عفوا أبي...

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد نجيب بلحاج حسين
    مدير عام
    • 09-10-2008
    • 619

    عفوا أبي...

    عفوًا أبي...




    عفوا أبي ، ما كنتُ يوما عاصيَا
    أحلامُ شعبي كسّرتْ أقفاصيَا

    إنّي ضربتُ مع التّحرر مَوعدًا
    أعلنتُ بعدهُ للفضاء خلاصيا

    عاهدتُ جيلي أن أكونَ مُرابطًا
    أرعى جباها في العُلا ونواصيَا

    بعد امتهاني ، بعد نسف كرامتي
    وقّعتُ عقدًا يستفيضُ تَواصيَا

    ألغيتُ جُبنًا من جميع مواقفي
    قرّرت جهرا أن أقيمَ قصاصيا

    عفوًا أبي ، لا أستطيع تراجعا
    أسلمت وجهي ، وامتشقت رصاصيا

    إنّي نذرت إلى البلاد جوارحي
    إنّي ابن أرضي،كيف أبقى قاصيا؟

    عفوا أبي ، فاسلكْ طريقك سالما
    إنّي سأمضي في طريق قِناصِيَا
    [align=center]محمد نجيب بلحاج حسين
    الميدة - تونس[/align]
  • منيره الفهري
    مدير عام. رئيس ملتقى الترجمة
    • 21-12-2010
    • 9870

    #2
    [align=center]أستاذي الفاضل و أخي نجيب بلحاح حسين

    أنت دائما تبدع في ما تكتبه و تواكب الأحداث قصيدة بقصيدة

    شكرا على هذا القلم الفذ و دمت مبدعا خلاقا أستاذي الجليل[/align]

    تعليق

    • محمد نجيب بلحاج حسين
      مدير عام
      • 09-10-2008
      • 619

      #3
      [align=center]
      المشاركة الأصلية بواسطة منيره الفهري مشاهدة المشاركة
      [align=center]أستاذي الفاضل و أخي نجيب بلحاح حسين

      أنت دائما تبدع في ما تكتبه و تواكب الأحداث قصيدة بقصيدة

      شكرا على هذا القلم الفذ و دمت مبدعا خلاقا أستاذي الجليل[/align]
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

      أختي الفاضلة منيرة

      مرورك يشرفني ويثلج صدري

      ألف شكر

      تحياتي المعطرة[/align]
      [align=center]محمد نجيب بلحاج حسين
      الميدة - تونس[/align]

      تعليق

      • عبد الرحيم محمود
        عضو الملتقى
        • 19-06-2007
        • 7086

        #4
        [align=center]
        الشاعر الممزوج حرفه بالسكر محمد نجيب بلحاج الغالي
        مطلع يذيب القلب حنانا ورأفة واحتراما وذوقا
        تخيلتك تقف أمام والدك تستأذن منه الالتحاق
        بموكب الثوار وهو يحاول الجدال معك لكن
        وقتك لا يسمح بالجدال فتترفق بقلبه وتعتذر
        له بأسلوب الابن البار ، وتسير لدرب الثورة
        لكنك تترك له حججا منطقية لسيرك المتعجل
        للحاق بشرف التحرير ، أعجبنتي الصور في
        قولك :
        عفوًا أبي ، لا أستطيع تراجعا
        أسلمت وجهي ، وامتشقت رصاصيا

        إنّي نذرت إلى البلاد جوارحي
        إنّي ابن أرضي،كيف أبقى قاصيا؟
        لك كل الحب شاعرنا الغالي وتثبت .

        [/align]
        نثرت حروفي بياض الورق
        فذاب فؤادي وفيك احترق
        فأنت الحنان وأنت الأمان
        وأنت السعادة فوق الشفق​

        تعليق

        • ماجد وشاحي
          أديب وكاتب
          • 17-12-2010
          • 128

          #5
          حوارية جميلة وعاطفة وطنية سامقة

          دمت مبدعاً أيها الشاعر الشاعر

          ===// تحياتي وخالص مودتي وتقديري//===

          تعليق

          • سحر الشربينى
            أديب وكاتب
            • 23-09-2008
            • 1189

