الصرصار وصاحبة القرار

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مباركة بشير أحمد
    أديبة وكاتبة
    • 17-03-2011
    • 2034

    الصرصار وصاحبة القرار

    الصرصار وصاحبة القرار.

    ..............
    بعد يوم كامل من التحويم بين جدران البيت بفائدة أو بغير فائدة ، وفي ليلة صيفية هرب زئبق مقياسها إلى أعلى درجاته ، رميت بجثتي المتماوجة على الأرض الواسعة ورضخت لسلطان النوم . وماهي إلا لحظات ، حتى أحسست بخربشات في أصابع قدمي ، خلته عقربا يتفحص الأرضية التي سيفرغ فيها مايجيش في أعماق سنارته الذهبية من سموم ..!! قفزت مذعورة ، أتخبط في ظلام دامس صوب الحائط الذي كاد اصطدامي به أن يخلف لي عاهة مستديمة بالرأس لولا أن الله ستر ...إتجهت إلى المكان المقصود وفرائسي ترتعش من الخوف ولو أنها تلك الرعشات زوجت بضربات دف من جلد الضأن المتين ،لتحولت إلى رقصات تشكيلية ذات خبايا فنية، عصرية لا يفهممها إلا ذوو الإحساس الراقي من متذوقي الفن الحديث ..!!.رفعت الغطاء بسرعة خاطفة وإذا عيناي تصدمان بصرصار ضخم لم يسبق لي أن تشرفت بمعرفته ذي قبل...تسمرت في مكاني مشدوهة ...بدأ ينظر إلي بعينيه السوداوين ولصغرهما ، لم أفهم معنى لتلك النظرات ...هل كانت إعجابا كوني أرتدي خمارا أسودا وثوبا بنيا يشبه لون جلده ، فاعتقد الواهم أنني صرصارة عملاقة ، أم أنها نظرات امتعاض ؟؟ هو أيضا قد طفح كيله وانغرست في أعماقه ، سهام الفضول الحشري لما تأكد أنني إنسانة لاتدخر لأمثاله من الصراصير إلا الحقد والكراهية. وأظنه بدأ يسأل نفسه ماسيكون مصيره بعد كل هذا الوقوف الامتناهي...!؟.أما أنا فقد كنت في الحقيقة ، أبحث عن شتات أنفاسي لأجمعه في صرخة واحدة إذ ماخطر له خاطر أن يجهز علي بسيقانه المتفرعة ، لكن اضطرابي سرعان ماقتحم أسوار التلاشي إلى أن تحول إلى إعجاب بالنفس ، وأنا أراه يسحب الريح خلف رجليه وينطلق كالصاروخ نحو الباب طالبا زوارق النجاة....يالسعادتي ...الصرصار الجبان برهن أنه خائف مني ..!!!..إحساس رائع دغدغ مشاعري ، فانفلتت من أسارير وجهي العابس إبتسامة عريضة...! . تذبذبه في الجري أثبت أنه غريب الديار، لايند إلى صراصير الحي بصلة ، ولسوء حظه أنني لست من ذوات الوزن الثقيل ،فتعهدته باللحاق دون مداولة ،إلى أن وقع بصره الحاذق على مكان ظن هو بتفكيره المحدود أنه آمن . تركته وحاله إلى إشعار آخر، ثم اتجهت صوب المرآة التي كانت تتهمني دوما بأنني ضعيفة وفاشلة في إتخاذ القرارات ، لكي أوقع على صقالة وجهها اللامع انتصارا، وأشرب على مرئى ومسمع منها ، عصير الأفراح في الليلي الملاح . وبينما أنا غارقة في تلك النشوة الطاووسية الرقراقة ، إذا بصدى خطوات ثقيلة يقترب مني شيئا فشيئا ،....ويا لهول مارتطمت به ناصيتي ...سيادة زوجي المحترم ، يجذب الصرصار المسكين من أحد قرنيه الذابلين جثة هامدة تلعب بها ذرات الهواء...!! فزعت لذاك المنظر التراجيدي المؤثر ..!!
    .............

