الثقب - قصة قصيرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • يحي الحسن الطاهر
    أديب وكاتب
    • 20-03-2011
    • 111

    الثقب - قصة قصيرة

    الثُّقب –قصة قصيرة

    "1"

    الهدوء كان يُغلّفُ كلَّ شيء، بغلالاتٍ شفافة ولا مبالية بتلك الخروق (التيكانت تحاول أن تكون، بفعل الرّيح، وبفعلِ أشياءٍ أخرى، منافذاً لضجيجِ المدينةِالعتيقة.) كانت لا مبالاة الهدوء هادئة كعهدها دوماً. كما كانت خروق الضّجيجِ أقلّحماساً: (بل كانت متصالحةً في نفيِ ذاتها والذوبان في بحيرةِ الهدوءِ بشكلٍ رائعٍحقّاً.) وصنعت- بشكلٍ خارقٍ في حدّ ذاتهِ- نوعاً من الضجيج الصامت!-... في ذلكالساح اللا منظور- تقريباً- جلس شخصٌ ما في مقعده (الذي كان وثيراً فيما مضى). كانمستأنساً بذلك الصمت والهدوء اللذين إنداحا بحيرةً صافيةً أغرق فيها ضجيج يومٍ منأيام العمل الرتيبة. "فلأذهب إلى البحرِ إذاً! لكي انتشى بتدخينِ سيجارةٍ بينماينثال فوح الأعشاب الساحلية الجريئة: لأنها انتهكت بوجودها قوانين"الاستنبات" العادية فنمت بذاتها ولذاتها أيضاً!... آهٍ.. كم كنتُ أحمقاً حين خطّطتُ للذّةٍقادمةٍ تهبني إيّاها سيجارةٌ قرب البحر سأدخّنها.. ولكن.. لا يهم.. فهنالك الكثيرمن الحماقات التي- عادةً- ما تمثّل اكتفاءاً معقولاً لكلّ طيشٍ أحلامنا وخيالاتناالباسلة.." أشعل سيجارته إذاً: (نسيتُ أن أقول إنّ ثمةَ ظلامٍ خفيفٍ يتخلّلُهُقليلٌ من الضّوءِ المرتعش، بعد أآن قذفت الشمس سائل لذتها ورحيق وجودها، كان يغلّف- في رداءٍ غيرِ متصنّعٍ للوقار- ذلك المشهد!) أشعل سيجارته إذن! كان يتطلّع، فيلذّةٍ، إلى الطيوفِ الرائعةِ التي يشكلّها الدخان المنبعث من السيجارة، حتى رآهابغتةً كانت تبتسم ويشعّ ضيءُ عينيها كنجمةٍ حالمةٍ، كان وجهها بالذات، كانت هي، حتىتفاصيل ملامحها الدقيقة، وكانت ترتدي ذات الفستان الذي قابلته به بالأمس، (وقدشبّهها حينها بقطةٍ ذات فراءٍ، يتغازلُ في وداعةٍ جنسية عذبةً فيه اللون الأسودجدّاً، مع الأبيض قليلاً، وتتكوّر هذه القطة بين نتف ثلجٍ خلّفها جليدُ أحزانها "هي" حين كان "هو" بعيداً هناك، (وكان تبحث: كما أخبرته حين أتى!) عنه بينما كان "هو" يبحث عنه أيضاً، إلا أنّه لم يجده!.. إنه لم يجيء إذاً! ولكنّها تمارس حضوراًأكيداً في كلِّ شيء، وها هي الآن تشكّلها طيوف دخان