            #6
            شاعرنا المبدع دوماً

            والله قصيدك عزف على أوتار الإبداع وبسيمفونية رااااائعة
            وكانت صورك أجمل وأجمل

            كل التقدير
            إنَّ قلبي
            مثل نجماتِ السماءِ
            هل يطولُ الإنسُ نجماً
            (بقلمي)​

            تعليق

            • منيره الفهري
              مدير عام. رئيس ملتقى الترجمة
              • 21-12-2010
              • 9870

              #7
              و عفوا منك أستاذنا الجليل الأخ الفاضل العزيز
              الشاعر الكبير
              محمد نجيب بلحاج حسين
              إن لم نفيك حقك هنا

              تعليق

              • المختار محمد الدرعي
                مستشار أدبي. نائب رئيس ملتقى الترجمة
                • 15-04-2011
                • 4257

                #8
                الشاعر القدير محمد نجيب بلحاج حسين كم نفتقد لشعرك الجميل و بكلماتك القيمة الملزمة. ارجو ان تكون بخير أينما كنت سيدي الجليل
                [youtube]8TY1bD6WxLg[/youtube]
                الابتسامة كلمة طيبة بغير حروف



                تعليق

                • جهاد بدران
                  رئيس ملتقى فرعي
                  • 04-04-2014
                  • 624

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة محمد نجيب بلحاج حسين مشاهدة المشاركة
                  عفوًا أبي...




                  عفوا أبي ، ما كنتُ يوما عاصيَا
                  أحلامُ شعبي كسّرتْ أقفاصيَا

                  إنّي ضربتُ مع التّحرر مَوعدًا
                  أعلنتُ بعدهُ للفضاء خلاصيا

                  عاهدتُ جيلي أن أكونَ مُرابطًا
                  أرعى جباها في العُلا ونواصيَا

                  بعد امتهاني ، بعد نسف كرامتي
                  وقّعتُ عقدًا يستفيضُ تَواصيَا

                  ألغيتُ جُبنًا من جميع مواقفي
                  قرّرت جهرا أن أقيمَ قصاصيا

                  عفوًا أبي ، لا أستطيع تراجعا
                  أسلمت وجهي ، وامتشقت رصاصيا

                  إنّي نذرت إلى البلاد جوارحي
                  إنّي ابن أرضي،كيف أبقى قاصيا؟

                  عفوا أبي ، فاسلكْ طريقك سالما
                  إنّي سأمضي في طريق قِناصِيَا
                  عفوًا أبي...


                  قصيدة بارعة تحمل الهمّ الكبير لهذه الأمة، وتوزّع من الأحزان ما يفيض من الصدور آلاماً قد كبتها الانكسار في وجه كل مدينة شاحبة قد تمرّغت بأيدي الذلّ والهوان من تقعر الأحداث الدامية في كل مكان..
                  قصيدة اعتذار في حضرة الأدب في مخاطبة الكبار، وبين مجالس الأب في عهدة الاختلاف بين جيل الآباء وجيل الأبناء.
                  /عفواً أبي/
                  عنوان يوحي لنا عذوبة التأدب في حضرة الأب، يوضح لنا أسلوب الكلام اللطيف وكيف يجب أن يكون الأدب والخُلق حينما يكون في حضرة الأب..
                  هذا العنوان، يوحي لنا درجات البرّ التي يجب علينا أن عمل بصددها مع الوالدين في مخاطبتهما، وفي التعامل معهما..
                  فأقل البرّ مخاطبتهم في الرقة والكلام اللطيف والتأدب في حضرتهم..
                  فالشاعر هنا وضع عنوان نصه / عفواً أبي/ ولم يضع عنوان /يا أبي/ لذلك لغة الخطاب هنا جاءت تتجلى بالأدب وتتحلى بالبرّ..
                  فقد بدأ الشاعر نصه في حضرة أبيه، كاعتذار له على ما سيقوله من كلام ربما يفوق درجة تحمله وما يطرأ على نمط حياته من تغيير يكون مختلفاً على ما اعتاده أبوه عليه، فالتأدب والاعتذار قبل الكلام وأول التوجه بحرفه لأبيه، كان صيغة العفو وطلب الصفح..وهذا بحد ذاته خلقاً وأدباً..
                  يقول الشاعر:

