إننــي أفتقـــدك ......

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • منجية بن صالح
    عضو الملتقى
    • 03-11-2009
    • 2119

    إننــي أفتقـــدك ......

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    إننــــــي أفتقـــــدك.....

    قالت له : إنني أفتقدك ....و تحركت مياه البحر و غطت الشاطئ ...لا يفهم القمر سر حركة المد و الجزر التي يحدثها في الأمواج, و لا البحر يعرف سر انجذابه إلى القمر ...
    و رغم بقاء السر سرا يتأثر البحر بالقمر و يحلو للقمر أن يؤثر في الأمواج مدا و جزرا ...

    هذه العلاقة بين القمر و البحر ...تحت أي وصف يمكن إدراجها؟ هل هي علاقة حب ؟هل هي علاقة زوجية ؟ هل هي صداقة ؟ أم مجرد زمالة في الخليقة حين كان البحر و القمر و بقية الكائنات دخانا , لم يتشكل بعد في صورته التي قضاها الأمر الإلهي .

    أغلب ظني أن بين القمر و البحر عشقا قديما ... ليسا زوجين لأنهما لا يعيشان معا ...و ليسا صديقين لأنهما لا يتحدثان طويلا , إنما هما عاشقان يرتعش كل واحد منهما لمرآى الآخر دون أن يقول شيئا و ربما قال كلمة أو كلمتان .
    عادت تقول : إنني أفتقدك
    من التي قالت و من الذي استمع ؟ هل قالت الأمواج للقمر إنني أفتقدك .... أم قال القمر للبحر هذه العبارة ؟
    هذا سر لا يدريه سوى نجم بعيد هناك ... كان هو الشاهد الوحيد ...وهو شاهد صامت هو الآخر ....
    المكان شاطئ بحر ممتد ....ليس على الشاطئ أحد ....

    البحر يتنفس فتتحرك أمواجه و القمر يتناقص كل ليلة أو يزيد , و موج البحر يمتد أو ينحسر , لا يعرف البحر ماذا يحدث للقمر , و لا يعرف القمر ماذا يحدث للبحر .... و لكن ظهور أحدهما في سماء الآخر كفيل بتغيير كل شيء و ارتعاش كل شيء ....هذه العلاقة الغامضة بين القمر و البحر من أعجب العلاقات التي يمتلئ بها الكون , و لكنها ليست هي العلاقة الوحيدة ....ثمة علاقات أخرى لقد وقعت الأرض في حب الشمس بناء على الأمر الإلهي , و لهذا تدور الأرض حول نفسها كالعشاق , ثم تدور في مجال جاذبية الشمس حول الشمس فهل يدور المخلوق حين يدور حول مخلوق آخر إلا إذا كان يعشقه ....؟

    كل ما في الكون من كائنات واقع في حب كائنات أخرى بالأمر الإلهي و هذا ما يسميه العلماء بالقوانين الكونية و لكنني أفضل أن أطلق عليه وصف العشق الكوني لأن كل العلاقات تستمد وجودها و بقاءها و استمرارها من مركز واحد للحب
    الواحد الأحد سبحانه.




    الكاتب الكبير أحمد بهجت يكتب فى جميع المجالات ويتميز بالكتابة الجادة والساخرة سواء فى كتبه أو فى عموده اليومي"صندوق الدنيا" بجريدة الأهرام .
    كما أنه يعد البرنامج الاذاعى كلمتين وبس فى البرنامج العام من القاهرة الذى ينتقد الكثير من الأوضاع السلبية بالمجتمع ويلقى الضوء على القضايا الهامة.
    وكان يقدمه الفنان الراحل فؤاد المهندس بأسلوبه المتميز رحمه الله .



