حميــــر عـــــرام...

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • انورخميس
    أديب وكاتب
    • 08-11-2008
    • 104

    حميــــر عـــــرام...

    هذه القصة:

    *- كنت قد بدأت كتابتها منذ ستة اشهر وتوقفت قبل النهاية بسطور وكتبت هذه السطور قبل ايام.

    *- نظرا لطولها ونظرا للمزاج العام الذى لا لم يعد يقبل القصص الطويلة_وهذا خطأ من وجهة نظرى_ فإنى سأنشرها على حلقات اتمنى ان تساندنى الظروف على ان تكون اسبوعية.

    *- سأنشرها فى منتداكم الكريم وكلا من منتدى (همس القلوب- اروقة الادب _ عبد الرحمن يوسف_ الواحة المصرية).

    *-ليست النقطة السابقة ترويجا لهذه المنتديات فأغلبها معروف للمهتمين بالشأن الادبى وانما تحصينا للنص من قراصنة الاسماء المستعارة الذين يعيثون فسادا بحقوق الملكية الفكرية.

    *-قد تلقى استحسان البعض وقد تلقى انتقاد البعض الاخر وقد تقابل بالتجاهل لكن المهم انى كنت هنا وكتبت.

    *- اتمنى ان يصل معنى القصة لمتصفحى هذه الصفحة وان لا يخرج متصفحها بنقيض ما قصدت فيها.

    *- فى النهاية اتمنى ان تروقكم.


    ************************************************** ********

    _ حميــــر عرام_


    -1-


    أصبح فى حكم المؤكد فى ظنه أن منسوب التبن فى غرفة التبن بالفعل يتناقص..شك فى البداية فتعمد وضع علامات بعد كل(علفة ) يقدمها لبهائمه..خطط بالطباشير عند كل حائط من الحوائط الأربع وأحاط المنسوب من أسفل ببعض قوالب الطوب..وفى موعد (العلفة) يعاين المنسوب..العلامة أول أمس كانت فوق مفتاح الكهرباء بمقدار ثلاثة أشبار قاسها بيده..وأمس كانت العلامة فوق المفتاح بمقدار شبرين ..أما اليوم فهى بالكاد تحاذى مفتاح الكهرباء ..والمسافة بين قوالب الطوب وحدود التبن من أسفل تباعدت بضع خطوات قاسها بقدميه..فأين ذهب الفاقد؟..شك أن أحد عيال الجار يتخطى الحائط الفاصل بين زريبته وبيت الأخير ليختلس الكمية المذكورةليطعم بها مواشيه..إفتعل عدة شجارات إنتهت بأن حلف الجار وأولاده المتزوجون يمين طلاق من زوجاتهم جميعا بعدم إقترابهم من تبنه.


    " يبقى التبن بيروح فين؟" سؤال تسائلته إمرأته فكانت الإجابة "إسألى نفسك؟" ..إجابة الرجل حملت على ما بدا للمرأة كما غير قليل من الشك والريبة مما دعاها للرد فى تحديق قائلة " قصدك إيه يا عرام؟" ..وعرام هو إسم الرجل الذى رد بدوره"قصدى قرايبك الجعانين اللى مش مكفيكى تديهم أكلنا إنما كمان عايزة بهايمهم ياكلوا أكل بهايمنا!" ..يتضح من إجابة الرجل أنها تحمل كما كبيرا من الإهانة والإستعلاء والمن والمعايرة
    مما دفع المرأة تحت وطأة الشعور بجرح الكرامة لأن ترد فى ثورة " ليه يا عمر؟!" .. وعمر هذه ليس لقبا للرجل أو كناية يكنى بها أو حتى اسمه فى ورق الحكومة الرسمى والذى سبق وأعلناه..إنما هى إفتتاحية معتادة لوصلة( ردح) حيث تابعت " هو انت كان أبوك الباشا صاحب الوسية وأنا بنت الخدامة بتاعتكم قمت عطفت عليا وإتجوزتنى..فوق يا عرام وإن كنت ناسى أفكرك!" ..ثم إسترسلت فى حديث طويل مستعرضة تاريخ الرجل الأسود وأصله وفصله ..من أن بدايته كانت كجوال فى الأسواق كقصاص للمواشى من حمير ومعيز......إالخ.. حتى عمله بتجارة الحبوب ثم زواجه بها وهى بنت بيت أصيل تمتد جذوره فى البلدة لجدود الجدود ..أما هو فوافد إبن أجرى وأمه كانت خبازة تخبز للناس بخمسة (ساغ) ..ثم إستعرضت حداثة النعمة التى حلت عليه بفضل مقدمها السعد وإقراضه الفلاحين بالربا نظام الجنيه بجنيه..أو لمن يستعصى عليه الفهم أنه يقرض بفائدة 100% أيا كانت مدة القرض ..وهذا ما أتى له بالأراضى والبهائم بل وحتى التبن المتهمة فيه..أخذ( عرام ) الوصلة فى جانبه ولم يعقب ..بل إكتفى فى نهاية الشجار بأن حلف يمين طلاق بألا يبيت ليلته فى سرير هذه (الولية النكدية) على حد قوله ..تاركا المرأة وقد هدأت قليلا إلا ان شبهة إتهامها باطلا أرقتها فلم تستطع النوم ..فعزمت على أن تبيت ليلتها فى الزريبة ..علها تمسك لص التبن وتبرأ ساحتها .