سيجارته (كان يحاول أن يبتدعطريقةً ما في امتصاص السيجارةِ حتى تبعث دخاناً له خاصيّة رائعة: أن يُجسّد عريها،ليرى جسدها الرائع، ولكنه لم ينتبه إلى شيءٍ بسيطٍ جداً وهو أنّ سيجارته: بحكماللهب الخافت الذي هو سرّ وجودها وانطفائها معاً! قد سكبت هي الأخرى، مثل الشمستماماً، رحيقَ وجودها. أشعل، في لهاثٍ محمومٍ، سيجارةً أخرى، وظلّ يرقب المشهدالمحتوم إذ حتماً سيرى جسدها الرائع، نهديها السامقين، وجيدها المنساب في رقّةِلحنٍ موسيقيٍّ صافٍ، وفخذيها: (مبعث دفئه وشعوره الخلاق بامتلاكهِ للعالم، لمجرّدِتصوّرهِ بفعله لشيءٍ ما فيما بين الفخذين!).. كانت السيجارة، ويا للأسف، مثلسابقتها عاجزة وخائبة! إذ شكّلت وجهه "هو" بالذات، مرتسمةً في ملامحه تعابيرٌالتّرقُّبِ للحضور البهيِّ لجسدها الرائع، سيمفونيّته المشتهاة. شعر بشعورٍ دفيءٍمن الخدرِ المباغت (يسمّونه عادة: الخجل!) قذف ببعضِ الحجارةِ الصغيرةِ هذه المرآةاللعينة، وأحدثت حجارته ثقوباً وانكساراتَ متعرّجة في زجاج المرايا، رأى، للغرابةِ،فخذها الأيمن عارياً، وكان جزءٌ صغيرٌ من فخذها الأيسر، أعلاه تماماً، يطلُّ فيتوقٍ لاكتمالِ البروز، شعر "بشيئه" ينتصبُ قليلاً.. قليلاً.. أخذ في التلصّصِبلهفةٍ كي يرى من خلال الثقب (الذي كان صغيراً جدّاً) فخذها الأيسر، بكاملِ فتنته "الفِدْيَاسِيَّة"، وجسدها الأعلى، إلا أنّ الثقب كان ماكراً جدّاً!، إذ صار يدورحول نفسه بعبثيةٍ ماجنةٍ، وغيّب حتى ما كان مرئيّاً، نفث دفعةً أخرى من دخانِالسيجارةِ كي يهب شلالاً من الحياةِ للثّقبِ ليصير أكثر تماسكاً وليشكر فعلته تلكفيجسّد- بدورهِ- عريها البهي، ولكن كان ارتشاؤه للثّقبِ خائباً!
    قذفبحجارةٍ أخرى، هشّمت ثقوبا أكبرَ في المرايا، أطلّ من واحدٍ منها وجه شرطيٍّيُلوّح بسوطه (وأشيائه الأخرى) في جماعةٍ من المتظاهرين، ورأى في ثقبٍ آخرٍ عجوزاًيستجدي، أعطاه قليلاً من النقودِ كي يمضي، إلا أنّ العجوز أصرّ على البقاءِ بمكابرةٍتركه ينشد: (يا ليلى ليلك جنَّ، معشوقك أوّه وأنَّ" بينما كان هو ينشد رؤيتهاعارية، نظر في ثقبٍ آخرٍ، رأى أحد الطهاة يقلي بيضاً (أحسّ بجوعٍ مفاجئٍ، كفكرةٍخاطئةٍ، كان جوعاً إليها "هي" بالذات، سيمفونيّته التي أضاع الدخان نوتاتهاالرائعة!، كان هنالك ثقب ينادي عينيه المتلصصتين في لهفة، وفي هذا الثقب بالذات،رأى ناهديها، ويا للروعة!