قالت له بدهشةِ مَنْ أقتحم المجهول :
كمعرفتي لأول مرة بأن الماء يتغلغل داخل مسام التربة ،،
فيروي البذرة المنتظِرة بين طيات الظلمة فتنتفض منتعشة ،، هاشَة باشَة ،، فتنمو في صمت و هدوء ، يتراقص ساقها الطري نحو الضوء و الهواء ، و تجد طريقها للحياة بين ذرات التراب ..
و كمعرفتي لأول وهلة ،، بأن بعض الورد الجميل يجاور أشواكا قد تجرح و تُدْمي ، فتنْسرب الأصابع بين الأشواك بحذر و أناة لتلامس حرير الزهر و تتنسم عبقه ..
و كمعرفتي الآن بأن ذلك الدفء الذي كان يغمر جسدي و يجعل الفرح يزغرد في دواخلي عند رؤيتك هو كالإحساس بالماء يطفيء حرارة الظمأ الساكن في الجوف وكتفيؤ الظل في قيظ الهجير ..
فقد عرفتُ الآن ، و يا لجمال ما عرفتُ : أن ما كان ينتابني هو ..
حبك .. عشقك .. غرامك .. إرتماء روحي بين أركانك ..
ذوبان كياني على قِمَمك ..
هو الشمس التي تأبى الغروب حتى و إن زحف الليل ..
هو القمر المعاند طيات السحاب ليرسل شعاعه خيوطا تغازل نوافذي و ستائري ..
عرفت لماذا إختار قلبي مكانا له بين أضلعك ملاذا و سُكْنَى ،، ثم يبقى فيني نابضا فقط لكى يَمُدَني بأسباب الحياة ..
عرفت الآن إسما لذاك الألم المباح و الذي كنت أسعى إليه راضية بكامل قواى القلبية ...
قال مندهشا : حسِبْتُك لا تأبهين لتنقٌلي من غصن إلى غصن ،، و من زهرة إلى زهرة ..
قالت بثقة العارف: تركْتك تتنقَل من غصن إلى غصن لأنني على ثقة بأن عُشَك هنا يقبع في أعلى فرع بشجرتي ، بعيداً عن الأنواء و الأعاصير ،، في حِرْز مكين، فغرِدْ أنَى شئتَ و ما شاء لك التغريد ، لأنني على يقين بأنك حتماً ستعود إليَ لتستكين في دفء عشك المبني من أهدابي و المفروش بجدائلي ،، وتركتك تسعى من زهرة إلى أخرى لأنني أعلم عِلْم المحبين أن خلية نحْلك مبنية على تلَة من تلال قلبي ، فدعْ نحْلك يحط رحاله على من شئتَ و ما شاء من الأزهار والورود و ليرتشف حتى الإرتواء ، بل حد الثمالة ،، فلا محالة رحيقك مصيره خليتي ،، قَطْرة تِلْو القطرة ،، و حتى آخر نقطة ، فلِمَ أقلق ؟
قال بتململ : الإنسان أحيانا تنتابه الكآبة و الملل فيتوق إلى تغيير نمط ما إعتاد عليه ،، ألا تعلمين ذلك ؟
قالت بصبر : روحي تنتمي إلى روحك بصلة العشق و الغرام ،، و قلبي يمت إلى قلبك بصلة لا تنفصم عراها ، و بنبض لا يستكين ، هما من نفس القبيلة وذات العشيرة ،، دمك هو بعض دموع حزني اللانهائي ..أما دمي فهو في الأصل قد تفجَر منبثقاً من ينابيع شوقي إليك ...
قال مراوغاً : حتى المطر يمكنه أن يسقي بلدة و يمتنع عن أخرى قريبة ..
قالت بتصميم : دع سحابك يذهب حيث شاء و يمطر أنَى أراد.. فكل الخير الآتي بعد زخات أمطارك سيأتيني طوعا ..
قال بتحفز : لِمَ لَمْ تقولي ( أو كرهاً ) ؟
قالت : حبنا مُطْلَق القياد ،، متروك الرسن و اللجام ،، و مطيته تعرف طريقها حتى وسط دياجير الظلام .. لا يُرْغِمه أحد على إرتياد طريق لا يرغبه ،، فهو يثق في بوصلته ،، و يحدد خطاه و يتحسس دروبه حتى في الأوحال و بين الأغصان المتشابكة في الأحراش و الأدغال ..
قال و قد إتسعتْ حدقتاه : أواثقة أنتِ إلى هذا الحد ؟
قالت : أدخلْ قلبي و أخرج شَوْقَما شئت .. فأنت الآن من أشيائي الخاصة .. بل أنت قناعة من قناعاتي ..و أنا لا أفرط أبدا في أشيائي و قناعاتي. ...
