تويت
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
التفاصيل (الشيطانية) لحسن الترابي 3- 3
شبكة البصرةالتفاصيل (الشيطانية) لحسن الترابي 3- 3
صلاح المختار
الشيطان في التفاصيل
مثل غربي
1-الملاحظة الجديرة بالاهتمام اكثر من غيرها تتمثل بالسؤال التالي : لم اهمل الترابي دور الكيان الصهيوني في تقسيم السودان مع انه موقف ستراتيجي صهيوني معروفة وقديم، والاهم ان التمرد الانفصالي في الجنوب كان ومازال مدعوما من الكيان الصهيوني صراحة ومباشرة ورسميا؟ ولم اعتبرالاخطاء الداخلية هي السبب مع ان المخطط الخارجي هو من زرع الانفصال وغذاه ودعمه وحماه بل ان القسم الاكبر من الاخطاء الداخلية من صنع انظمة نصبها الاستعمار ودعمتها الصهيونية من اجل ارتكاب تلك الاخطاء؟ ولم عد اسقاط النظام في الخرطوم مهمته الاولى والاساسية واهم من التهديدات الخارجية التي يواجهها السودان مع انها مميتة وفي مقدمتها الانفصال؟
ان مستر تفاصيل يخطو خطوة واضحة على طريق تطبيق نظرية استعمارية تروج لها اطراف مشبوهة هي نظرية (الاستعمار الداخلي) والتي تغلب مخاطر هذا الاستعمار المفترض على الاستعمار الخارجي، وتظهر خطورة ومشبوهية هذه النظرية من اول واخطر نتائجها وهي تهيئة المسارح في كل الاقطار العربية لحروب عربية – عربية بين الانظمة والجماهير العربية التي يراد لها الاقتناع تحت ضغط فساد وديكتاتورية وعمالة الانظمة بان (الاستعمار الداخلي) اخطر من الاستعمار الخارجي فتحشد قواها ضده وتترك الاستعمار الخارجي ويصل تركه الى حد تبرئته مباشرة او ضمنا من اي عمل اجرامي ويصبح الهدف الاساسي هو ليس طرد الاستعمار بل مقاتلة العملاء فقط بكافة الطرق خصوصا اشعال حرب اهلية لاتبقي ولا تذر.
ان خطورة هذه النظرية تظهر وتفهم ليس فقط من خلال نتائجها المدمرة بل ايضا من خلال معرفة مروجها الاصلي وهو العمل المشترك للمخابرات الامريكية والموساد، كما تدل كل الوقائع منذ نهاية السبعينيات. ان وفساد وخطورة هذه النظرية تكمن في انها اذا التزم بها تفضي حتما الى ما يلي :
أ – اشعال حروب عربية - عربية داخل كل قطر عربي، دموية وباهضة التكاليف على اساس وجود انظمة فاسدة تخدم الاستعمار والصهيونية، او تتهم بالديكتاتورية وخرق حقوق الانسان، ويجب التخلص منها. ولكن وبمجرد اشتعال الحروب الداخلية تخرج عن سيطرة الطرف الوطني، اذا كان مشاركا فيها وتصبح الحرب الاهلية وادارتها حكرا على القوى الدولية او الاقليمية التي كانت وراء التخطيط لها. ولدينا امثلة كارثية على هذه الحقيقة مثل الصومال الذي يواجه حربا اهلية مستمرة منذ عقود او لبنان الذي يواجه حربا اهلية ولكن متكررة ومتقطعة، وبذلك تتحقق للكيان الصهيوني والغرب الاستعماري وايران مضامين اهم فلسفة صينية في الحرب وهي (اذا اردت ان تهزم عدوك اجعله يهزم نفسه اولا). هل توجد هزيمة للعرب اخطر من قيامهم بهزيمة انفسهم قبل ان يهزمهم العدو؟ ان نظرية الاستعمار الداخلي التي يطبقها مستر تفاصيل الترابي في السودان تحقق هذا الهدف بصورة مثلى وكاملة.
ب – ان القضاء على الافعى يبدأ بسحق رأسها وليس قطع ذيلها، هذه حقيقة معروفة والرأس هو الاستعمار الخارجي الذي نصب الانظمة الفاسدة والمفسدة والعميلة وهو من يحميها ويشجعها على كل انواع الجرائم والخيانات والمفاسد، كما دلت تجارب نصف القرن الماضي في الوطن العربي، لذلك فان ضرب الانظمة الفاسدة بحرب اهلية لن يزيل الفساد والاضطهاد والعمالة بل سيغير رموزها وربما يصبح البديل اقوى واشد خطرا وفسادا وخيانة ولكن بطرق مبتكرة جديدة مادام من يحميها ويمدها باسباب البقاء هو الاستعمار والصهيونية. ان ما يدعم هذه الحقيقة هو ان اول مبادئ الفوز في الحرب هو مبدأ حدد عدوك الاخطر قبل خوض الحرب وركز الحرب عليه. ان عدونا الاخطر هو ليس الانظمة العربية، ومهما كانت فاسدة وتابعة للاستعمار، بل هو الاستعمار والصهيونية، ولذلك فاننا ومهما الحقنا الاذى بالانظمة فان راس الافعى سيبقى حيا وقويا وقاتلا في لدغاته ويكون قادرا على انتاج انظمة فاسدة اشد خطرا من سابقتها.
