اعترافات الكأس العاشرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • منجية بن صالح
    عضو الملتقى
    • 03-11-2009
    • 2119

    اعترافات الكأس العاشرة

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    قــــراءة لقصيــــدة

    اعترافات الكأس العاشرة

    للشاعر

    محمد الأمين سعيدي


    سحابات… وما في القلب نورُ
    ونيران …وما مطر يزورُ
    +++
    وأحزان إذا اكتملتْ ترامى
    على أطرافها ألمي الكبيرُ
    +++
    أعانقها فتنفتح البلايا
    ويبكي داخلي جرح مريرُ
    +++
    ويعبرني شقاء مستديمٌ
    تُعاوده الليالي والشهورُ
    +++
    تشوّهني ملامحُه… فأغدو
    بلا وجه.. ويعلوني فتورُ
    +++
    وأمشي في المدائن.. لا عيون
    ترى شبحي ..ولا قلبٌ بصيرُ
    +++
    وأسعى في الظلام ولا نجوم
    تلوِّح لي ..ولا قمر ينيرُ
    +++
    وأثوي في الحضور ولي غيابٌ
    وأرحل في الغياب ولي حضورُ
    +++
    وأنسى أنني طفل صغير
    أقام بقلبه سقم كبيرُ
    +++
    وأنبش قبر ذاكرتي لعلي
    أرى فرحا بآفاقي يطيرُ
    +++
    فأذكر أنّ لي قوما تولَّوا
    وخانوا كل ما حوتِ السطورُ
    +++
    وباعوا الأرض ، والأرض امتداد
    لمجد ظلّ في دمها يغورُ
    +++
    وساروا في الجهات بلا انتماءٍ
    تمجهمُ الفيافي والبحورُ
    +++
    وتلعنهم سماوات وأرض
    ويسكن في قلوبهمُ الفجورُ
    +++
    يطوف بهم على البلوى شتاتٌ
    وفي أعماقهم خبث كثيرُ
    +++
    يخونون المكارم كل حينٍ
    وفي سِيمائهمْ مكر و زورُ
    +++
    وأذكر أنّ لي وطنا جريحا
    على آلامه وجع يسيرُ
    +++
    تُمزِّقه جراح حاقداتٌ
    ويطعنه حقير أو أجيرُ
    +++
    ترفرف حول مهجته المنايا
    وتكثر في نواحيه القبورُ
    +++
    ويسقط في يديه كل يومٍ
    قتيل أو شهيد أو أسيرُ
    +++
    تدور الكأس والدنيا تدورُ
    ويحمل حزنه قلبي الكسيرُ
    +++
    وتسرقني المواجع من فراشي
    وأقتُلني ليبتدئ النشورُ
    +++
    فما عادتْ تراقصني الأغاني
    وما عادت تحاصرني الزهورُ
    +++
    وقد جفَّت ينابيع الأماني
    ومات الحلم واختنق الشعورُ
    +++
    لقد تهنا..فأشرقت المنافي
    وأظلم في أعالينا سرورُ
    +++
    تضيق بنا الحياة وفي رباها
    يُنزّل سخطه قزم أميرُ
    +++
    جراحات…فهل فَتْح يزورُ؟
    وهل حقد نُعتِّقه يثورُ؟
  • منجية بن صالح
    عضو الملتقى
    • 03-11-2009
    • 2119

    #2


    قـــــراءة لقصيـــــدة

    اعتـــــرافات الكـــــأس العــــاشرة

    للشاعـــــر

    محمــــد الأميـــن سعيــــدي


    الكلمة عالم بذاته يأخذك إلى أبعاده المترامية الأطراف فتجد نفسك تتنقل في فضائه بين النور و الظلمة
    بين الرسوم و ألوانها زاهية تارة و مظلمة أخرى تشعر بالوحشة و الأنس , بالحزن و الفرح , بالسعادة و
    الشقاء, وتصبح الكلمة طائرا تصاحبك جناحاه إلى حيث لا تدري ولا على أي شجرة تحط لتستريح أو
    لتتأمل جمالا لم تألفه و ألوانا تحتويك فترى من خلالها عالما آخر لم يسبق لك التعرف عليه.

    هي الكلمة و أبعادها المشبعة بالرسوم والألوان و المشاعر التي تستقر فينا. فتشكل عالمنا الداخلي بكل أطيافه. لها كمون ينشد التواصل و التحرر , نشعر بالحاجة إلى الكتابة لتفصح الكلمة عن نفسها و نعبُر بها و معها إلى عالم الواقع فتكون القارب الذي يمتطيه الخيال و يسافر به عبر محيطات الزمان و المكان. نتصور أننا نكتب و لكن الكلمات هي التي تكتبنا أو تعبِّر عن وجودها فينا, عن ألمها من إحتوائنا لها و ما حملناها من أحزاننا و همومنا المتراكمة عبر تاريخ البشرية, فتصبح الكتابة كلمات تبحث عن التحرر و الإنعتاق , نتصور حرية ليست لنا لكنها للكلمة التي تحدثنا عن نفسها, عن طموحها معاناتها, من تصرفاتنا التي أصبحت في مهب الريح و على أهوائنا العاصفة المتعسفة على وجودنا الإنساني .

    و تكتبنا الكتابة لنكون حكايا و قصائد على سطور الحياة, نخط مشاعرنا و نرسم أنفسنا بألوان قاتمة تارة و زاهية أخرى, و ندخل عالم الظلمة و النور, لتختفي الألوان و نصبح أطيافا و ظلالا , تتحرك تشكل نفسها , وجدانها حركتها ,على مسرح الزمان و المكان فهي موجودة خارجنا مفقودة فينا, لأن الكلمة تتحدث عن الإنسان, عن آدم منذ خلقه الأول عن معاناته طموحه , شهوته للحياة و الخلود, صراعه مع نفسه و مع الآخر في بحثه عن البقاء و الحب ,عن السعادة و الفرح عن الجمال و الخلق .
    تشكلنا الكلمات لنكتب أجمل مشاعر الحزن النابعة منا لكنها ليست لنا فهي حمل الإنسانية جمعاء و تراكمات أفعال وانحرافات سلوكية صاغتها يد الشهوة و الهواء ,و الكبر و الرياء ,عبر التاريخ و الزمان على أرض الواقع.

