وشم في الذاكرة...منيرة الفهري

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • منيره الفهري
    مدير عام. رئيس ملتقى الترجمة
    • 21-12-2010
    • 9870

    وشم في الذاكرة...منيرة الفهري

    وشم في الذاكرة







    استيقظت مبكرة في ذلك اليوم لتنكب على أعمال البيت والتنظيف



    وتعده لاستقبال فلذة كبدها الذي تعبت وكلّ جسدها النحيل لتراه



    شاباً يافعاً في الجامعة,,تجلس مع نفسها حين تنتهي من عملها,,وتمشي



    في زوايا بيتها يرافقها طيفه الذي لا يغيبُ لحظةً عن مخيلتها..



    تسامر جاراتها وهي تضمه بين ذراعيها ,,يُميل برأسه إلى صدرها فتحس بدفء



    يسري في أوصالها, فهو يعيش معها في كل لحظة لا يكاد يفارقها ...



    كانت في الصباح تجلسُ بجانبه وهو يروي لها أحداث الأسبوع الماضي:



    ,- تخيّلي أنهم أطلقوا النار علينا من مسافاتٍ قريبة!!



    كنا نقذفهم بالحجارة ونواجههم بصدورنا العارية... و كنا الأقوى



    بإرادتنا وإيماننا,,كانوا كالذئاب ورغم ذلك لم يعد للخوف مكانٌ في قلوبنا..



    - واليوم هل تواصلون يا ولدي....؟



    - طبعا, ولن نهدأ, فقد أقسمنا أن تعود النضارةُ للخضراء بعد أن حولوها إلى



    مزرعة يدجنون فيها الإنسان, يسرقون أرضه ويستبيحون دمه ليودعوه جيوبهم



    وبطونهم التي لا تشبع..نحن من قاوم المستعمر وانتصر عليه.



    أدارت مفتاح المذياع باحثة عن أغنيةٍ تراقصُ ما تحس به من موجات الفرح



    العام التي تلامس صدرها, فأيقظها من حلمها ما تناهى إلى أسماعها من أحداث



    الوطن,, نعم الوطن ,, وهل هناك أغلى منه؟



    كانت الأنباء تحمل السرور التلقائي لنفسها فهي تتوق مثل غيرها للخلاص



    من الظلم والقسوة,, ومن مرارة الأيام السوداء التي لم يعد يحتملها قلب..



    مر شريط الذكريات في مخيلتها... ولم يقطعه سوى تلك الأصوات التي تبدو



    بعيدة,,لكنها أصواتٌ تنبعث من حناجر المتظاهرين ..



    أطرقت برهة لتميز ما يجري إلا أنها لم تفلح في التقاط الصوت وتحديده,,, إنهم



    الشباب,,ولكن تفكيرها كان يحلق في فضاءٍ أبعد بكثيرٍ من مصادرالصوت,,كانت



    تسرح بخيالاتها متفرسة في وجه محمد الذي ركب جناحي الشوق في الظهيرة



    مُيمِّمًا وجهه شطرها, ولم يتبق إلا بضعُ ساعة لوصوله..



    اقتربت الأصواتُ وعلت صيحاتُ الحناجر:



    بالروح بالدم نفديك يا شهيد



    لا إله إلا الله ...و الشهيد حبيب الله



    يا شهيد ارتاح ارتاح...نحن نكمل الكفاح...



    أطرقت ثانية وقد أحست بخوفٍ شديد يتملكها,, فهناك من ارتقى إلى علياء المجد



    مدافعاً عن كرامة الوطن...ترى من يكون؟





    ترقرقت العبراتُ في عينيها واتشحت ملامح وجهها بصفرةٍ مشوبةٍ بحزن السنين



    وآلام الصدمة وكأنها أحست بهولٍ شديد يداهم روحها وقلبها ..ارتعشت





    أوصالها..اختنقت...كانت الأصوات تقترب ومع كل خطوةٍ يخفق قلبها ويدب في



    أوردتها هاجس الموت...يُقرع الباب... تتدفق الجموع,,,لقد كان القادم هو محمد



    حقاً,, ولكنه كان محمولا على أكتاف رفاقه وأبناء مدينته...لم تتمالك نفسها ولكنها



    صرخت بصوتٍ مجنون و بهستيريا الأم المكلومة:



    المجد لتونس الخضراء,,,



    المجد للشهداء



    وليسقط الطغاة و ليعش محمد وشما في ذاكرة الوطن...



    يا محمد ...يا ولدي...يا ولدي.......