    من أهم كتب الكاتب أحمد بهجت


    الله في العقيدة الإسلامية: رسالة جديدة في التوحيد
    أنبياء الله
    قصص الحيوان فى القرآن
    مذكرات زوج
    مذكرات صائم
    صائمون .. والله
    تحتمس 400 بشرطة
    تفاحة آدم
    أهل اليسار يا ليل



    وللكاتب المتميز أوراق يومية تتضمن العديد من القصص القصيرة الطريفة الساخرة التى تتعامل مع شتى أنواع الطيور والحيوانات وأحيانا الحشرات



    الأعمال الكاملة للكاتب أحمد بهجت

    http://www.bdr130.net/vb/t965490.html

  • منجية بن صالح
    عضو الملتقى
    • 03-11-2009
    • 2119

    #2



    إننــي أفـتـقـدك ......




    من كتاب "تأملات في عذوبة الكون"
    للكاتب أحمـد بهجــــت



    "إنني أفتقدك....." جملة تهمس داخلنا بأعلى صوتها, أو تجعلنا نوشوشها حتى يستيقظ الوعي من غفوته و سباته العميق, و يدرك أن وجود الفرد بذاته, ناقص فليست فيه روح تفعِّل وجوده لتكون له حركة في الكون.
    فالفقد داخلنا يترجمه الشعور, فيكون ألما يعتصرنا ’أو حزنا تلفنا قتامته و تجعلنا نتصفح الوجود من خلال منظاره الحالك , و لا يستقيم هذا الوجود حتى يدرك أن له رسالة نبيلة, لا بد أن يؤديها و يفعلها على أرض الواقع, لتكون له استفاقة بعد موت.


    و الحياة الحقيقية هي حركة فاعلة على أرض الإنسان و الطبيعة الجغرافية, فهي التي تحرك الواقع و تغير قوانين اللعبة ,فالخيال يجعل الإنسان يعيش وهم الحركة و ليس الحركة ذاتها. يمكن للوهم أن يفرض رسمه على واقع الإنسان لكن لا يمكن أن تكون له فاعلية إيجابية فوجوده كعدمه, لأنه يفقد الروح التي تثمر حركة الحياة الحقيقية الفاعلة على الأرض.


    هكذا تفقد المجتمعات حياتها و يميتها الفقد لروح العمل و المبادرة على أرض الواقع, فيستعبدها الخوف و تُلغى حركتها لتكون عبارة عن جسد هامد يفقد القدرة على الفاعلية الفكرية و المادية . فالفقد الذي يعيشه الفرد يعيشه المجتمع بأكمله , و حتى نخرج من هذه الدائرة المغلقة لا بد أن نتطلع إلى ما ورائها لنستشرف آفاقا أخرى , نخترقها بالفكر لتكون لنا حركة على مستواه ,تجذر وجودنا في واقعه , ليتخلق فينا واقع آخر جديد يدفعنا لإبتكار أدوات عملية تحثنا على الفعل على أرض الواقع .

    كيف يستطيع الإنسان إجتياز حدود نفسه حتى يجتاز واقعه ؟ كيف له أن يتغاضى عن وجعه و حزنه الناتج عن فقد يعيشه بكل كيانه الإنساني و لا يستطيع أن يتخلص منه لشعوره بالنقص ؟

    هذه الأسئلة و أخرى تبقى معلقة نبحث لها عن جواب عن أثر نقتفيه لنرى نهاية النفق, في بحث دءوب عن الذات. تمر الحياة و الأيام حثيثة نكتسب منها تجربة نتـأمل حولنا و داخلنا علنا ندرك كنه الوجود الإنساني و يتعرف كل منا على رسالته و التي هي عبارة عن بصمته الشخصية و التي يتركها على أرض الوطن لتنتقش على صفحة الزمن.


    الأديب أحمد بهجت في نص "إنني أفتقدك..." تجاوز نفسه و محيطه الإجتماعي بهروب جميل إلى الطبيعة الكونية, ليتأمل حركتها و يفقه مكنوناتها الخفية ,التي هي أساس وجودها. لقد جعل لأبطاله حركة وحسا و شعورا و كيانا متصلا منفصلا , تتداخل فاعلياته ليكون له تناسق بديع و توازن يبهر المتأمل و يجعله ينصهر فيه ,لعله يضفي عليه من روحه الخلاقة و يكسبها توازنا فردي ليصبح بعدها سمة مجتمع .

