رأس من المطلوب بدءا من تونس ؟؟ / الجمعة 21- 1

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • صادق حمزة منذر
    الأخطل الأخير
    مدير لجنة التنظيم والإدارة
    • 12-11-2009
    • 2944

    رأس من المطلوب بدءا من تونس ؟؟ / الجمعة 21- 1

    برنامج حدث في مثل هذه الأيام الأسبوعي

    في حلقة جديدة اليوم الجمعة 21 - 1
    في الفترة الثانية للسهرة 11 مساء

    وستكون تحت عنوان

    " بدءا من تونس .. رأس من هو المطلوب الآن "

    ويستضيف البرنامج كل من

    أ. ركاد أبو الحسن
    د. حكيم عباس
    أ.يسري راغب
    أ.منجية بن صالح


    لنبحث ما يجري على أرض تونس وعلى الساحة العربية والدولية
    على خلفية انتفاضة الشعب التونسي

    فكونوا معنا ولكم تحيات معد البرنامج ومدير الحوار

    صادق حمزة منذر




  • يسري راغب
    أديب وكاتب
    • 22-07-2008
    • 6247

    #2
    اخي العزيز
    الاستاذ صادق القدير
    تحياتي
    سانقل هنا عدة مقالات وصلتني عبر ايميلي
    في الفكر القومي العربي
    - للكاتب حبيب عيسى
    - للكاتب محمد رحال

    و في الفكر الاسلامي
    للكاتب علي عبدالعال
    حول ما جرى ويجري في تونس
    مع كامل الود والتقدير
    ---------------------------------
    الإسلاميون في تونس.. لماذا غابوا عن المشهد؟

    علي عبدالعال
    باعتراف زعيم أكبر حركة إسلامية في تونس، لم يكن الإسلاميون "ولا أي حزب سياسي آخر" يقف وراء تحريك الاحتجاجات، التي أدت إلى فرار الرئيس زين العابدين بن علي من البلاد. ففي تصريح له قال زعيم حركة "النهضة" الشيخ راشد الغنوشي: "كل من اطلع على الوضع التونسي يدرك بأن الشارع لا يحركه حزب، وليس في قدرة أي حزب لا الإسلاميين أو غيرهم أن يحركوا كل هذه الملايين".
    فالمعارضة التونسية بكافة أطيافها (إسلاميين وعلمانيين ويسار) ضعيفة ولا تملك أي قدرة على التحرك إلى درجة أنه يصعب القول بأن في تونس معارضة من الأصل. وهذا الأمر أوضح بالنسبة للإسلاميين في هذا البلد الذي توالى على حكمه لعقود رئيسان أشد ما يكونا عداء للإسلاميين ومشروعهم.
    والحركة الإسلامية في تونس صاحبة تاريخ طويل من الصراع أمام النظام العلماني الذي تولى الحكم عقب خروج الاحتلال الفرنسي عام 1956، ومارس عليها عمليات عنيفة من (السجن والإعدام والنفي) بهدف تصفيتها أو ما أطلق عليه لاحقا سياسة "تجفيف المنابع".
    وقد عانت هذه الحركة التي كانت سلمية، في أغلبها، الأمرين سواء خلال حكم الحبيب بورقيبة الذي انتهج علمانية متطرفة، وعادى الأحكام الإسلامية، وتوسع في صلاحياته حتى صار يوصف بالديكتاتور، وأصدرت سلطاته أحكاما بالإعدام على قيادات حركة "النهضة"، والأشغال الشقة المؤبدة على زعيمها راشد الغنوشي.
    أو في عهد زين العابدين بن علي (وصل إلى السلطة عام 1987) الذي رهن بقاءه في السلطة بشعار محاربة التهديد الإسلامي، وشن عدة حملات على الحركة الإسلامية.
    فقد شهد العام 1989 انتخابات تشريعية شاركت فيها حركة "النهضة" الإسلامية تحت لوائح مستقلة، وهي الحركة التاريخية التي تمثل التيار الإسلامي في تونس. فحصلت على حوالي20% من الأصوات حسب اعتراف السلطة، بما أهلها لتكون بمثابة خصم سياسي للنظام الحاكم، الذي بدأ في مواجهتها، خاصة بعد تقدمها بطلب الحصول على ترخيص قانوني جوبه بالرفض من طرف السلطة.
    ومع مطلع العام 1990 بدأت نذر الصدام بين الحركة والسلطة، التي تبين لها تعاظم قوة التيار الإسلامي واتساع قاعدته الشعبية، فشنت حملة دعائية تهدف إلى عزل الحركة وتشويهها. وقد بلغت المواجهة أوجها في مايو 1991 إذ قالت الحكومة إنها أفشلت مؤامرة لقلب نظام الحكم واغتيال الرئيس بن علي. فشنت قوات الأمن حملة شديدة على أعضاء الحركة ومؤيديها، كان أعنفها في أغسطس 1992 عندما اعتقلت 8000 شخص, وحكمت المحاكم العسكرية على 256 قياديا وعضوا في الحركة بأحكام وصلت إلى السجن مدى الحياة، ولم تتوقف الملاحقات والاعتقالات.
    وفي غمرة المواجهة الدامية مع النهضة تقلصت الدولة إلى جهاز أمني لملاحقة الإسلاميين وكافة مظاهر التدين في المجتمع.
    نشأت الحركة الإسلامية في تونس أواخر الستينيات من القرن الماضي مستلهمة تجربة الإخوان المسلمين في مصر، ومتخذة من أفكار حسن البنا مرجعية لها، وكانت الحركة في بدايتها أشبه برد فعل على مشروع بورقيبة العلماني الذي سعى إلى زرع العلمانية في بنية المجتمع من خلال عدد من الإجراءات المخالفة للشريعة الإسلامية كان أبرزها إغلاق مؤسسة جامع الزيتونية، ومنع تعدد الزوجات، وجعل الطلاق بأيدي المحاكم، ومساواة المرأة بالرجل في الميراث، ناهيك عن إجراءات أخرى كثيرة كان هدفها نقل تونس الإسلامية إلى تونس العلمانية على غرار نموذج مصطفى كمال أتاتورك في تركيا.
    وبينما لم يكن أحد يولي تنظيمات الحركة الإسلامية اهتماما يذكر؛ في هذا الوقت، على اعتبار أنها ستنتهي ببطء، إلا أنها وعلى العكس من ذلك نمت بسرعة لتصبح ظاهرة أساسية في الجامعات والمساجد والشوارع.
    لم يهتم الإسلاميون خلال هذه المرحلة بالانخراط في العمل السياسي؛ إذ لم تختلف الحركة الإسلامية التونسية عند نشأتها عن بقية حركات الإصلاح الإسلامي، بل أكدت النواحي التعبدية، واقتصر خطابها على الموضوعات التي أولتها اهتمامًا خاصًّا، مثل: ضرورة التمسك بالإسلام.
    ولم يرَ النظام في الحركة الإسلامية خلال هذه الفترة خطرًا يمثل تهديدًا للشرعية، كما أن الحركة رأت أن وقوع الدولة التونسية في أيدي اليسار أشد خطرًا من استمرار النظام؛ لذلك ساد نوع من التعايش بين الطرفين، وإنْ حمل في طياته بذور الصدام.
    لكن مع أواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات أصبح الإسلاميون مسار جدل كبير في المجتمع التونسي، وصاروا ذا كيان فعال.
    لجأت الحركة إلى تكثيف أنشطتها السياسية، وتحولت إلى حركة سياسية علنية، وأولت اهتمامًا خاصًّا بالموضوعات الاجتماعية والسياسية.
    يقول صلاح الدين الجورشي: "سارت الحركة الإسلامية في تونس في بدايتها في خط مواز لجماعة التبليغ التي نشأت في نفس الفترة، ومن اللافت للنظر أن الحركة الإسلامية لم يكن لها بناء تنظيمي، ولذا تبنت فكر التبليغ".
    وفي العام 1973 نشأت خلية نشيطة لحزب التحرير، إضافة إلى مجموعة صغيرة أطلقت على نفسها "الطلائع" لكنها ظلت حركات ضعيفة وسرية.
    ولذلك تعتبر الحركة الأساسية الإسلامية في تونس هي "حركة النهضة". وبالرغم من تأثرها في بداياتها بالإخوان المسلمين في مصر إلا أن هذا التأثر تراجع بشكل ملحوظ ، حتى إن السيد راشد الغنوشي يعتبر أن حركة الإخوان حليف ولكنها ليست مرجعية، على حد قول الجرشي.
    وبرغم بروز ظاهرة الإسلاميين المستقلين على السطح في تونس إلا أن حركة النهضة تبقى هي الأكثر قدرة على ترتيب أولوياتها بشكل يجعلها ذات وزن في المرحلة المقبلة. ولكنها تجد منافسة من التيار السلفي المتصاعد، إلا أن معرفة حجم هذه المنافسة يبقى محكوما بما ستئول إليه الأوضاع في المستقبل، وكيف ستتعامل معهم السلطة في المرحلة القادمة؟ وهل ستستمر في سياسة الإقصاء أم يمكن أن نشهد اندماجا للإسلاميين في السياسة؟.
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ--------------

    القوى المؤثرة على مستقبل الإسلاميين في تونس

    علي عبدالعال
    بانتظار مستقبل مازال الغموض يلف أكثر معالمه، أبدت قيادات حركة النهضة الإسلامية استعدادها للمشاركة في أي نقاشات لتشكيل حكومة ائتلافية "تعبد الطريق لديمقراطية حقيقية" في تونس.

