إنهم من الجن - قصة قصيرة - نزار ب. الزين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نزار ب. الزين
    أديب وكاتب
    • 14-10-2007
    • 641

    إنهم من الجن - قصة قصيرة - نزار ب. الزين

    [align=center]
    إنهم من الجن
    أقصوصة
    نزار ب. الزين*
    [/align]

    [align=right]ضج أصحاب المزارع من تكرار سرقة عجولهم و أغنامهم ، جندوا الحراس ، أكثروا من الكلاب ،
    ثم ....
    طلبوا حماية (مخفر الدرك)* و لكن هؤلاء و اؤلئك عجزوا عن ضبط اللصوص ،
    جُن جنون قائد مخفر الدرك في القرية المجاورة ، فأمر رجاله باعتقال المشبوهين .
    ثم ...
    باعتاقل حراس المزارع بتهمة التواطؤ ؟! ..
    جوعوا هؤلاء و اؤلئك ، حرموهم من النوم ، أوسعوهم ضربا و تعذيبا .. دون أن يصلوا إلى اية نتيجة ،
    ثم ..
    صارت أخبار اللص الشبح أو اللصوص الأشباح على كل لسان ..
    و بدأت الشائعات من كل لون تنتشر انتشار النار في الهشيم ،
    إلى أن أبدى إمام جامع القرية رأيه الحصيف ، فقال :
    " اللصوص أيها الناس ليسم بشراً ، إنهم من الجن ! "
    و منذ تلك اللحظة ، امتنع الناس عن التجول في القرية بعد غياب الشمس ،
    فاليوم يخطف الجن العجول و غدا قد يخطفون الأطفال ، و ربما النساء و الرجال ...
    و نشط من ثم سوق المشعوذين و العرافين ، يكتبون الأحجبة و يقدمون الوصفات الناجعة ، لمنع أذى الأسياد !!!
    أما حراس المزارع فقد استقالوا ..بعضهم احتجاجا على اعتقالهم و تعذيبهم ،
    و بعضهم خشية الجن و العفاريت ..
    و هكذا ، خلا الجو أكثر و أكثر ، للص أو اللصوص ..
    *****
    ثمت سيارة شاحنة تحول مكان الشحن فيها إلى حجرة كبيرة ،
    و قفت الآن أمام إحدى المزارع ،
    يترجل منها أحدهم و بيده مقص خاص بتقطيع الحديد ،
    و ترجل آخر يحمل قطع اللحم المغمس بمخدر قوي ،
    يبدأ الأول بمهارة بتقطيع الشبك المعدني الذي يشكل سور المزرعة ،
    يفتح ثغرة تصلح لمرور رجل زحفا ،
    بينما يلقى الآخر بقطع اللحم إلى الكلاب الهائجة ،
    و إن هي إلا دقائق حتى يغط الكلاب بنوم عميق ،
    يترجل آخر ،
    يتسلل إلى حظيرة الأبقار ،
    يطعن ثلاثة من العجول السمينة بمخدر ،
    فتخور العجول ألما ،
    ثم ..
    تسقط أرضا ، بلا حراك ،
    ثم ...
    يترجل آخرون ،
    يتسللون نحو الحظيرة ،
    و بسرعة و رشاقة يحملون العجول المخدرة ،
    ثم ...
    يتعاونون معا على رفعها إلى باطن الشاحنة ، الواحد بعد الآخر ،
    ثم ...
    تبتلعهم الشاحنة ،
    ثم ....
    تتحرك بهم و كأن شيئا لم يكن ..
    *****
    باطن الشاحنة عبارة عن ورشة عمل كبيرة ،
    طاولة مثبتة في الوسط ،
    وُضِع فوقها عدة فرّامات ، و مناشير ، تعمل جميعا بالكهرباء ، و تستمد طاقتها من محرك كهربائي ثُبَّت في إحدى الزوايا ..
