المؤذن وتبكير صلاة العصر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد المهدي السقال
    مستشار أدبي
    • 07-03-2008
    • 340

    المؤذن وتبكير صلاة العصر

    قصة قصيرة

    المؤذن و تبكير صلاة العصر

    محمد المهدي السقال

    في مدينتي النائمة بحضن الضفة اليمنى لنهر '' سبو '' ، تبني اللقالق أعشاشها فوق أعمدة النور المعطلة ، لهجرتها موسم معلوم بين الشتاء والصيف ، نتهامس ، تؤذن بربيع محتمل في هذا العام الأغبر !! أراها فتكبر بداخلي رغبة الصعود إليها ، أما السواد المحيط بالرقاب ، فسرعان ما يتلاشى خلف بياض ناصع يتماوج أمام عيون تعبت من بسط السراب على إسفلت داكن .
    في الطريق إلى المدرسة، لم أنشغل سوى بردة فعل صديقي المتدين، كعادته سيرعد ويزبد، بعد العلم بخروجي عن جماعته ممن أضربوا أمس.
    في حالات روقانه، يحلو لي أن أذكره بتمييزه الجميل باستمرار، بين إضراب المؤمنين وإضراب الكفار، قاصدا بالطبع ما تعرفه الساحة النقابية من اختلاف في المواقع على أساس الاعتقاد الديني، بعدما كان الأصل في التفريق على أساس إيديولوجي بين يمين ويسار، الله يرحم أيام زمان، أصارحه بانكشاف اللعبة التي بدأ يجربها حزبه؟ لكنه يبقى لطيفا وديعا في الحوار.
    ربما أجدد له التذكير بيأسي المطلق من كل المسرحيات غير المتقنة الإخراج ، لم يخفف من تهيبي من مواجهته ، غير انشغاله ربما ، ببيان الحكومة حول تفكيك شبكة من إياهم، كنت موقنا أننا في النهاية سنضحك على الحدث، كما سخرنا ذات يوم، من تفاهة باشا المدينة، حين أقدم على تعليق مؤذن الجامع، بدعوى وجود سلاح في البئر الذي تقوم عليه الصومعة، ضحكنا لأن البناء المقام، كان قد شيد قبل ولادة المؤذن، روى من حضر الواقعة، أن التهمة الحقيقية ، إنما هي تبكير الرجل في المناداة على الناس لصلاة العصر، أخطأت عيناه التمييز بين العقارب المتحركة، توهم أن ظله في الأرض استوفى حجم جسده، فقام مناديا في الناس وزاد هذه المرة نغمة جديدة تعكس حال الطمأنينة في النفس .
    سأعاود تذكيره بالحكاية ، وحدها كفيلة بالتخفيف من الهجوم المحتمل لصديقي ، بعدما تركته وحيدا في الساحة كما يقول .
    يصدر خلفي حاداً صوت منبه سيارة ، بينما الضوء الأخضر أمامي تحجبه أغصان كثيفة الأوراق، هل شردت في متابعة حال الشرطي الساهم في الرد على هاتفه المحمول.
    رمقته متوسطا ضفتي إسفلت ساخن، فتجسدت فيه صورة أخي المسكين، دون سابق إعلان، فرقوا بينه وبين أسرته مسافة ألف كيلومتر، فنقلوه إلى ''العيون'' من مدينة ''الناظور''، من رأس الريف الجبلي إلى قاع الصحراء الرملية، قالوا بأنهم وجدوا فيه الصرامة المطلوبة ضمن فرقة التدخل السريع، فرقوه إلى رتبة رقيب، فصلوه عن حضن أبنائه، أتصور أنه يلعنهم في السر صاحيا، وفي العلن كلما نالت منه الخمرة حتى الثمالة.
    ذات يوم، أسر لي بتفسيره لهذا الانتقال المفاجئ، ربما وجدوا في ملفاتي القديمة أيام الجامعة - هم الذين يقولون بأنه لا تخفى عليهم خافية - ما كنت أعبر عنه حول القضية، فقصدوا أن يضعوني في فم المدفع، لعلي أستبين حقيقة وجهي المخدوش في الذاكرة المنكسرة. انطلقت متراخيا فلحق الضوء الأحمر بمن خلفي ، بدت في المرآة العاكسة حركات يدي السائق ، بينما تحلل خيال الشرطي فوق صفيحة سراب ساخن ، كانت المدينة تخرج من هدأتها فيما اللقالق تحرك جناحيها كي تطير .

    " مُـجَـرَّدُ كَـلاَمِ عَـجُـوزٍ لَـمْ يُـدْرِكْـهُ الْـبُـلُـوغ "
  • ثروت الخرباوي
    أديب وقانوني
    • 16-05-2007
    • 865

    #2
    الأديب والقاص القدير محمد مهدي السقال

    مرحبا بك أخي الكريم ..

