بسم الله الرحمن الرحيم
أنقل إليكم أخر قصائد الشاعر القدير الدكتور / سمير العمري ( قصيدة القدس )
كتب شاعرنا المجيد تلك الخريدة الفريدة التي تسامت بمفرداتها على أدبيات العصر
فجاءت ملحمة كاملة بلحونها وعزفها البليغ
قصيدة القدس
شعر: د. سمير العمري
طُوفُوا عَلَى حَرَمِ الحَبِيبَةِ أَوْ قِفُوا=وَتَصَوَّفُوا فِي وَصْفِ ذَلِكَ أَوْ صِفُوا
ضُمُّوا إِلَى الإِحْسَاسِ مِنْ أَنْفَاسِهَا=عَبَقَ المَدَى وَتَلَهَّفُوا وَتَعَرَّفُوا
وَتَأَمَّلُوا القَسَمَاتِ إِنَّ جَمَالَهَا=يَسْبِي وَإِنَّ جَلالَهَا يَتَغَطْرَفُ
رَهَفَتْ عَلَى الخَلَجَاتِ مَا ذُكِرَ الهَوَى=إَلا تَذَكَّرَهَا الحَنِينُ المُرْهَفُ
يَسْعَى بِمُحْتَدمِ التَّعَلُّقِ بِالتِي=يَهْوَى ، وَيَرْشُفُهُ المَعِينُ فَيَغْرفُ
وَيُدِيرُ كَأَسَ العِشْقِ حِينَ تَعَلُّلٍ=بِسُلافِ مَا عَصَرَ الفُؤَادُ وَصَبَّ فُو
كَابَدْتُ شَوقِي لِلرِّحَابِ كَأَنَّهُ=كَلَفٌ عَلَى كَتِفِ السَّحَابِ يُصَرِّفُ
تَسْرِي إِلَى قَلْبِي وَيَسْرِي نَحْوَهَا=بِبُرَاقِ مُبْتَهِلٍ عَلَى الفَمِ يَلْطُفُ
عَطَفَتْ عَلَى الرُّكْنِ الشَّفِيفِ كَأَنَّهَا=مِنْ فَرْطِ رِقَّةِ سَطْوَةٍ تَتَعَطَّفُ
هَذِي انْثِيَالاتُ التَّزَلُّفِ وَالهَوَى=إِنْ كَانَ يُجْدِي العَاشِقِينَ تَزَلُّفُ
أَذْكَى الأَمَانِي يَا حَبِيبَةُ مُهْجَةٌ=تَخْشَى عَلَيكِ مِن الضَّيَاعِ وَتَلْهَفُ
أَرْنُو فَيُنْهِكُنِي التَّأَمُّلُ حَسْرَةً=وَإِخَالُ مِنْ عَسْفِ التَّاَسُّفِ أَتْلَفُ
وَيَهُزُّنِي فَرَقُ التَّفَرُّقِ عُنْوَةً=فَأَذُوبُ مِنْ حَدَمِ الأَنِينِ وَأُدْنَفُ
إِنِّي لَيُطْرِبُنِي الغَدَاةَ بِأَنْ أَرَى=كُلَّ الرِّجَالِ إِلَى جَنَابِكِ تَزْحَفُ
وَيَطِيبُ لِي إِنْ رَامَ وُدَّكِ عَاشِقٌ=أَوْ إِنْ تَغَزَّلَ شَاعِرٌ وَمُؤَلِّفُ
يَا قَلْبُ دَعْ دَعَةَ التَّوَجُعِ فَالذِي=يَدْرِي بِمَا تَجْرِي الصُّرُوفُ مُكَلَّفُ
أَسْرِجْ قَنَادِيلَ الصَلاةِ وَهَاتِ لِي=فِي سَاحَةِ الأَقْصَى خُشُوعًا يَعْكُفُ
دَعْنِي أُنَاجِي اللهَ بَينَ حُشَاشَةٍ=تَرْجُو رِضَاهُ وَبَينَ عَينٍ تَذْرِفُ
دَعْنِي فَفِي وَهَجِ التَّبَتُّلِ مَا بِهِ=تَصْفُو الشِّغَافُ وَفِيهِ مَا لا يُكْشَفُ
أَرْنُو لِمِعْرَاجِ النُّبُوَّةِ وَالرُّؤَى=مَشْدُوهَةٌ وَصَدَى المَشَاعِرِ يَعصِفُ
وَأَرَى صُفُوفَ الأَنْبِيَاءِ وَفِي الرُّبَى=آثَارُهُمْ وَخُطَى مُحَمَّدَ تَأْلَفُ
وَأَرى المَسِيحَ خُطَى المَسِيخِ مُلاحِقًا=حَتَّى يَذُوب كَمَا الرَّصَاصُ وَيُخْسَفُ
هَذِي هِيَ الأَرْضُ المُبَارَكَةُ التِي=جَعَلَ السَّلامُ بِهَا السَّلامَ يُطَوَّفُ