    كان النص مبتكرا يغازل الروح , و يغوص في الأعماق , ليخاطبنا الكون على لسان الكاتب و يقول: "أنتَ مني و موجود داخلي " فالنص عبارة عن مشهد طبيعي, يحدث الكاتب و يبوح له بمشاعره و يفصح عن وجوده و رسالته الكونية , لعلنا ندرك مفردات أبطاله و نتعلم من هذه العلاقة الموجودة بين البحر و القمر ومن وشوشات هذا الهمس بينهما و نتعلم كيف نعيد ترتيب علاقتنا بين بعضنا البعض.... يقول الكاتب :

    قالت له : إنني أفتقدك ....و تحركت مياه البحر و غطت الشاطيء ...لا يفهم القمر سر حركة المد و الجزر التي يحدثها في الأمواج, و لا البحر يعرف سر إنجذابه إلى القمر ...
    و رغم بقاء السر سرا يتأثر البحر بالقمر و يحلو للقمر أن يؤثر في الأمواج مدا و جزرا ...

    الفقد في النص عنصر محوري يجعل الطبيعة تتحرك و كأنها تبحث عن الآخر لكنها في الحقيقة مجبولة على الحركة, دون أن تفقه سر وجودها , فقط هو الإنسان بتركيبته الفكرية يريد أن يدرك بوعيه العاقل سر حركة الوجود, و كأنه يريد أن يدرك أيضا سر حركته التي لا يفقه كنهها سوى أنه يلبي رغباته الحياتية ليجني منها سعادة و فرحا يغمر وجوده .

    فكما لا يفهم القمر سر حركة المد و الجزر التي يحدثها في الأمواج ,كذلك الإنسان لا يفهم في كثير من الأحيان سر حركته في محيطه الاجتماعي أو حتى كيف يحركه فكره.
    فللقمر سر فاعل يؤثر في البحر يجني من ورائه حلاوة مشاهدة مد و جزر الأمواج و كأنها تنجز رقصة تمتد من البحر إلى الشاطيء , لها حركات و إيقاع متناسق ينفعل ليهدأ و يتقلب ليسكن .
    و يتساءل الكاتب عن هذه العلاقة و يقول:


    هذه العلاقة بين القمر و البحر ...تحت أي وصف يمكن إدراجها؟ هل هي علاقة حب ؟هل هي علاقة زوجية ؟ هل هي صداقة ؟ أم مجرد زمالة في الخليقة حين كان البحر و القمر و بقية الكائنات دخانا , لم يتشكل بعد في صورته التي قضاها الأمر الإلهي .

    العقل الإنساني لا يدرك الأشياء حتى يرسم وجودها خياله و يستعمل لذلك أدوات الواقع ليستطيع تفسير مظاهر غيبية لها حركة في الكون يريد مقاربتها وكشف سرها, لاكتساب المعرفة و تَبنِّيها لتُعينه على + الإدراك و التآلف مع محيطه الطبيعي و عدم الخوف منه .
    فكل محاولات الإنسان للمعرفة هي لطمأنة وجوده الحائر, و الذي يطمح للكمال بالمعرفة التي تغطي نقص إدراك عقله المحدود.

    تعليق

    • منجية بن صالح
      عضو الملتقى
      • 03-11-2009
      • 2119

      #3



      و يعدد الكاتب نوع العلاقات التي توجد بين البشر: الحب ,الزوجية, الصداقة, الزمالة و هو يتحدث عن القمر و البحر و كأنهما كائنان بشريان لهما أحاسيس و مشاعر تجاه بعضهما البعض . فالكاتب يتأمل كيانات جامدة في ظاهرها متحركة في باطنها محاولا بذلك أن يستشف علاقة غيبية لها روح لا يستطيع حصر وجودها سوى أنه يستخرج من مخزونه اللغوي مفردات يحاول بها مقاربة الغيب مع الواقع لتتضح له الرؤية. و ينتهي الكاتب ليجد بعض جواب , و يقول أنه ربما كان بين البحر و القمر مجرد زمالة منذ بدء الخلق في عالم من دخان لم يتشكل بعد , و يسترسل الكاتب في البحث و تخامره الظنون ليقول :

      أغلب ظني أن بين القمر و البحر عشقا قديما ... ليسا زوجين لأنهما لا يعيشان معا ...و ليسا صديقين لأنهما لا يتحدثان طويلا , إنما هما عاشقان يرتعش كل واحد منهما لمرآى الآخر دون أن يقول شيئا و ربما قال كلمة أو كلمتان .