    و على الجدران عُلِّقت سكاكين و سواطير* من مختلف المقاسات ..
    و من السقف تدلت عدة ( شناكل )* ، كما تدلت عدة قناديل تشع بإضاءة قوية ..
    *****
    و بسرعة و رشاقة تم فصل رؤوس العجول عن أجسادهما ،
    ثم ..
    عُلقت على الشناكل ،
    ثم ...
    بدأ الرجال و هم جزارون محترفون ، بعملية السلخ ،
    ثم ...
    بعملية التقطيع ،
    ثم ...
    تولى أحدهم توضيب الأحشاء ،
    ثم ...
    قام آخر بجمع الدماء المراقة فوضعها في دلوين كبيرين ،
    ثم ...
    قام آخر بتنظيف المكان .
    *****
    كانت الشاحنة فد وصلت إلى دكان الجزار ( أبو عيشة ) ، في مركز القضاء ،
    و بنفس الرشاقة ، نقلوا اللحوم و الشحوم و العظام و الأحشاء إلى دكانه ،
    ثم ....
    علقوا قطع اللحم على (الشناكل) في واجهة الدكان ،
    ثم ...
    قدم أبو عيشه لرجاله حصتهم من الغنيمة ،
    ثم ...
    أخذ يردد باعلى صوته :
    " يا فتاح يا عليم ... يا رزاق يا كريم ! "
    ثم ....
    جلس في انتظار الزبائن .
    *****
    و ذات يوم و بينما كانت شاحنة ( ابو عيشه ) تعبر القرية بعد إحدى غزواتها ، و كانت الشمس قد بدأت تطرد جحافل الظلام ، عبر غلام الشارع متجها نحو المخبز ..
    كانت الشاحنة مسرعة ، فقد تأخرت عن أوقات مغادرتها المعتادة ، و لم ينتبه السائق إلى الصبي فدهسه ..
    كان بعض الفلاحين على حافة الطريق ،
    سمعوا صوت صياح الغلام ، و مكابح الشاحنة ،
    فهرعوا نحو موقع الحادث ،
    ليشاهدوا السائق يزيح الصبي المصاب بطريقة وحشية ،
    ثم يحاول العودة إلى الشاحنة مسرعا يريد الفرار ..
    تكأكؤوا حوله فمنعوه ،
    ثم ..
    كبلوه ،
    ثم ...
    فوجئوا ببوابة الشاحنة الخلفية تُفتح ،
    و بأشخاص يترجلون منها حاملين السكاكين و السواطير ..محاولين فك أسر السائق من قبضته ،
    ثم ...
    تشتعل معركة حامية سلاحها الحجارة و السكاكين و السواطر ..
    تتجمع أعداد أخرى من القرويين بينهم أم الصبي المصاب و أبوه و إخوته ،
    يشتركون جميعا بالمعركة ، ثم يشنون هجمة رجل واحد انتهت بإمساكهم جميعا و تكبيلهم بالحبال ، بعد أن أوسعوهم ضربا ،
    ثم ...
    صعد البعض إلى قلب الشاحنة ،
    ليكتشفوا الحقيقة المذهلة !
    ====================
    • الشناكل : علاقات معدنية معكوفة و هي خاصة بتعليق السائمة بعد ذبحها .
    • الدرك : شرطة الأرياف ، أيام الإنتداب الفرنسي
    • ساطور : سكين عريضة تستخدم لتكسير العظام
    ====================
    *نزار بهاء الدين الزين
    سوري مغترب
    عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
    عضو الجمعية الدولية للمترجمين و اللغويين العرب ArabWata
    الموقع : www.FreeArabi.com
    البريد : nizar_zain@yahoo.com
    [/align]
  • عبير
    كاتبة
    • 16-05-2007
    • 387