    جاء ذلك بعدما كلف الرئيس المؤقت فؤاد المبزّع الوزير محمد الغنوشي بتشكيل حكومة وحدة وطنية "دون إقصاء أو استثناء". ودعا الأخير قادة المعارضة في الخارج إلى العودة للبلاد "من دون أن يتعرضوا لملاحقات قضائية أو تضييقات".
    وذلك عقب فرار زين العابدين بن علي الذي برحيله تكون تونس قد طوت حقبة كبيرة من تاريخها كانت شديدة العداء للإسلاميين.
    وأمام هذه المجريات الجديدة على الخارطة التونسية يبرز التساؤل قويا حول ملامح المستقبل السياسي للحركة الإسلامية بوصفها أحد مكونات المجتمع الرئيسية التي عانت في ظل حكم النظام السابق.
    وإزاء ذلك، لا يحتاج المراقب إلى معرفة دقائق الأمور حتى يحكم بأنّ عددا من العوامل تؤثر بشكل أو بآخر في مستقبل الإسلاميين السياسي في تونس.
    من بين هذه العوامل يبرز موقف الجيش، خاصة وهو الممسك حاليًا بزمام الأمور في البلاد، وقد ظهر بمظهر جيد خلال الاحتجاجات، وتردد بقوة الحديث عن دوره في دفع بن علي إلى ترك الحكم والخروج من تونس.
    لكن وبالرغم من أن الجيش يحظى باحترام كبير لدى الشعب التونسي، يتخوف مراقبون من بروز دوره في الأحداث والمستجدات الحالية، مؤكدين على أهمية أن يظل مكان القوات المسلحة الوحيد هو الثكنات وعلى الحدود، بل ومن الأهمية أن لا يكون لها دخل أو علاقة بالسياسة، التي يحسن أن ينحصر الحوار حولها داخل المجتمع المدني.
    ومما يحسب للقيادة العسكرية، تعاملها ـ حتى الآن ـ بروح عالية من المسؤولية مع الأحداث، سواء من خلال العمل على ضبط الحالة الأمنية، أو بترك المجال أمام السياسيين والقوى المدنية للبحث وإنجاز خطوات المرحلة الانتقالية. لكن يبقى الحديث عن حقيقة دور الجيش المستقبلي رهنا بالوقوف على مدى تركه النقاش السياسي حرا بين القوى المدنية. وهنا ما ينطبق على موقف الجيش من كافة الأطياف السياسية ينطبق على الإسلاميين إلا إذا ظهرت مؤشرات على مواقف خاصة من قادة الجيش أو بعضهم تجاه الإسلاميين.
    ومن بين العوامل المؤثرة على مستقبل الإسلاميين، يأتي دور القوى الغربية التي ظلت على مدى عقود تنظر إلى النظام العلماني السابق باعتباره حائط صد أمام هيمنة الإسلاميين، وظلت حريصة على علاقات قوية معه. وبالرغم من أن هذه القوى سارعت إلى تأكيد حرصها على وجود ديمقراطية حقيقة في تونس إلا أن شكوكا عديدة تحيط بمدى تحركها لصالح جهة سياسية دون أخرى.
    وما زالت بعض القوى السياسية تبدي خشيتها من أن تعود فرنسا لتلعب نفس الدور الذي لعبته في دول أفريقية قبل ذلك، بحيث تفرض على التونسيين جنرالا آخرا يلعب نفس الدور الذي لعبه بن علي، ما قد يعيد التونسيين إلى نقطة الصفر.
    وفي محاولة لتبديد مخاوف الغربيين من أن تقع تونس في قبضة الإسلاميين، وذلك إبان الاحتجاجات، قال راشد الغنوشي: إنهم في الغرب "يعلمون أن الإسلاميين ليسوا من يحرك الشارع"، معتبرا ذلك "وهم في الأذهان" كان يروج له بن علي لاستدرار عطف الغرب، مؤكدا على أن ليس في قدرة أي حزب لا الإسلاميين أو غيرهم أن يحركوا كل هذه الملايين في الشارع التونسي.
    ومن بين العوامل المؤثرة على الإسلاميين ومستقبلهم، دور القوى المعادية للتيار الإسلامي في تونس، والتي ترعرعت في ظل حكم نظام علماني متشدد استمر لعقود، وهي قوى مختلفة (سياسية واقتصادية وثقافية) ينظر إلى كونها من مخلفات الحكم السابق الذي اتبع سياسة تجفيف المنابع ضد الإسلاميين.
    فقبيل هروبه بساعات، قال السفير التونسي لدى اليونسكو (المازري حداد) أن بن علي أعرب له عن مخاوفه من وصول الإسلاميين إلى السلطة، وقال حداد لقناة "الجزيرة" أن بن علي أخبره خلال محادثة هاتفية أنه يخشى من وصول من أسماهم "الإخوانجية" في إشارة إلى حركة النهضة. وتابع قائلا: "هل ترضون أن يصل الإخوانجية للحكم؟". وبدا واضحا أن بن علي ظل يستخدم حتى آخر لحظة في حكمه "فزاعة" الإسلاميين، أي التخويف من خطرهم في حال وصولهم للحكم، لتحقيق أغراضه السياسية.
    وخلال إعلانه الاستعداد للعودة إلى تونس نفى زعيم حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي أن يكون ذلك تم باتفاق مع السلطة المؤقتة، وأفاد فقط باتصالات جرت بين الحركة والأحزاب القائمة في تونس.
    وبينما أجرى الوزير المكلف، محمد الغنوشي، مشاورات مع بعض زعماء المعارضة في الداخل
    لبحث ترتيبات المرحلة السياسية المقبلة إلا أن هذه المشاورات اقتصرت على الأحزاب التي تتمتع باعتراف قانوني ولم تتعداها إلى قوى فاعلة ومؤثرة وإن ظلت محظورة بأمر النظام السابق وعلى رأسها القوى الإسلامية على غرار حركة النهضة.
    وفي تصريح له اعتبر القيادي الإسلامي، علي العريض، عدم الاتصال بالنهضة "خطأ يدل على استمرار عقلية إقصاء الإسلاميين، مما يؤشر على عدم حدوث نقلة نوعية"، برأيه. وإن كان لم تتضح بعد حقيقة هذا الإقصاء ومدى استمراريته إلا أن العريض دعا إلى "بقاء الشعب معبأ للدفاع عن أهداف الثورة".
    ودعت قوى المعارضة بكافة انتماءاتها الإسلامية واليسارية والليبرالية إلى إعادة النظر في قانون الانتخابات والأحزاب، التي كانت تحصر الحياة السياسية والانتخابية بيد الحزب الحاكم وحده، مشددة على ضرورة حدوث إصلاح دستوري ينتج مؤسسات ديمقراطية, ويضمن احترام حقوق الإنسان، مع ضمان نزاهة القضاء وحرية الصحافة.
    وقال راشد الغنوشي:
    إن حركته تنتظر تصفية "منظومة الاستبداد", مشيرا إلى الدستور والقوانين "المفصلة على مقاس دكتاتوري".
    ولعله من بين التحديات أمام الإسلاميين، هي قدرة الحركة الإسلامية نفسها على التعامل مع تحديات المرحلة الجديدة.
    وتحظى الحركة الإسلامية في تونس بتاريخ طويل من الصراع أمام النظام العلماني الذي تولى الحكم عقب خروج الاحتلال الفرنسي عام 1956، ومارس عليها عمليات عنيفة من (السجن والإعدام والنفي) بهدف تصفيتها.
    وقد عانت هذه الحركة التي كانت سلمية، في أغلبها، الأمرين سواء خلال حكم الحبيب بورقيبة الذي انتهج علمانية متطرفة، وعادى الأحكام الإسلامية، وتوسع في صلاحياته حتى صار يوصف بالديكتاتور، وأصدرت سلطاته أحكاما بالإعدام على قيادات حركة "النهضة"، والأشغال الشقة المؤبدة على زعيمها راشد الغنوشي.
    أو في عهد زين العابدين بن علي (وصل إلى السلطة عام 1987) الذي رهن بقاءه في السلطة بشعار محاربة التهديد الإسلامي، وشن عدة حملات على الحركة الإسلامية.
    فقد شهد العام 1989 انتخابات تشريعية شاركت فيها حركة "النهضة" الإسلامية تحت لوائح مستقلة. فحصلت على حوالي20% من الأصوات حسب اعتراف السلطة، بما أهلها لتكون بمثابة خصم سياسي للنظام الحاكم، الذي بدأ في مواجهتها، خاصة بعد تقدمها بطلب الحصول على ترخيص قانوني جوبه بالرفض من طرف السلطة.
    ومع مطلع العام 1990 بدأت نذر الصدام بين الحركة والسلطة، التي تبين لها تعاظم قوة التيار الإسلامي واتساع قاعدته الشعبية، فشنت حملة دعائية تهدف إلى عزل الحركة وتشويهها. وقد بلغت المواجهة أوجها في مايو 1991 إذ قالت الحكومة إنها أفشلت مؤامرة لقلب نظام الحكم واغتيال الرئيس بن علي. فشنت قوات الأمن حملة شديدة على أعضاء الحركة ومؤيديها، كان أعنفها في أغسطس 1992 عندما اعتقلت 8000 شخص, وحكمت المحاكم العسكرية على 256 قياديا وعضوا في الحركة بأحكام وصلت إلى السجن مدى الحياة، ولم تتوقف الملاحقات والاعتقالات.
    وفي غمرة المواجهة الدامية مع النهضة تقلصت الدولة إلى جهاز أمني لملاحقة الإسلاميين وكافة مظاهر التدين في المجتمع.
    لكن برحيل بن علي في أعقاب احتجاجات عمت المدن التونسية وقادها بالأساس رجل الشارع العادي تكون تونس قد طوت حقبة كبيرة من تاريخها كانت شديدة العداء للإسلاميين. وهو ما ينتظر الإسلاميون أن يكون لهم جزء من ثمرته باعتبار ما لاقوه جراء وقوفهم في صفوف المعارضة طيلة هذه الأعوام. إلا أن استشراف مستقبلهم يبقى محكوما بما ستئول إليه الأوضاع، وكيف ستتعامل معهم السلطة في المرحلة القادمة؟ وهل ستستمر في سياسة الإقصاء أم يمكن أن نشهد اندماجا للإسلاميين في السياسة؟.
    / علي عبدالعال
    -------------------------------

    السلفيون في تونس.. والمتغيرات الجديدة

    علي عبدالعال

    بدت الشبكات الاجتماعية والمنتديات على شبكة الإنترنت مهتمة كثيرا بمستقبل الإسلاميين في تونس، على خلفية المستجدات التي بات يشهدها البلد العربي بعد رحيل "الدكتاتور"، زين العابدين بن علي.

    ويلحظ المتابع أن أكثر النقاشات أخذت تدور حول عودة القيادات الإسلامية التي كانت تعيش في المنافي، إذ يبدو أن قيادات حركة "النهضة" ليسوا وحدهم من يستعد إلى العودة لتونس، بل ربما يشاركهم إسلاميون عديدون من انتماءات شتى، كان قد فُرض عليهم لسنين طويلة ألا تطأ أقدامها هذه البلاد.

    وتوقع مراقبون ـ إزاء ذلك ـ أن تجد حركة النهضة، التي لم تعد بنفس قوتها كما كانت في الماضي، انتشارا سلفيا كبيرا على الأرض، وهو تيار متصاعد في المجالات الدعوية التي يُغلبها دائما على العمل السياسي.

    وفي حين يتحدث البعض عن منافسة وصراع بين الفصيلين الإسلاميين يذهب آخرون إلى مساحات عديدة للتواصل بينهما.

    وتتحدث أوساط المتابعين للشأن التونسي عن "تيار سلفي جارف" استطاع أن ينمو في البلاد على الرغم من سياسة "تجفيف المنابع" التي اتبعها النظام السابق منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي. ظل هذا التيار يزحف في "صمت" كما يصور الباحث التونسي، صلاح الدين الجرشي، في ظل أجواء معادية لكل ما هو إسلامي.

    وهو تيار لم يكن عابرا على المجتمع التونسي كما ردد البعض، بل إنّ المعطيات تؤكّد أنّنا أمام "حالة ثقافيّة دينيّة سلوكيّة يتبنّاها وينافح عنها بكلّ وثوقيّة فئات من المجتمع، وخاصّة الشّباب"، على حد قول سامي إبراهيم، في دراسته "السّلفيّة في مناخ تونسيّ".

    وقد ظلت السلفية ـ كحال باقي الإسلاميين ـ تمثل هاجسا كبيرا للنظام السابق، الذي اتبعت أجهزته طرقا عديدة في محاربتها، بعضها إعلامي وثقافي وبعضها أمني انتهى بمحاكمة وسجن عدة آلاف من الشباب، بحسب إحصائيات منظمة العفو الدوليّة. وشهد كل من العام 2008 و 2009 تحركات ملحوظة لوزارة الشؤون الدينية (الأوقاف) بإصدار كتب ومطبوعات تدعو إلى التصدي للفكر السلفي الذي تصفه بـ "الدخيل".

    وعقب سقوط نظامه، نشرت وسائل الإعلام وثيقة لوزارة الداخلية في عهد بن علي، بتاريخ 2008م, تؤكد على تشديد الرقابة على السلفيين ومن يتواصل معهم, إلى جانب مراقبة مقاهي الإنترنت، وإحكام الرقابة على المترددين عليها، والنساء المحجبات والمترددين على المساجد. وفي فقرة منها يطلب التعميم "مواصلة الاهتمام بالعناصر النسائية المرتدية للزي الطائفي"، يقصد النقاب و"تعميق التحريات" عنهن.