ج – في الوطن العربي الحرب الاهلية الداخلية بين الجماهير وما تسميه اجهزة المخابرات المعادية (الاستعمار الداخلي) اي النظام لن تكون غالبا بين نظام عميل وفاسد وجماهير الشعب فقط، كما هي حال الدول ذات المجتمعات المدنية، بل ستكون حربا بين شرائج المجتمع لاننا شعب مازالت القبيلة والدين والطائفة والجهة والمال والعلاقات الخاصة تلعب دورا كبيرا في تحديد المواقف، كما ان البؤس الاجتماعي والفقر والفوارق الطبقية الحادة تدفع الاغلبية للانخراط في صف الجيش او قوى الامن الداخلي دون وجود دافع سياسي غالبا،لذلك فان الحرب الاهلية ان وقعت سوف تدور رحاها على جثث ابناء الشعب الابرياء غالبيا ولن تكون حربا بين معسكرين تفصلهما ديموغرافيا حدود واضحة ودقيقة.
انظروا الى العراق المحتل المتطور مدنيا - نسبيا - اكثر من السودان ماذا سترون؟ سترون كتل جماهيرية مسلوبة الارادة بتأثير الروابط السابقة للوطنية كالعشائرية والطائفية والجهوية والاثنية تتوزع بين الزعامات المتحاربة والمصالح الخاصة في ظل تخلف وامية، فتجد بين معسكر العملاء بالاضافة للعملاء بشرا عاديين ليسوا عملاء ولا فاسدين وانما جهلة او فقراء او متأثرين بعلاقات ما قبل الوطنية، ونفس النوع من الكتل الجماهيرية موجودة في الصف الوطني، بل قد نجد اشقاء من عائلة واحدة واحد هنا وواحد ضده في المعسكر الاخر، فهل يمكن في حرب اهلية تتخذ شكل صراع دموي كهذا ان ينتصر الشعب ويطرد الفاسد قبل طرد القوة التي يستمد منها الفاسد والعميل قوته واستمراريته وهي قوة الاستعمار الخارجي؟ ان نقطة البداية الصحيحة هي ضرب راس الافعى ومخزن السموم القاتلة وهي الاستعمار والقوى الخارجية المعادية.
ان جيوش الانظمة العربية واجهزة امنها تتشكل من ابناء الشعب وهم ليسوا كلهم جلادين وخونة فالاكثرية انخرطت في هذه الاجهزة بحثا عن وظيفة في وطن تندر فيه الوظائف لذلك فان شن حرب على هذه الاجهزة ودون تمييز او حساب دقيق لن يقود الا الى قتل ابناء وطن ليسوا كلهم فاسدين او عملاء. والاخطر ان ذلك يورث نزعة الثأر بين ابناء الوطن الواحد في مجتمعات مازال الثأر من بين اهم تقاليدها، فيتفتت الشعب وتتقطع صلات رحمه وتهتز هويته العامة وتصبح عمليات الانتقام دورية.
د – ان الحرب بين ابناء الشعب توفر للاستعمار والصهيونية قوتهما وتمنع استنزافهما على طريق الحاق الهزيمة بهما وتحصر الاستنزاف بالشعب، ولذلك يتقوى الاستعمار والاحتلال وتضعف القوى الوطنية حتى لو الحقت دمارا كبيرا بالعملاء، انظروا للاحتلال الامريكي للعراق بعد عام 2006 ماذا ترون؟ نرى الصحوات (وهي تشكلت من مرتدين من المقاومة) وقد حولت بندقيتها من محاربة الاحتلال الى محاربة المقاومة، فتحولت الحرب من حرب مكرسة ضد الاحتلال فقط الى حرب ضد الاحتلال ولكن قدر كبير من تضحيات العراقيين يحدث نتيجة تقاتل عراقي مع عراقي حتى الموت، وانقسمت العشائر بتأثير مواقف متناقضة لابناء لها، بينما انسحبت اغلب قوات الاحتلال الى خارج المدن لتوفير المزيد من الفرص لاستنزاف الشعب العراقي ومقاومته والمحافظة على قوة الاحتلال بشريا وماديا. فهل هذا هو المطلوب؟ ام ان المطلوب هو تركيز البندقية الاساسية على الاستعمار والصهيونية ومعالجة امر العملاء الخطرين بصورة محددة ومدروسة؟
ه – ان الصراع مع الانظمة يجب ان يتواصل ولكن ليس على اساس انها استعمار داخلي نحاربة، فمهما كانت الانظمة فاسدة وعميلة فهي في النهاية عميلة وتابعة وليست صانعة قرار ومسلوبة الارادة لذلك لابد من تحديد اساليب العمل ضد الانظمة الفاسدو والعميلة وحصرها في عزل النظام واسقاطه دون حرب اهلية لتجنب كوارث بشرية مدمرة، وهناك طرق عديدة عسكرية وسلمية لتحقيق ذلك. وفي كل الاحوال فان منع نشوب حرب اهلية داخلية بين نظام مدان والجماهير ضرورة ستراتيجية بالغة الاهمية.
