيرا و إنّي
                          لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

                          تعليق

                          • مجدي السماك
                            أديب وقاص
                            • 23-10-2007
                            • 600

                            #14
                            تحياتي

                            اختي المبدعة آسيا رحاحليه..تحياتي
                            اعجبني هذا الطرح بهذه الطريقة. ربما هو سؤال قديم جديد..سهل وصعب.. بسيط ومركب. لكن في النهاية..الاجابة نسبية..ولا بد من تنوع الاجتهاد..والرؤى.
                            حقيقة انني تمتعت بهذا الاسلوب..ولم اشعر بالملل رغم طول العرض.
                            خالص تحياتي
                            عرفت شيئا وغابت عنك اشياء

                            تعليق

                            • الحسن فهري
                              متعلم.. عاشق للكلمة.
                              • 27-10-2008
                              • 1794

                              #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة آسيا رحاحليه مشاهدة المشاركة
                              إلى الأخوات و الإخوة المبدعين في ملتقى القصة ..كلٌ باسمه ..و على رأسهم المبدع القدير الأستاذ ربيع عقب الباب .

                              مع تمنياتي بسنة هجرية و ميلادية ملؤها الخير و الصحة و السعادة و الإبداع الجميل .

                              إني أحبّكم..في الله.

                              ثم ..في الحرف .



                              سكوتْ..إنّي أحترقْ....

                              " الكتابة فعل احتراق " سمر يزبك


                              _ لماذا تكتب ؟

                              فاجأني سؤاله و كنت ساهما , شارد الذهن , أتابع بعين قلقة رواد المقهى الداخل منهم و الجالس , بين أناملي سيجارة شارفت على الموت و روايتي الجديدة تقضّ تفكيري , سطورها تسبح بضبابية في أفق خيالي .

                              أسحقُ بقايا السيجارة في المنفضة , أقول باقتضاب :

                              _ لا أدري . لمَ تسأل الآن ؟

                              _ لأن كل أفعالنا و تصرّفاتنا لها أسبابٌ و دوافع . و بصراحة كلما رأيتك مهووسا بالكتابة احترت* في دوافعك .

                              قال ذلك و أصابعه تعبث في دفتر صغير أمامي على الطاولة , أحمله معي في كل مكان كأنّه وثيقة هويّة , أدوّن فيه فكرة تهدّد بالهروب أو عبارة تتمنّع عن حضن الذاكرة .

                              هكذا شأنه معي دائما . تعوّدتُ مشاغبته و أسئلته كلما التقينا لبعض الوقت هنا في مقهى الحي لشرب الشاي . لم يمض وقت طويل منذ انتقل بعائلته للسّكن بالجوار , و أصبحنا أصدقاء , في زمن قياسي . أحببتُ الرجلَ فعلا . مدرّس رياضيات في العقد الثالث من العمر . لا يعنيه الأدب و لا يفهم في الإبداع و لكنه طيبٌ و ظريف , دائم المرح و ذكيّ جدا .أجد في صحبته راحةً و متعة وكثيرا ما ينقذني بحديثه و نكاته من كآبة الحاضر . و الأجمل أنه يتحمّل تقلّب مزاجي و يغفر لي شرودي و صمتي .

                              قال و قد يئس من الحصول على إجابة :

                              _انظر .أترى ذلك الرجل هناك ؟ نعم .. صاحب ربطة العنق المخطّطة . انظر إلى ملامحه العابسة و كرشه الكبيرة ..أكاد أجزم أنه إداريّ متورط في قضيّة رشوة..و زوجته اكتشفت أنه يخونها مع السكرتيرة . ما رأيك(في) أن تكتب قصته ؟

                              واصل و هو يتمطّى في كرسيه بثقة كأنّه أسدى لي(إليَّ) خدمة لا تُقدّر بثمن :

                              _ها أنا أعطيتك الفكرة و يمكنك أن تتخيّل البقيّة .

                              يا للسذاجة ‼ كأنّما الأفكار هي الإشكالية ..كل هؤلاء قصص ..السّمين و النادل و صاحب المقهى و أنت
                              وهذا الكرسيّ وتلك المتسوّلة الجالسة على الرصيف المقابل طيلة فصول السنة تستجدي الحياة من المارة ..كلهم قصص ..كلهم....

