*** ـــ مقدمة
في طبعة أنيقة بلون العشب صدر للشاعر حسن مزهار ديوانه الثاني الذي عنونه ب"حين ينبت الأطفال"
يضم 24 نصا يتسع ل104 صفحة استهلها بقصيدة "حكاية قصيدة " ومن هنا يظهر مدى تعلق الشاعر بالشعر والتوحد معه ،والذوبان في شلال حروفه من نبعه حتى المصب ..
ثم ختمها بنص" حذار "وهي إنذار إلى القراء والشعراء عموما على حد حدسي ،بأن يأتوا بالجيد ،ويقرؤوا الجيد ويكتبوا الجيد ..إن المبدع حسن مزهار مهووس بالشعر حد النخاع ، سيظل متأبطا دِرعَه مادام دخل حلبته دون استئذان ...
أما العنوان " حين ينبت الأطفال" فهو رمز موحي بطريقة غير مباشرة إلى الأمل المنشود ،الأطفال الذين سيمسكون المشعل من بعدنا ،لينيروا دروب الأمة المعتمة، و الدليل الذي يعزز ذلك ،هو اللون الفستقي الذي وشح به المبدع الغلاف لون الأمل المنشود ...،وحتى لاأطيل سأتوغل في النصوص لأقول كلمتي المتواضعة ..
*** ــــ العشق الصوفي للوطن والبعد الإنساني
لقد فقد شاعرنا ثقته في مَن حواليه ،ونفض يديه من كل الجهات الرسمية :السياسية منها والتعليمية والأسرية ، حيث وجد نفسه بين طوائف تعبث بأذيال الوطن، تزحزحه نحو الخراب ، فمنها مَن يركض خلف مصالحة الشخصية ضاربا عرض الحائط المصالح العامة ،ومنها مَن يبيع عرضه ليحيا ،ومنها من يركب ظهر الفقراء والمحتاجين ليحقق أهدافه على حساب الآخر ،وثلة من الجبناء يقتاتون من لحم إخوانهم ...
فهذه الخصال الرذيلة التي امتصت كل ماهو جميل من القيم ،كوَت الشاعر ،وجعلته يسكب حريقه في لجة الشعر ..
يقول :
أنا ياسيدي
عربي بيعت أرضه
وعرضه
وأهدر دمه
منذ آلاف السنين
ص:21
وليس هذا فحسب فشاعرنا يوصينا خيرا بوطننا ولغتنا ..
فهما الوتدان اللذان ينشَدّ إليهما الفرد ،وبضياعهما تضيع قيمته وحياته وإنسانيته وكرامته ،فهو إن فقدهما فقد أعز مايملك في هذا الوجود هويته إن صح التعبير .. فالوطن يصون عرقه وأصله ،وجذوره ، واللغة تحافظ على ثراته ، وتعزز قيمته ،وحتى يوضح لنا أكثر فشاعرنا يتقمص حالة الغرباء المطرودين من أوطانهم ،مشخصا لنا محنتهم ومعاناتهم ..
يقول :
أنا ابن عربي
متخن العروبة
شاهد الهزيمة
طريد نخوة عربية
كاذبة
ص:18
الشاعر متسلح بآليات لرفض ، رفض الخبث ،والجبروت والطغيان والظلم .. والرفض ليس هباء منبثا ، ولا مدلوله عبثي ، بل شيّد شاعرنا قلاعه على حلم جميل ، يعيش فيه على أمل تحقيقه ،وهو التحرير من طاغوت الماضي ،والتنصل من أوهام الحاضر ،حلم زَرْع القيم النبيلة ،قيم الحب والإنسانية ،وهذا لن يتأتي إلا بأفكار متنورة منفتحة على البناء والتشييد والنماء ، تولد من تربة الصمود ،وتينع على هضبة التحدي والنخوة والإباء ..
من خلال ماتقدم فالشاعر يعتز بعروبته ،مُلهَم حتى النخاع بحب وطنه ،يتطلع إلى أفق ساطع بأزرار الشمس ،يعبَق بريح الجنة ،رافضا الزمن الماضي بصروفه بكوارثه ،مؤثثا للزمن الآتي في حلته البيضاء ،بكل ما له من أحلام ،وهي الحرية والنماء و المجد للوطن ،وهذا يبين بالحرف أن الشاعر يبحث عن الممكن الذي سيكون وليس الكائن ..