أُمُّ المَدَائِنِ قَدْ سَمَتْ أَمْجَادُهَا=مِنْ قَبْلِ مَا يَدْرِي الزَّمَانُ وَيَعْرِفُ
إِنْ كَانَ لِلتَّارِيخِ مِنْ أَثَرٍ يُرَى=لِحَضَارَةٍ فَالقُدْسُ فِيهَا المُتْحَفُ
بَزَغَتْ عَلَى شَمْسِ الحَضَارَةِ وَالوَرَى=فِي غَفْلَةٍ وَالأَرْضُ قَاعٌ صَفْصَفُ
كَانَتْ بِهَا كَنْعَانُ أَوَّلَ أُمَّةٍ=قَطَنَتْ تَبِرُّ بِهَا القُرُونُ وتَجْنُفُ
نَهضَتْ عَلَى حُكْمِ اليَبُوسِ مَدِينَةً=فِي أُورِ سَالِمَ قَلْعَةً لا تُثْقَفُ
تَسْعَى لَهَا كُلُّ المَمَالِكِ دُرَّةً=تَسْمُو بِهَا تِيجَانُهَا وَتُشَرَّفُ
مِنْهَا عَلَى الإِغْرِيقِ حُلَّةَ مَجْدِهَا=وَعَلَى يَدِ الأَنْبَاطِ نَقْشٌ مُتْرَفُ
وَالفُرْسُ وَالرُّومَانُ كَمْ عَصَفَتْ بِهِمْ= رِيحُ الحُرُوبِ لأَجْلِهَا وَاسْتُنْزِفُوا
وَالإِنْكِلِيزُ مَعَ الفِرِنْجَةِ مِثْلَمَا=تَتَرُ المَغُولِ سَعَوا لَهَا وَاسْتَشْرَفُوا
أُمَمٌ خَلَتْ لَكِنَّ أَعْظَمَ مَنْ سَعَى=نُورٌ مِنَ الدِّينِ الحَنِيفِ معَفَّفُ
قَدْ كَانَ فَتْحُ القُدْسِ فَتْحَ قَدَاسَةٍ=وَعْدًا مِن الدَّيَّانِ لا يَتَخَلَّفُ
وَاللهُ مَا وَعَدَ اليَّهُودَ بِأَرْضِهِ=أَبَدَ الدُّهُورِ وَلا بِأَنَّهُمُ اصْطُفُوا
إِنْ كَانَ إِلا وَعْدَهُ لِعِبَادِهِ=فَإِنِ اتَّقَوا كَانُوا وَإِلا صُرِّفُوا
أَتَكُونُ قُدْسَ اللهِ فِي عُرْفِ النُّهَى=إِنْ كَانَ تَغْصِبُهَا القُلُوبُ الغُلَّفُ
أَوْ كَيفَ بِاسْمِ اللهِ يُورَثُهَا الذِي=يَعْصِي بِنِعْمَتِهِ الإِلَهَ ويُسْرِفُ
مَا حُلِّفُوا إِلا وَخَانُوا ذِمَّةً=أَو كُلِّفُوا إِلا وَعَنْهُ اسْتَنْكَفُوا
هَلْ كَانَ بَطْلِيمُوسُ إِلا فَاجِرًا=مِنْ نَسْجِ مَا حَاكُوا الضَّلالَ وَأَرْجَفُوا
وَتَجَبَّرُوا حَتَّى تَجَبَّرَ فِيهِمُ=رِيحٌ سَبَتْهُمْ مِنْ نَبُوخَذَ حَرْجَفُ
وَغَدُوا لِقُسْطَنْطِينَ أَهْلَ عَدَاوَةٍ=فَأَذَاقَهُمْ سَوْطَ العَذَابِ وَشُعِّفُوا
لَمْ يَكْتُبِ التُّلْمُودَ إِلا كَاذِبٌ=كَفَرَ الهُدَى وَمُحَرِّفٌ وَمُخَرِّفُ
مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ إِلا مُسْلِمَا=وَمُهَاجِرًا كَذَبوا عَلَيهِ وَحَرَّفُوا
إِنْ كَانَ فِي الأَدْيَانِ آيَةُ مُلْكِهِمْ=فَالقُدْسُ لِلإسْلامِ حَقًّا يَحْصُفُ
أَوْ كَانَ لِلأَعْرَاقِ مَرْجِعُ حُكْمِهِمْ=فَلَنَا المَصَابِيحُ التِي لا تَسْدَفُ
إِنَّا تُرَابُ الأَرْضِ كُلُّ خَلِيَّةٍ=مِنْ لَحْمِنَا ذَرَّاتُ صَخْرٍ تَحْلِفُ
إِنَّا تَضَارِيسُ المَلامِحِ وَالمَدَى=وَالأَمْسُ وَالغَدُ والثَّرَى وَالزُّخْرُفُ
وَالزَّعْتَرُ المَنْثُورُ فَوقَ جِبَالِهِ=وَالتِّينُ وَالزَّيْتُونُ مَهْمَا قَصَّفُوا
هَذِي تَفَاصِيلُ الحِكَايَةِ وَالذِي=يَعْشُو بِأَنْصَافِ الحَقَائِقِ يُجْحِفُ
