[frame="13 98"]
[size=5]
قراءة وحوار ؛ محمد سليم
عن قصة
( كانون الجدة ،للأطفال) ؛ للإعلامية الفلسطينية الأديبة سامية فارس
جفف دمعك
أذكر؛
..كنا بين شباط أو حزيران..والشمس دنت إلى زوال..كنا بعد صغار نهرول من ألتله العالية هناك..إلى طرقات وأزقة المخيم..رأتنا الجدة العجوز على مرمى النظر..تعيط فينا وتنادى؛ يا صغار يا صغار هلموا ..رمحنا نحوها..نسابق بعضنا بعضا..، قالت لنا بعد أن لامست رؤوسنا ؛ تحلقوا .. تحولقوا أيها الصغار..واخلعوا أثواب عفاريتكم الشقية جانبا.. وتمسكوا بحجارتكم جيدا بيد، وباليد الأخرى ضعوها في أيادي بعض كسلسة ذهبية.. وأنا والكانون..والقِدر يغلى والنار تلتهم الحطيبات.. نعم أتذكر..
أتذكر ؛
بعدما أحطنا بها تماما.. قلتُ لها حينئذ؛ جدتي.. هرولت وحضنتى بعيونها وغمزت بجفونها.. ومع هذا أردفت بطفولتي؛ ماذا في القدور ؟..نحن جوعي وتصوصو عصافير البطون..ابتسمت حتى ظهر من فمها الضرس الباقي..وكان ناصع البياض كلؤلؤة في بحر..، ووقتها أذكر؛ لم تجبني مباشرة ولكنها صرخت؛ تحلقوا حولي وهاتوا قلوبكم يغلى القدر أسرع ونلتهم الطعام .. فبالقدر دجاجة تكفى الصغار، وبالطنجرة أرز وصنوبر نضجا معا في وئام.. وهيا يا عفاريت نبدأ بالأغنيات..ولنغنى .. فمن يبدأ ويشجى ؟..أشرعنا أناملنا الصغيرة نتطاول بها للأعالي..اختارتني ستى العجوز منهم كالشعرة من العجين... وقالت قف هنا يا صغيري..وأخرجت من عبها نايا صغيرا.. قذفته إلى خي شادي..دعنى.. قلت أتركني..؛ فانا أتذكر جيدا؛ أنى كنت بعد طفلا و كنت أتلعثم في الغنية..
كنت أغنى ..
أغنى منتصبا كبندقية ويدي تحاكى بحركات صبيانية متخشبة..وأردد بشدو فيروزي ؛
هل فرست العسب ليلاً وتلحفت الفضا.. زاهدنّ في ما سيأتي ناسينّ ما قد مضا....
أعطني الناي وغني وانس داء ودوا..ان الناس سطورنٌ كتبت لكن بماء....
وستى في يديها عودا من بوص طويل طويل ..تلكزني على رأسي وتقول؛ غنى منيح.. شو عم تآكل لكلام أكل..الطعام على القدر.. وأعيد وأكرر وتقول الجدة؛ زد أكثر ..و تضحك وتتضاحك.. ويتساقط الأطفال واحدا تلو الآخر وواضعا كل منهم يديه على فمه يكتم قهقهاته..، وتنتهي أغنية ونبدأ بأغنية تاليه؛ ويبدأ شادي بغناء أغنيته المحببة؛ ويكررها بفصاحة ؛ .. شادي ركض يتفرج.. خفت وصرت اندهله.. وينك رايح يا شادي ..اندهله وما يسمعني ..ويبعد يبعد بالوادي.. ومن يومتها ما عدت شفتو.. ضاع شادي ,.. والتلج اجا وراح التلج 20 ..20.. مره اجا وراح التلج.. وانا صرت اكبر.. وشادي بعدو صغير ..عم يلعب عالتلج... ،
تتساقط..تتساقط ..
تتساقط عبرات ستى منها كحبات البرد الكبيرة..ونحن نلتحف سكون الصمت، بلا صوت، و نحدق بالجدة وتجحظ العيون.. ،.. وجه الجدة.. وآآه؛ يا جدتي ..آه... تلتفت إلى الكانون المشتعل وتقذف بداخله بعض الفحمات..يتوهج صدرها وتتلألأ حبات الدمع وتختفي بعد أن تجف فى خديها الغائرين..وتحبس أنفاسها وتخبئ كلماتها النافرة على شفتيها..وتعض نواجذها..كنت أخرج من حالتي وأتخطى الحلقة.. مسرعا؛ وبيدي الصغيرة أطبطب على كتفيها.. تخطفني في داخل حجرها وتنهال تقبّيلا..ثم تتسلل يدها وفى جنبي..نغز نغز ..فتنفجر الآهات والضحكات..ثم.نعود كما كنا في البسمات..
ثم ...
..ثم ..
