دمـوع لـن تـجـف: الـحـلقـة الثـانـيـة عـشـر
كـنـت قـد نـوهـت بأن الوالـد كان مـتعـهد انشاء طـرق وكانـت الأتفـاقـيات تـتم تحـت اشـراف حكـومة الأنـتـداب وتسدد عـن طريـقهـم مـن أمـوال المحافـظـات الفلسطـيـنيه.
في الفـتره مـا قـبـل الـرحـيـل أخـذت حـكومـة الأنـتـداب بالممـاطـله فـي تـسـديـد مـا كـان الـوالـد قـد أنـفقـه عـلى بـعـض هـذه المـشـاريـع بحجة عـدم وجـود سـيـولـة ليغـادروا فـلسطـين قبـل الموعـد الذي اعـلنـوا عـنه بثـلاثة شهـور ليسـلـمـوهـا للـصـهـايـنـة ليـعـلـنوا دولـتـهـم عـلى أرض فلسـطـيـن وتـدخـل الـجـيـوش الـعـربيـة وتـشـتـعـل الـحـرب التـي سـرعـان مـا تـوقـفـت بأتـفـاقـيـة الـخـزي والـعـار(الـهـدنـة, رودس فبـرايـر 1949م) لـتـنـسـحـب هـذه الـجـيـوش تـاركـة الشـعـب دون حـمـايـة لـيـنـكـل بـه ويـطـرد مـن أرضـه وبهذا تـصـبـح العائله مـعـدومـة كـأغـلبـيـة الشـعـب الـفـلسـطـيـنـي الـذي هـجـر عـنـوة مـن أرضـة ليستـولي عـليها الصهاينه.
بـعـد أن أشــتـدت الـحـالـة وأنـتـقـال الـعـائـلـة الى الـمـخـيـم قـام الـوالـد بـالأتـصـال بحـكـومـة الأنـتـداب الـبـريـطـانـيـه عـن طـريـق الصـليـب الأحـمـر يـذكـرهـم بـمـا عـليـهـم مـن مسـتـحـقـات وعـن المـبـالـغ الـتـي صـرفـهـا مـن جـيـبـه الـخـاص وتـعـويـضـة عـن الشـاحـنـات وأدوات الـعـمـل الـتـي تـم نـهـبـهـا مـن قـبـل اليـهـود. بـعـد عـدة مــحـاولات قـامـت بـريـطـانـيـا وأرسـلـت مـنـدوبـهـا يـحـمـل جـزءا مـن هـذه المستـحـقـات والتي أعـتـبـرتهـا الـعـائـلـة كـنـزهـبـط مـن السماء فـي تـلـك الـظـروف أوكمـن فـتحـت له بـاب السماء اثـناء دعائه ومـع أن الـحـاجـة مـاسـة الى ورقـة واحـدة مـن الـحـقـيـبـة الـمـنـتـفـخـة كـان الـوالـد مصـمـم عـلى عـدم قـبـولـهـا وهـو يصـرخ في وجـوهـهـم لا أقـبـل حـسـنـة, أريـد مـالي, أمـا كفى حـكـومـتـكـم بـيـع البـلاد للـيـهـود وتـشـريـدنـا مـن أرضـنـا.
كـأطـفـال, غـضـب الـوالـد أثـار فـضولـنا ولـفـت نـظـرنـا الأوراق الـمـلـونـة التـي أخـذ يـخـرجـهـا مـن الـحـقـيـبـة ويـضـعـهـا في يـد أخـوانـه ويقـول: أنـزلـوا المـديـنـة شـوفـوا بـيـوت وهـاتـوا حـاجـة للـغـلابـة.
تـوجـه الأعـمـام الى الـمـديـنـة وقـبـل الـمـغـيـب حـضـروا وخـلـفـهـم عـربـة يـجـرهـا حـصـان تـكـاد عـظـامـه تــنـفـر مـن جـلـده وزبـده مـن بـيـن فـكـيـه ونـفـسـه يـكـاد يـقـطـع مـن الـثـقـل الـذي يـجـره خـلفـه.