يَا قُدْسُ يَا بِنْتَ السَّمَاءِ وَقِبْلَةٌ=تَسْبِي قُلُوبَ العَابِدِينَ وَتُرْهِفُ
يَا وَجْفَةَ الوَجَعِ المُقَدَّسِ فِي دَمِي=يَا رَجْفَةَ الرُّوحِ التِي بِكَ تَشْغَفُ
هَذِي مَعَاهِدُكِ التَّلِيدَةُ سَمْتُهَا=طُهْرٌ وَصَمْتُ رُبَى المَشَاعِرِ مُوْجِفُ
سُبحَانَ مَنْ أَسْرَى إِلَيكِ بِعَبْدِهِ=فَالعَقْلُ يَهْرِفُ وَالمَلائِكُ تَهْتِفُ
مَا كُنْتِ أُولَى القِبْلَتَينِ لَجَاجَةً=لَكِنْ بِأَنَّكِ فِي البِلادِ الأَشْرَفُ
وَبِأَنَّكِ المِشْكَاةُ إِرْثُ مُحَمَّدٍ=وَالكَوكَبُ الدُّرِيُّ نُورُكِ يُتْحِفُ
يَا قُدْسُ مَا أَقْسَى التَّلَهُّف حِينَمَا=يَشْتَدُّ فِي الرُّوحِ الرَّجَاءُ وَيَضْعُفُ
زَيَّنْتُ فِيكِ الأَبْتَثِيَّةَ فَانْزَوَتْ=خَجْلَى تَئِنُّ ، وَأَعْجَزَتْنِي الأَحْرُفُ
وَسَأَلْتُ عَنْكِ البُنْدُقِيَّةَ فَاشْتَكَتْ=صَدَأَ الضَّمِيرِ وَلِلرَّصَاصِ تَأَفُّفُ
إِنَّا لَفِي زَمَنِ الأُخُوَّة أَطْلَقَتْ=ذِئْبَ الشِّقَاقِ وَلَيسَ فِينَا يُوسُفُ
مَا عَادَ فِينَا فِي العَوَاهِلِ تُبَّعٌ=أَوْ عَادَ فِينَا فِي الشَّمَائِلِ أَحْنَفُ
مَا عَادَ خَالِدُ أَوْ صَلاحُ وَمَا اتَّقَى=مِنْ عُهْدَةِ الفَارُوقِ فِينَا مُنْصِفُ
مَا عَادَ إِلا القَابِضُونَ عَلَى السِّلاحِ= الرَّاقِصُونَ عَلَى الجِرَاحِ الهُتَّفُ
مَا عَادَ إِلا صَامِدٌ وَمُصَادِمٌ=أَوْ خَائِنٌ أَوْ طَاعِنٌ أَوْ أَجْوَفُ
كُلُّ الدُّفُوفِ عَلَى جِرَاحِكِ تُعْزَفُ=وَأَنَا الذِي يَبْكِي عَلَيكِ وَيَأْسَفُ
أَبْكِي وَتَنْتَحِبُ الأَزِقَّةُ غُرْبَةً=عَنْ ذَاتِهَا وَتَجُوعُ فِيهَا الأَرْغُفُ
تَشْتَاقُ مِنْ جَبَلِ المُكَبِّرِ صَرْخَةً=عُمَرِيَّةً تَأْبَى الهَوَانَ وَتَأْنَفُ
وَتَضُمُّ فِي شُعْفَاطَ خَيمَةَ لاجِئٍ=فِي أَرْضِهِ عَنْهَا يُصَدُّ وَيُصْرَفُ
وَتَئِنُّ فِي سُلْوَانَ فِي دَيْرِ الهَوَى=فِي العَيْزَرِيَّةِ فِي عَنَاتَا الأَسْقُفُ
أَعِمَامَةٌ فِي حِضْنِهَا وَعَبَاءَةٌ= أَمْ قُبَّعَاتٌ لِلدَّخِيلِ وَمِعْطَفُ
فَهُنَا عَلَى سُورِ البُرَاقِ مِنَ الدُّمَى=نَجِسٌ يُهَزْهِزُ بِالرُّؤُوسِ وَمُقْرِفُ
وَهُنَاكَ فِي الطُرُقَاتِ تُنْكَأُ صَخْرَةٌ=مَوْجُوعَةٌ بِالقَهْرِ حَتَّى تَرْعَفُ
وَمَعَاوِلُ التَّهْوِيدِ تَنْقُضُ غَزْلَهَا=وَقَنَابِلُ التَّقْوِيضِ فِيهَا تَنْسِفُ
سَقَطَتْ مِنَ الزَّيْتُوُنِ دَمْعَةُ ذُلِّهِ=لِلغَرقَدِ المَلْعُونِ وَهْوَ يُجَرّفُ
وَعَلَى جِبَالِ الطُّهْرِ تَشْمُخُ نَخْلَةٌ=وَعَلَى وُجُوهِ العَابِرِينَ تَصَلُّفُ
غُصْنٌ هَوَى لَكِنْ تَشَبَّثَ جَذْرُهُ=وَلَسَوفَ يَنْبُتُ بِالصُّمُودِ وَيُورِفُ