    هكذا تكون الحروب صراع تُسحق فيه الأفراد و الكلمات على السواء, تموت لنرثيها و نلبس ثوب الحداد ,و تعودَ لتتخلق من جديد في بحث دءوب عن أمل و عن حياة تتجدد عند كل شروق شمس وولادة قمر .
    وتكون فينا القصيدة و الحكاية معاناة و ألم, طموح و إحباط ,حركة و سكون نتماهي بها مع الكون لنستعمل مفرداته و نصبغ عليها من حياتنا و مشاعرنا و ألوانها فتكون الإعترافات كؤوس مترعة بالألم حد الثمالة فتسكرنا الكلمة و تبوح لنا بأصدق ما فيها ألا وهو الحب ,المفقود الموجود ,المولود الموءود و الذي اغتالته تصرفاتنا الإنسانية و جعلتنا نشبه الحيوان وشراسته و الجماد وجموده . تكلست المشاعر أمام مآسي البشرية المتراكمة عبر التاريخ و التي تقض مضجع الكلمة و تجعلَها تنتفض, تألمنا و تخترق حاجز الصمت, الذي جعلنا منه سجنا لها لتتحرر و تنطلق تصرخ فينا و تصم آذاننا لعلنا نستيقظ من نوم الأموات الأحياء.....

    هكذا كانت اعترافات الكأس العاشرة لمحمد أمين السعيدي تطفح بمرارة الحياة و شقائها بل كانت الكلمة نداء و إستغاثة غريق في بحر الألم و الحزن على إنسانية خلقت لتكون الكلمة فيها روح نابضة بالحب و الوفاء و الجمال..... و ليكون الإبداع لها رداء ...... يقول الشاعر


    سحابات… وما في القلب نورُ
    ونيران …وما مطر يزورُ
    +++
    وأحزان إذا اكتملتْ ترامى
    على أطرافها ألمي الكبيرُ
    +++
    أعانقها فتنفتح البلايا
    ويبكي داخلي جرح مريرُ
    +++
    ويعبرني شقاء مستديمٌ
    تُعاوده الليالي والشهورُ
    +++
    تشوّهني ملامحُه… فأغدو
    بلا وجه.. ويعلوني فتورُ
    +++


    للحزن جمال يطوف فينا و بنا عبر الكلمة التي لا تعرف الخداع و لا الغش, لأنها حاملة لمعناها المستظل من شرورنا في مبناها, و مهما حاولنا تجريدها من عاطفتها أو تحريف مشاعرها تفلتت منا لتكون هي ذاتها .خرجت لنا من كمونها و غادرت وجدان الشاعر ليكون لها أبهى حزن يتجلى فيها و بها لتنسج خيوطا من ظلمة و نور تُشكِل بها عالمها الذي يحتوى القصيدة.... مشاعرها رسومها صورها و محيطها الإنساني و الطبيعي .....

    و لأنها صادرة من أعماقنا بلباس الحداد يختفي النور من القلب ليكون للسحاب جفاف و نيران حارقة فللطبيعة الكونية تواصل رائع مع المحيط الداخلي في الإنسان, فيكون التطابق و التناسق ويكون الاستواء على عرش الحزن و الألم الطافح من الداخل الإنساني إلى الخارج إلى المحيط البشري والطبيعي, فتفترش الكلمة الحزن و تلتحف مشاعرها بالألم, فيكون لها إمتداد و مدى يعانقه الشاعر و يكون التواصل حميمي له خشوع وبكاء لأنه صلاة و صدق نابع من فطرة إنسانية طمس معالمها الحزن عبر الزمن المتفاعل و المتراكمة أحداثه, على أرض الإنسان على مستوى الفرد و المجموعة .
    و تفصح الكلمة عن جروح غائرة داخلنا تلهم الشاعر أحزانه ليكون الخلق متجددا مع ولادة الكلمة ويستحث وعيا غفا فينا لعل المسؤولية تنادينا.

    فللكلمة دور لأنها حية حاملة لمشاعر و قلب ينبض حبا و يقطر ألما, على حال ينبئ بسوء المآل يستعملها الشاعر المرهف الحس, يختارها لتناجيه و تخفف عنه ما ألم به و تستأصل الألم لتعيد له الأمل لتستمر فيه الحياة و التي من دونه يصبح الإنسان جثة هامدة و كذلك مفرداته.
    كل هذا الحزن و الألم له حتما منبع أو مرجعية كانت هي الأرضية المنبتة له. فهل هو أصل في الإنسان ؟
    سؤال يحثك على الإجابة و التواصل مع العمق الإنساني لتتعرف على ملامحه و تسبر أغواره, منطلقاته أسبابه مراميه, لتجد أنك تجهل ما إستبطنته نفسك أكثر مما تعرف, و أن خيال الواقع هو من إحتواك ,أنساك وجودك الآدمي ليشكل لك آخر يضعك على عرشه ويتوجك....

    تكون فرعون الزمان و المكان,و تعيش المأساة الإنسانية و يصبح لك مقاليد الحكم في تصرفاتك . فأنت فاعل على الأرض بالكلمة و التي تلبس لباس الحاكم المتحكم فتكون لها السلطة و الأمر و النهي فهي لفرعون عصاه الزاجرة ,و ساحره المطيع, وهي الخَيّال الراكض في فضاء خَيال الواقع , يقتل لغرض يقنعك بشرعيته و يحي بنفس الطريقة , فيكون للكلمة منطق الموت و الحياة بمنظور فرعوني متسلط ,و يختفي الوعي ,و يغيب العقل في غياهب الجب, ليكون سجينا وراء قضبان النفس, فيصبح للتعاسة سيمات تشترك فيها الإنسانية كما تشترك في معايشة الأحداث المؤلمة , و التي هي واقعنا على الأرض . يشكل ملامحنا الألم و يتحدث باسمنا, لأن وجودنا الإنساني الفاعل قد اختفى و لم يعد له دور, غاب عنه المنطق وأختفت معالمه كما طُمست آثار الإنسانية فينا.....

