هذه رسالتي الأولى لك, لا أعلم هل تصلك أم لا؟ فأنت اليوم لست في عالمنا, ولكننا قد لا نعدم وسيلة الاتصال بمن هم في عالم الحقيقة, فنحن المزيفون في عالم الصور المقلوبة, نبث فيروس مرضنا في كل مكان, فأرجو ألا يصلكم.
لا زال وصفك ليوم حلبجة الدموي ماثلا في خيالي, أراه كشريط سينمائي كلما استحضرت ذكراك في مخيلتي!! حينما نهضت من نومك فزعا على صوت الموت الوافد من شتى الجهات, رصدتك حين لجأت إلى أبيك لتحتمي به من الموت القادم مع هواء الحياة, لكنه كان قد فارقها, بحثت عن أمك فوجدتها, جاثمة على صدر إحدى أخواتك الصغيرة بلا حراك والملاك الصغير مبتسما في موته, هززتها لتقوم من سباتها الأبدي لتدافع عن طفلها الصغير الذي لم يتجاوز أعوامه السبع, لكنها كانت قد رحلت رغما عنها إلى عالم آخر, أخوتك الصغار أيضا رحلوا عالمك خلال النوم قبل أن يكبروا ليدركوا ما خطب هذا العلم المليء بالموت, أعمامك وعماتك أيضا لم يستجيبوا لك, هربت من ذلك البيت بحثا عن الحياة خارجه, لكن الموت كان في كل مكان, يتربص بالأحياء ليقتلهم باسم الوطن والهوية.
لا أدري من أين أتتك تلك القوة؟ ولماذا بقيت على قيد الحياة لدقائق, ربما لترسل لي تلك الرسالة المقتضبة, التي خططتها بأيد لم تكن تتقن الكتابة بعد, كلمات جاءت صغيرة ومتباعدة, تحكي صورا عن مشهد ذلك اليوم القميء, كلمات لا تزال تقفز أمامي كلما رأيت مشهد الموت في أي مكان في عالمنا الذي يفتخر بعدد القتلى, صديق العزيز طارق: اليوم يقتلونني في حلبجة, كما قتلوني مئات المرات من قبل في دير ياسين وصبرا وشاتيلا وسربنيتسا وجروزني وبرشتينا وجوهانسبورغ والمجرم واحد.
طلبت مني في رسالتك قبل أن يترصد الموت بك جاثما بجوار الحائط, أن أخبرك كل بضعة سنين عن الجديد في عالمنا, وها أنا أخبرك, أتدري ما الجديد في حاضرنا؟ الجديد في حاضرنا أن المجرم أضحي بطلا في عيون المهزومين.
انتهى
لا زال وصفك ليوم حلبجة الدموي ماثلا في خيالي, أراه كشريط سينمائي كلما استحضرت ذكراك في مخيلتي!! حينما نهضت من نومك فزعا على صوت الموت الوافد من شتى الجهات, رصدتك حين لجأت إلى أبيك لتحتمي به من الموت القادم مع هواء الحياة, لكنه كان قد فارقها, بحثت عن أمك فوجدتها, جاثمة على صدر إحدى أخواتك الصغيرة بلا حراك والملاك الصغير مبتسما في موته, هززتها لتقوم من سباتها الأبدي لتدافع عن طفلها الصغير الذي لم يتجاوز أعوامه السبع, لكنها كانت قد رحلت رغما عنها إلى عالم آخر, أخوتك الصغار أيضا رحلوا عالمك خلال النوم قبل أن يكبروا ليدركوا ما خطب هذا العلم المليء بالموت, أعمامك وعماتك أيضا لم يستجيبوا لك, هربت من ذلك البيت بحثا عن الحياة خارجه, لكن الموت كان في كل مكان, يتربص بالأحياء ليقتلهم باسم الوطن والهوية.
لا أدري من أين أتتك تلك القوة؟ ولماذا بقيت على قيد الحياة لدقائق, ربما لترسل لي تلك الرسالة المقتضبة, التي خططتها بأيد لم تكن تتقن الكتابة بعد, كلمات جاءت صغيرة ومتباعدة, تحكي صورا عن مشهد ذلك اليوم القميء, كلمات لا تزال تقفز أمامي كلما رأيت مشهد الموت في أي مكان في عالمنا الذي يفتخر بعدد القتلى, صديق العزيز طارق: اليوم يقتلونني في حلبجة, كما قتلوني مئات المرات من قبل في دير ياسين وصبرا وشاتيلا وسربنيتسا وجروزني وبرشتينا وجوهانسبورغ والمجرم واحد.
طلبت مني في رسالتك قبل أن يترصد الموت بك جاثما بجوار الحائط, أن أخبرك كل بضعة سنين عن الجديد في عالمنا, وها أنا أخبرك, أتدري ما الجديد في حاضرنا؟ الجديد في حاضرنا أن المجرم أضحي بطلا في عيون المهزومين.
انتهى
تعليق