    _ يتبع_
    التعديل الأخير تم بواسطة انورخميس; الساعة 20-02-2011, 20:00.
    http://anwarkamess.maktoobblog.com/
  • هدير زهدي
    • 19-02-2011
    • 8

    #2
    [align=center]
    كنت من قبل لا أحب الكتابة باللغة العامية ،
    نعم "لا أحب" ، ذلك الشعور الداخلي الذي ربمـــا يناقض الحب ،
    ولكني اكتشفت بعد ذلك أن تلك اللغة هي الأنسب كثيرا إلى بعض الفئات والبيئات المختارة في القصة -كقصتك- لأنها الأقرب في المصداقية لتلك المجتمعات .

    وأما القصة فلم تتضح ملامحها بعد فمازالت في السطور الأولى ،
    فأتشرف بالمتابعة ، وانتظر ...
    لك تحياتي واحترامي ،

    [/align]

    تعليق

    • انورخميس
      أديب وكاتب
      • 08-11-2008
      • 104

      #3
      استجابة لنصيحة بعض الاصدقاء فى بعض المنتديات المذكورة..وتجنبا لفتور التواصل بين القارئ والنص..فإنى سأحاول نشر حلقة كل يومين ..


      العزيزة هدير زهدى ..بل اتشرف أنا بمتابعتك عزيزتى..
      التعديل الأخير تم بواسطة انورخميس; الساعة 22-02-2011, 21:46.
      http://anwarkamess.maktoobblog.com/

      تعليق

      • انورخميس
        أديب وكاتب
        • 08-11-2008
        • 104

        #4
        2


        "إنتى بتخطرفى يا ولية..قال حمير قال!..حمير إيه اللى تسرق التبن ..إنتى اتهطلتى؟!" كان هذا رده على ما حكته المرأة من أنها أمسكت لص أو لصوص التبن ..وهم الحمارة الكبيرة التى يركبها هو وجحشيها الصغيرين اللذين يركبهما ولديه ..لكنه لم يصدق مما دعاه لإتهامها بالخطرفة والهطل ..مما دعا المرأة بدورها لأن ترد التهم عن نفسها .." ومقام الشيخ عمار ..أنا شايفاهم بعينى إللى ما اوعى اشوف بيها تانى ....." بعد القسم المغلظ وتمنيها زوال بصرها إن كان كلامها كذب..أخذت فى مشهد تمثيلى تصور كيف أنها دخلت الزريبة مختبأة فى فتحة الفرن القديم وأنها رأت من مكانها إصطفاف الحمارة الكبيرة وورائها جحشيها أمام غرفة التبن وكيف أن الحمارة الكبيرة التقمت (سقاطة) الباب جاذبة إياها لأسفل ليرتفع اللسان وينفتح الباب فتدخل ويدخل صغيراها ورائها ملتهمين من كومة التبن ..وكيف أنها _أى المرأة_ قد التقطت عود بوص جاف من الأرض وخرجت من مخبأها ودخلت على الحمير منهالة عليها ضربا مجبرة إياها على الخروج.. ثم قيدت أرجلها كل قدمين على حدة لمنعها من الإقتراب من الغرفة..لم يصدق الرجل كلمة مما قالته زوجته.. "شوف الولية ..تسرب التبن لبهايم أهلها وتجيبها فى حميرى !" ..هكذا قال فى عقل باله ..ولكن كى يبطلها حجتها فقد قرر أن يبيت هو الآخر ليلة فى الزريبة ..فمساء وبعد تقديم العلفة المعتادة آخر النهار ..قام بفك قيد الحمير الثلاثة ثم خرج وعاد متسللا قبل إنتصاف الليل بقليل داخلا غرفة التبن بإنتظار ما سيحدث .


        بعدها بوقت ليس بقليل كان قد غفا خلاله على كومة التبن إنتبه على صوت دفع رفيق للباب المغلق فقام مسرعا مختبئا خلفه حتى سمع صوت السقاطة تجذب واللسان يرفع والباب ينفتح رويدا وتظهر الرأس الكبير للحمارة الأم التى دفعت الباب برأسها لتفسح لها مكانا للدخول ثم تبعها الجحشين متجهين جميعا إلى كومة التبن ملتهمين منها..لم تدم دهشة الرجل إلا ثوان بعدها رفع العصا التى كان قد أحضرها معه منهالا فى قسوة على الحمير مشبعا إياهم بأصناف من الشتائم والسباب ..ثم فعل ما فعلته إمرأته من إقتياد الحمير إلى الخارج وتقييدها حتى لا تقترب من الغرفة ..وكإجراء تأديبى قام بالإمتناع عن تقديم التبن او أى علف آخر للحمارة السارقة وجحشيها لمدة ثلاثة أيام ..مع إستمرار تقييد أرجلها لمنعها من الإقتراب من الغرفة مع رقابة مشددة تناوب عليها هو وإمرأته وولديه فى دوريات نهارية ليلية ..وكرد فعل قامت الحمارة وصغيريها بالإمتناع عن تأدية عملها فى هذه الايام الثلاثة ..نعم .إمتنعت الحمير عن حمل عرام وولديه إلى أى مكان لم يفيد الضرب أو اللعن والسباب فى تحريك الحمير من رقدتها لتقف وتسمح للرجل أو ولديه بوضع (البرادع) على ظهورها ..مما كان له اكبر الأثر على حركة الرجل وولديه..فالذهاب للحقل الذى هو من إختصاص الولدين أصبح يتم سيرا على الأقدام بأن يسحب أحدهما البقرة والجاموسة ..ويسحب الآخر العجلين والفحل ..أما عن حركة عرام نفسه فقد شلت تماما ..فالرجل أصيب منذ سنوات بخشونة المفاصل وأصبحت قدماه لا تحملاه فلزم بيته طوال الأيام الثلاثة مما كاد معه أن يجن ودفعه لأخذ مقرعته الغليظة الخاصة بـتأديب ولديه ودخل على الحمير منهالا على أجسادها وأرجلها ضربا نتجت عنه إصابات متعددة ..فالحمارة الكبيرة كسرت ساقها ..والجحشين أحدهما فقد عينه والآخر أصيب بشج فى رأسه بين الأذنين ..وبعدما هدأت ثورته ذهب إلى زوجته يشكو حاله فقالت.." يكفيك شر مكر الحمير".. " مكر إيه وطين إيه ..يا وليه دول حمير..حميييييير".. "حتى الحمير بييجى عليها وقت وتفهم!!".. قالت ثم نصحته بأن يداويهم ويعيد لهم حصة التبن المقررة ..بل ويزيدها ..ثم يرى كيف ستجرى الأمور .