يقول :
جاحدا كل هوى
كان قبل الولادة
أعانق فيك ريحا
تحملني إلى حيث الأعراس
ص:43
*** ـــ الغربة في النفس
لقد انصهر الكون بأشيائه الجميلة والذميمة في شلال واحد يصب في قرارات النفس، ولم تعد هناك مسافة تفصل بين عناصره بأضدادها ومتنافراتها ،فأصبح الشاعر يرى نفسه في زاوية سحيقة القرار ، في عزلة تامة عما يجري في الكون ،وهذا ناتج عن صراع مرير بينه وبين الكون ،وبينه وبين نفسه ،وبين نفسه والذات ،فالنفس تحلم بأشياء ،وتعيش على أمل تحقيقها ، والذات لاتملك آليات التغيير ،وهذه العوامل مجتمعة عصفت بأكواخ الاستقرار النفسي، مما سبب لشاعرنا قلقا واسع المدى ،والنتيجة هي إفراغ شحنته في البياض ..
يقول :
لكن ذا الشوق يحبو في داخلي
يتعثر /يهتف بي
أن أحمل دمي في كفي
وأطوف حول جرحي
حتى يرتعد القهر في عليائه
ص:58
إذن فهذا الانفعال الشديد تجاه واقع ممتلئ بالكذب ،والبريق الزائف ،جعل الشاعر يتحسس جوهره بالقلم والورق حين أحسّ بالهزيمة ،هزيمة التغيير والتجدد وخلق البديل .
*** ــــ نزعة الحكي
تتفرع مساحات السرد في بعض نصوص الشاعر ،ونجده يلونها ، ويلبّد بمتون الحكي قماشها ،بأسلوب رقيق شفيف يدغدغ مشاعر القارئ، ويغذي وجدانه ،فينجذب إلى قراءتها عن طواعية لاقتناص متعة القراءة من جهة ،والتشبع بمواقف الشاعر في أبعادها الإنسانية من جهة أخرى
يقول في أحد نصوصه :
قالت صاحبتي وهي تحاورني
لأنت الأعز
في هذا البلد
أعز من الماء
ص: 15
ومستملحات الحكي هذه ليست بنية الهزل أو إضحاك القارئ ، بل هي عملية تشويقية جادت بها حذلقة الشاعر ،لتمرير معلوماته ومواقفه وأرائه الفكرية من منظوره الشخصي بنية نشر الوعي ..ومن وجهة أخرى استدراج قارئه إلى العراقيل التي تنتابه أثناء كتابة الشعر، فيؤكد بذلك قولة الشاعر العربي الفرزدق المشهورة :قلع ضرس أهون علي من كتابة بيت شعري ،وحتى إن استقامت القصائد،فأمْر نشرها من سابع الصعوبات لتكاليفها الباهضة ، في ظل واقع لايشجع على الثقافة...
*** ــــ العلاقة بين المتنافر
فالشاعر توغل في القصيدة النثرية يخاطب في ذلك وعي القارئ الترميزي والتخييلي والإيحائي ، بكل ما يملك من مجاز و استعارة ،شأن الشعراء الحداثيين ،فنجد له يدا طولى في معانقة الأشياء بأضدادها، ليخلق توليفا بهيا بينها ، وهذا لن يتأتي أو يحصل إلا بخصوبة الخيال وبُعْد الرؤيا ومتانة الحدس والمعرفة الشاملة ،والثقافة الثرة ...
يقول الشاعر :
لي قصيدة
سأتلوها على مسامعكم
ماكتبتها بعد
ص:9
كيف للشاعر أن يتلو قصيدة لم تكتب بعد ؟؟؟ ،نشتَمّ من هذه الشذرات طعم الغرابة والدهشة ،والكلام غير المعقول ، وقد تكون القصدية القصيدة الكاملة المكتملة فنيا وجماليا ،التي يحلم بها الشاعر ،والتي قد تؤدي وظيفتها كرسالة نبيلة إلى القارئ بكل ماتحمله من أهداف ،فتفك إشكاله المحير ،وتفسر الألغاز المطنبة المطروحة ، فيرتوي من نبعها الزلالي ،وتضع حلولا نهائية لأسئلة تتناسل في كنه الشاعر ...فشاعرنا على مايبدو غير مقتنع بما يكتب ، ومرد ذلك إلى طموحه الجامح في البحث عن الأفضل، واستفزاز قرائه بما هو أرقى وأروع ..
