جنية الأحلام ../بسمة الصيادي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • بسمة الصيادي
    مشرفة ملتقى القصة
    • 09-02-2010
    • 3185

    جنية الأحلام ../بسمة الصيادي

    جنية الأحلام ...!

    أيها المتعب المرتمي في صدري، قتلتني لهثاتك، رمتني على كرسي العجز لغتك غير المفهومة..! ماذا تريد؟ مم تهرب؟
    خذ نفسا عميقا واهدأ أو ألفظ كل أنفاسك. أحتاج النوم في حضن الغياب، أحتاح السفر مع أنغام الناي لأجتاز بحيرة الوجع، فلعلّ الضفة الأخرى
    لا تعرف أحزاني ، علها لا تلاحقني بألف سؤال وسؤال .....
    دمعتي أبجدية ضاعت عبر الزمن، فما عاد يفهمها أحد، يريدوني أن أحكي قصتي وأنا الهاربة من قصتي ...
    تعيد الأحجار بناء غرفتي الصغيرة .. تشدني الريح نحوها من يدي .. من شعري.. من ذاكرتي، فأدخلها بعدما دمرت كل ما فيها، لأجدها بلا أي كسر أو خدش تبتسم لي ساخرة .... آه غرفتي ..من أحياك من جديد ؟ويغلب الصمت أزيز توتري .. أمشي بخطى تعاندني ثم أسقط في فخ نصبته لي الأوراق المبعثرة على الأرض ... هذه قصيدة كتبتها يوما ..وتلك كتبتني .. القصص.. اليوميات .. من لململ أشلاءها بعدما مزقتها ؟!
    تنتفض الحروف، تخرج من أوكارها، تشكل دائرة، كأنها أسراب نمل ، تدور حولي وتدور، يخال إلي أنها تحفر في الأرض لتسقطني ؛ فأهوي .. وأهوي ...ويختفي الضوء ..........

    أمي ..أمي ما أجمل يدك حين تلامس شعري . صوتك ..آه منه ..وتلك الأغنية .."يلا تنام ، يلا يجيها النوم، ..." أنا لا أنام ،أنا أتلاشى في حضنك ،أذوب وتذوب معي كل الآلام .... أمي افتحي رحمك ثانية وأعيديني ... وحديني فيك من جديد ... صوتك أعادني جنينا لا يملك من الحواس سوى السمع ، جنينا لا يعرف البرد .... غني أكثر وأكثر .. لكن لم صوتك يبتعد شيئا فشيئا ؟ أي صدى هذا الذي يفترسه ..أمـــي ......!
    أفتح عيني لأجدني في حضن دبدوبي " بوكي"، مازال وفيا لليالي التي حضنته فيها ..لكن ذيله مقطوع وسط الآلاف من النمل الميت، ونبضه يضمحل شيئا فشيئا مع كل قطرة ينزفها...."لا تماسك أنت الوفي دوما،منذ أن أهدتني إياك امي .. لم تتركني" ... فيبتسم، وعلى غفلة تأتي طفلة في الخامسة من عمرها تخطفه مني وتخطف الإبتسامة ..... أعربتني كالريح هربت واختبأت في الخزانة .....
    -هذا لي ابتعدي ..
    - من أنتِ ..؟؟
    وتكشف عن وجه يشبهني إلى حد بعيد ..

    قبل أن تكتمل شهقة الخوف في حلقي تخرج أخرى من تحت السرير، في السابعة من عمرها، تجوب الغرفة بحثا عن شيء ما، مبعثرة الشعر، تمسك في يدها لعبة مشوهة، بيد واحدة، وساق واحدة، تجرها خلفها كأنها تقصد أن تعذبها .. ثم تقف أمامي، تشير إلى فمها حيث يوجد سنّ ناقص ..
    وتسألني : أين سنّي؟ ماذا فعلت به ؟؟