تـوقـفـت الـعـربـة أمـام الـخـيـام وأنـزلـت الـحـمـولـه ومـا هـي إلا لـحـظـات حـتى تـجـمـع عـدد كـبـيـر مـن الـنـاس. فـرشـت الـحـصـيـرة والـقـوا عـليـهـا خــراف مـا زالـت تـنـزف دمـا. تـنـاول الأعـمـام والـوالـد رحـمـهـم الله كـل سـكـيـنـة كـبـيـره وأخـذوا يـقـطـعـونـهـا قـطـع صـغـيـره يـطـعـونهـا في أيـدي مـن تـجـمـع مـن الـنـاس والـدعـوات تـنـهـال بـطـول الـعـمـر والصـحـة والـعـافـيـه. أمـا الـوالـده والـجـده رحـم الله أمـواتـنـا وأمـواتـكـم جـميـعـا وقـفـن خـلف بـعـض الأكـيـاس يـتـنـاولـن مـن يـد الـنـسـاء مـا يـحـمـلـن مـن أواني لـتـخـرج مـمـلـوئـة بـالطـحـيـن, بقـولـيـات وسـكـر.
حـتـى تـلـك اللحـظـة لـم نـفـهـم مـا كـان يـدورحـولـنـا ومـا سـرالأوراق الصـغـيـرة الـتـي أسـتــبـدل بـهـا كـل هـذا الـطـعـام. لـقـد قـيـل لـنـا أن الـسـمـاء فـتـحـت وأمـطـرت ذهـبـا. وعـنـدمـا قـلنـا نـحـن لـم نـرى شـيـئ, قـيـل لـنـا كـنـتـم نـيـام.
أخـذنـا نـخـرج أثـنـاء هـبـوط الليـل, نـنـظـرالى الـنـجـوم رافـعـيـن رؤوسنا فاتحـيـن أيدينـا وكـلـما رأيـنـا نـجـمـة خـلفـهـا شـهـب نـصـرخ فـرحـا, الـذهـب, الـذهـب, لـكـن سـرعـان مـا كـانـت الـفـرحـة تـتـلاشـى لأن الـنـجـمـة أخـتـفـت لنـقـول ,, خـسـارة سـقـطـت بـعـيـدا,,.
لـم نـقـطـع الأمـل وبـدل أن نـتـلقـى ذهـبـا, تــمـر غـيـمـة ونكـافئ ببعـض التوبيخـات مـن هـنا وهـناك لأن سـحـابـة أضـلـتـنـا وأبتـلـت مـلابـسـنـا.
كنت قد شرحت المقـابله التي تـمت بيـن والـدي والمـندوب البريطاني وكيف تـم الضغـط علىـه لأقـناعه بالموافـقه على شروط مجحـفـه كما كان يقـول وكيـف أستغـلـت حـكـومة الانتـداب الظـروف القاسيه التي كانـت الـعـائـلة تـمـر بـهـا لـتـدفـع بعـض مـن مستحـقـاته وكيف وجـد الوالد نـفسه امام ضغـط العائله من ناحـيه والخـواجات الذين ألمحـوا له بأنهـم لـم يـعـودوا مـرة أخـرى مما جعـل مـوقـفـه حـرجـا امام العـائله التي فـقـدت كل شيئ وأصبحـت لا تملك شيئ بـعـد أن نـفـذ كـل مـا كـان البـعـض يحـمـلـه في جـيـبه من اوراق ماليه والنسـاء مـن حـلى في مـعـاصـمـهـن مـمـا دعـى الـعـائـلـة اللـجـوء الى المـخـيـم وأصبحـت الحـياه مـرتـبطـة بـما يـتـلـقـونـه مـن وكـالة الغــوث مـن طـحـيـن وبـعـض البـقـولـيـات المـجـفـفـه كـغـيـرهـم مـمـا فـقـدوا أمـلاكهـم وديارهـم.
تـم الـتـوقـيع ووضـعـت حـقـيـبه بـيـن يـدي الـوالـد وغـادرالـخـواجـات ولـم يـنتـظــر الـوالـد كثـيـرا لـيـقـذف الـحـقـيـبـة بـعـيـدا ويـبـدأ بـالـصـراخ ويـرفـع يـديـه الى السـمـاء يـدعـوا عـلى الأنـجـليـز واليـهـود بـأن يـخـلصـنـا الله مـنـهـم.
