كتب مصطفى بونيف
تحت ظلال الأنف الطويل !

الأنــــف...ذلك العضو الشامخ في وســـط الوجـــه ...فهو الذي يستقبل النـــاظر إليك ، وهو علامـــة الوســـامة إذا تنــــاغم شكلـــه مع الملامـــح...
يقـــف أنفـــي في عز وكبريــــاء ، كــــأنه "برج إيفـــــل " ليرحب بالضيوف ، وتحته ابتسامة عريضـــة معنـــاها "أنظر في شفتي المبتسمين ودعك من الحملقة في هذا النصب التذكاري .."..وأنفـــي علامة مسجلـــة أتميز بها عن غيري ، والكثير لا يعرفوني إلا من خلالـــه ، كيف لا وهو الذي يسبقني إلى مصافحـــة الأصدقـــاء ، ويسبقني إلى قعر كوب الشاي فيتذوقـــه ، وهو الذي يوقف السيارات وأنـــا أقطع الطريق ، ويدافع عن وجهي باستماتة كأنه سيــــف صارم !!!.
ومما يجعلني فخورا بأنفي أكثر ..كون كلمـــة أنف مشتقـــة من الأنفــــة ، بمعنى الكبرياء والكرامـــة ، ولعله من أجل ذلك تجد العربي يقول "لن أمرغ أنفـــي في الوحل ، وسيبقى هكذا شامخا مرتفعا .." ، والذي طمنني أكثـــر هو اسمي العائلي "أبــــو نيف " ، وكما هو معروف "النيف " هو المناخير مثلما يقول عنه أهل الشرق ، إذن لقبي يعني "أبو الأنــــف"...أي بغض النظر عن ضخـــامة أنفــــي ، فأنا صاحب عزة نفس ..أو هكذا يقول لقبي العائلي ...!!! ، من أجل ذلك تجدني أشعر بحـــالة من الطرب والنشــوة عندما يناديني شخص "مسيو بونيف..!!!" ..
وفي كثيـــر من المرات أقف أمام المرآة ، أتأملـــه ، وأحيانا أتكلم معه ..العين قد تضحك وقد تبكي وقد تبتسم ...إذن للعين انفعالاتها ..بين القوة والضعف ، والشفتان قد تضحكان ، وقد تبتسمان ، وقد تنطبقان ...إذن للشفتين انفعالاتهما ، وللحاجبين أيضا ، ولكنني وجدت الأنف ثابتا على موقف واحد ، ولا ينفعل إطلاقـــا ، من أجل ذلك أصبحت حين أراه في المرآة أو على صوري التذكارية أقول له ممـــازحـــا "يا جبل ما يهزك ريح !!!".
ومن فرط انشغالي بقضـــية أنفي ، قمت ببحث واسع في هذا الموضوع ، فقرأت أن معظم زعماء التاريخ تميزوا بأنوفهم الضخمـــة ، وأن الجيوش قديمــا ، كانت تشترط في القائد أن يكون بارز الأنف لأنه حسب معتقداتهم علامة الشجـــاعة والفروسية ..وقرأت أيضا أن "نابليون بونابرت" كان قصيـــر القامة ولكن طويل الأنف ، وقرأت أن الفراعنة قديما ، كانــوا ينزلون ضخـــام الأنوف أعلى الرتب والمنازل ..بل كانت علامة فارقة في الجمــال ، وكذلك الشأن بالنسبــة لقدمــاء العرب...حتى أن أحدهم قال مادحـــا لصاحبه :
يا صاحبي لك أنف أنفت لـــه الأنوف أنت في البيت تصلي وهو في الأقصى يطوف
ووضعت أمامي صور المشاهير والعظماء في الأدب والفلسفة ، فلاحظت أن أنف العقاد يضرب به المثل في الكبر ، ولا يقل عنه طه حسين ، وتوفيق الحكيم ، وأنيس منصور ...
وأمــــام رفع المعنويات هذا .. تأتي أختي الصغرى لتداعب أنفي وكأنها تمسك بأصبع موز ..وتقول "أنفك كبير ..ستستيقظ يوما لتجده قد أكل كل وجهك ..!!!"..ولا أملك إلى أن أقول لها ..لا ترددي هذا الكلام كثيرا أمام البنات حتى لا تطفشي العروس ...!!!
ولأن الطيور على أشكالها تقع ..لي صديق له أنف أكبر من أنفي قليلا ..مقاس 42 أو 44
لدرجة أنه أحيانا عندما يشتري حذاء أو جزمة جديدة ..أقول له "ياريت تشتري فردة ثالثــة لأنفـــك...كيف ستتركه يتعرض للصقيع هكذا ؟"...