      و ينتهي الكاتب إلى شبه قناعة ليقول أن بين البحر و القمر عشقا قديما ليس له ملامح واقعنا الأرضي بل هو آخر أجمل ..... العشق في أرقى معانيه الروحانية , لأن مفاهيمنا للزوجية و الصداقة لا تنطبق عليهما, بل لهما ذاتية خاصة في معناها و مبناها يستشفها الكاتب بروحه المتأملة في كون له روح هي منه تدرك عنه و تتبنى مفرداته لتتماهى معه و تلج عالمه , فتكون لها معرفة به و منه. فللصمت عشق تحيى به الروح في الجسد و يتواصل به القمر مع البحر ......و يقول الكاتب :
      عادت تقول : إنني أفتقدك
      من التي قالت و من الذي إستمع ؟ هل قالت الأمواج للقمر إنني إفتقدك .... أم قال القمر للبحر هذه العبارة ؟
      هذا سر لا يدريه سوى نجم بعيد هناك ... كان هو الشاهد الوحيد ...وهو شاهد صامت هو الآخر ....

      و يلفنا عالم السكون الرائع بمفرداته الناطقة فينا و يعود البحث الصامت ..... إنني أفتقدك.. من يقول لمن؟ و كأن الكاتب يلمح لنا أن هذه الجملة تناشدنا لنتوجه إلى وجود نعشقه و نكتمل به , و كأنه السر المحرك لهذا الكيان الإنساني و الرسالة التي خلقنا من أجلها .
      هل الأمواج هي الفاقدة للقمر, أم انه البحر, أم القمر ؟ لا يمكن للكاتب الإجابة على السؤال لأن وجوده غيرَهم فهو لا ينتسب إلى عالم الصمت, بل لعالم الكلام الذي له مفرداته و مكوناته التي تتداخل و تتشابه معه لكنها ليست هو....

      و يلوح لنا نجم من بعيد ليقول لنا : " أنا موجود لكني أتأملكم , لأدرك سر وجودكم لا يفقه عني إلا من كان مثلي" و ها هو الكاتب يبني صوره و يستدرجها من عالمهم عالم من صمت يجعل من الحس معنى و يبدع بالكلمة, لنتعرف على وجود نجهل مفرداته وعلاقاته الحميمة العاشقة لبعضها البعض .

      المكان شاطيء بحر ممتد ....ليس على الشاطيء أحد ....
      البحر يتنفس فتتحرك أمواجه و القمر يتناقص كل ليلة أو يزيد , و موج البحر يمتد أو ينحسر , لا يعرف البحر ماذا يحدث للقمر , و لا يعرف القمر ماذا يحدث للبحر .... و لكن ظهور أحدهما في سماء الآخر كفيل بتغيير كل شيء و ارتعاش كل شيء ....هذه العلاقة الغامضة بين القمر و البحر من أعجب العلاقات التي يمتليء بها الكون , و لكنها ليست هي العلاقة الوحيدة ....ثمة علاقات أخرى لقد وقعت الأرض في حب الشمس بناء على الأمر الإلهي , و لهذا تدور الأرض حول نفسها كالعشاق , ثم تدور في مجال جاذبية الشمس حول الشمس فهل يدور المخلوق حين يدور حول مخلوق آخر إلا إذا كان يعشقه ....؟

      و يخرج الكاتب من عالم صمت الكلمة , من عالم الروح , لينزل على الأرض و يصف لنا المنظر الطبيعي كما يشاهده في الواقع , و يعود ليجد نفسه على الشاطئ , يرى المشهد بعين بصيرته ليجعل البحر يتنفس, و كأن الأمواج تتحرك على وقع أنفاسه , فيكون لها إمتداد و انحسار, و كل من البحر و القمر حائر, تراه ينعكس في وجود الآخر ليشاهد نفسه في سماه , و ما هي إلا حيرة الكاتب التي تتجلى لنا بكل معانيها الزاخرة في بحر من الكلمات يشكلها الأديب ليرسم بها أجمل اللوحات الناطقة في صمت له منطق .