    وبالرغم من الحديث عن مد متصاعد للسلفية إلا أنه لا يبدو أن السلفيين في تونس منظمون في صفوف ضمن "تيار سلفي" معروف له زعاماته، وناطقون باسمه، وهيكله الحركي والتنظيمي، كما هو الشأن في عدد من البلدان، لكن الثابت أنّ آليات التفكير والروافد العلمية والنقاشات تجمّعهم تحت مظلة منهجية واحدة تقريبًا.

    ويذكر مصدر إسلامي تونسي، تحدث إليه "أون إسلام" أن حركة سلفية كانت قد أنشئت في أواخر الثمانينات تحت اسم "الجبهة الإسلامية التونسية"، ولكنها وئدت بعد أسابيع فقط من تأسيسها، وجرى اعتقال جميع قيادتها والمنتمين إليها. ومن بين قادتها «محمد على حراث» المدير التنفيذي لقناة "إسلام تشانل" الإسلامية المعروفة في بريطانيا، وعبد الله الحاجي (51 عاما) المعتقل التونسي السابق في جوانتانامو، والذي حكمت عليه محكمة عسكرية تونسية
    غيابيا عام 1995 حين كان موجودا في باكستان بالسجن عشر سنوات بسبب الانتماء إلى "الجبهة الإسلامية التونسية"، التي قال الادعاء إنها على علاقة بحركة "النهضة".

    ومن ثم فلا يوجد حتى الآن هيكل منظم للسلفيين، لكن هناك أفراد وشخصيات سلفية معروفة وإن لم تنتظم في هيكل يجمعها.

    ويتزعم الحركة السلفية في تونس، الخطيب الإدريسي (56 عاما) الذي سجنته السلطات التونسية لمدة عامين، وأطلقت سراحه أوائل يناير 2009 بعد إنهائه عقوبة بتهمة «الإفتاء بقيام عمليات جهادية وعدم الإرشاد عن وقوع جريمة»، بالرغم من أن المحامين قالوا أنه «لم يرتكب من الجريمة سوى إبداء رأيه في بعض المسائل العقائدية والفقهية».

    اشتهر الإدريسي بعد عودته من المملكة السعودية عام 1994، ولمع اسمه خاصة في أوساط الشباب الإسلامي، وصار يقبل عليه التونسيون للإفتاء في الأمور الدينية، وأصدر عددا من الكتب منها: «صفة الصلاة»، و«كتاب الأذكار»، و«ترتيل القرآن».

    لكن يقول المتابعون لتطورات الحركة السلفية في تونس، إن الجيل الجديد من الشباب السلفي هناك لم يسمع من الشيخ الإدريسي، بل تعلّق بمشايخ ودعاة من مصر والخليج بعضهم توفيّ منذ سنوات وبعضهم لازال حيا، على عادت أصحاب الدعوة التي تستند أساسا إلى المنهج المأخوذ عن سلف الأمة من الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب.

    فقد كشف تقرير أصدرته "الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين" تضمَّن تحليلاً لملفات (1208) من المعتقلين السلفيين تحت طائلة قانون الإرهاب لعام 2003. أن الشريحة العمرية الرئيسة لهؤلاء تتراوح بين 25 و30 عامًا. وهي قد تنخفض أحيانًا لتصل حدود 19 عامًا. أما بالنسبة للتوزيع الجغرافي، فإن 46% منهم ينحدرون من مناطق شمال تونس، و31% من وسط البلاد، في حين أن 23% فقط هم من أبناء الجنوب.

    وفي إطار "عولمة الإسلام" التي امتدت إلى الأرض التونسية "العطشى" تمكن هؤلاء من التواصل من وراء الجدر التي وضعها النظام السابق، سواء عبر الإنترنت أو بمتابعة القنوات الفضائية، مستفيدين من التكنولوجيات الحديثة. إذ كان يمكن للمتابع أن يلاحظ نشاطات السلفيين في تونس عبر الشبكات الاجتماعية والمنتديات التي سهلت عليهم تقاسم مقاطع الفيديو والفتاوى التي تصدر عن شيوخ السلفية هنا وهناك.

    وينسب للقنوات الفضائية دورا كبيرا في هذا المد السلفي، بعدما كانت السلطة قديما هي التي تحتكر الإعلام وصناعة الرأي العام وتوجيهه. فالأجهزة الأمنية "يمكن أن تمنع اجتماعًا، وتصادر كتبًا، وتعتقل أشخاصًا، وتحكم قبضتها على المساجد، وتمنع الآلاف من السفر"، على حد قول الجرشي، لكنها عجزت عن الوقوف في طريق موجات البث التي استطاعت أن تصل إلى الشباب التونسي من بعيد.

    وتتوزع السلفية التونسية بين رافدين أساسيين: السلفية العلمية، وهي سلمية ونشاطها دعوي بالأساس، ويركز دعاتها جهودهم على الجانب الفقهي والعقائدي وطلب العلم الشرعي، وهم يتقيّدون بالمراجع الشرعية وفتاوى كبار علماء السلف.

    وتيار "السلفية الجهادية"، وهذا الأخير بدأ يحقق انتشارا متزايدا، وانخرط فيه تونسيون شاركوا في عمليات جهادية كان أكثرها خارج بلادهم، خاصة في أفغانستان والعراق والجزائر وموريتانيا وليبيا، وعدد من المناطق الساخنة عبر العالم.

    فقد أثبت محامون من خلال تحقيقات الشرطة التونسية مع المئات من الشباب السلفيين الذين جرى اعتقالهم خلال السنوات الماضية، أن اهتماماتهم لم تكن محلية، بل كان كل همهم التطوع للجهاد في العراق، أو السعي للتدرب في الجزائر، بغرض الانتقال إما للعراق أو أفغانستان أو حتى الصومال، ولم يثبت من ملف أي معتقل أنه كان مهتما بشكل خاص بما يجري في الساحة التونسية.

    أما المجموعة التونسية الوحيدة تقريبا التي نسب إليها القيام بأعمال في البلاد، فهي مجموعة "جند أسد بن الفرات"، التي اتهمت بالسعي لقلب نظام الحكم عام 2007 بالتعاون مع الجماعة السلفية للدعوة والجهاد في الجزائر (تنظيم القاعدة). وقد دفع أكثر المتهمين فيها بأنهم لازموا الجماعة المسلحة في محاولة للتخلص من "مضايقات" الشرطة لهم لكونهم ملتزمين دينيا وملتحين ويترددون على الجوامع، حسب تقارير صحفية.

    --

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    / علي عبدالعال
    [FONT='comic sans ms', sans-serif]صحفي مصري[/FONT]
    0126656895 002
    [FONT='courier new', monospace]Ali Abdelaal[/FONT]
    Egyptian journalist
    http://ali-abdelal.maktoobblog.com/
    التعديل الأخير تم بواسطة يسري راغب; الساعة 21-01-2011, 07:51.

