مدام y
جلس أمامي كمن يجلس أمام قارئة فنجان، او قارئ كف- وانا الذي لااصدق قارئي الفناجين ولا كتبةالحُجُب وألعنهم جهارا نهارا، صباح مساء حتى في صدقهم الكاذب- وتوقع مني أن أُجنّد كل الدجالين ليبقروا بطن الغيب او الحاسوب تنقيبا عنها،وقال:
لا أعرف من هي .. ولا من أين هي... كل الذي اعرفه أن اسمها كان مرة لانا، ومرة اخرى لُمى، ومرة ثالثة سميحة، وآخر مرة قالت لن أكشف الآن عن اسمي الحقيقي، لكني قريبا سافعل .
تفهمت مخاوفها وحذرها، رغم انه لم يكن ما يخيف، وإني لأوافقها على واجب الحذر، في زمان يأكل الأب لحمه، ولا يؤتمن رئيس أو قديس على الانفراد بأقل من خمس نساء مجتمعات في آن ومكان واحد، خوفا من أن يفترسهن الواحدة أمام الأخرى.
سكت صديقي عن الكلام، كانه يلتقط انفاسه بعد طول عناء، ثم تابع:
سميتها مدام واي لأن الإكس محجوز.
كانت تكتب في الصحف،وتدخل المواقع الألكترونية..أحيانا تكتب شعرا.. واحيانا تكتب نثرا..كانت لنصوصها طعم الفاكهة اللذيذة، ورائحة الورد الجوري، تتفنن في تنسيق نصوصها فتخرج كانها باقة ورد متجانسة الألوان، نثر في ميزان الشعر، وشعر في ثياب نثر منثور كحب المرجان ..
قراتها وقراتها .. وحقا أحببت كل ما كتبت..
وعندما خانها خيالها، وتطايرت بها ظنونها، وحملتها بعيدا، كبحتُ هذه الظنون. وبينت لها أن بعض الظن إثم، وانني غير الذي ظنته، ولمتها على تسرعها، فقالت:
لا تلمني، علمتني الأيام والتجارب ألا أثق برجل، فصرت كطائر أحلق في السماء.. أتخذ من المواقع محطات.. أهبط كل يوم في محطة..لا استقر في مكان...ابدلها كما أبدل الثياب.. سريعة الملل، وسريعة التنقل..
قلت : ما يهمني ليس أكثر من الكتابة .. كتاباتك دواء أدمنته.. فإذا ما انقطعت عن الكتابة أحتاج إلى فطام من هذا الداء.
قالت: أتجيبني بصراحة وصدق لو سألت؟؟
قلت: لا أتقن غيرهما
- هل يمكن للإنسان أن يبيع إيمانه،لو اراد؟؟
- وماذا يبقى منه لو فعل ذلك؟؟
- لم تجبني
- لم افهم
- ساكون أكثر صراحة، هل صحيح أن من يعتنق دين الدولة التي تعيشون بها يمنح عشرات الآلاف من الدولارات ؟؟؟
فوجئت بهبوط موازينها، وبتدني تفكيرها، وتقلبات مزاجها بين الإسم والإيمان، ولعنت في سري طغيان الأنظمة التي تقتل الإنسان.. ولعنت الفقروالجهل والتعصب والكبت بكل انواعه ومجالاته لتحالفها لتسحق الإنسان في وطنه ، وقلت:
- لاأقبل لك ذلك
- قالت أنياب الفقر تنهشني، وأنا افتش عمن يدفع اكثر ؟
-لا أتاجر بالنفوس البشرية، ولا أزور أسواق الرقيق،ولا أحسن تجارة المواشي... ولا حتى التجارة بالأحذية
- ربما خجلت، أو غضبت
- لكنها غابت، وغابت معها حروفها وكتاباتها"
- قلت
- أو
- اختبات وراء اسم جديد تطل علينا من خلال حروفه،
أو هبطت في مطار جديد، أو محطة جديدة
تعليق