        أخذ الرجل بنصيحة زوجته وزاد عليها بان أتى بطبيب الوحدة البيطرية لمداواة الحمير..أخبره البيطرى بعد معاينة الإصابات أن فترة الاستشفاء ستستغرق جمعتين حتى تجبر الكسور وتشفى الجروح..ونصحه بألا يستخدمهاأثناء هذه المدة سواء فى التنقلات أو حتى فى نقل البرسيم من الحقل ..قبل عرام النصيحة على مضض..وأخذ أثناء هذه المده ومن نافذة فى الزريبة صنعها خصيصا لذلك..أخذ يراقب سلوك بهائمه المتمردة ..فبعد أن وضع البرسيم للبقرة وعجليها..والجاموسة وفحلها..والتبن للحمارة مكسورة القائمة وجحشيها الأعور والآخر مشجوج الرأس إنسل خارجا ووقف مراقبا من النافذة..البهائم جالبة الالبان وصغارها مدت أفواهها فى نهم تلتهم أعواد البرسيم الخضراء الطازجة المحشوشة رأسا من الحقل ..أما البهائم مركوبة الظهر فقدمت شفاهها الغليظة فى ملل تلوك من التبن الجاف الذى هو فى الأصل بقايا عملية حصاد قمح الموسم الماضى ..بعد هنيهة سئم الصغيران الاعور ومشجوج الرأس المذاق الجاف لطعامهم..تطلع الأعور بعينه السليمة إلى ما تلوكه البهيمة السوداء التى هى ضعف حجم أمه بين أسنانها وسولت له نفسه الإقتراب ببطئ فى محاولة لمشاركتها بعض ما تلتهمه ..فما كان منها إلا أن طوحت رأسها للخلف ثم عادت بها للأمام ناطحة إياه بعنف لترميه بضعة أمتار ليستقر عند أمه مكسورة الساق ..حاول أخوه مشجوج الرأس أن يحذو حذوه لكن مع صغار البهيمة الأخرى الصفراء..فهما من حجمه وقد يستطيع التفاهم معهما ومشاركتهما بعض ما يلتهمان..ولكن امهما تحجبهما عنه ..فهى تقف سادة الطريق إليهما مانعة تكدير صفو وجبتهما ..وعلاجا لذلك حاول التسلل من خلفها والوصول إليهما فما كان منها عندما شعرت به إلا أن ركلته بقائمتيها الخلفيتين ركلة قذفته إلى الحائط مدمية جرح رأسه فعاد خائب المسعى إلى أمه وأخيه ملتهما معهم من الوجبة الجافة..موقنا أن لا غذاء له سواه ..حدث كل هذا على مرأى من عرام فانصرف عن النافذة وقد ظن انه وجدها.
        http://anwarkamess.maktoobblog.com/

        تعليق

        • ربيع عقب الباب
          مستشار أدبي
          طائر النورس
          • 29-07-2008
          • 25792

          #5
          تملك خيالا فسيحا
          و قدرة على النسج
          و الامساك بالفكرة بشكل طيب و حساس !!

          فى الجزء الأول قرأت قصة قصيرة مكتملة
          و فى الجزء الذى يليه لم تتبع نفس الأسلوب فى التناول
          بل أفرطت فى بيان و إظهار حالات الإهانة التى لحقت بالحمارة و جحشيها
          من صاحبها ، و من مثيلتها من الحيوانات فى الزريبة !!

          جميل أن نكتب عن ما نعرف ، فهذا بالتأكيد سوف يمنحنا الإجادة
          و هذا الرصد أوحى بتلك المعرفة !!

          مازالت للقصة بقية
          سأنتظر بقيتها

          كل ما أريد قوله أن أخطاء بالجملة قد تسربت منك
          فأرجو معاودة القراءة و التصحيح ، لأن اللغة هى
          موصلة و حاملة كالاناء ، فإذا لم يكن سليما تسرب منه ما بداخله
          و لا قصة بلا لغة سليمة !!

          خالص محبتي
          sigpic

          تعليق

          • انورخميس
            أديب وكاتب
            • 08-11-2008
            • 104

            #6
            [align=justify]
            أستاذى القدير\ ربيع عقب الباب..

            تشرف نصوصى دائما بمقدمك سيدى ..

            واعتز بمتابعتك لنصوصى..

            ملاحظاتك القيمة جدا..سأعود للتعقيب عليها لاحقا..


            ملحوظة.

            قد تجد إطنابا فى هذه الحلقة ليس سهوا إنما هو إطناب إستفزازى له قصد فنى.



            كل الإمتنان أستاذ.