***ــــ الشعر الغنائي
على الرغم من ابتلاء الشاعر بقصيدة النثر ،وركوبه صهوتها برموزها وإيحائها وانزياحها ،فقد طرق باب الشعر الغنائي بكل تجلياته بما فيه من سهولة اللفظ ، واقتراب المعنى أحيانا بالمباشر ،على إيقاع خفيف رشيق رهيف ، يجعل القارئ دون شعور يهتز على نغماته..
يقول:
يغيب القمر
يجيء القمر
وحبيبتي سكرى
ترقص على نغمات المطر
ص:36
وهذا له معنى واحد هو: أن الشاعر له قدرة فائقة ،ومتمكن من أدواته الشعرية ،فهو إن شاء متّن لبوسها بالرمزي والمجازي مما قد تستعصي على القارئ ، وإن شاء جعلها تتدفق بين يديه كنهر جار شفاف فيُحكم القبض عليها بسهولة ..
*** ــــ اللغة والأسلوب
لقد عرج شاعرنا على القيم الإنسانية في شموليتها :العهر السكر الحب الكره الموت الرحيل الهجر ، ضاربا عنق السهل الممتنع بألفاظ سهلة متداولة تخلو تماما من الغموض والإبهام ،موشحا صدر القصائد أحيانا :بلمسة الهزل والسخرية بكل ألوان التعجب والاستفسار والحوار والاستفهام وتكرار اللازمات ،والموسيقى الخارجية ،والإيقاع الداخلي وهذا الثراء الفني المتنوع أكسب النصوص موجة من الرقة والجمال ...
مادام الخلاص رحيلك
مادام الهوى قد هوى
فباسم الجرح الذي نزف
وباسم الموت الذي أزف
وداعا سيدي بلا أسف
ص:90
*** ـــ على سبيل الختم
الشاعر حسن مزهار يعد من رواد قصيدة النثر الحداثية، فهو قد أثرى المكتبة المغربية بإصدارين في ظرف سنتين ،فيرجى الاطلاع على إنجازه الهام ...
مالكة عسال
بتاريخ 23/03/2011
في طبعة أنيقة بلون العشب صدر للشاعر حسن مزهار ديوانه الثاني الذي عنونه ب"حين ينبت الأطفال"
يضم 24 نصا يتسع ل104 صفحة استهلها بقصيدة "حكاية قصيدة " ومن هنا يظهر مدى تعلق الشاعر بالشعر والتوحد معه ،والذوبان في شلال حروفه من نبعه حتى المصب ..
ثم ختمها بنص" حذار "وهي إنذار إلى القراء والشعراء عموما على حد حدسي ،بأن يأتوا بالجيد ،ويقرؤوا الجيد ويكتبوا الجيد ..إن المبدع حسن مزهار مهووس بالشعر حد النخاع ، سيظل متأبطا دِرعَه مادام دخل حلبته دون استئذان ...
أما العنوان " حين ينبت الأطفال" فهو رمز موحي بطريقة غير مباشرة إلى الأمل المنشود ،الأطفال الذين سيمسكون المشعل من بعدنا ،لينيروا دروب الأمة المعتمة، و الدليل الذي يعزز ذلك ،هو اللون الفستقي الذي وشح به المبدع الغلاف لون الأمل المنشود ...،وحتى لاأطيل سأتوغل في النصوص لأقول كلمتي المتواضعة ..
*** ــــ العشق الصوفي للوطن والبعد الإنساني
لقد فقد شاعرنا ثقته في مَن حواليه ،ونفض يديه من كل الجهات الرسمية :السياسية منها والتعليمية والأسرية ، حيث وجد نفسه بين طوائف تعبث بأذيال الوطن، تزحزحه نحو الخراب ، فمنها مَن يركض خلف مصالحة الشخصية ضاربا عرض الحائط المصالح العامة ،ومنها مَن يبيع عرضه ليحيا ،ومنها من يركب ظهر الفقراء والمحتاجين ليحقق أهدافه على حساب الآخر ،وثلة من الجبناء يقتاتون من لحم إخوانهم ...
فهذه الخصال الرذيلة التي امتصت كل ماهو جميل من القيم ،كوَت الشاعر ،وجعلته يسكب حريقه في لجة الشعر ..