و– ان اسقاط نظام فاسد او عميل لا يصبح عملا صحيحا ومطلوب وطنيا الا اذا كان من يسقطه بديل وطني حقيقي ومعروف وقادر على حل معضلات القطر لصالح الشعب، ولكن المشكلة هي ان اغلب البدائل غير وطنية بل ربما تكون اسوأ من النظام الذي يجب ان يسقط، خصوصا اذا كان من يدعم البديل هو القوى المعادية للامة العربية. وفي حالة الحرب الاهلية فان موازين القوى تصبح عرضة للتبدلات غير المحسوبة في حالات كثيرة وذلك لوجود تدخل خارجي متعدد الاطراف وواسع النطاق ويشكل المصدر الاساسي لاستمرار الحرب الاهلية من خلال تزويده للاطراف المتقاتلة بالسلاح والمال وغير ذلك، الامر الذي يجعل فوز طرف وطني فيها امر مشكوك فيه ومستبعد غالبا، او على الاقل غير مضمون.
ز- واخيرا وليس اخرا ان اعتبار انظمة عربية استعمارا داخليا سوف يحررها من اي ارتباط وحدود ويدفعها الى اقصى درجات الخيانة والبحث عن اي طريقة او خيار ينقذها بما في ذلك طلب الدعم الخارجي وتقديم المزيد من التنازلات للاستعمار والصهيونية، والاهم والاخطر البحث عن خيار التحرر من الهوية الوطنية او القومية لفك الارتباط بالازمة العامة ازمة الوطن المحتل في فلسطين والعراق والاحواز وتخلصها من التهديد الصادر من اطراف عربية لها كما تعتقد...الخ، وما يجري في بعض دول الخليج العربي منذ عام 1991 وحتى الان مثل اعتماد اللغة الانكليزية لغة تعليم واهمال اللغة العربية وزيادة تفضيل من يعمل هناك من غير العرب على العرب...الخ مثال خطير على البحث عن هوية وانتماء اخر من قبل تلك الانظمة.
ان مستر تفاصيل يتجاهل كل هذه الحقائق ويعلن ان النظام في الشمال هو الشيطان وهو المسئول وهو الذي يجب ان يطاح به! فلصالح من اشعال صراعات دموية سودانية – سودانية في وقت هو الاخطر في كل تاريخ السودان؟ اليس لصالح اوكامبو ومن يريد بالسودان شرا؟ وهل نسى مستر تفاصيل رغم انه مولع بكل التفاصيل الشيطانية بان الف باء السياسة عند الازمات هو وقوف كل القوى الوطنية موحدة ضد التهديد الخارجي ومهما كانت حدة الخلافات بينها؟ مرة اخرى يعيدنا مستر تفاصيل الى احمد الجلبي فهذا الخائن تعاون مع امريكا وايران وبريطانيا وغيرها من اجل اسقاط النظام الوطني في العراق فماذا حصل؟ هل اسقط النظام الوطني وانتهت المشكلة؟ كلا لقد تحول الغزو بحكم الياته واهدافه الستراتيجية، وليس اماني الجلبي التوأم لاماني مستر تفاصيل، الى اكبر كارثة حلت بالعراق وشعبه، فهل يريد مستر تفاصيل ان يصل السودان الى ما وصل اليه العراق بعد الاحتلال من قتلى بالمئات اسبوعيا الان بعد ان كانت بالمئات يوميا، وتشريد اكثر من 7 ملايين عراقي وانتهاك الاعراض على نطاق واسع؟
هنا نفهم الدافع الحقيقي لاهمال مستر تفاصيل الترابي دور الكيان الصهيوني في اثارة مشكلة الجنوب وادامتها، فهو يريد تقسيم السودان بالاصل واذا جعل الصهاينة السبب في الانفصال فان كل وطني سوداني سيرفضه من منطلق وطني طبيعي، اما اذا صور الامر وكأن نظام البشير هو السبب وان مشاكل السودان تنبع منه ومن ممارساته فان البعض سوف لا يرى الدور الصهيوني في ازمة السودان.
