رسالة امرأة
الساعة التاسعة صباحا.. لا تنسى يا أحمد أن تأتي غدا مع بقية رجال القرية لكري نهر القرية ..يتكلم فدعم والكلمات تتسابق من فمه (هذا تبليغ عمي الشيخ !)..وهو يدير وجهه متجها إلى دار جاري : (لا تنسى ذلك!!)
دخلت بيتي وأنا أسمع طرق باب جاري بيد فدعم كأنه صوت طبل سومري ..
(هذا لا يجوز والله العظيم لا يجوز ).. انتبهت إلى صوت زوجتي وهي تكلمني :
- ما بك يا رجل ؟ هل جننت لماذا تكلم نفسك ؟
- نعم جننت وسيجن بقية أهل القرية إذا استمر الحال هكذا ! إلى متى نبقى نعمل ونكد بالزراعة وبالتالي يذهب الناتج للشيخ الذي يتصدق علينا بالفتات ؟!
- أسكت يا رجل أسكت وهي تتلفت والخوف يبدو واضحا على وجهها ..(ألا تذكر ما جرى لخليفة عندما رفض الذهاب العام الماضي ؟ ألم يجدوه مشنوقا !! ويتحدث الناس إنه أصبح منتحرا لأن زوجته توفيت قبل ستة أشهر ومن شدة حزنه عليها وفراقه لها إنتحر لأنه لم يعد يحتمل العيش وحيداً وهو بعمر ال55 من العمر هل نسيت ؟! وهل تذكر بيت صالح الذي احترق ليلا ..والسبب كما أشيع إهمال المرحوم صالح لأنه ترك المدفأة مشتعلة طول الليل !! ..هل تذكر ذلك؟)
- (نعم أتذكر ذلك) قلت لزوجتي ورجفة الخوف تدب في أطرافي!!
دعينا من هذا الحديث المزعج ..ماذا ستعدين لنا من غداء ؟
- سأعد لك شوربة العدس التي تحبها !
في الصباح الباكر أيقظتني زوجتي.. (هيا يا رجل فطورك جاهز تناوله بسرعة واذهب إلى النهر مع بقية رجال القرية)..
تناولت فطوري على مضض ودفعت نفسي دفعا للبدء بالعمل , وعندما وصلت وجدت عشرات الرجال داخل النهر منهم من بدأ بالعمل ومنهم من وصل تواً مثلي .
بدأ العم حمدان كعادته بالأهازيج الحماسية التي تشحذ الهمم ! .. ولا أظنها كذلك ! .. وهناك أناس يصحون على صوت فيروز وهي تشدو بأغاني الصباح .
وأنا ارفع مسحاتي محملة ببعض الطين والحشيش لأخرجها على أحد كتفي النهر , شاهدت الشيخ بوجهه الأحمر المعافى وشاربه الكث الأسود الذي لا يزال أثر الصبغ عليه وملابسه البيضاء وبرفقته بعض رجاله وبعض أبنائه من زوجاته الأربع ! وهو يبتسم مستأنساً بصوت العم حمدان ..
- ( فدعم , يا فدعم أين مزهر؟ لا أراه مع الرجال.. هل قمت بتبليغه؟)
- نعم عمي الشيخ بلغته ولكنه أخبرني إنه مريض !!
- ماذا تقول ؟ مريض .! لا يمرض إلا في هذا اليوم إلا عندما نريد تنظيف النهر..! اذهب إليه وقل له أن يأتي ويشارك إخوته ..اذهب فوراً.
- حاضر عمي الشيخ ..
يعود بعد ساعة فدعم والعرق يتصبب من كل جنباته ومن تحت إبطيه !!..
(عمي الشيخ لم يحضر مزهر يقول أنني مريض لا أستطيع ).
- يا .... ارجع إليه , وقل له إذا لم يأتي فليرسل زوجته بدلا عنه ..! أقول زوجته هل سمعت يا فدعم ؟ .. سأذهب إلى البيت , وسأعود ظهرا.. ووجه الشيخ أصبح شديد الحمرة من الانفعال !!
- نعم .. نعم عمي الشيخ .
يعود فدعم والوقت ضحى .. ومعه عديلة زوجة مزهر !!..
تدخل عديلة داخل النهر المجفف حديثا إلا من بعض برك الماء الصغيرة التي أبت أن تترك النهر لشدة تعلقها به , وهي تحمل مسحاتها لتشارك بقية رجال القرية في تنظيف النهر، ولا يزال العم حمدان يشدو الأهازيج بصوته الجهوري .. تنظر عديلة متفقدة الشيخ وتجول بنظرها على كتفي النهر ولا تراه .. تبدأ بنزع ملابسها .. قطعة , قطعة .. حتى أصبحت عاريةٌ تماما !! ويصمت العم حمدان وتتلاشى الأهازيج وتضيع الحماسة ويصمت معه كل الرجال !!
ويبادرها الرجال القريبون منها : (ماذا تفعلين؟! هل فقدت عقلك؟! ألا تستحين وأنت تتعري أمام الرجال؟! )..وهنا قهقهت عديلة بضحكات عالية مستهجنة .. وتقول وبصوت مرتفع تشوبه حشرجة بكاءٌ وألمٌ وحزنْ !!..
( وأين هم الرجال؟! أهؤلاء رجال ؟! إن ما أراه أمامي كومة نساء!!
..الرجل الوحيد هو عمي الشيخ وسألبس ملابسي عندما يحضر !!).
