قال الحارث بن هشام : "دخلت طرابلس الغرب، زمن الحرب، وأوان الكرب، وقد ضاق بي الزمان، حتى وقفت على رجلين من بني ساسان، وأحدهما يقول لصاحبه: ألا أدلك على أحمق الناس، وأشهر من أصابه الوسواس؟. قال: بلى!. قال: فاسمع. هو أشهر من أن يُعَرَّف، إذا تكلم أطال، وإذا أطال خَرَّف، ينظر في السماء، وينطق بالهراء، يُضحك المكدود، ويسرق الموجود، ويدعي الجود. أضاع السدد، لما أضاع الرشد. وسقى الثرى بالدماء، لتحريرها من العناء. هو الأخ القائد إلى المصائد، يثور على نفسه، ويضحك من بني جنسه. أطال المقام، حتى اجتوته الكرام. له مسالك تؤدي إلى المهالك. إذا أعضل الأمر سألوه فجمجم، ثم أقدم وأحجم، ثم فكر واضطرب، وعبس وبسر، وتقدم وتأخر، وتأوه وتحير، وسهر وأسهر، ثم نطق بعد ثلاث، وقد لبس الرِّثاث، بعد أن أحضر السامعين زُمرا، وركب على صدره صورا، فقال: أُلهمتُ الرأي، ونعم الرأي، وجاءني ما يشبه الوحي، وأنا بين الماء والطين، فإن الحل في إسراطين.
قال الحارث بن هشام : " فلما سمعت هذا الكلام، قلت: النجاء، النجاء، فإن الرجل يرى القوم بين عبيد وإماء ..."
قال الحارث بن هشام : " فلما سمعت هذا الكلام، قلت: النجاء، النجاء، فإن الرجل يرى القوم بين عبيد وإماء ..."
تعليق