وأطلقتُ سراحي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أدريانا ابراهيم
    • 23-01-2011
    • 2

    وأطلقتُ سراحي

    وأطلقتُ سراحي
    وأخيرا امتطيت صهوة القرار, فحملتني وحطت بي أمام محل بيع العصافير. ترجلت عنها مرتبكا, وبخطى مترددة دخلت المحل, شعرت بريح تنبثق من بين قدميّ لتلوذا بي بالفرار, لكنني كنت قد حسمت أمري بأن أتخلص من إحدى شوائب عمري الثقيلة, وأحقق أمنية ابنتي الصغيرة, بعد أن تقطعت كل حبالها. أجل هذه المرة سأشتري لها عصفورا يلون سماء طفولتها بلون جديد, يعشش في جدائلها المطلقة أبدا للريح, ويحلق في الربوع الخضراء لعينيها.
    ثبتُّ قدميّ, أخذت نفسا عميقا, ووقفت أتأمل الطيور من حولي وهي ترفرف في فضاءات محدودة بقضبان من حديد. جاهدت في تمزيق طيف عصفوري المهروس الذي عشش في ذاكرتي طويلا, وفرخ كثيرا من العصافير المهروسة, بدت كسرب انطلق وحجب عني العصافير التي كانت أمام عينيّ فأغمضتهما. فكرت أنني الرجل وقد شارفت على أبواب الأربعين, من غير اللائق برجولتي أن أبقى محجوزا بين قضبان الذاكرة, أسيرا لذاك العصفور الذي كان يرافقني أينما ذهبت, يرفرف حولي في مدارات طفولتي, فيتناثر الفرح قصاصات زينت تلك الأيام.
    مازلت أذكر بداية قصتي معه, يوم فتح والدي كفه لتنفرج عن عصفور صغير مبلل بالمطر يرتجف, لم نعرف كيف وصل إلى شرفة منزلنا, مسحت على ريشه, سرى تيار الرجفان إلى يدي فانتفضت, وانتفض معها الحب في قلبي. لأيام طويلة بقي شغلي الشاغل, أطعمه, أسقيه, أزقزق معه وأرفرف بأجنحة خفية. كان ما يزال يحبو في عالم الطيران, وعندما أبحر فيه, كان حبلا متينا مجدولا من خيوط الحب والأمان قد ربط قلب العصفور إلى قلبي, فصار يحلق في الأعالي, ويعود إلى كتفي الصغير, الذي صار ميناء يرسو عليه عندما تتعب الأجنحة, لكن كتفي تحول ذات ليلة إلى حجر رحى انهرس تحتها, عندما كان نائما بجانبي على السرير.
    في تلك الليلة الصيفية الحارة, أخذته من القفص حيث سرير نومه, وضعته على حافة النافذة, وشرعتها للنسمات, لهمسات النجوم, ولضوء القمر. على أجنحة الأحلام غرقت في نوم عميق, أراد عصفوري أن يحلق معي على تلك الأجنحة فطار إليّ, نام بجانبي على السرير, وانزلق حلما بين أجفاني. لوقت ليس بالقصير رفرف معي في أحلامي, ثم انهرس تحتي بينما كنت أتقلب في فراشي, فتحولت أحلامي إلى كوابيس, افترشت لياليّ في ذاك الصيف, ولزمن طويل بقيت أشعر أن كتفي عجلة سيارة انسحقت تحتها أجمل أفراحي.

    أيقظني صوت البائع من شرودي, فانتبهت إلى بحر الزقزقة الهائج حولي, شعرت بالأجنحة التي تصطفق أمامي كفوفا تضرب وجهي وتوقظني من كابوس طويل. ولسبب لا أدريه عاد النبض إلى عصفوري, فانتفض وراح يرفرف في فضاء رأسي, ثم اخترقه وانزلق بين قضبان الحديد طيفا انسدل على أحد العصافير, امتدت يد البائع إليه, ووضعته في قفص جميل. مددت أصابعي المرتبكة بين القضبان فراح ينقرها ويشحنها عزيمة للمتابعة, تجرأت وفتحت باب القفص, طاردته يدي في ذاك الفضاء الضيق, وعندما أمسكت به, اتقدت شرارة في كفي, غسلت ذاكرتي من حزنها القديم. أرجعته إلى القفص, أوصدت الباب بإحكام, أنقدت البائع ثمنه وخرجت من المحل, القفص في يميني, وابتسامة ابنتي الملونة بكل ألوان الطيف ومشتقاته تتسع وتلون كل شيء حولي.
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    الزميلة القديرة
    أدريانا ابراهيم
    يارب السموات
    أنت أديبة واعدة
    لك ملكة وخاصية
    كان نصا رائعا بالرغم من عفويته وبساطته التي تدخلنا في دروب كثيرة ومتشعبة ويمكن اسقاطه على أوضاع كثيرة وكبيرة أيضا
    نص أخذني لكل العوالم
    للقهر
    الظلم
    السجن
    الحرية
    ولذكريات ليست بعيدة
    كان لابنتي الوسطى زينب قطة صغيرة
    لم يكن عمر زينب( زوزو ) يتجاوز الست سنين
    جاءت لغرفتي في يوم بارد من أيام شباط حسبما أذكر
    وبيدها قطها الصغير جدا وهو يكور نفسه كعصفور مبلل
    لم أدر أن القط ميت حتى أخذته من يدها فتسللت برودة جسمه ليدي وهي تسألني ببراءة الأطفال
    - لم لا يصحو أمي
    لم أنس دمعة عيناها
    لم أنس حسرتها ذاك اليوم و امتنعت عن الأكل والشرب قهرا عليه
    ثم وبعد أيام جاءتني وهي تحمل قطا آخر يشبهه وقالت بخبث
    - ألم أقل لك أنه لم يمت أمي.. هاهو سوسو
    هاهاهاها
    ضحكت من كل قلبي يومها
    وضحكت الآن لأني تذكرت ذاك اليوم
    مودتي لك غاليتي
    أنت رائعة صدقيني
    أتمنى عليك أن تقرأي لباقي الزميلات والزملاء وتأخذي فكرة عنهم وهذا سيكسبك مهارة وخبرة صدقيني
    وهلا وغلا بك أدريانا نورت الملتقى بوجودك
    سعدت بالتعرف عليك من خلال نصك الجميل
    أكره ربيع