                              - شكرا لك يا صديقي ...سأفكّر في ذلك .

                              يرتشف شايه الساخن محدثا صوتا :

                              -أحيانا أحتار* في أمرك وأود لو أسألك كيف استطعت كتابة كل أعمالك .. لا تقل لي أنك(إنك) أفقتَ يوما من النوم فوجدت نفسك كاتبا ..؟

                              أرمق الرجل السّمين . ألتقط له صورة أدسّها بين صفحات الذاكرة . قد أجعله يوما يتحرّك على رقعة حكاية وهمية .

                              _ الأمر معقّدٌ قليلا , كيف يمكنني أن أشرحه لك ؟

                              ترى , أيّ مفردات سأنتقي لأحدثه عن الموهبة و الهاجس الإبداعي و حمّى الكلمة و الممارسة اللّغويّة اللذيذة ..عن فوضى المكان و الزمان , عن متعة التشرّد في أزقّة اللّغة , عن الغربة وسط الناس و الأنس بالأبجدية ؟ .

                              هل أقول له أني(إني) أكتب فرارا من غطرسة الواقع و بلادة الزمن ؟ أأحدثه عن حالة البؤس التي تعتريني حين يعاندني القلم أم عن الفرحة التي تكاد تفجّر القلب بولادة النصوص ؟ كيف أصف له بهجة روحي بأول نص نُشر لي في الصحف , غبطتي بالمعجبين , حبّي لأبطالي الوهميين الذين أستطيع بجرّة قلم أن أبعث فيهم الحياة أو أسلمهم للموت ؟ .. حروبي على الورق ضد الظلم و البشاعة و الكراهية , وقوفي الأول أمام الجمهور و أنا أبتسم في خجل مفتعل , كأني آخر الفرسان الفاتحين يقف بباب مدينة أسطورية استعصت على غيره ..

                              كيف أشرح له كل هذا ؟

                              قلت له و أنا أشعل سيجارة دون أن أحوّل نظري عن الرجل السمين و قد بدأ يثير اهتمامي فعلا:

                              _ تستطيع أن تعتبره نوعا من المرض .. لا يصيب سوى أناس معيّنين , شريطة أن يكون لديهم استعداد فطري لاحتضان الفيروس ..و لكنه لسوء الحظ , حظُ أمثالي أقصد , هو غير مزمن .

                              قهقه ضاحكا :

                              _ شخصيا ..ما يهمّني هو أن يكون غير مُعْدٍ ..

                              و أضاف :

                              _ إن كان الأمر هواية يمكنك التغيير يا أخي . خذ لك هوايات أخرى و ارتح . ما رأيك في الرهان الرياضي مثلا أو ..أو...كرة القدم ؟

                              قلت مبتسما و أنا أراقب خيوط دخان اللفافة تصعد كثيفة ثم تتحوّل إلى لا شيء :

                              _كلها ألعاب .. هم يلعبون بالكرة و نحن الكتّاب نلعب باللغة .

                              هزّ رأسه و قلّب شفتيه :

                              _ هذا مثير للاهتمام . لكني واثق يا صديقي أنك(بأنك) لو لعبت باللغة من الآن إلى يوم يبعثون فلن تحصل على ربع ما يكسبه لاعب كرة محترف في مقابلة واحدة

                              ثم استطرد و هو يعاود العبث بدفتري :

                              _ على فكرة ..كم كسبت من روايتك الأخيرة ؟

                              آه ..يا أنت ..إنها أكثر من رواية ..إنها احتراقي , إنها رماد عمري منثورا على الأوراق ‼

                              نظري لا ينزل عن الرجل السمين . يحدّث رفيقه بانفعال شديد , يلوّح بقبضة يده ثم يضرب بها الطاولة ضربات خفيفة متتالية .

                              _ لا شيء . طبعتها على حسابي الخاص بعد عناء كبير .

                              أطلقَ ضحكة عالية و قال بسخرية :

                              _ أرأيت ؟ لذلك أشفق عليك من العناء . لم يبقَ سوى أن تدفعَ للناس كي يقرؤوها .

                              أتفرّس في وجهه البشوش كوجه طفل كبر قبل الأوان..أشاركه الضحك , ربما لأشيح بتفكيري عن الفاجعة في معنى كلامه .

