دموع الشفاعة ... ثروت سليم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ثروت سليم
    أديب وكاتب
    • 22-07-2007
    • 2485

    دموع الشفاعة ... ثروت سليم

    دموعُ الشَفَاعة
    *****
    [poem=font="simplified arabic,5,indigo,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/45.gif" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
    ذرَفْتُ دَمعاً فسَالَ الحِبرُ مِن قلمي=يَشكو إليكَ مِن الآثامِ والنَدمِ
    وجئتُ يا سَيِّدي أدعوكَ مُلتمِسَاً=بَعضَاً مِن العفوِ في بِضعٍ مِن الكَلِمِ
    ذَنبي عَظيمٌ وفي كفَيّكَ مَغفِرَةٌ=وفي الشفَاعةِ إبراءٌ من الذِمَمِ
    قلبي المُعَنَّى أضَاعَ الليلُ أنجُمَهُ=ونورُ وجهِكَ إحياءٌ مِنَ العَدَمِ
    دقائِقُ العُمرِ مَرتْ غَيرَ عائِدَةٍ=والخوفُ يا سَيِّدي من زَلَّةِ القَدَمِ
    يا صَاحبَ الحوضِ إن الماءَ من عَطشي=يَبدو بَعيدا وقلبي غَيرُ مُنفَطِمِ
    تَهيمُ روحي ورودَ الماءِ في شَرَفٍ=ويشربُ الخلقُ من عُرْبٍ ومن عَجَم
    هُنَاكَ والناسُ سَكْرَى في قلوبِهِمُ=رُعبٌ وأبصَارُهم كالبرقِ في الظُلَمِ
    والشَّمْسُُ فوقَ رؤوسِ الخَلقِ دَانِيَةٌ=كمِكْحَلِ العينِ أو مِيلٍ من الأَلَمِ
    والناسُ في عَرَقٍ تاهوا وفي أَرَقٍ=وكلُ عضوٍ حَكَى ذَنباً بغيرِ فَمِ
    لا الأمُ تَدري وليداً جَاءَ يَنفَعُهَا=ولا الوليدُ لأُمٍ مَانِعُ النِقَمِ
    الناسُ سَكْرَى وهذا اليوم موعِدُهُم=معَ الحسَابِ وكشفِ الهَمِ والهِمَمِ
    سَجَدْتَ وحدَكَ تحتَ العرشِ مُلتَمِسَاً=عفواً من اللهِ أو كشفاً من الغُمَمِ
    أجابَكَ اللهُ قُمْ وأرفَعْ فأنتَ هُنَا=واَشفَعْ تُشَفَّعْ لعاصٍ أو لِمُنهَزِمِ
    اللهُ أكبَرُ ما أعلاكَ مَنْزِلَةً=وأنتَ في كَنَفِ الرحمنِ في نِعَمِ
    يا سَيِّدي يا رسولَ اللهِ معذِرَةً=إن كنتُ قَصَّرتُ في نفسي وفي رَحمي
    أُعَاهِدُ اللهَ أن ألقاكَ مُبتَسِمَاً=يومَ الوفاءِ ودَمعي سَابِقٌ قَسَمي
    أذودُ عن أمةِ القرآنِ في شَرَفٍ=بالمالِ والنفسِ أو بالسيفِ والكَلِمِ
    يا صاحبَ القُبَّةِ الخضراء في وطني=قامَ الغزاةُ بحرقِ الأرضِ والعَلَمِ

    وأنتَ للغربِ أسـتاذٌ تُعَلِّمهُم=وأنتَ للشرقِ نُورٌ فاضَ بالكرمِ
    ونحنُ حَيْرَى وهذي الأرضُ في ألَمٍ=والحاكمونَ بِلَا حُكْمٍ ولا حِكَمِ
    أرَى العراقَ جَريحاً مَن يُعَالجُهُ=وماءُ دجلةَ أضحَى مُهْدَرَاً بدمِ
    والغاصبونَ أباحُوا كُلَ مَعصيةٍ=بالجُوعِ.. بالكُفرِ.. أو بالخوفِ والسقَمِ
    وما لنا يا رسولَ اللهِ مِن سَنَدٍ=يذودُ عن قُدْسِنَا والبيتِ والحَرَمِ

    ثروت سليم=[/poem]
  • مها أحمد
    عضو الملتقى
    • 10-10-2010
    • 25

    #2
    اللهُ أكبَرُ ما أعلاكَ مَنْزِلَةً
    وأنتَ في كَنَفِ الرحمنِ في نِعَمِ
    ما أجمل هذا الابداع وهذه المناجاة في بداية عامنا الجديد
    أستاذي الشاعر الكبيروالغالي :
    ثروت سليم
    خرجت كلماتك كالنور فأنارت قلوبنا بالإيمان
    سلمت يداك على هذا البوح العظيم والتبتل الكريم
    في محراب الشفاعة
    كل عام وأنت تنعم الإيمان والخير برعاية الله
    مع محبتي وتقديري
    (عيون المها)

    تعليق

    • زياد بنجر
      مستشار أدبي
      شاعر
      • 07-04-2008
      • 3671

      #3
      شاعرنا الكبير " ثروت سليم "
      صلّى الله على محمّدٍ و على آله و صحبه و سلّم
      مناجاة رقيقة و روحانيّة محلّقة من قلبٍ عامر بالإيمان
      جزاك الله خير الجزاء و رزقت شفاعة المصطفى عليه الصلاة و السلام
      تثبّت مع خالص الدّعوات
      لا إلهَ إلاَّ الله

      تعليق

      • ريما منير عبد الله
        رشــفـة عـطـر
        مدير عام
        • 07-01-2010
        • 2680

        #4
        ذرَفْتُ دَمعاً فسَالَ الحِبرُ مِن قلمي=يَشكو إليكَ مِن الآثامِ والنَدمِ
        وجئتُ يا سَيِّدي أدعوكَ مُلتمِسَاً=بَعضَاً مِن العفوِ في بِضعٍ مِن الكَلِمِ
        ذَنبي عَظيمٌ وفي كفَيّكَ مَغفِرَةٌ=وفي الشفَاعةِ إبراءٌ من الذِمَمِ

        هل بعد هذا القول قول؟
        رائع شاعرنا الكبيرثروت سليم
        سلم يراعك وقلبك وتقبل منك دعاؤك

        ودمت بخير بإذن الله
        التعديل الأخير تم بواسطة ريما منير عبد الله; الساعة 05-01-2011, 20:56.