الى اللقـاء في الحـلقـة الثـالثـة عـشـر
كـنـت قـد نـوهـت بأن الوالـد كان مـتعـهد انشاء طـرق وكانـت الأتفـاقـيات تـتم تحـت اشـراف حكـومة الأنـتـداب وتسدد عـن طريـقهـم مـن أمـوال المحافـظـات الفلسطـيـنيه.
في الفـتره مـا قـبـل الـرحـيـل أخـذت حـكومـة الأنـتـداب بالممـاطـله فـي تـسـديـد مـا كـان الـوالـد قـد أنـفقـه عـلى بـعـض هـذه المـشـاريـع بحجة عـدم وجـود سـيـولـة ليغـادروا فـلسطـين قبـل الموعـد الذي اعـلنـوا عـنه بثـلاثة شهـور ليسـلـمـوهـا للـصـهـايـنـة ليـعـلـنوا دولـتـهـم عـلى أرض فلسـطـيـن وتـدخـل الـجـيـوش الـعـربيـة وتـشـتـعـل الـحـرب التـي سـرعـان مـا تـوقـفـت بأتـفـاقـيـة الـخـزي والـعـار(الـهـدنـة, رودس فبـرايـر 1949م) لـتـنـسـحـب هـذه الـجـيـوش تـاركـة الشـعـب دون حـمـايـة لـيـنـكـل بـه ويـطـرد مـن أرضـه وبهذا تـصـبـح العائله مـعـدومـة كـأغـلبـيـة الشـعـب الـفـلسـطـيـنـي الـذي هـجـر عـنـوة مـن أرضـة ليستـولي عـليها الصهاينه.
بـعـد أن أشــتـدت الـحـالـة وأنـتـقـال الـعـائـلـة الى الـمـخـيـم قـام الـوالـد بـالأتـصـال بحـكـومـة الأنـتـداب الـبـريـطـانـيـه عـن طـريـق الصـليـب الأحـمـر يـذكـرهـم بـمـا عـليـهـم مـن مسـتـحـقـات وعـن المـبـالـغ الـتـي صـرفـهـا مـن جـيـبـه الـخـاص وتـعـويـضـة عـن الشـاحـنـات وأدوات الـعـمـل الـتـي تـم نـهـبـهـا مـن قـبـل اليـهـود. بـعـد عـدة مــحـاولات قـامـت بـريـطـانـيـا وأرسـلـت مـنـدوبـهـا يـحـمـل جـزءا مـن هـذه المستـحـقـات والتي أعـتـبـرتهـا الـعـائـلـة كـنـزهـبـط مـن السماء فـي تـلـك الـظـروف أوكمـن فـتحـت له بـاب السماء اثـناء دعائه ومـع أن الـحـاجـة مـاسـة الى ورقـة واحـدة مـن الـحـقـيـبـة الـمـنـتـفـخـة كـان الـوالـد مصـمـم عـلى عـدم قـبـولـهـا وهـو يصـرخ في وجـوهـهـم لا أقـبـل حـسـنـة, أريـد مـالي, أمـا كفى حـكـومـتـكـم بـيـع البـلاد للـيـهـود وتـشـريـدنـا مـن أرضـنـا.
كـأطـفـال, غـضـب الـوالـد أثـار فـضولـنا ولـفـت نـظـرنـا الأوراق الـمـلـونـة التـي أخـذ يـخـرجـهـا مـن الـحـقـيـبـة ويـضـعـهـا في يـد أخـوانـه ويقـول: أنـزلـوا المـديـنـة شـوفـوا بـيـوت وهـاتـوا حـاجـة للـغـلابـة.
تـوجـه الأعـمـام الى الـمـديـنـة وقـبـل الـمـغـيـب حـضـروا وخـلـفـهـم عـربـة يـجـرهـا حـصـان تـكـاد عـظـامـه تــنـفـر مـن جـلـده وزبـده مـن بـيـن فـكـيـه ونـفـسـه يـكـاد يـقـطـع مـن الـثـقـل الـذي يـجـره خـلفـه.