، (تحلّب ريقه لامتصاصِ رحيقِ روحه المدنفة من هذينالثديين، اللذين يتكورا وعداً وبشرى بزمنٍ ديونوزييسيٍّ سيأتي!) كانا متيقظين للتو،وكانت حلمتاها تنظران إليهِ في نداءٍ (خجولٍ بالطّبع)... أدخل يده من خلال الثقب،كي يمسّ ناهديها، ولكن أحدثت شروخ الثقب بعض الجروح في يده أسالت دماً كان قصيدةَحزنٍ لغيابِ نهديها خلف غماماتِ حياءٍ أثارته محاولة يده في لمسها. وكانت دماؤهقصيدةُ هجاءٍ لثقبٍ لعينٍ لم يتواطأ مع رغبته السّاذجة والحادّة أيضاً، ثم حاولت آخرقطرات دمه، في غنائيّةٍ مرتعشةٍ، استجداء الثقب كي يكون أكثرَ حنوّاً، فكّر أخيراًفي إغراء الثقب بالمزيد من دخان السجائر (كان عضوه قدانتصب بشكل كاملٍ الآن!،وكانت أعصابه قد توتّرت جيّداً (فجاء عزفها لإيقاعِ الشّهوةِ رائعاً!) توتّرت بفعلِالشّهوة التي أثارها نهدٌ لطيفٌ وأكثرَ حنوّاً من الآخر، إذ لم يغب بالكامل، كمافعل ذلك بمكابرة، أشعل سيجارةً أخرى، وأخرى أيضاً، وأخيرة... (كانت المتعة البديهيةفي التدخين قد انتفت عنه، وهو يحاول لذّةً أخرى (من الطبيعيّ أن تحتجَّ السّيجارةُلهذا الاستخدام الأداتِي! أليسَ كذلك؟) كانت هذه آخر سيجارة، تصعّدت فيه الرّغبةالمحمومة في أن تهبَ السّيجارةَ الأخيرةَ ما لم تهبه الأخريات: جسدها العاري تماماًوبكاملهِ. رأى طيوفاً أحرى كثيرةً، ولكن "العجوز المستجدي" لم يغبْ أبداً، أعطاهُنقوداً أخرى، لم يغب أيضاً، انتهره لاعناً، لم يغبْ أيضاً!، تركه تماماً، غابَأخيراً، ثم عاد أيضاً يستجدي بإلحاحٍ مُلحٍّ، الثقوب الأخرى بها طيوف أخرى غير الذييود. ارتخى عضوه، ولكن، وللغرابة، تصاعدت شهوته حتّى تشكّلت جسداً عارياً، ولدهشته،كان جسدها، هي، مارس اغتصاباً ذهنيّاً لِطَيْفِ جسدِها العاري، كان "البحر" يضحكعالياً- كما هي عادته دوماً إذ لا يتجهّم "البحر" أبداً. لأمرٍ ما كان البحريضحك... انثالت اللذة في جسده، كانت وثنيّة بشكلٍ وثني!... تصاعد جسده هو، من دخانِسيجارتهِ الأخيرة، وذابَ في جسدِها المتصاعد من شهوته في عناقٍ صوفيٍّ، لم تكن لهقمّة سوى تلكَ "الوخزة" الحادّة "بالطّبع" التي أحدثها لهب سيجارته في يدهِ التيكانت تحوط جسدها السّاحلي، (كان الألمُ البديهيُّ للهبِ "السّيجارةِ" مَنْفِيّاً فيذاتِ منفى المُتْعَةِِ الخاصّةِ بالتّدخينِ وبأشياءٍ أخرى!..