    أهو الخوف من المجهول أم الجهل بمقوماتنا الآدمية ؟ أم موت العقل المفكر و المدرك لأبعاد الحدث, و ما ينطوي عليه من مأساة نعيشها ,و نختزل معانيها لتكون هي الرادع عن الحركة و الفعل الجاد و المثمر و الخلاق لأدوات المقاومة ؟ أسئلة تنفرط من عقدها كل مرة لتضعك أمام نفسك فترى عجزك لتسكن إليه وتتمتع بوجوده أو تثور عليه و تقاومه, و لا تكون المقاومة إلا بالكلمة الصادقة, حتى تعطيك من معانيها المحرضة على الفعل و الحركة, هذا ما جعل الشاعر القدير محمد أمين السعيدي يبدع في وصف ألمه, ليفيض منه و يحتوي كل الإنسانية , فينصهر الفرد في المجموعة و تكون المجموعة فردا .....
    هي روعة الكلمة و المعنى و التي تخترق بك مناطق أحاطها المستحيل بسياجه ,لقصور العقل على استيعاب أبعادها , مداها, في الزمان و المكان و عبر التاريخ الإنساني فهي تحيا بحياة قائلها و تموت معه و أيضا تحيا بعده لتُحيي غيره .

    فالخوف من المجهول و من المواجهة بالفعل الرادع ,هو شقاء مستديم. يشعر الإنسان بالعجز و يحبط مقوماته الإنسانية الفاعلة ليتوقف الزمان في نفس المكان, ويتركنا نعيش هذه الإستمرارية لليالي و أيام حزينة و التي لم تعد لها بداية و لا نهاية بل هي تسير على وتيرة واحدة حتى يخيل إلينا أنها ساكنة في حركتها .....

    و أعود لسؤالي الأول هل الحزن أصل فينا أم هو مكتسب ؟ و أقول لوجوده ضرورة حتى نعرف قيمة الفرح و نعي مكانته في حياتنا و نطمح لتحقيقه, ففي وجود الأضداد حافز يلهمنا الوسيلة الفاعلة لتحقيق ما نصبو إليه من أحلام نتوق إليها حتى لا يسكن فينا الوهن و يقعدنا على القيام بمسؤوليتنا و يخرجنا من دائرة الإنسانية إلى أخرى حيوانية أو أقل منها و التي لا تليق بهذا الوجود الذي كرمنا به الله تعالى.
    فالحزن يصيب الإنسان بالفتور و الإحباط الذي يقتل الكلمة الفاعلة و يجعل مكانها أخرى لها موت اللب و حياة القشر.
    و يقول الشاعر

    يتبع

    تعليق

    • منجية بن صالح
      عضو الملتقى
      • 03-11-2009
      • 2119

      #3


      وأمشي في المدائن.. لا عيون

      ترى شبحي ..ولا قلبٌ بصيرُ
      +++
      وأسعى في الظلام ولا نجوم
      تلوِّح لي ..ولا قمر ينيرُ
      +++
      وأثوي في الحضور ولي غيابٌ
      وأرحل في الغياب ولي حضورُ
      +++
      وأنسى أنني طفل صغير
      أقام بقلبه سقم كبيرُ

      و يبدع الشاعر في إستعمال الظل و النور ,ليُعبِّر عن حال يتواصل به مع الأضداد و المفارقات التي إحتواها ليعيشها بكل كيانه , في المجتمع و على مستوى الأمة و الإنسانية ليصبح متعدد الأبعاد لها مدى لا يحده حد و لا يستطيع الخيال استيعابها فوعيه بحاله و قلة حيلته لتغير واقع مؤلم و حزين يجعله يفقد البصر و البصيرة ليصبح شبحا ,ظلا يأوي إليه كل من أحرقته شمس المعاناة و الألم, لعله يسند عليه ضعفه أو تقوى به ذاكرته و إدراكه فيجعل من وهنه قوة و من عجزه سلاح مقاوم .

      و الظل حتي يكون له وجود ,لا بد أن يحتويه ظلام دامس و كأن الألم يحرره من الجاذبية الأرضية ليسبح في فضاء يكون له محيط و في محيط له فضاء و مساحة لا متناهية, لتتسع لألمه الذي ليس له حد لكن له مد فقد الجزر و كأنه أمواج عاتية تأخذه إلى حيث لا يدري لشعوره بهول ما يعيشه و ما يعانيه, إذ يتطابق فيه باطنه مع محيطه الإنساني ليعيش مأساة الحرب و لهيبها المحرق للبشر و الشجر .