2- لم اهمل مستر تفاصيل دور الغرب الحماسي جدا والواضح جدا في دعم الانفصال ولم يفكر في مغزاه ودلالاته الستراتيجية مع انه يكركر ضاحكا بفرح كلما وصف بانه منظر التيار الاسلاموي في السودان؟ ان اول متحمس للانفصال بعد اسرائيل هو امريكا وبريطانيا، وتصريحات جو بايدن وهيلاري كلنتون وتقديمهما للاغراءات الكبيرة من اجل موافقة حكومة السودان على الانفصال مثل رفع العقوبات وانهاء عزلة السودان...الخ لا يمكن حتى للغبي تجاهل معانيها الخطيرة. كما ان الرئيس الامريكي اوباما شخصيا اكد وعود مكافئة السودان اذا وافق على الانفصال، لكنه لم يستطع اخفاء الخطوط الاخرى اللاحقة للمؤامرة حينما قال ان الموافقة على نتائج تقرير المصير في الجنوب لن تكون كافية لتخلص السودان من مشاكله فلابد من الوصول لحل مقبول لمشكلة دارفور، وهكذا فانه لم ينتظر انتهاء الاستفتاء وتحقيق انفصال الجنوب فبادر للمطالبة من الان بانفصال دارفور ضمنيا وبوضوح.
فهل هذا الموقف عادي ويمر من امام عين مستر تفاصيل كأنه ضحكة بلا سبب مثل ضحكاته الرائعة؟ بل ان قرار كلنتون حضور الاستفتاء وهي سابقة لم تحصل من قبل له مغزى ومعنى خطيرين وهو ان انفصال جنوب السودان ضرورة ستراتيجية امريكية وهو ليس مجرد استجابة لمطالب جنوبية. فهل مستر تفاصيل لا يعرف مغزى كل هذا الحماس الامريكي لفصل الجنوب ولم يسأل نفسه ما معناه ولم لم يحصل مثل هذا الحماس حتى عند تقسيم يوغسلافيا من قبل الغرب مثلا؟ ولم رابط الرئيس الاسبق جيمي كارتر في السودان وصار كأنه عراب الانفصال؟ ولم امرت امريكا كوفي عنان الامين العام السابق للامم المتحدة بان يستنفر قواه ويكون من بين مشاهدي الاستفتاء شخصيا؟ هل كان ذلك لفتة عادية كلفتات كارتر السابقة والتي كانت عبارة عن زيارات عابرة لبلدان اخرى واجهت مشاكل خطيرة كالعراق؟
3- لم انتقل مستر تفاصيل الترابي من التكفير للاخر وهو اهل الجنوب الى قبول انفصاله؟ هذه القفزة الواسعة جدا من موقف تكفير اهل الجنوب وممارسة اضطهادهم تحت غطاء اسلمتهم، وهو نهجه الذي علمه لتلاميذه الذين يتهمهم الان، الى الموافقة على انفصالهم والتخلي عن اسلمتهم هي موقف مشبوه بكل المقاييس، خصوصا اذا تذكرنا ان انتقال التمرد من المطاليب غير الانفصالية الى الانفصال كان سببه الرئيس هو تكفيرهم واستخدام القوة ضدهم لاجبارهم على دخول الاسلام. هل يستطيع تبرئة نفسه من جريمة استخدام الدين لتنفير اهل الجنوب من وطنهم الوحيد واجبارهم على خيار الانفصال؟ ولم استخدم سلاح الاسلمة اصلا؟ ولم تخلى عنه الان فصلا؟ هل نشر الاسلام موقف مزاجي يخضع لشهوات – وليس لشهية - نفر ما؟ ام انه رسالة الهية مقدسة اذا حملت فيجب ان تتحقق اهدافها؟ ان نشر الاسلام ليس ضحكة ارادية مثل ضحكات مستر تفاصيل بل هو حكم الهي وهو معيار صدق اسلامية اي نفر.