      و يبقى لظهور كليهما في سماء الآخر ارتعاش و بيان يأخذك إلى عالم العشاق الذي يحي الداخل الإنساني بسعادة غامرة تعجز الكلمات عن الإفصاح عنها , و يصبح فكر الكاتب خيالا خلاقا, و كأنه كوكب يتطلع إلى القمر و البحر, ثم ينطلق و كأنه انفلات من جاذبيتهما , إلى عالم آخر أرحب, فبعدما أدرك سر علاقة البحر بالقمر تجلت له كل العلاقات التي توجد بين مكونات الكون , ليستشعر برهافة حسه ,علاقة الحب بين الأرض و الشمس و يدرك هذا العشق الوجودي الرائع المتناسق الحركة و الخاضع للحب و الأمر الإلهي.

      وقوع الأرض في حب الشمس يجعلها تطوف حول نفسها كعاشقة لوجودها , مزهوة بما يحدث لها و بالسعادة التي تجعلها تطوف حول نفسها لتدرك ما يحدث لها , وهي في نفس الوقت تطوف حول من تعشق : ألا وهي شمس حياتها.
      و يتخلص الكاتب بإحساسه بالمرهف من الطبيعة الكونية لينتقل إلى الطبيعة الإنسانية و يقول فهل يدور المخلوق حين يدور حول مخلوق آخر إلا إذا كان يعشقه ....؟

      للكاتب قدرة على الحركة تسمح له بالتنقل بين السماء و الأرض و التحاور مع المحيط الكوني , ليدرك حقيقة العلاقة التي توجد بينهما و التي يجعلها تتماهى مع المحيط الإنساني ليعيد تشكيل منظومته الفكرية
      و كأنه يريد من مفاهيم طالها التحريف و الزيغ , أن تستقيم و تعيد صياغة نفسها و إرساء علاقة سليمة بين البشر , و التي هي حقيقة وجودهم , و ليس خيال واقعهم. و يقول الكاتب :

      كل ما في الكون من كائنات واقع في حب كائنات أخرى بالأمر الإلهي و هذا ما يسميه العلماء بالقوانين الكونية و لكنني أفضل أن أطلق عليه وصف العشق الكوني لأن كل العلاقات تستمد وجودها و بقاءها و أستمرارها من مركز واحد للحب
      الواحد الأحد سبحانه

      و ينتهي الكاتب إلى نتيجة معروفة لدينا لكننا أضعنا معناها و تهنا في مبناها, فأصبحنا نتجاهلها و لا ندرك وجودها الفاعل في حياتنا وهي علاقة الحب المقدس و التي تجعل البشر يتواصل طاعة للأمر الإلهي ,ترانا نطبق ظاهره و نتألم لغياب باطنه, فكل ما في الكون تربطه علاقة حب بكائنات أخرى, لا يكتمل وجوده إلا بها , فهي قوانين كونين . و الكاتب لا يعترف بهذه التسمية , فيطلق عليها اسم "العشق الكوني" فكل ما في الكون من مخلوقات ينضوي تحت منظومة الحب و لا يستطيع أن يخرج عنها .
      فبعد أن غاص بنا النص في المنظومة الكونية ليصف لنا أرقى علاقات العشق و الحب الذي يجسده الأمر الإلهي في الكون نجد أنفسنا على أرض الواقع لنحاول الإجابة على أسئلة طرحتها في أول المقال وهي :

