مد خ ـــل
نكاد نبايع الشعراء رسلا ؛لكن قبل ذلك على الشِّعر أن يجهض كلّ الشواذ منهم .
إنتهت حصة الأدب العربي ، فانصرف الطلبة من القاعة ، وتقدمت ليلى من مكتب الأستاذ بخطواتها الصغيرة و ابتسامتها الدافئة :
"أستاذ أهنئك على صدور ديوانك الشعري ، و مشاركتك في مسابقة الشعراء، كنتَ رائعا والقصيدة التي شاركت بها حفظتُ مقطعا منها عن ظهر قلب لشدة إعجابي بها ."
أطرق الأستاذ برأسه و شكر طالبته على التهنئة ، ومتابعتها الطيبة ؛ ليلى الطالبة الشغوفة بالأدب والشعر،المعجبة بقلم أستاذها و نصوصه الشعرية الرائعة،ترددت كثيرا قبل اليوم في سؤاله عن مشواره الأدبي ، و عن معنى أن يحصل الإنسان على لقب شاعر،وعن شعوره وهو يحمل هذا اللقب الثقيل، والقلم الجميل ،أما اليوم وقد قامت بأول خطوة وفتحت الموضوع , تشجعت قليلا وواصلت :
"لي شرف عظيم أن تكون أستاذي ، إحتجتُ لجرأة كبيرة، حتى أتقدم وأسألك الكثير عن روح الشاعر الذي يسكنك"
وقبل أن تواصل عبارتها قاطعها مبتسما :
"لا تخجلي ، يمكنك أن تسألي ماشئتِ هذا المساء ، بعد الحصة الإستدراكية ، وبالمناسبة سأكتب لعيونك قصيدة، هدية مني إليك ،إعتبريها رشوة حتى لا أفقدكِ كمعجبة ."
"لا تخجلي ، يمكنك أن تسألي ماشئتِ هذا المساء ، بعد الحصة الإستدراكية ، وبالمناسبة سأكتب لعيونك قصيدة، هدية مني إليك ،إعتبريها رشوة حتى لا أفقدكِ كمعجبة ."
وختم عبارته بإبتسامة لطيفة ، و نظرة ساحرة ،واستأذنها بالإنصراف و غادر كالحلم ، كالحلم الذي يعدُ العشاق ببيتِ رومانسي دافئ،وقلب نابض بحب دائم ، لم تسع الأرض سعادة ليلى و فرحتها بهذا الذي سمعته قبل قليل ،عن قريب سيكون لها موعد مع شاعرها المفضل، ستحظى بلقاء مع شاعر تحفظُ قصائده ،و تغازل كلماته على الورق.
يأتي المساء وتجد ليلى نفسها تطرق الباب كما تطرق الفرحة قلبها ، وتخفق روحها للقاء روح ذلك الشاعر ، لم تشعر يوما وهي تطرق هذا الباب كطالبة ،بنفس الفرحة التي تشعر بها الآن،دخلت القاعة و جلست تنتظر إنتهاء الحصة ،ليُفسح لها المجال لإجراء ذلك اللقاء الذي حلمت به كثيرا، غرقت في أفكارها البريئة :
يأتي المساء وتجد ليلى نفسها تطرق الباب كما تطرق الفرحة قلبها ، وتخفق روحها للقاء روح ذلك الشاعر ، لم تشعر يوما وهي تطرق هذا الباب كطالبة ،بنفس الفرحة التي تشعر بها الآن،دخلت القاعة و جلست تنتظر إنتهاء الحصة ،ليُفسح لها المجال لإجراء ذلك اللقاء الذي حلمت به كثيرا، غرقت في أفكارها البريئة :
"ترى كيف هو هذا الرجل أو بالأحرى هذا الأستاذ من الداخل ؟ "
"ماهو شعوره وهو على مسرح المسابقة،يلقي قصيدته فيصفق له الجمهور،ثم تثني عليه لجنة التحكيم ؟"
وظلّت ترتب أسئلتها ،إلى أن إنتهت الحصة ،وغادر زملائها القاعة، فاقترب منها الأستاذ الشاعر،و جلس بجانبها مبتسما،عجبا كيف يستطيع الحفاظ على إيقاع إبتسامته الجميلة هاته !.