        تعليق

        • توفيق الخطيب
          نائب رئيس ملتقى الديوان
          • 02-01-2009
          • 826

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة ثروت سليم مشاهدة المشاركة
          دموعُ الشَفَاعة



          *****
          [poem=font="simplified arabic,5,indigo,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/45.gif" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
          ذرَفْتُ دَمعاً فسَالَ الحِبرُ مِن قلمي=يَشكو إليكَ مِن الآثامِ والنَدمِ
          وجئتُ يا سَيِّدي أدعوكَ مُلتمِسَاً=بَعضَاً مِن العفوِ في بِضعٍ مِن الكَلِمِ
          ذَنبي عَظيمٌ وفي كفَيّكَ مَغفِرَةٌ=وفي الشفَاعةِ إبراءٌ من الذِمَمِ
          قلبي المُعَنَّى أضَاعَ الليلُ أنجُمَهُ=ونورُ وجهِكَ إحياءٌ مِنَ العَدَمِ
          دقائِقُ العُمرِ مَرتْ غَيرَ عائِدَةٍ=والخوفُ يا سَيِّدي من زَلَّةِ القَدَمِ
          يا صَاحبَ الحوضِ إن الماءَ من عَطشي=يَبدو بَعيدا وقلبي غَيرُ مُنفَطِمِ
          تَهيمُ روحي ورودَ الماءِ في شَرَفٍ=ويشربُ الخلقُ من عُرْبٍ ومن عَجَم
          هُنَاكَ والناسُ سَكْرَى في قلوبِهِمُ=رُعبٌ وأبصَارُهم كالبرقِ في الظُلَمِ
          والشَّمْسُُ فوقَ رؤوسِ الخَلقِ دَانِيَةٌ=كمِكْحَلِ العينِ أو مِيلٍ من الأَلَمِ
          والناسُ في عَرَقٍ حَيْرَى وفي أَرَقٍ=وكلُ عضوٍ حَكَى ذَنباً بغيرِ فَمِ
          لا الأمُ تَدري وليداً جَاءَ يَنفَعُهَا=ولا الوليدُ لأُمٍ مَانِعُ النِقَمِ
          الناسُ سَكْرَى وهذا اليوم موعِدُهُم=معَ الحسَابِ وكشفِ الهَمِ والهِمَمِ
          سَجَدْتَ وحدَكَ تحتَ العرشِ مُلتَمِسَاً=عفواً من اللهِ أو كشفاً من الغُمَمِ
          أجابَكَ اللهُ قُمْ وأرفَعْ فأنتَ هُنَا=واَشفَعْ تُشَفَّعْ لعاصٍ أو لِمُنهَزِمِ
          اللهُ أكبَرُ ما أعلاكَ مَنْزِلَةً=وأنتَ في كَنَفِ الرحمنِ في نِعَمِ
          يا سَيِّدي يا رسولَ اللهِ معذِرَةً=إن كنتُ قَصَّرتُ في نفسي وفي رَحمي
          أُعَاهِدُ اللهَ أن ألقاكَ مُبتَسِمَاً=يومَ الوفاءِ ودَمعي سَابِقٌ قَسَمي
          أذودُ عن أمةِ القرآنِ في شَرَفٍ=بالمالِ والنفسِ أو بالسيفِ والكَلِمِ
          يا صاحبَ القُبَّةِ الخضراء في وطني=قامَ الغزاةُ بحرقِ الأرضِ والعَلَمِ

          وأنتَ للغربِ أسـتاذٌ تُعَلِّمهُم=وأنتَ للشرقِ نُورٌ فاضَ بالكرمِ
          ونحنُ حَيْرَى وهذي الأرضُ في ألَمٍ=والحاكمونَ بِلَا حُكْمٍ ولا حِكَمِ
          أرَى العراقَ جَريحاً مَن يُعَالجُهُ=وماءُ دجلةَ أضحَى مُهْدَرَاً بدمِ
          والغاصبونَ أباحُوا كُلَ مَعصيةٍ=بالجُوعِ.. بالكُفرِ.. أو بالخوفِ والسقَمِ
          وما لنا يا رسولَ اللهِ مِن سَنَدٍ=يذودُ عن قُدْسِنَا والبيتِ والحَرَمِ