    "2"

    موقف البحر...

    كان البَحْرُ يضحكُ- في محاولةٍ طفوليّةٍ- لإغاظةِذلكَ "الشّخص الما" حيثُ كان يمكنه وببساطةٍ- حسب ما يرى البحر- أن يرى جسدهاالرّائع وقد عكسته المرايا، يضاجع جسد البحر في حنانٍ مرتعش- بفعلِ الخجلِ، وبفعلِأشياءٍ أخرى، كما كان يستطيع- لو استطاع- أن يرى مشهده وهو في حوزة تعابيرِالتّرَقُّبِ والتّلصّصِ من خلالِ ثقبٍ قد يطلّ منه جسدها العاري كما يود.

    يحيى الحسن الطاهر "سايح"
    ليل الاثنين 4/12/1989م
    الساعة الواحدةليلاً، الواحدة صفاءاً!

    الخرطوم



    ملاحظات متسّكعة على رصيف الرّوح
    أو...
    خروق في عباءة الصّمت- قصة قصيرة -

    وقف طويلاً أمام مقلاةٍ للبيض:- تُرى كم من الصّمت أزاحه ضجيج الزيتالمقلي؟... البيضة ذلك الكائن الغريب تشدّه كثيراً ويُمثِّل صمتّها المحتوي ضجيجالحياة وعداً بانكشافِ ما يُخفيه وجوده من غرابة.. مثل غرابتها.. ؟ ربّما!... ، رأى عربةً تسير في الطريق التي رصفتها أمطار الأمس وكانت مصابيح العربةتضيء وتخفت كعيني نمرٍ في ظلامِ غابةٍ في خطّ استواءِ روحهِ على مقامِ ذعرٍ مفاجئكبرقٍ خريفيٍّ.

    همس:- ما أروع الدفء الذي تتمتع به اللوزة داخل صدفتها! امتدّ صمته واستطال وتثاءب؛ آهٍ كم أنا مُتعب فالذباب يتواطأ بمكرٍ على أن يُنسّجَبطنينه شباكاً لاصطيادِ صفائي، الشبكة تتّسع وباتّساعها تزيح نسيج عناكب السكينة فيداخلي... تغرقني في أمواجها اللّزجة فأحتمي بخروقٍ في نسيجها حين يصمت الطنين فتغيبغرزة في برهةِ هدوءِ الذبابِ ليُنوّع معزوفتهِ ويواصل نسج شباكه.

    صامتاًكنتُ أتسمَّع طيفكِ ينسابُ خَلِسَاً كحفيفِ الثّوبِ في ليلةٍ صبيّةِ الرّيحِ، كهمسِالساحراتِ في ليالي الطفولةِ العذبةِ أتى طيفكِ خَلِسَاً ولم تأتِ، فهلاّ تأتينلتتحوّر شباكُ الذّبابِ مرايا يَسكُنُها وجهكِ الصّبوح؟!

    كان يرقبُ الشّمسَوهي تستحمُّ في النّهرِ من إرهاقِ النّهارِ حينَ سمع "صوتها"... كان "صوتها" جناحينحملاه وطارا به بعيداً... بعيداً حيثُ شهد احتفال النّجوم بزفافِ عطرها الأثير إلىقلبه... ضحك في هناءةٍ حين رأى قارورةَ السّكينةِ تسكبُ آخرَ قطراتِها في نفسهِ بعدأن سمع صوتها الجناح.

    لا يهم. كلّ النّجومِ ليست واحدة؛ هنالكَ نجومٌ للأسى، (وهنالكَ ذلك النّوع النّادر من النّجوم الزّاجلة التي تحمل أشواق العاشقينومناجاتهم الجَّسورة التي تخترقُ وهم "المكان" وتعبثُ بإرهاقِ المسافة.

    عفواً، هنالكَ أيضاً النّجوم/الثقوب التي تطلُّ منها عينا الإله على دنياالإنسان، هل هنالكَ نجومٌ أخرى غير تلك الناثرة لعصارةِ بريقها الذي تهفو شرايينكإلى الإغتذاءِ به فتشعُّ الحياةُ فيكَ إنخطافاتٌ من السّحرِ، وتتسوسنَ في قلبكَيرقاتُ رؤى نبيّة؟!...

    والنّجوم عذارى السّماءِ التي ما فضّ بكارتها "ذكرروحنا" الشّعرُ بعد. والنّجومُ أيضاً آثارُ أقدامِ الغموضِ التي تُطرقع فتنخطفُعيناكَ إلى الأعلى في حيرةٍ لن تُفَضَّ!...