يَا قُدْسُ يَا مَعْنَى الوُجُودِ لِدَولَةٍ=إِنْ غَابَ نَجْمُكِ فَالوُجُودُ مُزَيَّفُ
أَقْصَاكِ عُنْوَانُ القَضِيَّةِ صَوْتُهُ=نَغَمُ الخُلُودِ وَشَمْسُهُ لا تُكْسَفُ
مَاذَا يُرِيدُ العَابِثُونَ تَفَاوُضًا=وَالقُدْسُ وَقْفُ المُسْلِمِينَ وَمَوْقِفُ
مَهَرُوا اللِقَاءَ مِنَ الدِّمَاءِ وَحَولَهَا=أَرْوَاحُهُمْ طُولَ المَدَى تَتَطَوَّفُ
فِي عَينِ جَالُوتَ اسْتَمَرَّ لِوَاؤُهُمْ=وَعَلَى ثَرَى حِطِّينَ لَمْ يَتَخَلَّفُوا
مَاذَا دَهَى أَبْنَاءَ يَعْرُبَ فَارْتَضَوا=عَيشًا بِهِ مِثْلَ البَهَائِمِ تُعْلَفُ
وَإِلامَ نَحْتَمِلُ الهَوَانَ وَنَنْحَنِي=فَكَأَنَّ مَا فِي العِزِّ سُمٌّ مُذْعِفُ
قَدْ أَذْعَنُوا مِنَّا البِلادِ وَأَمْعَنُوا=فِينَا الفَسَادَ وَجَفْنُنَا لا يَرْجُفُ
أَإِذَا افْتَرَى البَاغُونَ عَوْرَةَ أُمَّةٍ=سَتَظَلُ مِنْ وَرَقِ التَّحَسُّفِ تَخْصِفُ؟
قَالُوا التَّطَرُّفُ فِي النِّضَالِ فَأَيُّنَا=سَفَكَ الدِّمَاءَ وَأَيُّنَا المُتَطَرِّفُ
أَمِنَ العَدَالَةِ أَنْ تَجُوسَ قُرُودُهُمْ=بَينَ الدِّيَارِ وَأَنْ يُلامَ السُّلْحُفُ
أَمِنَ العَدَالَةِ أَنْ تُؤَجَّجَ نَارُهُمْ=وَيُذَفُّ كُلُّ مَنِ اشْتَكَى وَيُعَنَّفُ
أَمِنَ العَدَالَةِ أَنْ تُكَالَ دِمَاؤُنَا=بَخْسًا وَإِنْ نَزَفُوا هُمُ الدَّمَ طَفَّفُوا
يَا مَنْ يَخَافُ عَلَى الدِّيَارِ مِنَ الرَّدَى=أَقْدِمْ فَمَا يَحْمِي الدِّيَارَ تَخَوُّفُ
دَعْ عَنْكَ فَلْسَفَةَ التَّعَذُّرِ قَاعِدًا=لا يُعْذَرَنَّ القَاعِدُ المُتَفَلْسِفُ
مَا نَفْعُ أَجْرَاسِ الكَنَائِسِ مَا عَلَتْ=إِنْ كَانَ يَعْصِي البَطْرِيَرْكَ الأُسْقُفُ
إِغْرِسْ كَمَا شِئْتَ الحَيَاةَ وَجِئْ كَمَا=شِئْتَ المَمَاتَ فَمِنْ غِرَاسِكَ تَقْطِفُ
وَمَتَى ادَّعَى الخُلُقَ الرِّجَالُ فَإِنَّمَا=يُنْبِيكَ عَنْ خُلُقِ الرِّجَالِ المَوقِفُ
فَاعْدُدْ لِيَومِ العَادِيَاتِ وَلا تَكُنْ=مِمَّنْ إِذَا حَزَبَ التَّعَسُّفُ سَوَّفُوا
وَإِذَا أَتَى وَعْدُ السَّمَاءِ فَجَيْشُهُ=مُتَحَيِّزٌ لِلحَقِّ أَوْ مُتَحَرِّفُ
يَا قُدْسُ يَا أَرَجَ الخُلُودِ مِنَ الهُدَى=يَا بَهْجَةَ النَّفْسِ التِي لا تُوصَفُ
يَا قُدْسُ دَنَّسَكِ اليَهُودُ فَلَيتَ مَا=فِي الكَونِ يَفْدِي الطُّهْرَ فِيكِ وَيُرْدِفُ
يَا قُدْسُ تَرْسُفُكِ القُيُودُ فَلَيتَنِي=فِي القَيدِ دُونَ عَظِيمِ قَدْرِكِ أَرْسُفُ
سَأَعُودُ أَحْمِلُ رَايَتِي مُضَرِيَّةً=بِالدِّينِ وَالعَزْمِ المَتِينِ تُرَفْرِفُ
وَعَلى جَبِينِ الفَخْرِ أَكْتُبُ مِنْ دَمِي=آيَاتِ مَجْدٍ بِالإِبَاءِ تُشَنِّفُ
قَدْ ضِعْتِ يَوْمَ أَضَعْتُ فِيكِ هُوِيَّتِي=وَيُعِيدُنِي سَيْفٌ إِلَيكِ وَمُصْحَفُ