          ثروت سليم=[/poem]
          بسم الله الرحمن الرحيم
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
          الشاعر الكبير ثروت سليم
          أخيراً قصيدة أعادت إلينا الروح الشعرية الحقيقية للشاعر ثروت سليم ,وبعد انتظار انهمر الغيث ليحيي فينا زهور الحياة وليملأ المروج بالعشب الأخضر .
          على نهج البردة المخلدة شدوت وناجيت ومدحت الرسول الأعظم , ومن دموع عينيك ومداد قلمك نظمت هذه المقطوعة المؤثرة فعسى الله أن يجعلها في ميزان حسناتك .
          مزج رائع بين الذات البشرية والأحاسيس التي تنتابها في حضرة النبي الأعظم وبين مدح النبي الأعظم بما يليق بمقامه وهو الذي أنزله الله مقام الشفاعة يوم القيامة دون البشر أجمعين :
          سَجَدْتَ وحدَكَ تحتَ العرشِ مُلتَمِسَاً=عفواً من اللهِ أو كشفاً من الغُمَمِ
          أجابَكَ اللهُ قُمْ وأرفَعْ فأنتَ هُنَا=واَشفَعْ تُشَفَّعْ لعاصٍ أو لِمُنهَزِمِ
          اللهُ أكبَرُ ما أعلاكَ مَنْزِلَةً=وأنتَ في كَنَفِ الرحمنِ في نِعَمِ
          واقتباس للوصف القرآني من سورة الحج لهول الموقف يوم القيامة فجمعت القصيدة بين المشاعر الصادقة والوصف الرائع :
          لا الأمُ تَدري وليداً جَاءَ يَنفَعُهَا=ولا الوليدُ لأُمٍ مَانِعُ النِقَمِ
          الناسُ سَكْرَى وهذا اليوم موعِدُهُم=معَ الحسَابِ وكشفِ الهَمِ والهِمَمِ
          وربط للماضي بالحاضرلاينساه شاعر مثل ثروت سليم فلم تنس هموم أمتك الإسلامية في غمرة دعائك ومناجاتك :
          يا صاحبَ القُبَّةِ الخضراء في وطني=قامَ الغزاةُ بحرقِ الأرضِ والعَلَمِ
          وأنتَ للغربِ أسـتاذٌ تُعَلِّمهُم=وأنتَ للشرقِ نُورٌ فاضَ بالكرمِ
          ونحنُ حَيْرَى وهذي الأرضُ في ألَمٍ=والحاكمونَ بِلَا حُكْمٍ ولا حِكَمِ
          أرَى العراقَ جَريحاً مَن يُعَالجُهُ=وماءُ دجلةَ أضحَى مُهْدَرَاً بدمِ
          والغاصبونَ أباحُوا كُلَ مَعصيةٍ=بالجُوعِ.. بالكُفرِ.. أو بالخوفِ والسقَمِ
          وما لنا يا رسولَ اللهِ مِن سَنَدٍ=يذودُ عن قُدْسِنَا والبيتِ والحَرَمِ
          لي ملاحظة واحدة على استعمالك كلمة حيرى في هذا البيت :
          ونحنُ حَيْرَى وهذي الأرضُ في ألَمٍ=والحاكمونَ بِلَا حُكْمٍ ولا حِكَمِ
          فحيرى تستعمل لمفرد المؤنث وجمعه , بينما لجمع المذكر نستعمل كلمة حيارى , يقول ذو الرمة :
          والشمس حيرى لها في الجو تدويم
          وفي حديث الحسن : أغيلمة حيارى تفاقدوا .
          أخي الشاعر الكبير ثروت سليم
          هذه الأبيات نظمت من نسيج روحك ودماء قلبك فجاءت صادقة مفعمة بالشاعرية عامرة بالإيمان , تقبل الله منك هذا القصيد وجعله في ميزان حسناتك .
          لايزال هناك الكثير الكثير ليقال عن تلك الخريدة البديعة .

          مع التثبيت

          توفيق الخطيب

          تعليق

          • المدني بورحيس
            أديب وكاتب
            • 31-12-2010
            • 214