    تعليق

    • يسري راغب
      أديب وكاتب
      • 22-07-2008
      • 6247

      #3
      أقطعناك تونس مدى الحياة
      ثم لنسلك من بعد .. وإلى أبد الآبدين ..!
      حبيب عيسى
      ( 1 )
      أعترف بداية أنني مدين للسيد الرئيس زين العابدين بن علي رئيس الجمهورية التونسية بموقفين فريدين تميز فيهما عن نظرائه من الحاكمين يفصل بينهما أكثر من عشرين عاماً .
      o الموقف الأول : كان منذ أكثر من عشرين عاماً عندما رفعّ نفسه من مخبر في وزارة الداخلية إلى رئيس لجمهورية تونس إثر انقلابه على ولي نعمته الحبيب بو رقيبة .. يومها أطل علينا سيادته بصوت يتهدج تأثراً ليعلن موقفاً لم يسبقه إليه أحد من المتحكمين بمصائر العرب ، قال يومها بنبرة عسكرية حاسمة : لقد آن الأوان أن تنتهي من حياتنا تلك المرحلة التي يحكم فيها الحكام مدى الحياة .. ثم أتبع ذلك سيادته بدرس رصين مؤثرّ عن الحرية ، والديمقراطية ، والرأي، والرأي الآخر ، وإرادة الشعب ، وحكم الشعب ، وتداول السلطة .. وإلى آخره …!
      أعترف ، أنني يومها ، حاولت أن أتفاعل مع هذا الوافد الجديد علينا ، رغم تجاربي المرة مع أمثاله ، حاولت أن أصّدقه .. فلعّل ، وعسى ..!، الغريق يتعلق بقشة كما يقولون ، ولكنني أعترف أيضاً أنني لم أستسغ هذه الفكرة التي تهدد الاستقرار ، والخصوصية ، وتشّكل خروجاً على السائد ، وحاولت أن أجد له العذر في ذلك ، فقد يكون سيادته قد تفوه بتلك العبارات ” النابية ” لأنه مازال حديثاً في نادي الرؤساء ، وأنه لم يكتشف بعد قدراته الخارقة الاستثنائية التي لا مثيل لها ، ولا نظير ، ولا تتوفر لأبن أنثى ، أو رجل في تونس .. وبالتالي فإنني لم افقد أملي بأن سيادته سرعان ما سيدرك الخطأ الذي وقع فيه ، وسيكتشف أنه لا بديل له في تونس ، وأنه سيرضخ للإرادة الخفية التي لا راد لها ، وسيتواضع في حكم تونس مدى الحياة الطبيعية على الأقل مع السعي الحثيث لتمديدها بإطالة عمر خلايا سيادته اعتماداً على تطور العلم ، والخلايا الجذعية ، لكن سيادته في الأحوال كلها مطمئن إلى مستقبل تونس ، فالسيدة الأولى قادرة على أن تقوم بدور الوصية على الوريث حتى يبلغ سن الحكم إذا لا سمح الله … ، ولا نقول سن الرشد .. لأن الرشد قد يطيح بهذا الاستقرار ، وتلك الخصوصية العربية الفريدة .
      o الموقف الثاني : الذي أدين فيه لسيادة الرئيس زين العابدين بن علي كان دعوته منذ أسابيع إلى استفتاء حول رئاسة الجمهورية ، ذلك أن سيادته لم يقبل التمديد الحكمي مدى الحياة ، رغم الثقة بأنه لا بديل له ، ولا نظير ، وهذا تواضع من سيادته ، لكن يشاركه فيه الكثير من أقرانه ، الموقف الجديد ، الذي تميز فيه ، كان في النتيجة حيث جاءت نتيجة الاستفتاء بأرقام لم تعتد عليها الآذان العربية .. 89.99 بالمائة ، لقد خيب شعب تونس الآمال ، فمن هم هؤلاء العشرة فاصلة واحد بالمائة الذين قالوا : لا ، لسيادته ، إنهم لا شك ناقصي عقل ، ودين ، ونطالب على الفور بالحجر عليهم في مصحات عقلية ، حتى لا ينتشر وباء هذه ” اللا ” اللعينة ، ونطالب تضامن جامعة الدول العربية ، ومجلس الأمن الدولي في محاربة هذا الوباء .. ذلك أنه كان قد تم التساهل مع الواحد بالعشرة من المائة خلال العقود المنصرمة حيث كانت النتائج 99.99 بالمائة على مدى النصف قرن الأخير ، وهذا أدى إلى انتشار جرثومة ” لا ” لتصل إلى هذا الحد الخطير .. وإذا لم تتضافر الجهود المخلصة فإن هذا يعني انه بعد قرنين من الزمن أي بحدود عام /2210/ ميلادية قد يحكم تونس حاكم ضعيف عاجز لا حول له ولا قوة ، ولا سطوة في حدود الخمسين بالمائة ، وهذا يهدد الاستقرار والديمومة ، والخصوصية ، والنمو ، والسياحة ، والصمود ، بل أن هذا الوباء في هذه الحالة لن يقتصر على تونس بل قد يمتد ليهدد الاستقرار والخصوصية .. في سائر أرجاء الوطن العربي ، لذلك لابد من إعلان النفير القومي العام ، واستنفار المخبرين ، والبصاصين ، والتشدد في إعلان حالات الطوارئ ، وتعميمها ، والضرب بيد من حديد في سائر الاتجاهات حفاظاً على هذه الرموز النادرة الوجود في هذا العصر ، والذي تنفرد الأمة العربية ، دون سائر البشر بتربعهم على رؤوس أبنائها …
      لكن ، ما أعاد الطمأنينة إلى نفسي هو، أنني لجأت إلى أحد الخبثاء ، أو العقلاء على الأصح ، أبث إليه هواجسي ، فسخر من مخاوفي ، وقال بهدوء ، ورصانة ، وجدية : لا تخشى شيئاً يا صديقي ، ذلك أنهم يفتتحون المزاد دائماً بالـ 99 بالمائة ، ثم ، وبعد استقرارهم على العروش ، واقتراب التسليم لمن يختارونه من نسلهم ، يتنازلون طواعية عن هذه النسبة ، حتى إذا جاء الوريث عاد إلى النسبة الأولى 99 بالمائة ، وهكذا في دائرة مغلقة .. وأضاف صاحبي ، وهو يودعني مطمئناً : لا تخشى شيئاً يا صديقي بإمكانك أن تنام ملء جفونك ، فالمستقبل العربي مضمون ، وممسوك ، ومستقر ، لا تشوبه شائبة ، والهواجس التي تنتابك ما هي إلا من عقابيل مرحلة أحلام الحرية المنهارة , التي مازال يعيش فيها المتوترين ، الموتورين أمثالك .. وأضاف إنني أنصحك بأن تعرض نفسك على طبيب نفسي ، وأنا مستعد أن أصطحبك إذا قررت ذلك .. قلت له : لا ، لا اعتقد أن الحالة تفاقمت إلى هذا الحد بدليل أنني اقتنعت برأيك ، وعادت الطمأنينة إلى نفسي ..
      ( 2 )
      لكنني ، أعترف مرة أخرى ، أنه ما أن أغلقت على نفسي باب مكتبي حتى عادت الهواجس اللعينة تطاردني من جديد إلى درجة أنني عدت أشكك بقدراتي العقلية ، خاصة ، وأن ذاكرتي أعادت عرض تلك الحلقة التي شاهدتها على إحدى الفضائيات منذ أيام عندما اعترض أخي من تونس المنصف المرزوقي على نسبة التسعينات في المائة التي تتسم بها ظاهرة الاستفتاءات الرئاسية ، فسخر منه واحد من لاعقي الأحذية في بلاط القصور الرئاسية في تونس داعياً إياه التوجه فوراً إلى إحدى المصحات العقلية .. عندها تذكرت على الفور الحالة التي أنا فيها .. وقلت بيني ، وبين نفسي ، لا بأس ، فقد نلتقي أخيراً أنا ، والمنصف المرزوقي في إحدى المصحات العقلية .. ثم ، ولكي أهوّن الأمر على نفسي .. عادت ذاكرتي تسعفني بقائمة طويلة من الأفذاذ الذين اتهموا بالجنون على مدى العصور البشرية ، لم يكن سقراط أولهم ، ولن نكون ، المنصف المرزوقي ، وأنا آخرهم ، ثم ، كم من المحارق نصبت للعلماء ، وكم من المقاصل دقت أعناقهم ، وكم من الزنازين المظلمة احتوت أحلامهم حتى أن الشواهد مازالت حية في الأذهان عن المصحات العقلية الجماعية التي شيدتها سلطات حديثة للمعارضين … ورغم أن اغلب تلك السلطات قد اندثرت ، فإن بعضها مازال حياً يسعى ..
      في خضم هذه الأجواء الخانقة التي تحاصرني من الاتجاهات كافة جاء الفرج فجأة عندما نبهتني ذاكرتي ، وكأن يد غامضة نقرت على فأرتها ، إلى أنني منذ عدة أشهر قد أعلنت جهاراً ، نهاراً ، عن تغيير ” اللوك ” والخروج من دائرة الأفكار البائدة عن الحرية ، والديمقراطية ، والعدالة ، والمساواة ، والمواطنة ، والأمة الواحدة العصية على التفتيت الإقليمي ، والطائفي ، والمذهبي ، والديني ، والإثني .. لقد ذهب العمر هباء ، ولم يتبقى منه إلا القليل ، القليل ، الذي قررت أن أمضيه بالفرجة على “هز النواعم” ، وتتبع أبواط المتلاعبين بالكرة ، عوضاً عن ملاحقة المتلاعبين بالأوطان ، وتعويضاً عن الأيام العجاف ، فماذا جرى .. ؟ ، وما علاقتي بما يجري ، أو سيجري … ؟ وهل يستحق استفتاء تونس الرئاسي كل هذا العناء ، ليعيدني إلى أجواء الإحباط ، والهموم ، والجنون ..؟ .. ألم أتعهد على الملأ بتغيير ” اللوك ” ، وهل يليق بي ، بعد كل هذا التاريخ الحافل بالهزائم ، والخيبات أن تلصق بي ، أيضاً ، تهمة النكوص عن عهد قطعته على نفسي في العلن …؟ .
      ( 3 )
      لكن الطبع غلب التطبّع على ما يبدو ، كما يقولون ، وهذا ما يجب مواجهته ، بموقف حاسم حتى لا أنزلق مرة أخرى إلى المتاعب ، دعونا نحلل بعقلانية ، فالمشهد ليس تراجيدياً ، ولا سريالياً ، ولا درامياً ، إنه مشهد كوميدي بامتياز .. وبالتالي دعونا نسخر من أنفسنا ، دعونا نرى الواقع من الزاوية الأخرى الكوميدية ، ولنبدأ من المحيط حيث الجنرالات في موريتانيا لم يحتملوا نتائج الانتخابات الديمقراطية سوى أشهر قليلة ، على الشمال من ذلك في المغرب حيث تعمل لجان الأنصاف والمصالحة لكن الصحفيين يعتقلون بجرم المس في الذات الملكية “المس بالذات الإلهية لا باس عليه” ، إلى الجزائر حيث سيترحم الجزائريون على أبو تفليقة عندما سيّطل عليهم إبن تفليقة ، إلى ليبيا حيث ظهر النقيب كأمين للقومية العربية ، وما أن ترفع إلى عقيد حتى بات أميناً للقومية الأفريقية ، ذلك أنه تنبأ بأن “السود سيسودون” في كتابه الذي كان أخضراً .. والوريث الولد بات كبيراً ، وجاهزاً …
      ثم إلى الكنانة ، حيث حسني أدى بالمصريين إلى الترحم على غليون أنور السادات الذي ذهب إلى الصهاينة ، حسني يستقبلهم في قصوره المنتشرة من القاهرة إلى شرم الشيخ حتى لا يحّملهم أعباء الضيافة ، والوريث تم تربيته “على الغالي” وبات جاهزاً .. وأولئك الذين يقولون ، ويصرخون ” كفاية ” ليسوا إلا حفنة مجانين .. ” كفاية إيه يا ولاد الأيه .. هو انتو لسه شفتوا حاجة .. ” ، ثم إلى السودان المثخن بالجراح التي يرقص عليها بالعصا سيادة الرئيس “ولا هز النواعم”.. إلى الصومال حيث تقام الحدود تقتيلاً في كافة الاتجاهات والذبح الحلال على الطريقة الإسلامية والأسلحة من النظام الأرتيري الذي تديره الذي تديره “أسرائيل”، إلى اليمن حيث الدماء تسيل غزيرة إلى أن يحسم الرئيس الصراع بين ولديه المدللين ترى من منهما سيرث اليمن ، ومن عليها ..؟ حتى يبقى اليمن سعيداً بكل هذه الدماء ، وبالوريث القادم .. وإلى آخرهم من أصحاب الجلالة ، والسمو ، والنيافة في الخليج الذي تتهدد هويته العربية تهديداً شديداً من الناحية الديموغرافية ، ورغم ذلك ، فإن هناك اعتذار واجب من مظفر النواب ، وكأني ، بلسان حاله ينشد على طريقة بدوي الجبل :
      عفواً قابوس ومعذرة أجراس النهضة لم تقرع
      لو أكمل الأدعياء زحفهم لكانت سياطهم بالشعب تلسع
      و بسوطك الرحيم تحلم
      وصولاً إلى تلك الكيانات التي تم النص في وثائق ولادتها على أنها ملكية لفلان الفلاني ثم هي أرضاً وشعباً وثروات وراثة في أبنائه من بعده ، ثم إلى العراق المثخن بالغزو والفتن ، وليس انتهاء بعباسية رام الله ، وغزة الهنية … ومستوطنات الصهاينة التي تشكل جزءاً أساسياً من المشهد المأساوي ، الكوميدي ………..
      ( 4 )
      عند هذا الحد تنبهت .. إلى أنني أناقض نفسي ، بنفسي ، فالمشهد ليس كوميدياً بالكامل ، إنه خليط من الكوميديا ، والسريالية ، والتراجيديا ، والدراما ، والمونودراما .. وأنني مطالب قبل أي أحد أن أحسم موقفي نهائياً من مسألة تغيير ” اللوك ” وأن اعترف أنني عجزت عن الخروج من المأزق ، فلا العزلة وفرّت الحل ، ولا الأساليب ، والأدوات ، والإمكانيات متاحة للعمل العام .. ولا “هز النواعم” كان هو المخرج … ثم ، ثم ماذا ؟ وجاء الجواب من داخلي حاسماً : لاشيء ، لاشيء على الإطلاق لقد كسرنا الدف وبطّلنا الغناء ، لا علاقة لي بكل هذا … ألم أتجاوز من الناحية الفيزيولوجية مرحلة الانخراط في مغامرات جديدة .. من أي نوع كانت ، حتى على الصعيد الشخصي ..؟ .
      وعند هذا الحد ، أيضاً ، تناهى إلى مسامعي قرع الطبول ، وبدأ القرع يقترب ، ويشتد عنفاً ، إنهم يزفون الرئيس إلى قصور تونس .. والطبل يقترب ، ويقترب ، وهناك من ينشد على طريقة المتنبي:
      لا تشتري الطبل إلا والعصا معه إن الطبول من جلود الخنازير
      لا تقربوهم إلا مكمّمة خشومكم تفادياً للعدوى بإنفلونزا الخنازير
      هنا انتفضت من فراشي مذعوراً …. لقد كان كل ما تقدم كابوساً ثقيلاً ، وضعت رأسي تحت مياه باردة ، وأنا أردد : “اللهم اجعلوا خير ..” ، وقد كان لزاماً عليً أن أوضح موقفي من كل ما جاء في هذا الكابوس الثقيل ، منعاً لأي التباس ، وها أنا أعلن على الملأ إخلاء مسؤوليتي تماماً من كل ما جاء في هذا الكابوس المريع ، جملة ، وتفصيلاً ، وإنني أؤكد على موقفي الثابت ، الذي لا عودة عنه ، بتغيير “اللوك” ….
      ( 5 )
      في مواجهة ذلك كله .. وتوثيقاً للموقف أقترح عليك يا أخي يا منصف ، يا مرزوقي ، أن نعرض نفسينا على طبيب نفسي يرشدنا سيكولوجياً ، أنت حيث أنت ، وأنا حيث أنا … لأن التقاء المغرب العربي بمشرقه العربي ممنوع … ثم نتبادل الإرشادات التي تلقيّناها .. علنّا بذلك نصل إلى حل .. يخرجنا مما نحن فيه .. ويمنع عنا مثل تلك الكوابيس المؤلمة ، اللعينة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
      حــبيب عـــيـسى
      www.al-taleaa.net
      التعديل الأخير تم بواسطة يسري راغب; الساعة 21-01-2011, 07:53.