    لم تعد رجلاها تحملها...سقطت على الأرض و غابت عن الوعي .

  • علي الفارسي
    عضو الملتقى
    • 25-02-2011
    • 38

    #2
    [align=center] منيرة الفهري

    نعم لتونس الخضراء
    نعم لمصر أم الدنيا
    نعم لليبيا الثورة
    نعم لليمن السعيد
    نعم للعراق الأبي
    نعم للسودان وعمان والبحرين وسوريا والسعودية والكويت والأردن والمغرب ...
    نعم للجزائر ولكل قطر عربي ثائر

    نعم للشهيد

    نعم لروحه الطاهرة الصاعدة إلى خالقها
    نعم لجسده الممدد على الأرض
    الساكن فيها بعد حين
    المحرم لحمه على إربة الأرض

    قصتك هنا ,,

    استوقفتني عندها
    ولاح لي الشريط الأخباري
    وكل ما يجري حولنا
    أصلح الله حال الدنيا
    لصالح شعوبنا

    تقديري لرائعتك

    "حرف"

    [/align]

    تعليق

    • منيره الفهري
      مدير عام. رئيس ملتقى الترجمة
      • 21-12-2010
      • 9870

      #3
      [align=center]أستاذي الجليل علي الفارسي

      شرفني جدا مرورك الراقي على قصتي المتواضعة

      و أقول نعم يا سيدي نعم لكل بلداننا العربية

      فنحن بلد واحد و دم واحد

      نصرها الله جميعا و وفق شعوبها العظيمة

      كل الاحترام و التقدير لك سيدي الفاضل[/align]

      تعليق

      • خالد شوملي
        أديب وكاتب
        • 24-07-2009
        • 3142

        #4
        الأديبة المبدعة
        منيره الفهري

        قصة مستوحاة من قلب الوجع. أبدعت كثيرا في تأجيج التشوق للنهاية وهذا من أهم معالم القصة والأدب حيث يزداد تلهف القارئ لمعرفة النهاية فيسرع في القراءة ولا يستطيع التوقف إلى أن ينتهي من القراءة. لكنه يكتشف بعد حين أنه ما زال يفكر بأحداث القصة وأبطالها.

        دمت بألف خير!
        ولتونس الخضراء أحلى تحية وقصيدة.

        تقديري

        خالد شوملي
        متعرّجٌ كالنهرِ عمري مرّةً يسري ببطءٍ تارةً كالخيلِ يجري
        www.khaledshomali.org

        تعليق

        • منيره الفهري
          مدير عام. رئيس ملتقى الترجمة
          • 21-12-2010
          • 9870

          #5
          [align=center]سيدي الشاعر الرائع خالد شوملي

          كم أسعدني مرورك أستاذي على كلماتي المتواضعة

          شكرا على حرفك الذي سيكون تاجا يوشي كتاباتي

          كل المودة و التقدير لك سيدي الفاضل[/align]

          تعليق

          • جمال عمران
            رئيس ملتقى العامي
            • 30-06-2010
            • 5363

            #6
            الاستاذة منيرة
            نص رائع حمل التعبير الحقيقى عن قلب الام ...وعن قلب الوطن ..وعن ثورة الاحرار ..التى اججتها دماء الشهداء ..لكننى كنت اتمنى ان يقف النص الى هنا.......

            أطرقت ثانية وقد أحست بخوفٍ شديد يتملكها,, فهناك من ارتقى إلى علياء المجد



            مدافعاً عن كرامة الوطن...ترى من يكون؟
            ****************
            فهذا كان دافعا اقوى للتفكير في من هو الشهيد المرتقب ؟؟والذى قد يكون ولدها ..وقد يكون غيره من ابناء الوطن الذين يحتلون فى قلبها نفس المكان والمكانه..
            شكرا لك سيدتى..
            *** المال يستر رذيلة الأغنياء، والفقر يغطي فضيلة الفقراء ***

            تعليق

            • منيره الفهري
              مدير عام. رئيس ملتقى الترجمة
              • 21-12-2010
              • 9870

              #7
              [align=center]أستاذي القدير جمال عمران

              حظيت بجميل كلماتك عن نصي البسيط...و استفدت فعلا من ملاحظتك سيدي الرائع

              التي سأعمل بها ان شاء الله

              كل التقدير و الامتنان لحرفك الجميل الذي وشى قصتي هذه
              [/align]

              تعليق

              • نادية البريني
                أديب وكاتب
                • 20-09-2009
                • 2644