    ليلاً كان المنزلُ يستحمُّ فيظلامٍ مُغلقٍ وطريٍّ كأنه صمتُ العرَّافة... كان المنزلُ سفينةً والظّلامُ بحر... اعتقل نفسه طويلاً داخل "الحمّام" وأضاءَ المصباح الكهربائي ثمّ رأى الظلام فيالخارج ينظر إليهِ في تحديقٍ مجوّفٍ كقاعِ البئر. أحسَّ "بالحمّامِ" كتلةً مضيئةًفي قلبِ ظلامِ المنزلِ وكأنّهُ إشراقةٌ مفاجئةٌ لفكرةٍ طموحٍ في عقلٍ يائسٍ تسكّعتْفيه عناكبُ الإحباطِ ونسَّجتْ شرايينه وأفرزت في خلاياه عصارة وجودها. تساءلَ، كممن الظّلامِ أزاحه "الحمّام" المُضيء؟! وكم من العتمةِ في روحهِ شقشقت في أحراشهاعصافيرُ حضورِها البهيجة؟! تذكّرَ أنّ الرّنينَ الفضيَّ الذي تُنغِّمُهُ عصفورةٌمرحةٌ ينثالُ في وجدانهِ قمراً يضحكُ من انعكاس وجههِ في مرآةِ نهرٍ سعيد.

    نظرَ إلى السّماءِ، إلى السّحابِ المتناثرِ في سماءٍ خريفيّةٍ كأنّه شحوبالعالم الأرضيّ ثم انتشرت في جلده لذّةٌ وثنيّةٌ راعشةٌ كأنّها بخارُ الشّايِالمتصاعد في نشوةٍ شيطانيّةٍ حين يصدمُ أنفك... كان ذلك مساءٌ أذهلتهُ المُماثلةُالرّائعةُ بين السّحابِ وشعوبِ العالمِ، فحينما تصطدم سحابةٌ بأخرى، يُدوّيالرّعدُ/القنبلةُ ويبرقُ البرقُ... ولكن.. ينزلُ المطر!.. بينما تُعشعشُ الفواجعحين تصطدمُ الشّعوب، وحده الإنسان ذلك الكائن البهيج المليء بالغبطة المُبارَكَةالذي حينما يصطدمُ ذكرهُ بأنثاه تُولدُ الحياةُ كالنّبعِ الدفيءِ من ثديٍ جبلٍمُقدّس.

    مساء الأربعاء2/7/1986.
    يحيى الحسن الطّاهر- الخرطوم


    نشرت هاتان القصتان بهذا الموقع:
    http://www.sudan-forall.org/forum/viewtopic.php?p=20819&highlight=&sid=97abd0e132182 9dbd111c90d19b43323#20819

    sigpic

    سارة..توتا..نونا ...حوتة ..والله وبس!!!
    yahia.change@gmail.com
    http://truthsekkers.blogspot.com/201...g-post.html#!/
    https://groups.google.com/forum/#!forum/yahiahassan
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    الزميل القدير
    يحيى الحسن الطاهر
    الحقيقة لم أستطع اكمال القراءة لأن النص تشابكت حروفه
    أتعب عيني التشابك كثيرا
    أرجو أن تفك الإشتباك لنرى مانراه بنصك هذا
    ودي ومحبتي لك

    الممسوس

    الممسوس! أي ريح صرصر عصفت اليوم الشمس مبتورة الخيوط، وشبح القادم ينسل خفية يغطي وجهه غروب أصهب. لم أكد أعرفه لولا وشم أنزله على كفه في ليلة دهماء غاب عنها القمر، أريق فيها الكثير من دمه وحبر صبه فوق الجرح، يدمغ يده فيه ويئن مبتلعا وجعه. لم تك ملامحه تشبه ذاك الشاب الجسور الذي ملأ حيطان الشارع برسومه، وأنا صبي ألاحقه مثل ظله/
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • يحي الحسن الطاهر
      أديب وكاتب
      • 20-03-2011
      • 111

      #3
      أستاذتنا الكبيرة عائدة ..
      أتأسف جدا لهذا الاشتباك ...ودونك فك الاشتباك وسلمت..
      الثُّقب
      قصة قصيرة- يحي الحسن الطاهر

      "1"