4- هل ماحصل في السودان منذ وصول حكومة الانقاذ الترابية كان عفويا وثمرة اخطاء عابرة؟ هنا لابد من اعادة النظر جذريا بكل ما جرى ويجري في السودان منذ وصول حكم الانقاذ بقيادة مستر تفاصيل الترابي لان ما حصل اثناءه هو الذي نقل مشكلة الجنوب من حالة الدفاع والمطاليب التحسينية لاهل الجنوب الى حالة الانفصال خصوصا استغلال الانفصال لستراتيجية الترابي الاصلية وهي اسلمة الجنوب بالقوة، بالاضافة لتعمد الترابي اهمال الجنوب وتركه يعاني من الفقر والامية وغيرهما. فهل كانت تلك الحالة عبارة عن خطأ اكتشفه الترابي الان؟ ام انها وضعت عمدا كستراتيجية تسهل نقل مشكلة الجنوب من مشكلة مطاليب داخلية الى مشكلة انفصال؟
5- وهل تفجير مشاكل دارفور وغيرها وممارسة الضغوط على السودان وتكليف اوكامبو باصدار مذكرات توقيف للرئيس احمد حسن البشير كانت عبارة عن تغطية للهدف الاصلي واعداد البيئة المناسبة لتحقيقه وهو فصل الجنوب ليكون ذلك مقدمة لتحقيق حلم مستر تفاصيل الترابي بانشاء ثمانية دول على انقاض السودان الواحد؟ لقد نشر القلق العميق في السودان ووضعت قيادته امام قلق لم يسبق له مثيل تحت غطاء المحكمة الدولية ولكن الغرض لم يكن المحكمة بل الضغط على الرئيس السوداني وحكومته من اجل التساهل في القضية الاكبر وهي تقسيم السودان، لتجنب المحاكمة او العدوان على القطر، والدليل هو ان امريكا اعلنت صراحة انها سترفع العقوبات عن السودان وتقدم له دعما ماليا وتسهيلات كثيرة وتضع حدا لمشاكله الخارجية والداخلية اذا وافق على نتائج الاسيتفتاء. فهل مورست كل تلك الضغوطات لخلق بيئة قلق شديد تصهر المواقف وتعيد تشكيلها داخل السودان لاجل البدء بتقسيمه بخطوة فصل الجنوب؟ هل ذلك صدفة يامستر تفاصيل الترابي؟ وما هو دورك في هذه اللعبة الجهنمية الاستعمارية؟
6- هل الديمقراطية وحق تقرير المصير اهم من مصير السودان ووحدة شعبه؟ ومتى صار تقرير المصير معيارا للحكمة والصواب؟ هل تقبل امريكا وفرنسا، بل وحتى جزيرة واق واق التي لاتتجاوز مساحتها كيلومتر مربع واحد، فصل اجزاء منها بحجة حق تقرير المصير او الضعف؟ انها من عجائب الدنيا في القرن الجديد ان نجد تكفيريا واخوانيا دوغمائيا بصورة منفرة مثل مستر تفاصيل يتحول الى ليبرالي من طراز اوربي اسكندنافي يسمح بكل شيء ويحلل كل محرم دون ان يلفت نظر اخوانه في التنظيم والايديولوجيا، فهل ذلك امر طبيعي؟
7- لماذا استطاع الترابي وامثاله من الاسلامويين الانتقال من موقف التكفير وممارسة القوة لاسلمة اهل الجنوب الى نقيضه وهو دعم انفصالهم وتبني المعايير الغربية الليبرالية كحق تقرير المصير دون تردد؟ انها الطبيعة الميتافيزيقة للتفكير الديني والتي تتجاوز قدرات البشر في غموضها والقدرة البشرية على تفسيرها بطرق متناقضة جدا كما حصل عبر تاريخ الاديان كلها من جهة، والطبيعة الانتهازية للترابي واضرابه والتي تجعله يختار ما يناسب طموحاته المشروعة وغير المشروعة لان المهم لديه هو اشباع الانا وليس ارضاء الله. ان جرأة الاسلاموي تنبع اما من غسيل الدماغ الذي تعرض له واقنعه بانه ينفذ ارادة الله ويطبق شريعته فيصبح موقفه حادا متطرفا لا مرونة فيه لدرجة اهمال رد فعل الاخرين وعدم وضع قيمة له، او انه يغلف طموحاته الدنيوية - الحصول على المال او السلطة او غيرهما - بغطاء اسلامي مزيف يعرف هو انه مزيف وهذه المعرفة تدفعه للتطرف وتجنب المرونة لان الاخيرة تضعه امام جدل منطقي وحساب ديني صحيح يفضحانه.