همست جدتي بصوت؛ رائد لم يعد بعد يا أولاد ؟!....خرج بدون سترة صوفية....وترك نصف كوب الشاي بالمرمرية....تركه وخرج مسرعا على غير عادة.... ودّعني بقبلة شجية....هنا وهنا.... وهمس في أذني؛ أشعلي الكانون الليلة يا لختيارة.... وسأقص عليك حكايا حتى تنامي....أو نتسامر حتى شقشقات الفجر النادي....ثم مد يده....يداعب جديلة شعري هذى.. لا.. كانت أطول و لم يظهر فيها بعد اللون الأبيض.... قلت له؛ أتأخذها يا قاروط ! .... أم ستجدلها مقلاعا ..؟.. اخذ يضحك ملء قلبه وتركني ومرق.. كبد أمك يا رائد..بدى كحل عيوني منك يا ضناي.. ! .. تيتمت من بدري يا ولدي....،.. ننظر إليها جميعا بدهشة مشفوعة بحسرات الطفولة ونتحسر في ذكريات وفضفضات الجدة الحنونة.... بكت الجدة بصوت محموم.. وتقاسمنا معها البكاء .. وغسلنا العيون والعبرات.!. ثم ..أطلقت عيناها غيمات غيمات في السماء.... أوصت الغيمات ان تبلل الورود كلما عطشت.... و تدفئها كلما اشتدت الريح...، ....ثم دفنت قلبها مع الفحمات في الكانون....، ..وأذكر؛ أنها انتبهت لوجودنا؛ فهبت فينا شامخة وقالت؛ الطعام نضج....صرنا نتصايح ونزحف ونضيق الحلقة أكثر وأكثر.. وضعت صينية الطعام وصاحت فينا؛ هيا أيها العفاريت الكبار.... وبدأنا......وبدأنا.....لا أذكر شيئا.. غير..
غير..
ذكرني خيى ..بدى أتذكر ؟ ؛
.... تبعثر الطعام وتطايرت الأشلاء ..والكانون في كل مكان.. وصرخات مدوية من سيارات الإسعاف تزف المخيم وتقترب وتقترب..وجموع غفيرة تحمل عظاما ولحما في أعلام ..،هل تذكر أخي شادي ؟؟..، ..نعم تذكرت هو المكتوب على القبر..أمامي ها، لم أنساه حبيبي .. ولكني أحب أن أعيشه معكم..، ووضعت وردة على قبر جدتي وأخي وأبى .. وبُللتْ ورود الأضرحة بدمعي.. ومضيت............
17/05/2007
عن قصة قصيرة( كانون الجدة- للأطفال )
للأديبةالفلسطينية سامية فارس، قراءة وحوار محمد سليم
[/size]
[/frame]
[size=5]
قراءة وحوار ؛ محمد سليم
عن قصة
( كانون الجدة ،للأطفال) ؛ للإعلامية الفلسطينية الأديبة سامية فارس
جفف دمعك
أذكر؛
..كنا بين شباط أو حزيران..والشمس دنت إلى زوال..كنا بعد صغار نهرول من ألتله العالية هناك..إلى طرقات وأزقة المخيم..رأتنا الجدة العجوز على مرمى النظر..تعيط فينا وتنادى؛ يا صغار يا صغار هلموا ..رمحنا نحوها..نسابق بعضنا بعضا..، قالت لنا بعد أن لامست رؤوسنا ؛ تحلقوا .. تحولقوا أيها الصغار..واخلعوا أثواب عفاريتكم الشقية جانبا.. وتمسكوا بحجارتكم جيدا بيد، وباليد الأخرى ضعوها في أيادي بعض كسلسة ذهبية.. وأنا والكانون..والقِدر يغلى والنار تلتهم الحطيبات.. نعم أتذكر..
أتذكر ؛
بعدما أحطنا بها تماما.. قلتُ لها حينئذ؛ جدتي.. هرولت وحضنتى بعيونها وغمزت بجفونها.. ومع هذا أردفت بطفولتي؛ ماذا في القدور ؟..نحن جوعي وتصوصو عصافير البطون..ابتسمت حتى ظهر من فمها الضرس الباقي..وكان ناصع البياض كلؤلؤة في بحر..، ووقتها أذكر؛ لم تجبني مباشرة ولكنها صرخت؛ تحلقوا حولي وهاتوا قلوبكم يغلى القدر أسرع ونلتهم الطعام .. فبالقدر دجاجة تكفى الصغار، وبالطنجرة أرز وصنوبر نضجا معا في وئام.. وهيا يا عفاريت نبدأ بالأغنيات..ولنغنى .. فمن يبدأ ويشجى ؟..أشرعنا أناملنا الصغيرة نتطاول بها للأعالي..اختارتني ستى العجوز منهم كالشعرة من العجين... وقالت قف هنا يا صغيري..وأخرجت من عبها نايا صغيرا.. قذفته إلى خي شادي..دعنى.. قلت أتركني..؛ فانا أتذكر جيدا؛ أنى كنت بعد طفلا و كنت أتلعثم في الغنية..
كنت أغنى ..