      تعليق

      • يسري راغب
        أديب وكاتب
        • 22-07-2008
        • 6247

        #4
        بداية الاستمرارية
        فقراء تونس يهزون عرش الطاغية

        د.محمد رحال

        السويد/2010/12/30

        فجأة ... وبعد عشرة أيام من انتفاضة فقراء تونس وشرفائها ..فجأة اكتشف طاغية تونس أن هناك أزمة تنمية في الجنوب التونسي وفي تونس عامة ... وفجأة عرف الطاغية أن هناك قطاعات تحتاج إلى ستة مليارات من الدنانير للتنمية ، وفجأة اكتشف طاغية تونس أن هناك شابا احرق نفسه قهرا بسبب الظلم الفادح الذي لم يحتمله عقله المثقف ... وفجأة اكتشف الطاغية أن هناك أطرافا خارجية تحاول النيل من وحدة تونس وتنميتها ، ولكن العصابة التي من حوله والتي كتبت له الخطاب لم تكتب له أن السبب في الثورة هو الظلم المتراكم والذي لم يعد يطاق.

        كان ذلك من خلال خطاب باهت يشبه في شكله خطاب الطاغية الذي أحس بان بنائه العنكبوتي من أجهزة الأمن المتراكمة توشك على الانهيار أمام زحف الشعب بعد أن وصل ظلم السلطة والتي وصفتها وثائق ويكيلكس بأنها سلطة مافياوية ولاتحب الاستماع لنصائح احد .

        النظام الكرتوني والذي دفع ملايين الدولارات من اجل شراء شهادات حسن سلوك من منظمات مشبوهة للإيحاء أن هذا النظام هو نفسه نظام العدل السماوي والذي وصل بفضل العقلية المميزة للعبقرية المتميزة للطاغية المميز ، هذا النظام انكشف فجأة وأمام العالم بعد أن انفجرت الدملة المتقيحة لمساوىء النظام ، وكشفت مافي داخلها من قيح متراكم عمره أكثر من نصف قرن ضاع فيها خيرة أبناء الشعب العربي في غيابات وظلمات نظام سرق الثورة من أبنائها بعد أن اغتال الطاغوت الأول وبمساعدة من فرنسا كل مجاهديها ، وادخل البلاد تحت حكم وسيلة بن عمار ، وادخل تونس في ضياع تاريخي وثقافي ، فلم تعد تونس بلد عربي أو إسلامي أو افريقي أو فرنسي ، فقد نزع المجاهد الكبير بورقيبة كل تاريخ تونس ليصبح هو وحده لاشريك له التاريخ الأوحد لبلد كان من اشهر منابع الإسلام في شمال أفريقيا ، ثم تبعه ضابط الأمن الذي اختار زوجته الحلاقة ليلى الطرابلسي بعد أن نزعها من زوجها بالقوة ، وما أن أصبح رئيسا تاريخيا لتونس حتى تربعت هي على عرش الإمبراطورية التونسية ، وحولت تونس الجميلة إلى مستعمرة لها ولإخوتها وأخواتها ، وتحول الشعب التونسي الى مجرد اجراء وظيفتهم إنشاء قصائد المديح لجمالها ولحكمة زوجها المجرم ضابط الأمن السابق ، وانصرف الإعلام لتشجيع العهر والرذيلة وهما صفات النظام ورجاله .

        http://ra7al.wordpress.com/

        ان التغيرات والترقيعات الوزارية التي قام بها الطاغية بعد تهديده ووعيده تفصح عن مدى تخبط النظام الذي دهش من هذه الهبة الشعبية والتي قادها رجال القانون في بلد سرق منه القانون واختطف من قبل عصابة منظمة واسوأ مافي تلك الترقيعات هو تغيير وزير الشؤون الدينية المجوسي بالرغم من عدم وجود أي ارتباط بين انتقاضة سيدي بوزيد وبين الوزير المجوسي ، ولكن الطاغية يعرف جيدا انه وراء سلخ تونس العربية الاسلامية عن جلدها ، وهو يدرك مدى الاذى والحرب الشاملة التي يشنها الطاغية على اسلام تونس وتسهيل نشر الرذيلة عبر وسائل الاعلام والثقافة والتربية والتي سلمها الى مجموعات تنتمي الى البهائية اخطر جماعة تحارب الاسلام والعروبة .

        إن خطاب الطاغية يكشف عن ثقة عمياء بنظامه الأمني وبالدعم الصهيوني الذي يؤمن له التغطية الكافية ، فعندما يتحدث الطاغية عن ثورة شعبية يقودها رجال القانون في دولة الظلام ويصفها بأنها تشوه وجه تونس ،وهو تعبير وقح وجاهل ، وكأن الطاغية الغبي يعيش في كوكب آخر ولايعرف أبدا أن العالم كله يتحدث عن طغيانه وعن العصابة من حوله والتي تدير التجارة بالمخدرات والرقيق والشعب وكل شيء ، وان مايسمى باستثمارات السياحة ليست إلا المخطط الغربي الصهيوني لتحويل وإغراق تونس في وحل السياحة الأوروبية.

        نعم .. إن طاغية تونس وبعد ثلاثة عقود من حكمه الديكتاتوري اكتشف أن هناك مشاكل في التنمية ، وان هناك تمييزا في المعاملة ، ولكنه لم يكتشف أبدا أن أكثر من نصف شباب تونس هرب من تونس على ظهر القوارب مخاطرين بأرواحهم من اجل الوصول إلى اقرب ارض أوروبية من اجل الحصول على أدنى حد من حلم العيش .. ووحده الله العلي القدير يعلم كم هي معاناة هذا الشباب في تلك البلاد التي يحاربهم فيها أهلها ونظامها وترابها ، ويتسابق الكثيرون منهم للعمل في أسهل تجارة وأخطرها وهي تجارة المخدرات ليدخلوا السجون ، وتنتهي حياتهم إلى أصناف مختلفة من الإجرام ، ومن ينجح في تجارته فانه يحصد المال ليعود به لتسرقه منهم عصابة المافيا التي تلتف حول الطاغية ، وهي عصابة سرقت كل شيء في تونس ولم تترك للشعب الفقير وصاحب الأمجاد التاريخية إلا الفقر وعصا بن علي الغليظة ، ومعها سجون هي من ارهب السجون في العالم اجمع وأقساها واشهرها.

        نعم .. لقد انحنى طاغية تونس للعاصفة ، ولكنه كضابط امن مازال يحمل عصا الإرهاب بالرغم من أن عرشه اقترب كثيرا من السقوط في الهاوية ، ولم يستطع أبدا طاغية تونس أن يخدع الشعب التونسي الذي أدرك انه لو فشل في إسقاط الطاغية فان عصا الطغيان ستنال من الجميع وعلى دفعات ، فتاريخ هذا المجرم في الطغيان هو تاريخ حالك السواد ، ولقد حاول أن يلتف على انتفاضة الشعب التونسي بان يدعو القيادات العمالية المأجورة إلى قيادة التظاهرات من اجل سحب البساط من تحت أرجل الثائرين ، ولكن فطنة الشعب التونسي والذي يعرف أحابيل الطاغية فوتت عليه الفرصة وحولت اليد العمالية إلى جانبها ، وانضم لها طبقة كبيرة من المثقفين والمحامين ، وسارت إلى الأمام لتعم اغلب البلاد التونسية بحيث أن الطاغية أمر بان يوضع يخته الرئاسي في حالة استنفار وتأهب قصوى وكذلك الطائرة الرئاسية، وقد لايجد الوقت الكافي لترحيل راعية عصابة المافيا ليتركها غنيمة في يد الثائرين من رجال واسود تونس ثم يطلق رجليه للريح مغادرا إلى قصره الذي بناه في أقصى بقاع الأرض إلى جانب لاعب الكرة رونالدو في الأرجنتين ، وهناك يلعبان الكرة سوية، وهناك يفتح أكياس المال التي سرقها الطاغية من ملايين الشعب التونسي ودفعهم للخروج طلبا للعمل في بلاد الله الواسعة ، أو لإشعال أنفسهم حرقا احتجاجا على ظلم عمره أكثر من نصف قرن عاشها أبناء تونس في شعارات لاتسمن ولا تغني من جوع ، حالهم حال بقية الأقطار العربية والتي فيها نفس الحالة التونسية من ظلم وحكم مافياوي ، والذين يملأ حكامها أكياس المال هربا بها خارج البلاد بانتظار انتفاضة عارمة تطيح بهم .

        الإعلام العربي الأعمى والذي يصور انقلاب حافلة في النرويج ، وسقوط شجرة في زيمبابوي ، وموت بطة في فيتنام ، واحتجاج متظاهرين أمام البيت الأسود في واشنطن، هذا الإعلام لم يشاهد المظاهرات والثورة العارمة ضد طاغوت تونس ورئيس العصابة فيها ، ولم يشاهد الإعلام العربي الهتافات المرفوعة ضد العصابة الحاكمة ، والتي فسرتها السلطة الغاشمة أنها مجرد سوء فهم ، واكتفت محطتين فضائيتين ببث بعض مايحصل في غالبية المدن التونسية ، ومع الإعلام العربي المتصهين أيضا فان وكالات الأنباء العالمية وقفت عاجزة عن بث صورة واحدة لما يحصل على ارض تونس في مؤامرة واضحة المعالم تقودها إمبراطورية الشر الصهيونية والتي اتخذت من هذا الطاغوت حمارا لتنفيذ مآربها ، وهو الذي قدم لهم أفضل رجالات النضال الفلسطيني والمعروف بابي جهاد وعلى طبق من ذهب لتقتله العصابات الصهيونية على ارض تونس وأمام عيون رجال امن الطاغية والذي سهل لهم كل شيء ، هذا الطاغية الذي حول تونس أرضا للرزيلة والخنا ، واغتصبت في أقسام الشرطة الكثير من صاحبات أغطية الرؤوس أمام رجالهن عنوة ، والذي حارب الله وسجن الفضيلة ثم انصرف إلى مكة المكرمة يطلب الحج ، والغريب أن من يحكم ديار الحج سمحوا لهذا الطاغية بالحج في الوقت الذي حرم منه شيخ كراشد الغنوشي ، فبأي الاء ربكما تكذبان .
        إن أسوأ من رأيت في هذه المحنة التي يمر بها أبناء تونس في انتفاضتهم وثورتهم هو تقاعس الجمعيات والأحزاب الإسلامية واليسارية على حد سواء في تونس والبلدان العربية والأوروبية ، والعجيب أني سمعت أنهم ينتظرون النتائج ويراقبون رجحان كفة الميزان ، وهو نوع من أنواع الانتهازية الوقح والذي يعبر عن إفلاس هذه الأحزاب والجمعيات والتي تحولت من عبادة الله إلى عبادة التنظيمات في لعبة انتهازية مكشوفة ولهذا فانه لابد لنا من توجيه تلك الانتفاضة الشعبية العارمة في تونس إلى ضرورة اختيار قيادتها وبشكل عاجل وان تكون بداية في اختيار مائة ممثل منتخب من كل مدينة ، وعلى شكل عشرة ممثلين من كل نقابة عمالية أو مهنية أو ثقافية يستبعد منها كل من هو منتخب من قبل الطاغية وأعوانه وبهذا فان الشعب باستطاعته أن يختار وبأقصى سرعة قيادته الشعبية والمستندة إلى ارض الواقع وليس من قبل من فر وترك البلاد وجلس ينظر في الخارج ، أو ممن ينتظرون ماستؤول إليه الأوضاع
        إن أي تهاون من قبل الثوار في الانكفاء والاستسلام لبعض مغريات السلطة هو انقلاب على الثورة ، وانكفاء الثورة التي حنى النظام رأسه مؤقتا لها يعني أن البلاد ستعود إلى قبضة هي أسوأ مما كانت فيه وتهديد الطاغية واضح لم تستطع طبيعته الأمنية أن تخفيه ، ووعوده الكاذبة لن يصدقها احد ، فهي مجرد وعد من وعود الراعي الكذاب والذي كذب على مدى ثلاثة عقود من حياة شعب كامل ، وان وعوده لايمكن تصديقها إلا في حالة واحدة وهي تطليقه لزوجته ليلى وإعادتها إلى عصمة زوجها وسجن كل العصابة المافاوية التي تسرق البلاد وتبيعها والذين حولوا تونس إلى نقطة أمنية يراقب فيها الابن أباه والبنت أمها حفاظا على المكتسبات الثورية لعائلة زين العابدين وأقارب زوجته تجار المخدرات ومصاصي الدماء ، وظهور الطاغية وهو يستقبل والدة مفجر الانتفاضة ضد الطغيان هو دليل اهتزاز العرش الإمبراطوري للطاغية والذي تعتبره الصهيونية من امتن العروش وأقواها ، وتعتبره الأنظمة العربية مرجعا في استلهام الدروس القمعية ولهذا فإنها اختارت العاصمة التونسية مقرا لوزراء الإجرام العرب.