            أنور..
            [/align]
            http://anwarkamess.maktoobblog.com/

            تعليق

            • انورخميس
              أديب وكاتب
              • 08-11-2008
              • 104

              #7
              _3_




              فى العلفة التالية وبرغم ما فى ذلك من كلفة قبلها شحه على مضض..قام بتقديم قدر ضئيل من البرسيم بجوار التبن للحمارة وجحشيها إسترضاء وتعويضا وإخمادا للتمرد وتوقف تماما عن المراقبات النافذية والدوريات الليلية لغرفة التبن ظنا منه أن الأمر قد إنتهى ..لكنه بعد أيام كانت الحمير فيها قد إستردت عافيتها وقبلت بحمل الرجل وولديه لقضاء مصالحهم وفى زيارة روتينية منه لغرفة التبن وجد أن المنسوب بدأ يتناقص مرة أخرى ..إستبد به الغضب وهم أن يأتى بمقرعته لكن إمرأته نصحته بألا يفعل ..فقد يهلك أحد الحمير هذه المرة مسببا خسارة أكبر من خسارة التبن فيصبح الأمر موت وخراب ديار ..إقتنع فعاد إلى مراقباته النافذية بعد أن وضع العلفة التى اصبحت معتادة من تبن وبرسيم ..فلاحظ أن البهائم جالبة الألبان بعدما تفرغ من حصتها تستدير لتلتهم حصة الحمارة وصغارها مستغلة ما لها من قوة غاشمة فى فرض أمر واقع على البهائم الأضعف فما يكون من الحمارة إلا أن تنتحى بجحشيها جانبا حتى تفرغ جالبة الألبان من إلتهام وجبتها لتعود باحثة عن عود أخضر يكون قد ضل طريقه إلى أحد الأفواه المغتصبة ..لكنها لا تجد..فتعود لتلوك التبن الجاف والذى استلبت معظمه هو الآخر الأفواه المغتصبة فلا تشبع الحمير ..مما يضطرها إلى القيام بغارة ليلية على غرفة التبن ..فكر ثم فكر فهداه تفكيره إلى حل ..قام بإبعاد الجاموسة وفحلها والبقرة وعجليها عن الحميرمع ربطها وفى موعد (العلفة) أخذ يراقب ..فوجد أن الأمور تسير على ما يرام ..فالكل إرتضى ملتزما بما وضع له من علف محترما نصيب الآخر ..ظل الأمر على هذ المنوال ثلاثة أيام إكتشف فى رابعهاإنخفاض منسوب التبن عن آخر علامة كان قد وضعها !..يا للجنون العباساوى!!..أصابت الرجل حالة من الحنق والغيظ تعالت بالتدريج على وجهه وأذنيه فى صورة ألوان..أصفر فأحمر ..وفى النهاية أسود ..وفيما يشبه اللوثة خرج إلى الحمير متكلما.. " أعمل فيكم أيه؟!..تقييد وقيدت..ضرب وضربت ..برسيم وعلفت..أعمل فيكم إيه يا ولاد الرفضى هتودونى المورستان!"..سمع ضحكة فاختلط عليه الأمر فقال ذاهلا.." مين فيكم اللى ضحك!!"..ولكنه عندما سمع الصوت الضاحك نفسه يقول " سلامة عقلك يا عرام ..هى الحمير بتضحك؟!..انت إتخبطت فى نافوخك يا راجل ؟!".. إلتفت إلى الخلف فوجد إمرأته وإبنيه فى النافذة غارقين فى الضحك فانتهر الولدين قائلا " انتوا بتضحكوا على ايه يا ولاد الصرمة ..إمشوا غوروا من هنا" .
              التعديل الأخير تم بواسطة انورخميس; الساعة 24-02-2011, 22:47.
              http://anwarkamess.maktoobblog.com/

              تعليق

              • انورخميس
                أديب وكاتب
                • 08-11-2008
                • 104

                #8
                _4_


                جرب أن يضع على الباب قفلا ورزة لكنه فى الصباح التالى وجد القفل برزته على الارض والباب المكسور مفتوح على مصرعه والحمير وقد باتت ليلتها فوق كومة التبن فكان أن إتخذ قرارا.." هبيع الحمير ".. "وتركب إيه يا عرام وإنت ما بتقدرش تمشى؟".. "هاشترى جحش من سوق الأحد".. "طب والعيال هيروحوا الغيط بإيه؟".. "هاجيب عربية كارو حديد يجرها الجحش ..العيال يروحوا بيها الغيط..ولما آجى اروح مشوار أفك الجحش من العربية وأركبه "..."طب وعلى إيه ده كله؟".. "على إيه؟ّ!..ما آديكى شفتى بعينك ..دى حمير مكارة ما تتآمنش!".

