قصة قصيرة : ضــــياء اللـــذة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • د.مصطفى عطية جمعة
    عضو الملتقى
    • 19-05-2007
    • 301

    قصة قصيرة : ضــــياء اللـــذة

    قصة قصيرة : ضــــياء اللـــذة د. مصطفى عطية جمعة
    ( 1 )
    الهجعة الليلية التي يستلزمها الجسد ، وتسبح روحي في فضائها ، لا أعرف كينونتها ، سوى تلك الأخذة التي تجذب روحي ، من عالم الأحياء ،و الحركة والثرثرة ، إلى سُبات الجسد . هل الروح تسكن أيضًا ؟ لا أذكر ، من هجوعي – في ليلتي تلك – إلا هذا التماوج الذي عايشته ، وجوهًا …، نعم .. نعم .. ، لمن أعرفهم ، أحبهم . أبي ، أمي ، جدي …. ، كانوا يبتسمون لي ، يضحكون، تمدّ أمي يديها لي .
    أُفْعَمُ بنشوة وراحة ، لذةٍ أستشعرها ، وكأن خلاياي تنطلق في ملكوت سرمدي .
    ……………
    هدأة الليل ، النفوس ، هل تسكن الأرواح ؟
    أضع المفتاح في باب المسجد ، أضغط زرًا فيتوهج مصباح . آيات القرآن ، تنساب بحنجرتي ، رطبة ، والفؤاد عائم .
    أصدح بالآذان . يأتي عم عبد الرزاق :
    - صوتك خافت اليوم يا عبد الحميد ؟!
    - إنه مثل كل يوم .
    يتفحصني بعينيه ، يصمت ، ويترنم بجواري بأوراده الصباحية . قلتُ :
    - ماذا بك ؟
    تطلع نحوي ، عيناه غائمتان :
    - أنتَ ماذا بك ؟
    صمتي ، قلبي منتشٍ . يردف :
    - سلّم عليهم .
    - ……………؟ !
    غاص في تسبيحاته .
    اصطففنا للصلاة .
    قالوا لي وهم يصافحونني أمام المسجد :
    - أطلتَ السجود كثيرًا ؟!
    - أخذني الرجاء .
    …………………
    استيقظتْ أختي ، وأنا ألج البيت . قالتْ :
    - صبحك الله بالخير .
    - الخير كله لكِ .
    - ستفطر ؟
    - ……………..
    تحركتْ ، متحسسةً ما حولها ، تحفظ أركان البيت ، انزويت في غرفتي ، خرخشة يديها وهي تغسل الآنية ، وتحرّك الوابور .
    استلقيتُ على الكنبة ، أسندتُ رأسي ، النشوة تتجاذبني ، تغرقني ، كانوا يبتسمون ، ابتسمتُ ، أسبح في طاقات نورانية ، أتحرر من ربقة الجسد ، أتلاشى .. ، الملكوت يسعني ، أصافحهم .

    ( 2 )
    - عبد الحميد ! الفطور ..
    أكرر مناديةً عليه ، لا يحلو الفطور إلا به ، سيحكي لي عما ينوي فعله اليوم ، أتحسس الخبز الساخن، وطبق الجبن القريش والعسل ..
    - عبد الحميد ! قم ، الفطور ..
    أخذه النوم ؟ أتحرّك ، أدفع باب الغرفة ، صوت خطوي يطرق أذني .
    - عبد الحميد .. ، قم يا أخي ..
    أتحسسه .
    صمتي .
    الجسد نصف بارد ، جبهته تترقرق بعرق متجمد .
    - فعلتها يا عبد الحميد ؟ فعلتها .. !
    الوحدة تتماثل أمامي ، أودُّ الصراخ ، أصرخ ، الصوت بلا صدى . الخواء في أعماقي .
    ( 3 )
    الضجيج والزحام . الناس متجمعون أمام المنزل .
    - كان لا يزال في عزه .
    - صلّى بنا .
    آخرون في ركن وهم جالسون على المقاعد الخشبية المستأجرة :
    - لم يتزوج ، وعاش من أجل أخته الضريرة .
    - ربنا أعطاه من التجارة كثيرًا .
    - يده لم تخرج فارغة من جيبه .
    النسوة متشحات بالسواد . يقلن :
    - عجيبة أخته ، لم تنحْ عليه ، فقط الدموع ، ولا حتى صرخة !
    ……………..
    تقول أخته :
    - ظننته نائمًا على الكنبة كعادته وهو يسبّح ، سبقتني ، وفعلتها ، كنتُ أمني نفسي بأنك لن تفارقني ، وأنا أكبرك في السن ، وستحملني إلى …
    ……………..
    عم عبد الرزاق المطرق تحت شجرة الكافور ، أمام البيت :
    - شفتُ البشرى في عينيه ، عقبا لي .
  • محمود الديدامونى
    أديب وكاتب
    • 16-05-2007
    • 108