***
جلال داود ( أبو جهينة ) الرياض
كمعرفتي لأول مرة بأن الماء يتغلغل داخل مسام التربة ،،
فيروي البذرة المنتظِرة بين طيات الظلمة فتنتفض منتعشة ،، هاشَة باشَة ،، فتنمو في صمت و هدوء ، يتراقص ساقها الطري نحو الضوء و الهواء ، و تجد طريقها للحياة بين ذرات التراب ..
و كمعرفتي لأول وهلة ،، بأن بعض الورد الجميل يجاور أشواكا قد تجرح و تُدْمي ، فتنْسرب الأصابع بين الأشواك بحذر و أناة لتلامس حرير الزهر و تتنسم عبقه ..
و كمعرفتي الآن بأن ذلك الدفء الذي كان يغمر جسدي و يجعل الفرح يزغرد في دواخلي عند رؤيتك هو كالإحساس بالماء يطفيء حرارة الظمأ الساكن في الجوف وكتفيؤ الظل في قيظ الهجير ..
فقد عرفتُ الآن ، و يا لجمال ما عرفتُ : أن ما كان ينتابني هو ..
حبك .. عشقك .. غرامك .. إرتماء روحي بين أركانك ..
ذوبان كياني على قِمَمك ..
هو الشمس التي تأبى الغروب حتى و إن زحف الليل ..
هو القمر المعاند طيات السحاب ليرسل شعاعه خيوطا تغازل نوافذي و ستائري ..
عرفت لماذا إختار قلبي مكانا له بين أضلعك ملاذا و سُكْنَى ،، ثم يبقى فيني نابضا فقط لكى يَمُدَني بأسباب الحياة ..
عرفت الآن إسما لذاك الألم المباح و الذي كنت أسعى إليه راضية بكامل قواى القلبية ...
قال مندهشا : حسِبْتُك لا تأبهين لتنقٌلي من غصن إلى غصن ،، و من زهرة إلى زهرة ..
قالت بثقة العارف: تركْتك تتنقَل من غصن إلى غصن لأنني على ثقة بأن عُشَك هنا يقبع في أعلى فرع بشجرتي ، بعيداً عن الأنواء و الأعاصير ،، في حِرْز مكين، فغرِدْ أنَى شئتَ و ما شاء لك التغريد ، لأنني على يقين بأنك حتماً ستعود إليَ لتستكين في دفء عشك المبني من أهدابي و المفروش بجدائلي ،، وتركتك تسعى من زهرة إلى أخرى لأنني أعلم عِلْم المحبين أن خلية نحْلك مبنية على تلَة من تلال قلبي ، فدعْ نحْلك يحط رحاله على من شئتَ و ما شاء من الأزهار والورود و ليرتشف حتى الإرتواء ، بل حد الثمالة ،، فلا محالة رحيقك مصيره خليتي ،، قَطْرة تِلْو القطرة ،، و حتى آخر نقطة ، فلِمَ أقلق ؟
قال بتململ : الإنسان أحيانا تنتابه الكآبة و الملل فيتوق إلى تغيير نمط ما إعتاد عليه ،، ألا تعلمين ذلك ؟
قالت بصبر : روحي تنتمي إلى روحك بصلة العشق و الغرام ،، و قلبي يمت إلى قلبك بصلة لا تنفصم عراها ، و بنبض لا يستكين ، هما من نفس القبيلة وذات العشيرة ،، دمك هو بعض دموع حزني اللانهائي ..أما دمي فهو في الأصل قد تفجَر منبثقاً من ينابيع شوقي إليك ...
قال مراوغاً : حتى المطر يمكنه أن يسقي بلدة و يمتنع عن أخرى قريبة ..
قالت بتصميم : دع سحابك يذهب حيث شاء و يمطر أنَى أراد.. فكل الخير الآتي بعد زخات أمطارك سيأتيني طوعا ..
قال بتحفز : لِمَ لَمْ تقولي ( أو كرهاً ) ؟
قالت : حبنا مُطْلَق القياد ،، متروك الرسن و اللجام ،، و مطيته تعرف طريقها حتى وسط دياجير الظلام .. لا يُرْغِمه أحد على إرتياد طريق لا يرغبه ،، فهو يثق في بوصلته ،، و يحدد خطاه و يتحسس دروبه حتى في الأوحال و بين الأغصان المتشابكة في الأحراش و الأدغال ..
قال و قد إتسعتْ حدقتاه : أواثقة أنتِ إلى هذا الحد ؟
قالت : أدخلْ قلبي و أخرج شَوْقَما شئت .. فأنت الآن من أشيائي الخاصة .. بل أنت قناعة من قناعاتي ..و أنا لا أفرط أبدا في أشيائي و قناعاتي. ...
***
جلال داود ( أبو جهينة ) الرياض
تعليق