    ، أصاب عيني حول وانحنت كتفاي وبقيت منتصبة في مكاني كتمثال لامرأة ذات احتياجات عامة وخاصة، ولم يتسن لعقلي الناقص رجوعا إلى عالم الحركات الفسيح، إلا بمعية كلمات ارتدادية كانت قد تسربت من أغوار حنجرته المبحوحة، وهو يتمتم متبرما : أمن أجل هذا حرمتنا من لذة النوم وأثرتها حربا عالمية في البيت ؟!! ما أضعفكن أيتها النساء ...!!.ثم ألقى به خارجا دونما تفكير في العواقب ، وعاد ليكمل ماتبقى من دائرة نومته الملوكية وهو مرتد ثوب العزة والتفاخر ، الذي بدا وكأنه قاسما مشتركا بيننا في تلك الليلة السوداء. جن جنوني بطبيعة الحال واكتنفت قلبي الموجوع غصة خانقة...!! .....
    ، لكن بيني وبينكم أعزائي القراء ، وأقولها بصراحة : إثر ذلك الموقف العنفواني الرهيب ، لم تراودني أفكار شيطانية ولا ملائكية ، ولم تكتسح تركيبة هيكلي العظمي أي ردة فعل ، سوى أنني قصدت مربطي ، خائرة القوى ، منحنية الرأس بعدما أصلحت باستثقال ماكنت أفسدته من أشياء نتيجة الكر والفر.... والقرار الحاسم الذي عزمت عليه وشحذت له كل ماأمتلك من طاقات ، أنا صاحبة القرار ، هو ألا ألوي عنقي تجاه المرآة التي تخيلت لها وجها شامتا يلاعب حاجبيه الغليظين ويتتبع خطواتي المحبطة برشاش لسانه المتفرع الطويل ، وأنا أتمنى من أعماق قلبي أن يكون الفقيد مقطوعا من شجرة ، حيث لاخال، ولاابن عم يسأل عنه ويتحرى عن أسباب رحيله المفاجئ ، وإلا وقعت الكارثة وأصبحت قدمي العزيزة مطلوبة للثأر الصرصاري مدى الحياة..!!
  • آسيا رحاحليه
    أديب وكاتب
    • 08-09-2009
    • 7182

    #2
    هاهاها..
    أنا مثلك لا أمقت في حياتي حشرة مثل مقتي للصراصير..
    أحببتُ النص و اللغة ..
    تمنيت لو أجهزت عليه أنت حتى لا يتّهم زوجك النساء بالضعف هههههه..
    في النص رمزية أيضا لصراصير أقضّت مضجع الشعوب.
    تحيّتي أختاه و في انتظار نصوص أخرى لك.
    التعديل الأخير تم بواسطة آسيا رحاحليه; الساعة 01-04-2011, 07:30.
    يظن الناس بي خيرا و إنّي
    لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

    تعليق

    • ربيع عقب الباب
      مستشار أدبي
      طائر النورس
      • 29-07-2008
      • 25792

      #3
      وحتى لو كان له أقارب ، و ينتمى إلى بطن ما من بطون الصراصير
      لا بد أنها كانت على شاكلته
      و لا بد أنها جعلت منه قدوة
      ومثلا أعلى .. ليكن ما يكون
      و يكون هناك من يطالب بالثأر
      عليك من الآن اتقان التدريب على أدوات قمع الصراصير مهما تمترست
      و تضخمت ، و هيأت لنفسها من أسباب القوة و الضعف أيضا .. فضعفها
      قد يهز قوتك ، و يودى بها .. و لا أظنك من الآن سوف تتعاطفين مع هذه !!!

      جميلة لغة و أسلوبا و زاوية رؤية
      ربما موقف الزوج غامض إلى حد ما
      و لكنه مقبول .. أرجو العودة إلى القصة
      و مراجعة أخيرة !!

      تحيتى و تقديري
      sigpic

      تعليق

      • مباركة بشير أحمد
        أديبة وكاتبة
        • 17-03-2011
        • 2034

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة آسيا رحاحليه مشاهدة المشاركة
        هاهاها..
        أنا مثلك لا أمقت في حياتي حشرة مثل مقتي للصراصير..
        أحببتُ النص و اللغة ..
        تمنيت لو أجهزت عليه أنت حتى لا يتّهم زوجك النساء بالضعف هههههه..
        في النص رمزية أيضا لصراصير أقضّت مضجع الشعوب.
        تحيّتي أختاه و في انتظار نصوص أخرى لك.

        لم أقتله يا عزيزتي آسيا لأنني كنت أريد أن أحظى بمتعة التفوق عليه، وهو الخائف مني..!!

        لكن للأسف قتله زوجي فحرمت من ذلك الشعور الجميل ...!!
        ......
        شكرا يليق بحضورك الأخضر على قفار متصفحي، أيتها الكاتبة القديرة
        ودمت كما أنت .
        مودتي وتحيتي.