                #8
                أختي الغالية منيرة
                يا ابنة تونس الخضراء
                قرأت الوشم وعادت بي الذّاكرة إلى الأيّام الأولى للثّورة.تلك الشّعارات التي رفعناها في احتجاجاتنا وأحسسناها لأنّها تحيا داخلنا.ومازلنا نعيشها في ليبيا واليمن والبحرين والعراق و...
                لغة القصّ سليمة ومتينة لكن لي ملاحظة كثيرا ما ينّبهني إليها في أعمالي أستاذنا الفاضل ربيع عقب الباب وهي أن نجعل الرّقعة أوسع وأن يكون القصّ من أعماق أعماق الشّخصيّة.
                العمل ممتع لأنّني أحسسته وعشته.
                تحيّة من صفاقس يا ابنة بلدي التي أعتزّ بقلمها

                تعليق

                • منيره الفهري
                  مدير عام. رئيس ملتقى الترجمة
                  • 21-12-2010
                  • 9870

                  #9
                  [align=center]عزيزتي الغالية و ابنة بلدي الحبيب نادية البريني

                  سعدت كثيرا بهذا المرور الراقي و ازدان متصفحي بكلماتك الرقيقة المشجعة

                  شكرا لك أستاذتي الرائعة و مرحبا بصفاقس العظماء أهلُها

                  تحيتي لك من القلب أختي الجميلة
                  [/align]

                  تعليق

                  • رشيد بنكرارة
                    • 12-03-2011
                    • 7

                    #10
                    ما راقني في ابداعك ... هو كيف ان احداث آنية حركت لغة القص لديك ونسجت خيوط هذا النص الجميل... جميل ان يتفاعل المرء مع محيطه و يعبر عن موقفه بابداع جميل ... تحياتي لكل مواطني تونس الخضراء البررة ..

                    تعليق

                    • منيره الفهري
                      مدير عام. رئيس ملتقى الترجمة
                      • 21-12-2010
                      • 9870

                      #11
                      [align=center]الأستاذ الكريم رشيد بنكرارة

                      تشرفت جدا بمرورك على متصفحي

                      و أسعدتني كلماتك الرقيقة سيدي

                      لك مني كل الاحترام و التقدير
                      [/align]
                      التعديل الأخير تم بواسطة منيره الفهري; الساعة 15-03-2011, 09:34.

                      تعليق

                      • رشيد الميموني
                        مشرف في ملتقى القصة
                        • 14-09-2008
                        • 1533

                        #12
                        لا أخفيك أختي الأديبة منيرة أنني و أنا اقرأ قصتك المؤثرة هذه كنت أعايش نبضات قلب هذه الأم ، ومنذ الوهلة الولى عرفت أن النهاية تحمل من الآلام بقدر ما تحمله من البشرى .
                        إنها الأم العربية التي تزغرد و هي تهدي الأرض و الإنسان أعز ما تملك .. وتقدم قلذات اكبادها قربانا و فداء للوطن .
                        رائع ما سكبه يراعك أختي الكريمة .
                        دام تألقك .
                        أهديك مودتي .
                        التعديل الأخير تم بواسطة رشيد الميموني; الساعة 17-03-2011, 08:23.

                        تعليق

                        • منيره الفهري
                          مدير عام. رئيس ملتقى الترجمة
                          • 21-12-2010
                          • 9870

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة رشيد الميموني مشاهدة المشاركة
                          لا أخفيك أختي الأديبة منيرة أنني و أنا اقرأ قصتك المؤثرة هذه كنت أعايش نبضات قلب هذه الأم ، ومنذ الوهلة الولى عرفت أن النهاية تحمل من الآلام بقدر ما تحمله من البشرى .
                          إنها الأم العربية التي تزغرد و هي تهدي الأرض و الإنسان أعز ما تملك .. وتقدم قلذات اكبادها قربانا و فداء للوطن .
                          رائع ما سكبه يراعك أختي الكريمة .
                          دام تألقك .
                          أهديك مودتي .

                          الأستاذ و الأديب القدير
                          رشيد ميموني
                          كم سرني أنك كنت هنا
                          و أعتذر عن تأخري في الرد
                          كل الاحترام و التقدير أخي الجليل

                          تعليق

                          • منيره الفهري
                            مدير عام. رئيس ملتقى الترجمة
                            • 21-12-2010
                            • 9870

                            #14
                            و هذه القصة بصوتي و قد أذيعت عبر الأثير بإذاعة فلسطين


                            تعليق

                            يعمل...
                            X