      و لقد أبدع الشاعر عندما تقابلت الأضداد في خطابه ,فوصف حاضره المرير ليجعلنا نقول رغم الألم الذي يتضوع من الكلمة : الله على هذا الجمال الراقي, و الذي ينقلك إلى عالم تتكامل فيه المعاني لتنسج أحلى وشاح من كلمات, تكون بساط سليمان, يأخذك في طواف بين الليل و النهار, لتعيش الحضور و الغياب ولتكون الصغير الذي احتوى الكبير أو الكبير الذي أحتوى الصغير , فيُعلمُه معاني الحياة, و يعيش الألم ليعرف قيمة السعادة, و الحزن و الفرح ,و النور و الظلمة يعيشهما في نفس اللحظة يتداخلا في تواصل بديع تختفي فيه المسافات و الزمان و المكان, و لا تبقى إلا سعادة اللحظة الغامرة لهذا الوجود المشبع بالمعاني و التي تصبح أخرى لا نعرفها, لكننا نعيشها لتلهمنا الكلمة الصادقة و الإحساس الرائع بوجودها الخلاق فينا بالكلمة و المعنى , بالحب و الوفاء, و بالألم و الأمل , و يكون لكل هذه المصطلحات و معانيها استواء مثمر, يشعرك بالتوازن و يضفي عليك من وجوده الخلاق, لتكون صاحب الكلمة الفصل و التي ترشدك إلى عالمها الذي يختفي منه الألم ليكون أمل, و الحزن ليكون فرح, و التعاسة لتكون سعادة .
      ربما خوفنا من مجهول لا نعرفه هو ما يرسم لنا بريشة التعاسة ما يدخره لنا من ألم و معاناة من حزن و مأساة حتى يحتفظ بوجودنا عنده و لا يتركنا نتعرف على غيره أو ربما هو حب التملك الذي يسكننا, ليجعل كل ما بداخلنا يمتلكنا و يحبس وجودنا الفاعل كما يحبس فرعون شعبه, أو كما يستعبد الدكتاتور رعاياه, يجعل منهم سبايا حرب أو كائنات هائمة تبحث عن رزق هو موجود لكنه مفقود للهفة ألمت بهم و جشع قتل إنسانيتهم .

      ويكون الشاعر الحاضر الغائب أو الغائب الحاضر, يعيش سوق الحياة ,و قفر الصحراء, في آن واحد فيكون الفطرة المولودة في الصغير, و القلب الكبير الذي إحتوى وجع الإنسان عبر تاريخ البشرية ,و الذي أثارته أحداث تعاد و لا ترحل لأن النفس هي ذاتها ,و شرها مقيم فيها لا يرتحل و لا يخبو لهيبه .
      و يسترسل الشاعر في سرد معاناته و يقول

      +++
      وأنبش قبر ذاكرتي لعلي
      أرى فرحا بآفاقي يطيرُ
      +++
      فأذكر أنّ لي قوما تولَّوا
      وخانوا كل ما حوتِ السطورُ
      +++
      وباعوا الأرض ، والأرض امتداد
      لمجد ظلّ في دمها يغورُ
      +++
      وساروا في الجهات بلا انتماءٍ
      تمجهمُ الفيافي والبحورُ
      +++
      وتلعنهم سماوات وأرض
      ويسكن في قلوبهمُ الفجورُ
      +++
      يطوف بهم على البلوى شتاتٌ
      وفي أعماقهم خبث كثيرُ
      +++
      يخونون المكارم كل حينٍ
      وفي سِيمائهمْ مكر و زورُ
      +++

      في لحظات المعانات, تكون الحياة فينا أمنية نمنى النفس بالوصول إليها ,لنحلم بوجودها و نتعلق بأمل حباله واهية و مفرداته باهتة, فسرعان ما يحتوينا الواقع بكل مرارته و يسطو علينا, ليستفرغنا من طاقة خلاقة مقاومة ,و يعيدنا إليه ليحتوينا من جديد فنرى بشاعة ما نحن فيه و كأن مأساة الماضي, تعود لتتخلق في واقع جديد على أرض غير الأرض, و زمان غير الزمان .هي حياتنا بكل معانيها السالبة و الموجبة تتراء لنا ,من وراء حجاب النفس و التي تفعِّل وجودها فينا ليكون للشر نصيب في حياتنا, لعل الإنسان يشحذ همته و يستفيق من غفوة الجهل و اليأس و الألم فيغير ما بنفسه ليتغير واقعه .

      فالشاعر يمر بنا بسلاسة و انسيابية من رسم ما يختلج فيه من ألم و تعاسة لينتقل إلى معاناة خارجة عنه, و كأن ما بنفسه هو بعينه ما يعانيه قومه, فما به هو سبب تعاستهم و ماحل بهم هو سبب تعاسته. تداخل بديع بين داخل الإنسان و خارجه لتصبح النفس واحدة و يتجسد قول الله تعالى في الخلق عندما يقول في كتابه العزيز و خلقناكم من نفس واحدة .

      فكما سبر الشاعر أغوار نفسه و أدرك ما بها من ألم و أسبابه, يسهب في وصف سبب معاناة قومه و يعدد ما اكتسبوه من طباع الخيانة لكتبهم السماوية و غدر لأوطانهم و شعوبهم و من فقد للانتماء, فهم أشباه أو أشباح بدون هوية و لا مقومات إنسانية, يتحلون بممارسة الفجور و كل ما هو قبيح و مهين لوجودهم الإنساني فتكون البلوى و التعاسة هي الحاضر و المستقبل, وهي خبزهم اليومي و كأنهم في طغيانهم يعمهون دون إدراك و لا حس و لا قيمة إنسانية فاعلة فالحضيض مأواهم و الألم مبتغاهم .

      فكل عاقل واع يشقى بعقله و كل غبي باغ ينعم بجهله .هذا ما أجاد الشاعر رسمه بكلمات تطوف فيك لتلامس وعيك, و تنفخ فيه روح الوجود , و كيانه الفاعل القادر على تجاوز الألم إلى ما بعده, بتفعيل قدراته و تحريك طاقته الحيوية الخلاقة, ليتجاوز بها حاضره المؤلم إلى غد أشرقت عليه شمس المعرفة و العرفان و أعطت الإنسان القدرة على قهر سلبياته للتواصل مع إيجابيته ,و تخليقها من جديد ,حتى تتفاعل مع الواقع و تغير تضاريسه و تمحو أمراضه .

      ما تبدعه الكلمة من خلق للفكرة و المنطق يضاهي ما يتخلق في الأرحام الولادة من أجنة إنسانية قادرة على التوالد و إعمار الكون و الحياة بسلام, على أديمه. فللكلمة أيضا أخلاق و تخلق في رحم الفكر فقط لو ندرك كيف نتواصل معها بحب و نحيطها بكل ما هو جميل لتسبح في عالم الجمال في محيط ماءه قطر ندى حديث العهد بربه و كأن فطرة تتفتح ورودها لنتنسم عطرها فنحيا بحياتها.

