اختراع الليل
أفاق أحمد هذا الصباح وتفقد زوجته أمينة في السرير فرآها في قاع مملكة النوم.. فحمد الله على اعفائه له من موشح الصباح..
أمام المرآة وهو يحلق ذقنه استغفر ربه على سوء اختياره بالزواج من أمينة ابنة عمه خاضعا للتقليد البليد " ابن عمها أحق بها "..
تخلى عن فنجان القهوة الصباحي لكي ينفد قبل أن تصحو زوجته..وترهق دماغه بنعيقها..وجيوبه بطلباتها.. وماكاد يتملص من ردفتي الباب حتى ضبطه صوتها كنقطة تفتيش:
- أحمد أنت رايح..؟
- أيوه خايف أتأخر .. عندي جرد حسابات في المؤسسة..
- طيب انتظر لحظة..
وعند الباب وقفت أمينة تسلخ أعصابه قياما وقعودا..بينما كان هو يتحاشى رائحة فمها ويدس بصره في حقيبة أوراقه كذريعة تحميه من النظر إلى شكلها المنكوب..
في المساء عاد محملا بقائمة الطلبات التي فرضتها عليه وزارة الداخلية..مؤملا أن ينجو من شظايا ملاحظاتها..
استقبلته بابتسامة عريضة غسلت عنه تعب النهار وبشعر مصفف بعناية وبعينين تتدفقان امتنانا لما حمل وفرحا بعودته..وسارعت تريح يديه من الأكياس وكتفيه من الجاكيت.. وركعت تلبسه الشبشب في قدميه.. وتحاصره بالشكر لجهوده وبالدعاء له بالصحة وطول البقاء..
على المائدة انتشرت نكهة الأطعمة التي أعدتها لمعدته وتزاحمت أمامه الأطباق التي تسكبها له واختتم الوليمة بكوب الشاي والنرجيلة التي استنفرت أمينة على تبديل جمراتها حتى اذا حان موعد السرير..غرق أحمد بلطف زوجته الفياض وأتخم بأنوثتها التي أمطرته بها حتى بللت المكان والسيقان.. وحين خمدت الحركة والهمسات واللمسات..تنهد الزوج ملء رئتيه سعادة وارتياحا وفكر عميقا ليخرج باستنتاج عبقري قبل أن يغفو:
- " يبدو أن الله حين خلق المرأة.. فكر في اختراع الليل لتنمية مواهبها ورحمة بالرجل الذي يعاشرها.. ليتوازن الكون في البيت.. "