صلعة القرد ثدي للمص.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • الضيف حمراوي
    أديب وكاتب
    • 28-11-2008
    • 70

    صلعة القرد ثدي للمص.

    صلعة القرد ثدي للمص.
    كان الشويك ينتظر واقفا، بجانب الربوة التي تشبه صلعة قرد هرم- وتحمل ذات الاسم - وقد ضاقت روحه وتقلص العالم من حوله.
    آه، لولا..... لأشعلت هذه السدراية وألقيت بنفسي في قلبها.
    - نهاية رائعة قالت الربوة التي تشبه صلعة القرد. جملة تخيل شويك أنه سمعها من ناحية ما هناك .
    لكن ذلك سيكون نهاية بالنسبة لي أنا أيضا ، لأن موتك سيفقدني كل قيمتي، فقيمتي كلها قائمة على تمسكك بي، وتمسك شعيب .
    خوفا من أن يكون قد مسه مس ، جعله يسمع الربوة تحدثه سار مبتعدا عنها .
    - شعيب اللعين ، ها هو قد أقبل يسبق السيد المحضر القضائي صاعدا نازلا بين يديه ، قافزا من حافة الدرب إلى الحافة الأخرى كجرو ثعلب لعين .
    تمنى لو اشتعلت كومة السدر المركونة من تلقاء نفسها ، وكرمه الله بمدد إلهي لألقي في قلبها شعيب اللعين، والمحضر القضائي ، وكل الوثائق، والعقود والأحكام القضائية والمحاضر العبثية ، التي أنتجها الخصام الطويل فاسحا المجال للسلم والأمن كي يستقر على هذه التلال والروابي.لكن هيهات
    وصل الموكب اللعين ، وبدأت المعاينة والاستجواب.
    - لمن الربوة ؟
    - الربوة لي ، ورثتها عن أبي ، وأبي ورثها عن جدي ، وأنا أربط فيها حماري باستمرار منذ أن كان جحشا يرضع ضرع أمه و لا يأكل العشب حتى أصبح هرما كما ترى.
    - قال شعيب : ها أنت تعاين التعدي بأم عينك يا أستاذ .
    - هل وجودي فوق ملكيتي تعد أيها الوقح؟.
    - اسمعا ، لا أريد أن اسمع هذه الشتائم ، فأنا أمثل العدالة الموقرة ، وعليكما احترام العدالة.
    - عفوا ولكن...
    - واصل
    - يربط حماره بملكيتي يفسدها بروثه وبوله، ويدمر هدوءها بنهيقه.
    - تقول ملكيتك أيها اللع....
    - اسمع ، اصمت دعه يتحدث ، سيأتي دورك ، لا تضيع الوقت ، وقتي ثمين..
    - عفوا سيدي المحضر، لكن....
    - واصل
    - بينما يقضي هذا الظالم المعتدي يومه ممدا على رملها ، معرضا جسده الضخم لأشعة شمسها الدافئة ،متوسدا هراوته التي يشهرها في وجهي كلما رآني.
    - منذ متى بدأ تعديه؟
    - منذ سنوات، وقد رافعته أمام العدالة ؟.
    - وماذ كسبت من العدالة أيها النذل الكذاب.
    - أنت النذل الكذاب ، احترم نفسك.
    - اسمعا ، اسمعا ، لا أريد أن اسمع هذه الشتائم ، فأنا ....
    - عفوا يا استاذ
    - وماذا قالت العدالة؟
    - ها هي أحكام العدالة، لقد أدانته بالسجن.
    - أنا أيضا رافعته أمام نفس العدالة وقد أدانته بالسجن ، هاك الأحكام.
    - لا ، أنا لا أنظر الأحكام، أنا لست قاضيا، أنا عين القاضي وأذنه، أنا رجله وجلده.
    - قل هل هذا حمارك ؟ نعم.
    - هل تعترف بذلك ؟
    - نعم.
    - أرجو يا أستاذ أن تسجل في المحضر وجود روث الحمار فوق الربوة، القديم منه والجديد ، لأن القاضي سبق أن برأه لعدم إثباتك في المحضر السابق وجود الروث فوق الربوة .
    قال القاضي في حكمه، أن إقرار هذا الظالم بربطه الحمار فوق الربوة غير كاف لإدانته، لأن المحضر القضائي لم يثبت في محضر معاينته وجود روث الحمار فوق الربوة.
    - ها قد أثبت وجود الروث فوق الربوة، هل بقي شيء آخر.
    - والآن حان دوري يا ستاذ .
    لا ، فالأمر الذي عندي ، يأمرني أن أسمع تصريحات السيد شعيب ، وأسجلها ، وأعاين مدى صحة ما يصرح به فقط. ولا أستطيع مخالفة الأمر ، أو الزيادة عليه.
    في طريق العودة ، سال السيد المحضر القضائي شعيبا:
    - يا شعيب بالله عليك ، لمن الربوة؟ هل هي لك أم للشويك.
    - نظر شعيب إلي السيد المحضر بحزن وأسى يعجز المدى عن استيعابهما ، ثم أدار وجهه و ضغط بيديه على مقود السيارة الهرمة التي كانت تتدحرج في الدرب، محدثة ضجة غطت على نهيق الحمار المودع فوق الربوة .
    - أتوسل إليك بالله يا شعيب أن تخبرني بصدق ، لمن الربوة؟.هل هي لك أم للشويك؟ .
    - لا أستطيع أن أخبرك الصدق يا أستاذ.
    - لماذ ،سأبقي ما تقول سرا ، أقسم لك بالله ، وبكل عزيز عندي.
    - دعك من القسم ، فقد أصبح القسم مطية . الجميع يقسم ،و أكذب الناس على الإطلاق ، المقسم بأغلظ الإيمان ليمتطي المنصب ثم يفعل ما يشاء.
    مرت فترة من الصمت مر خلالها شعيب بسحابة كثيفة من الغضب الشديد ، وتساءل بينه وبين نفسه - ماذا لو يقرر الآن الفصل في القضية بتوجيه السيارة نحو منحدر سحيق ؟. وآلمه أن يحمل كل هذا الظلم المر معه إلى قبره.
    - هل حقيقة لا تعرف-يا سيدي المحضر- لمن الربوة " صلعة القرد"؟
    - ومن أين لي أن أعرف ؟.
    - كنت أعتقد أنك تعرف، وأنك قد عرفت ذلك منذ أمد بعيد.
    - كيف ، ومن أين لي..؟
    - الربوة يا سيدي المحضر ليست لي ، وليست للشويك ؟.
    - هل تتخاصمان على ملك الغير؟
    - نعم. تلك هي الحقيقة المرة الثابتة التي لا يريد أحد الاعتراف بها.
    - من صاحبها بالله عليك.
    - الربوة ياسيدي ، ملك لك ولشركائك.
    - ضحك السيد المحضر، وقد لاح شيئ من الحنق والغضب على ملامحه ، وهم بالرد.
    - عفو، ياسيدي ، اقسم أنني أقول لك الحقيقة خالصة.
    - أتهزأ مني ، كيف تكون الربوة لي، وأنا لست طرفا في الخصومة الدائرة حولها ، ولا مطلب لي فيها.
    - عفوا سيدي المحضر، أجبني أنت هذه المرة بصدق.
    - هل تجد شخصا- مهما كان، وليستغلها لأي شأن يراه نافعا له- على استعداد ليستأجرها بألف دينار للسنة الواحدة؟.
    - وماذا يفعل بها وهي أرض قمرية لا تنبت شيئا؟.
    - إذا وجدت هذا الشخص ، فأنا من الآن ، وبموجب محضر إقرار مني أمامك ، على أتم استعداد للتخلي عنها وبصفة نهائية وإلى الأبد ، لفائدة الشويك.
    - أسألك سيدي المحضر ، وأرجو ان تجيبني بصدق: كم مرة أحضرك الشويك لتحرير محاضر معاينة وإثبات ، خلال هذه السنة فقط ؟ وكم محضرا حررت بشأنها بطلب منه؟
    - سبع مرات ، أي سبع محاضر.
    - ألفا دينار أتعاب كل محضر معاينة، أي أنك حصلت بفضلها على أربعة عشر ألف دينار منه خلال السنة، ومثلها أخذته مني في نفس الفترة، وعلى نفس العدد من المحاضر.
    - نعم هذا صحيح.
    - ولست وحدك الذي تمتهن المص، فما أنت إلا المنطلق، ودون النهاية تشيب الأجنة.
    - فلمن هي أذن، ولمن ثمارها، يا سعادة المحضر؟
    - ماذا تريد أن تقول؟.
    - حين تجد مظاهر الثراء والبذخ قد لاحت على وجه أحدكم ،أو على جدران مؤسسة لها علي وعلى الشويك سلطة....
    صمت ونظر من زجاج نافذة السيارة المهترئة الراقص ، فأبصر كلبا يبلع فضلات أمامه ،مبرزا أنيابه لكلب أعجف وراءه يلحس مؤخرته طامعا في تحصيل ما يمكن أن يتسرب... تجاوز المنظر، و أدار رأسه صوب محدثه ، نظر فيه بوجه امتصت ملامحه الظلم حتى الثمالة، وامتصه الظلم حتى فقد ملامح البشر .
    - أريد أن أقول: إن الربوة ، وكل قطعة أو عقار ،ساقه سوء حظ أهله ، أن يدخل إلى سوقكم ، لن يبقي ملكا لصاحبه، وإنما يصبح ملكا لك ولأمثالك، ممن يشكلون دواليب حهازكم الرهيب الذي لا يدور دون أن يطحن لحوم، وعظام ، ودماء الأبرياء، ويمتص نخاع البسطاء الأغبياء ، مثل شعيب المقهور، وشويك المغرور ،وكل الذين يلجئون إليه بحثا عن العدالة التي أهدروها بأيديهم بين يديه.


