[align=right]
حين دخل بيته ، كانت الوجوه تحدق فيه بارتياع تام ،،،
ذاك التأثير كان عادياً جداً ، أمام جبروته وقوته ،، وجه زوجته الهادئ يحمل حزناً غريباً ، ألماً تلفه الدهشة ،، ودهشة تسافر خارج الحدود ، لا يحدها سقف الغرفة الرمادي ، ولا تكبح جماحها الأيادي المتشابكة معاً تتوسطهما الزوجة بين ابنتيها ،تحيط رأسيهما بذراعيها ، وتذرف دموعاً صامتة ، ليس يبررها شيء محسوس ،
أيمن ، ابنه الوحيد ، يجلس أمامه عاقداً ذراعيه أمام صدره ، واضعاً ساقاً على ساق ، أراد أن يصرخ به ، أن ينظر له نظرة مؤنبة ، لكن التعب والشعور بالارهاق التام ، يسيطر على جزيئاته ، يكبله ، عنيفة هذه اللحظة ، مريم ، ابنته ، تذرف دموعها ، تقترب منه ، تتحسس شعره في حنان ، تقول :
- جميلاً كان حين يصرخ بنا ، يرسم تكشيرته على وجهه فنرتعد أمامه ، لم يخفني يوماً بقدر ما كنت أبتسم ، وأفرح وأنا أرى ملامحه البريئة بهذه التكشيرة العنيفة ،، ما أعجب هذه الحياة !
هذه البنت ،، لم تكن تخاف منه ، مهلاً ، حتى أسترد عافيتي ، يراها تبتسم ، في حنان ، لم يرها هكذا من قبل ، كان يظنها عاراً يجب أن يظل بالمنزل دائماً ، لم يكن يرى جمالها هذا ، روحها ورقتها ، حتى جمالها الطفولي لم يرتسم أمامه بهذا الوضوح ،
بالأمس فقط ، كان عالعاصفة ، حين دخل على زوجته ليجدها بملابس الصلاة ، في صالون المنزل ، وخلفها نسوة الحارة ، يجلسن جلسة ما ، لم يكن يهمه الأمر ، سواء كانت جلسة دينية أو كن يتحدثن في مصائب الحارة وفضائحها ، سيان الأمر بنظره ، المهم انه اجتماع للنسوة ، اجتماع فيه ما لا يطيق احتماله ، صرخ فيها أمام جاراتها وصديقاتها ، ضرب الأشياء ببعضها ، سمع صوت تحطم ما ، صرخ كثيراً ، وحلف أن هؤلاء لن يدخلن منزله مرة أخرى في حياته ، بكت زوجته كثيراً ، وشعرت الابنتان بالحرج الشديد ، لكنه خرج منتفخ الأوداج ، يشعر أنه وحده ، رجل البيت ، وحده يأمر فيطاع ، لهذا استغرب كثيراً الآن ، حين مدت زوجته يديها ، وبأصابع حانية تحسست وجهه ، كأني أراك للمرة الأولى ، أشعر بك كما لم أشعر من قبل ، تستدير قليلاً ، تتحرك لتفتح باب المنزل ،
كان شيئاً فوق الاحتمال ، كيف تأتي هاته النسوة مرة أخرى ، لقد حلف يميناً مغلظاً ، كيف تكسر أوامره هكذا ،
النسوة يتشحن بالسواد ، يدخلن والحزن باد على ملامحهن ، وأصوات همهمة ونحيب تبدر حيناً ترتفع وتخفت ، ثم رجالاً يدخلون المنزل ، كأنه أصبح مزاراً علنياً ، يهم بالنهوض ، يحاول أن يتحرك ، أن يرفع يديه ليمسك بشيء ما ، أن يصرخ ليرى نظرة الخوف التي تعود عليها ، هذه النظرة الحانية تصيبه بالجنون ،،،
أيمن يقوم ليصافح الرجال ، يقول أحدهم ، وهو امام المسجد القريب :
- متى حدث هذا
- كان عائداً الى المنزل حين ضربته شاحنة مسرعة ، ولم نتمكن من انقاذه ، رحمه الله
عمن يتحدثون ، وأي جنازة هذه التي يحددون موعدها وأي صوان يريدون اقامته ، ينتفض ، يصرخ بكل قوته ، تنطلق الصرخة عنيفة ، تحرر جسده ، يرتفع عالياً ، في سقف الغرفة ، ليراه هناك ، مسجى فوق محفة خشبية ، دخلت به منزله ، وحوله وجوه قريبة وغريبة ،
انتبه لنفسك ، صراخ سائق الشاحنة ، صوت صرير ، وصراخ ، ثم سكون تام ،
يدور في الغرفة كالمجنون ، يحاول أن يلمس هاته الأيدي المتشابكة ، أن يشعر بها ، يحتضنها ولو لمرة واحدة ... أخيرة ,,
[/align]
حين دخل بيته ، كانت الوجوه تحدق فيه بارتياع تام ،،،
ذاك التأثير كان عادياً جداً ، أمام جبروته وقوته ،، وجه زوجته الهادئ يحمل حزناً غريباً ، ألماً تلفه الدهشة ،، ودهشة تسافر خارج الحدود ، لا يحدها سقف الغرفة الرمادي ، ولا تكبح جماحها الأيادي المتشابكة معاً تتوسطهما الزوجة بين ابنتيها ،تحيط رأسيهما بذراعيها ، وتذرف دموعاً صامتة ، ليس يبررها شيء محسوس ،
أيمن ، ابنه الوحيد ، يجلس أمامه عاقداً ذراعيه أمام صدره ، واضعاً ساقاً على ساق ، أراد أن يصرخ به ، أن ينظر له نظرة مؤنبة ، لكن التعب والشعور بالارهاق التام ، يسيطر على جزيئاته ، يكبله ، عنيفة هذه اللحظة ، مريم ، ابنته ، تذرف دموعها ، تقترب منه ، تتحسس شعره في حنان ، تقول :
- جميلاً كان حين يصرخ بنا ، يرسم تكشيرته على وجهه فنرتعد أمامه ، لم يخفني يوماً بقدر ما كنت أبتسم ، وأفرح وأنا أرى ملامحه البريئة بهذه التكشيرة العنيفة ،، ما أعجب هذه الحياة !