يقول :
أنا ياسيدي
عربي بيعت أرضه
وعرضه
وأهدر دمه
منذ آلاف السنين
ص:21
وليس هذا فحسب فشاعرنا يوصينا خيرا بوطننا ولغتنا ..
فهما الوتدان اللذان ينشَدّ إليهما الفرد ،وبضياعهما تضيع قيمته وحياته وإنسانيته وكرامته ،فهو إن فقدهما فقد أعز مايملك في هذا الوجود هويته إن صح التعبير .. فالوطن يصون عرقه وأصله ،وجذوره ، واللغة تحافظ على ثراته ، وتعزز قيمته ،وحتى يوضح لنا أكثر فشاعرنا يتقمص حالة الغرباء المطرودين من أوطانهم ،مشخصا لنا محنتهم ومعاناتهم ..
يقول :
أنا ابن عربي
متخن العروبة
شاهد الهزيمة
طريد نخوة عربية
كاذبة
ص:18
الشاعر متسلح بآليات لرفض ، رفض الخبث ،والجبروت والطغيان والظلم .. والرفض ليس هباء منبثا ، ولا مدلوله عبثي ، بل شيّد شاعرنا قلاعه على حلم جميل ، يعيش فيه على أمل تحقيقه ،وهو التحرير من طاغوت الماضي ،والتنصل من أوهام الحاضر ،حلم زَرْع القيم النبيلة ،قيم الحب والإنسانية ،وهذا لن يتأتي إلا بأفكار متنورة منفتحة على البناء والتشييد والنماء ، تولد من تربة الصمود ،وتينع على هضبة التحدي والنخوة والإباء ..
من خلال ماتقدم فالشاعر يعتز بعروبته ،مُلهَم حتى النخاع بحب وطنه ،يتطلع إلى أفق ساطع بأزرار الشمس ،يعبَق بريح الجنة ،رافضا الزمن الماضي بصروفه بكوارثه ،مؤثثا للزمن الآتي في حلته البيضاء ،بكل ما له من أحلام ،وهي الحرية والنماء و المجد للوطن ،وهذا يبين بالحرف أن الشاعر يبحث عن الممكن الذي سيكون وليس الكائن ..
يقول :
جاحدا كل هوى
كان قبل الولادة
أعانق فيك ريحا
تحملني إلى حيث الأعراس
ص:43
*** ـــ الغربة في النفس
لقد انصهر الكون بأشيائه الجميلة والذميمة في شلال واحد يصب في قرارات النفس، ولم تعد هناك مسافة تفصل بين عناصره بأضدادها ومتنافراتها ،فأصبح الشاعر يرى نفسه في زاوية سحيقة القرار ، في عزلة تامة عما يجري في الكون ،وهذا ناتج عن صراع مرير بينه وبين الكون ،وبينه وبين نفسه ،وبين نفسه والذات ،فالنفس تحلم بأشياء ،وتعيش على أمل تحقيقها ، والذات لاتملك آليات التغيير ،وهذه العوامل مجتمعة عصفت بأكواخ الاستقرار النفسي، مما سبب لشاعرنا قلقا واسع المدى ،والنتيجة هي إفراغ شحنته في البياض ..
يقول :
لكن ذا الشوق يحبو في داخلي
يتعثر /يهتف بي
أن أحمل دمي في كفي
وأطوف حول جرحي
حتى يرتعد القهر في عليائه
ص:58
إذن فهذا الانفعال الشديد تجاه واقع ممتلئ بالكذب ،والبريق الزائف ،جعل الشاعر يتحسس جوهره بالقلم والورق حين أحسّ بالهزيمة ،هزيمة التغيير والتجدد وخلق البديل .
*** ــــ نزعة الحكي
تتفرع مساحات السرد في بعض نصوص الشاعر ،ونجده يلونها ، ويلبّد بمتون الحكي قماشها ،بأسلوب رقيق شفيف يدغدغ مشاعر القارئ، ويغذي وجدانه ،فينجذب إلى قراءتها عن طواعية لاقتناص متعة القراءة من جهة ،والتشبع بمواقف الشاعر في أبعادها الإنسانية من جهة أخرى
يقول في أحد نصوصه :
قالت صاحبتي وهي تحاورني
لأنت الأعز
في هذا البلد
أعز من الماء
ص: 15
ومستملحات الحكي هذه ليست بنية الهزل أو إضحاك القارئ ، بل هي عملية تشويقية جادت بها حذلقة الشاعر ،لتمرير معلوماته ومواقفه وأرائه الفكرية من منظوره الشخصي بنية نشر الوعي ..ومن وجهة أخرى استدراج قارئه إلى العراقيل التي تنتابه أثناء كتابة الشعر، فيؤكد بذلك قولة الشاعر العربي الفرزدق المشهورة :قلع ضرس أهون علي من كتابة بيت شعري ،وحتى إن استقامت القصائد،فأمْر نشرها من سابع الصعوبات لتكاليفها الباهضة ، في ظل واقع لايشجع على الثقافة...