                كان هذا مضمون الحوار الذى دار بينه وبين زوجته عندما قرر أن يبيع الحمير ..وكانت العبارة الأخيرة من الحوار هى مضمون نظريته عن الحمير ..فماذا عن نظرية الحمير ذاتها فى الموضوع ؟!..نعم..فبالتأكيد للحمير أيضا نظرية..فلو كنت حمارا لدى مالك بخيل لا يطعمنى ما يكفينى وصغارى ..ووجدت نفسى أمام تل من طعام مهما أكلت منه لن ينفديحول بينى وبينه باب خشبى وطريقة تسلل بسيطة لأشبع أنا وصغارى فبالطبع سـأفعل ..الوجه القبيح للموضوع أنى بعدها لن أكتفى أبدا بما يقدمه لى مالكى البخيل من علف حتى ولو زاد لى فيما يقدمه ..فالطريق الثانى رغم أنه ملئ بالعواقب من ضرب مقارع..وكسر أرجل ..وفقأ عيون ..إلا أنه يظل أكثر بكثير مما يقدم لى حتى ولو أصبح يكفينى ..فالأمر أصبح أمر وفرة ..لا أمر كفاية ..ومن يعرف الوفرة ..صعب عليه أن يرضى بالكفاية..ومن السهل على ساعتها وأنا كحمار ألتهم من كومة التبن وأهز ذيلى مفكرا فى مشروعية ما أفعل ..من السهل أن ألقى باللوم على مالكى البخيل الذى جوعنى فاضطرنى إلى السرقة ..وعندما أعطانى حد الكفاف ..أعطانيه كى يتجنب هذه السرقة..ولم يعطنى إياه لأنه حق لى عليه..هذا إن كنت حمارا..أما وأن الحال أنى لست كذلك..ولم يثبت إلى الآن أن الحمير تفكر ..إنما الشائع عنها أنها تتصرف بالفطرة..فنحن لا نستطيع بطبيعة الحال الوصول ليقين بصحة النظرية السابقة ..وتصبح نظرية الحمير فى الموضوع شأن حميرى صرف ..لا يستطيع البت فيه..إلا حمار حقيقى بذيل وأذنين..ويستطيع القارئ بالتالى أن يتجاهل السطور الأخيرة من أول عبارة" فماذا عن نظرية الحمير ذانتها فى الموضوع؟!......." حتى نهاية هذه الفقرة..وليبدأ فى قراءة الفقرة التالية ..كأن شيئا لم يكن!!.
                التعديل الأخير تم بواسطة انورخميس; الساعة 27-02-2011, 18:19.
                http://anwarkamess.maktoobblog.com/

                تعليق

                • انورخميس
                  أديب وكاتب
                  • 08-11-2008
                  • 104

                  #9
                  _5_


                  جاء بتاجر حمير كان يقص له حميره يوم كان يعمل قصاصا ليعاين الحمارة والجحشين ويثمن ويشترى .. "الجحش ده أعور؟"..أومئ عرام برأسه.. "ما يلزمش يا عرام".. "ليه بس يا حاج؟".. "مالوش زبون ما انت عارف".. "الحمارة دى رجلها مكسورة صح؟" ... " كانت يا حاج بس انا جبتلها البيطرى جبر الكسر".. "عضمها لاحم غلط يا عرام"...ثم هم ليركبها ليعرف مدى تأثير الكسر على قوة إحتمالها فما كان من الحمارة إلا ان هاجت وماجت ونهقت وبدأت وصلة رفس حر فى الهواء حتى أسقطت الرجل وكادت أن تدهسه تحت أقدامها لولا أن سحبه عرام منهالا على الحمارة بعود(جريد) فى يده حتى هدأت ..."مال حميرك يا عرام ؟!"... "لا مؤاخذة يا حاج ..أنا مش عارف إيه اللى جرالها ..دى حمارة هادية لا بتهش ولا بتنش ..مش عارف ايه اللى عفرتها النهاردة بنت الهرمة!"... "لا يا عرام ..ما تنفعش ..الزبون أول ما يشوف إنها بترفص هياخد ديله فى سنانه ويقول يا فكيك!"...أجاب الرجل فتابع عرام محاولا إنقاذ ما تبقى من البيعة .." طب أقولك ..شوف الجحش التانى ..آهو كامل مكمل ..لا رجل مكسورة ولا عين مفقوعة"..
                  إقترب الرجل بحذر من الجحش الذى لم يبد حراكا فاطمأن الرجل وإقترب منه مبتسما محاولا فتح فم الجحش وفحص أسنانه ليعرف عمره الحقيقى تجنبا للغبن..فما كان من الجحش فور أن فتح الرجل فمه إلا أن عض على إصبع الرجل الذى ظل يصرخ مستنجدا بعرام الذى إنهال على فك الحمار المحتوى على إصبع الرجل بعود الجريد حتى خلص إصبع الرجل بأعجوبة بعد أن قضم الجحش جزء من لحمه ..الرجل بعدما لعن وسب وطهر جرحه وضمده فوجئ بعرام يسأله .." ها..هتاخدهم بكام يا حاج".. " خدك عفريت يا بعيد ولا بتلاتة ابيض!" "ليه بس يا حاج..طب حتى قايضنى..خد الحمارة والجحشين وإدينى جحش من عندك" "تانى بيقول لى آخدهم ..خدهم طاعون يا شيخ..حميرك مسعورة يا عرام ..حتى لو هتدينى فوقهم فلوس مش هاخدهم!!"....وخرج غاضبا ..متألما ..دون أن يلقى السلام.

                  بارت الحمير فلم يجد من يشتريها ..فالرجل المعضوض المتألم قد أساء لسمعتها بطبيعته الثرثارة التى تستلزمها مهنته كتاجر مواشى..فكلما قابله أحد زملاء المهنة وسأله عن إصابته وتمنى له السلامة ..قص عليه ما حدث من وصلة الرفس الحر للحمارة الأم حتى عضة الجحش الصغير ..متبعا ذلك بنصيحة إنتقامية محتواها .. "دى حمير مسعورة..إوعى تشتريها"..لذا فقد باءت كل محاولات عرام للترويج للحمير بالفشل..مما شعر معه أن الحمير بفعلتها مع الرجل تتحداه!..وأنها تشعر_أى الحمير_أنها فى موقف الأقوى وتتصرف من هذا المنطلق..كبرت فى رأسه فأقسم أن يذل أنوفها..ليثبت أنه لا يزال سيد الزريبة!.
                  http://anwarkamess.maktoobblog.com/

                  تعليق

                  • انورخميس
                    أديب وكاتب
                    • 08-11-2008
                    • 104

