
مصر يا جنتي... يا فردوس الأوطان.. نيلك شرياني والقلب هو سهولك والغيطان، وفي وصف حبك يعجز المنطق واللسان، حبيبة حبها في كل شيء تبدى، في شجن الثكالى وضحكات الصبيان، واسمك الغالي نشيد لولاه ما نطقت شفتان، يمتزج بترانيم الإنجيل وتلاوة القرآن ...ما الدنيا إلا قارب أنت فيه القائد الربان، وبدونك لا وصول إلى مرفأ أو شطئان.. وما أنت –حبيبتي- إلا طنفس وعشاقك فيه محض خيطان، نسجنا لك ثوب الكرامة يمتد من الثغر إلى أسوان، فلا لوم إن قلت إني في حبك متيم ولهان..
أنا الشهيد .. أنا الشهيد، نطقت في زمن سكت فيه العبيد، وصار فيه الكل كلاً أو قعيد، وأتيتك يا بلادي بفجر كان بعيد، هذي دمائي خضبت قدماك، ألا ليت عندي من مزيد، ، وهذي رفاتي ازرعيها بصحرائك لتنبت فجراً جديد.. وهذي روحي ثمناً لبسمتك وياله من ثمن زهيد..
وأنا روح الأرض.... أنا الفلاح، أنا وليد الفجر وموقظ الصباح ..وغيطاني هي السماء والجناح، أنا خضار عينيك ومن خديك أخذت لون التفاح، أنا سنابل أرضك وأنا زهرك الفواح، وأنا أمين النيل أعلم قدره أمواجاً وأقداح، سلبوني فأسي فاحتلت أرضي الأشباح... يا مصر أنت صندوق الكنز وأنا المفتاح
وأنا حارسك .. أنا خير الأجناد، على صدري نقشت اسمك يا أعز البلاد، عيني على ثغورك و عزيمتي لهب واتقاد، أزود عنك يا أرضي وأنا لعدوك بالمرصاد، هذي بندقيتي ودمي رصاصها اصطففت إلى جوار إخوتي .. حين رفضوا الضيم والاستعباد، ما كنا عبيد وما كانوا هم الأسياد، فأنا يد الحق لا مقصلة بيد الجلاد .. يا مصر أنا اللون الأحمر يعتلي علمك ويتوج السواد..
وأنا مصباحك أنا صاحب العلم، أنا الرأس وإخواني الجسم، رسمت اسمك في كل محفل وما اروع الرسم، وحلقت نحو الثريا وعلوت كل نجم، ومخطئ من ظن أني نسيتك وفري هذا الزعم، أنا قنينة الفكر أنثر عطره فواحاً بكل فهم، وأنا سلاحك.. أنا القوس.. أنا السهم، سجنوك محبوبتي بمعتقلات جهل وظلم، وعاثوا في غيهم والوهم، يا مصر أنت الجنة وأنا رضوانك معي الميثاق والختم
وأنا ترسك.. أنا العامل.. أنا الصانع، أنا القاطرة والقضبان أنا الدافع، أضاعوني وعلموني أني محض تابع، وصرت بين أهل الصناعة تائه ضائع، رغم أني يدي صنعت فأسك ووشاحك وحسامك القاطع، وأنا المجيد لكل حرفة وصنائع، غاب صيتي وصوتي عن الآذان والمسامع، من قال أنك لست مني وأنني منك فهو أفاك مخادع
وأنا المبدع... أنا الفنان، عشقتك يا مصر فعشقك وروحي توأمان، وهبتك الفؤاد والنفس والوجدان، ونقشت اسمك في سويدائي ما انشغلت عنك ولا مسني هجران، ورسمت وجهك على أعمدة المعابد والجدران، هذي أحرفي نطقت على أوتار هدبك والعيدان، وأنا صوتك ترنمت بكل الكلمات والمعان، وعلى صفحة السماء رسمتك بكل رقة وإتقان، وعشقك بالقلب يسري كما النيل دائم الجريان.
إني أحبك ومن ذا الذي لا يحب مصر؟ وأنت رمز الفخار والصبر والنصر، يا محراب صلواتي وقبلة روحي مدى الدهر، ملأت صفحات الهوى بعشقك سفر بعد سفر، وسهرت ارسم يومك حتى مطلع الفجر، واليوم جاء النصر
الآن صار لدمي ثمناً غير الدولار، الآن بت داري بحق يا خير الديار، يا مصر هذي نيران غضبي أحرقت كل متكبر جبار، وهذا لهيب عشقك به اصطلي ولا يمسسك منه إلا ضوء وأنوار، وتلك رفاقي شموس في سماء جبينك وأقمار، حرقنا صحائف المذلة فلا بورك من في النار، قضى بعضنا ووفوا الشهادة كراماً وأبرار، هل رأيتني أشيد هرماً جديداً خلب الألباب والأبصار، فضميه إلى خزانة كنزك فهو أروع الآثار، واسمعي شدوي فقلبي قيثارة وشرايني الأوتار...
هيا اعتلي كل القمم، فإنا بنينا شقيق الهرم، وكلنا قد ردد ذات القسم أن اعلمي يا بلادي أننا فداك وأننا على من ظلم، وأننا بنوك سنبني ما انهدم وأننا صف لن ينقسم وأننا أبداً لا ننهزم، فلولاك ما سعينا ولا خطى قدم، مياه نيلك طهورنا وأكفاننا العلم.. وقد أشهدنا رب القلم، وأنطقنا كل أخرس واسمعنا كل أصم، ولن ينتابنا وهن أو سأم، فلست ضيعة لمن فينا حكم، وما ظلمناه ولكن هو من ظلم، ظلم وقهر وسفك دم، وتضييع أعمار ووئد همم، ومحو هوية وطمس القيم، وإضاعة مجد عريق القِدم، وأنت الأم لعُرب وعجم فصيروك مضغة في كل فم، وساقونا بأرضك كأنا غنم، وكنا فراعنة عظيمي الشيم، فأبكيناهم على ملك لم يدم وعلمناهم أن الحياة بلا كرامة هي العدم
مصر يا حبي الخالد هيا نطال من أحلامنا بعيدها.. وننادي أيام صفونا ونعيدها... وتزيني يا مليكة فهذا يوم الملكة وعيدها، وأنت الحسناء كثرٌ عشاقها وحسادها... هيا إلى موكب النصر فكل الأميرات في إنتظار ملكة تقودها، فمن مثلك لديها أمل طفلها ومجد جدودها... هل من مليكة مثلها الكون عرشها والأنجم عبيدها...
حسام الدين مصطفى
[/align]
تعليق