                  / عفوا أبي ، ما كنتُ يوما عاصيَا
                  أحلامُ شعبي كسّرتْ أقفاصيَا /

                  يبدأ الشاعر كلامه بالعفو من أبيه، ثم يبدأ كلامه بإظهار الإيجابيات من محاسنه مع أبيه، بأنه لم يكن يوماً عاصياً له، لكي لا يثير التوتر والعصبية لدى أبيه، وهذا هو الأسلوب النافع في حوار أي شخص ما، عندما نفكر بحالته النفسية والخوف عليه. مثلاً: عندما نريد تشخيص درجات الصعوبة لأهل طالب ما، نبدأ كهيئة تدريسية واعية، بنقل الصورة الإيجابية ونقاط القوة التي يتمتع بها هذا الطالب، ثم نعرض لهم نقاط الضعف عن هذا الطالب، بأسلوب أدبي رقيق نشعر من خلاله رحمة الأهل على ابنهم حتى لا يقسون عليه و يحولون نقاط ضعفه لكارثة أكبر تهدّهم وتجرحهم..هذه هي درجات التعامل مع أهل طالب لديه صعوبات تعلمية، الطريقة والأسلوب الماهر في التعامل هو يعتبر حلّ لكل قضية أو مشكلة..
                  وهنا الشاعر استعمل مثل هذا الأسلوب في تعامله وحواره مع أبيه، استعمل النقاط الإيجابية عنه كمقدمة لعرض ما يجوب داخله من مشاعر..
                  /ما كنت يوماً عاصياً/
                  يعني وكأنه يريد القول لأبيه، أنني لم أعصيك في شيء، فتقبل مني ما طفح الكيل في قلبي وعقلي..
                  /أحلامُ شعبي كسّرتْ أقفاصيَا/
                  هذا هو عملية استدراج الأب لما ييريد قوله الشاعر..
                  هذا الذي يقلق الشاعر وهمّه الكبير الذي قضّ مضجعه، أحلام شعبه الكثيرة الموجعة التي كسّرت ما به من أقفاص..
                  فاستعمال الشاعر كلمة/ أحلام/ على صيغة الجمع، وليس على صيغة المفرد، لأن جمع حلم/ أحلام/ تدل الكثرة على حجم هذا الشعب، والكثرة للأحلام تدل على عمق الفكر والقدرات التي يحملها شعب مسلوب حتى من الأحلام، وكثرتها تدل على حجم الوعي الكبير الذي يتحلى بها هذا الشعب، لديه أحلاماً كثيرة على قدر درجة فكره وتفكيره وقدراته..وهذه الأحلام الكثيرة، كانت نتيجتها تكسير أقفاص الشاعر..
                  وكلمة أقفاص كذلك على صيغة الجمع وليس على صيغة المفرد، لأن لها تأويلات عدة، منها القفص الصدري، وهو كناية عن المشاعر والقلب وما تحته من أوجاع طفحت من كثرتها، ولم يعد يتحملها، أو قفص الدنيا الذي يعيش هو ووطنه تحت القيود والاستبداد والظلم، بحيث لم يعد احتمال هذا الصمت وما يفعله الولاة والكبار في التحكم بالشعوب، بطريقة همجية لا إنسانية بها..
                  أو كناية عن قفص السجون، أو قفص التكميم الأفواه وقولبة العقول..
                  كلها تكون تحت صيغة الجمع للأقفاص..
                  فأحلام الشعوب وتوقها للحرية، بدأت تفوق بكثير هذه الأقفاص، للخروج منها تحت ثورة الأحرار..
                  ولذلك يكمل الشاعر بما يضيق به صدره بقوله:

                  / إنّي ضربتُ مع التّحرر مَوعدًا
                  أعلنتُ بعدهُ للفضاء خلاصيا /

                  وهذه نتيجة حتمية من خلال الضيق والاستبداد والظلم، ن تتم عملية الانفجار، فكثرة الضغط تولّد الانفجار، وهذا الانفجار تناسل منه ثورة على الصمت والظلم وتغيير دفة الحكم والحكام.. فهو يريد الالتحاق بالثورة ثم التوجه للفضاء خلاصه، كناية عن طريق الشهادة في سبيل الله مقابل تحرير الأرض والإنسان..