أنقل إليكم أخر قصائد الشاعر القدير الدكتور / سمير العمري ( قصيدة القدس )
كتب شاعرنا المجيد تلك الخريدة الفريدة التي تسامت بمفرداتها على أدبيات العصر
فجاءت ملحمة كاملة بلحونها وعزفها البليغ
قصيدة القدس
شعر: د. سمير العمري
طُوفُوا عَلَى حَرَمِ الحَبِيبَةِ أَوْ قِفُوا=وَتَصَوَّفُوا فِي وَصْفِ ذَلِكَ أَوْ صِفُوا
ضُمُّوا إِلَى الإِحْسَاسِ مِنْ أَنْفَاسِهَا=عَبَقَ المَدَى وَتَلَهَّفُوا وَتَعَرَّفُوا
وَتَأَمَّلُوا القَسَمَاتِ إِنَّ جَمَالَهَا=يَسْبِي وَإِنَّ جَلالَهَا يَتَغَطْرَفُ
رَهَفَتْ عَلَى الخَلَجَاتِ مَا ذُكِرَ الهَوَى=إَلا تَذَكَّرَهَا الحَنِينُ المُرْهَفُ
يَسْعَى بِمُحْتَدمِ التَّعَلُّقِ بِالتِي=يَهْوَى ، وَيَرْشُفُهُ المَعِينُ فَيَغْرفُ
وَيُدِيرُ كَأَسَ العِشْقِ حِينَ تَعَلُّلٍ=بِسُلافِ مَا عَصَرَ الفُؤَادُ وَصَبَّ فُو
كَابَدْتُ شَوقِي لِلرِّحَابِ كَأَنَّهُ=كَلَفٌ عَلَى كَتِفِ السَّحَابِ يُصَرِّفُ
تَسْرِي إِلَى قَلْبِي وَيَسْرِي نَحْوَهَا=بِبُرَاقِ مُبْتَهِلٍ عَلَى الفَمِ يَلْطُفُ
عَطَفَتْ عَلَى الرُّكْنِ الشَّفِيفِ كَأَنَّهَا=مِنْ فَرْطِ رِقَّةِ سَطْوَةٍ تَتَعَطَّفُ
هَذِي انْثِيَالاتُ التَّزَلُّفِ وَالهَوَى=إِنْ كَانَ يُجْدِي العَاشِقِينَ تَزَلُّفُ
أَذْكَى الأَمَانِي يَا حَبِيبَةُ مُهْجَةٌ=تَخْشَى عَلَيكِ مِن الضَّيَاعِ وَتَلْهَفُ
أَرْنُو فَيُنْهِكُنِي التَّأَمُّلُ حَسْرَةً=وَإِخَالُ مِنْ عَسْفِ التَّاَسُّفِ أَتْلَفُ
وَيَهُزُّنِي فَرَقُ التَّفَرُّقِ عُنْوَةً=فَأَذُوبُ مِنْ حَدَمِ الأَنِينِ وَأُدْنَفُ
إِنِّي لَيُطْرِبُنِي الغَدَاةَ بِأَنْ أَرَى=كُلَّ الرِّجَالِ إِلَى جَنَابِكِ تَزْحَفُ
وَيَطِيبُ لِي إِنْ رَامَ وُدَّكِ عَاشِقٌ=أَوْ إِنْ تَغَزَّلَ شَاعِرٌ وَمُؤَلِّفُ
يَا قَلْبُ دَعْ دَعَةَ التَّوَجُعِ فَالذِي=يَدْرِي بِمَا تَجْرِي الصُّرُوفُ مُكَلَّفُ
أَسْرِجْ قَنَادِيلَ الصَلاةِ وَهَاتِ لِي=فِي سَاحَةِ الأَقْصَى خُشُوعًا يَعْكُفُ
دَعْنِي أُنَاجِي اللهَ بَينَ حُشَاشَةٍ=تَرْجُو رِضَاهُ وَبَينَ عَينٍ تَذْرِفُ
دَعْنِي فَفِي وَهَجِ التَّبَتُّلِ مَا بِهِ=تَصْفُو الشِّغَافُ وَفِيهِ مَا لا يُكْشَفُ
أَرْنُو لِمِعْرَاجِ النُّبُوَّةِ وَالرُّؤَى=مَشْدُوهَةٌ وَصَدَى المَشَاعِرِ يَعصِفُ
وَأَرَى صُفُوفَ الأَنْبِيَاءِ وَفِي الرُّبَى=آثَارُهُمْ وَخُطَى مُحَمَّدَ تَأْلَفُ
وَأَرى المَسِيحَ خُطَى المَسِيخِ مُلاحِقًا=حَتَّى يَذُوب كَمَا الرَّصَاصُ وَيُخْسَفُ
هَذِي هِيَ الأَرْضُ المُبَارَكَةُ التِي=جَعَلَ السَّلامُ بِهَا السَّلامَ يُطَوَّفُ
أُمُّ المَدَائِنِ قَدْ سَمَتْ أَمْجَادُهَا=مِنْ قَبْلِ مَا يَدْرِي الزَّمَانُ وَيَعْرِفُ