      هكذا كان الشاعر يعيش التعاسة بفطرته النقية و العارفة بربها, بقيمتها و بحدودها, فكانت تعاسته أشد وطأة عليه, و ألمه أقسى, و أفاقه أضيق فهو يهرب من ضيق الحيلة إلى رحابة الألم , لعله يجد متنفسا أو مفردات تستفرغ ما استبطنته نفسه من شحنات سلبية مدمرة لكيانه الإنساني ,لتفرض عليه واقعها فيستسلم لها, و يجاري فجورها و طغيانها , لكن الشاعر يقاوم بكل ما أوتي من قوة الكلمة و المشاعر, فهي سلاحه الذي لا يلين و سيفه البتار و القاطع لطريق العودة لقوم كان منهم و فيهم ....و تبقى له الذكرى المؤلمة, و كأنها السكين الذي يغور في أرض جسده ليروي بدمه أرض قومه حتى يطهرها من دنس الفجور و تستفيق من غفوتها... و يقول



      وأذكر أنّ لي وطنا جريحا
      على آلامه وجع يسيرُ
      +++
      تُمزِّقه جراح حاقداتٌ
      ويطعنه حقير أو أجيرُ
      +++
      ترفرف حول مهجته المنايا
      وتكثر في نواحيه القبورُ
      +++
      ويسقط في يديه كل يومٍ
      قتيل أو شهيد أو أسيرُ
      +++

      تعليق

      • منجية بن صالح
        عضو الملتقى
        • 03-11-2009
        • 2119

        #4



        و رغم الألم و الجراح و الخيانة و الغدر و الحقد, يستلهم الشاعر كلمته من روح مقاومة على الأرض, لتحمي العرض و تصون الحياة و الكرامة, بين قوم تفشى فيهم البلاء فحكمهم الطغيان و دمر إنسانيتهم الظلم. فللوطن أنين و جراح تنزف قهرا و تمزقه طعنات كل أجير حقير.

        و يطرح الشاعر على نفسه حمل سلاح المقاومة ,ألا وهو الكلمة الصادقة الوفية, و التي يرجم بها الأعداء ليرديهم و تكون المنايا قبورهم فيكون شهيد الكلمة أو أسيرها فلا يستسلم و لا يلقي سلاحه.

        المعركة بالنسبة إليه كلمة تفرض وجودها على الساحة لتحتويها صفحته الناصعة البياض, العاكسة لفطرته النقية و التي لا يقدر على تدنيسها الغدر و لا الخيانة . فكما يكون المقاتل في ساحة القتال يدفع دمه و حياته فداء لمبدأ و قيمة و كرامة, يكون مداد قلم الشاعر دمه الثائر الذي يخط أجمل الملاحم على صفحات الزمن و على أرض الوطن لتكون الشاهد و الشهيد , فهي المتصدية للطغيان ,وقتيلة الحب و العشق للأرض ولكرامة الإنسان .

        و يقول الشاعر مسترسلا في إعترافاته :

        تدور الكأس والدنيا تدورُ
        ويحمل حزنه قلبي الكسيرُ
        +++
        وتسرقني المواجع من فراشي
        وأقتُلني ليبتدئ النشورُ
        +++

        و يعترف الشاعر بأن التاريخ يعيد كتابة نفسه أو أن الكلمة تستعيد وجودها الزمني, لتكون هي نفسها أو تشبهها مع فارق الزمان و المكان, لتصبح الحياة كأنها كأس يحتسيه كل من مر على أديم الأرض, لتكون شرابه المعتق... يسكر البعض و يلقيه البعض الآخر في زاوية من زوايا الذاكرة .....و يتجاهله البعض الآخر ليصنع شرابه و يصوغ مفردات حياته عن إدراك و دراية بنفسه و بغاية وجوده, فيكون الوجع حاضرا و كأنه الحلم المزعج الذي يوقض النائم , يقض مضجعه و يشحذ همته , ليستأصل ما فيه من أسباب موته المعنوي, والقاتلة لوجوده الإنساني. يبدأ في محاسبة نفسه و تنقيتها من ما ألم بها من فجور موروث و مكتسب. هو دنس الطبيعة الإنسانية و الملوثة للمحيط الداخلي و الخارجي للإنسان ,و السبب في كل ما يعيشه الشاعر بإحساسه و وعيه المتقدم به على قومه , محاولا بذلك إيقاظهم من موت الجهل و الطغيان .

        و ما النشور بالنسبة للشاعر إلا تغيير بعد محاسبة, و موت يكون بعدها حياة أخرى بتوفيق رباني و هدى و إصلاح ما بالنفس من غواية تهدر الوقت و الجهد : و يقول الشاعر

        فما عادتْ تراقصني الأغاني
        وما عادت تحاصرني الزهورُ
        +++
        وقد جفَّت ينابيع الأماني
        ومات الحلم واختنق الشعورُ
        +++
        لقد تهنا..فأشرقت المنافي
        وأظلم في أعالينا سرورُ

        +++

        و كأن الشاعر يلقي كل الدنيا بوجعها و ألمها وراء ظهره. لقد إستوى عنده كل شيء و لم يعد للألم و لا للأماني و لا للشعور وجود.... و يفتح التيه أبوابه, لتكون غربة الفكر هي المحل الذي يسكنه الشاعر . فيصبح للسرور ظلمة و لا يبقى غير المصطلح على أرض الواقع , بينما معناه تحتويه العتمة و كأن الشاعر يغادر فضاء الأرض ليلفه الكون بظلمته و الذي تختفي فيه كل الكلمات و المعاني المعروفة لدينا, و المتداولة في قاموس خطابنا .