                  / عاهدتُ جيلي أن أكونَ مُرابطًا
                  أرعى جباها في العُلا ونواصيَا /

                  التجأ لطريق الرباط على أرضه مقابل العدل والحق وتحقيقهما، حتى يدحر أهل الباطل ممن يتولون سدّة الحكم بالاستبداد وتركيع الشعوب..

                  / بعد امتهاني ، بعد نسف كرامتي
                  وقّعتُ عقدًا يستفيضُ تَواصيَا /

                  فقد تعرّض وأجيال كثيرة لمثل هذا الامتهان والذل ومسح كرامتهم عن الوجود، فلم يعد لديه القدرة على التحمل أكثر، لذلك قرّر أن يقدم روحه لله مقابل الحفاظ على ماء وجه الوطن وذرات تراب الوطن..

                  / ألغيتُ جُبنًا من جميع مواقفي
                  قرّرت جهرا أن أقيمَ قصاصيا /

                  لتأتي عملية خلع وقلع الخوف والجبن الذي عشّش في قلوب الشعب، ليوكن الجهر والمجاهرة بالمطالبة بحقهم وحرياتهم وإنسانيتهم، لأن الجبن يعني التبعية للطغاة والتركيع لهم بما يريدنه وبما يخدم مصالحهم..

                  / عفوًا أبي ، لا أستطيع تراجعا
                  أسلمت وجهي ، وامتشقت رصاصيا /

                  كل هذا الكلام كان بصيغة المفرد، بصيغة الشاعر وحده، ولكنه كناية عن جميع شعبه، فهو تحدث بصيغة المفرد عن نفسه لأنه موجود في حضرة والده، وهو يريد إقناعه بانضمامه لقول الحق وثورته على الظلم والطغاة..
                  فهو قد قرر استخدام السلاح الرصاص، للدفاع عن أرضه، لأن عهد الكلام انتهى، وبدأ عهد الرصاص بالنطق، لأن الطغاة لا يفهمون لغة الحوار والتفاهم والديموقراطية، بل يفهمون بطريقتهم، طريقة الاستبداد والدكتاتورية والسلاح..

                  / إنّي نذرت إلى البلاد جوارحي
                  إنّي ابن أرضي،كيف أبقى قاصيا؟ /

                  فقد نذر نفسه للبلاد بالدفاع عنها وانتهى الأمر، وكأنه قد قرّر الالتحاق بالجهاد في سبيل الله، دون علم والده، لذلك نجده يريد تأدباً من يغفر له والده قراره هذا..

                  / عفوا أبي ، فاسلكْ طريقك سالما
                  إنّي سأمضي في طريق قِناصِيَا /

                  يطلب عفو أبيه بالتحاقه لهذه الطريق، وأن يسير والده في طريقه سالماً، دون ن يعترض على قراره، وكل ذلك وهو يحاول أن ينال رضاه بأسلوب الولد البارّ بأبيه..
                  الشعر استعمل الأفعال التي تدل على صيغة المفرد، التي تعبّر عنه هو، لأن ما يريده هو عملية العفو من أبيه على اتخاذ قرار مصيري، لا يريد من والده أن يغضب عنه ويحل سخطه عليه..
                  هذه الأفعال خير دليل على ذكاء الشاعر في تخريك نصه وفق أهداف البناء التركيبي للألفاظ داخل النص..
                  وهذه الأفعال هي:
                  كنتُ، كسّرتْ، ضربتُ، أعلنتُ، عاهدتُ، أكونَ، أرعى، وقّعتُ، يستفيض، ألغيتُ، قرّرتُ، أقيمَ، أستطيع، أسلمت، امتشقت،
                  نذرت، أبقى، فاسلك، سأمضي...