    #2
    قصة جميلة يا دكتور مصطفى
    استخدمت فضاء ............ للتعبير الجيد عن الدلالة
    وهذه تقنية لا يستطيع فعلها الكثيرون
    لك الود

    تعليق

    • د.مصطفى عطية جمعة
      عضو الملتقى
      • 19-05-2007
      • 301

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة محمود الديدامونى مشاهدة المشاركة
      قصة جميلة يا دكتور مصطفى
      استخدمت فضاء ............ للتعبير الجيد عن الدلالة
      وهذه تقنية لا يستطيع فعلها الكثيرون
      لك الود
      الأستاذ المبدع : محمود الديداموني
      تحياتي وتقديري
      شكرا قراءتك الفاعلة
      وشكرا تعلقيك النافذ للعمق
      دامت مودتنا

      تعليق

      • د. جمال مرسي
        شاعر و مؤسس قناديل الفكر و الأدب
        • 16-05-2007
        • 4938

        #4
        قرأتها مرتين
        و غصت في معانيها و عمقها
        و هذه أول مرة أقرأ لك في القصة دكتور مصطفى
        ربما يكون تقصيراً مني
        و لكني هنا أقف أمام قاص مبدع بمعنى الكلمة
        تقنيات القصة عالية جدا و الخاتمة كانت صدمة
        و الحوار المقتضب زادها متعة
        استمتعت بحق بها
        فلك كل الود و التقدير
        و القصة للتثبيت
        د. جمال
        sigpic

        تعليق

        • د.مصطفى عطية جمعة
          عضو الملتقى
          • 19-05-2007
          • 301

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة د. جمال مرسي مشاهدة المشاركة
          قرأتها مرتين
          و غصت في معانيها و عمقها
          و هذه أول مرة أقرأ لك في القصة دكتور مصطفى
          ربما يكون تقصيراً مني
          و لكني هنا أقف أمام قاص مبدع بمعنى الكلمة
          تقنيات القصة عالية جدا و الخاتمة كانت صدمة
          و الحوار المقتضب زادها متعة
          استمتعت بحق بها
          فلك كل الود و التقدير
          و القصة للتثبيت
          د. جمال
          د. جمال الجميل
          سعيد بهذا الرأي الذي عبر عن تلق واع
          وذائقة رفيعة
          وأعلمك أنني في الأساس : قاص وروائي ومسرحي ، قبل أن أحصل على الدكتوراه في النقد والأدب ، وأعد الإبداع بوابة الجمال والمتعة في الحياة .
          شاكر لك التثبيت ودامت محبتنا .

          تعليق

          • أحمد حسن محمد
            أديب وكاتب
            • 16-05-2007
            • 716

            #6
            رغم أني عرفت نهاية القصة منذ أول فقرة فيها، إلا أني استمتعت كثيرا.. وأنا لا أعرف كثيرا في فن القصة، ولكني سعدت أيما سعادة لأن الراوي تحول من عبد إلى أخته بهذه النكهة من الحرفية التي أحسست معها بالدهشة والفرح، قد تعرف انت السبب، ولكني لا أتقن فنيات القصة كما قلت، كان الفضاء مليئا بالترتيب وشحنات التأثير التي أبقت في نفسي إحساسا بضياء اللذة بعد أن أنهيت القراءة.. وأعدتها ثانية ..


            وهناك كلمة خرخشة.. أهي فصيحة أم عامية؟

            شكرا.. لك..\
            التعديل الأخير تم بواسطة أحمد حسن محمد; الساعة 28-05-2007, 10:33.