                    #10
                    _6_



                    [align=justify]فكر أن يستعين بكلب..لكنه لن يكون من الصنف البلدى الذى تعج به القرية..فهذه الكلاب بحكم تعايشها مع الحمير وغيرها من البهائم لا يستبعد أن تنشأ بينها وبين الحمير ألفة وفى النهاية توالس معها (تتواطئ معها) وبالتالى يستمر نزف التبن..لذلك فهى من حيث المبدأ غير مؤتمنة بالإضافة إلى أن أغلبها غير مدرب على الحراسة ..ولهذا فقد إستلزم وفاءه بالقسم إبتعاث إبنه إلى إحدى مزارع المواشى المحيطة بحواف البلدة كى يسأل صاحبها الذى له به معرفة قديمة أن يمنحه كلبا من كلابه الحارسة للمزرعة وأن يعطيه مقابله ما شاء من ثمن على أن يكون مهاودا( معقولا)..فما كان من الرجل إلا ان تنازل له بلا مقابل عن كلب كان قد كبر سنه واصبح غير ذا جدوى ..اللهم إلا النباح الخالى من الأفعال الأخرى لكلاب الحراسة من هرولة خلف اللصوص وعض من يقع منهم تحت طائلتها ..عاد الولد بالكلب فرحا لأبيه الذى فرح بدوره بالهدية شاكرا معروف الرجل ..مثنيا على أصله..فعل هذا قبل أن يعلم أنه ليس هناك معروفا ولا يحزنون..فالكلب بالإضافة إلى ما سبق كان مصابا بالجرب!..فكل من يلمسه تنتابه حالة هياج جلدى وهرش لا تتوقف إلا بأن يرمى المصاب نفسه فى( طشت الحموم) ..وعلاجا لذلك فقد إشترى الرجل له ولأهل بيته من الشيخ زين العطار وصفة لعلاج الجرب والحكة..بل وأتى بالشيخ زين نفسه ليعالج جرب الكلب..فانصلح حال الكلب ..وانصلح حال أصحابه ..وتوقف الجميع عن (الحموم)!!..[/align]
                    التعديل الأخير تم بواسطة انورخميس; الساعة 01-03-2011, 22:08.
                    http://anwarkamess.maktoobblog.com/

                    تعليق

                    • انورخميس
                      أديب وكاتب
                      • 08-11-2008
                      • 104

                      #11
                      _7_




                      كانت خطته أن يربط الكلب على باب التبن ثم يترك الباب مواربا حتى إذا همت الحمير بالدخول إنقض عليها بعصاه ليعلم الكلب أن مهمته هى الحول بين الحمير والتبن ..وقد كان ..فبعدها ولعدة اسابيع لم تستطع الحمير التسلل خوفا من الحارس الجديد ونباحه العالى ..لكن ذات يوم دخل عرام ليجد الحمير متسللة إلى الغرفة والباب دون حارسه الذى نجح فى فك قيده وذهب إلى جهة غير معلومة ..ليعرف بعد بحث أن هذه الجهة غير المعلومة هى بيت الجارالذى كان يحوى بين ما يحوى كلبة رآها الحارس الهمام تتبختر فوق الجدار الفاصل بين البيتين فوقع فى هواها ولم تعد له قدرة على فراقها.. فتخلى عن مهمته الجسيمة تلبية لنداء الغرام..وعلاجا للمسألة ..إستعاد الرجل كلبه رابطا إياه بسلسلة حديدية بدلا من الحبل الليفى الذى يسهل على الكلب التخلص منه ..ثم ذهب إلى الجار عارضا عليه أن يبيعه الكلبة مقابل نقلتين من البرسيم كى يضمن ألا يحاول حارسه الفكاك مرة أخرى ..رفض الجار فعرض عرام نقلة ثالثة فزاد رفضه متعللا أن لكلبته مهمة سامية لا تقدر بثمن ..ألا وهى حماية (عشة الطيور)من الدراويل (الثعالب)..وعندما لم يجد عرام جدوى من الجدال قام غاضبا مضمرا فى نفسه " أن على نفسها جنت براقش".





                      *****************************************



                      _8_



                      إختطف الكلبة!.. بعث أحد ولديه برغيف خبز وجوال فارغ من الأجولة التى يجمع بها القمح حينما يحين حصاده..أظهر الولد الرغيف للكلبة مستدرجا إياها بعيدا عن بيت أصحابها ثم ألقى بالرغيف داخل الجوال.. وعندما هرعت لإلتقاطه أطبق عليها الفخ وحملها لأبيه الذى كمم فمها تجنبا للعض ثم ربطها بجوار عاشقها ..الذى ما إن رأته حتى هدأت ثورتها المكتومة تحت الكمامة ..إذ انها كانت على ما يبدو تبادله نفس المشاعر..عندما رأى عرام ذلك نزع عنها الكمامة ..ثم أفرغ عليها علبة كاملة من (البويا) السوداء لزوم التمويه ..حتى لا يتعرف عليها صاحبها إن إفتقدها وثارت به الظنون حياله ..وقد كان..فالكلبة ألفت صاحبها أصحابه ..وهدأ صاحبها وإنتبه لمهام عمله وأشركها فيه بعد أن إتخذها زوجة..ويأس الجار من توجيه التهم..فالنباح هو النباح ..والكلبة هى الكلبة..لكن كلبته بيضاء ..لاتمت للسواد الذى يراه بصلة..والبينة على من إدعى ..وقد سبق المنكر باليمين ..إذن ..لا وجه للدعوى..ولم يعد لكلبته وجود..فذهب يبحث عنها فى مكان آخر !!.
                      التعديل الأخير تم بواسطة انورخميس; الساعة 03-03-2011, 22:52.
                      http://anwarkamess.maktoobblog.com/