            #6
            أخي وأستاذي الشاعر المتألق ثروت سليم:
            قصيدة عمودية من بحر البسيط، لن أجزم بكونها متأثرة ببردة البوصيري، ولكني أستطيع أن أجزم بأنها تعبر عن عاطفة إيمانية قوية، وما استعمال هذا الوزن سوى رغبة من الشاعر في تجنب التعقيد والعراقيل التي قد تعترض طريق الشفاعة، ومنها الذنوب التي يعترف الشاعر بأنها عظيمة في جملة خبرية مؤكدة، لا تحتمل سوى الصدق ، ومن أبى فما عليه إلا أن ينظر إلى صحيفة أعماله، لكنه بالمقابل يؤكد، بالأسلوب ذاته مضافا إليه خطابا إلى مخاطب محدد، وفي كفيك مغفرة، وهنا يستعمل الشاعر الجملة الاسمية لتأكيد الثبات على الموقف ورفض التحول، غير أن المغفرة ستتحقق بالشفاعة التي أخبر عنها الشاعر لكن بنبرة مصحوبة بالاستعطاف والأمل : وفي الشفاعة إبراء من الذمم، ولما كان الشاعر قد وضع مقابلة بين حالة الإنسان المذنب وبين قدرة الخالق الغفور، فإنه استمر في هذا التقابل ، مستعملا صورة فنية بسيطة وحسية، فيها تقابل بين الليل- الظلام- وبين النور، فالأول يتصل بالإنسان وذنوبه، والثاني يرتبط بالله تعالى، وهو ليس نورا عاديا، لأنه يحيي الإنسان من العدم، وهنا تقترن المغفرة والشفاعة بالنور الإلهي، وفي ذلك اعتراف بالعجز وتذلل أمام هذه القدرة الجبارة والعادلة التي تقابل الذنوب والإساءة بالمغفرة .
            ويستمر الشاعر في حيرة القلق، فيقارن بين زمنين، ماض -دقائق العمرالتي مرت ولن تعود-، وآت يتصل بالخوف منزلة القدم، أي من الآخرة، وفي هذا تأكيد على أن الشاعر يعيش بين حالتين متناقضتين، حالة الرجاء الذي يتأسس على الإيمان، وحالة الخوف والترقب الذي يرجع إلى التحسر على الماضي .وهنا لايجد الشاعر سوى تغيير نوع الخطاب والأسلوب، بعد أن اتضح له أن النفس لم تعد لها قدرة على استرجاع ذلك الماضي وتصحيحه، فاعتمد على النداء -يا صاحب الحوض- وهو نداء مشحون بأحاسيس متعددة، ففيه استعطاف والتماس ورجاء ورغبة...، والملاحظ أنه لم يستعمل اسم العلم، بل استعمل صيغة أخرى تمهد السبيل للغاية التي يسعى إليها الشاعر، وهي الإخبار بالبعد عن الماء وبالرغبة في الارتواء من هذا الحوض الذي لا يظمأ من شرب منه ، وهذا يعني أن الشاعر أحس بأن الماء الذي يشربه لا يروي ظمأه لأن الذنوب جعلته عطشان، يلهث نحو الماضي، فلا يجد إلا الذنوب، فيعود إلى الحاضر فيجد الحوض بعيدا، لأنه يحتاج إلى وسيلة توصله إليه، وهي الشفاعة. ومما يزيد من رغبة الشاعر أنه يرى الناس من عرب ومن عجم يشربون من الحوض، بينما روحه تهيم وراء الماء لتنال حظها منه، ولعمري في هذا نوع من اليأس الناتج عن الشعور بوطأة الذنوب، لكنه أيضا تعبير عن الأمل في نيل الشفاعة.
            وسرعان ما ينقلنا الشاعر اعتمادا على خياله ونفسه الحائرة إلى عالم آخر هو يوم القيامة، حيث يجتمع الناس سكارى، والشمس فوق رؤوسهم، يتصببون عرقا، وهم ينتظرون الحساب،وهنا يكون الشاعر قد تخلص من خطاب الذات لأن الأمريهم الجميع، فالناس كلهم يريدون الشرب من الحوض ونيل الشفاعة، ولهذا لا يجد الشاعر بدا من العودة إلى الواقع الحقيقي بعد أن اختبر ذاته وقوة إيمانه، ليضع ميثاقا يلجم به هذه النفس الأمارة بالسوء، فيتعهد في لغة تقريرية إخبارية بأن يدافع عن القرآن وعن أمته بكل ما يملك من وسائل، كيف لا وهي تعيش ظروفا قاسية، مثلما في العراق وفلسطين، فلا مناص من مواجهة الأعداء بالتضحية والصمود.
            وفي الأخير يمكن القول : إن ثمة خطابا مسكوتا عنه في القصيدة، وهو ضرورة أخذ العبرة من تعاقب الأيام ومرور الأزمان، واغتنام الوقت المتاح قبل فوات الأوان.
            التعديل الأخير تم بواسطة المدني بورحيس; الساعة 06-01-2011, 17:40.

            تعليق

            • مصطفى حمزة
              أديب وكاتب
              • 17-06-2010
              • 1218

              #7
              [align=right]
              أخي الشاعر الكبير الأستاذ ثروت سليم
              أسعد الله أوقاتك
              لافُضّ فوك ، وسلمت يُمناك . قصيدة جزلة ، تنساب بسلاسة منقادة لشاعريّة شاعر مطبوع ذي نَفَس شعري مديد عابقة بحبّ المصطفى ورجاء شفاعته ، وتقطر الشكوى بين يديه ، والألم لحال أمتنا . فيها من أثر الكبار – وشاعرنا منهم - : شوقي ، في نهج البردة ، والمتنبي في ميميّته الشهيرة (ويشربُ الخلقُ من عُرْبٍ ومـن عَجَـم ) ..
              وقفتُ مُكبراً شاعريتك أمام هذه الأبيات الخمسة الأولى بما فيها من صورٍ وإيحاءٍ وموسيقا :
              ذرَفْتُ دَمعاً فسَالَ الحِبـرُ مِـن قلمـي * يَشكـو إليـكَ مِـن الآثـامِ والـنَـدمِ
              وجئتُ يـا سَيِّـدي أدعـوكَ مُلتمِسَـاً * بَعضَاً مِن العفوِ في بِضـعٍ مِـن الكَلِـمِ
              ذَنبـي عَظيـمٌ وفـي كفَيّـكَ مَغفِـرَةٌ * وفـي الشفَاعـةِ إبـراءٌ مـن الذِمَـمِ
              قلبي المُعَنَّـى أضَـاعَ الليـلُ أنجُمَـهُ * ونـورُ وجهِـكَ إحيـاءٌ مِـنَ العَـدَمِ
              دقائِـقُ العُمـرِ مَـرتْ غَيـرَ عائِـدَةٍ * والخوفُ يا سَيِّـدي مـن زَلَّـةِ القَـدَمِ
              تقبل تحياتي وتقديري
              [/align]

              تعليق

              • خالد شوملي
                أديب وكاتب
                • 24-07-2009
                • 3142

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة ثروت سليم مشاهدة المشاركة
                دموعُ الشَفَاعة