            تعليق

            • د.مصطفى عطية جمعة
              عضو الملتقى
              • 19-05-2007
              • 301

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة أحمد حسن محمد مشاهدة المشاركة
              رغم أني عرفت نهاية القصة منذ أول فقرة فيها، إلا أني استمتعت كثيرا.. وأنا لا أعرف كثيرا في فن القصة، ولكني سعدت أيما سعادة لأن الراوي تحول من عبد إلى أخته بهذه النكهة من الحرفية التي أحسست معها بالدهشة والفرح، قد تعرف انت السبب، ولكني لا أتقن فنيات القصة كما قلت، كان الفضاء مليئا بالترتيب وشحنات التأثير التي أبقت في نفسي إحساسا بضياء اللذة بعد أن أنهيت القراءة.. وأعدتها ثانية ..


              وهناك كلمة خرخشة.. أهي فصيحة أم عامية؟

              شكرا.. لك..\
              المبدع الجميل / أحمد حسن
              كيف لا تعرف فنيات القصة ؟ وأن ما قلته دليل على ذائقتك القصصية العالية .
              أما كونك توقعت النهاية منذ البداية ، فهذا متعمد فنيا ، فهناك ما يسمى السرد الاستباقي ، بأن يتعمد السارد إخبار المتلقي بالحدث مسبقا ( بإشارة أو إجمال ) ثم يفصله بعدئذ أو لا يفصله . ( راجع : خطاب الحكاية ، بحث في المنهج ، تأليف : جيرار جينيت ، نشر المجلس الأعلى للثقافة في مصر ) ، وهي يتضمن تفصيلا لنظرية السرد ( البنيوية ) .
              يعجبني في انطباعك أنه يعتمد على عنصر الإدهاش النقدي ، وهو عنصر مهم في تقويم الإبداع ، ويرتكز على البعد النفسي الذي أنت تتميز به في دراساتك . ( خرخشة فصيحة ) ومن حق المبدع أن يوظف أي عامي أو أجنبي في عمله ، ولو اعتمد الفصحى في إبداعه ، والقرآن الكريم نموذج عال في الكلمات الأجنبية ( سندس ، استبرق ... ) .
              تحياتي وتقديري وحبي

              تعليق

              • أحمد حسن محمد
                أديب وكاتب
                • 16-05-2007
                • 716

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة د.مصطفى عطية جمعة مشاهدة المشاركة
                المبدع الجميل / أحمد حسن
                كيف لا تعرف فنيات القصة ؟ وأن ما قلته دليل على ذائقتك القصصية العالية .
                أما كونك توقعت النهاية منذ البداية ، فهذا متعمد فنيا ، فهناك ما يسمى السرد الاستباقي ، بأن يتعمد السارد إخبار المتلقي بالحدث مسبقا ( بإشارة أو إجمال ) ثم يفصله بعدئذ أو لا يفصله . ( راجع : خطاب الحكاية ، بحث في المنهج ، تأليف : جيرار جينيت ، نشر المجلس الأعلى للثقافة في مصر ) ، وهي يتضمن تفصيلا لنظرية السرد ( البنيوية ) .
                يعجبني في انطباعك أنه يعتمد على عنصر الإدهاش النقدي ، وهو عنصر مهم في تقويم الإبداع ، ويرتكز على البعد النفسي الذي أنت تتميز به في دراساتك . ( خرخشة فصيحة ) ومن حق المبدع أن يوظف أي عامي أو أجنبي في عمله ، ولو اعتمد الفصحى في إبداعه ، والقرآن الكريم نموذج عال في الكلمات الأجنبية ( سندس ، استبرق ... ) .
                تحياتي وتقديري وحبي
                وأنا سعيد أشد السعادة بحضورك المشجع لمحبيك ..
                وبشأن السرد الاستبقائي فأكرر هل يجب أن يكون هناك نموذج نقدي معترف به حتى يحسن صورة إبداع ما؟ أم يكفي أن مثل تلك (الحركة الكتابية) التي عملها المبدع أن تعبر عن تفكير وإبداع صادر عن إحساس عميق وتفكير ناضج وفنية روحية تبدو للقارئ في العمل؟
                لا أقلل من قدر الاستشهاد بل هو ميزة كبيرة تحسب لفاعلها، ولكن هل يحتاج المبدع دوما أن يبرر عمله بقاعدة حصرها غيره من أعمال السابقين؟
                فمثلا عملية السرد الاستبقائي هل أول ما وجدت كان النقاد يعدونها عيبا؟ ثم بعد ذلك جعلوها أحد الأنواع السردية المعترف بها؟
                في ندوات كثيرة منذ سنوات كنت أسمع المعلقين يأخذونها على القاص..
                تقبل رأي تلميذك المحب الذي يحب أن ينهل العلم من يديك الكريمتين: أنا أفادني كثيرا تلك المناسبة والتعمد الواضح الذي ذكرته يا معلمي الصديق الجميل في -عمل كاتب ومفكر مثلك- أكثرما أفادني اعتماد نقاد القصة لتلك الآلية ؟ فقط لأنها ناسبت فكرتك وكانت في خدمتها، ومن زاوية أخرى أنها كانت تحت تصرف فكرك ولم يكن فكرك تحت تصرفها، في حين أنها -رغم حضورها في ذاكرة نقد القصة والتقعيد لها- لا تناسب قصصا كثيرة مرت أمامنا..
                دمت بخير أيها الغالي الكبير..