وفي مرة وجدت ابنه الصغيـــر يضع يده على خده ...سألته "لماذا أنت مهموم يا حبيبي ؟" ، فأجابني بكل براءة ..: - أنا خـــائف أن أكبر ويصبح أنفي مثل أنف بابا أو مثلك يا عمو ..!!!....، وعندما يخاصم صاحبي زوجته ويرتفع صوتهما إلى كل العمارة يقول لها :
- أنت لســـانك طويل ويستحق القص .
فتجيبه ســـاخرة : - يـــا أخي لســـان طويل ، ولا أنف مثل أنفك طويل وبلا فائدة !!
فيستسلم صاحبي أمام هاته السخرية العائلية الظريفة..ويخرج غاضبا .
ولكي أرفع معنوياته في المقهــى ، أقول له :" لماذا أنت غضبان ، هاهو العم "جاك شيراك" أنفـــه يسبق وجهه بثلاثة أيام ، ومع ذلك فهو رئيس جمهورية ، ولم يفكر أن يجري عملية جراحة تجميل .أيضا " صاحب الكتاب الأخضر" ، أنفـــه أكبر منه في السن ، ومع ذلك قال بكل جرأة "طز في أمريكا.."،،، ثم يا أخي أنظر إلى عرب الخليج ..يسلمون على بعض بأنوفهم ، وسمعت أنهم يستعملونها للتنقيب عن البترول...أنظر إلى زيدان اللاعب الدولي الشهير ، يقال أن أنه تفادى أن يضرب اللاعب الإيطالي بأنفه حتى لا يتهم بحيازة سلاح أبيض ، ويقال أيضا أن حزب الله في لبنان أصدر بيانا إلى الشعب اللبناني أثناء القصف ، بأن لا يناموا على ظهورهم في الليل حتى لا تكون أنوفهم في السماء ، فيعتقد الصهاينة أنها منصات إطلاق صورايخ فيخربون بيوتهم.."
ضحك صاحبي حتى غرقت عيناه في الدموع ثم قال لي في هدوء :
" وأنت توقف عن حشر أنفـــك في كل شيئ ، وإلا قطعــــوه ..."
مصطفى بونيف
تحت ظلال الأنف الطويل !

الأنــــف...ذلك العضو الشامخ في وســـط الوجـــه ...فهو الذي يستقبل النـــاظر إليك ، وهو علامـــة الوســـامة إذا تنــــاغم شكلـــه مع الملامـــح...
يقـــف أنفـــي في عز وكبريــــاء ، كــــأنه "برج إيفـــــل " ليرحب بالضيوف ، وتحته ابتسامة عريضـــة معنـــاها "أنظر في شفتي المبتسمين ودعك من الحملقة في هذا النصب التذكاري .."..وأنفـــي علامة مسجلـــة أتميز بها عن غيري ، والكثير لا يعرفوني إلا من خلالـــه ، كيف لا وهو الذي يسبقني إلى مصافحـــة الأصدقـــاء ، ويسبقني إلى قعر كوب الشاي فيتذوقـــه ، وهو الذي يوقف السيارات وأنـــا أقطع الطريق ، ويدافع عن وجهي باستماتة كأنه سيــــف صارم !!!.
ومما يجعلني فخورا بأنفي أكثر ..كون كلمـــة أنف مشتقـــة من الأنفــــة ، بمعنى الكبرياء والكرامـــة ، ولعله من أجل ذلك تجد العربي يقول "لن أمرغ أنفـــي في الوحل ، وسيبقى هكذا شامخا مرتفعا .." ، والذي طمنني أكثـــر هو اسمي العائلي "أبــــو نيف " ، وكما هو معروف "النيف " هو المناخير مثلما يقول عنه أهل الشرق ، إذن لقبي يعني "أبو الأنــــف"...أي بغض النظر عن ضخـــامة أنفــــي ، فأنا صاحب عزة نفس ..أو هكذا يقول لقبي العائلي ...!!! ، من أجل ذلك تجدني أشعر بحـــالة من الطرب والنشــوة عندما يناديني شخص "مسيو بونيف..!!!" ..