                *****
                [poem=font="simplified arabic,5,indigo,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/45.gif" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
                ذرَفْتُ دَمعاً فسَالَ الحِبرُ مِن قلمي=يَشكو إليكَ مِن الآثامِ والنَدمِ
                وجئتُ يا سَيِّدي أدعوكَ مُلتمِسَاً=بَعضَاً مِن العفوِ في بِضعٍ مِن الكَلِمِ
                ذَنبي عَظيمٌ وفي كفَيّكَ مَغفِرَةٌ=وفي الشفَاعةِ إبراءٌ من الذِمَمِ
                قلبي المُعَنَّى أضَاعَ الليلُ أنجُمَهُ=ونورُ وجهِكَ إحياءٌ مِنَ العَدَمِ
                دقائِقُ العُمرِ مَرتْ غَيرَ عائِدَةٍ=والخوفُ يا سَيِّدي من زَلَّةِ القَدَمِ
                يا صَاحبَ الحوضِ إن الماءَ من عَطشي=يَبدو بَعيدا وقلبي غَيرُ مُنفَطِمِ
                تَهيمُ روحي ورودَ الماءِ في شَرَفٍ=ويشربُ الخلقُ من عُرْبٍ ومن عَجَم
                هُنَاكَ والناسُ سَكْرَى في قلوبِهِمُ=رُعبٌ وأبصَارُهم كالبرقِ في الظُلَمِ
                والشَّمْسُُ فوقَ رؤوسِ الخَلقِ دَانِيَةٌ=كمِكْحَلِ العينِ أو مِيلٍ من الأَلَمِ
                والناسُ في عَرَقٍ تاهوا وفي أَرَقٍ=وكلُ عضوٍ حَكَى ذَنباً بغيرِ فَمِ
                لا الأمُ تَدري وليداً جَاءَ يَنفَعُهَا=ولا الوليدُ لأُمٍ مَانِعُ النِقَمِ
                الناسُ سَكْرَى وهذا اليوم موعِدُهُم=معَ الحسَابِ وكشفِ الهَمِ والهِمَمِ
                سَجَدْتَ وحدَكَ تحتَ العرشِ مُلتَمِسَاً=عفواً من اللهِ أو كشفاً من الغُمَمِ
                أجابَكَ اللهُ قُمْ وأرفَعْ فأنتَ هُنَا=واَشفَعْ تُشَفَّعْ لعاصٍ أو لِمُنهَزِمِ
                اللهُ أكبَرُ ما أعلاكَ مَنْزِلَةً=وأنتَ في كَنَفِ الرحمنِ في نِعَمِ
                يا سَيِّدي يا رسولَ اللهِ معذِرَةً=إن كنتُ قَصَّرتُ في نفسي وفي رَحمي
                أُعَاهِدُ اللهَ أن ألقاكَ مُبتَسِمَاً=يومَ الوفاءِ ودَمعي سَابِقٌ قَسَمي
                أذودُ عن أمةِ القرآنِ في شَرَفٍ=بالمالِ والنفسِ أو بالسيفِ والكَلِمِ
                يا صاحبَ القُبَّةِ الخضراء في وطني=قامَ الغزاةُ بحرقِ الأرضِ والعَلَمِ

                وأنتَ للغربِ أسـتاذٌ تُعَلِّمهُم=وأنتَ للشرقِ نُورٌ فاضَ بالكرمِ
                ونحنُ حَيْرَى وهذي الأرضُ في ألَمٍ=والحاكمونَ بِلَا حُكْمٍ ولا حِكَمِ
                أرَى العراقَ جَريحاً مَن يُعَالجُهُ=وماءُ دجلةَ أضحَى مُهْدَرَاً بدمِ
                والغاصبونَ أباحُوا كُلَ مَعصيةٍ=بالجُوعِ.. بالكُفرِ.. أو بالخوفِ والسقَمِ
                وما لنا يا رسولَ اللهِ مِن سَنَدٍ=يذودُ عن قُدْسِنَا والبيتِ والحَرَمِ

                ثروت سليم=[/poem]
                الشاعر الكبير ثروت سليم

                قصيدة رائعة جدا. أبدعت كثيرا في التصوير العميق والتعبير الدقيق.
                والإيقاع عذب للغاية.

                هنا نتعرف أكثر على جانب مشرق آخر للشاعر العربي القدير ثروت سليم.

                ما أروعك!

                دمت بألف خير!

                محبتي وتقدديري

                خالد شوملي
                متعرّجٌ كالنهرِ عمري مرّةً يسري ببطءٍ تارةً كالخيلِ يجري
                www.khaledshomali.org

                تعليق

                • ثروت سليم
                  أديب وكاتب
                  • 22-07-2007
                  • 2485

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة زياد بنجر مشاهدة المشاركة
                  شاعرنا الكبير " ثروت سليم "
                  صلّى الله على محمّدٍ و على آله و صحبه و سلّم
                  مناجاة رقيقة و روحانيّة محلّقة من قلبٍ عامر بالإيمان
                  جزاك الله خير الجزاء و رزقت شفاعة المصطفى عليه الصلاة و السلام
                  تثبّت مع خالص الدّعوات
                  أخي الحبيب الراقي خُلقاً وأدبا وشعرا
                  الشاعر الكبير : زياد بنجر
                  ثبت الله قلبك وقلبي على الإيمان
                  ونفعنا بشفاعة حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم
                  بوركت أخي الغالي
                  مع محبتي وتقدير

                  تعليق

                  • ثروت سليم
                    أديب وكاتب
                    • 22-07-2007
                    • 2485

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة ريما منير عبد الله مشاهدة المشاركة
                    ذرَفْتُ دَمعاً فسَالَ الحِبرُ مِن قلمي=يَشكو إليكَ مِن الآثامِ والنَدمِ
                    وجئتُ يا سَيِّدي أدعوكَ مُلتمِسَاً=بَعضَاً مِن العفوِ في بِضعٍ مِن الكَلِمِ
                    ذَنبي عَظيمٌ وفي كفَيّكَ مَغفِرَةٌ=وفي الشفَاعةِ إبراءٌ من الذِمَمِ

                    هل بعد هذا القول قول؟
                    رائع شاعرنا الكبيرثروت سليم
                    سلم يراعك وقلبك وتقبل منك دعاؤك
                    ودمت بخير بإذن الله
                    الأخت الفاضلة : ريما
                    أكرمك الله وحفظكِ ورعاكِ
                    أشكركِ على ذوقكِ الرفيع
                    ومشاعركِ الطيبة
                    رزقنا الله جميعا شفاعة النبي الأعظم
                    محمد صلى الله عليه وسلم
                    دمتِ بخير وسلام
                    مع وافر تحيتي واحترامي

