قصة للأطفال :أين ظلي .. ؟!!
بقلم: بلال نكديل
بقلم: بلال نكديل
سليم لا يستمع إلى نصائح والديه ، ينتهز أي غفلة منهما للخروج دون إذنهما، فهو لا يحب أن يسألاه أين هو ذاهب حتى لا يراقباه ، فلا يخبرهما بمكانه ليفعل ما يحلو له، و كثيرا ما يبتعد عن البيت..
في إحدى المرات رأى والدته منشغلة، فقرر الخروج خفية عنها، بدأ يمشي بخفة ، ورجلاه لا تكادان تلامسان الأرض من شدة حذره كي لا يراه أحد ، وصل إلى الباب وبينما هو يفتحه باضطراب سمع صوتا يناديه: سليم ، سليم توقف يابني ..، إنه صوت أمه، فتبادرت إلى ذهنه فورا قائمة النصائح التي تقولها له وهي نصائح نابعة من حبها و حنانها وخوفها عليه من المخاطر، إلا أنه لا يبالي أبدا بما تنصحه به.
أدار سليم رأسه نحو أمه فقالت له : إلى أين أنت ذاهب يا بني ؟
أجاب سليم : أنا هنا أمام البيت فقط
الأم : ولكنك تعودت على قول هذا لكني لا أجدك أمام البيت ، اسمع يا بني مازلت صغيرا ، و أخاف أن تتيه في المدينة ، ثم إن الطريق خطرة وأخشى عليك من السيارات المسرعة، يا سليم إن قلبي يتقطع حين أبحث عنك ولا أجدك في الحي .
رّد سليم و هو يدافع عن نفسه : و لكني لست صغيرا لقد كبرت الآن يا أمي.
فتح الباب ليخرج تاركا أمه تردد نصائحها دون أن يستمع إليها فهو يظنها أنها تعامله هكذا لتعرقله عن اللّعب فقط و تخالف رغبته في أن يفعل ما يشاء، و لم يدرك بعد أنها تخاف عليه و تحافظ بهذا على حياته و صحته حتى لا يصيبه أي مكروه ..
خرج من البيت ، و بينما هو يمشي اكتشف أمرا مريعا..توقف سليم مندهشا وبدأ قلبه يخفق من شدة الصدمة..
بدأ يتساءل : ماذا يجري..؟ ماذا حدث لي..؟ أين ظلي ...؟
لم يجد سليم ظله ..! لقد أصبح الآن بدون ظل..
إلتفت يمينا و يسارا ، بحث أمامه و خلفه ، بحث و لكن لم يجد ظله.
بدأ سليم يبكي و هو يقول : أين ظلي ؟، أين أضعته؟ علي أن أجده ،لايمكنني أن أعيش بدون ظل.
جلس يبكي و يبكي و عرف أنه عمل عملا سيئا جعل ظله يتركه ويبتعد عنه..
نهض سليم و بدأ في البحث ...
ذهب إلى المكان الذي كان يجري فيه و يقفز من فوق الأماكن الخطرة، بدأ يبحث بين الصخور الكبيرة وكله حسرة على ظله الذي قد ضاع لكنه لم يجد شيئا ، فتوجه إلى الحديقة عله يجده هناك..
دخل الحديقة و بدأ يبحث بين النباتات التي كان يمشي فوقها فيدوسها و يفسد نموها، و توجه إلى الأشجار التي تسلقها فكسّر أغصانها و قطف ثمارها قبل أن تنضج، لكنه لم يجده في الحديقة ..
شعر سليم بالوحدة و الدموع تسيل من مقلتيه على ظله الذي قد ضاع ، تأثر شديدا لما حدث له..
حاول أن يتذكر أين ذهب اليوم و أين يا تراه قد أضاع ظله، فتذكر أنه ذهب إلى الشارع المجاور في الصباح، توجه إلى هناك فورا و كله أمل في أن يجده ..
وصل إلى الشارع المجاور للذي يسكن فيه و بدأ يبحث عن ظله أمام الأعمدة والأشجار و داخل المحلات لكنه لم يجد شيئا..
طأطأ رأسه يائسا و عيناه تذرفان دمعا لأنه سيمضي بقية حياته بدون ظل، وهو يسترجع بخياله تلك الأحداث السيئة و الأفعال المتهورة التي عملها .
تذكر حينها توصيات والدته التي لم يبال بها.
دار سليم إلى جهة اليمين عند مفترق الطرق راجعا إلى بيته في الشارع المجاور، و بينما هو يرفع عينيه من الأرض بدأ يلاحظ على حافة الطريق شيئا مألوفا لديه..
رفع بصره بسرعة و هو يبتسم و يرتجف فرحا .. لقد وجد سليم ظله أخيرا..
بدأ يبكي هذه المرة لكن من شدة الفرح ، و توجه بسرعة ليستعيده ، حينها عرف سليم كيف أضاع ظله هناك ، لقد أضاعه حين قطع الطريق و هو يجري وسط ازدحام السيارات ، لم يقطع من ممر الراجلين كما نصحته والدته ، و حين همّ بالجري وسط الطريق تخلى عنه ظله احتجاجا على هذا الفعل المتهور ، فلم يشأ أن يوافقه في سلوكه السيئ هذا.
أدرك سليم فداحة الأعمال الخطرة التي قام بها والتي كادت أن تودي بحياته ، فندم على ما فعل ندما شديدا ، و قرر أن يطلب الصفح من أمه و أن يعمل بنصائحها ولا يكرر ما فعله أبدا .. و هو يردد بصوت خافت : أحبك أمي .. أحبك أمي
تعليق