ولادراك خطورة هذه المسألة يجب مقارنة القدرة الفائقة للتيار الاسلاموي على الانتقال من موقف الى نقيضه بلا صعوبة مسوّقا ذلك باسم الله بالقدرة المقيدة والمحدودة للقوى الوطنية الدنيوية والتي لا تستخدم الدين غطاء لعملها السياسي، فالاحزاب القومية والوطنية وغير الدينية عامة تخضع للمعارضة داخلها ومن خارجها بدرجات مختلفة تصل حد اصدار حكم العزلة عليها او على رموزها اذا اخطأت او تناقضت مواقفها، كما ان السياسي الدنيوي يعرف ان غيره يستطيع التشكيك به وحشد الناس ضده مادام منطقه منطق بشر عادي مهما كان ذكيا ومتقدما وليس منطق من يتستر باسم الله ويدعي الحكم باسمه من اجل ابتزاز الناس وتحييد ردود افعالهم، لذلك فان حكم احزاب غير دينية يسمح للجماهير بمحاسبتها وتغييرها بسهولة مقارنة مع حاكم يحكم باسم الله ويقاتل باسم الله ويعدم باسم الله ويكفّر باسم الله ويحرّم الزوجة على زوجها باسم الله، هل تتذكرون خميني وخلفه خامنئي؟
انظروا الى ايران منذ خميني وحتى الان تجدون المرجع الاعلى فوق النقد والمحاسبة ولا يخضع لاي ضابط او قيد سوى مزاجه وقناعته الشخصية لانه (معصوم) من الخطأ ويستمد حكمه وقراراته من الله وفقا لولاية الفقيه ولذلك يستطيع تغيير رئيس الجمهورية المنتخب افتراضا من الشعب مثلما يستطيع اخذ السلاح من الشيطان الاكبر امريكا ومن الشيطان الاصغر الكيان الصهيوني – ايرانجيت - لمحاربة العراق رغم كل الشتائم التي وجهها لامريكا والكيان الصهيوني ومع ذلك لم يتجرأ اي ايراني في الداخل ليقول : ما هذا التناقض الفاضح ياسماحة اية الله العظمى؟! انه الخوف من النار وما ادراك ما هي نار التكفير!
8- لماذا قام الكيان الصهيوني على اساس علماني رغم انه انشأ بالاصل تحت غطاء ديني توراتي معروف؟ وهل دعوة نتنياهو للاعتراف بيهودية اسرائيل دعوة دينية الهدف ام انها ضرورة امنية وستراتيجية؟ انها ضرورة امنية ومتطلب ستراتيجي وليست ضرورة دينية لان اسرائيل ورغم قيامها على اساس توراتي متطرف الا انها تعرف بيقين تام بان وضع التدين اليهودي معيارا للمواطنة لغم قاتل ومدمر للمشروع الصهيوني لذلك قبلت العلماني والملحد والمتطرف دينيا في صفوف مواطنيها وحكامها منذ تأسيسها حتى الان من اجل ضمان قيام وبقاء (دولة اسرائيل) وتعزيز قوتها امام التحدي العربي لها. والسؤال هو : هل اليهود اكثر عقلانية منا عندما نضع المعيار الطائفي وليس الديني فقط لتحديد من هو المواطن ؟ ان تكفير اهل الجنوب في السودان وتجريدهم من حق المواطنة المتساوية مع اهل الشمال هو ثمرة نزعة اسلاموية مدمرة راينا ثمراتها في السودان الان، وقبلها راينا ثمراتها السامة في العراق المحتل حينما اصبحت التيارات الاسلاموية (السنية والشيعية) هي القاعدة الاساسية للاحتلال، ونرى الان ثمراتها الاكثر مرارة في لبنان والتي تهدد لبنان بحرب اهلية اخرى! ان الاستنتاج الاكبر الذي يفرض نفسه من خلال تجاربنا الحية والكارثية هو التالي : حالما يصبح رجل الدين حاكما او مقررا لمجرى السياسة فانه ينسف الوحدة الوطنية من اساسها ويضع ديناميتا في اساس الوطن يقسمه حتما.
9- علينا ان نعيد النظر في وصول جعفر نميري للسلطة وان نترك نظرية العفوية والتي لا تنتج الا الخطأ وتنحصر في حدوده وتستبعد وجود مخططات معادية وان نتوسع في فهم دور النميري ومن كان خلفه، فقد تميز بالانتقال من ادعاء (اليسار) الى اقصى اليمين الديني المتشدد باعلانه تطبيق الشريعة على كل السودان! وهذا القرار هو الذي زرع فكرة الانفصال كخيار ستراتيجي في اوساط جنوبية بعد ان كان الخيار العام هو تحقيق مساواة وتنمية في الجنوب. وما زرعه نميري رواه الترابي بمياه كثيرة جدا حتى اكتمل نموه وصار قويا، فهل قيام النميري بتطبيق الشريعة بالقوة على الجنوب كان بدافع التدين ونحن نعلم انه لم يكن متدينا؟ ام انه كان ثمنا دفعه لاطراف وعدته بالبقاء في السلط ودعمه فاستغل الدين للوصول لذلك؟
10- ثمة سؤال كبير قد يساعد كثيرين على فهم ما يجري والتصدي بنجاح له واسقاطه وتدمير القواعد التي يستند عليها وهو : لم لم تحصل عمليات التقسيم والفتن الدينية والطائفية هذه في عهد النظام الناصري في مصر والنظام الوطني في العراق رغم كل التحريض والتأمر الخارجيين عليهما؟ الجواب لان طبيعة النظام الناصري في مصر والنظام الوطني في العراق كانت لا تسمح بالتمييز بين مواطني الدولة وتتعامل معهم جميعا على انهم يتمتعون بنفس الحقوق والواجبات، لذلك كانت الوحدة الوطنية محمية بشعور ابناءالوطن كافة بانهم متساوون وبغض النظر عن دياناتهم ومذاهبهم واثنياتهم، وكان المشروع القومي العام هو تحقيق تنمية وتقدم شاملين يخدمان المواطن العربي ويحولانه من تابع ومعتمد على الغير ومتخلف علميا الى مستقل ومبدع علميا وتكنولوجيا مثل بقية الامم المتقدمة.
