الذي يأتي
كان المطر حقيقيا .
انهمر بقوة وسط العاصفة المرعبة .
وكنت انتظر .
لكنه لم يطرق النافذة
بهدوء شديد وحذر طفولي انتظرت .......ربما في هسهسة الريح يخطئ طريقه إلي نافذتي ....ربما
كان الوقت والمطر والانتظار . وكنت بينهم أتلبس حالة من القلق والتوتر ..الفرح الخوف و..الترقب.
انه يأتي....لكنه..
انه يطرق النافذة ...
قفزت دون حذر هرعت صوب النافذة ،صفعني الهواء بقوة حتى ردني إلي فراشي.
فجأة صمت كل شئ ...حتى صوت المطر.
عادت الطرقات تتوالي كل مساء مع المطر....لكن المطر كان حقيقيا ....العاصفة ....الماء..كان أيضا حقيقيا ..
وحدها طرقات النافذة كانت مواربة وغير حقيقية ، لذا لم يأت.
تعودت اذناي سماع طرقاته علي النافذة ( المخادعة) ومع هذا الشك .....كنت انتظر .
انتظره بشغف كبير ..أتسلل إلي النافذة كطفل يهفوا إلي قطعة حلوى ... بهدوء وحذر خشية أن تفزع وبنفس الهدوء كان الهواء البارد القاسي يصفعني ليردني إلي فراشي ...ثم صار يشفق علي ....يربت علي خدي بحنان أبوي.
ذات مساء أو ذات صباح....
أو ذات وقت غير محدد، دخل من الباب .
هكذا كما لم أتوقعه أبدا.
فجاءني بهدوء وحذر .
كان مبللا بمطر حقيقي ،وكان ثمة زهور تنبت في راحة كفة تنثر عطرا غامضا يشبه أكليل الجبل .
كان أجمل مخلوق وقعت عليه عيناي ..لقد كان أجمل من غريق ماركيز.
استغرقني الذهول حتى نسيت أن افرح وأنسى عذاب انتظاري، وكنت حين نقل خطواته المتمايلة بخفة كخطوات راقص ـ رغم ضخامته المفرطة ـ مذهولة تماما ولم ارفع نظراتي عنه لحظة واحدة
تفتت البلاط تحت قدميه وانبثقت مكانها براعم لزهور بيضاء غريبة الشكل وسرعان ما شملت المكان رائحة جميلة لم اعرفها من قبل.
كان يقرب مني وأنا افتح ذراعي لاحتوائه.
كان يقترب بخطواته متمهلا وأنا أمد ذرا عيي بقوة لتحتويه.
كان يقترب بخطواته متمهلا كأنما يسبح في الفضاء...
حين دخل الغرفة كان حقيقيا..
اقسم لكم ...لقد كان حقيقيا ،تماما كالمطر الذي اسمعه كل ليلة والطرقات التي تشاغب النافذة وتمعن في خداعي كأشواقي ولهفتي وترقبي وخيبتي كل ليلة.... كان حقيقيا.
اندس من خلال فسحة الفراغ الضيقة أسفل باب الغرفة ......ازدادت ضخامته ...اكتسى باللحم والشحم ارتدى جلده..
صار شيئا مرعبا..
صار مثل خوفي
تقدم نحوي...مذهولة مددت له يدي...
فتحت له ذراعي .......
....تجاوزني ومضى إلي النافذة المفتوحة كأنه لا يراني....
ذاب مع الهواء البارد وزخات المطر الثقيل.
بنغازي ربيع 1992
عائشة إدريس المغربي
aichaedres@yahoo.fr
كان المطر حقيقيا .
انهمر بقوة وسط العاصفة المرعبة .
وكنت انتظر .
لكنه لم يطرق النافذة
بهدوء شديد وحذر طفولي انتظرت .......ربما في هسهسة الريح يخطئ طريقه إلي نافذتي ....ربما
كان الوقت والمطر والانتظار . وكنت بينهم أتلبس حالة من القلق والتوتر ..الفرح الخوف و..الترقب.
انه يأتي....لكنه..
انه يطرق النافذة ...
قفزت دون حذر هرعت صوب النافذة ،صفعني الهواء بقوة حتى ردني إلي فراشي.
فجأة صمت كل شئ ...حتى صوت المطر.
عادت الطرقات تتوالي كل مساء مع المطر....لكن المطر كان حقيقيا ....العاصفة ....الماء..كان أيضا حقيقيا ..
وحدها طرقات النافذة كانت مواربة وغير حقيقية ، لذا لم يأت.
تعودت اذناي سماع طرقاته علي النافذة ( المخادعة) ومع هذا الشك .....كنت انتظر .
انتظره بشغف كبير ..أتسلل إلي النافذة كطفل يهفوا إلي قطعة حلوى ... بهدوء وحذر خشية أن تفزع وبنفس الهدوء كان الهواء البارد القاسي يصفعني ليردني إلي فراشي ...ثم صار يشفق علي ....يربت علي خدي بحنان أبوي.
ذات مساء أو ذات صباح....
أو ذات وقت غير محدد، دخل من الباب .
هكذا كما لم أتوقعه أبدا.
فجاءني بهدوء وحذر .
كان مبللا بمطر حقيقي ،وكان ثمة زهور تنبت في راحة كفة تنثر عطرا غامضا يشبه أكليل الجبل .
كان أجمل مخلوق وقعت عليه عيناي ..لقد كان أجمل من غريق ماركيز.
استغرقني الذهول حتى نسيت أن افرح وأنسى عذاب انتظاري، وكنت حين نقل خطواته المتمايلة بخفة كخطوات راقص ـ رغم ضخامته المفرطة ـ مذهولة تماما ولم ارفع نظراتي عنه لحظة واحدة
تفتت البلاط تحت قدميه وانبثقت مكانها براعم لزهور بيضاء غريبة الشكل وسرعان ما شملت المكان رائحة جميلة لم اعرفها من قبل.
كان يقرب مني وأنا افتح ذراعي لاحتوائه.
كان يقترب بخطواته متمهلا وأنا أمد ذرا عيي بقوة لتحتويه.
كان يقترب بخطواته متمهلا كأنما يسبح في الفضاء...
حين دخل الغرفة كان حقيقيا..
اقسم لكم ...لقد كان حقيقيا ،تماما كالمطر الذي اسمعه كل ليلة والطرقات التي تشاغب النافذة وتمعن في خداعي كأشواقي ولهفتي وترقبي وخيبتي كل ليلة.... كان حقيقيا.
اندس من خلال فسحة الفراغ الضيقة أسفل باب الغرفة ......ازدادت ضخامته ...اكتسى باللحم والشحم ارتدى جلده..
صار شيئا مرعبا..
صار مثل خوفي
تقدم نحوي...مذهولة مددت له يدي...
فتحت له ذراعي .......
....تجاوزني ومضى إلي النافذة المفتوحة كأنه لا يراني....
ذاب مع الهواء البارد وزخات المطر الثقيل.
بنغازي ربيع 1992
عائشة إدريس المغربي
aichaedres@yahoo.fr
تعليق