تربية الأبناء
ويحبب إليه الثياب البيض دون الملونة والإبريسم ويقرر عنده أن ذلك من شأن النساء والمخنثين، ويمنعه من مخالطة الصبيان الذين عودوا التنعم، ثم يشغله في المكتب بتعليم القرآن والحديث وأحاديث الأخبار، ليغرس في قلبه حب الصالحين، ولا يحفظ من الأشعار التي فيها ذكر العشق .
ومتى ظهر من الصبي خلق جميل وفعل محمول، فينبغي أن يكرم عليه، ويجازى بما يفرح به، ويمدح بين أظهر الناس، فإن خالف ذلك في بعض الأحوال تغوفل عنه ولا يكاشف، فإن عاد عوتب سراً وخوف من اطلاع الناس عليه، ولا يكثر عليه العتاب، لأن ذلك يهون عليه سماع الملامة، وليكن حافظاً هيبة الكلام معه . وينبغى للأم أن تخوفه بالأب، وينبغى أن يمنع النوم نهاراً، فإنه يورث الكسل، ولا يمنع النوم ليلاً ولكنه يمنع الفرش الوطيئة لتتصلب أعضاؤه .
ويتعود الخشونة في المفرش والملبس والمطعم . ويعود المشي والحركة والرياضة لئلا يغلب عليه الكسل . ويمنع أن يفتخر على أقرانه بشيء مما يملكه أبواه، أو بمطعمه أو ملبسه . ويعود التواضع والإكرام لمن يعاشره .
ويمنع أن يأخذ شيئا من صبى مثله، ويعلم أن الأخذ دناءة، وأن الرفعة في الإعطاء ، ويقبح عنده حب الذهب والفضة ، ويعود أن لا يبصق في مجلسه ولا يتمخط ، ولا يتثاءب بحضرة غيره، ولا يضع رجلا على رجل، ويمنع من كثرة الكلام ، ويعود أن لا يتكلم إلا جواباً، وأن يحسن الاستماع إذا تكلم غيره ممن هو أكبر منه، وأن يقوم لمن هو فوقه ويجلس بين يديه .
ويمنع من فحش الكلام، ومن مخالطة من يفعل ذلك، فإن أصل حفظ الصبيان حفظهم من قرناء السوء . ويحسن أن يفسح له بعد خروجه من المكتب في لعب جميل، ليستريح به من تعب التأديب، كما قيل : روح القلوب تع الذكر . وينبغى أن يعلم طاعة والديه ومعلمه وتعظيمهم . وإذا بلغ سبع سنين أمر بالصلاة، ولم يسامح في ترك الطهارة ليتعود، ويخوف من الكذب والخيانة، وإذا قارب البلوغ، ألقيت إليه الأمور .
"منهاج القاصدين"
تعليق