    في غضون ثوان تمتلئ الغرفة بالكثير من الفتيات كلهن يقتربن مني، يعاتبنني .. ترتفع أصواتهن، تحتدّ نظراتهن ... لم أعد أحتمل . ابتعدن ..
    يلتقطني كرسي، يكبلني، يعصرني، بل كراسِ كثيرة ملأت الغرفة، من كل الأحجام والألوان، هذا هزاز تلعب عليه طفلة، وسرعان ما تسقط باكية تنتظر من ينتشلها عن الأرض .. وهناك في الزاوية طفلة مربطة إلى كرسي مضحك، تحمل أناملها "خشخيشة"، تقع من يديها فتصرخ، يؤلمني صراخها، سأعيدها لك أيتها الصغيرة .. يعصرني الكرسي أكثر ..اتركني .. إنها تبكي ..
    يصفعني الستار..يخرسني .. يسمرني في مكاني، لألاحظ أن المصباح المعلق في الحائط، يدنو مني ليختال فوق رأسي تماما .. وتقترب مني الفتيات ..
    تلك تسألني عن ألوانها، وتلك عن لعبها، وذات السابعة من العمر عن سنّها ..
    -أنا لا أعرف أين سنك ..أسألي جنية الأسنان ..
    فجأة يصمتن، يحدقن فيّ كأنني قلت ما لا يجب قوله، تقترب مني فتاة أكبر منهن بقليل: -وأنا أين أحلامي، هل أسأل جنية الأحلام أيضا ..!
    هل أعطتك قطعة نقدية مقابل أحلامي أيتها السارقة؟
    وماذ اشتريت بها قطعة شوكولا ..!
    تنذرف الدموع من عينيها المخيفتين .. شعرت أنها تريد قتلي إلى أن أبعدتها ..أخرى صبية اشتد عودها، وجهها ملطخ بمساحيق تجميل، حمرة خارج إطار الشفاه، وكحلة جرفتها الدموع نحو الخدود ، وشعر قصير!!
    تخرج مقصا من خلف ظهرها .. سأقص شعرك كما قصصتي شعري قبلا .
    كلهن يقتربن مني أكثر.
    - لالالا لا ابتعدن .. أين أنت يا أمي ....ساعديني ..
    فجأة يتجمدن في مكانهن: يبدأن بالبكاء وينادين بصوت واحد : ماما ..!
    ثم تأوي كل واحدة منهن إلى الفراش وتطمر رأسها فيه ....
    -لم تلبي أمي النداء!
    ألتفت لأجد أمامي بنتا سمينة تحمل بيدها قطع الشوكولا التى تحيط بثغرها أيضا، تحاول أن تطعمني : كلي ..كلي ..أنت تحبينه ..
    وتصرخ تلك : هل أعطيتِ أمي لجنية الأحلام أيضا ؟!
    "وتبدأ المرآة بعرض الذكريات .. الكثير منها .. ذكريات كنت قد نسيتها، قتلتها، وها هي تعود إلي بقسوة .. ثم تظهر أمامي تفاصيل تلك الليلة ، ها أنا أجمع أحلامي وأشيائي الجميلة وأسناني المفقودة ،وأضعها تحت الوسادة . ومعها أضع صورة لأمي ، وخاتمها الكبير الذي لطالما حلمت أن يلاءم إصبعي ..!
    ثم أتظاهر بالنوم .. أتت جنية الأحلام ..قرأت الورقة التي كتبتها لها، وقعتّها، ثم أخذت كل شيء ورحلت ....! "

    -لقد خدعتني .. لم تنفذي الإتفاق .. أين أنتِ الان أيتها المخادعة ..!
    وتهب ريح تحملني ، ثم تلقيني مجددا عند البحيرة، حيث لم تعد هناك ضفة أخرى ،ولا أنغام ناي تجيد السفر ..!

    أيها المتعب المرتمي في صدري، قتلتني لهثاتك، رمتني على كرسي العجز لغتك غير المفهومة..! ماذا تريد؟ مم تهرب؟
    خذ نفسا عميقا واهدأ أو ألفظ كل أنفاسك. أحتاج النوم في حضن الغياب، أحتاح السفر مع أنغام الناي لأجتاز بحيرة الوجع، فلعلّ الضفة الأخرى .................................................. .....


    21/12/20
    في انتظار ..هدية من السماء!!
  • إيمان الدرع
    نائب ملتقى القصة
    • 09-02-2010
    • 3576

    #2
    أمي ..أمي ما أجمل يدك حين تلامس شعري . صوتك ..آه منه ..وتلك الأغنية .."يلا تنام ، يلا يجيها النوم، ..." أنا لا أنام ،أنا أتلاشى في حضنك ،أذوب وتذوب معي كل الآلام .... أمي افتحي رحمك ثانية وأعيديني ... وحديني فيك من جديد ... صوتك أعادني جنينا لا يملك من الحواس سوى السمع ، جنينا لا يعرف البرد .... غني أكثر وأكثر .. لكن لم صوتك يبتعد شيئا فشيئا ؟ أي صدى هذا الذي يفترسه ..أمـــي ......!

