

قال ابن حجر في الفتح :وَيُحْكَى أَنَّ بَعْضَ الْخُلَفَاءِ سَأَلَ الشَّافِعِيَّ: لِأَيِّ عِلَّةٍ خُلِقَ الذُّبَابُ؟ فَقَالَ: مَذَلَّةً لِلْمُلُوكِ. وَكَانَتْ أَلَحَّتْ عَلَيْهِ ذُبَابَةٌ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: سَأَلَنِي وَلَمْ يَكُنْ عِنْدِي جَوَابٌ فَاسْتَنْبَطْتُهُ مِنَ الْهَيْئَةِ الْحَاصِلَةِ.
المكان: خيمة في مكان ما بين رأس القذافي الطالح, ورأس الرجاء الصالح..
الزمان: ظهيرة يوم قائظ يذيب حره الصخر..
المناسبة: خطاب أو خطبة للأخ القائد الزعيم..
الجمهور: أخلاط من الشعوب والقبائل من رعايا ملك ملوك إفريقيا..
القذافي يخطب في حماس ويسر ويرتجل لساعات لفرط تدفق أفكاره العبقرية, وينظر إلى المصفقين أمامه فيتخيلهم قطيعا من الجواميس الأفريقية لا يستحق أن تتلى عليه تعاليم كتابه الأخضر وأركان نظريته الثالثة, لكنه لا يتوقف عن الكلام ولا يفكر ولا يتنفس ولا يصنع شيئا عدا البقبقة.. فجأة يقاطعه طنين.. ذبّ بيده ذبابا.. لكنه يعود فيلسع أنفه.. فعاد الزعيم يذبه فكلاهما عنيد..
الذبابة: مالك ترفع رأسك منتشيا, وما لشعرك كالصوف منتفشا؟
الزعيم: كيف أنكرتني أما رأيت حرسي ونياشيني؟ أنا القائد العظيم!
الذبابة: يا أحمق يا هبنّق.. وما أغنى عن الطاووس ذيله الزاهي؟
الزعيم وهو يذبها بيده متأففا: "إليك عني, فأنا ملك ملوك إفريقيا..."
الذبابة: أما كفتك كل الألقاب حتى تسميت بملك الملوك؟
الزعيم: ليبيا أنا وأنا ليبيا فمجدي عظيم.
الذبابة: أما أنا فلا أرى مجدا لغير رب العالمين, فذق مني لسعات يا أيها الزنيم,
لأجأن بخرطومي خيشومك.. ولأغيرن عليك وإن رغم أنفك وأنوف سيف وخميس واللجان..
خذها فبي يذل ربي المستكبرين..
فأهانت الذبابة ملك الملوك المغفلين, فلم تغن عنه العساكر والسلاح و لا جيوش المخبرين.. ثم عافت ريحه فولت تلوذ منه, وهي تقول: "لعيش في أكناف مزبلة أكرم للذباب من ساعة في حماك يا أحمق الفراعين!"
تعليق