هذه البنت ،، لم تكن تخاف منه ، مهلاً ، حتى أسترد عافيتي ، يراها تبتسم ، في حنان ، لم يرها هكذا من قبل ، كان يظنها عاراً يجب أن يظل بالمنزل دائماً ، لم يكن يرى جمالها هذا ، روحها ورقتها ، حتى جمالها الطفولي لم يرتسم أمامه بهذا الوضوح ،
بالأمس فقط ، كان عالعاصفة ، حين دخل على زوجته ليجدها بملابس الصلاة ، في صالون المنزل ، وخلفها نسوة الحارة ، يجلسن جلسة ما ، لم يكن يهمه الأمر ، سواء كانت جلسة دينية أو كن يتحدثن في مصائب الحارة وفضائحها ، سيان الأمر بنظره ، المهم انه اجتماع للنسوة ، اجتماع فيه ما لا يطيق احتماله ، صرخ فيها أمام جاراتها وصديقاتها ، ضرب الأشياء ببعضها ، سمع صوت تحطم ما ، صرخ كثيراً ، وحلف أن هؤلاء لن يدخلن منزله مرة أخرى في حياته ، بكت زوجته كثيراً ، وشعرت الابنتان بالحرج الشديد ، لكنه خرج منتفخ الأوداج ، يشعر أنه وحده ، رجل البيت ، وحده يأمر فيطاع ، لهذا استغرب كثيراً الآن ، حين مدت زوجته يديها ، وبأصابع حانية تحسست وجهه ، كأني أراك للمرة الأولى ، أشعر بك كما لم أشعر من قبل ، تستدير قليلاً ، تتحرك لتفتح باب المنزل ،
كان شيئاً فوق الاحتمال ، كيف تأتي هاته النسوة مرة أخرى ، لقد حلف يميناً مغلظاً ، كيف تكسر أوامره هكذا ،
النسوة يتشحن بالسواد ، يدخلن والحزن باد على ملامحهن ، وأصوات همهمة ونحيب تبدر حيناً ترتفع وتخفت ، ثم رجالاً يدخلون المنزل ، كأنه أصبح مزاراً علنياً ، يهم بالنهوض ، يحاول أن يتحرك ، أن يرفع يديه ليمسك بشيء ما ، أن يصرخ ليرى نظرة الخوف التي تعود عليها ، هذه النظرة الحانية تصيبه بالجنون ،،،
أيمن يقوم ليصافح الرجال ، يقول أحدهم ، وهو امام المسجد القريب :
- متى حدث هذا
- كان عائداً الى المنزل حين ضربته شاحنة مسرعة ، ولم نتمكن من انقاذه ، رحمه الله
عمن يتحدثون ، وأي جنازة هذه التي يحددون موعدها وأي صوان يريدون اقامته ، ينتفض ، يصرخ بكل قوته ، تنطلق الصرخة عنيفة ، تحرر جسده ، يرتفع عالياً ، في سقف الغرفة ، ليراه هناك ، مسجى فوق محفة خشبية ، دخلت به منزله ، وحوله وجوه قريبة وغريبة ،
انتبه لنفسك ، صراخ سائق الشاحنة ، صوت صرير ، وصراخ ، ثم سكون تام ،
يدور في الغرفة كالمجنون ، يحاول أن يلمس هاته الأيدي المتشابكة ، أن يشعر بها ، يحتضنها ولو لمرة واحدة ... أخيرة ,,
[/align]
تعليق