        إن الثورة الشعبية في تونس لاتحتاج أبدا إلى رسائل تأييد ، أو رسائل استنكار ، ولا إلى صفحات هنا وهناك ، وإنما إلى دعم مباشر على ارض الواقع خاصة وان النظام العربي الرسمي القمعي الديكتاتوري فتح باب المساعدات الطارئة لانقاذ اسوأ نظام قمعي عربي كي لاتنتقل عدوى الثورة الى البلدان العربية الاخرى والتي لاتختلف في شيء عن حالة نظام اللصوص في تونس، بل وان دولة عربية جارة لتونس تعلن فتح ابوابها لشعب تونس وعمالها من اجل انقاذ الطاغية من بحيرة الغضب الشعبي العارم في تونس المختطفة من الطاغية ورجاله وحواشي زوجته ولماذا لم تفتح تلك الحدود قبل ذلك.
        -------------------------------
        الاذان والرئيس
        الأذان يلوث البيئة في تونس
        د.محمد رحال
        السويد/2010/12/25
        -----------------------------
        لم يكن بيد السيدة المستشارة أي حلول لهذه الظاهرة المتفشية للتلوث السمعي في الآذان ، ولكني فكرت باعتباري أيضا اعمل في مجال الاستشارة في حل عملي لهذه الظاهرة التلويثية ووجدت أن من انسب الحلول لها هو استبدال المؤذنين من الرجال ببعض المطربات من صاحبات الصوت الجميل ممن هم على شاكلة لطيفة التونسية ، وان يساهم الأخ العزيز لطفي بوشناق في تلحين الآذان بعد أن تعدل صيغة الآذان وتحول إلى :

        يااحباب ربنـــــــا تعالوا صلوا عندنا

        انتو انتو أحبابنا انتو انتـــو أحبابنا

        والزين صار ربنا والزين صار ربنـا
        إن شكل المستشارة المنزعجة من الأذان ليس غريبا علي ابد فهي من الحيوانات المألوفة لدي ، وهذه الأشكال الشيطانية واللواتي شفط الشيطان منهن أي حظ من الجمال أو الأدب أو الأخلاق أو البصيرة لم يجدن للظهور مكانا إلا عبر مهاجمة الإسلام وقدوتهم في ذلك العجوز الشمطاء نوال السعدواي والتي حشدت كل العادات والخرافات الفرعونية السيئة وألصقتها في الإسلام ، ثم هاجمت الإسلام مستغلة جمهورا نائما ، وأحزاب إسلامية لايهمها إلا أحوال التنظيم وزيادة إعداده وأنظمة جاهلة تنتشي لسب العروبة والإسلام ، وهؤلاء الحيزبونات وعلى رأسهم السيدة المستشارة المنزعجة واللواتي ركبن مايسمى لعبة قطار العلمانية ومحاربة الرجعية ، ونسيت تلك المستشارة الكبيرة أنها بعلمها وعلمانيتها ونظارتيها الواسعتين ومعها طابور الحمير من دعاة الفرنسة والعلمانية والتغريب في تونس، تحكمهم جميعهم ومعهم الرئيس المفدى ، تحكمهم مجرد حلاقة تافهة ورخيصة يسميها عوام تونس بالسيدة (ليلى جين) نسبة إلى مشروب (جين الروحي)والذي تعشق تناوله يوميا مع عشاقها في قصرها حتى درجة السكر الأعمى مستغلة العجز الجنسي الذي عرف عن فخامة زوجها والذي ترك تونس العظيمة تحكم من قبل عصابة يرأسها مجرد حلاقة وصهرها، وتدير دولة اسمها تونس ومعها هذه الشخصيات البرلمانية التي تعتبر الأذان ملوثا بيئيا ، تديرهم وتجرهم من رقابهم كالحمير ، وتنتظر موت الرئيس لتورث السلطة إلى صهرها والذي امتلك المليارات المسروقة من جيوب الشعب التونسي ، هذا الصهر الذي يشبه تماما حماته الحلاقة والذي يعجز عن إدارة حديث باللغة الفصحى لأكثر من ثلاثة كلمات نصفها مصحوبة ب يعني وفهمتني ويعيشك .

        --------------------------------------------
        ثورة شاملة
        ماجرى في مدينة سيدي بوزيد هو ثورة حقيقية للجياع والمقهورين ، وهي حالة تماثل حالة الجيل الجديد المحطم في البلدان العربية والتي يسوسها ضباع تسمى الحكومات الوطنية والتي كشفت وثائق ويكيليس القليل القليل من فضائحهم ومخازيهم ، وان يتحول شاب جامعي ومثقف إلى العوبة بيد شرطة النظام التابع لفخامة الرئيسة الحلاقة فيجر وتهان كرامته من اجل الحصول على مجرد ترخيص ليعمل بائعا على أرصفة الشارع ، لهي مهانة كبيرة للإنسانية والعلم والوطنية التي يتبجح بها المستفيدون من فتات السلطة ، هذه الإهانة التي قبلها شهيد السلطة القمعية في تونس الشهيدة والمتمثلة في القبول بائعا على أرصفة الشارع ، ولكن المسكين انطبق عليه المثل الذي يقول (رضينا بالهم والهم مارضيش فينا) ، وتحولت كلاب النظام كعادتها في محاربة الأرزاق إلى مطاردته في لقمة العيش ، وتركت له الخيار الوحيد أن يقتل نفسه أو يفجرها بهم ، فحرق نفسه ليفجر أخلاقيات السلطة الغاشمة والتي توصف بأنها مجرد عصابة مافيا تدير السلطة كغيرها من الأنظمة العربية والتي ترفض حتى ترك الفتات للمواطن المحروم .

        كثير من الفلاسفة وخاصة فلاسفة الفقه الديني والذين لبسوا الجوارب الحريرية وسايروا أنظمة الخيانة، ادعوا أن شهيد تونس وعريسها شهيد القمع لقي ربه منتحرا ، ولكني أقول لهؤلاء الفلاسفة انه لم ينتحر ولكنكم انتم ياعملاء النظام القمعي وحلفاء الشيطان ، انتم من قتله ، وانتم من باع فلسطين ، وانتم من يقف وراء تخلف الأمة ، واعذروني أن أقول بان شرقنا العربي المسلم وغربه يغوص في جرائم متوالية لسكوته على الحاكم الظالم في الوقت الذي تتعاونوا انتم معه ، ليظهر شهيد تونس وأهل بلدته سيدي بوزيد أبطالا وحيدين أمام آلة القمع التي تديرها حلاقة تونس والتي حلقت الأخضر واليابس في تونس.

        إن صوت الأذان في عهد بورقيبة وفي عهد حلاقة تونس أصبح من الموبقات والملوثات ، أما أن يسرق الشعب التونسي ويتحول هذا الشعب المهاجر إلى الدول الأوروبية بحثا عن فرصة عمل أو عيش وفي خدمة الغرب هربا من واقع عسير في تونس ، فان هذا لايعتبر في نظر المستشارة تلوثا ، وان يحول النظام المافوي تونس الزيتون إلى ارض للسياحة الأوروبية من اجل أن يغسل الأوروبي أوساخه في تونس فانه لايعتبر عند السيدة المستشارة تلوثا بيئيا ، فعاهرة مثلها لايهمها لو أن تونس كلها سقطت في أمراض الايدز أو المجاعة ، فهي مستشارة تقدمية ولهذا فان همومها تتمثل في محاربة الفكر الرجعي الناجحة والتي لم يبق منها إلا صوت الآذان بعد أن أغلقت المساجد وتعرت تونس ، وأغلقت منابعها العلمية والإسلامية وحكمتها الحلاقة العجيبة وعصابتها ، فكيف لايحرق نفسه شباب تونس وهو يرى بأم عينيه كيف تدار تونس وكيف تحكم وكيف تسرق وتنهب وكيف يباع الشعب رقيقا للغرب ، وكيف يسوق الإعلام العالمي تونس على أنها أفضل بلدان العالم الثالث تقدما بسبب محاربة تونس للعروبة والإسلام ومن قبل عصابة يعرفها القاصي والداني في العالم اجمع ، فأين التقدم ياسعادة المستشارة حين يكون المغتربون عن تونس أكثر من الذين اجبروا على البقاء فيها، إن صوت الآذان مزعج وملوث أما صوت بوق كنيس جربه فهو السيمفونية التي تطرب أمثالكم ياابناء الفكر الماسوني والعمالة والخيانة .

        لقد زرت تونس منذ سنوات وشاهدت بعيني كيف افتتحت حكومة التقدم بيتا للزنى إلى جانب الحائط الغربي لمسجد عقبة بن نافع في اعرق مدن القارة الأفريقية مدينة القيروان ، وكنت مستغربا ومندهشا إلى الحالة التي وصلت فيها الاستهانة بالقيم العربية والإسلامية في تونس ، ومعها فاني اليوم أقف مدهوشا أمام نذالة الجمعيات والأحزاب الإسلامية واليسارية في عالمنا العربي ، فإذا لم تحرككم احتجاجات أبناء سيدي بوزيد في تونس ، ولن تتضامنوا معها!!!! فمتى أيها التافهون تتحرك قصبات أرجلكم ؟؟؟؟ أم أن قصبات أرجلكم لاتتحرك تضامنا إلا في فنادق الخمس نجوم وعلى موائد الكباب الثورية ، إن رائحة شواء لحم الشاب الشهيد والذي هو ضحية سكوتنا لم تثر في نفسكم أيها القادة الكذابون شهية الآكل ،فلماذا لم تخرج من المغرب أو الجزائر أو ليبيا مظاهرة واحدة تضامنا مع بلدة سيدي بوزيد ، أم إن بلدة سيدي بوزيد ليست مغاربية أو عربية أو إسلامية، وأين هم دعاة اليسار العربي والفكر القومي ، وأين هم دعاة الوحدة الإسلامية والذين ينتفخون كمنطاد زبلن لدى التحدث عن الإخوة الإسلامية ، وكأن الأخوة الإسلامية لاتكون إلا في تأييد المحاصرين في غزة والتي لم يستفد أهل غزة منها شيئا ، والذي وطد عزل غزة عن ارض فلسطين ، وكأن العالم كله توقف عند غزة ، ولم يدر اليمين واليسار إننا لن نتحرر ولن تتحرر فلسطين كاملة إلا في إطار تضامن الشرق مع الغرب والغرب مع الشرق كما تتضامن الأجهزة العربية مع بعضها من اجل استمرار حكم اللصوص.