إِنْ كَانَ لِلتَّارِيخِ مِنْ أَثَرٍ يُرَى=لِحَضَارَةٍ فَالقُدْسُ فِيهَا المُتْحَفُ
بَزَغَتْ عَلَى شَمْسِ الحَضَارَةِ وَالوَرَى=فِي غَفْلَةٍ وَالأَرْضُ قَاعٌ صَفْصَفُ
كَانَتْ بِهَا كَنْعَانُ أَوَّلَ أُمَّةٍ=قَطَنَتْ تَبِرُّ بِهَا القُرُونُ وتَجْنُفُ
نَهضَتْ عَلَى حُكْمِ اليَبُوسِ مَدِينَةً=فِي أُورِ سَالِمَ قَلْعَةً لا تُثْقَفُ
تَسْعَى لَهَا كُلُّ المَمَالِكِ دُرَّةً=تَسْمُو بِهَا تِيجَانُهَا وَتُشَرَّفُ
مِنْهَا عَلَى الإِغْرِيقِ حُلَّةَ مَجْدِهَا=وَعَلَى يَدِ الأَنْبَاطِ نَقْشٌ مُتْرَفُ
وَالفُرْسُ وَالرُّومَانُ كَمْ عَصَفَتْ بِهِمْ= رِيحُ الحُرُوبِ لأَجْلِهَا وَاسْتُنْزِفُوا
وَالإِنْكِلِيزُ مَعَ الفِرِنْجَةِ مِثْلَمَا=تَتَرُ المَغُولِ سَعَوا لَهَا وَاسْتَشْرَفُوا
أُمَمٌ خَلَتْ لَكِنَّ أَعْظَمَ مَنْ سَعَى=نُورٌ مِنَ الدِّينِ الحَنِيفِ معَفَّفُ
قَدْ كَانَ فَتْحُ القُدْسِ فَتْحَ قَدَاسَةٍ=وَعْدًا مِن الدَّيَّانِ لا يَتَخَلَّفُ
وَاللهُ مَا وَعَدَ اليَّهُودَ بِأَرْضِهِ=أَبَدَ الدُّهُورِ وَلا بِأَنَّهُمُ اصْطُفُوا
إِنْ كَانَ إِلا وَعْدَهُ لِعِبَادِهِ=فَإِنِ اتَّقَوا كَانُوا وَإِلا صُرِّفُوا
أَتَكُونُ قُدْسَ اللهِ فِي عُرْفِ النُّهَى=إِنْ كَانَ تَغْصِبُهَا القُلُوبُ الغُلَّفُ
أَوْ كَيفَ بِاسْمِ اللهِ يُورَثُهَا الذِي=يَعْصِي بِنِعْمَتِهِ الإِلَهَ ويُسْرِفُ
مَا حُلِّفُوا إِلا وَخَانُوا ذِمَّةً=أَو كُلِّفُوا إِلا وَعَنْهُ اسْتَنْكَفُوا
هَلْ كَانَ بَطْلِيمُوسُ إِلا فَاجِرًا=مِنْ نَسْجِ مَا حَاكُوا الضَّلالَ وَأَرْجَفُوا
وَتَجَبَّرُوا حَتَّى تَجَبَّرَ فِيهِمُ=رِيحٌ سَبَتْهُمْ مِنْ نَبُوخَذَ حَرْجَفُ
وَغَدُوا لِقُسْطَنْطِينَ أَهْلَ عَدَاوَةٍ=فَأَذَاقَهُمْ سَوْطَ العَذَابِ وَشُعِّفُوا
لَمْ يَكْتُبِ التُّلْمُودَ إِلا كَاذِبٌ=كَفَرَ الهُدَى وَمُحَرِّفٌ وَمُخَرِّفُ
مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ إِلا مُسْلِمَا=وَمُهَاجِرًا كَذَبوا عَلَيهِ وَحَرَّفُوا
إِنْ كَانَ فِي الأَدْيَانِ آيَةُ مُلْكِهِمْ=فَالقُدْسُ لِلإسْلامِ حَقًّا يَحْصُفُ
أَوْ كَانَ لِلأَعْرَاقِ مَرْجِعُ حُكْمِهِمْ=فَلَنَا المَصَابِيحُ التِي لا تَسْدَفُ
إِنَّا تُرَابُ الأَرْضِ كُلُّ خَلِيَّةٍ=مِنْ لَحْمِنَا ذَرَّاتُ صَخْرٍ تَحْلِفُ
إِنَّا تَضَارِيسُ المَلامِحِ وَالمَدَى=وَالأَمْسُ وَالغَدُ والثَّرَى وَالزُّخْرُفُ
وَالزَّعْتَرُ المَنْثُورُ فَوقَ جِبَالِهِ=وَالتِّينُ وَالزَّيْتُونُ مَهْمَا قَصَّفُوا
هَذِي تَفَاصِيلُ الحِكَايَةِ وَالذِي=يَعْشُو بِأَنْصَافِ الحَقَائِقِ يُجْحِفُ
