ورود للشمس.. /بسمة الصيادي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • بسمة الصيادي
    مشرفة ملتقى القصة
    • 09-02-2010
    • 3185

    ورود للشمس.. /بسمة الصيادي

    ورود للشمس ...





    1

    علّقت الساعة على جدار غرفتها، وكأنها تعلق جدارا فوق جدار ..!
    سوف يأتي ، هي متأكدة .. وعدها أن يعود .. هي لا تصدق خبر رحيله، لا تعي لماذا ارتدت اللون الأسود ،
    ولم تفهم ما فعلته يدها حين تناولت المقص مباغتة ضفائر شعرها الطويل ...!
    مرّ أسبوع وهي تنتظر، كان أملها بلقائه يكبر يوما بعد يوم، فمواعيد عيد الأم لا تكذب،
    وهو اعتاد أن يأتها في كل سنة بباقة زهور من "‘عطر الليل" الذي تحب، وهدية من صنع يديه وأنفاسه ..!
    تكاد تسمع خطى أحضانه قادمة .. تكاد تتمايل على الأغنية التي يرددها لها من بعيد ..!
    انتظار .. والساعة امرأة عاقر حاقدة على الأمومة .. تطلق خيول عقاربها تارة، وتأسرها تارة، أو تعيدها فجأة لنقطة الانطلاق ..!
    هو سباق مع نبضات القلب، مع يد تمتد لتلتقط تلك اليد التائهة، وذلك الوجه الذي تأخر عن موعده ..!
    محمد راح الميدان من أسبوع ..ولم يرجع .. ! ماذا يفعل كل هذا الوقت، أيجلب لي الزهور من هناك؟ أم أن شيئا آخر شغله عني؟
    لا.. مستحيل محمد ولدي الحنون ، لن ينساني، ولن يأخذه زحام الطريق ..! سيأتي ..
    ما بال النساء ينظرن إلي وكأنني مجنونة؟ محمد ليس مثل أولادكن، محمد رقيق يكتب لي القصائد دائما، يحملني في صدره عطرا، وفي عينيه لؤلؤة، هكذا كان يقول لي دائما ...
    وبينما هي ناظرة نحو الباب، تنتظر قدوم طفلها قبل أن تغيب شمس العيد.. يأتيها صوت من بعيد : "محمد لم ينس، هو يقدس عيد الأم، لكن الهدية لم تكن لك في هذا العام، بل كانت لمصر ....."


    [BIMG]http://www12.0zz0.com/2011/03/21/14/947766517.gif[/BIMG]

    2

    لفّت الشوارع منذ شروق الشمس، تحمل بين أحضانها سلة الورود،
    "اشترِ وردة لأمك، ..إنه عيد الأمهات .."
    كان الأولاد والشباب يقبلون عليها من كل جانب، يتهافتون على شراء الورد،
    "أريد أكبر وردة في السلة، أريد أن أفرح أمي .." هكذا يصرخ أحد الأطفال ..
    ويرد عليه الثاني :لا تنس أن تكون القبلة أكبر وأكبر ..
    يأخذون ورودهم ويجرون نحو أمهاتهم يسابقون الطريق، كانت تلاحقهم بنظرها وكثيرا ما كانت تتعثر بنساء في الزوايا
    يتأملن الوردة كيف تطير مع الطفل، ويحلمن بها ..
    تابعت طريقها وهي تنادي مجددا :
    "اشترِ وردة لأمك، ..إنه عيد الأمهات .."
    وإذا بمجموعة من الأطفال تصطف أمامها في القرب من مبنى الأيتام، يحدقون فيها بحزن، بغضب،
    وإذا بأحدهم يحمل حجارة ويقذفها صوبها، ويقلده آخرون، كاد قلبها يهوي من الخوف، حضنت سلتها وجرت،
    ولما تعبت من الجري، اختبأت في إحدى الأزقة، تحاول أن تلتقط أنفاسها، ثم انفجرت بالبكاء، لماذا يضربونني أنا مثلهم
    أحمل الورود إلى الناس، أبيعها فقط، وأحاول أن أبيع معها وحدتي.....!
    حدقت في السلة تلومها على كل شيء، إنه عيد كاذب، فرحة لناس ووجع لآخرين .. ركلتها بعنف، فتبعثرت الورود في الأرجاء..
    -"نعم تشرّدي أيتها الورود، تشردي مثلي، ومثل أحضان الكثيرين .."
    جثت الطفلة على ركبتيها، تستعيد صورا هاربة من الذاكرة، تتذكر أغنية كانت تدندنها لها أمها في المساء، ودون وعي منها بدأت تغني،
    صوتها الرقيق نادى أشعة الشمس فاقتربت، وتوغلت في روح الصغيرة ، أيقظت فيها شيئا ما .. هرعت تلتقط الورود من جديد، حضنتها وركضت .
    في أنحاء الشارع، تستوقف النساء "سيدتي هذه وردة لك كل عام وأنت بخير .. " هكذا وزعت كل الورود التي كانت معها، وحصدت الكثير من
    القُبل على وجنتيها، ولأول مرة تعود إلى منزلها متوردة الخدود ...

