ديبلوماسي "الجرذان"

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حسن الحسين
    عضو الملتقى
    • 20-10-2010
    • 299

    ديبلوماسي "الجرذان"

    ديبلوماسي "الجرذان"



    منذ أن كان يحيى العنابي يهريء مؤخرة سرواله على مقاعد الدراسة..ويتوه متعة بأشعار نزار قباني..تسرب إلى أعماقه حسد شفاف من هذا الشاعر الأشقر الذي خطف الحظ من الدنيا بجشع..
    فنزار رغم كونه شاعر الصالونات فقد تسلل إلى وزارة الخارجية وانتقى مقعدا وثيرا في السلك الدبوماسي..وما أحلى العمل في السلك الديبلوماسي..
    تلك الوظيفة المرموقة..
    مغترب بالرغبة.. مدلل في السفر والمطارات.. ضيف تحاصره الابتسامات في الحفلات والمهرجانات..يأكل ويشرب ويلبس ويركب " ببلاش "..
    كان هذا الحلم يغتال أوقات يحيى منذ ربع قرن.. لكنه الآن اختلس من نصيب الشاعر القباني وظيفته تاركا له موهبته في دواوينه..
    فالملحق الثقافي يحيى العنابي يعمل على مدى أربع سنوات في السفارة لدى ليبيا ويحظى بخالص التقدير والاحترام..من مرؤوسيه في الوطن ومن الجانب الليبي الذي ارتاح لمشاركاته في فعاليات التعاون الثقافي والاجتماعي..
    قبل عدة ساعات..انفرط عقد الجماهيرية..وساح الناس في الشوارع يكفرون بقرآن الكتاب الأخضر الذي أوحى به العقيد العنيد معمر القذافي..وفرض ترتيله على مدى أربعين سنة.. إضافة إلى فتاويه التي كانت تتبدل مع تغيير ملابسه ومناخ أفكاره المتقلب..
    بعد انتهاء يحيى العنابي من التسوق اتجه الى سيارته المركونة في آخر الشارع..لكن السيل البشري المعبأ بالاحتجاجات كان يجرف الطمي من أمامه في الطريق من سيارات وحاويات ولوحات اعلانات ومارة وعابري صدفة..ولم يكن يحيى استثناء..فسقط في أتون المعمعة تحت غبار الشعارات والهتافات باسقاط الطاغية..
    فجأة زخ عليهم رصاص المرتزقة.. وتناثرت أشلاء الموكب على جانبي الطريق تسكب تواقيعها بالحبر الأحمر في الرصيف بعبارة " أموت حرا..وأستشهد مؤمنا بغد يحمل الفرح لمن بعدي...."
    أذهلت نوافير الدم المتفجرة على شطآن الدرب الملحق الثقافي..الذي اصطدم بمشهد بركاني لأول مرة في حياته..فراح يسند رجلا متعثرا ويسعف شابا جريحا ويقفل عيني من قتل لتوه .. ويشارك في حمل المصابين.. وصاح:
    - ياشباب سيارتي قريبة من هنا هاتوا الأطفال ننقلهم للمشفى..
    - طيب.. دور الموتور يا... عفوا ..اسم حضرتك..
    - أنا يحيى العنابي..
    - لهجتك غريبة..أنت ليبي..؟
    - لا أنا ديبلوماسي في السفارة ال..
    - فيما بعد ..فيما بعد ..دور الموتور لازم نسعف الأطفال..
    في الطريق تعرض لهم المرتزقة وسحبوا يحيى ومن معه وسحلوهم في الشارع إلى معسكر قريب وأجروا التحقيق معهم تحت سقف الاهانات والتعذيب.. وأثناء تفتيشهم ضبطوا هوية الملحق الثقافي الديبلوماسية فقال المحقق:
    - ديبلوماسي وتشارك في التمرد..
    والتفت إلى أحد العناصر الواقفين كالألواح بجانبه..
    - هذا ضيف البلد ومن الواجب إكرامه..قم بواجب الضيافة..
    انهال اللوح على يحيى بالضرب واللكم حتى اختل توازنه وسقط غائبا عن الوعي..فقال المحقق:
    - ارميه في الشارع.. ديبلوماسي الجرذان.
    التعديل الأخير تم بواسطة حسن الحسين; الساعة 23-02-2011, 12:24.
  • محمد فطومي
    رئيس ملتقى فرعي
    • 05-06-2010
    • 2433