يَا قُدْسُ يَا بِنْتَ السَّمَاءِ وَقِبْلَةٌ=تَسْبِي قُلُوبَ العَابِدِينَ وَتُرْهِفُ
يَا وَجْفَةَ الوَجَعِ المُقَدَّسِ فِي دَمِي=يَا رَجْفَةَ الرُّوحِ التِي بِكَ تَشْغَفُ
هَذِي مَعَاهِدُكِ التَّلِيدَةُ سَمْتُهَا=طُهْرٌ وَصَمْتُ رُبَى المَشَاعِرِ مُوْجِفُ
سُبحَانَ مَنْ أَسْرَى إِلَيكِ بِعَبْدِهِ=فَالعَقْلُ يَهْرِفُ وَالمَلائِكُ تَهْتِفُ
مَا كُنْتِ أُولَى القِبْلَتَينِ لَجَاجَةً=لَكِنْ بِأَنَّكِ فِي البِلادِ الأَشْرَفُ
وَبِأَنَّكِ المِشْكَاةُ إِرْثُ مُحَمَّدٍ=وَالكَوكَبُ الدُّرِيُّ نُورُكِ يُتْحِفُ
يَا قُدْسُ مَا أَقْسَى التَّلَهُّف حِينَمَا=يَشْتَدُّ فِي الرُّوحِ الرَّجَاءُ وَيَضْعُفُ
زَيَّنْتُ فِيكِ الأَبْتَثِيَّةَ فَانْزَوَتْ=خَجْلَى تَئِنُّ ، وَأَعْجَزَتْنِي الأَحْرُفُ
وَسَأَلْتُ عَنْكِ البُنْدُقِيَّةَ فَاشْتَكَتْ=صَدَأَ الضَّمِيرِ وَلِلرَّصَاصِ تَأَفُّفُ
إِنَّا لَفِي زَمَنِ الأُخُوَّة أَطْلَقَتْ=ذِئْبَ الشِّقَاقِ وَلَيسَ فِينَا يُوسُفُ
مَا عَادَ فِينَا فِي العَوَاهِلِ تُبَّعٌ=أَوْ عَادَ فِينَا فِي الشَّمَائِلِ أَحْنَفُ
مَا عَادَ خَالِدُ أَوْ صَلاحُ وَمَا اتَّقَى=مِنْ عُهْدَةِ الفَارُوقِ فِينَا مُنْصِفُ
مَا عَادَ إِلا القَابِضُونَ عَلَى السِّلاحِ= الرَّاقِصُونَ عَلَى الجِرَاحِ الهُتَّفُ
مَا عَادَ إِلا صَامِدٌ وَمُصَادِمٌ=أَوْ خَائِنٌ أَوْ طَاعِنٌ أَوْ أَجْوَفُ
كُلُّ الدُّفُوفِ عَلَى جِرَاحِكِ تُعْزَفُ=وَأَنَا الذِي يَبْكِي عَلَيكِ وَيَأْسَفُ
أَبْكِي وَتَنْتَحِبُ الأَزِقَّةُ غُرْبَةً=عَنْ ذَاتِهَا وَتَجُوعُ فِيهَا الأَرْغُفُ
تَشْتَاقُ مِنْ جَبَلِ المُكَبِّرِ صَرْخَةً=عُمَرِيَّةً تَأْبَى الهَوَانَ وَتَأْنَفُ
وَتَضُمُّ فِي شُعْفَاطَ خَيمَةَ لاجِئٍ=فِي أَرْضِهِ عَنْهَا يُصَدُّ وَيُصْرَفُ
وَتَئِنُّ فِي سُلْوَانَ فِي دَيْرِ الهَوَى=فِي العَيْزَرِيَّةِ فِي عَنَاتَا الأَسْقُفُ
أَعِمَامَةٌ فِي حِضْنِهَا وَعَبَاءَةٌ= أَمْ قُبَّعَاتٌ لِلدَّخِيلِ وَمِعْطَفُ
فَهُنَا عَلَى سُورِ البُرَاقِ مِنَ الدُّمَى=نَجِسٌ يُهَزْهِزُ بِالرُّؤُوسِ وَمُقْرِفُ
وَهُنَاكَ فِي الطُرُقَاتِ تُنْكَأُ صَخْرَةٌ=مَوْجُوعَةٌ بِالقَهْرِ حَتَّى تَرْعَفُ
وَمَعَاوِلُ التَّهْوِيدِ تَنْقُضُ غَزْلَهَا=وَقَنَابِلُ التَّقْوِيضِ فِيهَا تَنْسِفُ
سَقَطَتْ مِنَ الزَّيْتُوُنِ دَمْعَةُ ذُلِّهِ=لِلغَرقَدِ المَلْعُونِ وَهْوَ يُجَرّفُ
وَعَلَى جِبَالِ الطُّهْرِ تَشْمُخُ نَخْلَةٌ=وَعَلَى وُجُوهِ العَابِرِينَ تَصَلُّفُ
غُصْنٌ هَوَى لَكِنْ تَشَبَّثَ جَذْرُهُ=وَلَسَوفَ يَنْبُتُ بِالصُّمُودِ وَيُورِفُ
يَا قُدْسُ يَا مَعْنَى الوُجُودِ لِدَولَةٍ=إِنْ غَابَ نَجْمُكِ فَالوُجُودُ مُزَيَّفُ