                تعليق

                • الشاعرمحمدأسامةالبهائي
                  عضو الملتقى
                  • 16-05-2007
                  • 382

                  #9
                  البقاء لله
                  نازك الملائكة
                  [align=center][size=7]
                  [frame="5 70"][B]خليها على الله وقول ياباسط[/B] [/frame][/size][/align]

                  تعليق

                  • مريم محمود العلي
                    أديب وكاتب
                    • 16-05-2007
                    • 594

                    #10
                    [align=center]دكتور :مصطفى عطية
                    قصة تجعل المتلقي يشعر بمتعة قراءتها
                    سررت جدا باللغة الرائعة
                    وبهاكلها
                    كل الشكر والتقدير لك
                    تحياتي
                    [/align]

                    تعليق

                    • د.مصطفى عطية جمعة
                      عضو الملتقى
                      • 19-05-2007
                      • 301

                      #11
                      مقتبس من الصديق / أحمد حسن :
                      وأنا سعيد أشد السعادة بحضورك المشجع لمحبيك ..
                      وبشأن السرد الاستبقائي فأكرر هل يجب أن يكون هناك نموذج نقدي معترف به حتى يحسن صورة إبداع ما؟ أم يكفي أن مثل تلك (الحركة الكتابية) التي عملها المبدع أن تعبر عن تفكير وإبداع صادر عن إحساس عميق وتفكير ناضج وفنية روحية تبدو للقارئ في العمل؟
                      لا أقلل من قدر الاستشهاد بل هو ميزة كبيرة تحسب لفاعلها، ولكن هل يحتاج المبدع دوما أن يبرر عمله بقاعدة حصرها غيره من أعمال السابقين؟
                      فمثلا عملية السرد الاستبقائي هل أول ما وجدت كان النقاد يعدونها عيبا؟ ثم بعد ذلك جعلوها أحد الأنواع السردية المعترف بها؟

                      إلى الأديب المبدع / أحمد حسن
                      المشكلة في ندواتنا الأدبية أن هناك أحكاما نقدية تصدر جزافا دون تمحيص ، ولا بحث ، ويصدرها كل فرد حسب هواه وذائقته وقراءته ، وهذا أمر معيب ، ويستلزم المزيد من البحث النقدي للمبدع .
                      لا يوجد في الإبداع نموذج يحتذى به ، ولو وجد تكون مجرد تقاليد لفترة معينة ، سرعان من يأتي ليحطمها ، والمثال المسرح ، فقد حطم بريخت الألماني كل تقاليد المسرح الأرسطي . وكذلك شعر التفعيلة وقصيدة النثر ، المبدع معناه أن يأتي بالجديد الجميل ، الذي يخالف المتوقع ، ويؤسس لظاهرة إبداعية جديدة . وهكذا .
                      دمت بخير عزيزي

                      تعليق

                      • د.مصطفى عطية جمعة
                        عضو الملتقى
                        • 19-05-2007
                        • 301

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة مريم محمود العلي مشاهدة المشاركة
                        [align=center]دكتور :مصطفى عطية
                        قصة تجعل المتلقي يشعر بمتعة قراءتها
                        سررت جدا باللغة الرائعة
                        وبهاكلها
                        كل الشكر والتقدير لك
                        تحياتي
                        [/align]
                        الأخت المبدعة / مريم
                        سعيد بمرورك الكريم
                        وتفاعلك الرائع
                        دمت بخير وإبداع

                        تعليق

                        يعمل...
                        X