                  القصيدة من ثمانية أبيات شعرية، والأفعال التي استخدمها الشاعر ما بين الفعل الماضي والمضارع والأمر، عددها
                  تسعة عشر فعلاً..
                  وهذا يفوق عدد الأبيات، وهذا دليل على عملية الحراك داخل هذا النص، فكثرة الأفعال تخدم الحركة والطاقة والحراك الذي يبعث على عملية التغيير وإحداث تجديد وانتقال من زمن لآخر، فالأفعال تحرك النص وتجيد في تحريك الفكر والذهن والتدبر والتأمل بين السطور وفي عمق المحتوى، لأن التغيير جاء بتنويع الأفعال، وهذا يكسبها قوة ومتانة في تراكيبها البنائية، وتلبس النص ثوب الجمال..
                  كما أن الشاعر استعمل التكرار ثلاث مرات في كلمتيّ / عفواً أبي/ والتكرار يفيد عذوبة موسيقية أثناء ترددها أكثر من مرة، والتلاعب بها يرمي لدهشة المتلقي، ويؤكد على الترابط والإتقان مع روح النص، خاصة مع تحريك مفردات اللغة وفق الحس الداخلي والخارجي..
                  والتكرار هذا يشكل منعطفاً دلالياً و إيقاعياً، ويشكّل أيضاً حالة إيقاعية لها تأثيرها المحبب لدى المتلقّي، وما تحمل من دلالات وأبعاد مختلفة..

                  الشاعر الراقي الكبير المبدع
                  أ.محمد نجيب بلحاج حسين
                  قدمتم لنا لوحة فنية راقية، فيها جماليات مختلفة بحروف بارعة النظم الشعري وما تحمل من معالم وطنية تحسب في ميزان الشعر وميزان حسناتكم..
                  وفقكم الله ورضي عنكم وأرضاكم
                  ودمتم برعاية الله وحفظه
                  .
                  .
                  .
                  .
                  جهاد بدران
                  فلسطينية

                  تعليق

                  • م.سليمان
                    مستشار في الترجمة
                    • 18-12-2010
                    • 2080

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة محمد نجيب بلحاج حسين مشاهدة المشاركة
                    عفوًا أبي...




                    عفوا أبي ، ما كنتُ يوما عاصيَا
                    أحلامُ شعبي كسّرتْ أقفاصيَا

                    إنّي ضربتُ مع التّحرر مَوعدًا
                    أعلنتُ بعدهُ للفضاء خلاصيا

                    عاهدتُ جيلي أن أكونَ مُرابطًا
                    أرعى جباها في العُلا ونواصيَا

                    بعد امتهاني ، بعد نسف كرامتي
                    وقّعتُ عقدًا يستفيضُ تَواصيَا

                    ألغيتُ جُبنًا من جميع مواقفي
                    قرّرت جهرا أن أقيمَ قصاصيا

                    عفوًا أبي ، لا أستطيع تراجعا
                    أسلمت وجهي ، وامتشقت رصاصيا

                    إنّي نذرت إلى البلاد جوارحي
                    إنّي ابن أرضي،كيف أبقى قاصيا؟

                    عفوا أبي ، فاسلكْ طريقك سالما
                    إنّي سأمضي في طريق قِناصِيَا

                    معبرة جدا هذه القصيدة التي ولدت في ظرف معين
                    أبدى فيها الابن رأيه الخاص تجاه هذا الظرف المعين
                    أمام والده، لكن بكل تأدب واحترام واجبين على الأبن لأبيه


                    تقديري الكبير، مع تحيتي ومحبتي للشاعر التونسي محمد نجيب بلحاج حسين
                    sigpic

                    تعليق

                    • م.سليمان
                      مستشار في الترجمة
                      • 18-12-2010
                      • 2080

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة جهاد بدران مشاهدة المشاركة
                      عفوًا أبي...