تـوقـفـت الـعـربـة أمـام الـخـيـام وأنـزلـت الـحـمـولـه ومـا هـي إلا لـحـظـات حـتى تـجـمـع عـدد كـبـيـر مـن الـنـاس. فـرشـت الـحـصـيـرة والـقـوا عـليـهـا خــراف مـا زالـت تـنـزف دمـا. تـنـاول الأعـمـام والـوالـد رحـمـهـم الله كـل سـكـيـنـة كـبـيـره وأخـذوا يـقـطـعـونـهـا قـطـع صـغـيـره يـطـعـونهـا في أيـدي مـن تـجـمـع مـن الـنـاس والـدعـوات تـنـهـال بـطـول الـعـمـر والصـحـة والـعـافـيـه. أمـا الـوالـده والـجـده رحـم الله أمـواتـنـا وأمـواتـكـم جـميـعـا وقـفـن خـلف بـعـض الأكـيـاس يـتـنـاولـن مـن يـد الـنـسـاء مـا يـحـمـلـن مـن أواني لـتـخـرج مـمـلـوئـة بـالطـحـيـن, بقـولـيـات وسـكـر.
حـتـى تـلـك اللحـظـة لـم نـفـهـم مـا كـان يـدورحـولـنـا ومـا سـرالأوراق الصـغـيـرة الـتـي أسـتــبـدل بـهـا كـل هـذا الـطـعـام. لـقـد قـيـل لـنـا أن الـسـمـاء فـتـحـت وأمـطـرت ذهـبـا. وعـنـدمـا قـلنـا نـحـن لـم نـرى شـيـئ, قـيـل لـنـا كـنـتـم نـيـام.
أخـذنـا نـخـرج أثـنـاء هـبـوط الليـل, نـنـظـرالى الـنـجـوم رافـعـيـن رؤوسنا فاتحـيـن أيدينـا وكـلـما رأيـنـا نـجـمـة خـلفـهـا شـهـب نـصـرخ فـرحـا, الـذهـب, الـذهـب, لـكـن سـرعـان مـا كـانـت الـفـرحـة تـتـلاشـى لأن الـنـجـمـة أخـتـفـت لنـقـول ,, خـسـارة سـقـطـت بـعـيـدا,,.
لـم نـقـطـع الأمـل وبـدل أن نـتـلقـى ذهـبـا, تــمـر غـيـمـة ونكـافئ ببعـض التوبيخـات مـن هـنا وهـناك لأن سـحـابـة أضـلـتـنـا وأبتـلـت مـلابـسـنـا.
كنت قد شرحت المقـابله التي تـمت بيـن والـدي والمـندوب البريطاني وكيف تـم الضغـط علىـه لأقـناعه بالموافـقه على شروط مجحـفـه كما كان يقـول وكيـف أستغـلـت حـكـومة الانتـداب الظـروف القاسيه التي كانـت الـعـائـلة تـمـر بـهـا لـتـدفـع بعـض مـن مستحـقـاته وكيف وجـد الوالد نـفسه امام ضغـط العائله من ناحـيه والخـواجات الذين ألمحـوا له بأنهـم لـم يـعـودوا مـرة أخـرى مما جعـل مـوقـفـه حـرجـا امام العـائله التي فـقـدت كل شيئ وأصبحـت لا تملك شيئ بـعـد أن نـفـذ كـل مـا كـان البـعـض يحـمـلـه في جـيـبه من اوراق ماليه والنسـاء مـن حـلى في مـعـاصـمـهـن مـمـا دعـى الـعـائـلـة اللـجـوء الى المـخـيـم وأصبحـت الحـياه مـرتـبطـة بـما يـتـلـقـونـه مـن وكـالة الغــوث مـن طـحـيـن وبـعـض البـقـولـيـات المـجـفـفـه كـغـيـرهـم مـمـا فـقـدوا أمـلاكهـم وديارهـم.
تـم الـتـوقـيع ووضـعـت حـقـيـبه بـيـن يـدي الـوالـد وغـادرالـخـواجـات ولـم يـنتـظــر الـوالـد كثـيـرا لـيـقـذف الـحـقـيـبـة بـعـيـدا ويـبـدأ بـالـصـراخ ويـرفـع يـديـه الى السـمـاء يـدعـوا عـلى الأنـجـليـز واليـهـود بـأن يـخـلصـنـا الله مـنـهـم.
الى اللقـاء في الحـلقـة الثـالثـة عـشـر
تعليق