      كيف يستطيع الإنسان إجتياز حدود نفسه حتى يجتاز واقعه ؟ كيف له أن يتغاضى عن وجعه و حزنه الناتج عن فقد يعيشه بكل كيانه الإنساني و لا يستطيع أن يتخلص منه لشعوره بالنقص ؟
      لنجد أن الكاتب جعل الأجوبة تفصح عن ذاتها في النص لتجعلنا كأرض في مدارها تطوف حول نفسها و حول الشمس وما نرى من إنفلات أخلاقي و سلوكي هو نتيجة ضعف جذوة الحب في قلوبنا, و التي أصبحت شبه غافية , تجعلنا ككوكب مظلم لا يستطيع إدراك كنه وجوده و لا تحديد موقعه في محيطه الطبيعي و الإجتماعي, فكيف له أن يطوف حول غيره و تكون له علاقة حب و ألفة معه ؟ فهو مطموس البصر و البصيرة تتركه نفسه يقاد طائعا إلى حتفه لتتلقفه شياطين الإنس و الجن.
      من خلال وصف علاقة القمر بالبحر تتطرق الكاتب إلى مفهوم غاب عنا : فالاختلاف لا يمنع ولادة الحب و صلة الألفة بين البشر و كأنه أراد أن يعيد إرساء قواعد قاعدة كونية نتجاهلها لتندلع شرارة الصراع فينا و بيننا .

      أبدع الكاتب احمد بهجت في تناول أقدس علاقة على وجه الأرض علاقة خلقنا بها لنعيشها و نعيش بها و نتذوق حلاوة وجودها في الكون و في محيطنا الإنساني و الذي لا يمكن أن يكون له وجود فاعل و بناء إلا إذا كان الحب بيته و العشق طموحه .

      تعليق

      • عائده محمد نادر
        عضو الملتقى
        • 18-10-2008
        • 12843

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة منجية بن صالح مشاهدة المشاركة
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



        إننــــــي أفتقـــــدك.....









        قالت له :
        إنني أفتقدك ....
        و تحركت مياه البحر و غطت الشاطئ ...لا يفهم القمر سر حركة المد و الجزر التي يحدثها في الأمواج, و لا البحر يعرف سر انجذابه إلى القمر ...






        و رغم بقاء السر سرا يتأثر
        البحر بالقمر و يحلو للقمر أن يؤثر في الأمواج مدا و جزرا ...









        هذه العلاقة بين القمر و البحر ...تحت أي وصف يمكن إدراجها؟ هل هي علاقة حب ؟هل هي علاقة زوجية ؟ هل هي صداقة ؟ أم مجرد زمالة في الخليقة حين كان البحر و القمر و بقية الكائنات دخانا , لم يتشكل بعد في صورته التي قضاها الأمر الإلهي .









        أغلب ظني أن بين القمر و البحر عشقا قديما ...
        ليسا زوجين لأنهما لا يعيشان معا ...
        و ليسا صديقين لأنهما لا يتحدثان طويلا ,
        إنما هما عاشقان يرتعش كل واحد منهما لمرآى الآخر دون أن يقول شيئا و ربما قال كلمة أو كلمتان .






        عادت تقول : إنني أفتقدك






        من التي قالت و من الذي استمع ؟
        هل قالت الأمواج للقمر إنني أفتقدك .... أم قال القمر للبحر هذه العبارة ؟






        هذا سر لا يدريه سوى نجم بعيد هناك ... كان هو الشاهد الوحيد ...وهو شاهد صامت هو الآخر ....






        المكان
        شاطئ بحر ممتد ....
        ليس على الشاطئ أحد ....




        البحر يتنفس فتتحرك أمواجه و القمر يتناقص كل ليلة أو يزيد , و موج البحر يمتد أو ينحسر , لا يعرف البحر ماذا يحدث للقمر , و لا يعرف القمر ماذا يحدث للبحر ....
        و لكن ظهور أحدهما في سماء الآخر كفيل بتغيير كل شيء و ارتعاش كل شيء ....هذه العلاقة الغامضة بين القمر و البحر من أعجب العلاقات التي يمتلئ بها الكون , و لكنها ليست هي العلاقة الوحيدة ....ثمة علاقات أخرى
        لقد وقعت الأرض في حب الشمس بناء على الأمر الإلهي , و لهذا تدور الأرض حول نفسها كالعشاق , ثم تدور في مجال جاذبية الشمس حول الشمس فهل يدور المخلوق حين يدور حول مخلوق آخر إلا إذا كان يعشقه ....؟




        كل ما في الكون من كائنات واقع في حب كائنات أخرى بالأمر الإلهي و هذا ما يسميه العلماء بالقوانين الكونية و لكنني أفضل أن أطلق عليه وصف العشق الكوني لأن كل العلاقات تستمد وجودها و بقاءها و استمرارها من مركز واحد للحب




        الواحد الأحد سبحانه.