أَقْصَاكِ عُنْوَانُ القَضِيَّةِ صَوْتُهُ=نَغَمُ الخُلُودِ وَشَمْسُهُ لا تُكْسَفُ
مَاذَا يُرِيدُ العَابِثُونَ تَفَاوُضًا=وَالقُدْسُ وَقْفُ المُسْلِمِينَ وَمَوْقِفُ
مَهَرُوا اللِقَاءَ مِنَ الدِّمَاءِ وَحَولَهَا=أَرْوَاحُهُمْ طُولَ المَدَى تَتَطَوَّفُ
فِي عَينِ جَالُوتَ اسْتَمَرَّ لِوَاؤُهُمْ=وَعَلَى ثَرَى حِطِّينَ لَمْ يَتَخَلَّفُوا
مَاذَا دَهَى أَبْنَاءَ يَعْرُبَ فَارْتَضَوا=عَيشًا بِهِ مِثْلَ البَهَائِمِ تُعْلَفُ
وَإِلامَ نَحْتَمِلُ الهَوَانَ وَنَنْحَنِي=فَكَأَنَّ مَا فِي العِزِّ سُمٌّ مُذْعِفُ
قَدْ أَذْعَنُوا مِنَّا البِلادِ وَأَمْعَنُوا=فِينَا الفَسَادَ وَجَفْنُنَا لا يَرْجُفُ
أَإِذَا افْتَرَى البَاغُونَ عَوْرَةَ أُمَّةٍ=سَتَظَلُ مِنْ وَرَقِ التَّحَسُّفِ تَخْصِفُ؟
قَالُوا التَّطَرُّفُ فِي النِّضَالِ فَأَيُّنَا=سَفَكَ الدِّمَاءَ وَأَيُّنَا المُتَطَرِّفُ
أَمِنَ العَدَالَةِ أَنْ تَجُوسَ قُرُودُهُمْ=بَينَ الدِّيَارِ وَأَنْ يُلامَ السُّلْحُفُ
أَمِنَ العَدَالَةِ أَنْ تُؤَجَّجَ نَارُهُمْ=وَيُذَفُّ كُلُّ مَنِ اشْتَكَى وَيُعَنَّفُ
أَمِنَ العَدَالَةِ أَنْ تُكَالَ دِمَاؤُنَا=بَخْسًا وَإِنْ نَزَفُوا هُمُ الدَّمَ طَفَّفُوا
يَا مَنْ يَخَافُ عَلَى الدِّيَارِ مِنَ الرَّدَى=أَقْدِمْ فَمَا يَحْمِي الدِّيَارَ تَخَوُّفُ
دَعْ عَنْكَ فَلْسَفَةَ التَّعَذُّرِ قَاعِدًا=لا يُعْذَرَنَّ القَاعِدُ المُتَفَلْسِفُ
مَا نَفْعُ أَجْرَاسِ الكَنَائِسِ مَا عَلَتْ=إِنْ كَانَ يَعْصِي البَطْرِيَرْكَ الأُسْقُفُ
إِغْرِسْ كَمَا شِئْتَ الحَيَاةَ وَجِئْ كَمَا=شِئْتَ المَمَاتَ فَمِنْ غِرَاسِكَ تَقْطِفُ
وَمَتَى ادَّعَى الخُلُقَ الرِّجَالُ فَإِنَّمَا=يُنْبِيكَ عَنْ خُلُقِ الرِّجَالِ المَوقِفُ
فَاعْدُدْ لِيَومِ العَادِيَاتِ وَلا تَكُنْ=مِمَّنْ إِذَا حَزَبَ التَّعَسُّفُ سَوَّفُوا
وَإِذَا أَتَى وَعْدُ السَّمَاءِ فَجَيْشُهُ=مُتَحَيِّزٌ لِلحَقِّ أَوْ مُتَحَرِّفُ
يَا قُدْسُ يَا أَرَجَ الخُلُودِ مِنَ الهُدَى=يَا بَهْجَةَ النَّفْسِ التِي لا تُوصَفُ
يَا قُدْسُ دَنَّسَكِ اليَهُودُ فَلَيتَ مَا=فِي الكَونِ يَفْدِي الطُّهْرَ فِيكِ وَيُرْدِفُ
يَا قُدْسُ تَرْسُفُكِ القُيُودُ فَلَيتَنِي=فِي القَيدِ دُونَ عَظِيمِ قَدْرِكِ أَرْسُفُ
سَأَعُودُ أَحْمِلُ رَايَتِي مُضَرِيَّةً=بِالدِّينِ وَالعَزْمِ المَتِينِ تُرَفْرِفُ
وَعَلى جَبِينِ الفَخْرِ أَكْتُبُ مِنْ دَمِي=آيَاتِ مَجْدٍ بِالإِبَاءِ تُشَنِّفُ
قَدْ ضِعْتِ يَوْمَ أَضَعْتُ فِيكِ هُوِيَّتِي=وَيُعِيدُنِي سَيْفٌ إِلَيكِ وَمُصْحَفُ
رجاء تنسيق القصيدة من مشرفي الشعر ولكم جزيل التقدير
تعليق