        تعليق

        • مباركة بشير أحمد
          أديبة وكاتبة
          • 17-03-2011
          • 2034

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
          وحتى لو كان له أقارب ، و ينتمى إلى بطن ما من بطون الصراصير
          لا بد أنها كانت على شاكلته
          و لا بد أنها جعلت منه قدوة
          ومثلا أعلى .. ليكن ما يكون
          و يكون هناك من يطالب بالثأر
          عليك من الآن اتقان التدريب على أدوات قمع الصراصير مهما تمترست
          و تضخمت ، و هيأت لنفسها من أسباب القوة و الضعف أيضا .. فضعفها
          قد يهز قوتك ، و يودى بها .. و لا أظنك من الآن سوف تتعاطفين مع هذه !!!

          جميلة لغة و أسلوبا و زاوية رؤية
          ربما موقف الزوج غامض إلى حد ما
          و لكنه مقبول .. أرجو العودة إلى القصة
          و مراجعة أخيرة !!

          تحيتى و تقديري

          المرأة ....والمرأة العربية بصفة خاصة، والتي وجهت صوبها منظار قلمي ،مضطهدة بكل معنى لهذه الكلمة. مهما قدمنا من أدلة واهية وبراهين على تحررها ..!!
          قد يكون في القصة مبالغة تدلل على ذلك، لكنها تظل رسالة وجب تأديتها .
          بطلة القصة شعرت بمتعة عارمة تحلق بها حمائمها في فضاءات الحرية والقوة لأنها تعودت ألا يخاف منها أحد .... مقدر عليهادوما أن تتنفس تحت وطأة الإهانة والمذلة في المجتمع الذكوري ..!!
          موقف الزوج طبعا كأي زوج يريد أن يبرز عضلاته على أنه قوي وقادر بيد أن زوجته ضعيفة ..!!
          وسوء الفهم وانعدام الحوار كثيرا مايجرف من نتائج وخيمة...!!
          ........
          شرفني حضورك أيها الكاتب القدير
          وبطبيعة الحال ستكون هناك مراجعات للقصة. فمشكلتي أنني لا أرضى عن أي عمل قصصي أبدعه حتى ولو إجتمع الإنس والجن وقالوا انه رائع وجميل...!!
          شكري وتحيتي.

          تعليق

          • سالم الجابري
            أديب وكاتب
            • 01-04-2011
            • 473

            #6
            هل تصدقين أني تعاطفت مع ذلك المسكين
            يراودني شعور التعاطف مع الصراصير منذ أن علمت أنها تعيش لما يزيد عن ثلاث سنوات، وعندما تصرخ زوجتي طالبة مني قتل أحدها أقول لها: إتقي الله فيه فلربما هذا يعايشنا في البيت منذ ثلاث.

            أعجبتني القصة أختي مباركة

            بارك الله فيك وفي أناملك التي كتبتها

            تعليق

            • عبد المجيد التباع
              أديب وكاتب
              • 23-03-2011
              • 839

              #7
              لغة التشويق الحاضرة بقوة تشدك إليها لتكتشف أن الصرصار كائن قصصي
              وتخرج من نص الكاتبة راضيا بقرارها..مسرورا مبتسما
              قصة تستحق كل التقدير. تحياتي أستاذة مباركة

              تعليق

              • مباركة بشير أحمد
                أديبة وكاتبة
                • 17-03-2011
                • 2034

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة سالم الجابري مشاهدة المشاركة
                هل تصدقين أني تعاطفت مع ذلك المسكين
                يراودني شعور التعاطف مع الصراصير منذ أن علمت أنها تعيش لما يزيد عن ثلاث سنوات، وعندما تصرخ زوجتي طالبة مني قتل أحدها أقول لها: إتقي الله فيه فلربما هذا يعايشنا في البيت منذ ثلاث.

                أعجبتني القصة أختي مباركة

                بارك الله فيك وفي أناملك التي كتبتها



                من الواضح أنني قد عثرت على شبيه، يشفق على الصراصير مثلي،
                إنما اختلفت النوايا و الأسباب..!!
                لكن مع ذلك لزوجتك الحق في القضاء عليها، لأنها ستخلف كارثة في البيت إن هي تعاضدت، وتصاهرت، وخلفت صراصيرا وصرصارات...ههههه.
                .........
                شرفني حضورك السامق ،المتألق ،أخي الفاضل .
                تحيتي وتقديري.

                تعليق

                • مباركة بشير أحمد
                  أديبة وكاتبة
                  • 17-03-2011
                  • 2034

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة عبد المجيد التباع مشاهدة المشاركة
                  لغة التشويق الحاضرة بقوة تشدك إليها لتكتشف أن الصرصار كائن قصصي
                  وتخرج من نص الكاتبة راضيا بقرارها..مسرورا مبتسما
                  قصة تستحق كل التقدير. تحياتي أستاذة مباركة
                  الحمد لله أنني افتككت منك ابتسامتك بقصتي الصرصارية ،الخيالية..!!
                  .........