        الكاتب الكبير أحمد بهجت يكتب فى جميع المجالات ويتميز بالكتابة الجادة والساخرة سواء فى كتبه أو فى عموده اليومي"صندوق الدنيا" بجريدة الأهرام .

        كما أنه يعد البرنامج الاذاعى كلمتين وبس فى البرنامج العام من القاهرة الذى ينتقد الكثير من الأوضاع السلبية بالمجتمع ويلقى الضوء على القضايا الهامة.
        وكان يقدمه الفنان الراحل فؤاد المهندس بأسلوبه المتميز رحمه الله .
        من أهم كتب الكاتب أحمد بهجت
        الله في العقيدة الإسلامية: رسالة جديدة في التوحيد
        أنبياء الله
        قصص الحيوان فى القرآن
        مذكرات زوج
        مذكرات صائم
        صائمون .. والله
        تحتمس 400 بشرطة
        تفاحة آدم
        أهل اليسار يا ليل
        وللكاتب المتميز أوراق يومية تتضمن العديد من القصص القصيرة الطريفة الساخرة التى تتعامل مع شتى أنواع الطيور والحيوانات وأحيانا الحشرات




        الأعمال الكاملة للكاتب أحمد بهجت











        الزميلة القديرة
        منجية بن صالح
        بالرغم من كل المزايا التي يتصف بها الكاتب أحمد بهجت
        لكني رأيت لو أنه تخلى عما لونته بالأحمر لأنها حروف فائضة تتعب النص ولا تكسبه أي مردود أدبي أو بلاغة وقوة في المعنى
        بل أني أراها أتعبت النص بعض الشيء لأنها ثقيلة عليه وربما أسبغت عليه بعض الطابع المقالاتي
        ومؤكد أن رأيي هذا يقبل الخطأ قبل الصواب لأني بشر أخطيء وهذا ديدننا نحن البشر
        النص فلسفي وفيه رؤية كبيرة لقدرة الله علينا وعلى الكون بأكمله خاصة فيما يتعلق بتلك الرؤية حول مالم نستطع إدراكه
        وأتصور لن
        أتصور أن الناص أراد أن يوضح لنا مدى مقدرة الله علينا وتمكنه من معرفة دواخلنا ومدى قدرته على أن يجعل الظواهر الطبيعية تؤثر فينا وهو القادر
        وتبقى كلمتي الأخيرة زميلة منجية
        أنك أحسنت كثيرا اختيار النص فقد اخذ الكثير ولم نستطع أن نجاريه وهذا دليل على عمقه وعمق رؤيتك حوله
        كوني بخير سيدتي
        محبتي لك

        أكره ربيع
        http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=67177
        الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

        تعليق

        • منجية بن صالح
          عضو الملتقى
          • 03-11-2009
          • 2119

          #5
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

          الأخت العزيزة عائدة

          الكاتب أحمد بهجت إلى جانب أعماله القصصية فهو كاتب صحفي و ما لاحظته في كتاباته انه يهتم بالمعنى أكثر من المبنى و الذي يستعمله للتواصل معنا به على مستوى الفكرة

          فهو يغوص في العمق الإنساني لتتجلى لنا الكثير من الحقائق و التي نفتقد وجودها في زحمة الحياة التي تأخذنا في دورانها و كأنه يقول لنا قف هنا لتعرف من أنت ولتتعرف على محيطك الصغير و الكبير
          عزيزتي عائدة كنت رائعة و أنا سعيدة بكلماتك
          لك ودي ووردي

          تعليق

          يعمل...
          X