الصرصار وصاحبة القرار.
..............
بعد يوم كامل من التحويم بين جدران البيت بفائدة أو بغير فائدة ، وفي ليلة صيفية هرب زئبق مقياسها إلى أعلى درجاته ، رميت بجثتي المتماوجة على الأرض الواسعة ورضخت لسلطان النوم . وماهي إلا لحظات ، حتى أحسست بخربشات في أصابع قدمي ، خلته عقربا يتفحص الأرضية التي سيفرغ فيها مايجيش في أعماق سنارته الذهبية من سموم ..!! قفزت مذعورة ، أتخبط في ظلام دامس صوب الحائط الذي كاد اصطدامي به أن يخلف لي عاهة مستديمة بالرأس لولا أن الله ستر ...إتجهت إلى المكان المقصود وفرائسي ترتعش من الخوف ولو أنها تلك الرعشات زوجت بضربات دف من جلد الضأن المتين ،لتحولت إلى رقصات تشكيلية ذات خبايا فنية، عصرية لا يفهممها إلا ذوو الإحساس الراقي من متذوقي الفن الحديث ..!!.رفعت الغطاء بسرعة خاطفة وإذا عيناي تصدمان بصرصار ضخم لم يسبق لي أن تشرفت بمعرفته ذي قبل...تسمرت في مكاني مشدوهة ...بدأ ينظر إلي بعينيه السوداوين ولصغرهما ، لم أفهم معنى لتلك النظرات ...هل كانت إعجابا كوني أرتدي خمارا أسودا وثوبا بنيا يشبه لون جلده ، فاعتقد الواهم أنني صرصارة عملاقة ، أم أنها نظرات امتعاض ؟؟ هو أيضا قد طفح كيله وانغرست في أعماقه ، سهام الفضول الحشري لما تأكد أنني إنسانة لاتدخر لأمثاله من الصراصير إلا الحقد والكراهية. وأظنه بدأ يسأل نفسه ماسيكون مصيره بعد كل هذا الوقوف الامتناهي...!؟.أما أنا فقد كنت في الحقيقة ، أبحث عن شتات أنفاسي لأجمعه في صرخة واحدة إذ ماخطر له خاطر أن يجهز علي بسيقانه المتفرعة ، لكن اضطرابي سرعان ماقتحم أسوار التلاشي إلى أن تحول إلى إعجاب بالنفس ، وأنا أراه يسحب الريح خلف رجليه وينطلق كالصاروخ نحو الباب طالبا زوارق النجاة....يالسعادتي ...الصرصار الجبان برهن أنه خائف مني ..!!!..إحساس رائع دغدغ مشاعري ، فانفلتت من أسارير وجهي العابس إبتسامة عريضة...! . تذبذبه في الجري أثبت أنه غريب الديار، لايند إلى صراصير الحي بصلة ، ولسوء حظه أنني لست من ذوات الوزن الثقيل ،فتعهدته باللحاق دون مداولة ،إلى أن وقع بصره الحاذق على مكان ظن هو بتفكيره المحدود أنه آمن . تركته وحاله إلى إشعار آخر، ثم اتجهت صوب المرآة التي كانت تتهمني دوما بأنني ضعيفة وفاشلة في إتخاذ القرارات ، لكي أوقع على صقالة وجهها اللامع انتصارا، وأشرب على مرئى ومسمع منها ، عصير الأفراح في الليلي الملاح . وبينما أنا غارقة في تلك النشوة الطاووسية الرقراقة ، إذا بصدى خطوات ثقيلة يقترب مني شيئا فشيئا ،....ويا لهول مارتطمت به ناصيتي ...سيادة زوجي المحترم ، يجذب الصرصار المسكين من أحد قرنيه الذابلين جثة هامدة تلعب بها ذرات الهواء...!! فزعت لذاك المنظر التراجيدي المؤثر ..!!
.............