                      تعليق

                      • انورخميس
                        أديب وكاتب
                        • 08-11-2008
                        • 104

                        #12
                        _9_


                        إستتب الأمن ..وسلم التبن ..وخضعت الحمير للوضع الجديد الذى يهيمن عليه ذا السلسلة الحديدية والنباح الفضائحى والأنياب المستعدة للعض إن لزم الأمر ..وحبلت الكلبة وأنجبت ثلاث جراء وجده عرام حمل زائد وكم غير مرغوب فيه ..ففكر فى التخلص منها بتسريبها بعيدا فى الجبل ..وقبل أن يهم بفعل ذلك حدث ما جعله يغير وجهة تفكيره ..فقد بدأ يلحظ أنه كلما إنتابت الحمير نوبة عصيان كتكاسل فى النهوض من وضع الرقود لحمله..أو تلكؤ فى التهيؤلوضع (البرادع) على ظهورها يقابله هو كل مرة بالسب المتواكب مع إلهاب ظهر العاصى منها بلسعات عصاه يقابله عناد العاصى الناتج عن تعود ردة الفعل ..فيتدخل الكلب بالنباح المتوازى مع التهيؤ للإنقضاض والتمزيق لولا القيد الحديدى المضيق لمجال الحركة ..فيتردع الظهر العاصى ويقف منتصبا ويذعن للبردعة التى تلقى على ظهره مستقبلة جسد عرام ..إذا..الكلب هو المسيطر..وما لهذا جلبه ..جلبه ليكون مأمورا ..لا آمرا..جلبه ليدعم به سيطرته على زريبته ..لا كى يشاركه فيها ..بل وينتزعها منه ..حتى وإن صب كل هذا فى النهاية فى بوتقة الإنضباط الذىيبتغيه فى بهائمه..فليس هذا بيت القصيد..بيت القصيد أن تعرف الحمير بفطرتها البهيمية ..أنه هو فقط السيد القادر على إخضاعها حتى ولو بكلب يأتمر بأمره ..ومسموح لها عند يقينها بذلك أن تخشى كلبه لأنها تخشاه..لا أن تخشاه لأنها تخشى كلبه ..لم ترقه الفكرة الأخيرة فقرر التخلص من الكلب وشريكته ..وأن يحتفظ بالجراء!.



                        كانت عملية نظيفة ..ناصعة البياض ..رخيصة الثمن ..إذ لم يستلزم المر سوى (باكو)سم فئران ..وأمعاء أوزة ذبحتها زوجته فى موسم عاشوراء ..أخذ الأمعاء ونثر عليها السم وأدخل الجراء غرفة التبن وأغلق عليها ..ثم فك قيد الكلب وشريكته مستدرجا إياهما لوسط الدار ووضع لهما الوجبة المسمومة ..لم يثنه تأنيب زوجته.. "حرام عليك".. "إقطعى الخنس يا ولية ..حرمت عليكى عيشتك".. " طب إرميهم فى الجبل وبلاش تسمهم ".. "هيعرفوا السكة ويرجعوا تانى عشان ولادهم ..ويبقى خلصنا من ملعنة الحمير وتلاحتها عشان تقرفنا الكلاب بنجاستها"..
                        "خلاص إرمى ولادهم معاهم وكده مش هيهوبوا هنا".. "ومين يحرس التبن؟"..
                        "يا راجل دول روحين إنت كافر؟!".. "طلعت روحك يا مرة"..تواكبت عبارته الأخيرة مع فردة (مداس )طارت نحو المرأة..كانت قبلها بثوان ينتعلها فى قدمه فتجنبتها المرأة بمرونة تمرست عليها ..حيث أن المعنى بالواقعة سالفة الذكر كان قد تعود كلما إحتدم النقاش وغلبته المرأة بحجتها أن يقوم بالفعل السابق نيابة عن عبارة "ولا كلمة تانية لأقطعلك لسانك"..والتى لا تسعفه حالة غضبه من مناطحة المرأة له كلمة بكلمة فى قولها ..فتطير (فردة المداس) وتتجنبها المرأة كما تعودت..وينتهى النقاش ..بعد وقت من إنتهاء النقاش ..كانت الكلاب أيضا قد إنتهت تقريبا من وجبتها..وإنتهت تقريبا أيضا من لفظ أنفاسها..والمؤسف أنها قد ماتت ممتنة ليد قاتلها ..فقد كانت الوجبة الأخيرة هى أفضل ما قدم لها منذ قدومها للقضاء على التمرد..أما عن الموت..فالكلاب تموت على أية حال ..هى تعرف ذلك ..والوفاء لسيدها حياة وموتا هى فطرتها التى فطرت عليها ..لذلك فقد ماتت دون ضجيج.

                        ************************************************** ****


                        أرجو ألا أكون قد أطلت عليكم ولكن القادمة هى الاخيرة
                        http://anwarkamess.maktoobblog.com/

                        تعليق

                        • انورخميس
                          أديب وكاتب
                          • 08-11-2008
                          • 104

                          #13
                          _10_



                          اليوم الأول لغياب السلطة الزاجرة عن الزريبة وحلول سلطة زاجرة أقل ..بنباح أقل ..وأجساد أقل ..كان يوم ترقب وحذر ..فقد قامت الحمير بواجبها على أكمل وجه ..بل بلغ حرصها أنها لم تساعد عرام على تدريب الحراس الجدد..فعندما فك قيدها وخرج تاركا باب التبن مواربا ..لم تهم بالدخول ..بل حتى لم تبدى الرغبة فيه..فكما أن ذيل الحية يدل على وجود رأسها ..كذلك فوجود الجراء يدل على وجود من أنجبها حتى وإن غاب.