        هو إنسلاخ من واقع أليم وهو هروب من الحياة ننفذه عندما تضيق بنا, فنتلهى عنه بأي شيء آخر, لننسى وجوده ويستمر فينا نبض الحياة. لكن ما يصل إليه الشاعر في نهاية القصيدة هو شيء مختلف..... فقد جعل منه الألم كوكبا مستقلا بذاته ووعيه , ليغادر الأرض لأنها ضاقت به و عليه , إلى الفضاء الخارجي ليكون له طواف و حياة أخرى ضمن المنظومة الكونية فالشعور بالتيه هو مؤقت لحد ما يجد طريقه المؤدية إلى الخلاص من الألم و الذي حققه بالاستواء , و تقابل الأضداد فيه, و تناسقها و تواصلها, لتكون له حياة أخرى ضمن عالم آخر لا يشبه ما يوجد على الأرض لكنه معروف من أهل السماء, و لأن الحياة ضاقت بالشاعر و ضاق بها, تكون الهجرة هي الحل و يترك المجال فسيحا لأقزام الأمور لتتصرف و تدير سخطها على هواها لأن وجودها ضروري لوضع حتمته الطبيعة الإنسانية لفجورها و إختفاء تقواها و يقول الشاعر

        تضيق بنا الحياة وفي رباها
        يُنزّل سخطه قزم أميرُ
        +++
        جراحات…فهل فَتْح يزورُ؟
        وهل حقد نُعتِّقه يثورُ؟

        و يبقى للجراحات عمق و للنزف وجع, فللشاعر حس مرهف و جسد طيني يحتفظ بعلاماته المؤلمة و التي رسمت نفسها على أديمه و أدمت آدميته و آلمت إنسانيته, و يبقى له انتظار لفتح رباني يرفع البلاء ,و يعيد للحياة نقائها , عسى أن يكون للحقد ثورة, تعيد الأمور إلى نصابها و تصلح ما أفسده الإنسان بطباعه المنحرفة و أعماله الطاغية .

        و كانت القصيدة حكاية ألم تبحث عن أمل , لتكون لها حياة أو لنقل هو الوجع الذي احتل داخلنا و أقام على تراكماته عبر السنين, و تاريخ البشرية. فللذاكرة حياة فينا ربما لا نفقه مفرداتها أو لا ندرك معانيها لكنها موجودة داخلنا ,تنتظر أحداثا توقظها و تجعلها حاضرة ...تألمنا لنستفيق و تجعل جراحنا تنزف ليحتوينا الابتلاء و ندرك أن للواقع مفردات متعددة لكن الحقيقة تكون في كلمة واحدة تختزل وجودها ,لتفصح عن نفسها لمن عرف قيمتها و جاهد البغي و الطغيان ليكرسها على أرض الواقع و يحافظ عليه.

        و يبقى الحزن في القصيدة أساس وجود كلماتها و معانيها فهي الشراب الذي ملأ كأس الشاعر و أسكره ليكون له هذا البوح و هذا الجمال الحزين و الذي يأخذك على بساطه ليطوف بك في باطن الإنسان الذي أضناه الألم وأيضا في المحيط الإنساني , لنعيش تعاسة من رسم و إخراج الإنسان نفسه, و كأنه يستعير ما في داخله ليضفيه على خارجه في تداخل يشعرك و كأن الحركة انعدمت, و الزمان توقف ,فيكون للشخوص أحداث ترسمها بكل دقة لتعيد تخليق نفسها و تصرفاتها عبر التاريخ و كأنها ليست هي بل مشيئة تسير حركاتها أفعالها و أقوالها و هي في غيبوبة تامة, غادرها العقل و الإدراك, لتكون كما هي و كما نسجها الموروث الإنساني في الوجدان, و هذا ما يتألم له كل ذي عقل و إدراك واعي بآدميته الفطرية و التي هي مستخلفة في الأرض لتنشر الخير و تعيد للإنسان حياته الحقيقية , تنقذ كلماته و معانيه من براثن الموت المحدق بوجوده الفاعل في بيئته الخاصة و العامة .

        و أعيد السؤال هل الحزن أصل في الوجود الإنساني ؟

        و أقول أن الأصل في الإنسان هو الحب لأنه خلق به و له و ما الحزن إلا شعور ينتابنا لفقد نستشعره فيمتلكنا الإحساس بالفراغ ..... ونحزن.... فللحب مكانة لا يستطيع أي إحساس آخر أن يعوضه, فله فراغ قاتل للكلمة و معناها و ما الإنسان إلا كلمة طيبة يعطر وجودها الحب أو خبيثة فقدته , فصارت على ما هي عليه من قسوة و طغيان و ظلم لنفسها أولا و لغيرها ثانيا .

        ففقد الإنسان لجزء منه يجعله يعيش التشظي و البتر , و كأنه منبت عن أصله, ليكون ناقصا غير مكتمل الوجود و هذا يفقده الشعور بالإنتماء إلى المنظومة الإنسانية والتي هي عنصر فاعل في الكون الذي خلق من أجلها . ففقدان الشعور بالحب يفجر الصراع بين الأفراد و الجماعات و يجعل للسلبيات فجور لا يحده حد بل له مد و طغيان جارف لكل مقومات الإنسان .

        فعندما يفقد الإنسان انتمائه يحتويه التيه, و تغادره أجمل معانيه ليصير يلهث وراء فتات الحياة المادية, يركض وراء سراب يزيد من عطشه و معاناته, لا يرتوي حتى يعرف طريق الحب, و يسلكه عن دراية بكل مفرداته ,و عن قناعة نابعة من قلب عرف الحب في عالمه الأصلي و تذكر وجوده,و كابد هوى نفسه و تغلب عليها ليرسي قواعد بيته على أساس سليم و صلب, ألا وهو الحب هذا الشعور الذي تتلاشى أمامه كل المشاعر السلبية و تختفى ,لأنها غير قادرة على مقاومة سيله الهادر و الجارف لها , ليلقيها في أحضان محيط الجمال و الإبداع فتتلاشى في قاعه و تكون طعام أسماك لتستمر الحياة في أعماق بحرنا الكامن داخلنا, و الزاخر بالحركة, ينتظر أن نتواصل معه بود غامر, ليفصح لنا عن كنوزه المخفية, فهي لنا زينة و جمال رائع تتحلى به النفس, لتكون الأجمل و الأحب و الأنقى فينا فتصبح كأنثى تعطرها كلمات الحب النقية و الشفافة يحتويها شذى الجمال, لتفصح عن أرقى المعاني و أعذب الكلمات, التي تذوب رقة في فم قائلها لتكون عسل النحل الشافي ,و كلمة الطبيب المداوي . فبالحب فقط يستقيم الإنسان كما المجتمع و الإنسانية جمعاء.