، أصاب عيني حول وانحنت كتفاي وبقيت منتصبة في مكاني كتمثال لامرأة ذات احتياجات عامة وخاصة، ولم يتسن لعقلي الناقص رجوعا إلى عالم الحركات الفسيح، إلا بمعية كلمات ارتدادية كانت قد تسربت من أغوار حنجرته المبحوحة، وهو يتمتم متبرما : أمن أجل هذا حرمتنا من لذة النوم وأثرتها حربا عالمية في البيت ؟!! ما أضعفكن أيتها النساء ...!!.ثم ألقى به خارجا دونما تفكير في العواقب ، وعاد ليكمل ماتبقى من دائرة نومته الملوكية وهو مرتد ثوب العزة والتفاخر ، الذي بدا وكأنه قاسما مشتركا بيننا في تلك الليلة السوداء. جن جنوني بطبيعة الحال واكتنفت قلبي الموجوع غصة خانقة...!! .....
، لكن بيني وبينكم أعزائي القراء ، وأقولها بصراحة : إثر ذلك الموقف العنفواني الرهيب ، لم تراودني أفكار شيطانية ولا ملائكية ، ولم تكتسح تركيبة هيكلي العظمي أي ردة فعل ، سوى أنني قصدت مربطي ، خائرة القوى ، منحنية الرأس بعدما أصلحت باستثقال ماكنت أفسدته من أشياء نتيجة الكر والفر.... والقرار الحاسم الذي عزمت عليه وشحذت له كل ماأمتلك من طاقات ، أنا صاحبة القرار ، هو ألا ألوي عنقي تجاه المرآة التي تخيلت لها وجها شامتا يلاعب حاجبيه الغليظين ويتتبع خطواتي المحبطة برشاش لسانه المتفرع الطويل ، وأنا أتمنى من أعماق قلبي أن يكون الفقيد مقطوعا من شجرة ، حيث لاخال، ولاابن عم يسأل عنه ويتحرى عن أسباب رحيله المفاجئ ، وإلا وقعت الكارثة وأصبحت قدمي العزيزة مطلوبة للثأر الصرصاري مدى الحياة..!!
..............
بعد يوم كامل من التحويم بين جدران البيت بفائدة أو بغير فائدة ، وفي ليلة صيفية هرب زئبق مقياسها إلى أعلى درجاته ، رميت بجثتي المتماوجة على الأرض الواسعة ورضخت لسلطان النوم . وماهي إلا لحظات ، حتى أحسست بخربشات في أصابع قدمي ، خلته عقربا يتفحص الأرضية التي سيفرغ فيها مايجيش في أعماق سنارته الذهبية من سموم ..!! قفزت مذعورة ، أتخبط في ظلام دامس صوب الحائط الذي كاد اصطدامي به أن يخلف لي عاهة مستديمة بالرأس لولا أن الله ستر ...إتجهت إلى المكان المقصود وفرائسي ترتعش من الخوف ولو أنها تلك الرعشات زوجت بضربات دف من جلد الضأن المتين ،لتحولت إلى رقصات تشكيلية ذات خبايا فنية، عصرية لا يفهممها إلا ذوو الإحساس الراقي من متذوقي الفن الحديث ..!!.رفعت الغطاء بسرعة خاطفة وإذا عيناي تصدمان بصرصار ضخم لم يسبق لي أن تشرفت بمعرفته ذي قبل...تسمرت في مكاني مشدوهة ...بدأ ينظر إلي بعينيه السوداوين ولصغرهما ، لم أفهم معنى لتلك النظرات ...هل كانت إعجابا كوني أرتدي خمارا أسودا وثوبا بنيا يشبه لون جلده ، فاعتقد الواهم أنني صرصارة عملاقة ، أم أنها نظرات امتعاض ؟؟ هو أيضا قد طفح كيله وانغرست في أعماقه ، سهام الفضول الحشري لما تأكد أنني إنسانة لاتدخر لأمثاله من الصراصير إلا الحقد والكراهية. وأظنه بدأ يسأل نفسه ماسيكون مصيره بعد كل هذا الوقوف الامتناهي...!؟.