اتركي قلبي وحيداً في ظلال المقبرة
صادقة تلك العيون التي سكبت دموعها جداول رقراقة ، عيون بريئة تلمح فيها عوالم الجمال الأزليّ ، تملأ الدنيا رقّة وجمالاً ، تسافر النظراتُ في مجاهلِ الفضاءِ الفسيح ؛ لترسمَ لوحةً من الأحلام والأمل ، بين الواقع والحقيقة وبين الخيال والمجهول تضيع الأمنيات...
جميلة تلك العيون التي تنسج الحبَّ طيفاً بلوريّاً ، وتسكبُ في القلب السّكينة ، وتجذب الروحَ إلى عالمٍ سماويّ سامي الغايات ، طرقات خفيفة بأنامل الشّوق توقظ العواطف الكامنة ، وتلملم الآهات المبعثرةَ في زوايا النفس الحزينة ، لتعزفَ ألحاناً وتريَّة هادئة النّغمات ، تتعالى الألحان وتنتشرُ في الفضاءات الرّحبة ، وصاحبُ اللحن يتأهَّب للرحيل...
بريئة تلك العيون طفوليّة الانتماء وواقعية المذهب ، حديثها نظراتها الانكسارية ، وهمسُها الصمت الطويل ، جنونية التأثير والهويّة ، وتسري في شراييني ، تجترحُ الواقع وتقف على شواطئ المستحيل ، خيوط سحريَّة تمشي على مهلِ ، تجدّد ابتداع الأفكار وتأخذها عبر المحيط اللامتناهي...
هادئة تلك العيون التي تعصف بالكينونة ، وتثير هواجس السّكون ، وتزلزل جدران الثّبات ، تهزُّ القلب وتغمسه في بحيرة الذّهول ، ولا إحساس ولا شعور ، فالخوف حطَّم قواعد الإحساس ، والواقعُ المرُّ يحاصر أجنحة المشاعر ، فلا انطلاق ولا صعود ، والزمنُ تُخرسه الحقيقة ، والأيامُ تجترُّ كلمات الوداع المعهودة...
سلّمي عينيْكِ للنور وابتسمي ، واتركي القلبَ الموجَّع في ظلال المقبرة ، وامسحي وجهَ الليل بيدِ الفجرِ المضرَّجة بدمائي ، وامزجي النَّبضَ الخافتَ بنبضِ قلبي المتسارع نحو الذبول ، لا تسألي الأحلامَ عنّي فأنا حلمٌ مشَرَّد ، واحتراق النَّاي بين شفتيّ الأحزان ، دعيني أصبُّ أنفاسي مترعةً في إناء الحبِّ المكسور ، أيها العادلون عن الحقيقة ، أيها الخاملون الكسالى ، أيها الجهلاء العالقون في شِبَاكِ الوهم ، ألم تعلموا صوتي وبصمةَ عواطفي ؟؟ فأنا المسافر بلا عنوان !! وأنا الخارجُ من دنياكم إلى حقيقتي الميمونة ، أنا صاحب ذلك القلبِ الكسير ، ذلك قلبي الذي أراه هناك في البعيد ، يا صاحبة العيون المسافرة ، اتركي قلبي الموجَّع هناك ، اتركي قلبي وحيداً في ظلال المقبرة...
مـروان ارزيقات
تعليق