    #2
    [align=center]هكذا نحن نخلق الوهم ثم نصدقه حتى يتسبب في قتلنا
    الفاضل
    نزاربهاء الدين الزين
    استمتعت كثيرا بقراءة قصتك
    [/align]

    تعليق

    • طه خضر
      عضو الملتقى
      • 30-10-2007
      • 176

      #3
      الأستاذ الفاضل نزار الزين ..

      هو التساؤل إياه..!

      قصة قصيرة أو أقصوصة تصلح لتكون رواية بكامل شخوصها!

      وإن أردنا أن نعرف العلة في كل هذه الحلقة المفرغة فما علينا إلا أن ننظر إلى بدايتها والكلمة التي أطلقها إمام الجامع الحصيف وصدقها العوام واستغلها المشعوذون واللصوص، ولم أر أس المشكلة في كل ذلك إلا بمن يدعي العلم وهو إلى الجهل أقرب ومن ثم يصدقه الناس البسطاء وساعتها تكون الطامة!!

      تحياتي الطيبات ..
      [SIZE="4"]العزم في الرووح حق ليس ينكره ... عزم السواعد شاء الناس أم نكروا[/SIZE]

      تعليق

      • نزار ب. الزين
        أديب وكاتب
        • 14-10-2007
        • 641

        #4
        [QUOTE=طه خضر;56745][align=center]الأستاذ الفاضل نزار الزين ..
        هو التساؤل إياه..!
        قصة قصيرة أو أقصوصة تصلح لتكون رواية بكامل شخوصها!
        وإن أردنا أن نعرف العلة في كل هذه الحلقة المفرغة فما علينا إلا أن ننظر إلى بدايتها والكلمة التي أطلقها إمام الجامع الحصيف وصدقها العوام واستغلها المشعوذون واللصوص، ولم أر أس المشكلة في كل ذلك إلا بمن يدعي العلم وهو إلى الجهل أقرب ومن ثم يصدقه الناس البسطاء وساعتها تكون الطامة!!
        تحياتي الطيبات ..[/
        [/align]QUOTE]
        =================
        [align=center]أخي الفاضل طه
        صدقت يا أخي ، فكثير من الإشاعات الخرافية تطلق تعمدا ، لإلهاء الناس عن مشاكلهم الإقتصادية و الإجتماعية .
        و كثيرا ما يكون مدعو العلم مطية للسياسيين .
        أنت ضربت على وتر مختلف ، فأثريت النص به .
        شكرا لزيارتك و تفاعلك ، و دمت بخير .
        نزار
        [/align]

        تعليق

        • نزار ب. الزين
          أديب وكاتب
          • 14-10-2007
          • 641

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة عبير مشاهدة المشاركة
          [align=center]هكذا نحن نخلق الوهم ثم نصدقه حتى يتسبب في قتلنا
          الفاضل
          نزاربهاء الدين الزين
          استمتعت كثيرا بقراءة قصتك
          [/align]
          =====================
          [align=center]أختي المكرمة عبير
          صدقت و الله فنحن من نخلق الوهم و نحن من يصدقه
          إنه تعبير يفسر كل الخزعبلات المتداولة بين الناس
          و هذا دليل على سعة ثقافتك
          أسعدني استمتاعك بالقصة ، فلك الشكر
          نزار
          [/align]

          تعليق

          • جوتيار تمر
            شاعر وناقد
            • 24-06-2007
            • 1374

            #6
            الاستاذ الكبير نزار الزين......
            انهم من الجن ، وقفت عند العنوان ، احاول سبر اغواره ، وفك طلاسمه التي قد لاتبدو طلاسم في نظر الاخرين ، لكن ، انهم ، الضمير هنا ، هو الذي اوقفني ، وجعلني ، اعيش الحالة ، حالة الرواي ، لاعرف كيف يلقى هو الخبر عندما سمعه ، ووقع الخبر على نفسيته ، فمن هناك يتجلى للمرء ماهية النص كله ، وعند استقراء التوجسات والافكار التي تتجلى في الحالة تلك ، يمكن ان نجد مسار القصة وواقعيتها في رصد الحدث بتفاصيله ، ومن ثم نقوم باسقاطات على جميع المستويات ، سواء اجتماعية كانت ام اقتصادية ام سياسية ، فكل ذلك يتجلى في النص ، وهنا لايمكن ان يتخلص المرء من فكرة عمليات السلب النظامية التي تحدث في بلادنا ، وعبر اهجزة تسمي نفسها الحامية لنا ، ولاياحد ينكر انها تمر على حساب جماجم الابرياء ، ولااريد الغوص كثير في هذا الموضوع لانه يثير الشجون ، لذا اعود الى القصة واهنئك ايها الكبير على هذا الرصد الواقعي الرائع.

            محبتي لك
            جويتار

            تعليق

            • مريم محمود العلي
              أديب وكاتب
              • 16-05-2007
              • 594

              #7
              أنهم من الجن ..........
              مازالت مثل هذه الاشاعات تؤثر على مسيرة الحياة اليومية للناس
              والمصيبة أن بعض المثقفين يؤمنون بظهور الجن الذي انتهى عهده منذ ولادة الرسول الكريم
              الحقائق لا تظهر ولا نؤمن بها إلا عند مصيبة أكبر
              كل الشكر والتقدير للأستاذ القاص الرائع نزار الزين
              مع أجمل التحيات محملة بعبق الياسمين

              تعليق

              • نزار ب. الزين
                أديب وكاتب
                • 14-10-2007
                • 641

                #8
                [align=center]أخي الحبيب جوتيار
                كما قلت لك سابقا ، أنت تغوص عميقا بين السطور و تكتشف ما لم يكتشفه غيرك من أبعاد .
                مشاركتك هذه أثرت النص و رفعت من قيمته .
                أما ثناؤك الدافئ ، فهو وسام من أوسمتك الكثيرة ، التي لا أملك تجاهها سوى الإمتنان .
                عظيم مودتي لك ، و اعتزازي بك ، كناقد فذ و أديب أريب
                نزار
                [/align]

                تعليق

                • نزار ب. الزين
                  أديب وكاتب
                  • 14-10-2007
                  • 641

                  #9
                  [align=center]أختي الفاضلة مريم
                  زيارتك للنص تشريف له و تفاعلك معه أثراه فشكرا لك
                  و دمت متألقة
                  نزار
                  [/align]

                  تعليق

                  يعمل...
                  X