                      قصيدة بارعة تحمل الهمّ الكبير لهذه الأمة، وتوزّع من الأحزان ما يفيض من الصدور آلاماً قد كبتها الانكسار في وجه كل مدينة شاحبة قد تمرّغت بأيدي الذلّ والهوان من تقعر الأحداث الدامية في كل مكان..
                      قصيدة اعتذار في حضرة الأدب في مخاطبة الكبار، وبين مجالس الأب في عهدة الاختلاف بين جيل الآباء وجيل الأبناء.
                      /عفواً أبي/
                      عنوان يوحي لنا عذوبة التأدب في حضرة الأب، يوضح لنا أسلوب الكلام اللطيف وكيف يجب أن يكون الأدب والخُلق حينما يكون في حضرة الأب..
                      هذا العنوان، يوحي لنا درجات البرّ التي يجب علينا أن عمل بصددها مع الوالدين في مخاطبتهما، وفي التعامل معهما..
                      فأقل البرّ مخاطبتهم في الرقة والكلام اللطيف والتأدب في حضرتهم..
                      فالشاعر هنا وضع عنوان نصه / عفواً أبي/ ولم يضع عنوان /يا أبي/ لذلك لغة الخطاب هنا جاءت تتجلى بالأدب وتتحلى بالبرّ..
                      فقد بدأ الشاعر نصه في حضرة أبيه، كاعتذار له على ما سيقوله من كلام ربما يفوق درجة تحمله وما يطرأ على نمط حياته من تغيير يكون مختلفاً على ما اعتاده أبوه عليه، فالتأدب والاعتذار قبل الكلام وأول التوجه بحرفه لأبيه، كان صيغة العفو وطلب الصفح..وهذا بحد ذاته خلقاً وأدباً..
                      يقول الشاعر:

                      / عفوا أبي ، ما كنتُ يوما عاصيَا
                      أحلامُ شعبي كسّرتْ أقفاصيَا /

                      يبدأ الشاعر كلامه بالعفو من أبيه، ثم يبدأ كلامه بإظهار الإيجابيات من محاسنه مع أبيه، بأنه لم يكن يوماً عاصياً له، لكي لا يثير التوتر والعصبية لدى أبيه، وهذا هو الأسلوب النافع في حوار أي شخص ما، عندما نفكر بحالته النفسية والخوف عليه. مثلاً: عندما نريد تشخيص درجات الصعوبة لأهل طالب ما، نبدأ كهيئة تدريسية واعية، بنقل الصورة الإيجابية ونقاط القوة التي يتمتع بها هذا الطالب، ثم نعرض لهم نقاط الضعف عن هذا الطالب، بأسلوب أدبي رقيق نشعر من خلاله رحمة الأهل على ابنهم حتى لا يقسون عليه و يحولون نقاط ضعفه لكارثة أكبر تهدّهم وتجرحهم..هذه هي درجات التعامل مع أهل طالب لديه صعوبات تعلمية، الطريقة والأسلوب الماهر في التعامل هو يعتبر حلّ لكل قضية أو مشكلة..
                      وهنا الشاعر استعمل مثل هذا الأسلوب في تعامله وحواره مع أبيه، استعمل النقاط الإيجابية عنه كمقدمة لعرض ما يجوب داخله من مشاعر..
                      /ما كنت يوماً عاصياً/
                      يعني وكأنه يريد القول لأبيه، أنني لم أعصيك في شيء، فتقبل مني ما طفح الكيل في قلبي وعقلي..
                      /أحلامُ شعبي كسّرتْ أقفاصيَا/
                      هذا هو عملية استدراج الأب لما ييريد قوله الشاعر..
                      هذا الذي يقلق الشاعر وهمّه الكبير الذي قضّ مضجعه، أحلام شعبه الكثيرة الموجعة التي كسّرت ما به من أقفاص..
                      فاستعمال الشاعر كلمة/ أحلام/ على صيغة الجمع، وليس على صيغة المفرد، لأن جمع حلم/ أحلام/ تدل الكثرة على حجم هذا الشعب، والكثرة للأحلام تدل على عمق الفكر والقدرات التي يحملها شعب مسلوب حتى من الأحلام، وكثرتها تدل على حجم الوعي الكبير الذي يتحلى بها هذا الشعب، لديه أحلاماً كثيرة على قدر درجة فكره وتفكيره وقدراته..وهذه الأحلام الكثيرة، كانت نتيجتها تكسير أقفاص الشاعر..
                      وكلمة أقفاص كذلك على صيغة الجمع وليس على صيغة المفرد، لأن لها تأويلات عدة، منها القفص الصدري، وهو كناية عن المشاعر والقلب وما تحته من أوجاع طفحت من كثرتها، ولم يعد يتحملها، أو قفص الدنيا الذي يعيش هو ووطنه تحت القيود والاستبداد والظلم، بحيث لم يعد احتمال هذا الصمت وما يفعله الولاة والكبار في التحكم بالشعوب، بطريقة همجية لا إنسانية بها..
                      أو كناية عن قفص السجون، أو قفص التكميم الأفواه وقولبة العقول..
                      كلها تكون تحت صيغة الجمع للأقفاص..
                      فأحلام الشعوب وتوقها للحرية، بدأت تفوق بكثير هذه الأقفاص، للخروج منها تحت ثورة الأحرار..
                      ولذلك يكمل الشاعر بما يضيق به صدره بقوله:

                      / إنّي ضربتُ مع التّحرر مَوعدًا
                      أعلنتُ بعدهُ للفضاء خلاصيا /

                      وهذه نتيجة حتمية من خلال الضيق والاستبداد والظلم، ن تتم عملية الانفجار، فكثرة الضغط تولّد الانفجار، وهذا الانفجار تناسل منه ثورة على الصمت والظلم وتغيير دفة الحكم والحكام.. فهو يريد الالتحاق بالثورة ثم التوجه للفضاء خلاصه، كناية عن طريق الشهادة في سبيل الله مقابل تحرير الأرض والإنسان..


                      / عاهدتُ جيلي أن أكونَ مُرابطًا
                      أرعى جباها في العُلا ونواصيَا /

                      التجأ لطريق الرباط على أرضه مقابل العدل والحق وتحقيقهما، حتى يدحر أهل الباطل ممن يتولون سدّة الحكم بالاستبداد وتركيع الشعوب..

                      / بعد امتهاني ، بعد نسف كرامتي
                      وقّعتُ عقدًا يستفيضُ تَواصيَا /

                      فقد تعرّض وأجيال كثيرة لمثل هذا الامتهان والذل ومسح كرامتهم عن الوجود، فلم يعد لديه القدرة على التحمل أكثر، لذلك قرّر أن يقدم روحه لله مقابل الحفاظ على ماء وجه الوطن وذرات تراب الوطن..

                      / ألغيتُ جُبنًا من جميع مواقفي
                      قرّرت جهرا أن أقيمَ قصاصيا /

                      لتأتي عملية خلع وقلع الخوف والجبن الذي عشّش في قلوب الشعب، ليوكن الجهر والمجاهرة بالمطالبة بحقهم وحرياتهم وإنسانيتهم، لأن الجبن يعني التبعية للطغاة والتركيع لهم بما يريدنه وبما يخدم مصالحهم..

                      / عفوًا أبي ، لا أستطيع تراجعا
                      أسلمت وجهي ، وامتشقت رصاصيا /

                      كل هذا الكلام كان بصيغة المفرد، بصيغة الشاعر وحده، ولكنه كناية عن جميع شعبه، فهو تحدث بصيغة المفرد عن نفسه لأنه موجود في حضرة والده، وهو يريد إقناعه بانضمامه لقول الحق وثورته على الظلم والطغاة..
                      فهو قد قرر استخدام السلاح الرصاص، للدفاع عن أرضه، لأن عهد الكلام انتهى، وبدأ عهد الرصاص بالنطق، لأن الطغاة لا يفهمون لغة الحوار والتفاهم والديموقراطية، بل يفهمون بطريقتهم، طريقة الاستبداد والدكتاتورية والسلاح..

                      / إنّي نذرت إلى البلاد جوارحي
                      إنّي ابن أرضي،كيف أبقى قاصيا؟ /

                      فقد نذر نفسه للبلاد بالدفاع عنها وانتهى الأمر، وكأنه قد قرّر الالتحاق بالجهاد في سبيل الله، دون علم والده، لذلك نجده يريد تأدباً من يغفر له والده قراره هذا..