                              كيف أفهمه أن هذا العناء هو حياتي و وجودي .. أنّه تورّط , تفتّت , تعنّت , احتراقٌ مستمر , مكابدة لذيذة رائعة .. أنّه شذوذ عن المنطق و المألوف و رحلة بحث عن انتماء ما في عالم لا يمكنني الانتماء إليه .. بأية لغة أشرح له أن الكتابة وحدها توقظ في داخلي مواتَ الأمل , تصالحني مع الماضي و مع الآتي ...وحدها تبقيني على قيد الحزن و.... الحب . ثم هل سيفهم لو أخبره أنه يدينُ لي بالكثير , لأني أحلم نيابةً عنه و عن ذلك السمين و عن العالم , و أتألم نيابةً عنه و عن العالم و أتنازل , حين أكتب , عن أحقّيتي في حب نفسي فقط , و كره العالم ؟

                              هل سيفهم ؟

                              - حسنا يا صديقي...ليس أني* أضيق بصحبتك و لكن يجب أن أذهب لقضاء بعض الأمور . أراك قريبا .

                              قال ذلك و وقف مودّعا . هل قرأ في عينيّ أمنيةَ أن يكفّ عن الثرثرة و يدعني و شأني ؟

                              أحسست براحة و أنا أجلس إلى الطاولة لوحدي أقلّب نظري في الوجوه ..قبل أن أحمل شتاتي و أعود إلى البيت .

                              غرفتي غارقة في الفوضى . على المكتب كتبٌ و دفاتر و بضع أوراق مبعثرة تنتظر هطول الحبر , أقلامٌ ممدّدة في سكون كأنما ترتاح من حصار أناملي , فنجانُ قهوة باردة راكدة غلّفها الغبار نسيتُ أن أشربها في غمرة قلقي و انفعالي ..كل شيء في مكانه . زوجتي و أبنائي حفظوا الدرس ..حذّرتهم من لمس أي شيء في صومعتي و لو حتى ورقة مهملة ملقاة على البلاط .

                              أغيّر ثيابي . أتخلّص من ربطة العنق الخانقة , أرمي بالجاكتة على كرسيّ عتيق يقبع بجانب السرير ..تزعجني أصوات عالم غريب يتحرّك خارجا فأغلق النافذة و أرخي الستائر ..أبحث عن السّكون ففي رأسي غليان رهيب . أقلّب أوراق روايتي الجديدة لأبدأ حيث توقّفت أو ربما أضع النهاية قبل أوانها أو أغيّر البداية تماما ..

                              لا أدري ..كله وقفٌ على حالة احتراق تتلبّسني .
                              بسم الله.
                              سيدتي المحترمة/ آسيا،
                              بارك الله فيك،

                              " كيف أفهمه أن هذا العناء هو حياتي ووجودي.. أنّه تورّط، تفتّت، تعنّت، احتراقٌ مستمر، مكابدة لذيذة رائعة.. أنّه شذوذ عن المنطق والمألوف ورحلة بحث عن انتماء ما في عالم لا يمكنني الانتماء إليه .."


                              مررت بهذا الاحتراق اللذيذ الذي أغريتنا به إغراء..
                              وقد استمتعت كثيرا بباقة الجمال والإبداع التي أهديتنا هنا،
                              فكل عام وأنت بخير،
                              وكل احتراق لذيذ والإبداع بألف خير ورقيّ وازدهار..
                              تحيات وردية من أخيكم.
                              ---------------------------
                              ( عذرا إن كنت تصرفت في قصتك الجميلة ببعض التعديل )
                              ( ثم أشرت إلى بعض ما يستدعي التأمل والمراجعة * )

                              ولا أقـولُ لقِـدْر القـوم: قدْ غلِيَـتْ
                              ولا أقـول لـباب الـدار: مَغـلـوقُ !
                              ( أبو الأسْـود الدّؤليّ )
                              *===*===*===*===*
                              أنا الذي أمرَ الوالي بقطع يدي
                              لمّا تبيّـنَ أنّي في يـدي قـلــمُ
                              !
                              ( ح. فهـري )

                              تعليق

                              يعمل...
                              X