        من العار أن يترك الحاكم العربي اللص والمجرم يستفرد بضحاياه في كل بلدة على حدة ، ثم نترك حتى مجرد الاحتجاج ، وان نعامة خرقاء جرباء أفضل من كل تلك التنظيمات الكرتونية من يمين ويسار والغير قادرة حتى على تنظيم مظاهرة احتجاج واحدة تساند فيها المحتجين في مصر أو تونس أو لبنان أو فلسطين أو الكويت من اجل إشعار المواطن العربي أننا امة واحدة بجسد واحد .

        أكثر تلك المواقف جبنا هو موقف الجمعيات الإسلامية في الغرب والتي لم نر أبدا فعالياتها ، والتي كان دورها دائما اغتصاب المساجد ونهبها وتوزيعها على عصابات ادعت أنها شيوخا ولم نجد فيهم شيخا واحدا يستحق تلك الكلمة بشكلها العلمي ، وكانت عيون الغرب على الجالية المسلمة ، فأين صوتكم يالصوص المساجد من اجل الاحتجاج على ضحايا سرقة الشعب التونسي والذي تديره حلاقة تونس وحلاقات الدول العربية.

        وفي نهاية كلمتي فاني أوجه تحيتي الخاصة إلى الإعلام العربي الساكت كالشيطان عما يجري من ظلم ونهب وسرقة للمواطن العربي والذي وقف شاهد زور لم يتحدث أبدا عما يجري في تونس ، وكأن عادة السكوت على الإذلال أصبحت تراثا إعلاميا خالدا، فهموم المواطن العربي لم تعد عسيرة ، وأغاني العهر والمجون جاهزة للمواطن الجائع ، وأغاني الصمود الكثيرة جاهزة لتأييد الصمود العربي ، وعاش زعيمنا القحبدار العربي خالدا مخلدا هو وكلابه وضباعه الأشاوس ، والموت الزؤام لأعداء الحلاقة العربية الدلوعة وصهرها المدلل، ويعيشك يا تونس جهنم الحمراء.


        التعديل الأخير تم بواسطة يسري راغب; الساعة 21-01-2011, 07:54.

        تعليق

        • سليمى السرايري
          مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
          • 08-01-2010
          • 13572

          #5
          بسم الله الرحمن الرحيم


          قرأتُ هنا أشياء كثيرة لم أكن أعرفها لأني أجهل السياسة ولا أحبّها
          هكذا بكلّ بساطة.
          اليوم صرتُ أتابع كل ما يقع في يدي من مقالات عبر النت
          وتعلّمت الكثير جدّا وعرفت أشياء ما خطرت على بالي أو لعلّها كانت صورا ضبابسّة والآن أراها أكثر وضوحا.
          شيئ كنتُ أسمعه بطريقة مختلفة عن هذه الفقرة التي تكرّم بها أستاذي العزيز : الدكتور محمد رحال /


          تحكمهم مجرد حلاقة تافهة ورخيصة يسميها عوام تونس بالسيدة (ليلى جين) نسبة إلى مشروب (جين الروحي)والذي تعشق تناوله يوميا مع عشاقها في قصرها حتى درجة السكر الأعمى مستغلة العجز الجنسي الذي عرف عن فخامة زوجها والذي ترك تونس العظيمة تحكم من قبل عصابة يرأسها مجرد حلاقة .

          المعروف هنا في تونس على الأقلّ الذي أعرفه أنا وكلّ الذين أعرفهم من أهل وصديقات، أن ليلى بن علي معروفة ب "ليلى دجين" نسبة إلى لباسها بنطالون الدجين حين كانت تشتغل حلاّقة والآن تعجبت وصعقتُ لهذه المعلومة التي قلبت رأسي الصغير.

          الله يحمي تونس من كلّ ظالم.
          الله يفرّج عنا هذه الغمّة التي جعلتنا مرعوبين ونحن في بيوتنا
          فالشارع التونسي مازال يشهد يوميّا غضب المواطن واحتجاجه.

          نحن نحبّ الآمان
          ...نرجو أن نشعر بهذا الآمان قريبا.

          محبّتي واحترامي للجميع



          أختكم

          لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

          تعليق

          • يسري راغب
            أديب وكاتب
            • 22-07-2008
            • 6247

            #6
            الاخت الراقية سليمى المحترمة
            تحياتي
            ولا زلت هنا انقل ما دار ويدور في تونس
            مع كامل احترامي وتقديري
            انقل ايضا لتجميع المعلومات في ما يتعلق بالندوة
            الخبر التالي من مصادره
            ليلى الطرابلسي كانت تخطط للاطاحة بزوجها لرئاسة تونس
            تاريخ النشر : 2011-01-19



            غزة - دنيا الوطن
            اجرت مراسلة صحيفة لوموند الفرنسية لقاءا مع أحد مستشاري الرئيس التونسي المخلوع القى الضوء على بعض تفاصيل المحادثات التي كان زين العابدين بن علي وبعض المقربين منه يجرونها خلال مواجهتهم لثورة الشعب التونسي, وكشفت عن خطة كان يعد لها لتولي ليلى زوجة بن علي مقاليد الحكم خلفا له في العام 2013.
            وقالت إيزابيل مادرو إن الوصول إلى البيت الذي يختبئ فيه هذا الرجل بحي باردو مهمة شاقة تتطلب المرور عبر متاهة من الطرق الملتفة التي تخضع لحراسة بعض أقرباء المستشار.
            ويتحدث الرجل الذي اختارت المراسلة أن تطلق عليه اسم "زياد" عن مؤامرة كانت تحاك داخل قصر قرطاج حتى قبل انطلاق شرارة الثورة للإطاحة ببن علي.
            ويكشف في هذا الإطار عن مشاجرة قوية وقعت بين بن علي وزوجته في شهر سبتمبر/أيلول الماضي, أصبح بعدها أخوها بلحسن وابن أخيها عماد يتواجدان في القصر بشكل متزايد.
            ويضيف هذا المستشار السابق اسم سليم شيبوب -وهو زوج إحدى بنات بن علي- إلى بلحسن وعماد بوصفهم زمرة كانت تعد للإطاحة ببن علي في بداية العام 2013 من خلال سيناريو يشمل الإعلان عن استقالة الرئيس لأسباب صحية والدعوة لانتخابات عامة تتوج بفوز ليلى, التي سيكون الحزب الحاكم قد رشحها بعد أن نظم مسيرة مليونية بتونس العاصمة تطالب بذلك.
            وتصف مادرو الخوف الشديد الذي ينتاب زياد كلما سمع دوي الرصاص في المنطقة التي يوجد بها, ففرائصه ترتعش رغم أنه –حسب قوله- يغير مكان وجوده كل ساعة.
            ويحاول الرجل استحضار تفاصيل ما دار في القصر الرئاسي بتونس خلال اللحظات الأولى لشرارة الثورة, فيقول إن بن علي لم يكترث عندما أخبر بإحراق الشاب محمد البوعزيزي نفسه في بلدة سيدي بوزيد واقتصر على القول: "فليمت!".
            ومنذ تلك اللحظة يقول زياد, أصبح عبد الوهاب عبد الله هو الحاكم الفعلي وعبد العزيز بن ضياء المصفاة التي لا يتسرب شيء إلا من خلالها, كما انضم لهؤلاء قائد الأمن الرئاسي علي السرياطي.
            ويقول زياد إنه حضر اجتماع أزمة يوم 29 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد الخطاب الأول للرئيس، اقترح خلاله عبد الله أن ينحى باللوم في كل ما يحدث على تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي, "لأن ذلك هو الحل الوحيد حسب أصدقائنا الفرنسيين".
            لكن بن علي سخر من هذا الاقتراح قائلا إنه يعني "قتل السياحة في تونس, وهو ما يمثل انتحارا بالنسبة لنا".
            ووصف زياد الارتياح الكبير الذي دب في نفوس المسؤولين التونسيين عندما اقترحت وزيرة الخارجية الفرنسية ميشيل أليو ماري مساعدة السلطات التونسية في التصدي للاحتجاجات عبر تكوين الشرطة التونسية.
            وأضاف أن النائب اليميني بالبرلمان الفرنسي أريك راؤول ظل يتصل بالمسؤولين التونسيين ويحذر من فتح الباب أمام الإسلاميين.
            وقد اعترف راؤول باتصالات أجراها مع التونسيين لكنه نفى أن تكون مع رئاسة الجمهورية هناك.
            ويختم زياد بوصف ما دار في الاجتماع الذي سبق فرار بن علي فيقول إن السرياطي كان غاضبا من قوات الجيش الذين وصفهم بـ"الأوغاد" لأنهم انحازوا للشعب، على حد تعبيره, مضيفا "نعم قد نغادر لكننا سنحرق تونس, فلدي 800 رجل مستعدون للتضحية بأنفسهم, وخلال أسبوعين فقط سيقوم من يحتجون اليوم بالتوسل إلينا للأخذ بزمام الأمور من جديد.
            --------------------------------------------------
            حاكمة قرطاجة.. حكايات الف ليلة


            تاريخ النشر : 2011-01-20


            يقول التونسيون ان امرأتين أفضتا الى سقوط الرئيس زين العابدين بن علي، الطاغية الذي سيطر على تونس 23 سنة. الاولى شرطية بسيطة، صفعت محمد بو عزيزي وصادرت ملكه. بو عزيزي وهو حانوتي في السادسة والعشرين، وإذ أحس بأنه مهان وغاضب وبلا أمل، أحرق نفسه، وضحى بحياته، وبدأ الثورة التلقائية التي أسقطت نظام الحكم. والمرأة الثانية، وهي رمز الفساد وغرض كراهية التونسيين، هي ليلى بن علي، زوجة الرئيس المعزول.
            سموها 'حاكمة قرطاجة'. وهي المرأة التي قادت 'العائلة'، و'المافيا'، ومتولية السلطة التي ظلمت تونس سنين. هي ابنة خضري، بلا ثقافة رسمية، ومزينة في ماضيها، علت لتصبح وريثة محتملة لكرسي الحكم. إن ليلى بن علي، التي كانت في الماضي ليلى طرابلسي، جعلت نفسها نسوية ليبرالية، وانسانية تعمل بالصدقة. ومن وقف في طريقها تبين له انها هي تونس. ولدت ليلى طرابلسي في العشرين من تموز (يوليو) 1957 لعائلة خضريين بسيطة. بعد أن أنهت المدرسة الابتدائية، سُجلت لمدرسة حلاقة وبدأت تعمل بالمهنة. وفي سن الثامنة عشرة عرفت رجل الاعمال خليل مواعوي وتزوجته. دام الزواج ثلاث سنين فقط وتطلقا بعدها. بفضل علاقاتها بزوجها دخلت عالم الاعمال والتجارة وبدأت تستورد سلعا من ايطاليا. بعد ذلك اتصلت بجهات حاكمة ضئيلة الشأن وبدأت تعمل سكرتيرة في احدى الشركات الحكومية في تونس. وقد عرفت عن طريق العلاقات الجديدة كما يبدو، زين العابدين بن علي الذي كان آنذاك مسؤولا كبيرا في نظام حكم الرئيس السابق الحبيب بورقيبة. طلّق بن علي زوجته الاولى نعيمة، وتزوج ليلى. وولد للزوجين ثلاثة اولاد: نسرين وحليمة ومحمد. بعد أن أطاح بن علي ببورقيبة وعيّن نفسه رئيسا في سنة 1987، بدأت ليلى في بطء وعلى نحو أساسي، تشق طريقها نحو مراكز القوة. وعُين أفراد عائلتها القريبة 'الطرابلسيون'، كما يسميهم سكان تونس في مناصب رئيسية في السياسة والقطاع الخاص. وقد موضعت ليلى نفسها باعتبارها سياسية عربية ليبرالية ذات آراء نسوية. وقد انتخبت في سنة 2009 لرئاسة منظمة النساء العربيات التي جعلت هدفها تقديم حقوق المرأة العربية. 'منذ تم انشاء منظمة النساء العربيات قادتها النساء الأول في الدول العربية'، قالت ليلى، 'سأبذل جميع الجهود لأمضي في الطريق نفسها ولأحرز المساواة بين النساء العربيات والرجال، في الحياة العامة وفي الانتخابات السياسية ولاحراز أحلامهن'. الى جانب ذلك انشأت سلسلة منظمات صدقة في تونس لمساعدة المرضى والمحتاجين. لكن ليلى من وراء ستار نبشت في كل واحد من مجالات الحياة في الدولة.