الساعة التاسعة صباحا.. لا تنسى يا أحمد أن تأتي غدا مع بقية رجال القرية لكري نهر القرية ..يتكلم فدعم والكلمات تتسابق من فمه (هذا تبليغ عمي الشيخ !)..وهو يدير وجهه متجها إلى دار جاري : (لا تنسى ذلك!!)
دخلت بيتي وأنا أسمع طرق باب جاري بيد فدعم كأنه صوت طبل سومري ..
(هذا لا يجوز والله العظيم لا يجوز ).. انتبهت إلى صوت زوجتي وهي تكلمني :
- ما بك يا رجل ؟ هل جننت لماذا تكلم نفسك ؟
- نعم جننت وسيجن بقية أهل القرية إذا استمر الحال هكذا ! إلى متى نبقى نعمل ونكد بالزراعة وبالتالي يذهب الناتج للشيخ الذي يتصدق علينا بالفتات ؟!
- أسكت يا رجل أسكت وهي تتلفت والخوف يبدو واضحا على وجهها ..(ألا تذكر ما جرى لخليفة عندما رفض الذهاب العام الماضي ؟ ألم يجدوه مشنوقا !! ويتحدث الناس إنه أصبح منتحرا لأن زوجته توفيت قبل ستة أشهر ومن شدة حزنه عليها وفراقه لها إنتحر لأنه لم يعد يحتمل العيش وحيداً وهو بعمر ال55 من العمر هل نسيت ؟! وهل تذكر بيت صالح الذي احترق ليلا ..والسبب كما أشيع إهمال المرحوم صالح لأنه ترك المدفأة مشتعلة طول الليل !! ..هل تذكر ذلك؟)
- (نعم أتذكر ذلك) قلت لزوجتي ورجفة الخوف تدب في أطرافي!!
دعينا من هذا الحديث المزعج ..ماذا ستعدين لنا من غداء ؟
- سأعد لك شوربة العدس التي تحبها !
في الصباح الباكر أيقظتني زوجتي.. (هيا يا رجل فطورك جاهز تناوله بسرعة واذهب إلى النهر مع بقية رجال القرية)..
تناولت فطوري على مضض ودفعت نفسي دفعا للبدء بالعمل , وعندما وصلت وجدت عشرات الرجال داخل النهر منهم من بدأ بالعمل ومنهم من وصل تواً مثلي .
بدأ العم حمدان كعادته بالأهازيج الحماسية التي تشحذ الهمم ! .. ولا أظنها كذلك ! .. وهناك أناس يصحون على صوت فيروز وهي تشدو بأغاني الصباح .
وأنا ارفع مسحاتي محملة ببعض الطين والحشيش لأخرجها على أحد كتفي النهر , شاهدت الشيخ بوجهه الأحمر المعافى وشاربه الكث الأسود الذي لا يزال أثر الصبغ عليه وملابسه البيضاء وبرفقته بعض رجاله وبعض أبنائه من زوجاته الأربع ! وهو يبتسم مستأنساً بصوت العم حمدان ..
- ( فدعم , يا فدعم أين مزهر؟ لا أراه مع الرجال.. هل قمت بتبليغه؟)
- نعم عمي الشيخ بلغته ولكنه أخبرني إنه مريض !!
- ماذا تقول ؟ مريض .! لا يمرض إلا في هذا اليوم إلا عندما نريد تنظيف النهر..! اذهب إليه وقل له أن يأتي ويشارك إخوته ..اذهب فوراً.
- حاضر عمي الشيخ ..
يعود بعد ساعة فدعم والعرق يتصبب من كل جنباته ومن تحت إبطيه !!..
(عمي الشيخ لم يحضر مزهر يقول أنني مريض لا أستطيع ).
- يا .... ارجع إليه , وقل له إذا لم يأتي فليرسل زوجته بدلا عنه ..! أقول زوجته هل سمعت يا فدعم ؟ .. سأذهب إلى البيت , وسأعود ظهرا.. ووجه الشيخ أصبح شديد الحمرة من الانفعال !!
- نعم .. نعم عمي الشيخ .
يعود فدعم والوقت ضحى .. ومعه عديلة زوجة مزهر !!..
تدخل عديلة داخل النهر المجفف حديثا إلا من بعض برك الماء الصغيرة التي أبت أن تترك النهر لشدة تعلقها به , وهي تحمل مسحاتها لتشارك بقية رجال القرية في تنظيف النهر، ولا يزال العم حمدان يشدو الأهازيج بصوته الجهوري .. تنظر عديلة متفقدة الشيخ وتجول بنظرها على كتفي النهر ولا تراه .. تبدأ بنزع ملابسها .. قطعة , قطعة .. حتى أصبحت عاريةٌ تماما !! ويصمت العم حمدان وتتلاشى الأهازيج وتضيع الحماسة ويصمت معه كل الرجال !!
ويبادرها الرجال القريبون منها : (ماذا تفعلين؟! هل فقدت عقلك؟! ألا تستحين وأنت تتعري أمام الرجال؟! )..وهنا قهقهت عديلة بضحكات عالية مستهجنة .. وتقول وبصوت مرتفع تشوبه حشرجة بكاءٌ وألمٌ وحزنْ !!..
( وأين هم الرجال؟! أهؤلاء رجال ؟! إن ما أراه أمامي كومة نساء!!
..الرجل الوحيد هو عمي الشيخ وسألبس ملابسي عندما يحضر !!).
تعليق