*** ــــ العلاقة بين المتنافر
فالشاعر توغل في القصيدة النثرية يخاطب في ذلك وعي القارئ الترميزي والتخييلي والإيحائي ، بكل ما يملك من مجاز و استعارة ،شأن الشعراء الحداثيين ،فنجد له يدا طولى في معانقة الأشياء بأضدادها، ليخلق توليفا بهيا بينها ، وهذا لن يتأتي أو يحصل إلا بخصوبة الخيال وبُعْد الرؤيا ومتانة الحدس والمعرفة الشاملة ،والثقافة الثرة ...
يقول الشاعر :
لي قصيدة
سأتلوها على مسامعكم
ماكتبتها بعد
ص:9
كيف للشاعر أن يتلو قصيدة لم تكتب بعد ؟؟؟ ،نشتَمّ من هذه الشذرات طعم الغرابة والدهشة ،والكلام غير المعقول ، وقد تكون القصدية القصيدة الكاملة المكتملة فنيا وجماليا ،التي يحلم بها الشاعر ،والتي قد تؤدي وظيفتها كرسالة نبيلة إلى القارئ بكل ماتحمله من أهداف ،فتفك إشكاله المحير ،وتفسر الألغاز المطنبة المطروحة ، فيرتوي من نبعها الزلالي ،وتضع حلولا نهائية لأسئلة تتناسل في كنه الشاعر ...فشاعرنا على مايبدو غير مقتنع بما يكتب ، ومرد ذلك إلى طموحه الجامح في البحث عن الأفضل، واستفزاز قرائه بما هو أرقى وأروع ..
***ــــ الشعر الغنائي
على الرغم من ابتلاء الشاعر بقصيدة النثر ،وركوبه صهوتها برموزها وإيحائها وانزياحها ،فقد طرق باب الشعر الغنائي بكل تجلياته بما فيه من سهولة اللفظ ، واقتراب المعنى أحيانا بالمباشر ،على إيقاع خفيف رشيق رهيف ، يجعل القارئ دون شعور يهتز على نغماته..
يقول:
يغيب القمر
يجيء القمر
وحبيبتي سكرى
ترقص على نغمات المطر
ص:36
وهذا له معنى واحد هو: أن الشاعر له قدرة فائقة ،ومتمكن من أدواته الشعرية ،فهو إن شاء متّن لبوسها بالرمزي والمجازي مما قد تستعصي على القارئ ، وإن شاء جعلها تتدفق بين يديه كنهر جار شفاف فيُحكم القبض عليها بسهولة ..
*** ــــ اللغة والأسلوب
لقد عرج شاعرنا على القيم الإنسانية في شموليتها :العهر السكر الحب الكره الموت الرحيل الهجر ، ضاربا عنق السهل الممتنع بألفاظ سهلة متداولة تخلو تماما من الغموض والإبهام ،موشحا صدر القصائد أحيانا :بلمسة الهزل والسخرية بكل ألوان التعجب والاستفسار والحوار والاستفهام وتكرار اللازمات ،والموسيقى الخارجية ،والإيقاع الداخلي وهذا الثراء الفني المتنوع أكسب النصوص موجة من الرقة والجمال ...
مادام الخلاص رحيلك
مادام الهوى قد هوى
فباسم الجرح الذي نزف
وباسم الموت الذي أزف
وداعا سيدي بلا أسف
ص:90
*** ـــ على سبيل الختم
الشاعر حسن مزهار يعد من رواد قصيدة النثر الحداثية، فهو قد أثرى المكتبة المغربية بإصدارين في ظرف سنتين ،فيرجى الاطلاع على إنجازه الهام ...
مالكة عسال
بتاريخ 23/03/2011

تعليق