                    تعليق

                    • ثروت سليم
                      أديب وكاتب
                      • 22-07-2007
                      • 2485

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة توفيق الخطيب مشاهدة المشاركة
                      بسم الله الرحمن الرحيم
                      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                      الشاعر الكبير ثروت سليم
                      أخيراً قصيدة أعادت إلينا الروح الشعرية الحقيقية للشاعر ثروت سليم ,وبعد انتظار انهمر الغيث ليحيي فينا زهور الحياة وليملأ المروج بالعشب الأخضر .
                      على نهج البردة المخلدة شدوت وناجيت ومدحت الرسول الأعظم , ومن دموع عينيك ومداد قلمك نظمت هذه المقطوعة المؤثرة فعسى الله أن يجعلها في ميزان حسناتك .
                      مزج رائع بين الذات البشرية والأحاسيس التي تنتابها في حضرة النبي الأعظم وبين مدح النبي الأعظم بما يليق بمقامه وهو الذي أنزله الله مقام الشفاعة يوم القيامة دون البشر أجمعين :
                      سَجَدْتَ وحدَكَ تحتَ العرشِ مُلتَمِسَاً=عفواً من اللهِ أو كشفاً من الغُمَمِ
                      أجابَكَ اللهُ قُمْ وأرفَعْ فأنتَ هُنَا=واَشفَعْ تُشَفَّعْ لعاصٍ أو لِمُنهَزِمِ
                      اللهُ أكبَرُ ما أعلاكَ مَنْزِلَةً=وأنتَ في كَنَفِ الرحمنِ في نِعَمِ
                      واقتباس للوصف القرآني من سورة الحج لهول الموقف يوم القيامة فجمعت القصيدة بين المشاعر الصادقة والوصف الرائع :
                      لا الأمُ تَدري وليداً جَاءَ يَنفَعُهَا=ولا الوليدُ لأُمٍ مَانِعُ النِقَمِ
                      الناسُ سَكْرَى وهذا اليوم موعِدُهُم=معَ الحسَابِ وكشفِ الهَمِ والهِمَمِ
                      وربط للماضي بالحاضرلاينساه شاعر مثل ثروت سليم فلم تنس هموم أمتك الإسلامية في غمرة دعائك ومناجاتك :
                      يا صاحبَ القُبَّةِ الخضراء في وطني=قامَ الغزاةُ بحرقِ الأرضِ والعَلَمِ
                      وأنتَ للغربِ أسـتاذٌ تُعَلِّمهُم=وأنتَ للشرقِ نُورٌ فاضَ بالكرمِ
                      ونحنُ حَيْرَى وهذي الأرضُ في ألَمٍ=والحاكمونَ بِلَا حُكْمٍ ولا حِكَمِ
                      أرَى العراقَ جَريحاً مَن يُعَالجُهُ=وماءُ دجلةَ أضحَى مُهْدَرَاً بدمِ
                      والغاصبونَ أباحُوا كُلَ مَعصيةٍ=بالجُوعِ.. بالكُفرِ.. أو بالخوفِ والسقَمِ
                      وما لنا يا رسولَ اللهِ مِن سَنَدٍ=يذودُ عن قُدْسِنَا والبيتِ والحَرَمِ
                      لي ملاحظة واحدة على استعمالك كلمة حيرى في هذا البيت :
                      ونحنُ حَيْرَى وهذي الأرضُ في ألَمٍ=والحاكمونَ بِلَا حُكْمٍ ولا حِكَمِ
                      فحيرى تستعمل لمفرد المؤنث وجمعه , بينما لجمع المذكر نستعمل كلمة حيارى , يقول ذو الرمة :
                      والشمس حيرى لها في الجو تدويم
                      وفي حديث الحسن : أغيلمة حيارى تفاقدوا .
                      أخي الشاعر الكبير ثروت سليم
                      هذه الأبيات نظمت من نسيج روحك ودماء قلبك فجاءت صادقة مفعمة بالشاعرية عامرة بالإيمان , تقبل الله منك هذا القصيد وجعله في ميزان حسناتك .
                      لايزال هناك الكثير الكثير ليقال عن تلك الخريدة البديعة .

                      مع التثبيت

                      توفيق الخطيب
                      أخي الحبيب واستاذي الشاعر والناقد القدير
                      توفيق الخطيب
                      سلام الله عليك
                      سعادتي بالغة بعودتك لنصوصي بعد غيابٍ طويل
                      أتمنى أن تكون بخيرٍ وعز
                      بالغ محبتي وسلامي لك ولأهلنا في سورية الحبيبة
                      أما القصيدة فقد عادت روحا وجسدا ببصماتك عليها
                      وانت القريبُ .. القريب الذي تدخل من كل أبواب القلب ماشئت
                      وتكتب من غابات روحي ما تحب
                      لك مني كل محبة وتقدير
                      ولا حرمني الله منك أبدا
                      محبتي وتقديري
                      ثروت سليم

                      تعليق

                      • روان محمد يوسف
                        عضو الملتقى
                        • 10-06-2009
                        • 427

                        #12
                        [align=center]


                        عليه أفضل الصلاة والسلام

                        الشاعر القدير

                        ثروت سليم

                        مر زمن طويل لم أقرأ لك (لتقصيري طبعا) وها أنا ذا أعود لرحاب الشعر

                        حيث ثروت سليم لا يزال متربعا على عرش الإجادة بلا منازع

                        شاعريته الفياضة التي لم نسمع له غزلا إلا رقت له القلوب

                        ولا دمعا إلا ترقرقت له العيون

                        هكذا تعودنا

                        وهكذا اتت هذه القصيدة التي تخللتها الرهبة والخشوع

                        لك احترامي أيها الشاعر المـُجيد


                        [/align]
                        التعديل الأخير تم بواسطة روان محمد يوسف; الساعة 07-01-2011, 11:58.
                        [CENTER][FONT=Traditional Arabic][COLOR=darkgreen][B]أم المثنى[/B][/COLOR][/FONT][/CENTER]
                        [CENTER][bimg]http://up8.up-images.com/up//uploads/images/images-085e7ac6c0.jpg[/bimg][/CENTER]