وفي كثيـــر من المرات أقف أمام المرآة ، أتأملـــه ، وأحيانا أتكلم معه ..العين قد تضحك وقد تبكي وقد تبتسم ...إذن للعين انفعالاتها ..بين القوة والضعف ، والشفتان قد تضحكان ، وقد تبتسمان ، وقد تنطبقان ...إذن للشفتين انفعالاتهما ، وللحاجبين أيضا ، ولكنني وجدت الأنف ثابتا على موقف واحد ، ولا ينفعل إطلاقـــا ، من أجل ذلك أصبحت حين أراه في المرآة أو على صوري التذكارية أقول له ممـــازحـــا "يا جبل ما يهزك ريح !!!".
ومن فرط انشغالي بقضـــية أنفي ، قمت ببحث واسع في هذا الموضوع ، فقرأت أن معظم زعماء التاريخ تميزوا بأنوفهم الضخمـــة ، وأن الجيوش قديمــا ، كانت تشترط في القائد أن يكون بارز الأنف لأنه حسب معتقداتهم علامة الشجـــاعة والفروسية ..وقرأت أيضا أن "نابليون بونابرت" كان قصيـــر القامة ولكن طويل الأنف ، وقرأت أن الفراعنة قديما ، كانــوا ينزلون ضخـــام الأنوف أعلى الرتب والمنازل ..بل كانت علامة فارقة في الجمــال ، وكذلك الشأن بالنسبــة لقدمــاء العرب...حتى أن أحدهم قال مادحـــا لصاحبه :
يا صاحبي لك أنف أنفت لـــه الأنوف أنت في البيت تصلي وهو في الأقصى يطوف
ووضعت أمامي صور المشاهير والعظماء في الأدب والفلسفة ، فلاحظت أن أنف العقاد يضرب به المثل في الكبر ، ولا يقل عنه طه حسين ، وتوفيق الحكيم ، وأنيس منصور ...
وأمــــام رفع المعنويات هذا .. تأتي أختي الصغرى لتداعب أنفي وكأنها تمسك بأصبع موز ..وتقول "أنفك كبير ..ستستيقظ يوما لتجده قد أكل كل وجهك ..!!!"..ولا أملك إلى أن أقول لها ..لا ترددي هذا الكلام كثيرا أمام البنات حتى لا تطفشي العروس ...!!!
ولأن الطيور على أشكالها تقع ..لي صديق له أنف أكبر من أنفي قليلا ..مقاس 42 أو 44
لدرجة أنه أحيانا عندما يشتري حذاء أو جزمة جديدة ..أقول له "ياريت تشتري فردة ثالثــة لأنفـــك...كيف ستتركه يتعرض للصقيع هكذا ؟"...
وفي مرة وجدت ابنه الصغيـــر يضع يده على خده ...سألته "لماذا أنت مهموم يا حبيبي ؟" ، فأجابني بكل براءة ..: - أنا خـــائف أن أكبر ويصبح أنفي مثل أنف بابا أو مثلك يا عمو ..!!!....، وعندما يخاصم صاحبي زوجته ويرتفع صوتهما إلى كل العمارة يقول لها :
- أنت لســـانك طويل ويستحق القص .
فتجيبه ســـاخرة : - يـــا أخي لســـان طويل ، ولا أنف مثل أنفك طويل وبلا فائدة !!
فيستسلم صاحبي أمام هاته السخرية العائلية الظريفة..ويخرج غاضبا .
ولكي أرفع معنوياته في المقهــى ، أقول له :" لماذا أنت غضبان ، هاهو العم "جاك شيراك" أنفـــه يسبق وجهه بثلاثة أيام ، ومع ذلك فهو رئيس جمهورية ، ولم يفكر أن يجري عملية جراحة تجميل .أيضا " صاحب الكتاب الأخضر" ، أنفـــه أكبر منه في السن ، ومع ذلك قال بكل جرأة "طز في أمريكا.."،،، ثم يا أخي أنظر إلى عرب الخليج ..يسلمون على بعض بأنوفهم ، وسمعت أنهم يستعملونها للتنقيب عن البترول...أنظر إلى زيدان اللاعب الدولي الشهير ، يقال أن أنه تفادى أن يضرب اللاعب الإيطالي بأنفه حتى لا يتهم بحيازة سلاح أبيض ، ويقال أيضا أن حزب الله في لبنان أصدر بيانا إلى الشعب اللبناني أثناء القصف ، بأن لا يناموا على ظهورهم في الليل حتى لا تكون أنوفهم في السماء ، فيعتقد الصهاينة أنها منصات إطلاق صورايخ فيخربون بيوتهم.."
ضحك صاحبي حتى غرقت عيناه في الدموع ثم قال لي في هدوء :
" وأنت توقف عن حشر أنفـــك في كل شيئ ، وإلا قطعــــوه ..."
مصطفى بونيف
تعليق