    أجل بسمة الحبيبة :
    عندما يعترينا ألم اللّحظة ...
    تعلو انشراخات الزّمن في الصّدور ...
    تحبطنا الحياة بأغلالها ..
    بأستار اللّيل الرّابض فوق قلوب طهرنا ...
    ننادي حضنها ...
    نسعى إليه ...
    نهرول إليه...
    هاربين من دمعةٍ ما كانت ... لو أنّها قربنا ...
    إنّها الأمّ التي نحتاجها ..أنّى قذف بنا شراع العمر ..
    للطفولة أطياف ..تعتصر الذّاكرة ..تقيم فيها ..
    تزرع فيها محطّات أساسيّة لا بدّ أن تلوح لنا ..
    عند كلّ حاجزٍ حدودي عمريّ نعبره ....
    ولقد عبّرتِ عن هذا العالم بكلّ ما يحمله من رؤى بشكلٍ مذهلٍ ..
    ليسلم هذا القلم حبيبتي بسمة ...
    كم أنا سعيدة بك .. ...؟؟؟!!!
    لأنني أرى وجهك الجّميل يلوح لي بين النّجوم ..
    فأنت واحدة منها ...
    دامت بسمتك اللؤلؤيّة على قلبك النّبيل الشّفّاف ...رغم حزنه ...
    ومع أحلى أمنياتي ...تحيّاتي ..
    واعذريني لتأخّري في المرور ...
    فالوضع العام لأوطاننا الحبيبة ...يسرقنا حتى من أنفسنا ...
    نصر الله الحقّ في كلّ مكان ...ومحق الفساد أنّى كان ...

    تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

    تعليق

    • ربيع عقب الباب
      مستشار أدبي
      طائر النورس
      • 29-07-2008
      • 25792

      #3
      هنا رأيت العنوان يجافى الحالة تماما ، و لا يمت إليها بأية حال .
      الحالة هنا تشبه الكوابيس قاسية الوقع و الاحتمال ، و هذا التغريب حد الالتباس، و عدم اليقين فى معرفة من يتحدث ، ذكر أم أنثى ، أكان مقصودا ، و مكملا للحالة ، و ذاهبا إلى تزكية حجم المعاناة التى تعيشها الذات الرافضة للحياة بكل ما تعنى حين كان نداؤها إلى الأم باعادتها إلى رحمها خلاصا ؟!
      ربما .. و سط هذه الأجواء من الاتهامات ، ومن قبل أطفال كأنهم غربان أو حدآت رغم ، ما يتمسكون به
      من أشياء حميمة لديهم .. الاتهامات التى تلوح بألسنتها تجاه البطل / البطلة بالاتهام .. ثم العودة إلى نفس الحالة التى بدأت بها ، خلاصا وخروجا ، يضع أيدينا على أن هذه الحالة تتبعها حالات ربما أشد و أنكى من ذلك بكثير ، فهى مستمرة ، تنتهك روح البطلة هنا ، بينما تبحث عن خلاص لها ، و تتنسم عبيره ، إنها تتوق للحظة خلاص هادئة مع أنغام ناى ، و ضفة غدير أو نهر صغير .. تلكم الذات المعذبة رهيفة الإحساس ، المحاصرة بأشباح تحاصرها من الطفولة ، و حتى ........!!

      كانت حالة شبه مفزعة ، و لم تكن بأية حال تدل على عنوانها إلا من قبيل التهكم أو السخرية !!


      سمحت لنفسي بنقل هذه المداخلة كما كتبتها هناك فى باب ( قف و سجل )
      أستاذة إيمان كانت مداخلتك و تعليقك أقرب إلى الموضوعية ، فقد كانت حالة فقد زاعقة و مؤلمة !!

      تحيتي و تقديري لكما
      sigpic

      تعليق

      • آسيا رحاحليه
        أديب وكاتب
        • 08-09-2009
        • 7182

        #4
        أحييك على هذا النص بسمة..
        رغم أنه أتعبني في البداية لما فيه من لبس أكيد فرضته الحالة .
        عدت إليه و قرأته مرة أخرى..
        لك قلم قوي بسمة..
        واصلي .
        يظن الناس بي خيرا و إنّي
        لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

        تعليق

        يعمل...
        X