            بن علي مريض
            في سنة 2006، وقد سبقت ذلك تقارير عن تدهور الوضع الصحي للرئيس بن علي، حاولت السفارة الامريكية ان تُقدر من هم الورثة المحتملون. وقد عُرضت ليلى على أنها واحدة من المرشحين الثلاثة المتقدمين الى جانب وزير الدفاع ورئيس الحكومة. والى جانب نقاط قوتها عرضت السفارة ايضا نقطة الضعف الكبيرة لزوجة الرئيس وهي عدم التأييد الجماهيري.
            'توجد اشاعات كثيرة عن المطامح السياسية لليلى بن علي'، كُتب في برقية أُرسلت من السفارة الامريكية في تونس وتم تسريبها مؤخرا عن طريق موقع 'ويكيليكس'، 'لكن أكثر المراقبين يعتقدون انه ليس لها تأييد كاف بين الجمهور التونسي. مع ذلك لا يمكن استبعادها باعتبارها وريثة محتملة، ولا سيما في ضوء حقيقة انها مشاركة، على نحو جزئي على الأقل، في تعيينات كثيرة. هذه الاشاعات صحيحة لان لها طائفة كبيرة من الحلفاء في المجتمع التونسي سيؤيدونها حتى لو لم يكن لها تأييد عام'. في شهر تموز (يوليو) 2009 أُرسلت برقية اخرى من السفارة في تونس، تنبأت بأحداث الايام الاخيرة. 'فقد بن علي ونظام حكمه الصلة بالشعب التونسي'، زعم السفير الامريكي روبرت غوديك. 'انهم غير مستعدين لقبول نصيحة أو انتقاد في الداخل أو في الخارج. وأصبحوا أكثر اعتمادا على الشرطة لحماية قوتهم. أخذ الفساد داخل دائرة الرئيس الداخلية يزداد. والتونسي من العامة ايضا عالم بهذا وجوقة الشكاية في ازدياد'.
            لفت الدبلوماسي الامريكي الرفيع المستوى الانتباه مرة اخرى الى زوجة الرئيس. 'إن التونسيين لا يودون بل انهم يكرهون السيدة الاولى ليلى طرابلسي وأبناء عائلتها'، زعم. 'في احاديث خاصة يسخر معارضو نظام الحكم منها. ويعبر اولئك المقربون من نظام الحكم ايضا عن عدم رضى عن سلوكها. في مقابل ذلك يزداد الغضب بسبب نسب البطالة وعدم المساواة. ومن نتيجة ذلك ان الأخطار على استقرار نظام الحكم في ازدياد'.

            النزاع مع سهى
            في اثناء أحداث الشغب الاخيرة التي أسقطت بن علي، ما كان يمكن ألا نشعر بمبلغ الغضب والكراهية لليلى وعائلة الطرابلسي. 'لا، لا للطرابلسيين الذين نهبوا خزانة الدولة'، صاح المتظاهرون. ومن مزيد السخرية ان جزءاً كبيرا من الجمهور التونسي لا يزالون يعطفون على الطاغية المعزول ويزعمون انه في الحاصل العام فتى لطيف جُرّ وراء شَرَه ِ زوجته وعائلتها.
            في حزيران (يونيو) 2008 أرسلت السفارة الامريكية في تونس برقية اخرى، مفصلة مزعزعة عنوانها 'الفساد في تونس: ما لك لي'. تناولت البرقية مبلغ الفساد والشره الذي تفشى في القيادة الحاكمة، ولا سيما عند ليلى بن علي وأبناء عائلتها الأقرباء. 'عائلة بن علي الموسعة هي مفرق الفساد التونسي'، كُتب في البرقية. 'يُسمون (العائلة)، وينظرون اليهم نظرهم الى نوع من المافيا'.
            كان أحد الاعمال الحبيبة الى ليلى بناء شبكة مدارس دولية فخمة للنخبة التونسية. تروي احدى القصص انها حصلت على ارض هدية من السلطة، الى جانب منحة مليون ونصف مليون دولار لانشائها. مقابل بناء المدارس أجازت الحكومة اعمال بنى تحتية وتطويرا واسعا لمحيط المدرسة. بعد إتمام البناء مباشرة، باعت ليلى مستثمرين بلجيكيين المدرسة مقابل مبلغ كبير لم يُنشر قط. إن حقيقة انها لم تستثمر دولارا واحدا في الانشاء جعلت هذا المشروع مربحا على نحو خاص لها.
            وفي حادثة اخرى حاولت السلطة فرض ضرائب بأثر رجعي على المدرسة الامريكية في تونس. والتقدير ان هذا الاجراء بدأ في أعقاب ضغوط من قبل 'اصدقاء' لـ 'المدرسة الدولية في قرطاجة'. كان تقدير السفارة ان ليلى بن علي التي انشأت المدرسة المنافسة، كانت مشاركة في الاجراء الذي أفضى الى تهديد امريكي بالمس بالعلاقات بين الدولتين. جربت سهى عرفات ايضا، أرملة ياسر عرفات، على جلدها ان البحث العميق جدا في اشغال ليلى التربوية لا ينتهي الى نهاية حسنة. فبعد موت ياسر عرفات، في تشرين الثاني (نوفمبر) 2004، تركت سهى عرفات اراضي السلطة الفلسطينية مع ابنتها زهوة. وفي سنة 2006 حصلت سهى على جنسية تونسية واقتربت جدا من ليلى والرئيس. لكن بعد سنة، في آب (أغسطس) 2006، نشرت السلطات اعلانا رسميا قصيرا ورد فيه ان سهى سُلبت جنسيتها. وبعد ذلك بشهرين حادثت سهى بالهاتف السفير الامريكي وقالت له إن القرار تم باعتباره خطوة انتقام وعداوة شخصية من قبل ليلى زوجة الرئيس. انشأت الاثنتان سهى وليلى في تونس مدرسة خاصة فخمة لأبناء أثرياء الدولة لكن نشأ صراع بينهما سريعا. تزعم سهى ان ذلك نبع من فساد ليلى، التي أمرت باغلاق المدرسة الخاصة المنافسة. وعندما نبهتها سهى الى ذلك، اهتمت ليلى بطردها وسلبها جنسيتها. 'لست قادرة على تصديق ما فعلت بي'، قالت سهى، 'خسرت كل شيء'. وقد قالت ان أملاكها ومدخراتها صودرت كلها، بتزييف الوثائق ايضا. وتضيف البرقية الامريكية ان سهى بحسب الاشاعات في الدولة خسرت 2.5 مليون يورو في الاستثمار في المدرسة الخاصة. وقالت انه استُعمل ضغط على مصرفيّيها وعلى رفاقها ايضا. وقالت 'كل من دعمني عوقب'.

            بوظة من سان ــــ تروبيز
            لم يبق الفساد كما قلنا آنفا عند الرئيس وزوجته فقط بل انتقل الى أبناء العائلة ايضا. 'زوجة بن علي ليلى، وأبناء عائلتها 'الطرابلسيون' يثيرون أكبر الغضب'، ورد في البرقية. 'الى جانب الاتهامات الكثيرة لهم بالفساد، زُعم انهم بلا ثقافة وأصحاب مكانة اجتماعية منخفضة وعادات استهلاك ريائية. والى ذلك يزعم التونسيون ان حيل تخويفهم والطريقة الفاضحة التي يستغلون بها الطريقة تجعلهم هدفا سهلا للكراهية'.
            يُعد بلحسن الطرابلسي، شقيق ليلى البكر، أحد الاشخاص الأكثر فسادا في الدولة. فقد كان مشاركا في سلسلة اعمال فساد، ورشوة وابتزاز، الى جانب سيطرته على ما لا يُحصى من الشركات والاعمال. امتلك بلحسن شركة طيران، وشبكة فنادق، ومحطة راديو، ومصنعا لانتاج قطع السيارات، وامتياز استيراد سيارات فورد وشركة عقارات. ولم يُجهد ساهر المطري، زوج نسرين ابنة ليلى وزين العابدين، نفسه في اخفاء حبه للحياة المترفة. فقد عاد السفير الامريكي الذي التقى المطري الذي يُعد واحدا من أثرياء تونس، على عشاء، عاد دهشا. فقد روى السفير أن المطري أجهد نفسه في الإتيان ببوظة من سان تروبيز مباشرة بالطائرة. وتجول نمر في قفص كبير أُقيم في ساحة الفيلا.
            لكن احدى الذرى التي أثبتت مبلغ كون أقرباء عائلة ليلى بلا زمام وقعت في سنة 2006. فقد رأى معاذ وعماد الطرابلسي ابنا شقيق ليلى، قاربا مذهلا في أحد موانىء تونس. وقد اهتم الاثنان اللذان اشتهيا القارب بسرقته وصبغه من جديد. ولسوء حظهما كان القارب المسروق لرجل الاعمال الفرنسي برونو روجيه الذي استعمل علاقاته في باريس. أُعيد القارب سريعا ونشر الانتربول أمر اعتقال دولي لهما.
            انتهت المرحلة الحالية في حياة ليلى بن علي يوم السبت الماضي مع انهيار نظام الحكم. استطاعت ليلى نفسها الهرب قبل زوجها الذي وجد ملاذا في السعودية، بأيام معدودات.
            والتقدير ان ليلى نفسها مختبئة في دبي التي تعرفها جيدا من رحلات تسوق تظاهرية في الماضي. انتشرت موجة اشاعات مع مغادرتها وفيها زعم ـ أُنكر رسميا ـ انها أخذت معها طنا ونصف طن من الذهب. في مقابل ذلك بدأت اجراءات رسمية لتجميد حساباتها المصرفية في دول مختلفة في العالم. مع ذلك يمكن بعد أكثر من عقدي فساد تخمين ان الحياة المترفة للسيدة الاولى في الماضي لن تنقضي في ليلة واحدة.

            معاريف
            التعديل الأخير تم بواسطة يسري راغب; الساعة 21-01-2011, 08:00.

            تعليق

            يعمل...
            X