                        تعليق

                        • محمد فهمي يوسف
                          مستشار أدبي
                          • 27-08-2008
                          • 8100

                          #13
                          أخي الفاضل الأستاذ ثروت سليم
                          الشاعر القدير


                          وندعو الله أن يسقينا من يد محمد صلى الله عليه وسلم
                          صاحب الحوض
                          وصاحب الشفاعة العظمى
                          شربة ماء لانظمأ بعدها أبدا
                          يوم تدنو الشمس من الرؤوس
                          ولا يكون هناك ملجأ من الله إلا إليه
                          راجين شفاعته لإنقاذنا من حرارتها
                          ومن نار جهنم . آمين يا رب العالمين

                          ولقد علقت في موضوع ( صورة بلاغية )
                          على إحدى صورك المبدعة في القصيدة تحت هذا الرابط .
                          نتواصل معكم هنا لنضع صورا بلاغية مشروحة البيان والمعنى لعلها تنال رضاكم ، وتعجب أذواقكم ، فتتكرموا بالإضافة إليها من إبداعاتكم الأدبية البليغة ، حتى نستمتع بما تقدمونه معنا من صور بلاغية مختلفة في التشبيه والاستعارة والكناية والمجاز المرسل وكل ألوان البيان البلاغية الممتعة في الشعر والنثر وفنون الأدب العربي. من انتاجكم ،

                          مشاركة رقم (28)

                          =======
                          تحية لك وتقديرا لروعة قصيدتك الجميلة .

                          تعليق

                          • ثروت سليم
                            أديب وكاتب
                            • 22-07-2007
                            • 2485

                            #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة المدني بورحيس مشاهدة المشاركة
                            أخي وأستاذي الشاعر المتألق ثروت سليم:
                            قصيدة عمودية من بحر البسيط، لن أجزم بكونها متأثرة ببردة البوصيري، ولكني أستطيع أن أجزم بأنها تعبر عن عاطفة إيمانية قوية، وما استعمال هذا الوزن سوى رغبة من الشاعر في تجنب التعقيد والعراقيل التي قد تعترض طريق الشفاعة، ومنها الذنوب التي يعترف الشاعر بأنها عظيمة في جملة خبرية مؤكدة، لا تحتمل سوى الصدق ، ومن أبى فما عليه إلا أن ينظر إلى صحيفة أعماله، لكنه بالمقابل يؤكد، بالأسلوب ذاته مضافا إليه خطابا إلى مخاطب محدد، وفي كفيك مغفرة، وهنا يستعمل الشاعر الجملة الاسمية لتأكيد الثبات على الموقف ورفض التحول، غير أن المغفرة ستتحقق بالشفاعة التي أخبر عنها الشاعر لكن بنبرة مصحوبة بالاستعطاف والأمل : وفي الشفاعة إبراء من الذمم، ولما كان الشاعر قد وضع مقابلة بين حالة الإنسان المذنب وبين قدرة الخالق الغفور، فإنه استمر في هذا التقابل ، مستعملا صورة فنية بسيطة وحسية، فيها تقابل بين الليل- الظلام- وبين النور، فالأول يتصل بالإنسان وذنوبه، والثاني يرتبط بالله تعالى، وهو ليس نورا عاديا، لأنه يحيي الإنسان من العدم، وهنا تقترن المغفرة والشفاعة بالنور الإلهي، وفي ذلك اعتراف بالعجز وتذلل أمام هذه القدرة الجبارة والعادلة التي تقابل الذنوب والإساءة بالمغفرة .
                            ويستمر الشاعر في حيرة القلق، فيقارن بين زمنين، ماض -دقائق العمرالتي مرت ولن تعود-، وآت يتصل بالخوف منزلة القدم، أي من الآخرة، وفي هذا تأكيد على أن الشاعر يعيش بين حالتين متناقضتين، حالة الرجاء الذي يتأسس على الإيمان، وحالة الخوف والترقب الذي يرجع إلى التحسر على الماضي .وهنا لايجد الشاعر سوى تغيير نوع الخطاب والأسلوب، بعد أن اتضح له أن النفس لم تعد لها قدرة على استرجاع ذلك الماضي وتصحيحه، فاعتمد على النداء -يا صاحب الحوض- وهو نداء مشحون بأحاسيس متعددة، ففيه استعطاف والتماس ورجاء ورغبة...، والملاحظ أنه لم يستعمل اسم العلم، بل استعمل صيغة أخرى تمهد السبيل للغاية التي يسعى إليها الشاعر، وهي الإخبار بالبعد عن الماء وبالرغبة في الارتواء من هذا الحوض الذي لا يظمأ من شرب منه ، وهذا يعني أن الشاعر أحس بأن الماء الذي يشربه لا يروي ظمأه لأن الذنوب جعلته عطشان، يلهث نحو الماضي، فلا يجد إلا الذنوب، فيعود إلى الحاضر فيجد الحوض بعيدا، لأنه يحتاج إلى وسيلة توصله إليه، وهي الشفاعة. ومما يزيد من رغبة الشاعر أنه يرى الناس من عرب ومن عجم يشربون من الحوض، بينما روحه تهيم وراء الماء لتنال حظها منه، ولعمري في هذا نوع من اليأس الناتج عن الشعور بوطأة الذنوب، لكنه أيضا تعبير عن الأمل في نيل الشفاعة.
                            وسرعان ما ينقلنا الشاعر اعتمادا على خياله ونفسه الحائرة إلى عالم آخر هو يوم القيامة، حيث يجتمع الناس سكارى، والشمس فوق رؤوسهم، يتصببون عرقا، وهم ينتظرون الحساب،وهنا يكون الشاعر قد تخلص من خطاب الذات لأن الأمريهم الجميع، فالناس كلهم يريدون الشرب من الحوض ونيل الشفاعة، ولهذا لا يجد الشاعر بدا من العودة إلى الواقع الحقيقي بعد أن اختبر ذاته وقوة إيمانه، ليضع ميثاقا يلجم به هذه النفس الأمارة بالسوء، فيتعهد في لغة تقريرية إخبارية بأن يدافع عن القرآن وعن أمته بكل ما يملك من وسائل، كيف لا وهي تعيش ظروفا قاسية، مثلما في العراق وفلسطين، فلا مناص من مواجهة الأعداء بالتضحية والصمود.
                            وفي الأخير يمكن القول : إن ثمة خطابا مسكوتا عنه في القصيدة، وهو ضرورة أخذ العبرة من تعاقب الأيام ومرور الأزمان، واغتنام الوقت المتاح قبل فوات الأوان.
                            الأخ الحبيب الشاعر والناقد الكبير :
                            المدني بورحيس
                            سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وبعد
                            قرأتُ ردك النقدي البليغ عدة مرات ومازال شوقي لقراءته مستمرا
                            فأنت والله ناقدٌ يكتب من قلب الشاعر
                            وشاعرٌ سكن في قلب الناقد
                            إن مشاعر الشعراء رقيقةٌ رقة الحرير والزهور
                            لذا فعندما نتخيل الموقف العظيم والكل يتصبب عرقا في عرفات القيامة
                            والشمس بينها وبين رؤوس العباد ميلٌ واحد (مكحل عين) والكل يتمنى خلاصا
                            من هذا الموقف الرهيب المهيب وفي حديثٍ طويلٍ للشفاعة يسافر خلاله جبريلُ
                            عليه السلام بين الأنبياء إلى أن يُعطى محمدٌ الشفاعة العظمى ويسجدُ تحت العرشِ سجدةً نجاةٍ من أجل الأمة فتأتي اشارة السماء على جناح السرعة :
                            (يا محمد سل تُعطى وارفع رأسكَ واشفعْ تُشفَّع).
                            أخي الحبيب المدني
                            إن عمرنا قصيرٌ مهما طال وكم هو تقصيرنا في حق أنفسنا وحق الله
                            والروحُ أمانةٌ نحملها حتى تعود إلى بارئها فنسألُ الله تعالى أن نكون من أصحاب النفوس المطمئنة
                            (يا أيتها النفسُ المطمئنة ارجعي إلى ربِّكِ راضيةً مَرْضية فادخلي في عبادي
                            وادخلي جنتي )
                            حفظك الله ورعاك أخي الغالي وجمعني وإياك على الحوض المورود لرسول الله صلى الله عليه وسلم
                            ولك تقديري ودعائي ومحبتي
                            ثروت سليم