أغنى منتصبا كبندقية ويدي تحاكى بحركات صبيانية متخشبة..وأردد بشدو فيروزي ؛
هل فرست العسب ليلاً وتلحفت الفضا.. زاهدنّ في ما سيأتي ناسينّ ما قد مضا....
أعطني الناي وغني وانس داء ودوا..ان الناس سطورنٌ كتبت لكن بماء....
وستى في يديها عودا من بوص طويل طويل ..تلكزني على رأسي وتقول؛ غنى منيح.. شو عم تآكل لكلام أكل..الطعام على القدر.. وأعيد وأكرر وتقول الجدة؛ زد أكثر ..و تضحك وتتضاحك.. ويتساقط الأطفال واحدا تلو الآخر وواضعا كل منهم يديه على فمه يكتم قهقهاته..، وتنتهي أغنية ونبدأ بأغنية تاليه؛ ويبدأ شادي بغناء أغنيته المحببة؛ ويكررها بفصاحة ؛ .. شادي ركض يتفرج.. خفت وصرت اندهله.. وينك رايح يا شادي ..اندهله وما يسمعني ..ويبعد يبعد بالوادي.. ومن يومتها ما عدت شفتو.. ضاع شادي ,.. والتلج اجا وراح التلج 20 ..20.. مره اجا وراح التلج.. وانا صرت اكبر.. وشادي بعدو صغير ..عم يلعب عالتلج... ،
تتساقط..تتساقط ..
تتساقط عبرات ستى منها كحبات البرد الكبيرة..ونحن نلتحف سكون الصمت، بلا صوت، و نحدق بالجدة وتجحظ العيون.. ،.. وجه الجدة.. وآآه؛ يا جدتي ..آه... تلتفت إلى الكانون المشتعل وتقذف بداخله بعض الفحمات..يتوهج صدرها وتتلألأ حبات الدمع وتختفي بعد أن تجف فى خديها الغائرين..وتحبس أنفاسها وتخبئ كلماتها النافرة على شفتيها..وتعض نواجذها..كنت أخرج من حالتي وأتخطى الحلقة.. مسرعا؛ وبيدي الصغيرة أطبطب على كتفيها.. تخطفني في داخل حجرها وتنهال تقبّيلا..ثم تتسلل يدها وفى جنبي..نغز نغز ..فتنفجر الآهات والضحكات..ثم.نعود كما كنا في البسمات..
ثم ...
..ثم ..
همست جدتي بصوت؛ رائد لم يعد بعد يا أولاد ؟!....خرج بدون سترة صوفية....وترك نصف كوب الشاي بالمرمرية....تركه وخرج مسرعا على غير عادة.... ودّعني بقبلة شجية....هنا وهنا.... وهمس في أذني؛ أشعلي الكانون الليلة يا لختيارة.... وسأقص عليك حكايا حتى تنامي....أو نتسامر حتى شقشقات الفجر النادي....ثم مد يده....يداعب جديلة شعري هذى.. لا.. كانت أطول و لم يظهر فيها بعد اللون الأبيض.... قلت له؛ أتأخذها يا قاروط ! .... أم ستجدلها مقلاعا ..؟.. اخذ يضحك ملء قلبه وتركني ومرق.. كبد أمك يا رائد..بدى كحل عيوني منك يا ضناي.. ! .. تيتمت من بدري يا ولدي....،.. ننظر إليها جميعا بدهشة مشفوعة بحسرات الطفولة ونتحسر في ذكريات وفضفضات الجدة الحنونة.... بكت الجدة بصوت محموم.. وتقاسمنا معها البكاء .. وغسلنا العيون والعبرات.!. ثم ..أطلقت عيناها غيمات غيمات في السماء.... أوصت الغيمات ان تبلل الورود كلما عطشت.... و تدفئها كلما اشتدت الريح...، ....ثم دفنت قلبها مع الفحمات في الكانون....، ..وأذكر؛ أنها انتبهت لوجودنا؛ فهبت فينا شامخة وقالت؛ الطعام نضج....صرنا نتصايح ونزحف ونضيق الحلقة أكثر وأكثر.. وضعت صينية الطعام وصاحت فينا؛ هيا أيها العفاريت الكبار.... وبدأنا......وبدأنا.....لا أذكر شيئا.. غير..
غير..
ذكرني خيى ..بدى أتذكر ؟ ؛
.... تبعثر الطعام وتطايرت الأشلاء ..والكانون في كل مكان.. وصرخات مدوية من سيارات الإسعاف تزف المخيم وتقترب وتقترب..وجموع غفيرة تحمل عظاما ولحما في أعلام ..،هل تذكر أخي شادي ؟؟..، ..نعم تذكرت هو المكتوب على القبر..أمامي ها، لم أنساه حبيبي .. ولكني أحب أن أعيشه معكم..، ووضعت وردة على قبر جدتي وأخي وأبى .. وبُللتْ ورود الأضرحة بدمعي.. ومضيت............
17/05/2007
عن قصة قصيرة( كانون الجدة- للأطفال )
للأديبةالفلسطينية سامية فارس، قراءة وحوار محمد سليم
[/size]
[/frame]
تعليق