    أكره ربيع فاجأني ربيع حين كنت ساهمة بملامح وجهه يرمقني عميقا أحسست بالجليد يقتحم جسدي، فارتعشت مذعورة، وعيناه الثاقبتان تخترقان قفصي الصدري المحموم كتنور مسجور، وأنا أتفحص تلك القسمات الحادة، التي..... !! كم كان عمري حين أنجبته خالتي خمسة سنين؟ غضة طرية كورقة وردة لم تتفتح أوردتها بعد! أذكر أني كنت في المرحلة التمهيدية لا
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • محمد عزوز
      عضو الملتقى
      • 30-03-2010
      • 150

      #3
      القاصة الرائعة أدريانا ابراهيم
      سعيد أنا إذ أراك هنا
      وسر روعتي في أنني سأتابع دفء المفردة والعبارة آنياً
      ومن منا نحن معشر المشتغلين بالكلمة لاينشغل بهذا الكائن
      الصغير ، الجميل ، الضعيف .. ( العصفور )
      هو جزء من جمال هذا الكون
      قرأتك وصار صباحي أحلى بكلماتك ومدلولك وبنائك القصصي
      هي قراءة أولى ليس إلا .. فيها بعض الإستعجال
      وسيكون لي عودة أخرى ..
      كل التقدير لك وليراعك الجميل

      تعليق

      • أدريانا ابراهيم
        • 23-01-2011
        • 2

        #4
        كم جميل أن تسطع شمس العراق فوق صفحتي.. وكم جميلة هي نسائم سلمية
        السيدة والزميلة القديرة عائدة.. أسعدني أن ضحكة عميقة قد ارتدت من عمق الذاكرة إلى وجهك شكرا لترحيبك ومرورك .. وبالنسبة للقصص المنشورة في المنتدى فقد اطلعت على بعضها .. مما دفعني للمشاركة.. ولا شك بانه سيكون لي مرور وتفاعل معكم

        أما أنت يا أستاذ محمد ..فأشكرك على دعمك الدائم.. وأسعدني أن يجمعنا منتدى افتراضي إضافة إلى آخر واقعي.

        تعليق

        • آسيا رحاحليه
          أديب وكاتب
          • 08-09-2009
          • 7182

          #5
          قصة جميلة فعلا أدريانا.
          سررت بالقراءة لك.
          تحيّتي.
          يظن الناس بي خيرا و إنّي
          لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

          تعليق

          • إيمان الدرع
            نائب ملتقى القصة
            • 09-02-2010
            • 3576

            #6
            زميلتنا العزيزة أدريانا :
            نصّ يلقي بظلاله الجّميلة على العيون ..
            أسلوباً ، وفكرةً ، ولغةً شفّافة ..
            يدلّ على أنامل مبدعة ، متمرّسة في صياغة الحروف ..
            سررتُ بمشاركتك ، وننتظر المزيد ..
            ومع أطيب أمنياتي ، تحيّاتي ..أدريانا

            تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

            تعليق

            • فايزشناني
              عضو الملتقى
              • 29-09-2010
              • 4795

              #7
              أختي أدريانا

              أهلاً وسهلاً بك في الملتقى
              تابعت لك في الموقف الأدبي بعض القصص الجميلة
              وأطلقت سراحي لامست في داخلي ذكرى جميلة
              وبحرفية متينة وفقت في استدراجنا لنرى تلك الابتسامة التي ارتسمت على وجه الطفلة
              وكما قال بقية الاخوة لك مستقبل واعد وتملكين مؤهلات القاصة والأديبة
              قد يكون حال المنتديات غير ما ترغبين ولكن لا بد من الاستفادة والافادة
              تحية طيبة لك
              وأرجو أن نراك كثيراً هنا
              مع كل الود والتقدير
              هيهات منا الهزيمة
              قررنا ألا نخاف
              تعيش وتسلم يا وطني​

              تعليق

              يعمل...
              X