                          اليوم الثانى..كان يوم ترقب وإختبار ..فقد أبدت الحمار وجحشيها اللذين شبا وأصبحا فتيين بعض البطئ فى أداء مهامها ..وهو ما قابله عرام بعصاه التى أوجعتها ..والجراء بنباحها الرفيع الذى لم يخيفها ..ولكنها فى النهاية إمتثلت ولم تحاول الإقتراب من التبن تحسبا لبطش الغائب إذا عاد.


                          اليوم الثالث ..كان يوم تمرد..فالحية التى تكتفى بإظهار ذنبها لثلاثة أيام..فرأسها فى حكم المقطوعة..والحية بلا رأس ..ليست بحية ..فلا سم فيها ولا أنياب تخشى ..لذلك .
                          ولأول مرة فقد تجرأ الجحش سليم العينين و اقترب من سقاطة الباب والتقمها فى فمه مدفوعا بفورة الشباب التى يحسها قوة تنطلق فى أوصاله ..فعل ذلك ليس ليلا..وإتما فى وضح النهار ..لم يردعه النباح الجرائى ..أو إقتراب أحدها من الخلف مهددا بالعض إن لم يرتدع ..فعندما شعر بهذا الجرو يقترب من قائمتيه الخلفيتين رفسه بقوة رفسة أوجعته ..وقذفته بضعة أمتار فتحول نباحه إلى مواء ألم خفيض لم يستطع بعده النهوض ..مما دفع أخويه إلى التراجع للخلف بحذر مبتعدين عن المجال الحيوى لقائمتى الجحش الرافس مع إستمرار النباح اليائس..جرأة الجحش وتراجع الجراء شجع أخوه الأعور على اللحاق به ثم تبعتهما الأم إلى الداخل ..نباح الجراء العالى النهارى غير المعتاد نبه أحد الولدين إلى أن هناك ما يحدث فى الزريبة ..إلتقط عصاه وهرول مقلبا الأحتمالات فى رأسه ..أيكون الدروال (الثعلب)..ولكن من هذا الدروال "المخبوط فى نافوخه " الذى يهاجم الحظائر نهارا..أتكون قطة تسللت إلى الزريبة فأثارت عداء الكلاب الطبيعى للقطط..أيكون........

                          عندما وصل ووجد باب التبن مفتوحا على مصرعه والحمير بالداخل طارت كل الاحتمالات من رأسه.. (لقد جنت الحمير ووجب تأديبها)..بدأبالجحش متزعم التمرد الذى لم يكترث فى البداية ولم ينصاع لمحاولة دفعه للخروج ..ولكن مع تعالى وقع الضرب ..وإستمرار نباح الجراء المزعج أصيب الجحش بنوع من الهياج جعله يرفس الولد ليطرحه أرضا..ثم يستدير ليسحله وهو ملقى على وجهه..الولد عندما شعر أنه قد يلفظ أنفاسه أطلق صرخة إستغاثة وصلت لمسامع الاب والأم والأخ جعلتهم يهرولون جميعا صو ب الزريبة ..الولد مسجى فى دمه يحتضر ..والجحش مستمر فى ركله..ذهول مانع من الحركة من جهة الأخ..نواح دافع للإرتماء على صدر المنطرح أرضا فى محاولة لتلقى الضربات عنه من جهة الأم..أما عرام فقد هرول خارجا..(لقد جنت الحمير ووجب قتلها)..عاد وبيده بندقيته مصوبا إياها ناحية الحمير التى تراجعت للوراء ربما لأنها لمحت فى عينى عرام وفى هذا الشئ بيده الذى لا يشبه عصاه التى إعتادتها شئ يهدد غريزتها فى البقاء ..عرام يتقدم ..الحمير تتراجع حتى لامست الجدار..هم عرام بضغط الزناد..فجأة إنقضت الحمير للأمام مهاجمة عرام لتطيش طلقته وتستقر فى صدر صغيره الثانى ..وهذا منطقى..فعندما تجعل ظهر حمارك للحائط مصوبا ناحيته فتحة ينطلق منها الموت ..فلا تتعجب إن هاجمك ..فهذا آخر خياراته إن أراد البقاء ..بعد الرصاصة سقط الولد ..ولولت المرأة بصوت عال..هربت الجراء ..فزعت البهائم جالبة الالبان وتزاحمت على باب الزريبة فى محاولة للفرار..وسقط عرام على الارض ..دهسته الحمير بأرجلها حتى الموت..(لقد جنت الحمير ووجب الهرب)..فرت المرأة مسرعة للشارع مستنجدة بالخلق ..حاول بعضهم الدخول للزريبة ..لكنهم لم يستطيعوا ذلك..فالحمير كانت فى حالة ثورة يصعب معها التدخل لإنقاذ عرام ..تم إبلاغ العمدة الذى بعث الخفر ..وكان الأمر قد إنتهى ..إنتظر حتى هدأت الحمير ..وأخرج الجثث ..ولحقت المرأة ببيت أهلها رافضة العودة ..فآل البيت بحميره إلى العمدة الذى تئول إليه كل البيوت التى يظلم ساكنوها أصحابها ..وعادت الزريبة لحميرها..أما التبن .....أما التبن......أما التبن فهو قصة أخرى.





                          تمت


                          ************************************
                          يسعدنى تلقى ارائكم وملاحطاتكم ونقدكم للنص.
                          http://anwarkamess.maktoobblog.com/

                          تعليق

                          يعمل...
                          X