    هذا وطن يتجول أديبنا السقال في أنحاءه وبين أبناءه في قصة تدور في خبيئتة النفسية ومابين تغير الأيديولوجيات السياسية والصراع بينها والصداقة بين افرادها المختلفين وقهر الحكام للشعوب ..تُرى هل تغادرنا طيور اللقالق وترحل مهاجرة ؟

    وكأنك أخي السقال شاعر يكتب قصة لذلك فكلماتك تحمل طبيعة خاصة وسردك له منهجية متفردة ..تقبل تقديري

    تعليق

    • جوتيار تمر
      شاعر وناقد
      • 24-06-2007
      • 1374

      #3
      السقال المبدع ...
      افتقدت منذ زمن جولاتك الحميمة ، فوق ربى الذاكرة التي تنعش بنصوصك ، والتي تتخذ شكلا افقيا واقعيا ، ذا محمولات دالة بمداليل تبحث في كينونتها عن اخرى لتفك رمزوها الواضحة ،هنا الامس ذاكرة اباحت لنفسها السبر في الاغوار والانطلاق بلا قيود ، وكأنك قد تعمدت اطلاق عنانها ، لتغدو صور حية من مشاهد الحياة التي ربما وان تكررت تلبس ثوبا اخرا احيانا فضفاضا واخرى اسبال رثة مهشمة قدريا، ذاكرة تحمل في طياتها لغة تجريبية ، وتجمع الزمكانية في ثوب تجريبي بحت ، وفي مثل هذه النصوص العناوين انما تبقى المسامير التي تعلق بها اللوحات ، وما في اللوحة دائما تحمل صفة اللانهاية.

      دم بخير
      محبتي لك
      جوتيار

      تعليق

      • محمد المهدي السقال
        مستشار أدبي
        • 07-03-2008
        • 340

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة ثروت الخرباوي مشاهدة المشاركة
        الأديب والقاص القدير محمد مهدي السقال

        مرحبا بك أخي الكريم ..

        هذا وطن يتجول أديبنا السقال في أنحاءه وبين أبناءه في قصة تدور في خبيئتة النفسية ومابين تغير الأيديولوجيات السياسية والصراع بينها والصداقة بين افرادها المختلفين وقهر الحكام للشعوب ..تُرى هل تغادرنا طيور اللقالق وترحل مهاجرة ؟

        وكأنك أخي السقال شاعر يكتب قصة لذلك فكلماتك تحمل طبيعة خاصة وسردك له منهجية متفردة ..تقبل تقديري
        خاطبتك أخي ثروت بالشريك في الهم الإبداعي ، و كنت أقصد بالذات هواجس السؤال الذي طرحته : تُرى هل تغادرنا طيور اللقالق وترحل مهاجرة ؟

        " مُـجَـرَّدُ كَـلاَمِ عَـجُـوزٍ لَـمْ يُـدْرِكْـهُ الْـبُـلُـوغ "

        تعليق

        • محمد المهدي السقال
          مستشار أدبي
          • 07-03-2008
          • 340

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة جوتيار تمر مشاهدة المشاركة
          السقال المبدع ...
          افتقدت منذ زمن جولاتك الحميمة ، فوق ربى الذاكرة التي تنعش بنصوصك ، والتي تتخذ شكلا افقيا واقعيا ، ذا محمولات دالة بمداليل تبحث في كينونتها عن اخرى لتفك رمزوها الواضحة ،هنا الامس ذاكرة اباحت لنفسها السبر في الاغوار والانطلاق بلا قيود ، وكأنك قد تعمدت اطلاق عنانها ، لتغدو صور حية من مشاهد الحياة التي ربما وان تكررت تلبس ثوبا اخرا احيانا فضفاضا واخرى اسبال رثة مهشمة قدريا، ذاكرة تحمل في طياتها لغة تجريبية ، وتجمع الزمكانية في ثوب تجريبي بحت ، وفي مثل هذه النصوص العناوين انما تبقى المسامير التي تعلق بها اللوحات ، وما في اللوحة دائما تحمل صفة اللانهاية.