                  كل التقدير والشكر لك أخي الفاضل على حضورك الوارف، الذي
                  توج نصي بدرر التألق والجمال .
                  تحياتي.

                  تعليق

                  • زكريا ابراهيم المحمود
                    • 31-03-2011
                    • 3

                    #10
                    حقا أيتها المبدعة أنها قصة ذكية العقل والقلب، مع اتسيابية مدهشة وقدرة عالية على التحكم بمفاصل القص
                    في بداية قراءتي راح ذهني يرسم أشكالا شتى للصرصار غير أن تلك الدخلة الفنية الموفقة بظهور شخصية الزوج بشكل مفاجىء جمعت الصور باتجاه واحد
                    لك المجد ، دمت متألقة
                    مع خالص التقدير والمودة

                    تعليق

                    • إسلام أنس
                      عضو الملتقى
                      • 28-02-2011
                      • 26

                      #11
                      [align=center][/align]حتى وإن امتعض الرجال من ضعف النساء في الظاهر
                      يحبونه لأنه يعطيهم الفرصة لإظهار قوتهم حتى ولو بمواجهة صرصار
                      تحياتي

                      تعليق

                      • مباركة بشير أحمد
                        أديبة وكاتبة
                        • 17-03-2011
                        • 2034

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة زكريا ابراهيم المحمود مشاهدة المشاركة
                        حقا أيتها المبدعة أنها قصة ذكية العقل والقلب، مع اتسيابية مدهشة وقدرة عالية على التحكم بمفاصل القص
                        في بداية قراءتي راح ذهني يرسم أشكالا شتى للصرصار غير أن تلك الدخلة الفنية الموفقة بظهور شخصية الزوج بشكل مفاجىء جمعت الصور باتجاه واحد
                        لك المجد ، دمت متألقة
                        مع خالص التقدير والمودة
                        عطر الخزامى، هاهنا انتثرت أزاهيره من قلمك اللازوردي الآسر..!!
                        أشكرك على حضورك الوارف ،تفاعلك مع النص، وعلى حلو المشاعر.
                        تحياتي واحترامي.

                        تعليق

                        • مباركة بشير أحمد
                          أديبة وكاتبة
                          • 17-03-2011
                          • 2034

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة إسلام أنس مشاهدة المشاركة
                          [align=center][/align]حتى وإن امتعض الرجال من ضعف النساء في الظاهر
                          يحبونه لأنه يعطيهم الفرصة لإظهار قوتهم حتى ولو بمواجهة صرصار
                          تحياتي
                          وجمال المرأة وجاذبيتها في ضعفها أحيانا...!!
                          ........
                          شكرا على تواصلك العطر، الذي حلقت بي كلماته الجميلة
                          في مدن السعادة وفضاءات واسعة ذات ألوان..!!
                          تحياتي وتقديري.

                          تعليق

                          • ريما ريماوي
                            عضو الملتقى
                            • 07-05-2011
                            • 8501

                            #14
                            ههههههه

                            أضحكتني قصتك ومعك حق تشعري بقوتك أمام الصرصور الخائف,
                            لو كنت مكانك لصار العكس اكيد ولطاردني هو وفي لحظة
                            كنت قد قفزت على اعلى قطعة أثاث في البيت,
                            وهو من أكثر الأشياء التي أشمئز منها.
                            صياغة قوية محكمة مسلية ومضحكة
                            يسلموا الأيادي أختي مباركة
                            ويعطيك الصحة,
                            مودتي وتقديري.
                            تحياتي.


                            أنين ناي
                            يبث الحنين لأصله
                            غصن مورّق صغير.

                            تعليق

                            • مباركة بشير أحمد
                              أديبة وكاتبة
                              • 17-03-2011
                              • 2034

                              #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة ريما ريماوي مشاهدة المشاركة
                              ههههههه

                              أضحكتني قصتك ومعك حق تشعري بقوتك أمام الصرصور الخائف,
                              لو كنت مكانك لصار العكس اكيد ولطاردني هو وفي لحظة
                              كنت قد قفزت على اعلى قطعة أثاث في البيت,
                              وهو من أكثر الأشياء التي أشمئز منها.
                              صياغة قوية محكمة مسلية ومضحكة
                              يسلموا الأيادي أختي مباركة
                              ويعطيك الصحة,
                              مودتي وتقديري.
                              تحياتي.
                              كان صرصارا مسالما ياريما ..فلامجال للخوف إذن .
                              شكرا على مرور عطر ،جميل وعلى كلمات غزلها قلمك اللامع من حرير .
                              وألف تحية تقدير
                              .

                              تعليق

                              يعمل...
                              X