      الهدوء كان يُغلّفُ كلَّ شيء، بغلالاتٍ شفافة ولا مبالية بتلك الخروق (التيكانت تحاول أن تكون، بفعل الرّيح، وبفعلِ أشياءٍ أخرى، منافذاً لضجيجِ ِالمدينة العتيقة.) كانت لا مبالاة الهدوء هادئة كعهدها دوماً. كما كانت خروق الضّجيجِ أقلّحماساً: (بل كانت متصالحةً في نفيِ ذاتها والذوبان في بحيرةِ الهدوءِ بشكلٍ رائعٍحقّاً.) وصنعت- بشكلٍ خارقٍ في حدّ ذاتهِ- نوعاً من الضجيج الصامت!-... في ذلكالساح اللا منظور- تقريباً- جلس شخصٌ ما في مقعده (الذي كان وثيراً فيما مضى). كانمستأنساً بذلك الصمت والهدوء اللذين إنداحا بحيرةً صافيةً أغرق فيها ضجيج يومٍ منأيام العمل الرتيبة. "فلأذهب إلى البحرِ إذاً! لكي أننشى بتدخينِ سيجارةٍ بينماينثال فوح الأعشاب الساحلية الجريئة: لأنها انتهكت بوجودها قوانين"الاستنبات" العادية فنمت بذاتها ولذاتها أيضاً!... آهٍ.. كم كنتُ أحمقاً حين خطّطتُ للذّةٍقادمةٍ تهبني إيّاها سيجارةٌ قرب البحر سأدخّنها.. ولكن.. لا يهم.. فهنالك الكثيرمن الحماقات التي- عادةً- ما تمثّل اكتفاءاً معقولاً لكلّ طيشٍ أحلامنا وخيالاتناالباسلة.." أشعل سيجارته إذاً: (نسيتُ أن أقول إنّ ثمةَ ظلامٍ خفيفٍ يتخلّلُهُقليلٌ من الضّوءِ المرتعش، بعد أن قذفت الشمس سائل لذتها ورحيق وجودها، كان يغلّف- في رداءٍ غيرِ متصنّعٍ للوقار- ذلك المشهد!) أشعل سيجارته إذن! كان يتطلّع، فيلذّةٍ، إلى الطيوفِ الرائعةِ التي يشكلّها الدخان المنبعث من السيجارة، حتى رآهابغتةً كانت تبتسم ويشعّ ضيءُ عينيها كنجمةٍ حالمةٍ، كان وجهها بالذات، كانت هي، حتىتفاصيل ملامحها الدقيقة، وكانت ترتدي ذات الفستان الذي قابلته به بالأمس، (وقدشبّهها حينها بقطةٍ ذات فراءٍ، يتغازلُ في وداعةٍ جنسية عذبةً فيه اللون الأسودجدّاً، مع الأبيض قليلاً، وتتكوّر هذه القطة بين نتف ثلجٍ خلّفها جليدُ أحزانها "هي" حين كان "هو" بعيداً هناك، (وكان تبحث: كما أخبرته حين أتى!) عنه بينما كان "هو" يبحث عنه أيضاً، إلا أنّه لم يجده!.. إنه لم يجيء إذاً! ولكنّها تمارس حضوراًأكيداً في كلِّ شيء، وها هي الآن تشكّلها طيوف دخان سيجارته (كان يحاول أن يبتدعطريقةً ما في امتصاص السيجارةِ حتى تبعث دخاناً له خاصيّة رائعة: أن يُجسّد عريها،ليرى جسدها الرائع، ولكنه لم ينتبه إلى شيءٍ بسيطٍ جداً وهو أنّ سيجارته: بحكماللهب الخافت الذي هو سرّ وجودها وانطفائها معاً! قد سكبت هي الأخرى، مثل الشمستماماً، رحيقَ وجودها. أشعل، في لهاثٍ محمومٍ، سيجارةً أخرى، وظلّ يرقب المشهدالمحتوم إذ حتماً سيرى جسدها الرائع، نهديها السامقين، وجيدها المنساب في رقّةِلحنٍ موسيقيٍّ صافٍ، وفخذيها: (مبعث دفئه وشعوره الخلاق بامتلاكهِ للعالم، لمجرّدِتصوّرهِ بفعله لشيءٍ ما فيما بين الفخذين!).. كانت السيجارة، ويا للأسف، مثلسابقتها عاجزة وخائبة! إذ شكّلت وجهه "هو" بالذات، مرتسمةً في ملامحه تعابيرٌالتّرقُّبِ للحضور البهيِّ لجسدها الرائع، سيمفونيّته المشتهاة. شعر بشعورٍ دفيءٍمن الخدرِ المباغت (يسمّون عادة: الخجل!) قذف ببعضِ الحجارةِ الصغيرةِ هذه المرآةاللعينة، وأحدثت حجارته ثقوباً وانكساراتَ متعرّجة في زجاج المرايا، رأى، للغرابةِ،فخذها الأيمن عارياً، وكان جزءٌ صغيرٌ من فخذها الأيسر، أعلاه تماماً، يطلُّ فيتوقٍ لاكتمالِ البروز، شعر "بشيئه" ينتصبُ قليلاً.. قليلاً.. أخذ في التلصّصِبلهفةٍ كي يرى من خلال الثقب (الذي كان صغيراً جدّاً) فخذها الأيسر، بكاملِ فتنته "الفِدْيَاسِيَّة"، وجسدها الأعلى، إلا أنّ الثقب كان ماكراً جدّاً!، إذ صار يدورحول نفسه بعبثيةٍ ماجنةٍ، وغيّب حتى ما كان مرئيّاً، نفث دفعةً أخرى من دخانِالسيجارةِ كي يهب شلالاً من الحياةِ للثّقبِ ليصير أكثر تماسكاً وليشكر فعلته تلكفيجسّد- بدورهِ- عريها البهي، ولكن كان ارتشاؤه للثّقبِ خائباً!