          دم بخير
          محبتي لك
          جوتيار
          [color=indigo]
          تأخذني قراءاتك أخي جوتيار تمر ، لمساحات التأمل من جديد في النص ، لما تثيره من إضاءات لجوانب ذات صلة بالرؤية السردية خاصة .
          [/color

          " مُـجَـرَّدُ كَـلاَمِ عَـجُـوزٍ لَـمْ يُـدْرِكْـهُ الْـبُـلُـوغ "

          تعليق

          • عثمان علوشي
            أديب وكاتب
            • 04-06-2007
            • 1604

            #6
            [align=center]الكاتب المغربي السقال،
            اشتقت إلى مثل هذا الإبداع الراقي، فمنذ مدة لم أحشر وجهي في إبداع مغربي ألتهمه التهاما. وجدت هنا جرأة كبيرة في طرح ما يدور في الساحة المغربية بإبداعية تتماهى مع حروف الضاد في كلمات تدعي الإخفاء في الوقت الذي تكشف فيه الأوراق بكل رمزية وإيحائية.
            والحق أقول، نحن نعيش في سيناريو فيلم أمريكي من إنتاج محلي، وما علينا إلا أن نشاهد وننتظر نهاية الفيلم، وكل من يضع يده أمام "الكاميرا" يصبح بطلا لقصة "حب محرم" وعقوبته الرمي رجما...
            ودي وتقديري
            +++...
            [/align]
            عثمان علوشي
            مترجم مستقل​

            تعليق

            • محمد المهدي السقال
              مستشار أدبي
              • 07-03-2008
              • 340

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة علوشي عثمان مشاهدة المشاركة
              [align=center]الكاتب المغربي السقال،
              اشتقت إلى مثل هذا الإبداع الراقي، فمنذ مدة لم أحشر وجهي في إبداع مغربي ألتهمه التهاما. وجدت هنا جرأة كبيرة في طرح ما يدور في الساحة المغربية بإبداعية تتماهى مع حروف الضاد في كلمات تدعي الإخفاء في الوقت الذي تكشف فيه الأوراق بكل رمزية وإيحائية.
              والحق أقول، نحن نعيش في سيناريو فيلم أمريكي من إنتاج محلي، وما علينا إلا أن نشاهد وننتظر نهاية الفيلم، وكل من يضع يده أمام "الكاميرا" يصبح بطلا لقصة "حب محرم" وعقوبته الرمي رجما...
              ودي وتقديري
              +++...
              [/align]
              ;62311B][size=5][align=center][font=Comic Sans MS]


              ***
              محمد المهدي السقال
              إذا كان لا بد أن نكتب ، فأيسر طريق للإبلاغ عن طريق الإمتاع ، الانسجام مع النفس فيما نكتب ، تعبيرا وتصويرا ، أما هل يتم التواصل حول الرؤية والمنطلق ، لإضافة وعي آخر بطبيعة خلفية المادة الحكائية ، فتلك قصة أخرى.

              " مُـجَـرَّدُ كَـلاَمِ عَـجُـوزٍ لَـمْ يُـدْرِكْـهُ الْـبُـلُـوغ "

              تعليق

              • محمد حسنين البدراوي
                عضو الملتقى
                • 17-05-2007
                • 229

                #8
                هذه قصة ياسيدي السقال تعتبر نموذج رائع لفن القصة ويبدو أنك كاتب تعرف كيف تقود قلمك .. سيطرتك على أدواتك الأدبية من لغة وقدرة على السرد وتنوع في استخدام الرموز والتوغل في أوجاع الوطن .. كل هذا يجعلني احييك يا استاذنا .. سؤال ؟
                قرأت قصة في هذا الملتقى لأديب إسمه أحمد السقال فهل هو قريبك ؟ .. إذا كان كذلك فيبدو أن عائلة السقال هي عائلة الموهوبين
                [font=Comic Sans MS][color=#FF0000][size=6]جمعية لا تقل رأيك وجامل أو وافق أو نافق أو فارق فنحن عرب [/size][/color][/font]

                تعليق

                • محمد المهدي السقال
                  مستشار أدبي
                  • 07-03-2008
                  • 340

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة محمد حسنين البدراوي مشاهدة المشاركة
                  هذه قصة ياسيدي السقال تعتبر نموذج رائع لفن القصة ويبدو أنك كاتب تعرف كيف تقود قلمك .. سيطرتك على أدواتك الأدبية من لغة وقدرة على السرد وتنوع في استخدام الرموز والتوغل في أوجاع الوطن .. كل هذا يجعلني احييك يا استاذنا .. سؤال ؟
                  قرأت قصة في هذا الملتقى لأديب إسمه أحمد السقال فهل هو قريبك ؟ .. إذا كان كذلك فيبدو أن عائلة السقال هي عائلة الموهوبين
                  اشكرك على كلماتك الرقيقة في ضوء قراءتك العميقة للنص أخي محمد حسنين البدراوي
                  أما أحمد السقال فهو ابن أمي وابي ،
                  تحية صادقة

                  " مُـجَـرَّدُ كَـلاَمِ عَـجُـوزٍ لَـمْ يُـدْرِكْـهُ الْـبُـلُـوغ "

                  تعليق

                  يعمل...
                  X