    #2
    كانت الكاميرا بيد مصوّر مبدع.سرد جميل و خلق قصصيّ و أدبيّ أنيق بالدّرجة الأولى،لم أشعر معه للحظة أنّ الحدث يُنقل بنمط إعلاميّ .
    أحببت الخيط الذي تعقّبتَه و أنت تحوّل الملحق الثّقافيّ إلى محلّق ثقافيّ في جوّ الثّورة.
    دمت بخير أخي.
    مدوّنة

    فلكُ القصّة القصيرة

    تعليق

    • وفاء الدوسري
      عضو الملتقى
      • 04-09-2008
      • 6136

      #3
      هو الغريب يا أستاذ/حسن..
      أن يكون العد تنازلي بكل معنى الكلمة، قد بدأ من عند الأرقى
      رقم واحد بن علي حين اعترف بأنه لم يفهم شعبه ثم رحل وانتهى!..
      حسني مبارك كان أقل رقياً من الأول ولكنه بدون شك لا يقارن بالثالث!..
      قذافي الجرذ الذي أقفل مثلث الرعب المصيدة على مجده القذر
      الذي يشبه سقوطه القادم حتى الحضيض
      بإذن الله
      تحية طيبة
      التعديل الأخير تم بواسطة وفاء الدوسري; الساعة 23-02-2011, 17:08.

      تعليق

      • حسن الحسين
        عضو الملتقى
        • 20-10-2010
        • 299

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة محمد فطومي مشاهدة المشاركة
        كانت الكاميرا بيد مصوّر مبدع.سرد جميل و خلق قصصيّ و أدبيّ أنيق بالدّرجة الأولى،لم أشعر معه للحظة أنّ الحدث يُنقل بنمط إعلاميّ .
        أحببت الخيط الذي تعقّبتَه و أنت تحوّل الملحق الثّقافيّ إلى محلّق ثقافيّ في جوّ الثّورة.
        دمت بخير أخي.
        أخي محمد..
        ربما الأحداث غدت منهلا للنصوص..
        ولكن هل نتجرا ونكتب بهذا الاندفاع الذي شهده صدر كل من نزل الى الشارع وهو يقتحم الرصاص.
        هذا مانتمناه نحن جيل الخيبة من أولاد اليوم
        لك مودتي

        تعليق

        • حسن الحسين
          عضو الملتقى
          • 20-10-2010
          • 299

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة وفاء عرب مشاهدة المشاركة
          هو الغريب يا أستاذ/حسن..

          أن يكون العد تنازلي بكل معنى الكلمة، قد بدأ من عند الأرقى
          رقم واحد بن علي حين اعترف بأنه لم يفهم شعبه ثم رحل وانتهى!..
          حسني مبارك كان أقل رقياً من الأول ولكنه بدون شك لا يقارن بالثالث!..
          قذافي الجرذ الذي أقفل مثلث الرعب المصيدة على مجده القذر
          الذي يشبه سقوطه القادم حتى الحضيض
          بإذن الله

          تحية طيبة
          العزيزة وفاء..
          أتمنى أن يكون هذا الأحمق القابع في باب العزيزية وراء تحصينات الكرتون هو أسوأ الموجودين على الكراسي اللاصقة..
          ودمت طيبة ياأختي وفاء

          تعليق

          • ربيع عقب الباب
            مستشار أدبي
            طائر النورس
            • 29-07-2008
            • 25792

            #6
            رائع ياحسن
            أدخلتني فى قلب الميدان
            و رأيت المشهد بكامل ألوانه
            و كان اللون الأحمر هو الغالب
            مع الوردى الذى بدأت به
            و تلك الرقعة التى أفسحتها لنزار
            و ما يعني ؛ ليصبح يحي العنابي
            أكبر و أهم من نزار نفسه !!

            أشكرك حسن على ما خط قلمك هنا
            و هذا القص الجميل !!


            محبتي
            sigpic

            تعليق

            • حسن الحسين
              عضو الملتقى
              • 20-10-2010
              • 299

              #7
              مازلنا ياأخي ربيع ملتصقين بالشاشات ننتظر اقتلاع الطاغية..
              فكل ساعة تأخير تحصد كمية اضافية من الابتسامات
              شكرا لكلماتك العسل بشهده..
              كل الود

              تعليق

              يعمل...
              X