اما الان فان المشروع الاسلاموي جرنا جرا ورغما عنا الى صراعات داخلية بين السنة والشيعة وبين المسلمين والمسيحيين، وجعل مسألة المسائل هي جنس الملائكة هل هم ذكور ام اناث؟ وحصرنا في فتوى جواز ارضاع الخادم من ثدي ربة البيت ليصبح محرما على ابنتها!!! وغيرها من الفتاوى التي تصدم الانسان، فانعزلنا عن بعضنا قبل ان نعزل عن العالم كله ونصبح هدفا لكرهه وعداءه، وما حصل ويحصل في مصر بين الاقباط والمسلمين مثال مدمر لهذه الحالة. ولم يترك التيار الاسلاموي عندنا العالم وينعزل كما فعلت الكنيسة بعد انكشاف دورها التخريبي بل شن حربا شاملة على كل الاديان الاخرى وكفر اتباعها وهكذا اصبحنا بنظر اغلب العالم الجلاد وليس الضحية وصرنا نواجه اغلب العالم ونحاصر بقوته وامكاناته وعداءه لنا وخوفه منا رغم ان الغرب الاستعماري والصهيونية هما من اضطهدنا واستعمرنا واحتل اقطارنا واراضينا ونهب ثرواتنا واباد الملايين من ابناء امتنا. ولعب مستر تفاصيل الترابي دورا اساسيا في اطلاق موجات الكراهية للاسلام والمسلمين في العالم فقد احتضن الشيخ اسامة بن لادن في السودان ولكنه طرده حينما ضغطت عليه صديقته العزيزة امريكا وبعد ان ثبت امام العالم ان السودان احتضن ابن لادن، بل انه استضاف حتى كارلوس في السودان رغم انه ماركسي فوضوي نهلستي – عدمي - معاد لكل دين، لكنه مرة اخرى واكثر مما فعل مع ابن لادن سلم كارلوس لفرنسا ارضاء لها، وهكذا صار السودان لعبة بيد الترابي يتصرف بها كما يشاء بنزعة ديكتاتورية لا تخفيها ضحكاته التي يطلقها بلا سبب ويردم بها الفجوات بين صدمة واخرى.
11- علينا ان نتذكر دائما ان تقسيم السودان يؤدي حتما ويجر حتما الى تقسيم مصر الحالية ولذلك لا يمكن ابدا تجاهل ان الخطر الاكبر يتركز على مصر بعد السودان، وما يحصل من تصعيد في مصر بين الاقباط والمسلمين هو امتداد طبيعي لما يجري في السودان وتكملة له، وهو بهذا المعنى تهيئة لتقسيم مصر.
12– وهذه الحقيقة العيانية المعروفة تفرض على الاسلاميين الحقيقيين وهم كثر الانتباه وتمييز انفسهم عن التيار الاسلاموي التفتيتي، واهم خطوة على هذا الطريق هي خطوة التخلي عن التكفير خصوصا للتيار القومي العربي الذي اثبت انه وحده من حافظ على الوحدة الوطنية وابقى صفة المواطنة هي الصفة الاساسية للانسان في اقطارنا العربية فمنع بذلك اي تقسيم للمواطنين على اساس ديني او طائفي او اثني فاصبح مستحيلا على الصهيونية وامريكا وايران التسلل الى اقطارنا وتفتيت وحدتها الوطنية. ان التخلي عن الموقف التخريبي للتيار الاسلاموي المتمثل بوضع تعارض مصطنع بين الاسلام والقومية العربية هو الباب الوحيد لخروج التيار الاسلاموي من دار الغرب والصهيونية ودخول دار العروبة والاسلام.
13- لنتذكر من تجاربنا وتجارب غيرنا الحكمة التالية : ليس المهم ان نحاول انقاذ الناس من الغرق بل ان ننقذهم فعلا لا ان نوصلهم الى منتصف النهر ثم نثقب الزورق عمدا. ان ما فعله الترابي هو انه وضع الناس في (زورق الانقاذ) لكنه ثقب الزورق وهو وسط بحر متلاطم فهل يمكن ضمان عوم الزورق بعد ثقبه؟ ولم ثقبه وهو وسط البحر؟ هل هو مجنون؟ ام انه عاقل لكنه تعمد حشد الناس في الزورق بحجة انقاذهم ودفعه الى اعالي البحر الهائج ثم ثقب الزورق وهو يضحك وقال لهم (مع السلامة دبروا حالكم)، وقفز الى زورق بلاستيكي اعده لنفسه فقط؟ ان تجارب العراق والسودان ومصر الان تثبت بان التيار الاسلاموي قد ينقذ الناس من الغرق في السواقي لكنه يلقيهم في بحور متلاطمة تسبح فيها الوحوش المفترسة بعد ان يجردهم حتى من جاكيت العوم!