أما أنا فقد كنت في الحقيقة ، أبحث عن شتات أنفاسي لأجمعه في صرخة واحدة إذ ماخطر له خاطر أن يجهز علي بسيقانه المتفرعة ، لكن اضطرابي سرعان ماقتحم أسوار التلاشي إلى أن تحول إلى إعجاب بالنفس ، وأنا أراه يسحب الريح خلف رجليه وينطلق كالصاروخ نحو الباب طالبا زوارق النجاة....يالسعادتي ...الصرصار الجبان برهن أنه خائف مني ..!!!..إحساس رائع دغدغ مشاعري ، فانفلتت من أسارير وجهي العابس إبتسامة عريضة...! . تذبذبه في الجري أثبت أنه غريب الديار، لايند إلى صراصير الحي بصلة ، ولسوء حظه أنني لست من ذوات الوزن الثقيل ،فتعهدته باللحاق دون مداولة ،إلى أن وقع بصره الحاذق على مكان ظن هو بتفكيره المحدود أنه آمن . تركته وحاله إلى إشعار آخر، ثم اتجهت صوب المرآة التي كانت تتهمني دوما بأنني ضعيفة وفاشلة في إتخاذ القرارات ، لكي أوقع على صقالة وجهها اللامع انتصارا، وأشرب على مرئى ومسمع منها ، عصير الأفراح في الليلي الملاح . وبينما أنا غارقة في تلك النشوة الطاووسية الرقراقة ، إذا بصدى خطوات ثقيلة يقترب مني شيئا فشيئا ،....ويا لهول مارتطمت به ناصيتي ...سيادة زوجي المحترم ، يجذب الصرصار المسكين من أحد قرنيه الذابلين جثة هامدة تلعب بها ذرات الهواء...!! فزعت لذاك المنظر التراجيدي المؤثر ..!!
.............
، أصاب عيني حول وانحنت كتفاي وبقيت منتصبة في مكاني كتمثال لامرأة ذات احتياجات عامة وخاصة، ولم يتسن لعقلي الناقص رجوعا إلى عالم الحركات الفسيح، إلا بمعية كلمات ارتدادية كانت قد تسربت من أغوار حنجرته المبحوحة، وهو يتمتم متبرما : أمن أجل هذا حرمتنا من لذة النوم وأثرتها حربا عالمية في البيت ؟!! ما أضعفكن أيتها النساء ...!!.ثم ألقى به خارجا دونما تفكير في العواقب ، وعاد ليكمل ماتبقى من دائرة نومته الملوكية وهو مرتد ثوب العزة والتفاخر ، الذي بدا وكأنه قاسما مشتركا بيننا في تلك الليلة السوداء. جن جنوني بطبيعة الحال واكتنفت قلبي الموجوع غصة خانقة...!! .....
، لكن بيني وبينكم أعزائي القراء ، وأقولها بصراحة : إثر ذلك الموقف العنفواني الرهيب ، لم تراودني أفكار شيطانية ولا ملائكية ، ولم تكتسح تركيبة هيكلي العظمي أي ردة فعل ، سوى أنني قصدت مربطي ، خائرة القوى ، منحنية الرأس بعدما أصلحت باستثقال ماكنت أفسدته من أشياء نتيجة الكر والفر.... والقرار الحاسم الذي عزمت عليه وشحذت له كل ماأمتلك من طاقات ، أنا صاحبة القرار ، هو ألا ألوي عنقي تجاه المرآة التي تخيلت لها وجها شامتا يلاعب حاجبيه الغليظين ويتتبع خطواتي المحبطة برشاش لسانه المتفرع الطويل ، وأنا أتمنى من أعماق قلبي أن يكون الفقيد مقطوعا من شجرة ، حيث لاخال، ولاابن عم يسأل عنه ويتحرى عن أسباب رحيله المفاجئ ، وإلا وقعت الكارثة وأصبحت قدمي العزيزة مطلوبة للثأر الصرصاري مدى الحياة..!!
تعليق