"إذن يا ليلى تسألين عنّي !و تتسائلين عن الذي يسكن داخلي ، حسنا دعيني أخبركِ أني إنسان عادي ،ورجل بسيط ،و أستاذ يحب مهنته،"
يشعل سيجارة ويواصل :
" أما عن الشاعر فهو لقب إكتسبته منذ فترة قصيرة،رغم أني أكتب الشعر منذ أكثر من سبع سنين ،إلا أن بعض قصائدي منعت من النشر لأسباب ، لذلك تأخرتُ
في الحصول على هذا اللقب ، الشّعر يا ليلى بكسر الشين وسيلتي ."
يشعل سيجارة ويواصل :
" أما عن الشاعر فهو لقب إكتسبته منذ فترة قصيرة،رغم أني أكتب الشعر منذ أكثر من سبع سنين ،إلا أن بعض قصائدي منعت من النشر لأسباب ، لذلك تأخرتُ
في الحصول على هذا اللقب ، الشّعر يا ليلى بكسر الشين وسيلتي ."
استفسرت ليلى :
"وسيلتك !لأية غاية ؟" .كما استفسرت ليلى من الذئب النائم في مكان جدّتها عن سبب كبر حجم أسنانه.
فأجاب الشاعر :
"أجل وسيلتي، لبلوغ غاية معينة ، تخيلي معي رجلا وسريرا فارغا و أنثى تملك أنوثة طاغية ،كيف يصل ذلك الرجل إلى المتعة ،وكيف يفرغ شحنة مكبوتاته،
ويمارس طقوسه برأيك؟"
ويمارس طقوسه برأيك؟"
لم تجد ليلى جوابا ، لأنها لم تفهم أهو سؤال طرحه عليها ، أم استفسار يستنجد به منها ، فأجابت بسؤال :
"كيف؟"
أطفأ السيجارة وأشعل أخرى بسرعة البرق :
"بالشّعر ...الشّعر هو الوسيلة التي أستعملها لبلوغ المتعة الحسيّة ، و الجنسية في آن واحد ، والسرير هو الورق الذي نمارس عليه مانشاء ،فالجنس على الورق ألطف."
يشمئز بدن ليلى لكلمة "الجنس" و أخواتها كالمكبوتات و السرير ...إلخ ،وتسقط أول آنية لتنكسر في حلم ليلى ،و تشك في أن الذي أمامها شخص آخر تنكّر في ثوب جدّتها فتسأل :
"هل من الضرورة أن تكون الإباحية حاضرة في الشعر و الأدب ؟ لستُ أفهم هذا الأمر منكم معشر الشعراء والأدباء ."
أمسك الشاعر بيد ليلى و ابتسم , هذه المرة كانت ابتسامته غير الأولى والثانية ،اهتز إيقاعها :
"لاتكوني متخلفة، ولا معقدة يا ليلى،ما الغريب في الأمر؟ إن كان نزار رسم من جسد المرأة قصائده ،و غيره أيضا ، هذا لأن شكل جسد المرأة معروف لدى الجميع ،لاشيء يثير الغموض أو الإستغراب الذي أراه في عينيك. سترين في القصيدة التي سأكتبها لك،جسدك ملفوفا بالبياض ناعما و جميلا ..."
سقطت كل الأواني المتبقية في حلم ليلى و تكسّرت،وإكتشفت ليلى أن الذي أمامها شخص غير الذي كان في خيالها مرسوما ، و وقفت قبل أن ينقض عليها شبح الشاعر ، فسحبت يدها من كفّيه ،و خرجت من القاعة مسرعة .
"يا إلاهي أي وهم كنتُ أعيش فيه ، حسبتُ أن الشّعر هو العالم النقي الطاهر،كيف يتوّج أمثال هذا الرجل شعراءًا ، كيف ننخدع بهم ؟ سحقا !!يستعمل الشعر وسيلة للوصول لغاية كريهة،لو كان غير شاعر لما كنتُ لأتعجب أو أتحسّر، لكنه من العالم الذي نبايع أفراده رسلا ."
توقفتْ قليلا لتلتقط أنفاسها، ثم وفقت تترحم على شهداءِ حلمها .
تعليق