    الضيف حمراوي 01/02/2011
    التعديل الأخير تم بواسطة الضيف حمراوي; الساعة 02-02-2011, 17:13.
  • محمد فطومي
    رئيس ملتقى فرعي
    • 05-06-2010
    • 2433

    #2
    تحيّة جميلة أستاذ الضيف حمراوي.
    الشّويك و شعيب ،جيران و أبناء عشيرة واحدة و لاناقة لهما و لا ربوة في كلّ ما يجري في أرضهما.
    سلّما الرّبوة بطيبة و غفلة و مرارة إلى الوسيط ،هذا السّمسار الذي تنازلا له عن الرّبوة موضوع النّزاع بعنوان التّنازع عليها.
    صحيح و بالغ الشّموليّة ما ترويه أستاذي من وقائع هنا.
    و إنّي أشاطرك الرّأي،إذ ليس هناك مستفيد في كلّ ما يحدث سوى الوسيط الّلعين،لكن ما يحجب هذا السّلوك المتفشّي هو غطاء القانون يغذّيه و يقرضه مشروعيّة أكبر تمسّك كلّ طرف بموقفه و لجوؤهم للغريب المبتزّ.
    ثمّ في الأخير أليست الرّبوة الجولان و كشمير و دارفور و غيرها..؟

    أشكرك أستاذ حمراوي على متعة القصّ الشّيق و الهادف.
    دمت بخير.
    مدوّنة

    فلكُ القصّة القصيرة

    تعليق

    • سلمان الجاسم
      أديب وكاتب
      • 07-02-2011
      • 122

      #3
      الأستاذ الضيف حمراوي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      قرأت قصتك الجميلة ..وأعجبني إختيارك للكلمات ..والوصف والتشبيه الذي أجدت فيه..
      وإني أسأل كم من ربوة سيتم التنازع عليها بالمستقبل؟ ..
      لكن .. الأمم المتحدة موجودة وستحل هذه النزاعات كعادتها..
      تمنياتي لك بالتوفيق ..والى مزيد من التألق .

      تعليق

      يعمل...
      X