        و كان أصل القصيدة حبا جارفا لإنسانية غارت فينا , و لوطن سلب منا , و لفطرة تاه وجودها عنا , و لفها الزحام في عالم لا يعترف بها, و لا بفاعليتها . فكان الألم و الحزن و التعاسة, مفردات عانقها الشاعر و جعلنا في رحابها لنتعرف على ما أختزله وجدانه من حب للخلق و للوجود الإنساني بكل مفرداته المشرقة فيه و به.

        و كان الحب في الموعد شاهرا سيف الكلمة ملتحفا بأبهى معانيها و أعتاها ليكون المحارب و الحرب على كل من قاوم وجوده و أستسلم لغيره .

        كنا مع إعترافات الكأس العاشرة للشاعر الذي أبدع بالكلمة و المعنى و الحس المرهف فكان الألم في داخله محيط متلاطم الأمواج, قاتم اللون , يشعرك بالحزن تارة , و بالثورة أخرى , بالإستسلام و المقاومة, بالألم و الأمل , و كانت الكلمة فرسه الجامح , الذي إمتطى صهوة الخيال , ليجول بنا عبر الزمان و التاريخ حتى نرى ركام النفس البشرية و ما صنعته و حذقت تجسيده عبر حقب زمنية ظلامية عرفت الظلم و الطغيان , من أقزام فكر طالت أيديهم, فكان البطش سلعتهم الرائجة و الخيانة مركبهم المبحر عبر تاريخ الأرض وتتابع الأيام .....

        بعد هذه القراءة يبقى في الذهن سؤال ألم يعتبر الإنسان ؟ أم أنه يجهل القراءة ؟

        تعليق

        • د. وسام البكري
          أديب وكاتب
          • 21-03-2008
          • 2866

          #5
          قراءة نقدية مبدعة، وأشهدُ تحوّلاً مميّزاً في قراءاتك، ولكن الذي آمُلُهُ منكِ إضافة نبذة تعريفية مناسبة بصاحب النّص وأبرز نتاجه، لتكتمل الصورة في ذهن القارئ. ولا مانع من الاستعانة بالمصادر والإشارة إليها.

          قولك: بعد هذه القراءة يبقى في الذهن سؤال ألم يعتبر الإنسان ؟ أم أنه يجهل القراءة ؟
          قرأتُهُ نصّاً نقدياً داخلياً خاصاً بالنص والشاعر والمحيط، وقرأته نصّاً خارجياً تقريعياً، فالمارّون قلّة، والأقل بل الأندر تلمُّس آثارَ مرورهم.

          الأستاذة القديرة والناقدة منجية بن صالح
          في أحد الحوارات مع الشاعر محمد الأمين سعيدي يقول:
          (مشكلة بعض الأصدقاء الشعراء أنهم لا يقرؤون أبداً، ويريدون في الوقت ذاته أنْ يأتوا بشيء جديد؛ القراءة الحقيقية لكل شيء تراثي أو حداثي، قومي أو إنساني هي الكفيلة بأنْ تفتح أمامنا باب الشعر، أما التجديد فهو باب آخر وعتبة تحتاج إلى وعي آخر.)

          فهل يقرأ بعضُ شعرائنا الجُدُد ؟ ! وهل أفادوا من القراءة ـ إذا قرأوا ـ لتطوير قدراتهم في إغناء تجربتهم الشعرية ؟.

          ودمتِ مبدعةً.
          د. وسام البكري

          تعليق

          • منجية بن صالح
            عضو الملتقى
            • 03-11-2009
            • 2119

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة د. وسام البكري مشاهدة المشاركة
            قراءة نقدية مبدعة، وأشهدُ تحوّلاً مميّزاً في قراءاتك، ولكن الذي آمُلُهُ منكِ إضافة نبذة تعريفية مناسبة بصاحب النّص وأبرز نتاجه، لتكتمل الصورة في ذهن القارئ. ولا مانع من الاستعانة بالمصادر والإشارة إليها.

            قولك: بعد هذه القراءة يبقى في الذهن سؤال ألم يعتبر الإنسان ؟ أم أنه يجهل القراءة ؟
            قرأتُهُ نصّاً نقدياً داخلياً خاصاً بالنص والشاعر والمحيط، وقرأته نصّاً خارجياً تقريعياً، فالمارّون قلّة، والأقل بل الأندر تلمُّس آثارَ مرورهم.

            الأستاذة القديرة والناقدة منجية بن صالح
            في أحد الحوارات مع الشاعر محمد الأمين سعيدي يقول:
            (مشكلة بعض الأصدقاء الشعراء أنهم لا يقرؤون أبداً، ويريدون في الوقت ذاته أنْ يأتوا بشيء جديد؛ القراءة الحقيقية لكل شيء تراثي أو حداثي، قومي أو إنساني هي الكفيلة بأنْ تفتح أمامنا باب الشعر، أما التجديد فهو باب آخر وعتبة تحتاج إلى وعي آخر.)

            فهل يقرأ بعضُ شعرائنا الجُدُد ؟ ! وهل أفادوا من القراءة ـ إذا قرأوا ـ لتطوير قدراتهم في إغناء تجربتهم الشعرية ؟.

            ودمتِ مبدعةً.
            أستاذي الفاضل وسام بكري

            قراءة حضرتك لمقالاتي هو شرف لي وردك عليها أسعدني و جميل كلماتك شهادة أعتز بها فألف شكر على ما تفضلت به من رد.