      قذفبحجارةٍ أخرى، هشّمت ثقوبا أكبرَ في المرايا، أطلّ من واحدٍ منها وجه شرطيٍّيُلوّح بسوطه (وأشيائه الأخرى) في جماعةٍ من المتظاهرين، ورأى في ثقبٍ آخرٍ عجوزاًيستجدي، أعطاه قليلاً من النقود كي يمضي، إلا أنّ العجوز أصرّ على البقاءِ بمكابرةٍتركه ينشد: (يا ليلى ليلك جنَّ، معشوقك أوّه وأنَّ" بينما كان هو ينشد رؤيتهاعارية، نظر في ثقبٍ آخرٍ، رأى أحد الطهاة يقلي بيضاً (أحسّ بجوعٍ مفاجئٍ، كفكرةٍخاطئةٍ، كان جوعاً إليها "هي" بالذات، سيمفونيّته التي أضاع الدخان نوتاتهاالرائعة!، كان هنالك ثقب ينادي عينيه المتلصصتين في لهفة، وفي هذا الثقب بالذات،رأى ناهديها، ويا للروعة!، (تحلّب ريقه لامتصاصِ رحيقِ روحه المدنفة من هذينالثديين، اللذين يتكورا وعداً وبشرى بزمنٍ ديونوزييسيٍّ سيأتي!) كانا متيقظين للتو،وكانت حلمتاها تنظران إليهِ في نداءٍ (خجولٍ بالطّبع)... أدخل يده من خلال الثقب،كي يمسّ ناهديها، ولكن أحدثت شروخ الثقب بعض الجروح في يده أسالت دماً كان قصيدةَحزنٍ لغيابِ نهديها خلف غماماتِ حياءٍ أثارته محاولة يده في لمسها. وكانت دماؤهقصيدةُ هجاءٍ لثقبٍ لعينٍ لم يتواطأ مع رغبته السّاذجة والحادّة أيضاً، ثم حاولت آخرقطرات دمه، في غنائيّةٍ مرتعشةٍ، استجداء الثقب كي يكون أكثرَ حنوّاً، فكّر أخيراًفي إغراء الثقب بالمزيد من دخان السجائر (كان عضوه قدانتصب بشكل كاملٍ الآن!،وكانت أعصابه قد توتّرت جيّداً (فجاء عزفها لإيقاعِ الشّهوةِ رائعاً!) توتّرت بفعلِالشّهوة التي أثارها نهدٌ لطيفٌ وأكثرَ حنوّاً من الآخر، إذ لم يغب بالكامل، كمافعل ذلك بمكابرة، أشعل سيجارةً أخرى، وأخرى أيضاً، وأخيرة... (كانت المتعة البديهيةفي التدخين قد انتفت عنه، وهو يحاول لذّةً أخرى (من الطبيعيّ أن تحتجَّ السّيجارةُلهذا الاستخدام الأداتِي! أليسَ كذلك؟) كانت هذه آخر سيجارة، تصعّدت فيه الرّغبةالمحمومة في أن تهبَ السّيجارةَ الأخيرةَ ما لم تهبه الأخريات: جسدها العاري تماماًوبكاملهِ. رأى طيوفاً أحرى كثيرةً، ولكن "العجوز المستجدي" لم يغبْ أبداً، أعطاهُنقوداً أخرى، لم يغب أيضاً، انتهره لاعناً، لم يغبْ أيضاً!، تركه تماماً، غابَأخيراً، ثم عاد أيضاً يستجدي بإلحاحٍ مُلحٍّ، الثقوب الأخرى بها طيوف أخرى غير الذييود. ارتخى عضوه، ولكن، وللغرابة، تصاعدت شهوته حتّى تشكّلت جسداً عارياً، ولدهشته،كان جسدها، هي، مارس اغتصاباً ذهنيّاً لِطَيْفِ جسدِها العاري، كان "البحر" يضحكعالياً- كما هي عادته دوماً إذلا يتجهّم "البحر" أبداً. لأمرٍ ما كان البحريضحك... انثالت اللذة في جسده، كانت وثنيّة بشكلٍ وثني!... تصاعد جسده هو، من دخانِسيجارتهِ الأخيرة، وذابَ في جسدِها المتصاعد من شهوته في عناقٍ صوفيٍّ، لم تكن لهقمّة سوى تلكَ "الوخزة" الحادّة "بالطّبع" التي أحدثها لهب سيجارته في يدهِ التيكانت تحوط جسدها السّاحلي، (كان الألمُ البديهيُّ للهبِ "السّيجارةِ" مَنْفِيّاً فيذاتِ منفى المُتْعَةِِ الخاصّةِ بالتّدخينِ وبأشياءٍ أخرى!..