                      / عفوا أبي ، فاسلكْ طريقك سالما
                      إنّي سأمضي في طريق قِناصِيَا /

                      يطلب عفو أبيه بالتحاقه لهذه الطريق، وأن يسير والده في طريقه سالماً، دون ن يعترض على قراره، وكل ذلك وهو يحاول أن ينال رضاه بأسلوب الولد البارّ بأبيه..
                      الشعر استعمل الأفعال التي تدل على صيغة المفرد، التي تعبّر عنه هو، لأن ما يريده هو عملية العفو من أبيه على اتخاذ قرار مصيري، لا يريد من والده أن يغضب عنه ويحل سخطه عليه..
                      هذه الأفعال خير دليل على ذكاء الشاعر في تخريك نصه وفق أهداف البناء التركيبي للألفاظ داخل النص..
                      وهذه الأفعال هي:
                      كنتُ، كسّرتْ، ضربتُ، أعلنتُ، عاهدتُ، أكونَ، أرعى، وقّعتُ، يستفيض، ألغيتُ، قرّرتُ، أقيمَ، أستطيع، أسلمت، امتشقت،
                      نذرت، أبقى، فاسلك، سأمضي...

                      القصيدة من ثمانية أبيات شعرية، والأفعال التي استخدمها الشاعر ما بين الفعل الماضي والمضارع والأمر، عددها
                      تسعة عشر فعلاً..
                      وهذا يفوق عدد الأبيات، وهذا دليل على عملية الحراك داخل هذا النص، فكثرة الأفعال تخدم الحركة والطاقة والحراك الذي يبعث على عملية التغيير وإحداث تجديد وانتقال من زمن لآخر، فالأفعال تحرك النص وتجيد في تحريك الفكر والذهن والتدبر والتأمل بين السطور وفي عمق المحتوى، لأن التغيير جاء بتنويع الأفعال، وهذا يكسبها قوة ومتانة في تراكيبها البنائية، وتلبس النص ثوب الجمال..
                      كما أن الشاعر استعمل التكرار ثلاث مرات في كلمتيّ / عفواً أبي/ والتكرار يفيد عذوبة موسيقية أثناء ترددها أكثر من مرة، والتلاعب بها يرمي لدهشة المتلقي، ويؤكد على الترابط والإتقان مع روح النص، خاصة مع تحريك مفردات اللغة وفق الحس الداخلي والخارجي..
                      والتكرار هذا يشكل منعطفاً دلالياً و إيقاعياً، ويشكّل أيضاً حالة إيقاعية لها تأثيرها المحبب لدى المتلقّي، وما تحمل من دلالات وأبعاد مختلفة..

                      الشاعر الراقي الكبير المبدع
                      أ.محمد نجيب بلحاج حسين
                      قدمتم لنا لوحة فنية راقية، فيها جماليات مختلفة بحروف بارعة النظم الشعري وما تحمل من معالم وطنية تحسب في ميزان الشعر وميزان حسناتكم..
                      وفقكم الله ورضي عنكم وأرضاكم
                      ودمتم برعاية الله وحفظه
                      .
                      .
                      .
                      .
                      جهاد بدران
                      فلسطينية

                      تحليل أدبي جميل بين في القصيدة مدى احترام الابن لأبيه في محاورته وفي طرح رأيه الخاص به.
                      شكرا كبيرا وجزيلا على هذه القراءة المفصلة وهذا الضوء الذي وضح أسلوب القصيدة ومعانيه البلاغية

                      كل التحية والتقدير، الشاعرة والناقدة الأستاذة جهاد بدران
                      sigpic

                      تعليق

                      • منيره الفهري
                        مدير عام. رئيس ملتقى الترجمة
                        • 21-12-2010
                        • 9870

                        #12
                        الأستاذة الناقدة و الشاعرة و الأديبة متعددة المواهب
                        جهان بدران
                        كنت هنا في قراءة و تحليل أدبي قيم
                        أبدعت سيدتي صدقا
                        بوركت و زادك الله من علمه و جزاك الله كل الخير

                        تعليق

                        • عبدالهادي القادود
                          نائب رئيس ملتقى الديوان
                          • 11-11-2014
                          • 939

                          #13
                          نعم النهج أيها الشاعر المناضل
                          كيف لا وما زال الشعراء يشدون الرداء عن مؤخرة الواقع الخبيث
                          شاعرنا الرائع محمد حسين
                          نص تعاونت فيه الحروف كي تطوف على كعبة الفكرة
                          دون أن تكره العبارات على دلالات لا تليق

                          بورك المداد

                          تعليق

                          يعمل...
                          X