                            تعليق

                            • ثروت سليم
                              أديب وكاتب
                              • 22-07-2007
                              • 2485

                              #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة مصطفى حمزة مشاهدة المشاركة
                              [align=right]
                              أخي الشاعر الكبير الأستاذ ثروت سليم
                              أسعد الله أوقاتك
                              لافُضّ فوك ، وسلمت يُمناك . قصيدة جزلة ، تنساب بسلاسة منقادة لشاعريّة شاعر مطبوع ذي نَفَس شعري مديد عابقة بحبّ المصطفى ورجاء شفاعته ، وتقطر الشكوى بين يديه ، والألم لحال أمتنا . فيها من أثر الكبار – وشاعرنا منهم - : شوقي ، في نهج البردة ، والمتنبي في ميميّته الشهيرة (ويشربُ الخلقُ من عُرْبٍ ومـن عَجَـم ) ..
                              وقفتُ مُكبراً شاعريتك أمام هذه الأبيات الخمسة الأولى بما فيها من صورٍ وإيحاءٍ وموسيقا :
                              ذرَفْتُ دَمعاً فسَالَ الحِبـرُ مِـن قلمـي * يَشكـو إليـكَ مِـن الآثـامِ والـنَـدمِ
                              وجئتُ يـا سَيِّـدي أدعـوكَ مُلتمِسَـاً * بَعضَاً مِن العفوِ في بِضـعٍ مِـن الكَلِـمِ
                              ذَنبـي عَظيـمٌ وفـي كفَيّـكَ مَغفِـرَةٌ * وفـي الشفَاعـةِ إبـراءٌ مـن الذِمَـمِ
                              قلبي المُعَنَّـى أضَـاعَ الليـلُ أنجُمَـهُ * ونـورُ وجهِـكَ إحيـاءٌ مِـنَ العَـدَمِ
                              دقائِـقُ العُمـرِ مَـرتْ غَيـرَ عائِـدَةٍ * والخوفُ يا سَيِّـدي مـن زَلَّـةِ القَـدَمِ
                              تقبل تحياتي وتقديري
                              [/align]
                              أخي وأستاذي الكريم :
                              مصطفى حمزة
                              أكرمك ربي وجمعني وإياك في ظلال الرحمة والرضوان
                              بصحبة الحبيب العدنان محمد صلى الله عليه وسلم
                              سعدتُ كثيرا بحضورك الملائكي الصافي
                              لك محبتي وتحيتي وتقديري
                              ثروت سليم

                              تعليق

                              يعمل...
                              X