      "2"

      موقف البحر...

      كان البَحْرُ يضحكُ- في محاولةٍ طفوليّةٍ- لإغاظةِذلكَ "الشّخص الما" حيثُ كان يمكنه وببساطةٍ- حسب ما يرى البحر- أن يرى جسدهاالرّائع وقد عكسته المرايا، يضاجع جسد البحر في حنانٍ مرتعش- بفعلِ الخجلِ، وبفعلِأشياءٍ أخرى، كما كان يستطيع- لو استطاع- أن يرى مشهده وهو في حوزة تعابيرِالتّرَقُّبِ والتّلصّصِ من خلالِ ثقبٍ قد يطلّ منه جسدها العاري كما يود.

      يحيى الحسن الطاهر "سايح"
      ليل الاثنين 4/12/1989م
      الساعة الواحدةليلاً، الواحدة صفاءاً!
      نشرت القصة في هذا الموقع :
      http://www.sudan-forall.org/forum/viewtopic.php?p=20819&highlight=&sid=97abd0e132182 9dbd111c90d19b43323#20819


      sigpic

      سارة..توتا..نونا ...حوتة ..والله وبس!!!
      yahia.change@gmail.com
      http://truthsekkers.blogspot.com/201...g-post.html#!/
      https://groups.google.com/forum/#!forum/yahiahassan

      تعليق

      يعمل...
      X