نحن لن ننسى ابدا ان من شق المقاومة العراقية هو تيار اسلاموي، ولا ننسى ابدا ان من انشأ الصحوات هو تيار اسلاموي، ولا ننسى ابدا ان من اراد اشعال فتنة طائفية مدمرة هو التيار الاسلاموي (السني والشيعي)، ولا ننسى ابدا، وابدا مرة اخرى والى يوم القيامة، ان من دعم الاحتلال وصار قاعدته الاساسية هو تيار اسلاموي شيعي وسني. نعم نحن لاننسى ذلك ابدا وهو محفور في ضمير كل عراقي حر، لذلك فان الصحوة الوطنية والقومية تتصاعد منذ عام 2006 ويعود التيار القومي العربي ليتصدر عملية قيادة شعبنا العربي نحو التحرير والامان في كل اقطاره من موريتانيا وحتى اليمن.
واخيرا : انا لي تجربة ذات مغزى مع الترابي اجلت ذكرها لانها موحية جدا، ففي عام 1994 ذهبت الى الخرطوم لحضور المؤتمر الاسلامي العربي الشعبي بصفتي رئيسا لمنظمة الصداقة والسلم والتضامن في العراق وفي جلسة كنت عضوا في رئاستها وكان رئيسها هو الاسلامي اليمني الشيخ عبدالمجيد الزنداني وجاء دوري في القاء الكلمة فنهضت ونزلت درجا صغيرا ووقفت لالقي كلمتي فشاهدت السفير العراقي المرحوم عبدالصمد القيسي يبتسم بطريقة تلفت النظر، وحينما انتهيت من كلمتي سالته لم كنت تبتسم؟ فرد بان الزنداني قدمني بصفتي (مفتي الديار العراقية)، فدهشت لانني كنت ارتدي بدلة غربية انيقة ورباط عنق بالاضافة لهويتي السياسية المعروفة للمؤتمر، فذهبت بسرعة الى الدكتور حسن الترابي، وكان المشرف الفعلي على كل اعمال وتفاصيل المؤتمر، وقلت له حصل خطأ غير مقصود – وكنت اعتقد انه غير مقصود فعلا - ومن الضروري تصحيح صفتي امام المؤتمر لان مفتي الديار العراقية ليست صفتي، فضحك الترابي، بلا سبب ايضا، وقال (استاذ صلاح مشيها الا يشرفك ان تكون مفتيا للديار العراقية؟) قلت له ليست هذه هي المسالة وانما هي مسالة الامانة والدقة والصدق، فعاد يضحك وانا منزعج من ضحكاته وهو يكرر (مشيها). ورفض تصحيح الصفة غير الصحيحة، فادركت انه هو من لصق تلك الصفة بي وليس الزنداني، وعرفت ان هذا الرجل غير امين لان الامانة قضية مبدأ فمن يزور في عنوان مستعد للتزوير في القضايا الكبرى، ولذلك لم افاجأ بدعوة الترابي لتقسيم السودان الى ثمانية دول.
سيداتي وسادتي : لقد فهمت كل هذا وفسرته ولكنني حتى هذه اللحظة لا افهم السبب الذي جعل الترابي يضحك اثناء دعوته لتقسيم السودان الى ثمانية دول عبر قناة الجزيرة ويردم فجوات الانتظار بين ضحكة واخرى بضحكة ثالثة بدون اطلاق نكتة من قبل السيد علي الضفيري، تماما كما كان يضحك معي وانا اخبره منزعجا من الصفة التي نسبت لي زورا! ما ارجوه هو ان يكون للترابي صديق عراقي ويسأله عن معنى الضحك بلا سبب في العراق، رغم انني اعتقد بان الضحك لدى الترابي ليس له صلة بالمعنى العراقي للضحك بلا سبب. وربما يكون شقيقه حسن الجلبي هو خير من يساعد احمد الترابي على فهم هذه المسالة.
11/1/2011
almukhtar44@gmail.com
للاطلاع على كل مقالاتالاستاذصلاحالمختار
شبكة البصرة
الجمعة 10 صفر 1432 / 14 كانون الثاني 2011
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط
شبكة البصرة
الجمعة 10 صفر 1432 / 14 كانون الثاني 2011
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط
تعليق