    .
    .
    21/3/2011
    كل عام وأمهات العالم بخير
    [BIMG]http://www.bouquetnantais.com/images-bouquets/bouquet-de-roses-rose-20-roses-2549-500.jpg[/BIMG]
    التعديل الأخير تم بواسطة بسمة الصيادي; الساعة 21-03-2011, 14:23.
    في انتظار ..هدية من السماء!!
  • محمد فطومي
    رئيس ملتقى فرعي
    • 05-06-2010
    • 2433

    #2
    كنت على يقين بأنّي سأجد نصّا يعدل مزاجي و يطوف بي على متن الّلغة حول شمس الشّرق الورديّة..
    فوجدت اثنين،أثّر بي الثّاني أكثر و استوقفني رغم وقد الأوّل و وقعه المرير.و أحببت كليهما.
    ألف تحيّة ودّ لك أ. سمة.
    و وردة لك أيضا.
    مدوّنة

    فلكُ القصّة القصيرة

    تعليق

    • ربيع عقب الباب
      مستشار أدبي
      طائر النورس
      • 29-07-2008
      • 25792

      #3
      كلتاهما كانت للشمس
      وردة هنا
      وردة هناك
      نعم الأولى كانت أكثر احمرارا من شمس يونيو
      و قدمت نفسها طواعية لترضى الشمس و تحط على جبين القمر قبلة لا تنتهى
      لهذا الميدان الذى شهد كيف تتعشق الشموس الدماء كما ورد الوجنات !!

      أما الثانية فأحاطت بها دموع اليتم
      و آهات أخر
      جعلتنى أشتاق كثيرا للون الطيبة فى عيون أمي
      و ذاك الربيع الذى مازال يتعشق نظرات عينيها و هى تمارس أمومتها على الشيخ
      و تحاصره بما كان .. ومازال ؛ حتى أصبح رهن الايقاف !!

      كنت بنوتة رائعة بسمة الجميلة

      تقديري و احترامي
      sigpic

      تعليق

      • بسمة الصيادي
        مشرفة ملتقى القصة
        • 09-02-2010
        • 3185

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة محمد فطومي مشاهدة المشاركة
        كنت على يقين بأنّي سأجد نصّا يعدل مزاجي و يطوف بي على متن الّلغة حول شمس الشّرق الورديّة..
        فوجدت اثنين،أثّر بي الثّاني أكثر و استوقفني رغم وقد الأوّل و وقعه المرير.و أحببت كليهما.
        ألف تحيّة ودّ لك أ. سمة.
        و وردة لك أيضا.
        مساؤك جميل أستاذ محمد فطومي
        كم أنا مسرورة أن النص عدل مزاجك ولاقى إعجابك
        شكرا لك سيدي على الحديث الجميل والوجود الاجمل
        وردة لروحك سيدي
        تحياتي
        في انتظار ..هدية من السماء!!

        تعليق

        • حسن الحسين
          عضو الملتقى
          • 20-10-2010
          • 299

          #5
          سيدتي بسمة..
          الهدية لمصر في النص الأول كانت سموا في العطاء وتألقك المرهف في الرسم بالكلمات..
          لكن في النص الثاني خرجت عن الجادة..فالأطفال ليسوا بهذه القسوة
          والحرمان الأبوي لايفسر بالشراسة التي تحدثت عنها..
          والدليل عودتك في الخاتمة لشفافية الطفولة بمقايضة الصغيرة لورودها بالقبلات
          واعذري جرأتي
          كل الود

          تعليق

          • آسيا رحاحليه
            أديب وكاتب
            • 08-09-2009
            • 7182

            #6
            النصّان جميلان بسمة..
            شكرا لك.
            في انتظار كتاباتك دائما.
            مودتي.
            التعديل الأخير تم بواسطة آسيا رحاحليه; الساعة 25-03-2011, 07:39.
            يظن الناس بي خيرا و إنّي
            لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

            تعليق

            • بسمة الصيادي
              مشرفة ملتقى القصة
              • 09-02-2010
              • 3185

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
              كلتاهما كانت للشمس
              وردة هنا
              وردة هناك
              نعم الأولى كانت أكثر احمرارا من شمس يونيو
              و قدمت نفسها طواعية لترضى الشمس و تحط على جبين القمر قبلة لا تنتهى
              لهذا الميدان الذى شهد كيف تتعشق الشموس الدماء كما ورد الوجنات !!

              أما الثانية فأحاطت بها دموع اليتم
              و آهات أخر
              جعلتنى أشتاق كثيرا للون الطيبة فى عيون أمي
              و ذاك الربيع الذى مازال يتعشق نظرات عينيها و هى تمارس أمومتها على الشيخ
              و تحاصره بما كان .. ومازال ؛ حتى أصبح رهن الايقاف !!

              كنت بنوتة رائعة بسمة الجميلة

              تقديري و احترامي
              أستاذي العزيز
              حديثك جعل وجنات الصباح تتورد
              هو كذلك ...لم تعد الأعياد ترتدي نفس الثوب .. غالبا ما تكسوها الدموع ...
              وردة البنفسج لك وللوالدة أطال الله بعمرها
              قبلاتي لها
              محبتي
              في انتظار ..هدية من السماء!!

              تعليق

              • إيمان الدرع
                نائب ملتقى القصة
                • 09-02-2010
                • 3576

                #8
                يا بسمتي الرّائعة :
                في هذين النصّين ...
                رأيت الورود تصطفّ على جانبي طريقك الأدبيّ الجّميل ...
                الذي يزداد تماسكاً ، وإبداعاً ، وتميّزاً ، وتحليقاً...
                كلّ عامٍ ...وقلبك النديّ بألف عبيرٍ ، وسعادة ..
                ومع أطيب أمنياتي ...تحيّاتي ...

                تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                تعليق

                يعمل...
                X