            أما الشاعر محمد الأمين سعيدي هو جزائري الجنسية و هذا رابط مدونته.

            http://groupes.maktoobblog.com/


            أستاذي الفاضل ما نتألم له جميعا هو أننا لا نتعلم من التاريخ و لا نقرأ و "نحن أمة إقرأ" و ذلك على مستوى النخب السياسية و الفكرية .

            و الشاعر محمد الأمين السعيدي قاريء جيد و مجدد في نفس الوقت لأنه يكتب بوعي آخر إستطاع أن يغوص به في الواقع, يقرأ مفرداته ,ليستطيع تجاوزها و تجاوز نفسه المحملة بهموم الإنسان و الأمة و التي جعل منها هما واحدا يواجهه بكل جرئة لتكون القصيدة إنتفاضة و الكلمة حجرا يرجم به أعداء الإنسانية .


            فهل يقرأ بعضُ شعرائنا الجُدُد ؟ ! وهل أفادوا من القراءة ـ إذا قرأوا ـ لتطوير قدراتهم في إغناء تجربتهم الشعرية ؟.
            و هل أدركوا أن للكتابة وعي آخر و القراءة المتبصرة هي من ترسي قواعدها؟

            أسئلة لا بد لكل شاعر أن يحاول الإجابة عليها بصدق.
            إن لم تحاصرنا الأسئلة بعد كل قراءة و تلح علينا لنجد لها أجوبة تصبح عديمة الجدوى و عقيمة الوجود.
            أستاذي الكريم هذه القراءة هي موضوع محاضرة لسهرة الإثنين 3/1 على الساعة الحادية عشر بتوقيت القاهرة في الصالون الأدبي الصوتي فحضور حضرتك يشرفني حقا و يسعدني .
            كل التحية و التقدير

            تعليق

            • محمد الأمين سعيدي
              عضو الملتقى
              • 16-05-2007
              • 59

              #7
              [align=center]أختي منجية
              مساؤك سعيد
              أردتُ أنْ أشكرك على هذه القراءة، على هذا الاقتراب من النصِّ الملتحف بلهفة قلب يريد أنْ يبحث أكثر، أنْ يحفر أعمق.
              لقد مارستُ الكتابة النقدية بحكم دراساتي العليا، لكني صدقا، أصاب بالدهشة، حين أجد غيري يقتربُ من أحد نصوصي، لأني، ببساطة، سأقف أتفرج عليه وهو يتجول في شوارع القصيدة كما يشاءُ وفي أيِّ جهة أراد.
              تفتحُ القراءةُ النصَّ على حوارية لذيذة مع القارئ، تنقل هذا الأخير من رقعة الجغرافيا الواقعية، إلى رقعة جغرافيا لغوية، تتشكَّل من دم القلب، لا تؤمن بالحدود، ولا تعطي بالا للجاذبية، جغرافيا النص متكوّنه من غرائبية وانفلات، ولهذا تستدعي قارئا يمتطي صهوة المغامرة، ويجرِّب لذة النص-على حدِّ قول رولان بارث- بكل أريحية وبإرادة بحجم الدلالة المختفية في أبعد سماء من سماوات جبَّة التأويل.
              أشكرك سيدتي على هذا المجهود الجميل..
              تقبلي أجمل تحياتي واحترامي .
              ..
              ..
              محمد الأمين سعيدي
              [/align]
              التعديل الأخير تم بواسطة محمد الأمين سعيدي; الساعة 18-02-2011, 19:36.
              [align=center]
              [SIGPIC][/SIGPIC]
              [/align]

              تعليق

              • منجية بن صالح
                عضو الملتقى
                • 03-11-2009
                • 2119

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة محمد الأمين سعيدي مشاهدة المشاركة
                [align=center]أختي منجية
                مساؤك سعيد
                أردتُ أنْ أشكرك على هذه القراءة، على هذا الاقتراب من النصِّ الملتحف بلهفة قلب يريد أنْ يبحث أكثر، أنْ يحفر أعمق.
                لقد مارستُ الكتابة النقدية بحكم دراساتي العليا، لكني صدقا، أصاب بالدهشة، حين أجد غيري يقتربُ من أحد نصوصي، لأني، ببساطة، سأقف أتفرج عليه وهو يتجول في شوارع القصيدة كما يشاءُ وفي أيِّ جهة أراد.
                تفتحُ القراءةُ النصَّ على حوارية لذيذة مع القارئ، تنقل هذا الأخير من رقعة الجغرافيا الواقعية، إلى رقعة جغرافيا لغوية، تتشكَّل من دم القلب، لا تؤمن بالحدود، ولا تعطي بالا للجاذبية، جغرافيا النص متكوّنه من غرائبية وانفلات، ولهذا تستدعي قارئا يمتطي صهوة المغامرة، ويجرِّب لذة النص-على حدِّ قول رولان بارث- بكل أريحية وبإرادة بحجم الدلالة المختفية في أبعد سماء من سماوات جبَّة التأويل.
                أشكرك سيدتي على هذا المجهود الجميل..
                تقبلي أجمل تحياتي واحترامي .
                ..
                محمد الأمين سعيدي
                [/align]
                الشاعر القدير محمد الأمين السعيدي

                سعيدة بوجودك بيننا و بهذا القلم الشاعر و الذي يرسم كلماته بمداد وجدانه لتحلق بنا المفردات في مداها فللنص جغرافيا كما تفضلت يتجول في رحابها المسافر على صهوة الحرف ليقطع سهولها و فيافيها و تكون له وقفة على قمة الجبل ليلقي نظرة فاحصة تمتد إلى ما بعد الأفق

                إستمتعت حقا بالتجوال في فضاء الكلمة و المعنى و كانت لي وقفة على صور من واقع حزين و الذي لم يكن وليد خيال الشاعر
                دمت مبدعا و لك كل تقديري


                تعليق

                يعمل...
                X